29-03-2024 04:10 AM بتوقيت القدس المحتلة

مخاوف إسرائيلية ـ أردنية من انفجار في الأقصى

مخاوف إسرائيلية ـ أردنية من انفجار في الأقصى

مخاوف إسرائيلية ـ أردنية من انفجار في الأقصى


حلمي موسى

تتزايد التقديرات في إسرائيل بتنامي احتمالات نشوب صدامات واسعة بين الفلسطينيين ومتطرفين يهود، خصوصا في القدس المحتلة.

وهناك من يؤمن أن انعدام الاستقرار في القدس عموماً، وفي محيط الحرم القدسي خصوصاً، من شأنه أن يؤثر ليس على الوضع في الأراضي المحتلة وحسب وإنما في الأردن أيضا. ونقل تقرير مجموعة الأزمات الدولية عن مسؤول أردني قوله «لقد اجتزنا الربيع العربي تقريباً من دون تظاهرات، لكن التصعيد في الأقصى سيخرج 80 ألف شخص إلى الشوارع».

وتوجد تقديرات إسرائيلية بأنه في أعقاب عمليات الطعن وإطلاق النار، ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لقتل الشاب محمد أبو خضير ستتجدد الصدامات في القدس. ورغم أن الجمود السياسي قد يترك أثره على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن الوضع في القدس المحتلة يتسم بحساسية خاصة، خصوصاً في شهر رمضان.

وعلى هذه الأرضية نشر أمس تقرير مجموعة الأزمات الدولية الذي تميز باعتماده على معطيات وآراء مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين وأردنيين، وركز تحديداً على مسألة القدس والحرم القدسي. ويحذر التقرير على وجه الخصوص من أنه في الخريف المقبل، ومع مرور 15 عاماً على انتفاضة الأقصى، هناك خطر حقيقي بانفجار الصدام حول الأقصى من جديد.

ويرى التقرير أن التزاوج بين ثلاثة عوامل: زيادة النشاط الإسرائيلي في الحرم القدسي، وانتشار الاهتمام بالأقصى في الوسط الفلسطيني وغياب التنسيق بين إسرائيل والفلسطينيين والأردن حول الحرم قد يقود إلى تصعيد أمني فعلي. ويتوقع التقرير أن تقع شرارة موضعية فعلية، أو لفظية، تقود إلى الصدام الواسع.

ومع ذلك يكشف التقرير عن اتصالات تجري بين إسرائيل والأردن في الأشهر الأخيرة لإعادة فتح المساجد في الحرم، بعد نحو 15 سنة من إغلاقها أمام الزوار غير المسلمين. ومع أن اليهود والمسيحيين يمكنهم اليوم الحجيج إلى ساحة الحرم، ولكن لا يحق لهم الدخول إلى المباني الأساس في المكان – المسجد الأقصى وقبة الصخرة. وكانت الاتصالات بدأت في تشرين الثاني الماضي باستجابة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لطلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وعقد لقاء ثلاثي مع الملك الأردني عبدالله الثاني، على خلفية تفاقم التوتر في الحرم. ورغم التقدم في الاتصالات، علقت المحادثات في مصاعب كبيرة، ولم يتوصل الطرفان إلى اتفاق. وكان الأردنيون طالبوا بمنع دخول الجنود بالبزات واليهود المتدينين، الذين قد يستغلون الزيارة للصلاة، إلى المساجد. أما إسرائيل، التي يمثلها مسؤول رفيع المستوى في مكتب رئيس الوزراء، فقد رفضت الطلب. ولاحقا وافق الأردن على سحب اعتراضه القاطع على دخول اليهود المتدينين، مقابل أن يتم وضع آلية مناسبة تمنع دخول الاستفزازيين إلى المساجد.

وفي القدس يؤمنون بأنه إذا ما نضجت الاتصالات في النهاية إلى اتفاق، فان كل الأطراف ستكسب من الخطوة. وفضلاً عن اليهود والسياح الذين سيتمكنون من العودة للزيارة في داخل المساجد، سيستأنف التنسيق الأمني الكامل بين إسرائيل، الأوقاف والأردن ـ والمحصور اليوم فقط في الشؤون الشرطية وبشكل جزئي أيضاً بالحفريات الأثرية، وسيستعيد الملك عبدالله لدولته المكانة العليا في الحرم، وسينال مزايا في صراعه مع محافل إسلامية في الاردن، كما أن فتح المساجد للزيارة، مقابل بدل مالي، سيغني صندوق الأوقاف ويزيد مصلحتها في الحفاظ على الهدوء في ساحة الحرم.

وحتى العام 2000 كان بوسع كل شخص أن يشتري بطاقة من الأوقاف ويدخل إلى المباني. ولكن في أيلول تلك السنة، بعد زيارة رئيس المعارضة في حينه ارييل شارون إلى الحرم، واندلاع انتفاضة الأقصى، توقف دفعة واحدة التنسيق بين إسرائيل والأوقاف (التي كانت في حينه تحت رعاية السلطة الفلسطينية) ـ وعلى مدى ثلاث سنوات حظر تماماً دخول اليهود والسياح إلى ساحة الحرم. وبعد نحو قرابة ثلاث سنوات، في آب 2003، طرأ تغيير. ففي حينه، ورغم معارضة الأوقاف والحكومة الأردنية، أمر وزير الأمن الداخلي تساحي هنغبي بفتح باب المغاربة من أجل السماح بدخول اليهود والسياح إلى الحرم، في ظل إبقاء الحظر على الدخول إلى المباني. ومنذئذ وحتى اليوم تمت الزيارات في المكان خلافا لموقف الأوقاف (التي توجد اليوم تحت تأثير أردني متعاظم)، وفي ظل مواجهات لا تنقطع. وتقع المواجهات بين الزوار اليهود، وغالبيتهم الساحقة من حركات «الهيكل»، وبين المرابطين المدعومين غالباً من الجناح الشمالي للحركة الإسلامية. وفي السنوات الأخيرة دخل إلى الحرم بالمتوسط، كل سنة، نحو 10 ملايين مصلّ مسلم، 300 ألف سائح ونحو 11 ألف يهودي متدين يحجون لأغراض روحانية.

وقبل نحو سنة، على خلفية موجة العنف التي اندلعت في شرقي القدس وحرب «الجرف الصامد» على غزة، احتدم جداً الوضع الأمني في الحرم. وفي عدة أحداث قاسية هاجم مئات الشبان الفلسطينيين الزوار اليهود وقوات الشرطة على الحرم بالحجارة والمفرقعات. وكانت إحدى وسائل الشرطة لقمع الصدامات تقييد وصول المصلين المسلمين إلى المكان تحت سن معين.

واعتبر الفلسطينيون، كما يقول التقرير، سياسة تقييد الوصول عقاباً جماعيا في أفضل الأحوال، وفي أسوأ الأحوال مرحلة أولى في الطريق إلى تغيير جوهري على الوضع الراهن في الحرم، بحيث يسمح بصلاة اليهود على الحرم وتوزيع ساعات الصلاة بين اليهود والمسلمين، مثلما جرى في الحرم الإبراهيمي في الخليل. وقد تعزز هذا الفهم أيضاً كنتيجة لتصريحات السياسيين ونشطاء حركات «الهيكل» في صالح تغيير الوضع الراهن. وهكذا، كلما اشتدت القيود على الحرم طرأ أيضاً ارتفاع في عدد أحداث العنف وشدتها.

وبسبب الصدامات والعواقب الدولية تراجعت التصريحات السياسية الإسرائيلية بخصوص زيارات اليهود للحرم القدسي، وفرضت الشرطة قيودا على اليهود. وأدت هذه الخطوات إلى تهدئة الأوضاع من دون أن تنهي الصدامات. ولكن الانتخابات الإسرائيلية أوصلت «أنصار الهيكل» ليس فقط إلى الكنيست وإنما إلى الوزارات أيضا. ويعتقد التقرير أن اليمين الديني في إسرائيل صار اليوم أقل تقبلا للقيود المفروضة على دخول اليهود للحرم.

في كل حال ينقل التقرير عن مسؤولين أردنيين قلقهم من قادم الأيام. وأوضح مسؤول في الديوان الملكي الأردني، لواضعي التقرير، أن «انعدام الاستقرار في الأقصى يمس بمصلحتنا الأمنية الداخلية وبمكانة الملك عبد الله. لقد أفلحنا في اجتياز الربيع العربي تقريباً من دون تظاهرات زادت عن 800 مشارك، لكن التصعيد في الأقصى يمكنه بسهولة أن يخرج 80 ألف شخص إلى شوارعنا».

assafir.com

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه