28-03-2024 02:06 PM بتوقيت القدس المحتلة

"الدولة الإسلامية" تستعد لمواجهة "حرب الصليب"

«الدولة الإسلامية» تستعد للضربة الأميركية. في الشكل، هي «دولة خلافة. لن يهرب حماتها. الواجب الشرعي يُحتّم دفاع الجنود عن بلاد المسلمين في وجه الغزاة»




رضوان مرتضى

«الدولة الإسلامية» تستعد للضربة الأميركية. في الشكل، هي «دولة خلافة. لن يهرب حماتها. الواجب الشرعي يُحتّم دفاع الجنود عن بلاد المسلمين في وجه الغزاة». في التكتيك، تغيب الشعارات. يُعيد مقاتلو «الدولة» تموضعهم استعداداً لما سمّوه «حرب الصليب». أما استراتيجية المقاومة فتتعدد وهدفها أوحد: «الصمود أطول وقت ممكن».

«لا تقوم الساعة حتى ينزل الرومُ بالأعماق أوْ بدابق». حديثٌ نبوي يُروى عن النبي محمد يتداوله جهاديون على نطاق واسع هذه الأيام. فدابِق هي قرية سورية تقع شمال مدينة حلب حيث ستقع ملحمة كبرى ينتصر في نهايتها المسلمون. أما الروم، بحسب التفسيرات التي يقدمونها، فهم «الغرب الصليبي». ينطلق أتباع تنظيم «الدولة الإسلامية» من هذا الحديث ليخلصوا إلى أن مقدمته ستبدأ مع الضربة الأميركية التي ستُمهّد لهذه المواجهة.

بالنسبة إليهم، هي «وعدٌ إلهي محتوم سيُثبت للعالم أننا أصحاب الدولة وبناة خلافة آخر الزمان». ويعزز قناعتهم الراسخة بهذه النبوءة، إصدارهم منذ أشهر مجلة تصدر باللغة الإنكليزية سموها «دابق... عودة الخلافة». ورغم غياب أي احتمال لإمكانية مواجهة برية واقتصار الضربة على الصواريخ وغارات الطائرات الجوية، يتحدث بعض مؤيدي «الدولة» بقناعة عن أن «التحالف الصليبي سيُستدرج للمواجهة البرية لأنه بالتأكيد لن يحقق هدفه من الجو». وعلى هذا الإيقاع، تُقرع طبول الحرب العالمية الجديدة. «تحالف الطواغيت»، التسمية التي اعتمدها بعض نشطاء «الدولة» على حساب «تويتر»، لم يخفف من عزيمة جنود «الدولة» في الميدان. هكذا يقول أحد عناصر «الدولة» لـ«الأخبار»، رغم أن حسابات المغردين الذين يدورون في فلك التنظيم المتشدد كان خفت نشاطها بشكل ملحوظ على جميع المواقع التابعة له.

أما الأخبار التي تناقلتها الوسائل الإعلامية عن «إخلاء المراكز الأساسية التابعة لـ«الدولة» وتقليص العديد قدر الإمكان مع الاكتفاء عند الضرورة بأفراد على حواجز متنقّلة»، فلم تنف المصادر ذلك، لكنها لفتت إلى أن «مراكز أساسية في الرقة لا تزال تعج بالأخوة». وكشفت مصادر ميدانية من «الدولة» أنّ «جنود الخلافة أجروا اختبارات للدفاعات الجوية في كل من الرقة وتل أبيض اليوم (أمس)». وفي الوقت نفسه، تتحدث المصادر عن نقل جميع العائلات من الأماكن التي تُعدّ هدفاً حتمياً للضربة الأميركية. هذه المعلومات تقاطعت مع ما أعلنه التيار السلفي الجهادي في الأردن أمس، بأن «مقاتلي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في محافظتي درعا وحلب السوريتين، أخلوا مواقعهم تحسباً للضربة الأميركية المرتقبة».

في مناطق سيطرة «الدولة الإسلامية»، يروّج جنود البغدادي أنهم سيقاومون. تتحدث مصادرهم عن فرحة عارمة يعيشها أفراد التنظيم لأنهم سيتمكنون أخيراً من منازلة «حلف الطواغيت» في «حرب الصليب» التي تُشن عليهم. يستعيد هؤلاء التسمية التي أطلقها أسامة بن لادن منذ سنوات طويلة ليقولوا إن التاريخ يُعيد نفسه. يروّج المغرّد الشهير في صفوف «الدولة» ترجمان الآساورتي لهذه الفكرة على نطاق واسع. ورغم تسليم مصادر «الدولة» باستحالة وقوف عتادهم العسكري للحظة في وجه الترسانة الجوية، يتحدثون عن «استراتيجية في المقاومة لا قِبل للصليبيين بها». هذه المعنويات العالية حمّالة أوجه في الميدان. «مجرّد صمود الدولة وبقاؤها بعد الضربة يعني حتماً انتصارها»، بالنسبة إلى أحد أفراد «الدولة». هذا الرأي يتشاطره معظمهم. يرى هؤلاء أن «وقوفهم في وجه حلف من أربعين دولة من دون انكسارهم سيعني للعالم أجمع أن قوة ربانية تقف معهم». وفي محادثة عبر «السكايب» يعقّب أحد أفراد «الدولة» الموجود في الرقة: «إذا بقينا سيفهم المسلمون في كل العالم أن الروايات المتواترة والأحاديث النبوية بشّرت بنا لنكون أصحاب الخلافة في آخر الزمان على منهاج النبوة».

كيف سيُترجم ذلك على أرض الميدان؟ سؤال يتكرر طرحه على أتباع الدولة عبر «السكايب» و«تويتر» و«الواتسأب». ورغم حصر السؤال بأبناء تنظيم «الدولة» وحده من دون «جبهة النصرة»، تتفاوت الإجابات بشأنه.

يتحدث أبو القاسم السوري، أحد عناصر «الدولة»، عن «مقاومة ستُفاجئ الجميع... سيترحمون خلالها على حرب العراق»! ضبابية الإيجابة لا تكاد تُقنعك. يزايد بقوله: «يوماً ما سنرفع علم الدولة الإسلامية على البيت الأبيض».

تخبره أن هذه المرة لن يكون هناك جنود أميركيون أو بريطانيون أو غيرهم على الأرض لتواجهوهم. ستكونون وحدكم مع السماء والحمم التي ستُمطر عليكم. ماذا ستفعلون لتردوا عسكرياً؟ تساؤل يجيب عنه هذه المرة أبو لقمان: «كل الخيارات مفتوحة أمامنا. وكل شيء ستعرف عنه في وقته». يتحدث الجهادي، وهو يقيم في الرقة أيضاً، عن منية لديهم بحصول ضربة استباقية ينفّذها جنود الدولة في واحدة من المناطق الحيوية لأميركا، ثم يعدد دولاً يقول إنها لن تكون بمأمن، منها تركيا وقطر والسعودية والكويت. بالنسبة إليهم، هذه الدول هدف مشروع لعملياتهم، باعتبار أن الطائرات التي ستقود «حرب الصليب» ستنطلق من قواعد موجودة على أراضيها. ولا يُستبعد في سياق العمليات الانتقامية، تحريك «الدولة» خلايا نائمة لها لاستهداف سفارات الدول المشاركة في الحلف الدولي الذي يقود الحرب عليها. ورغم ما تقدم، كل ذلك يبقى وعيداً وتهديداً في الهواء لا يعوّل عليه. ففي السياق نفسه، يحكى عن «حرص جنود «الدولة» على حماية منابع النفط، لكونها الشريان المالي الضامن لحياة التنظيم». لكن، بحسب مصادر «الدولة»، كل المضادات التي تمتلكها «الدولة الإسلامية» لا يمكنها أن تحمي بئر نفط واحدة إذا ما تقرر استهدافها. وبحسب مصادر سورية في العراق، في التكتيك الميداني ستكون حماية «أمير المؤمنين» أولوية. فالهدف الأساسي متمثّل بحماية أبي بكر البغدادي. وقد يوازيه في التراتبية، حفظ قيادات الصف الأول في التنظيم مع مراعاة توزعهم بين العراق وسوريا، علماً بأن التقديرات ترجّح تركيز الضربات العنيفة في المناطق العراقية.


http://www.al-akhbar.com/node/215720

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه