26-04-2024 01:19 AM بتوقيت القدس المحتلة

الصحافة اليوم 25-11-2015: انهيار قواعد الاشتباك في سماء سوريا؟؟

الصحافة اليوم 25-11-2015: انهيار قواعد الاشتباك في سماء سوريا؟؟

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 25-11-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية فوق الأجواء السورية وما تلاها من ردود روسية ودولية..


تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 25-11-2015 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية فوق الأجواء السورية وما تلاها من ردود روسية ودولية..

السفير
انهيار قواعد الاشتباك في سماء سوريا ومسار تسوية فيينا؟
بوتين وأردوغان: المواجهة الأولى.. جواً!

وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول "شرارات المواجهة الكبرى تطايرت في سماء المنطقة. وعلى الرغم من أن اشتعالا أكثر خطورة لم يحدث حتى ساعات متأخرة من ليل أمس، الا أن كثيرين باتوا ليلتهم في ظلال هواجس الخوف من أمرين: طبيعة الردّ الروسي في القادم من الأيام على إسقاط مقاتلتهم الجوية «السوخوي - 24»، وما ارتكبه رجب طيب أردوغان في هذه اللحظة الاقليمية الملتهبة، وما اذا كان سيكرره مستقبلاً مع ما يعنيه ذلك.

فلاديمير بوتين في لحظة اندفاع اقليمي ـ ودولي، سيكون من الصعب عليه ابتلاع الإهانة التركية، لما سيلحقه ذلك من أثر سلبي، لا على «عاصفته السورية» فحسب، وإنما على هيبة الدخول القوي للكرملين على المشهد الإقليمي من البوابات السورية والعراقية والمصرية وغيرها. وسيكون امام سيد الكرملين خيارات مرّة تحاول الموازنة بين «حق الرد»، وهو آت كما اعلن بنفسه، وبين ضبط المواجهة الباردة على طريقة الدب الروسي، ربما بقساوة وتدحرج، و«ذكاء» وفق نصيحة مضيفه الايراني المرشد علي خامنئي قبل يومين.

الاصطدام بين بوتين وأردوغان صار حتميا مع انهيار قواعد الاشتباك التي تحكم المشهد السوري، والتي كان بوتين قد عدّلها عندما أطلق «عاصفة السوخوي»، وسبقه الاميركيون قبل نحو عام عندما عدّلوها بدورهم بعدما قرروا الانخراط في حربهم على «داعش» في سوريا. وتثار الاسئلة التالية الآن: هل سقطت قواعد الاشتباك بالكامل؟ ومن يحتمل هذا الالتباس الجوي في لحظة تداخل الحروب على الأرض السورية؟ وهل سترضخ موسكو ودمشق وطهران لهذا التعديل؟ وهل يحتمل حلف شمال الاطلسي تداعيات مثل هذا السقوط؟ ومن سيحدد الآن «الخطوط الحمراء» الجديدة؟

وعلى الرغم من ان الكرملين كان حريصا على التذكير مساء بأن تصريحات بوتين لم تتضمن تهديدا بالرد العسكري، وهي ربما اشارة الى امتناعه عن الاصطدام العسكري المباشر مع أنقرة، الا ان التقديرات تشير الى ان القوات المسلحة الروسية ستعمد الى الرد من خلال حسم الجيش السوري الوضع على جبهات الشمال اللاذقاني، خصوصا في جبال التركمان، احد مناطق النفوذ التركي المباشر، فيما الجيش السوري يتقدم خلال الساعات الماضية ويسيطر على كتف الغدر والملوحة والمركشلية، بعدما كان سيطر على اكثر من 30 من قمم الجبال في هذه المنطقة خلال الاسبوعين الماضيين والخارجة عن سيطرة دمشق منذ نحو ثلاثة اعوام، على بعد ما بين 8 الى 10 كيلومترات من حدود تركيا.

قبل يومين كان بوتين يطمئن السيد خامنئي الى ان موسكو لا تطعن حليفها. بالأمس، تلقى الرئيس الروسي الطعنة من أردوغان. «روسيا لن تتسامح مع الجريمة»، قال القيصر الروسي.

تركيا، الدولة التي ظنّها «صديقة» كما اشار، وجهت لروسيا «طعنة في الظهر» بإسقاط الطائرة الروسية فوق الاراضي السورية. وسواء انتهكت ام لم تنتهك الاجواء التركية، فان بوتين كان واضحا: مهما يكن فان الطائرة لم تكن تشكل تهديدا لتركيا وانما كانت في مهمة قتالية لمحاربة الارهاب.

سيكون امام تركيا الكثير لتفعله وتقوله لتتموضع في خندق مواجهة اكثر اقناعا، لا امام الروسي الغاضب وحده، وانما امام الشركاء الاخرين في حلف شمال الاطلسي، المتوجس بطبيعة الحال من اشتعال البركان السوري بما هو اكثر من القدرة على الاحتمال، بسبب الخفة التركية في التعامل مع موقف شديد الحساسية والتعقيد كالذي جرى بالأمس. واذ أيّد الحلف الرواية التركية حول الانتهاك الروسي، الا انه شدد خلال اجتماعه في بروكسل على اهمية استمرار آلية التنسيق والتشاور. اما وزارة الدفاع الاميركية فقد حرصت على الاشارة بعد تصريحات الرئيس باراك اوباما حول حق تركيا في الدفاع عن حدودها، الى ان هذه المشكلة هي بين حكومتي موسكو وأنقرة.

وفي مؤشر بالغ الدلالة على حتمية الصدام مع موسكو، خرج أردوغان بعد اجتماع رفيع المستوى لكبار القيادات العسكرية والامنية والسياسية، ليخالف كل التوقعات بانه سيعمد الى احتواء التوتر، واذا به يلقي قنبلة سياسية لا تقل خطورة عن اسقاط طائرة السوخوي صباحا. وبخلاف الكلام البديهي عن حق تركيا في الدفاع عن حدودها، فانه قال صراحة إن انقرة ستعمل بالتعاون مع حلفائها على اقامة المنطقة الآمنة داخل الاراضي السورية من جرابلس الى البحر المتوسط، وجدد التأكيد على دوره في دعم المعارضة السورية ضد «نظام الاسد» وتحدث عن السوريين التركمان كأنهم من رعاياه ومن واجبه الدفاع عنهم.

ولم تتأخر موسكو في الرد، فسرعان ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية بعد تصريحات اردوغان النارية ليلا، قطع العلاقات العسكرية مع انقرة، وأمرت باستخدام نظام «اس 300» للدفاع الجوي في الشمال السوري، وإسقاط أي طائرة يمكن ان تعتبرها موسكو تهديداً لقواتها في السماء السورية.

وبدا من الواضح ان تركيا نجحت في فرض امتحان صعب على الروس، سواء باسقاط «السوخوي» او بإسقاط الطوافة العسكرية التي كانت تقوم بمهمة انقاذ في الشمال السوري لاحقاً، وذلك بعد اسابيع قليلة على تبنّي «داعش» جريمة تفجير الطائرة المدنية الروسية في سماء سيناء.

كمين مدبّر؟
فهل هو كمين مدبّر؟ فمن غير الواضح كيف تسنّى للاتراك خلال نحو تسع ثوان، وهي الفترة التي يعتقد ان «السوخوي 24» استغرقتها اثناء التفافها والعبور بتماس قبالة الحدود التركية، اجراء اتصالات انذار مباشرة مع الطيارين الروسيين، ثم اتخاذ قرار باسقاط طائرتهما. وحتى لو كانت الرواية التركية دقيقة حول توجيه عشرة انذارات للطائرة الروسية «خلال خمس دقائق»، فكيف ستبرر اسقاطها لطائرة مخصصة للمهمات القتالية الأرضية وهي تقوم بعملية عسكرية في اراضي الشمال السوري وفي السماء السورية كما تؤكد وزارة الدفاع الروسية.

لن يشاهد بوتين صور الطائرة الروسية وهي تسقط مشتعلة في ريف اللاذفية الشمالي فقط. غالب الظن، ان مساعديه جلبوا له مشاهد اخرى نشرها موقع «اعماق» التابع لتنظيم «الدولة الاسلامية - داعش»، لمسلحين يطلقون النار بكثافة على الطيار الروسي خلال هبوطه الاضطراري بالمظلة قبل وصوله الى الارض، ثم عرض صوره مقتولا بين «الجهاديين» المبتهجين. كما سيطلع على البيانات الصادرة عن مسلحي الشمال يؤكد اطلاق النار على الطيارين خلال هبوطهما الاضطراري.

المساحة الضيقة من الشريط الحدودي ما بين الريف الشمالي للاذقية وبين الحدود التركية، لا تدع مجالا للشك بأن الحاضنة التركية للمسلحين، والصاروخ التركي الذي اسقط الطائرة الروسية، شريكان حتميان في مشهد واحد على جانبي الحدود.

هذا جانب مما تفضحه حادثة الطائرة الروسية. مجددا تتضح طبيعة الدور التركي في سوريا، وحنق القيادة التركية ازاء «العاصفة الروسية» التي تتخذ منحى تصاعديا، وتزداد اقترابا من الحدود التركية من خلال عمليات القضم التدريجي التي يقوم بها الجيش السوري والحلفاء لبلدات وجبال الشمال السوري، حيث المرتع الآمن لمختلف الفصائل الارهابية، وخصوصا المرتبطة مباشرة بالاستخبارات التركية.

اما الغيرة التركية بشأن الدفاع عن الحدود، وهي الذريعة التي قدّمها رئيس الحكومة احمد داود اوغلو، فانها ملتبسة. الحدود التركية مشرّعة منذ نحو خمسة اعوام امام كل اشكال المؤامرات والسلاح و «الجهاديين». تركيا، نظريا، اعلنت انخراطها في ائتلاف الحرب على الارهاب الذي تقوده واشنطن، وفتحت قاعدتها «انجرليك» امام المقاتلات الاميركية. بوتين كان واضحا عندما اشار الى ان الولايات المتحدة شريكة في الحرب على الارهاب، فكيف يستوي السلوك التركي في ظل هذه التناقضات؟

وربما كان لدى بوتين اجابته الخاصة على هذا التناقض عندما وجه اتهامات صريحة لأنقرة وهو يتساءل عن عدم اتصال الاتراك مباشرة بالروس، والاتصال فورا بحلف «الناتو»، فهل يعني ذلك محاولة من جانب أردوغان لوضع حلف الاطلسي في خدمة «داعش»؟!

اسئلة ودلالات
ومهما يكن، فإن المباغتة التركية تحمل الكثير من الدلالات. فهي جاءت بعد اقل من 24 ساعة على اللقاء الاستثنائي بين بوتين وخامنئي بكل ما وجهه هذا اللقاء من رسائل، والكثير منها مزعج بالتأكيد لأنقرة خصوصا في ما يتعلق بمخارج الحل السوري والموقف من الرئاسة السورية. كما جاءت المباغتة التركية بعد انتهاء قمة الغاز التي استضافتها طهران بما يمكن ان تعنيه من تراجع مكاسبها الاقليمية في مصادر الطاقة وأنابيبها الحيوية.

ولقد احسن اردوغان اختيار التوقيت، فالرجل خرج من مخاض الانتخابات التشريعية قويا، وشكل للتو حكومة جديدة، وخرج قبل ايام من قمة مجموعة العشرين التي استضافها وسمع خلالها اهانة روسية مباشرة عندما قال بوتين إن هناك دولا حاضرة في قمة انطاليا تشارك في دعم الارهاب وتمويله.

اردوغان، بما يمثله، يقول إنني ما زلت موجودا وهو يستشعر حصارا يطوق خياراته السورية. «المشروع الاخواني»، إن صح التعبير يقول ايضا ان دوري في المشهد الاقليمي المعاد تشكيله، قائم. صحيح ان كثيرين يستبعدون ان يلعب الروس والايرانيون بورقة حظر الغاز في وجه الاتراك، لما يمثله ذلك من مصالح مالية مشتركة لهذه الدول، الا ان ما اقدم عليه اردوغان بالامس يسبب من جهة اخرى حرجا لتيار ايراني ينادي باستمرار الرهان على «المشروع الاخواني» في المنطقة.

وسيذهب كثيرون الى القول إن الحلف الاقليمي ـ الدولي المعادي للدور الروسي في سوريا، قرر محاولة اذلال بوتين وكسر هجمته المشرقية، بعدما عطل ـ أو أحرج ـ الكثيرين من دعاة الحرب على الارهاب او الحرية للسورييين. وسيكون من مفارقات ما جرى بالامس محاولة تحديد مصير مسار عملية فيينا السورية، عندما تُسقط دولة كتركيا تقدم نفسها شريكا في مسار الحل السياسي، طائرة دولة تعتبر نفسها من فتح ابواب الحل النهائي لحرب الاعوام الخمسة.

ماذا سيفعل الايرانيون الآن؟ وإلى أي مدى سيتشجع القطريون والسعوديون في مغامرة التسليح للفصائل السورية؟ وهل يرد الروس بتسليح الاكراد وحزب العمال الكردستاني؟ ويبقى من اللافت للنظر صمت اسرائيل ازاء ما جرى، وما هو طبيعة دورها المخفي؟ وماذا عن حلف «الناتو» والمادة الخامسة التي سبق للاتراك ان توعدوا بتفعيل نصها الذي يعتبر ان أي هجوم أو عدوان مسلح على أي بلد من الحلف هو اعتداء على جميع بلدانه وعليه يدخل نظام الدفاع المشترك للحلف حيز التنفيذ.

وختاما، كيف ستكون وجهة الجيش السوري والحلفاء، في الحرب غدا؟


النهار
أردوغان يرسم بالنار حدود الدور الروسي: المنطقة الآمنة من حلب إلى المتوسط

وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول "يحمل إسقاط تركيا قاذفة "سوخوي-24" بصاروخ من مقاتلة "ف-16" قالت أنقرة انها انتهكت المجال الجوي التركي ونفت موسكو ذلك، رسائل عدة موجهة بالنار الى الدور الروسي في سوريا. وأولى هذه الرسائل ان ثمة خطاً أحمر ترسمه الان تركيا ومن خلفها الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي أمام الحدود التي يمكن ان تذهب اليها المساندة الروسية للنظام السوري. ولم يتأخر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي حظي بتأييد الرئيس الاميركي باراك اوباما للرواية التركية عن الحادث الجوي، في تكرار عزمه على إقامة "منطقة انسانية آمنة" في سوريا بمساعدة حلفائه تمتد من مدينة جرابلس في ريف حلب الى البحر المتوسط.

ويتعارض القرار التركي اقامة المنطقة العازلة مع سياسة روسيا دعم الجيش السوري في سعيه لاستعادة مناطق فقد السيطرة عليها في أرياف اللاذقية وإدلب وحلب. ولا ينفصل إسقاط تركيا القاذفة الروسية الذي حصل غداة القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي في طهران، عن رسالة استياء تركية واميركية مما صدر عن القمة من موقف روسي - ايراني داعم لدمشق.

وتهدد المواجهة العسكرية المباشرة الاولى بين روسيا وتركيا بإطلاق موجة من التصعيد العسكري ومن الحرب بالوكالة فوق الاراضي السورية، كما تهدد ما تم الاتفاق عليه في جنيف من الشروع في عملية سياسية في رعاية الامم المتحدة اواخر الشهر المقبل والسعي الى وقف للنار. ويبدو أن الحادث أضعف الآمال في تقارب بين روسيا والغرب عقب هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في باريس، التي أدت إلى صدور دعوات إلى إنشاء جبهة موحدة لمكافحة التنظيم المتشدد في سوريا.

الموقف التركي
وتحطمت القاذفة الروسية في اقصى شمال غرب الاراضي السورية شمال اللاذقية التي تشهد منذ ايام عدة معارك عنيفة بين الجيش السوري يدعمه الطيران الروسي ومقاتلين معارضين.

واكدت هيئة الاركان التركية ان المقاتلة الروسية انتهكت بوضوح الاجواء التركية وقد حذرت "عشر مرات في خمس دقائق"، الامر الذي اكدته وزارة الدفاع الاميركية "البنتاغون". لكن وزارة الدفاع الروسية نفت هذه المزاعم، قائلة ان الطائرة كانت "في الاجواء السورية دون سواها".

وقال اردوغان في خطاب القاه في قصره بانقرة: "على الجميع ان يحترموا حق تركيا في حماية حدودها". واضاف: "ندين بشدة تكثيف الهجمات على التركمان"، وهم سوريون ناطقون التركية يقاتلون نظام الرئيس بشار الاسد في شمال البلاد. وشدد على انه في هذه المنطقة هناك تركمان لا داعش. ان هدف هذه الهجمات هو ابقاء نظام الاسد"، من غير ان يشير تحديدا الى روسيا. وبصفتنا اتراكا، دعمنا دوماً اخواننا الذين يعيشون في هذه المنطقة وسنواصل دعمهم". واعلن إنه سينشئ قريبا "منطقة إنسانية آمنة" بين جرابلس السورية وشاطئ المتوسط بمساعدة حلفاء.

الموقف الروسي
وفي المقابل، رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان "الاحداث المأسوية التي حصلت اليوم ستكون لها عواقب وخيمة على العلاقات الروسية - التركية". وقال ان "الخسارة اليوم هي بمثابة طعنة في الظهر وجهها الينا المتآمرون مع الارهابيين".

وردا على اسقاط الطائرة، اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغاء زيارته الرسمية لتركيا التي كانت مقررة اليوم. وصرح بأن روسيا تنصح مواطنيها بعدم السفر الى تركيا. واستدعى كل من البلدين ممثله الديبلوماسي في البلد الآخر.

وأعلنت هيئة الاركان الروسية قرار موسكو قطع كل اتصالاتها العسكرية مع أنقرة. وقالت أنه من الآن فصاعدا ستقوم الطائرات القاذفة بكل طلعاتها فقط في حماية المقاتلات. واشارت الى أن إجراءات ستتخذ لتعزيز الدفاع الجوي، منها تموضع الطراد "موسكو" المزود منظومة صواريخ "فورت" المضادة للطائرات (مثيل لمنظومة "إس-300" الشهيرة) في ساحل اللاذقية. وحذرت من أن "كل الأهداف التي ستمثل خطرا محتملا علينا ستدمر".

وصرح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن العملية التي تشنها روسيا في سوريا ستستمر على رغم إسقاط مقاتلة روسية بنيران سلاح الجو التركي. وشدد على أن روسيا لا تهدد تركيا بعواقب عسكرية، لكنه حذر من " تداعيات حتمية". وقال: "بالطبع ... لم أتحدث في هذا الشأن ... والرئيس في حقيقة الامر لم يكن يتحدث عن التداعيات العسكرية ويجب أن نكون بعيدين عن هذا الامر". لقد أحجم الرئيس عن مثل هذه التصريحات ولكن في الوقت نفسه بالطبع شدد على حتمية التداعيات بعد هذه الاجراءات غير الصديقة من الجانب التركي".

واضافت هيئة الاركان الروسية ان طياري القاذفة تمكنا من الهبوط بمظلتيهما قبل التحطم وقتل احدهما قبل ان يصل الى الارض، مؤكدة معلومات اوردتها مصادر قريبة من المعارضة السورية.

وكان مسؤول حكومي تركي قال قبل ذلك ان الطيارين على قيد الحياة وان انقرة تحاول استعادتهما.

ولم تدل القيادة العسكرية الروسية باي معلومات عن مصير الطيار الثاني، لكنها اوضحت ان احد جنودها قتل في سوريا خلال عملية شاركت فيها مروحيات في محاولة لانقاذ طاقم "السوخوي".

وقال زعيم فصيل تركماني سوري معارض ان "الطيارين كلاهما التقطا ميتين. أطلق رفاقنا النار في الجو وماتا في الجو".

ردود دولية
وأيد الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في البيت الابيض، موقف تركيا، حليفته داخل حلف شمال الاطلسي، مدافعا عن "حقها في الدفاع عن اراضيها ومجالها الجوي". بيد انه قال ان على موسكو وأنقرة أن تتحادثا في شأن ملابسات الحادث لتسليط الضوء على حقيقة ما جرى، واتخاذ الخطوات الضرورية لتفادي التصعيد.

وأعرب مسؤول أميركي عن اعتقاد الولايات المتحدة ان التوغل الروسي في المجال الجوي التركي استمر ثواني قبل ان تسقط تركيا الطائرة الحربية الروسية، مشيرا الى ان التقويم يستند الى مؤشرات أولية. وقال ان الولايات المتحدة لا تزال تحقق في الواقعة.

وفي ختام اجتماع طارئ في بروكسيل لحلف شمال الاطلسي بناء على طلب انقرة، اكد الامين العام للحلف ينس شتولتنبرغ "التضامن" مع تركيا لكنه دعا بدوره الى "الهدوء ونزع فتيل التوتر".

وأمل الرئيس الفرنسي الذي يزور واشنطن في "تفادي اي تصعيد"، فيما طالب الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون بـ"اجراءات عاجلة لتهدئة التوتر". وكرر ان على الرئيس السوري بشار الاسد ان يرحل في اسرع وقت، في حال حصول انتقال سياسي في سوريا. وأضاف: "لن اعطيكم موعد (رحيل الاسد) (ولكن) يجب ان يتم ذلك في اسرع وقت ممكن".

ودعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون نظيره التركي أحمد داود أوغلو إلى إجراء حوار مباشر مع روسيا لمناقشة ملابسات حادث اسقاط الطائرة الروسية.


الأخبار
أردوغان يُصعّد: «منطقة آمنة» من جرابلس إلى المتوسط

كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول "رغم الغليان الذي أعقب عملية إسقاط الطائرة الروسية قرب الحدود السورية ــ التركية، بدت التصريحات الأميركية المواكبة أقرب إلى محاولة البناء على الحادثة الحسّاسة، لربط النزاع السوري أو على الأقل للعبور إلى مرحلةٍ جديدة على صعيد التواصل الأميركي ــ الروسي في شأن الأزمة السورية. ويمكن إدراج كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما في هذا الإطار، حيث أكد يوم أمس أن حادثة إسقاط الطائرة تُبرز «أهمية التحرك في المسار السياسي في أسرع وقت ممكن» لحلّ الأزمة السورية.

ورغم ذلك، مثلت حادثة أمس منطلقاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستعادة حلمه القديم في إنشاء منطقة حظر جوّي في المناطق الحدودية، حيث أعلن أمس أن تركيا ستُنشئ قريباً بالتعاون مع حلفائها «منطقة إنسانية آمنة» بين جرابلس وشاطئ المتوسط. وفي شأن التركمان، قال أردوغان في خطاب ألقاه في قصره في أنقرة، إن الهجمات (الروسية) هدفها إبقاء نظام الأسد، مؤكداً مواصلة دعم التركمان في المناطق الحدودية.

وفي ما بدا أنه ضوء أخضر أميركي معطى سلفاً لأنقرة لتحدّي موسكو عسكرياً، شدّد أوباما على «حقّ تركيا في الدفاع عن أرضها ومجالها الجوّي»، لكنّه أشار في الوقت نفسه إلى الحاجة لضمان التواصل الروسي التركي لاتخاذ تدابير للحدّ من أي تصعيد. وفي مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، قال الرئيس الاميركي إنه في حال ركزت روسيا، عوضاً عن عملياتها ضد «المعارضة المعتدلة»، على ضرب «داعش»، لانخفض احتمال حدوث «بعض تلك الصراعات أو إمكانيات التصعيد».

من جهته، بدا الخطاب الرسمي لحلف «شمالي الاطلسي» أقرب إلى محاولةٍ لتخفيف الاحتقان من الاندفاع باتجاه تصعيد عسكري. وقد أكد أمين عام «الاطلسي»، ينس ستولتنبرغ، أن الدبلوماسية ونزع فتيل التوتر مهمان لمعالجة هذا الوضع»، مشجعاً على إجراء اتصالات بين أنقرة وموسكو، ذلك «لتفادي خروج الوضع عن السيطرة».

على المستوى التركي، وبالتزامن مع الاعلان عن «قرب تأسيس منطقة آمنة»، أكد أردوغان مواصلة دعم التركمان في المناطق الحدودية. وفيما شدد على حق بلاده في حماية حدودها، أشار إلى أن تركيا «بذلت كل ما بوسعها لتفادي هذا الحادث».

وكانت الحكومة التركية قد «هيّأت» الرأي العام التركي لمثل هذه الخطوة العسكرية، منذ أكثر من أسبوع، بعدما «استنفرت» إمكانيات الإعلام الموالي لها للحديث عن «حرب الإبادة» التي يتعرّض لها التركمان في جبل التركمان شمال اللاذقية، في وقتٍ تحدثت فيه أنباء عن إيصال أسلحة متطورة اشترتها السعودية وقطر من أوكرانيا إلى الجماعات المتطرفة عبر الحدود التركية، من بينها أسلحة متطورة ضد الدبابات والطائرات الروسية. وأشارت معلومات إلى وصول تعزيزات للقوات التركية قرب مناطق الاشتباكات بين الجماعات المتطرفة والجيش السوري المسنود بالطائرات الروسية لمواجهة أي مفاجآت هناك.

واعتبر مراقبون توقيت إسقاط الطائرة مؤشراً مقصوداً، لأن الطائرات الروسية سبق أن اقتربت من المنطقة الحدودية أكثر من مرة منذ ٣٠ أيلول الماضي. إلا أن الطائرات التركية لم تستهدفها أبداً، واكتفت بتوجيه العديد من الإنذارات. كذلك سبق لتركيا أن أعلنت بعد إسقاط طائرتها في سوريا في حزيران ٢٠١٢ تدابير من جانب واحد، وأكدت أنها ستسقط أي طائرة حربية سورية إذا اقتربت من الحدود التركية مسافة ٥ كلم. وكان هذا الإجراء يهدف إلى حماية الجماعات المتطرفة الموجودة على الشريط الحدودي.

ويبدو إسقاط الطائرة الروسية أيضاً قد جاء في سياق إفشال المساعي الروسية في إقناع المعارضة السورية للاتفاق على وفد مشترك يشارك في الحوار مع وفد الدولة السورية. فمن المعروف أن أنقرة تريد حصة الأسد في وفد المعارضة ما دامت تسيطر على قيادات «الائتلاف السوري المعارض» التي تقيم في تركيا، حالها حال قيادات الجماعات المتطرفة التي تقاتل في سوريا وتجتمع بين الحين والآخر في اسطنبول وغازي عنتاب وغيرهما من المدن التركية.

من جهة أخرى، يبقى الرهان على قدرة أنقرة على تحمّل تبعات تلك الخطوة على أكثر من صعيد، عسكري وسياسي واقتصادي. فبعد قطع موسكو كل الاتصالات العسكرية مع أنقرة، تتجه الانظار إلى الاتفاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تستورد تركيا 56% من الغاز الطبيعي من روسيا، كما أنها تستورد النفط ومنتجات أخرى. ويزيد حجم التبادل التجاري بين الدولتين على ٣٥ مليار دولار سنوياً، فيما تنفذ الشركات الروسية ما قيمته ١٥ مليار دولار من المشاريع في روسيا وذلك مقابل ٤ ملايين مواطن روسي يزورون تركيا سنوياً. وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد دعا مواطنيه إلى عدم السفر إلى تركيا بعد الآن. وهو ما سيؤدي إلى تضرر القطاع السياحي التركي بصورة كبيرة.


اللواء
«أجواء حرب» بين موسكو وأنقرة بعد إسقاط السوخوي
بوتين لن يتهاون وواشنطن غير معنيّة.. والأطلسي لنزع فتيل التوتُّر

بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول "في واحد من أخطر الاشتباكات المعترف بها علانية بين بلد عضو في حلف شمال الأطلسي وروسيا منذ نصف قرن، أسقطت تركيا امس طائرة حربية روسية من طراز سوخوي-٢٤ بالقرب من الحدود السورية قائلة إنها انتهكت مجالها الجوي عدة مرات.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الطائرة هوجمت حينما كانت على مسافة كيلومتر داخل الأجواء السورية وحذر من «عواقب وخيمة» لما سماه «طعنة في الظهر» دبرها «المتواطئون مع الإرهابيين». وقال بوتين «لن نتهاون أبدا مع جرائم كتلك التي ارتكبت اليوم». وهبطت أسعار الأسهم الروسية والتركية بسبب مخاوف من التصعيد بين خصمي الحرب الباردة السابقين.

واستدعى كل من البلدين ممثله الدبلوماسي في البلد الآخر وعقد حلف شمال الأطلسي اجتماعا طارئا. وألغى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة لتركيا كان مقررا أن يقوم بها اليوم.

والمقاتلة الروسية من طراز سوخوي 24 وقد اسقطتها مقاتلتان تركيتان من طراز اف16 وتحطمت في اقصى شمال غرب الاراضي السورية شمال اللاذقية التي تشهد منذ ايام عدة معارك عنيفة بين الجيش السوري بدعم من الطيران الروسي ومقاتلين معارضين.

وأفادت وسائل اعلام تركية ان طيار المقاتلة الروسية اسره مسلحو المعارضة السورية. واكدت موسكو ان احدى مقاتلاتها اسقطت لكنها قالت ان مصير الطيارين لا يزال غير معروف.

لكن متحدثين باسم فصائل مقاتلة وناشطين اعلاميين معارضين تحدثوا عن مقتل احد الطيارين الروسيين اللذين سقطا في ريف اللاذقية الشمالي.

وقالت هيئة الاركان الروسية ان طياري المقاتلة تمكنا من الهبوط بمظلتيهما قبل التحطم وقتل احدهما قبل ان يصل الى الارض، مؤكدة معلومات اوردتها مصادر قريبة من المعارضة السورية.

ولم تدل القيادة العسكرية الروسية بأي معلومات عن مصير الطيار الثاني، لكنها اوضحت ان احد جنودها قتل في سوريا خلال عملية شاركت فيها مروحيات في محاولة لانقاذ طاقم السوخوي التي اسقطتها انقرة في وقت سابق، وذلك حين تعرضت احدى مروحيات المجموعة الروسية لاطلاق نار، ما اضطرها للهبوط اضطراريا قبل ان تقوم قوات المعارضة السورية بتدميرها بقصفها بصاروخ «تاو» ما ادى لمصرع جندي روسي حسب موسكو.

من جانبه، قال مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية ان «حلفاءنا الاتراك ابلغونا بأن مقاتلاتهم اسقطت طائرة مقاتلة قرب الحدود السورية بعدما انتهكت الاجواء التركية الثلاثاء». واضاف المسؤول الذي لم يشأ كشف هويته «يمكننا ان نؤكد ان الولايات المتحدة غير معنية بهذا الحادث».

ولكن المتحدث العسكري الاميركي الكولونيل ستيف وارن اكد ان المقاتلات التركية حذرت الطائرة الروسية عشر مرات. وقال وارن «تمكنا من سماع كل ما حدث. هذه (الاتصالات) كانت على قنوات مفتوحة».

وبرر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لجوء قواته المسلحة الى القوة، وقال في خطاب القاه في انقرة «على الجميع ان يحترموا حق تركيا في حماية حدودها». ودافع اردوغان عن حق بلاده في حماية حدودها وقال ان «تركيا وبالتعاون مع حلفائها ستنشئ قريباً «منطقة إنسانية آمنة» بين جرابلس السورية وشاطئ المتوسط».

وفي دمشق، نقلت وكالة الانباء (سانا) عن مصدر عسكري قوله «في اعتداء سافر على السيادة الوطنية اقدم الجانب التركي عند الساعة 9،23 صباح اليوم (7،23 ت غ) على اسقاط طائرة روسية صديقة فوق الاراضي السورية اثناء عودتها من تنفيذ مهمة قتالية ضد تنظيم داعش الارهابي».

ودعا الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ الى «الهدوء ونزع فتيل التوتر». وصرح ستولتنبرغ اثر اجتماع طارئ للحلف في بروكسل ضم ممثلي الدول الـ28 الاعضاء فيه «ادعو الى الهدوء ونزع فتيل التوتر». واضاف «كما كررنا بوضوح، نحن متضامنون مع تركيا وندعم وحدة اراضي حليفنا التركي داخل الحلف الاطلسي». وتابع في رد مقتضب على الصحافيين «انه حادث خطير. يجب ان نتفادى خروج الوضع عن اي سيطرة». وصرح مصدر دبلوماسي في الاطلسي ان تركيا تلقت دعما من الحلف خلال اجتماع بروكسل، لكنه دعا الى «رد مدروس لتجنب تكرار هذا الامر».


البناء
واشنطن تحاول رسم خطوط حمراء لموسكو بنيران تركية... في عاصفة السوخوي
بوتين: تكثيف الغارات على جبل التركمان وقوافل النفط... وعقوبات اقتصادية
لبنان إلى الواقعية بعد أحلام ليالي باريس عن حلحلة حريرية... والتهدئة تكفي

صحيفة البناء كتبت تقول "الأيام المقبلة ستكون الأهمّ والأقسى على المنطقة، وفقاً لمرجع ديبلوماسي عربي، فالمواجهة التي تخوضها تركيا بدعم أميركي واضح لرسم خطوط حمراء أمام عاصفة السوخوي الروسية، لا بدّ من تحمّل درجة عالية من حبس الأنفاس، من دون أن تدوم طويلاً قبل أن ترسو على توازنات تحدّد هوية المعادلة التي ستحكم تسويات المنطقة.

تحرّكت تركيا بقرار أميركي ورسمت خطاً أحمر حول جبل التركمان والجماعات المسلحة التي ترعاها وتتولى القتال في ريف اللاذقية وصولاً إلى جسر الشغور، وقالت عملياً إنّ استهداف هذه المناطق شمال سورية بمثابة انتهاك للمدى الحيوي التركي، وأسمته مجازاً بمجالها الجوي، وقرّرت روسيا قبول التحدّي، فأصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوامره بتجميد العمل بالاتفاقات التي تستفيد عبرها تركيا بمليارات الدولارات من العلاقة مع روسيا، في مجالات السياحة والتفاهمات العسكرية ومجلات النفط والغاز.

عسكرياً بدأت الطائرات الروسية ليل أمس غارات مكثفة على المناطق التي تتمركز فيها الجماعات المسلحة التي أرادت تركيا حمايتها، وهذه المرة خرجت الطائرات الروسية بجهوزية لحرب مع سلاح الجو التركي في حال تدخّله، والتحدّي أمام تركيا إما أن تعيد الكَرّة فتقع المواجهة وروسيا عازمة، كما قالت مصادر متعدّدة ديبلوماسية وإعلامية في موسكو، أو أن ترتضي الأمر الواقع الذي تفرضه روسيا في الميدان.

التوتر سيتصاعد وفقاً لمصادر متابعة، والمسعى الأميركي عبّر عنه بيان حلف الأطلسي بالدعوة إلى الحوار والتفاوض، الذي لن يكون على مجال جوي تركي ولا على قواعد الاشتباك، بل على ثلاث قضايا تشغل بال واشنطن وحلفائها بسبب الضغط الروسي وهي تصنيف التنظيمات الإرهابية، بعدما ربحت موسكو حرب تصنيف «النصرة» وتتابع سائر التشكيلات المدعومة من واشنطن وحليفيها الأبرز السعودية وتركيا، والثاني تفرّد روسيا في رسم الخارطة العسكرية للحرب في سورية، وطلب واشنطن تشكيل مرجعية تشترك فيها روسيا مع واشنطن وتركيا وفرنسا وبريطانيا، من دون السماح لروسيا بشراكة مماثلة في رسم خارطة الحرب في العراق، والثالث هو رسم حدود الدور الإيراني في المنطقة، خصوصاً بعد التفاهمات التي سجلت في قمة الرئيس الروسي مع الزعيم الإيراني السيد علي الخامنئي وما تضمّنته من عناوين استراتيجية تطال قطاعات حيوية كأنابيب النفط والغاز نحو البحر المتوسط، وتخصيب اليورانيوم بتقنيات أجهزة الطرد المركزي وتطوير مشترك لصناعات الأسلحة النوعية.

المواجهة التي تشهدها المنطقة برمزيتها، هي الأخطر والأهمّ منذ بدء الحرب في سورية وعليها، وعلى نتائج هذه المواجهة سيتقرّر شكل الشرق الأوسط الجديد، وترسم فيه حدود موازين القوى للأطراف التي كانت تتفادى التقابل مباشرة، وها هي اليوم تجد نفسها في الخنادق الأمامية وجهاً لوجه.

لبنانياً، بعد يوم من الأحلام الباريسية حول حلحلة حريرية عاد اللبنانيون إلى واقعهم وهم يتخندقون في المتاريس التي ينقسم العالم وتنقسم المنطقة حولها، ليكتشفوا أنّ الحلم بعيد، وربما يكونون قد بالغوا في التخيّل عندما ظنوا أنّ الرئيس سعد الحريري يملك السير بمعادلة رئاسية من دون قرار سعودي، وأنّ المنطقة لا تزال في المخاض وأنّ عليهم الانتظار وتخفيض سقوف توقعاتهم، والاكتفاء بالتهدئة مطلباً، ينتظرونه من بيانات الحوار الثنائي لحزب الله وتيار المستقبل، كلما انعقد.

إسقاط سو 24 كسر قواعد الاشتباك
خطف إسقاط الطائرة الروسية سوخوي 24 فوق الأراضي السورية الأضواء عن الملفات الداخلية، بخاصة أن هذه الطائرة هي الثانية التي تسقط لروسيا بعد طائرة شرم الشيخ التي أسقطها تنظيم داعش، بينما أسقطت تركيا الدولة الأولى الداعمة لداعش قاذفة السوخوي 24 امس، في كمين جوي سياسي قام به الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بتخطيط مسبق وبتنسيق مع الأميركيين والإسرائيليين لكسر الاندفاعة الروسية والعنفوان الروسي. ويأتي إسقاط الطائرة مباشرة بعد اللقاء الاستثنائي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي الخامنئي، ورداً على حجم الإنجازات التي حققها الدفاع الروسي والجيش السوري في التلال الاستراتيجية في اللاذقية وجبل التركمان وجبل الأكراد ما جعل تركيا تخرج عن طورها. فهذه المناطق التي يحررها الجيش السوري هي مناطق محاذية للحدود السياسية التركية السورية وفوق مناطق تسيطر تركيا عليها منذ نحو ثلاث سنوات بواسطة مسلحين موالين لها.

فإلى أي مدى من الخطورة ممكن أن تصل احتكاكات من هذا النوع وهل نحن أمام مخاطر واحتكاكات تكسر قواعد الاشتباك الحالية وتطيح بكل الخطوط الحمراء وتنقلنا إلى اشتباك إقليمي دولي؟ وهل إسقاط الطائرة أمس هو بداية الدفعة الأولى من تسديد أردوغان الدين للولايات المتحدة بعدما حفظت ماء وجهه وساعدته على الفوز في انتخابات الأول من تشرين الثاني الحالي؟ وكيف سيتصرّف الناتو إزاء ما قام به الأتراك وهل يوفر لتركيا الغطاء لعدوانها الموصوف؟ والأهم كيف ستكون طبيعة الردّ الروسي الذي سيلجأ إليه الرئيس بوتين وهو المستهدف الأول؟

الحوار الوطني اليوم في عين التينة
أما محلياً، فينتظر لبنان جلاء صورة اللقاء الباريسي بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي شابه الغموض عقب التسريب الملتبس من تيار المستقبل لهذا اللقاء، ومن المتوقع أن يأخذ لقاء فرنجية الحريري حيّزاً كبيراً من جلسة الحوار الوطني اليوم في عين التينة التي ستلتئم برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبغياب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ورئيس حزب القوات سمير جعجع.

وإذ أشارت أوساط سياسية لـ«البناء» إلى أن «اللقاء كان ثمرة المساعي التي قام بها رئيس المجلس النيابي ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط»، لفتت إلى «أن اتفاقاً حصل على إبقاء اللقاء سرياً، ليعلن فرنجية بعد فترة وجيزة نيته في الترشح ويعمل على حصد تأييد العماد ميشال عون وفريق 8 آذار مجتمعاً له، غير أن الحريري سارع إلى تسريب الخبر ضارباً بعُرض الحائط ما وعد به». ونفت الأوساط السياسية صحة ما يتم التداول به عن انزعاج عوني من تصرّف فرنجية، مشيرة إلى «أن العماد عون تعامل بذكاء مع تسريب اللقاء ولم يقع في الفخ المستقبلي، لا سيما وأنه يتذكر جيداً وعود الحريري في روما وباريس له ومن ثم تراجعه عنها».

المستقبل يخفّف من نبرته تجاه فرنجية
وأكدت مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» أن «الصورة ستتوضّح في اليومين المقبلين»، مشيرة إلى اهتمام جدي عند التيار لإنجاح التسوية السياسية الشاملة». وألمحت مصادر تيار المستقبل إلى «أن الهجوم الذي تعرّض له النائب فرنجية في اليومين الماضيين من قبل وزراء ونواب في تيار المستقبل ستخفّ حدته ولن نلحظه في الأيام المقبلة»، لافتة إلى «أن اجتماع الكتلة الذي ترأسه الرئيس فؤاد السنيورة أمس كان هادئاً، تخلله كلام لا يخلو من الجدية وإن اتسم بالمزاح أنه إذا كنّا سنقبل بفرنجية رئيساً لكنّا مشينا بعون». وأشارت المصادر إلى «أن الطبخة لم تستو بعد وهي تتطلب موقفاً مرناً من حزب الله يتخلى فيه عن ترشيح العماد عون». وفي محاولة لدق إسفين بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، أكدت مصادر «المستقبل» «أن العماد عون يسعى إلى حرق فرنجية»، مشدّدة على «أن بيان تكتل التغيير والإصلاح عقب الاجتماع الأسبوعي امس، الذي ورد فيه أن رئيساً للجمهورية يجب يكون ممثّلاً حقيقياً لشعبه، يؤكد أن التيار الوطني الحر لن يقبل بفرنجية».

وكانت الكتلة استعرضت ما يقوم به الرئيس الحريري من اتصالات مع أكثر من جهة سياسية لبنانية، وذلك في ضوء ما يجري في المنطقة من تطورات وتحولات ومواجهات خطيرة بعيدة الأثر، وكذلك بسبب الظروف العصيبة التي يمر بها لبنان على أكثر من صعيد سياسي وأمني ومعيشي، وعدم تمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولفتت إلى «أن مجمل هذه التطورات تستدعي المبادرة لاتخاذ خطوات إنقاذية، من أجل التوصل إلى تسوية وطنية جامعة تحفظ الميثاق الوطني وتحترم الدستور وتكرّس مرجعية اتفاق الطائف وتعالج بدايةً أزمة الشغور الرئاسي بانتخاب رئيسٍ جديدٍ، كما وأن تطلق هذه التسوية الوطنية الجامعة عمل المؤسسات الدستورية، وتفعِّلُ عمل مجلس الوزراء والمجلس النيابي والمؤسسات الدستورية وتستعيد حصرية سلطة الدولة وهيبتها والسلاح الشرعي على كامل الأراضي اللبنانية».

حزب الله غير معني بالتعليق على لقاءات
في مقابل ذلك، أكدت مصادر مطلعة في 8 آذار «أن حزب الله غير معني بالتعليق على ما يجري من لقاءات، لا سيما أن فرنجية لديه حق كامل أن يمارس استقلاليته كطرف يتحاور مع الحريري من دون أن يشاور أحداً». وشدّدت المصادر على «أن لا شيء مما يحصل يستدعي موقفاً حقيقياً من حزب الله»، مشيرة إلى أن الحزب «لا يزال على موقفه من دعم ترشيح العماد عون».

تداول ترشيحات لملء الوقت الضائع
وفي إطار لقاء الحريري رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، أكدت مصادر كتائبية لـ»البناء» «أن اللقاء بحث في تزخيم انتخابات رئاسة الجمهورية والبحث عن مخارج لانتخاب الرئيس وتعزيز العلاقة بين الحلفاء». وشددت المصادر على «أن ما يجري تداوله من ترشيحات لأسماء لرئاسة الجمهورية يصب في خانة ملء الفراغ والوقت الضائع»، مشددة على «أن الأمور لا تزال بعيدة وليس هناك أي شيء جدي في هذا المجال».

أوباما: لانتخاب الرئيس
في سياق متصل، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الولايات المتحدة ستستمر في دعم المؤسسات الأمنية في لبنان، مشيراً إلى أن واشنطن تدعم لبنان منذ فترة طويلة في سعيه لتحقيق السيادة الكاملة والأمن والاستقلال. وقال أوباما في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة تمام سلام بمناسبة عيد الاستقلال «إنه الوقت المناسب للزعماء اللبنانيين للعمل على المصلحة الوطنية وانتخاب رئيس من أجل استقرار لبنان وأمنه».

وحضرت التطورات في لبنان والمنطقة في لقاء بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع الإسباني بيدرو مورينيس الذي أمل «أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب وأن تعود المؤسسات اللبنانية إلى عملها بشكل طبيعي».