24-04-2024 09:37 AM بتوقيت القدس المحتلة

مواطن من الدرجة الخامسة

مواطن من الدرجة الخامسة

متفوقة بنسبة 99% تخرجت البحرينية فاطمة محمد علي من مدرستها هذا العام، وعينها على بعثة تمكنها من التخصص في مجال طب الأورام

متفوقة بنسبة 99% تخرجت البحرينية فاطمة محمد علي من مدرستها هذا العام، وعينها على بعثة تمكنها من التخصص في مجال طب الأورام، الذي كانت تأمل في أنه يؤهلها لمعالجة والدها المريض، إلا أن انتماء الطالبة البحرينية المذهبي حال دون ما سعت إليه.

"بدأت أقرأ عن أخلاقيات الطبيب والجهد الذي يبذله منذ أن كنت في الصف الثالث إعدادي، كما كنت أحاول التزود بالمعلومات الطبية أكثر فأكثر، لا أجد نفسي إلا في هذا التخصص، وقد بذلت جهوداً كبيرة جداً حتى أحافظ على معدلي الدراسي"، هذا ما تقوله فاطمة لموقع "مرآة البحرين".

إلا أن وزارة التربية في البحرين رأت أن حق الطالبة المتفوقة لا يتعدّى منحة دراسية بقيمة توازي  1060 دولار (400 دينار) تقدّم لها سنوياً لتغطية تكاليف الدراسة، التي تبلغ في أقل تقدير ما قيمته 21164 دولار(8000 دينار) سنوياً... لتذهب البعثة الدراسية لصالح طالبة أخرى بمعدل أقل، لكن بانتماء طائفي يرفع من حظوتها وفقاً للحسابات الرسمية!

لم تكن فاطمة محمد علي وحدها ضحية التمييز الطائفي البشع الذي يعتبر سياسة مستقرة في البلاد، زينب السيد محمد (معدل 99.1%) وحوراء عبدالنبي (99.1 %) ... كانتا أيضاً من بين نسبة الـ 34٪ من أعلى الطلبة المتفوقين، الذين حُرموا من البعثات وفق دراسة أعدتها بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، ليتضح أن العام 2015 شهد أعلى مستوى للتمييز في البعثات على أساس طائفي، وذلك بناء على دراسة مقارنة مع الأعوام السابقة.

ما يجري على طلبة البحرين يقدم صورة مصغرة عن سياسة التمييز الطائفي المستقرة في بنية النظام البحريني منذ عقود، والتي تُمارس من قبل من جهات رسمية متنفذة تتصل مباشرة بالملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، وفق ما صرح المسؤول في منتدى البحرين لحقوق الانسان باقر درويش في مقابلة مع قناة اللؤلؤة البحرينية.

يتوقف درويش في حديثه عند وضع كلية التربية التي تفضح تركيبتها وسياستها التمييز في البلد. الوزارة  لم يُدرها أي وزير شيعي، لا تكمن المشكلة هنا فقط، بل إن 3 ممن تناوبوا على استلام الوزارة أتوا من خلفية عسكرية ومنهم الوزير الحالي ماجد بن علي النعيمي، وقد سبقه في ذلك محمد الغتم وعبدالعزيز الفاضل.

سياسة التمييز الطائفي أظهرتها الأرقام التي كشف منتدى البحرين لحقوق الانسان، في ندوة عقدها يوم أمس الأربعاء في بيروت، تحت عنوان: "التمييز... سياسة في بنية الدولة".  رئيس المنتدى يوسف ربيع تحدث أن  نسبة تعيين الشيعة في الوظائف العليا في الوزارات السياديّة (الداخليّة والدفاع أو في الحرس الوطنيّ وفي وزارة الخارجيّة) بلغت 0%، كما أن أي شيعي لم يوظف ضمن "لجنة تنظيم التعيينات في المناصب العليا في الجهاز الحكوميّ"، المؤلفة من 18 عضواً.

وفي السلطة التشريعية يتمثل الشيعة، الذين يشكلون غالبية في البحرين، بنسبة 30% تتوزع ما بين مجلس الشورى المُعيّن من قبل الملك، وفي مجلس النواب المنتخب على أساس دوائر موزعة بشكل غير عادل، وفق ما تؤكد عليه القوى المعارضة، تتمثل غالبية الشعب البحريني بـ 14 مقعداً من أصل 40 مقعد، كما يشغل الشيعة 37% من المجلس الوطني.

وبحسب النسب التي كشف عنها المنتدى البحريني الحقوقي، ففي السلطة التنفيذية يتمثل الشيعة بست وزراء من أصل 18 وزيراً، ومن بين نواب رئيس الوزراء خليفة بن سلمان الخمسة هناك نائب شيعي واحد، فيما لا يوجد أي مستشار شيعي لخليفة بن سلمان نفسه. ويحظى المكوّن الشيعي بما نسبته 9.7% من التعيينات في السلك القضائي.


الأرقام الصادمة لم تكن ربما ليُكشف عنها لولا التغريدة الاستفزازية لوزير الخارجية البحرينية خالد بن أحمد آل خليفة  التي كتب فيها أن "منع الشيعة من الالتحاق بالشرطة كذبة كبرى"، وأن "وزارة الداخلية فتحت باب العمل لكل بحريني". كلام الوزير استدعى رداً من قبل البحرينيين فأُطلق وسم #احس_روحي_مواطن_درجه_ثانيه .

وتفاعلاً مع هذا الوسم، يغرد البحريني المقيم في الكويت أحمد الجمري كاتباً : " حين أحرم من أبسط حقوقي كمواطن  #احس_روحي_مواطن_درجه_ثانيه ".

والنائب السابق عن كتلة الوفاق جواد فيروز غرد بالقول: " جميع المواطنين في #البحرين لسان حالهم #احس_روحي_مواطن_درجة_ثانية ما عدا أفراد الأسرة الحاكمة!"

في تغريدة على تويتر، تنقل الناشطة البحرينية نوال عطية ما كتبه أحد الصحفي المصري محمد موسى الذين عملوا لفترة في البحرين: " في البحرين اكتشفت بعد وصولي بأيام أنني أعمل في صحيفة صدرت لتهاجم الأغلبية الشيعية، باسم الملك. واكتشفت هناك لأول مرة في حياتي أنني مسلم سني، لكن الدين لا يمكن أن يتحول إلى مهنة، فرجعت بعد أسابيع."

" الشيعة في البحرين مواطنوان من الدرجة الخامسة، حتى أنهم لم يحظوا بأن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية، يقول رئيس منتدى البحرين لحقوق الانسان يوسف ربيع. ويفسّر بأن البحرينيون في البحرين درجات على رأسهم آل خليفة، يليهم القبائل العربية الموالية للعائلة الحاكمة، يأتي بعد ذلك عموم أهل السنة، ومن ثم الأجانب والمجنسين، ليحتل الشيعة من سكان البلد الأصيلين المرتبة الخامسة!

عقلية أن يكون الشيعي مواطناً من الدرجة الخامسة تفسّر كيف يستسهل النظام قتل الأطفال في البحرين، من أمثال الشهيد علي جواد الشيخ (14 عاماً) والشهيد سيد هاشم سعيد (15 عاماً)، وكيف لا يجد حرجاً في اعتقال عشرات الأطفال في البحرين والاعتداء عليهم... هذه العقلية نفسها لن يرف لها جفن إذا ضمّت إلى سجل ضحاياها: المتفوقة فاطمة محمد علي!