ملف ساخن| الكوليرا يتفشى بصمت.. ويقلق العالم من جديد – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

ملف ساخن| الكوليرا يتفشى بصمت.. ويقلق العالم من جديد

سلام بدير

شهد العالم على مر التاريخ العديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة كانت بعضها أوبئة محصورة بدول أو نطاق جغرافي معين وكان بعضها أوبئة عالمية أو ما يطلق عليه “جائحة” Pandemic. وحصدت تلك الأوبئة أرواح عشرات بل مئات الملايين وتسببت في تغيرات ديموغرافية واجتماعية واقتصادية في العالم بأسره، بل ومنها جوائح غيرت مجرى التاريخ.

كان أشهر هذه الأوبئة وأشدها فتكاً في العصور القديمة والوسطى الطاعون الأسود (الموت الأسود) وطاعون جستنيان وطاعون عمواس بمنطقة الشام. وفي العصر الحديث نجد الكوليرا والجدري والإنفلونزا الإسبانية وغيرها من الأوبئة.

اكتشف عالم الجراثيم الألماني روبرت كوخ جرثومة الكوليرا في عام 1883، أثناء انتشار وبائي في مصر. ويعني الشطر الأول من اسم الجرثومة أنها تهتز أثناء حركتها.

ضرب الوباء العالم عدة مرات منذ القرن التاسع عشر بداية من دلتا نهر الغانج بالهند، وحصد أرواح الملايين. ومنذ عام 1817 شهد العالم 7 حالات انتشار شامل للمرض، كان مصدرها جميعا مستودع الكوليرا المتوطن في شبه القارة الهندية. ووقعت الحالات الست الأولى بين عامي 1817 و1923، أما حالة الانتشار الشاملة السابعة – والأولى في القرن العشرين – فقد بدأت في عام 1961، وبحلول عام 1991 كانت قد وصلت إلى 5 قارات ومازالت مستمرة إلى يومنا هذا.

ما هو الكوليرا

الكوليرا مرض شديد الفوعة إلى أقصى حد ويمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، يستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة. وتصيب الكوليرا الأطفال والبالغين على حد سواء ويمكن أن تودي بحياتهم في غضون ساعات إن لم تُعالج.

أُنتج لقاح الكوليرا عام 1885 إلا أن استخدام اللقاح لم يقضِ على المرض واستمر في الظهور. وبالرغم من كل التقدم المحرز في الأبحاث، ما زال هذا المرض يشكل تحديا للطب الحديث. وتعد النظافة عنصرا مهما للوقاية منه إضافة الى اللقاح المضاد.

doc

وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن موجة التفشي السابعة للمرض التي بدأت عام 1961 في جنوب آسيا، لا تزال مستمرة حتى الآن.

حقائق عن الكوليرا

انتشار أكثر فتكا ..اليونيسف تحذر

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” أظهرت مخاوفها من زيادة عدد الإصابات بالكوليرا على خلفية موجة الجفاف التي مرت بها عدد من الدول الإفريقية العام الجاري، وتدني الأوضاع المعيشية في المناطق التي تعاني من ويلات الفقر والصراع.

وقالت في تقرير من آب الماضي، إن عدد المتضررين من الجفاف في إثيوبيا وكينيا والصومال ممن لا يحصلون على مياه صالحة للشرب ارتفع في غضون 5 أشهر بنسبة 70 بالمئة ليصل إلى 16.2 مليون شخص بين شباط وتموز الماضيين، هذا الارتفاع يعرض الأطفال وعائلاتهم لخطر الإصابة بأمراض مثل الكوليرا والإسهال “بصورة متزايدة”.

وقال فيليب باربوزا، رئيس فريق مكافحة الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي التابع لمنظمة الصحة العالمية:” العام الجاري شهد انتشارا “أكثر فتكا” لمرض الكوليرا، وذلك بعد نحو 5 سنوات من إعلان المنظمة أن الكوليرا في اليمن عام 2017 كان “الأسوأ في التاريخ”.

وشهد اليمن تفشياً لمرض الكوليرا جراء ويلات الحرب التي تشهدها البلاد منذ أيلول 2014، حيث سجل بحلول منتصف 2021، أكثر من 2.5 مليون إصابة بالمرض وأكثر من 4 آلاف وفاة، أفاد باربوزا بوجود “زيادة مقلقة” في تفشي المرض في جميع أنحاء العالم، مشيراً أنه خلال أول 9 أشهر من العام الجاري فقط، أبلغت 26 دولة عن تفشي الكوليرا فيها، مع ظهور ارتفاع في معدل الوفيات.

وقبل نحو شهر، بدأ انتشار الكوليرا في سوريا، وأوضحت وزارة الصحة السورية أن عدد الإصابات المؤكدة بلغ 338، فيما وصل عدد الوفيات إلى 29 حالة. وحذر محمد سالم، مدير برنامج اللقاح بوحدة التنسيق والدعم، من تحول الكوليرا إلى “مرض مستوطن” في سوريا، لافتاً إلى وجود مخاوف من انتقاله إلى بلدان مجاورة.

العراق هو الآخر تسلسل اليه المرض،  حيث أعلنت وزارة الصحة العراقية، في تموز الماضي، رصد 309 إصابات بالكوليرا خلال نحو شهر، توفى منها 3 حالات.

بينما تسبب انتشار الكوليرا في مالاوي بوفاة نحو 117 شخصاً، منذ تسجيل أول إصابة في 3 آذار الماضي، ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة الصحة، استمرت الحالات في الارتفاع طردياً، ووصلت حتى أكتوبر إلى 4 آلاف و223 حالة في 23 منطقة من أصل 28، ومعدل الوفيات بلغ 2.8 %، ما يعني أن المرض يتسبب في وفاة شخصين من بين كل 100 مريض.

يشار إلى أن معظم سكان القرن الإفريقي يعتمدون على المياه التي يقدمها الباعة على شاحنات أو عربات تجرها دواب، حيث لم تعد العديد من الأسر قادرة على تحمّل تكاليف المياه في المناطق الأكثر تضررا من الجفاف، وفقا لمنظمة “يونيسف”.

الكوليرا يتسلل إلى لبنان

سجل لبنان اول  إصابة بمرض الكوليرا في 5 تشرين الأول  في محافظة عكار الشمالية، لتكون أول حالة تشهدها البلاد منذ 29 عامًا.

وأعلنت وزارة الصحة العامة في تقرير نشرته عن حالات الكوليرا في لبنان تسجيل “46 إصابة جديدة في الساعات الـ48 الماضية رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 89، كما تم تسجيل حالة وفاة جديدة رفعت العدد التراكمي للوفيات الى 3”.

وعلى إثر ذلك، شرعت وزارتي الصحة والتعليم بتوزيع منشورات توعوية بشأن الوباء، إضافة إلى استنفار المستشفيات لمواجهة المرض حال انتشاره.

المصدر: موقع المنار