29-03-2024 02:23 PM بتوقيت القدس المحتلة

«القنّاص الأميركي»... الكاوبوي يلقنّنا دروساً في الأخلاق

«القنّاص الأميركي»... الكاوبوي يلقنّنا دروساً في الأخلاق

مايكل مور غرّد على تويتر: «عمّي قُتل على يد قناص في الحرب العالمية الثانية. لقد علّمونا أنّ القناصين جبناء. يطلقون النار عليك من الخلف. القناصون ليسوا أبطالاً. والغزاة أسوأ».

كلينت إيستوود (1930) ما زال قادراً على إسالة الكثير من الحبر في عامه الـ 85. جديد المعلم الأميركي «القنّاص الأميركي» (132 د) أثار عواصف من الردود في مختلف الأوساط. بيوغرافيا عن كريس كايل (برادلي كوبر)، القنّاص الأخطر في تاريخ الجيش الأميركي. على أرض العراق، خاض ابن تكساس 4 جولات على مدى أكثر من ألف يوم، فيما زوجته تايا (سيينا ميلر) تنتظر وأولاده يكبرون في الديار.

علي وجيه/ جريدة الأخبار

«القنّاص الأميركي»... الكاوبوي يلقنّنا دروساً في الأخلاقكايل أرسل 160 شخصاً إلى العالم الآخر بدم بارد. لم يتردد في إرداء طفل وامرأة عند تحسّس الخطر. جولاته مع مساعد مصعب الزرقاوي (الجزّار) والقنّاص مصطفى جعلته أسطورة، قبل رحيله المفاجئ عام 2013. مايكل مور غرّد على تويتر: «عمّي قُتل على يد قناص في الحرب العالمية الثانية. لقد علّمونا أنّ القناصين جبناء. يطلقون النار عليك من الخلف. القناصون ليسوا أبطالاً. والغزاة أسوأ».

كعادته، حرّك المخرج الأميركي المشاغب الماء الراكد، لتنهال ردود الفعل الغاضبة فوق رأسه. الرقيب جيف كرينشو قنّاص في المارينز، وصاحب سجل يمتد لعشرين عاماً علّق غاضباً: «من يقول شيئاً أحمق كهذا. هل نطلق النار على هدف من الخلف؟ بالتأكيد، إذا كان هذا الخيار المتاح أمامنا... تسمّي ذلك جبناً؟ أنا أسمّيه إنقاذ حياة». مور عاد ليثني على أداء برادلي كوبر، والمونتاج، والأزياء، وعلى النفس المناهض للحرب الذي يتضمنه الفيلم، إضافة إلى التريلر الجيد مقابل انتقاده طريقة تصوير العراقيين على أنّهم «وحوش».

بدوره، تذكّر الكوميدي الكندي سيث روغن الفيلم الذي عرضه غوبلز أمام هتلر ضمن أحداث «سفلة مجهولون» (2009) لكوينتن تارانتينو. قنّاص نازي يسحق المئات من أعدائه بمهارة وإخلاص. صديق كريس كايل الممثل دين كاين سارع إلى الرد: «سيث، أنا أحبّ أفلامك، ولكن الآن أرغب بركل مؤخرتك. كريس بطل أميركي. اذهب إلى الحرب، ثمّ سنتكلّم». جاين فوندا أثنت على الفيلم، مغردةً: «مؤثّر. رؤية أخرى لتيمة العودة إلى الوطن.

برادلي كوبر مفعم بالحس. برافو كلينت إيستوود». ديفا التمثيل الأميركية كانت قد طارت إلى فييتنام عام 1972، وانتقدت وجود بلادها هناك بحدّة. كوبر نفسه لم يقف مكتوف اليدين. دافع عن الشريط الذي شارك في إنتاجه أيضاً: «من يفتح حواراً سياسياً حول صحة ذهابنا إلى العراق من عدمه، إذا كانت هذه الحرب تستحق خوضها، إذا ما ربحناها أم لا، ما سبب بقائنا هناك... أرجو ألا يستعمل الفيلم كأداة لذلك. بالنسبة لي ولكلينت، هذا الفيلم كان دراسة عن معنى العهد بالنسبة إلى الجندي من خلال هذه الشخصية».

ولكن ماذا عن الشريط نفسه؟ «القنّاص الأميركي» يمكن أن يصبح «المواطن الأميركي» كما يجب أن يكون. نحن أفضل بلد في العالم، يكرهنا المتوحشون والأوغاد منذ الأزل، لقد فجّروا سفاراتنا في دار السلام ونيروبي. لم يكتفوا بذلك، فانقضوا علينا بالطائرات المدنية في 11 أيلول. إذاً، "القاعدة" سبب مجيئنا إلى العراق لا النفط أو حتى أسلحة الدمار الشامل. أمثال كريس كايل يضعون كل ما يمتلكون على المحك، حتى لا يتنزّه رجال أسامة بن لادن في سان دييغو. هذه عملية غسل دماغ شعب كامل أمام الكاميرا.

فيلم القناص الأميركيسجن أبو غريب قد يكون في كوكب آخر. العراقيّون يوصفون بالمتوحشين مراراً، لا يعرفون شيئاً سوى القتل والتفجير. القنّاص الغريم سوري الجنسية، وهو طرح مثير للاهتمام. في المقابل، يحمل الفيلم انتقاداً للحرب رغم كونه حربياً بامتياز. الكارثة أنّ هذا النقد آت من العطب الجسدي والنفسي الذي يحمله الجندي إلى الديار، وليس بسبب الاحتلال كأمر مرفوض.

السيناريو المأخوذ عن كتاب لكايل نفسه لا يريد طرح الأسئلة المحرجة. يسير على نهج كاثرين بيغلو في أسطرة المارين وشرعنة كل ما يخرج من حاملات الطائرات. يخلط بين العراق وفييتنام، من دون أن يعي أنّ الحدث ما زال ملتصقاً بالذاكرة. يدعو إلى رعاية العائدين دون أن ينظر إلى الأثر الكارثي الذي أحدثه هؤلاء في مهماتهم. هذه الأنا الأميركية المريضة التي تستبيح كل شيء.

التنفيذ الفني لافت على المستويات كافة. تكتيك القتال والمشاهد الحربية متقنة. الشوارع المغربية مقنعة. برادلي كوبر في أفضل حالات التحوّل الجسدي والنفسي. لا يمكن وصفه بالممثل الثقيل القادر على حمل أفلام كبيرة على كتفيه. ثالث ترشيح أوسكاري على التوالي يبدو فوق إمكاناته الفعلية. في أكثر سيرورة مقنعة، الكاوبوي صار قنّاصاً بارعاً فقط ليعطي الدروس ...ة».