28-03-2024 09:51 PM بتوقيت القدس المحتلة

الهبّة الشعبية توحّد فلسطين من الناقورة إلى غزة

الهبّة الشعبية توحّد فلسطين من الناقورة إلى غزة

7 شهداء و150 جريحاً في 40 موقع اشتباك


حلمي موسى

شاركت غزة، يوم أمس، بدمائها في الهبة الشعبية الفلسطينية المستمرة، فامتزجت على حدودها مع الأرض المغتصبة بدماء الشهداء والجرحى في القدس وكل ربوع الأرض المقدسة. وأحصى فلسطينيون مواقع الاشتــباك مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية وقطــاع غزة والاراضي المحتلة في العام 1948، يوم أمس، لتزيد على أربعين موقعاً.

ودفع استمرار الهبة الفلسطينية واتساعها رئيس الحكومة الإسرائيــلية بنيـامين نتنياهو لتغيير موقفه من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ودعوته إلى تهدئة الحلبة.

واستشهد ستة فلسطينيين وأصيب 60 آخرون بجروح حينما خرجت تظاهرات في قطاع غزة لتشارك في الهبة الشعبية نصرة للقدس وأهلهم في الضفة الغربية. وتوجهت المسيرات بعد صلاة الجمعة نحو المواقع العسكرية الإسرائيلية في عدة مواقع في شمال ووسط القطاع تخللتها محاولات لاقتحام الجدار الأمني الفاصل. وكسر الفلسطينيون بهذه التظاهرات الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي تحظر اقتراب الفلسطينيين مسافة خمسين مترا من السياج الحدودي. كما استشهد فلسطيني في الخليل، وأصيب ما يقرب من 90 في مواجهات عمّت الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

واستمرت المواجهات أمس في العديد من مناطق القدس والضفة الغربية ونفذ فلسطيني عملية طعن ليهودي في القدس الشرقية. كما جرت عملية طعن أخرى لجندي في حرس الحدود الإسرائيلي في مستوطنة كريات أربع قرب الخليل. وتحدثت الشرطة الإسرائيلية عن ثلاث محاولات طعن جرت خلال ساعة واحدة يوم أمس. ومعروف أن انتقال الشباب الفلسطينيين لتنفيذ عمليات طعن ودهس حطم شعور الإسرائيليين بالأمان الشخصي.

وفي كل حال، فإن سقوط الشهداء في غزة ينذر باحتمال انتقال المشاركة في الهبة من العمل الشعبي إلى العمل المسلح. وقد هدد قادة من حركتي «حماس» و «الجهاد الإسلامي» بأمر من هذا القبيل، وهو ما دعا وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون للتحذير من الانزلاق إلى مواجهة مسلحة في غزة. وقد حمّل يعلون حركة «حماس» المسؤولية عن استشهاد الفلسطينيين الستة على الحدود أمس، وقال إنها هي من سمحت لهم بالوصول للسياج الحدودي. وطالب يعلون بتذكر نتائج حرب السنة الفائتة على قطاع غزة.

وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية قد أعلن في خطبة الجمعة في غزة أن «الانتفاضة الطريق الأوحد نحو التحرير بعد الضياع في طريق المفاوضات». وأضاف «ان المفاوضات انتهت بقرار أميركي ـ صهيوني ويجب أن يكون قرار فلسطيني بوقف المفاوضات ووقف التنسيق الأمني مع العدو واحتضان الشعب والمقاومة». وقال هنية «نقف بكل احترام لنماذج المقاومة الفردية التي تصنع تاريخ من البطولات».

من جهته، أكد نائب الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة أن الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده اليوم في حالة حرب مع العدو الإسرائيلي في كل مناطق التماس. وفي تصريح لإذاعة «صوت القدس»، قال النخالة إن الشعب الفلسطيني اليوم يرسم ملامح جديدة من انتفاضته ضد المحتل الصهيوني، مشدداً على أن وحدة الشعب والمجاهدين واجبة في مواجهة المحتل. وأشار إلى أن «المقاومة ستكون في الخطوط الأولى والمواجهة وننتظر موعدا جديدا مع المقاومة».

وأحصى فلسطينيون أمس مواقع الاشتباك مع قوات الاحتلال بما يزيد عن أربعين موقعا من رفح جنوبا إلى الناقورة شمالا، من بينها رفح ـ خانيونس ـ غزة ـ بيت حانون ـ الخليل ـ بيت فجار ـ اذنا ـ حلحول ـ بيت امر ـ بيت لحم ـ القدس ـ العيزرية ـ العيسوية ـ شعفاط ـ عناتا ـ اريحا ـ البيره ـ بلعين ـ النبي صالح ـ دير نظام ـ سلواد ـ سنجل ـ اللبن ـ المغير ـ طولكرم ـ عزوان ـ حواره ـ بيت فوريك ـ عاطوف ـ جنين ـ العفولة، فضلا عن طمره، شفا عمرو، يافا، الناصرة، وأم الفحم.

ونظرا لاتساع الهبة الشعبية وانضمام قطاعات ومناطق جديدة لها في الضفة والقطاع وأراضي 48، بما يذكر بالانتفاضتين الأولى والثانية، تحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنبرة قلقة في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس الأول. واعتبر نتنياهو أن إسرائيل تتعرض لخطر كبير، ما يتطلب من أحزابها السعي لإنشاء حكومة واسعة. واعتبر بعض المعلقين كلام نتنياهو معبرا عن الأزمة بينه وبين اليمين المتطرف ممثلا بـ «البيت اليهودي» في ائتلافه الحكومي الذي يدعو الى تصعيد المواجهة مع الفلسطينيين. وذهب بعض أنصار «البيت اليهودي» إلى التهديد بالتصويت في الكنيست ضد الحكومة نظرا لليونة التي تبديها في التعامل مع الهبة الشعبية الفلسطينية.

وكان جليا أن اضطر نتنياهو في مؤتمره الصحافي الأول الذي عقده منذ بداية الموجة الحالية من الهبة الشعبية قبل ثلاثة أسابيع إلى الحديث عن الحاجة الى تشكيل حكومة موسعة مع «المعسكر الصهيوني»، وذلك «بسبب ما يجري في الشرق الأوسط»، وجراء الحاجة للتوحد في ضوء ما أسماه تعاظم «موجة الإرهاب».

ولطّف نتنياهو من لهجته كثيرا تجاه الرئيس محمود عباس الذي كان قد اتهمه في الماضي بالتحريض على المواجهات معلناً أن أبو مازن جزء من حل الأزمة الحالية. وقال إن أبو مازن تحدث في الماضي عن أن اليهود يدنسون الحرم ولكن «في الأيام الأخيرة هناك ميل للتغيير لدى أبو مازن ينبع من الفهم بأنه إذا اشتعل الميدان فكل المنطقة سوف تشتعل، بما في ذلك يهودا والسامرة، ولذلك عواقب على السلطة الفلسطينية. ولذلك ينبغي العمل سويا من أجل تهدئة الخواطر والسيطرة على المشاغبين ويسرنا التعاون مع السلطة».

وثمة مصدر لقلق نتنياهو الكبير وهو انتقال المواجهات إلى اراضي العام 1948. وقد حمل نتنياهو بشدة على الجناح الشمالي في «الحركة الإسلامية» برئاسة الشيخ رائد صلاح، وقال انه سيعمل على إخراجها عن القانون. لكن مشكلة نتنياهو والسياسة الإسرائيلية لا تقتصر على «الجناح الشمالي» الذي تضامنت معه معظم، إن لم يكن كل القوى السياسية وأعضاء الكنيست العرب في إسرائيل، فسياسة اليمين هدمت كل الجسور المحتملة مع فلسطينيي العام 1948، وجعلتهم أشد قربا من إخوانهم الفلسطينيين في الضفة والقطاع وأكثر تضامنا مع قضاياهم.

وأمس هاجم يهودي أربعة فلسطينيين من اراضي العام 48 في ديمونا بعدما هاجم يهودي آخر فلسطينيين في نتانيا. وثمة تخوفات لدى السلطات الإسرائيلية من مناطق الاحتكاك داخل الخط الأخضر، خصوصا بعدما أطلقت الشرطة النار على فلسطينية من مناطق 48 اتهمتها بمحاولة طعن جندي إسرائيلي في العفولة.

ولكن القلق الأكبر لدى نتنياهو هو إدراكه أن مواجهة الهبة الشعبية الفلسطينية ليست ممكنة باستخدام السلاح. وهذا يعني، حتى في نظر العسكريين، أن على الحكومة الإسرائيلية الإقدام على خطوات سياسية وفتح آفاق للتسوية مع الفلسطينيين. وبديهي أن شيئا من هذا القبيل يعني الاصطدام مع التيار اليميني المتطرف ليس فقط داخل الائتلاف وإنما أيضا داخل الليكود نفسه. وبحسب العديد من المعلقين الإسرائيليين فإن المؤسسة الأمنية أبلغت الحكومة الإسرائيلية أنها تبذل قصارى جهدها، لكن الحل ليس عملية عسكرية واسعة، كما سبق ولوح نتنياهو وبعض وزرائه. وينصح الجيش الحكومة باتخاذ خطوات لتهدئة الساحة من ناحية وتعزيز قوة الرئيس عباس والسلطة في رام الله من ناحية أخرى.

assafir.com

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه