الصحافة اليوم 22-5-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 22-5-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الإثنين 22-5-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.

البناء:

المقداد: المستقبل واعد ولقاء الأسد وابن سلمان كان حاراً… والانسحاب شرط مبدئيّ مع تركيا/ المقاومة في عيد التحرير توجّه من مناورة جبل الجرمق رسالة الانتقال إلى العبور في خطط الردع/ صفي الدين: المقاومة تخيف الأعداء… ولا ينبغي للبناني أن يخاف لأن لا أعداء لنا في الداخل

البناءوتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “فيما استمرت تداعيات مشهد قمة جدة العربية وما أظهرته من تبنٍّ عربي للخطاب السوري في المواجهة الضاغطة على سورية، بمفردات المواجهة مع الإرهاب وحل الميليشيات وبسط سلطة الجيش السوري على كل الأراضي السورية، ورفع العقوبات لتسهيل مهمتي إعادة النازحين وإعادة الإعمار، وتبنّي خطط الدولة السورية للعفو العام وتوفير الأمن لكل العائدين والتعاون الأمني في مواجهة آفات المخدرات التي تصيب سورية كما تصيب غيرها، كنتاج لإضعاف الدولة وسيطرتها، ظهرت العلاقة السورية التركية موضوعاً لتجاذب يتوقع أن يحضر قبل الانتخابات الرئاسية التركية وبعدها، في ضوء الاشارة اللافتة للرئيس السوري الدكتور بشار الأسد من منبر القمة لخطر عثماني بنكهة اخوانية، ما يعني عدم الثقة بنيات الرئيس التركي رجب أردوغان لجهة الالتزام بالانسحاب من سورية، بعدما وضع الأسد هذا العنوان شرطاً للقاء الرئيس التركي، وجاء تأكيد أردوغان من شبكة سي ان ان على بقاء قواته في سورية، بمثابة رسالة علنية للأميركيين بأن بإمكانهم ألا يقلقوا لتشكيل الالتزام التركي بالانسحاب كشفاً للغطاء الذي يوفره الاحتلال التركي لبقاء الاحتلال الأميركي، رغم ما يوفره الاحتلال الأميركي من دعم لقيام كانتون كردي انفصالي يهدّد الأمن القومي التركي، وهو ما لا يمكن تفسيره خارج إطار صفقة يضمن عبرها أردوغان للأميركيين انضباطاً بروزنامتهم في سورية، مقابل عودتهم الى روزنامته التركية بعدما قدموا الدعم لمنافسيه وخصومه في الانتخابات، وقد جاء كلام وزير الخارجية السورية يوم أمس، لشبكة روسيا اليوم ليحمل اشارات واضحة على حجم الحلول في العلاقات العربية السورية، وخصوصاً السعودية السورية، وما تضمنه لقاء الرئيس السوري مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي وصفه المقداد بالحار والإيجابي، واصفاً المستقبل بالواعد، مجدداً شرط الانسحاب التركي من سورية لأي علاقات طبيعية بين سورية وتركيا.
في لبنان شكلت مناورة المقاومة في جبل الجرمق منصة لسلسلة رسائل ومواقف، فقد عبرت عن فهم المقاومة للمتغيرات الجارية في المنطقة لجهة توحيد الجهود في مواجهة كيان الاحتلال، كما قال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين الذي تحدّث في ختام المناورة، مضيفاً أن المقاومة لا تخيف إلا الأعداء وأنه لا ينبغي للبناني أن يخاف لأن لا أعداء للمقاومة في الداخل اللبناني. وخطفت المناورة التي شارك فيها قرابة ألف مقاتل من وحدات النخبة في المقاومة وقوة الرضوان، الأضواء المحلية والإسرائيلية والدولية، حيث رأى الكثير من المحللين في كيان الاحتلال رسالة نارية متعددة الاتجاهات نحو الرأي العام في الكيان وقياداته السياسية والعسكرية، جوهرها إعلان المقاومة الانتقال في مفهوم الردع من مرحلة توازن النيران الى مرحلة العبور إلى عمق فلسطين المحتلة في أي جولة حرب مقبلة، وأنه بينما يطوي جيش الاحتلال صفحة الحرب البرية بعد مواجهة “ثأر الأحرار” التي خاضها مع غزة، فإن المقاومة تعلن جهوزيتها لحروب البرّ وعبور الحدود.

وقبل أيام من عيد المقاومة والتحرير نظم «حزب الله» مناورة عسكرية في أحد معسكراته في جنوب لبنان، وأكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، أن «الجهوزية كاملة دوماً لمواجهة أي عدوان ولتثبيت معادلات الردع التي حمت لبنان، هذه الجهوزية شاهدتم اليوم جزءاً رمزياً منها، وهي استعداد على مدى الأيام والساعات وكلّ المستويات».
وتوجه صفي الدين الى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحكومته بالقول: «إذا فكّرتم في توسيع عدوانكم للنيل من المعادلات التي صنعناها بدمائنا وقدرتنا، فإننا سنكون جاهزين لنمطركم وستشهدون أياماً سوداء لم تروا لها مثيلاً، وعلى «الإسرائيلي» أن يعلم جيداً أننا نقصد ما نقول».
وتابع صفي الدين: «لا ضرورة لعرض الصواريخ الدقيقة اليوم وهي موجودة لدينا بكثرة، لأن العدو سيرى فعلها في قلب كيانه إذا ارتكب أي حماقة يتجاوز فيها قواعد اللعبة»، مضيفاً: «إذا تجاوز العدو قواعد اللعبة سوف نمطر هذا الكيان بصواريخنا الدقيقة وكل أسلحتنا».
من جهة اخرى، شدد صفي الدين على ان «المقاومة هي قدرة لكلّ اللبنانيين في مواجهة العدو، لذا لا ينبغي لأحد أن يخاف»، مذكراً بأن «المقاومة على عهدها في إعادة مزارع شبعا إلى حضن الوطن».
ويشهد السراي الحكومي عند الرابعة عصر اليوم لقاء وزارياً تشاورياً للبحث في ملف عودة النازحين السوريين فضلاً عن التطورات القضائية المتعلقة بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد تسلّم لبنان الإشارة الحمراء من الانتربول بشأن سلامة. وأفادت المعلومات ان وزير الشؤون الاجتماعية سيشارك اليوم في اللقاء التشاوري أسوة بالوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحر، مع ترجيح مصادر وزارية ان يتم تشكيل لجنة وزارية للذهاب الى سورية لمناقشة ملف النزوح مع الحكومة السورية.
ويلتقي وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري قبل ظهر اليوم مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات للتشاور في الخطوات القانونية التي يمكن اتخاذها بعد إصدار الإنتربول مذكرة بحق رياض سلامة، وذلك قبل الاجتماع الوزاري التشاوري في السراي الحكومي.
وترك إعلان البحرين استئناف التمثيل الديبلوماسي على مستوى السفراء مع لبنان ارتياحاً لما تشكله عودة دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية كافة الى لبنان من رسالة إيجابية في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها لبنان.
ورحّب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بقرار البحرين، باستئناف التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفراء مع لبنان. ولفت في بيان، أكرر ما قلته في قمة جدة من شكر لبنان للدول الشقيقة وخاصة أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، على إتاحةِ فرصِ عملٍ للبنانيين على أراضيها، وضمن مؤسساتِها الخاصة والعامة”، متمنياً “عودة سريعة لجميع الأخوة العرب الى لبنان”.
وكان ميقاتي تشاور مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، وتوافقا على أهمية تلقف هذه البادرة والبناء عليها من أجل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان والبحرين.
ويأتي ذلك بعد يوم واحد من اختتام قمة الجامعة العربية في مدينة جدّة السعودية، والتي اعتمدت إعلان جدّة الذي نصّ على جملة مقررات، من ضمنها التضامن مع لبنان وحث كافة الجهات اللبنانية للتحاور لانتخاب رئيس للجمهورية يرضي طموحات اللبنانيين، وانتظام عمل المؤسسات الدستورية وإقرار الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته.
واشار وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، الى أن “المسبحة ستكرّ بعد البحرين، ودول أخرى ستعيد تمثيلها الدبلوماسي في لبنان”، متوقعاً أن “تعيد الإمارات والكويت تمثيلهما الدبلوماسي الى لبنان في غضون شهر.
وكشف وزير السياحة وليد نصار، إلى أن “هناك لقاءات غير معلنة حصلت على هامش القمة العربية تصبّ في مصلحة لبنان”، لافتاً الى أن “رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التقى الرئيس السوري بشار الأسد وبن سلمان على هامش القمة”.
رئاسياً، وصلت المفاوضات بين قوى المعارضة والتيار الوطني والتغييريين الى طريق مسدود، لتعود الأمور مجددا الى المراوحة او الى المربع الاول في ظل تشتت قوى المعارضة وعدم توصلها الى تفاهم حول مرشح في وجه رئيس تيار المرده سليمان فرنجية. وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” إلى ان المفاوضات بين التيار الوطني الحر وحزب القوات باءت بالفشل نظراً الى تضارب في الرؤى وسط اندفاع حزب القوات الى مرشح يشكل تحدياً للثنائي في وجه فرنجية، في حين النائب جبران باسيل كانت طروحاته منصبة على الذهاب الى ترشيح شخصية لا تكون مستفزة لحزب الله. وأمام ذلك رجحت المصادر ذهاب باسيل تجاه حزب الله خاصة أنه يواصل استدراج العروض مقابل تأمين نصاب الجلسة وإعطاء أصوات نواب لبنان القويّ لفرنجية.
وأشار النائب عضو تكتل لبنان القوي النائب ألان عون، الى أنه “لا اتفاق مع المعارضة على مرشح بوجه الثنائي الشيعي إلا اذا كان من داخل تكتل لبنان القوي لأنه لا يعتبر حينها استهدافاً لهم، أما الاتفاق على مرشح مستقل فيحتاج الى توافق مع الثنائي”.
وأكد عون، أنه “مخطئ من يطمح الى استخدام التيار لضرب خصمه، ونحن هدفنا أن نكون جسر تواصل بين الفريقين وعدم ترشيح التكتل أي اسم هو من باب التسهيل”.
وقال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض يبدو جلياً أنه ما لم ننجز الاستحقاق الرئاسي ومن ثم تشكيل حكومة متوازنة وقوية وذات وزن تمثيلي واسع، لن نتمكن من الانتقال إلى معالجة مشاكلنا الاقتصادية والمالية، وهي التي تحتاج الى مسار معقد ومتعدّد المستويات تشريعياً وإجرائياً وحتى سياسياً”.
وتعقد لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب إبراهيم كنعان عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الاثنين، وذلك لدرس مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 9000 المتعلق بإنتاج الطاقة المتجدّدة الموّزعة. ومن المتوقع أن يشارك في الجلسة مسؤولون من البنك الدولي والبنك الأوروبي للإعمار والمؤسسة الدولية للتمويل.
ويعتبر هذا البند من الإصلاحات المطلوبة لإطلاق المشاريع الملحوظة في لبنان، بحسب مداولات النائب كنعان مع مسؤولي البنك الدولي خلال زيارته الأخيرة لواشنطن.
ويأتي هذا المشروع عطفاً على ورقة سياسة قطاع الكهرباء (2010) التي وافق عليها مجلس الوزراء في تموز 2010، والتي من أهدافها توفير ثلث الطاقة الكهربائية المطلوبة من خلال الطاقة المتجددة”.

الأخبار:

العابرون إلى فلسطين

جريدة الاخباروتحت هذا العنوان كتبت الأخبار “قدّمت المقاومة أمس، جانباً صغيراً من قدراتها الفنية والبشرية في مناورة عسكرية نادرة لحزب الله أمام مئات الصحافيين. رسائل بالجملة ورموز ووسومٌ تخللت العروض القتالية على بعد كيلومترات قليلة من «الخطّ الأزرق»، تكشف إصرار المقاومة على بناء القوّة لتحرير فلسطين. قالت المقاومة «سنعبر… فإذاً نحن عابرون»

ضبابٌ رقيقٌ، ارتمى على التلال والهضاب في الطريق من جزين إلى عرمتى، صباح أمس. الشمس اهتدت إلى الصنوبر والسنديان، فلمعت معها أزهار الأشواك البنفسجية وبعض شقائق النعمان الباقية فوق السفوح الخضراء. وعلى ضفتي الدرب إلى معسكر للمقاومة في «كسارة العروش»، التحمت بَتَلَاتُ الوزّال الصفراء برايات حزب الله.

كان يوماً مشوقاً لأكثر من 650 صحافياً وإعلامياً ومصوراً، لبنانياً وعربياً وأجنبياً، لبّوا دعوة العلاقات الإعلامية في الحزب، لحضور مناورة عسكرية تظهر استعدادات المقاومة، حملت اسم «سنعبر». مفارقة، تختصر الزمن والتحوّلات. قبل 23 عاماً، كانت الأرض محتلّة، وفوق هذه البقعة بالذات، أنشأ العدو الإسرائيلي وجيش العميل أنطوان لحد موقع بئر كلّاب الشهير.

مقاومة حديثة

من مدخل المعسكر نزولاً نحو باحة العرض، اصطفت يساراً آليات عسكرية، حملت أصنافاً متنوّعة من الأسلحة: صواريخ مضادة للدروع منسّقة على عربات خفيفة الحركة، راجمات صواريخ متعددة الأحجام والمديات، ومدفع 130 ميدان ضخم فوق شاحنة بتركيب محلّي! بينما توزّع جنود «الرضوان»، قوّة النخبة في حزب الله، طواقم فوق آلياتهم بعتادهم المميّز، وأقنعتهم المتّسقة مع بزاتهم المرقّطة، يخفون بها وجوههم عن مئات الكاميرات والهواتف، والبثّ المباشر… المسموح لكل من يرغب من الضيوف.

فريق التنظيم وجّه الكاميرات المحترفة نحو منصّة مخصصة للتصوير، وبقية الضيوف نحو منصّة ملاصقة، جلس في مقدّمها رئيس الهيئة التنفيذية في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا ومسؤول العلاقات الإعلامية محمد عفيف، بينما تربّع في وسطها منبر، ترجم منه صفي الدين بعد انتهاء العرض، رموز المناورة، وأعلن الرسائل المحدّدة للعدوّ الإسرائيلي.
كلّ شيءٍ أعدّ بعناية شديدة. ثقة المنظّمين بدقّة العمل واحترافية الجنود، سمحت بأن لا تبعد المنصة كثيراً عن ساحة العرض، رغم استخدام الذخائر الحيّة.
في البدء، استعرضت قوّة من الدراجات الناريّة مهاراتها في القيادة والقتال والعمليات السريعة، ثمّ قدّمت قوّة من المشاة حلقات من الاشتباك الفردي، تعكس تدريباً عالياً ومهارات متنوّعة، قبل أن يبدأ «الثقيل»، ويهزّ هدير العبوات الناسفة الأرض، وتنبعث رائحة البارود، وتنهمر الرّصاصات على نجمة داوود الزرقاء، وما تمثّل من أهداف رمزية لمواقع العدوّ.

تصاعدت الحماسة، وتصاعدت معها رمايات الأسلحة الثقيلة، من الصواريخ والقذائف، وسط هجوم على مستعمرة للصهاينة. أمطر المقاومون المواقع الدفاعية في المستعمرة المفترضة، قبل أن تتقدّم آليات خفيفة لتحريرها مع استمرار النيران نحوها، في لعبة شديدة الخطورة والحسابات. مصير المستعمرة كما أعلنه المعلّق العسكري، التدمير بعد التحرير. رسالة مدويّة من عشرات الرسائل، سيتردد صداها بين جدران كل بيتٍ مؤقّت، من مستوطنات الجليل إلى جنوب النقب.
يحتدم النزال في العرض، هنا عملية أسر آلية للعدو بخفة متناهية نفذتها دراجتان، وهناك عملية أسرٍ لجنود في دورية افتراضية مؤلفة من سيارتي رانج روفر، خلف سياج شائك. أقلّ من دقيقة، انتشل المقاومون الأسرى المفترضين وحولوا السيارتين إلى ركام، وانسحبوا بهم نحو الأرض المحرّرة. مشهد مكرّر معاد، يعيد إلى الذاكرة عملية شبعا وعملية خلة وردة. ثمّ تتدحرج المعركة، وتشترك الطائرات المسيّرة، الراصدة والقاصفة، قبل أن تعود لإلقاء التحايا على الحضور. أسلحة الدفاع الجوي لم تغب أيضاً، فظهرت بين أيدي المقاتلين صواريخ سام 16 المحمولة على الكتف، الروسية الصنع، ومضادات الطائرات المسيرة المحمولة من الأفراد.

أمّا درّة «العابرين»، فكان اختراق عشرات المقاتلين لمجسم جدارٍ وهمي كالذي يبنيه العدوّ ليحصنّ أمنه خلفه بين لبنان وفلسطين. نسف المقاتلون الجدار محدثين ثغرات متعددة، ثم اندفعوا نحو ساحة العرض، كأنها في الجليل، ولبنان خلف الجدار.
عرضٌ متكامل، لكن يصعب على من راقب قوّة حزب الله العسكرية في سورية، سلاحاً وبشراً، أن ينظر إلى حدث الأمس كمناورة فعلية. عمل الأمس استعراض للقوّة برموز ودلالات، بالأسلحة والقبضات والسواعد المشدودة، ورسائل سياسية وميدانية للعدّو، يُظهر بعضاً قليلاً من قوّة المقاومة وجاهزيتها للقتال.

إنه إعلان عن استراتيجية جديدة لمقاومة جديدة بتكنولوجيا حديثة تضاهي أحدث الجيوش، وجنود شديدي التنظيم والإصرار والعلم، يستطيعون تحويل كل فكرة ممكنة إلى عمل تكتيكي. إعلانٌ، عن عقولٍ مبدعة، تبتكر وتطوّر الأسلحة، تطوّع المادة لتدبّ فيها الروح، فلا يعود مهمّاً نوع السلاح ومصدره وهدف تصنيعه، شرقياً أم غربياً، إنّما كيفية توظيفه وتعديله للتماهي مع منظومة متكاملة من المعرفة والإرادة.
أمرٌ آخر في الشكل والمضمون، بدا عماد مغنيّة حاضراً في كل فعل. من صورته التي ارتفعت بعد أن أصاب قناصٌ من المقاومة أحد الأهداف الرمزية، إلى مشاهد الخطف، إلى كل جندي من جنود الرضوان أخفى وجهه أمس. ليس وفاءً فحسب، بل تمسّكاً بالنموذج والخطة والهدف الواضح والمحدد والدقيق: إزالة إسرائيل من الوجود.

تظاهرة إعلامية غير مسبوقة
منذ عام 2005، تخلّى حزب الله عن القيام بعروض عسكرية كما دأب على القيام بذلك منذ تأسيسه في يوم القدس العالمي من كل عام. حصلت حرب تموز، ثم الحرب على سورية، والكثير من محطات الصراع، من دون أن يفتح الحزب المجال للإعلام الغربي والعربي بتغطية نشاطاته العسكرية، تاركاً الأمر بين يدي الإعلام الحربي ووسائل إعلامه الرسمية. خطوة أمس، لاقت ترحيباً لدى غالبية وسائل الإعلام، حتى الغربي منها، الذي حظي بمشاهد جذّابة، بمعزل عن التموضع السياسي لهذه الوسائل. تميّز الحضور بطيفٍ متعدد وواسع من المشاركين من دول غربية وآسيوية، في عملية لوجستية ضخمة لتأمين انتقال عدد كبير من الصحافيين، والسماح للجميع بتصوير كل شيء تقريباً، وعلى الهواء مباشرةً. ووصف مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف الحدث بأنه «أضخم مناسبة في لبنان يشارك فيها هذا الكم من الصحافيين منذ مدّة طويلة جداً». وحول المواقف التي صدرت أمس لانتقاد المناورة أو تصويرها على أنها تهديد للبنانيين أو للعرب، شدّد على أن «موقع المناورة واتجاهها ورسائلها نحو الجنوب، والجنوب وحده، والذين يعترضون على المناورة يعترضون على المقاومة نفسها»”.

مناورة اقتحام الجليل: الكابوس يتحقّق

وتحت هذا العنوان كتبت الأخبار “لا يمكن العدو الإسرائيلي أن يتجاوز الرسائل الكامنة في مناورة حزب الله أمس، في المضمون والسياق والتوقيت. والمؤكد أنها ستحظى باهتمام المؤسسات المهنية ذات الصلة، تحليلاً واستشرافاً، كما هي الحال في كل محطة للمقاومة في لبنان وفلسطين. في هذا الإطار، أتت دعوة القناة 12 في التلفزيون الإسرائيلي إلى عدم الاستخفاف بهذا الحدث، في إشارة إلى ضرورة استيعاب مؤشراته. ومما يُعزِّز دوافع هذا الاهتمام أيضاً رسائل مضمون المناورة التي تلاقت مع مواقف حاسمة أطلقها رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين.

مع ذلك، ينبغي التمييز بين اهتمام المؤسسات الاستخبارية والعسكرية والسياسية التي لم يصدر عنها أي تعليق، وما يصدر في وسائل الإعلام الإسرائيلية مما قد يكون انعكاساً لما يدور في أروقة التقدير والقرار أو مجرد قراءات ذاتية تبقى بالإجمال مضبوطة بسقوف المؤسسة الرسمية. ولكن، بعد ساعات من المناورة، يمكن إجمال بعض موارد الاهتمام الإسرائيلي بهذا الحدث، بتركيز بعضها على خلفية إجرائها أمام مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية، والقدرات التي قرّر الحزب الكشف عنها وتهتم الاستخبارات العسكرية برصدها، وأيضاً في تمحور المناورة، بشكل رئيسي، حول عينة من استراتيجية اقتحام الجليل وأسر جنود والسيطرة على مستوطنات.

بعض المعلقين ووسائل الإعلام ربط بين المناورة والعدوان الأخير ضد الجهاد الإسلامي في غزة. إلا أنها، وإن كانت تشمل هذه المواجهة وما سبقها، تتجاوز في أبعادها ورسائلها إلى ما هو أبعد مدى وأوسع نطاقاً وأشد خطورة في ضوء التحولات التي تشهدها المنطقة. أضف أنه وفق منظور المؤسسة الرسمية الإسرائيلية، سياسياً واستخبارياً، وبغضّ النظر عما إذا كان سيتم التعبير عن ذلك لاحقاً أم لا، تشكّل المناورة محطة في سياق، لها اتصال بما قبلها وبما بعدها.
في المضمون، أبلغ الرسائل التي ستدوّي في كيان العدو أن حزب الله تعمد أن تحاكي المناورة سيناريو اقتحام مستوطنة وأسر جنود، وليس، مثلاً، التصدي لمواجهة قوة كوماندوس إسرائيلية أو لاعتداء إسرائيلي، ما يعني في ما يعنيه أن خيار اقتحام الجليل يندرج عملياتياً ضمن أولويات سلة الردود على أي عدوان. وهذا أمر، وإن كان حاضراً مسبقاً لدى قيادة العدو، لا يمكن أن يقرأه العدو في سياق منفصل عن التطورات التي تشهدها فلسطين والمنطقة.
لذلك، مما سيشغل الأجهزة الإسرائيلية محاولة معرفة التقدير الذي انطلق منه حزب الله في قرار إجراء المناورة، وما إن كان ينبع من معلومات أو تقديرات لديه حول حماقات قد ترتكبها إسرائيل، أم أنه يرى أن مسار التطورات في المنطقة قد يدفع العدو في هذا الاتجاه، أم هو خطوة تمهيدية لخطوات لاحقة، خصوصاً أن «التوقيت حساس للغاية على مستوى المنطقة» كما لفت إلى ذلك موقع I24news الإسرائيلي.

من الرسائل التي حضرت لدى بعض المعلقين أيضاً أن المناورة تتكامل مع مفهوم وحدة الساحات، وهو أمر أكد عليه السيد صفي الدين عندما شدد على أن «مقاومة اليوم هي قوة ممتدّة ومحورٌ كامل سيبقى يتطور من غزة والضفة والداخل المحتل ولبنان انطلاقاً من الجمهورية الإسلامية في إيران»، معتبراً أنَّ «ما يعمل عليه العدو للتفكيك بين جبهات المقاومة خيالي». ولا يخفى أن هذا السيناريو هو الأخطر على كيان العدو، ويشكل تطوراً نوعياً في المسار التصاعدي لمحور المقاومة. وقد فرض نفسه على مؤسسات القرار وشكّل الكابوس الأخطر على الجيش الذي أعلن رئيس أركانه هرتسي هليفي أنه سيطور قدراته وجاهزيته وفقاً لفرضية المواجهة على جبهات متعددة.
وليس بعيداً عما يدور في أروقة القرار والتقدير، أتت قراءة محللة الشؤون الأمنية والعسكرية في قناة «مكان» الإسرائيلية، إيال عليما، التي اعتبرت أن الخطير في المناورة هو الرسائل التي تبثها، كونها حاكت عملية تسلل إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود. ورأت أن «النغمة التي نسمعها تدل على جرأة حزب الله بالمبادرة إلى مخاطر مدروسة». واستحضرت في هذا السياق عملية مجدو وإطلاق الصواريخ من لبنان وإطلاق مسيرات نحو منصات الغاز قبل أشهر.

اللافت في المناورة أيضاً أن حزب الله قدم إجابات على مجموعة من الأسئلة الجوهرية حول أهدافها، بإطلاق مواقف دقيقة وحازمة. إذ جدّد رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله ملامح الرد على أي محاولة من قبل العدو لتعديل المعادلات بالقول «إذا ارتكب العدو حماقة وتجاوز قواعد اللعبة سنمطر هذا الكيان بصواريخنا الدقيقة وبكافة أسلحتنا التي نملكها، والعدو سيرى فعل الصواريخ الدقيقة في قلب كيانه»، وبما «لا تستطيعون رده وستشهدون أياماً سوداء لم تروا مثلها». ويؤشر هذا الموقف إلى أن مدى رد حزب الله سيتجاوز أي سقوف قد يتوهمها العدو انطلاقاً من تقديرات خاطئة. ومن المؤكد أن العدو سيلتفت أيضاً إلى دلالة كون الكلمة مكتوبة، ما يعني أن كل حرف فيها أتى بناء على قرار، وأنها تعبّر عن التوجه الرسمي لحزب الله.
وليس من المبالغة القول إن من المعطيات التي ستحضر لدى الأجهزة المختصة هو تعهد حزب الله بـ«إمطار» الداخل الإسرائيلي بالصواريخ الدقيقة التي لم يعد العدو يتحدث عن تقديراته إزاء الأعداد المتوافر منها لدى حزب الله، ما يُشير إلى أنه أدرك خطأ تقديراته ومعلوماته، وبأن حزب الله أصبح في الموقع الذي يمكنه من خوض مواجهة كبرى استناداً إلى ما يملكه منها ومن غيرها من المفاجآت.
في الأبعاد الداخلية اللبنانية، مع أن حزب الله حرص على طمأنة الداخل على لسان السيد صفي الدين، انطلاقاً من أن المقاومة هي قوة لحماية لبنان، إلا أن الرسالة والمؤشر الداخلي الأهم بالنسبة لكيان العدو، أن هذه المناورة تجسد فشل الرهان على متغيرات الداخل اللبناني التي كان سقفها الأعلى تخلي بيئة المقاومة عنها، وسقفها الأدنى أن يتحول الداخل اللبناني، ببعديه السياسي والاقتصادي، إلى قيد على حركة حزب الله في المبادرة والرد على اعتداءات العدو”.

المصدر: الصحف اللبنانية