الصحافة اليوم 21-8-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 21-8-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 21-8-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.

الاخبار:

جريدة الاخبارالحاكم في عزلته بين وسط بيروت والصفرا: لا هاتف يرنّ ولا باب يُطرق

ابراهيم الأمين

ما كان رياض سلامة ليتخيّل ما حصل معه. فجأة، وخلال ساعات قليلة، توقّف الرنين في هواتفه الثابتة والمحمولة. اكتشف الرجل أن أحداً من السياسيين والرسميين والوزراء والنواب وأصحاب المصارف والمودعين ورجال الأعمال والإعلام، لم يعد يرغب بالحديث معه. بعدما تعب هؤلاء في البحث عن طريق للوصول إليه، صار اليوم منبوذاً، فقط لأن أميركا، وفقط أميركا، قرّرت إشهار فساده.

خلال ثلاثين سنة، كان لرياض سلامة سحره على آلاف اللبنانيين من مستويات مختلفة. بعد اغتيال رفيق الحريري، صار الرجل صاحب الكلمة الفصل في غالبية الملفات المالية الخاصة بالحكومة ودوائرها. وقد أنفق الكثير من أموال مصرف لبنان لترتيب الأمور وفق ما كان يعتقد أنه الصواب. وكل الخسائر التي تسبّبت بها سياساته النقدية وتدخّلاته في السياسات المالية والاقتصادية كان لها منتفعون، قد يكون هو على رأسهم، لكنها لائحة تشمل غالبية ساحقة ممن تعاقبوا على مراكز القرار في الدولة وفي القطاع الخاص. كلّ هؤلاء لم يجد أحد منهم نفسه مديناً للرجل بشيء، ولا حتى باتصال هاتفي.

سلامة يحجز نفسه في مكان مجهول – معلوم، سواء كان رسمياً في منطقة الصفرا في قضاء كسروان، أو في وسط بيروت حيث يقيم وقتاً طويلاً في المجمع السكني الخاص بالرئيس سعد الحريري. وهو على قلق دائم، وينتظر ما هو أشد وأقسى، كون الملفات القضائية المفتوحة ضده في لبنان والعالم سترتقي خطواتها إلى مستوى اعتقاله في وقت غير بعيد. وبعدما فُرضت العقوبات الأميركية عليه، بات من كانوا يحمونه، من رجال دولة وقضاء وأمن وقانون، يخشون التعرض لعقوبات إن هم عرقلوا أعمال التحقيق، وهو سيف تنوي الجهات القضائية الأوروبية استخدامه أيضاً في وجه من تعتقد أنهم لا يتعاونون في التحقيقات حول ملفات سلامة وشركائه.

لكن، هل كان سلامة يتوقّع العقوبات؟

الواضح أن الرجل فوجئ. بل هو عبّر عن الأسف لأن العقوبات طاولت ابنه ندي، ووجد فيها طريقة لمنع الابن من تمويله، بعدما تمّ الحجز على غالبية أملاك الأب وأمواله. وهو لا يعتبر ابنه متدخّلاً في أعماله، ولا يفهم سبب فرض العقوبات عليه. لكنّه يقرّ بأنّه ربما استخفّ بالإشارات التي وصلته قبل مدة عن نية الأميركيين معاقبته، وربما تكون لديه تفسيرات كثيرة للخطوة. لكنّ أكثر الإشارات التي دفعته للبحث في الأمر جاءت في متن قرار فرض العقوبات على حسن مقلد، عندما جرت الإشارة، صريحاً لا تلميحاً، إلى علاقة عمل تربطه بمقلد الذي تتهمه واشنطن بأنّه واجهة لأعمال مالية تخصّ حزب الله.

يومها، كان لافتاً بث قناة «العربية» السعودية أخباراً عن قرب فرض عقوبات على سلامة، وعندما استفسر من جهات أميركية عن الأمر جاءه الجواب بالنفي، قبل أن يصدر بيان رسمي أميركي يشيد به. وقد تبيّن لاحقاً أن السفارة الأميركية في بيروت ومسؤولين في الخارجية الأميركية أبلغوا البيت الأبيض بأنّ وضع سلامة على قائمة العقوبات وهو يشغل منصبه، ستكون له آثار سلبية كثيرة على الوضع في لبنان، وتبيّن أن لدى السفارة في بيروت كما لدى الخارجية معطيات عن قرار مكتوب وجاهز في وزارة الخزانة الأميركية.

يعاني سلامة من «اكتئاب الظلم» ويراجع كل الوقت المرافعات الدفاعية ويكتب نقداً لتقرير التدقيق الجنائي

المتّصلون بالجانب الأميركي ينفون أي معطيات عن وعود قُطعت لسلامة بعدم شموله بالعقوبات. إلا أن واشنطن لم يسبق أن أوحت لأحد بقرب صدور قرار العقوبات. وهي لطالما استخدمت العقوبات كورقة ابتزاز، وبواسطتها جعلت شخصيات عاملة في الحقل السياسي أو الأمني أو المالي أو الاقتصادي، تتعاون كلياً مع أجهزتها المالية والأمنية. لكنّ واشنطن، على عهدها، تصرّفت وفق المنطق السياسي والأخلاقي الذي تعرفه. فهي عندما تستنزف هذه الشخصيات، وتقرر أن لا فائدة إضافية منها، تعمد إلى وضعها على لائحة العقوبات. وهذا يعرفه معظم رجال الأعمال الذين وضعتهم واشنطن على لائحة العقوبات، بعدما بقوا لسنوات يعقدون اجتماعات سرية في عدد كبير من دول أوروبا وأميركا الجنوبية وأفريقيا، ويقدّمون تقارير إلى مندوبين عن سبعة أجهزة أميركية تُعنى بالاستخبارات الخارجية أو الداخلية أو ما يتصل بقوانين تبييض الأموال ومكافحة التهرّب الضريبي والإرهاب. وقد قدّم بعض رجال الأعمال معطيات هائلة للأميركيين ظناً منهم أن هذا التعاون يحميهم ويمنع عنهم العقوبات. لكن، وفي أكثر من حالة، لجأ الأميركيون إلى معاقبة هؤلاء وقطع كل اتصال بهم. بل ملاحقة من قرّر مواجهة القرار بمواصلة العمل والمناورة والاحتيال على القوانين. مع الإشارة إلى أن دبلوماسيين أميركيين، أبرزهم ديفيد شينكر، عملوا بالتعاون مع لبنانيين ليسوا إلا «وشاة»، على ابتزاز رجال أعمال تعرّضوا للعقوبات، وأخذوا منهم أموالاً كثيرة بحجّة العمل على رفع العقوبات، إضافة إلى مكاتب محاماة أميركية تحصد عشرات ملايين الدولارات من هؤلاء ومن غيرهم من المشمولين بالعقوبات، ولم تنجح في رفع العقوبات إلا في حالات محدّدة.

عملياً، دخل سلامة القفص الأميركي الأسود. لكنّه يجد نفسه مضطراً لمواجهة أمور عدة دفعة واحدة. وهاجسه اليوم هو مقاضاته من قبل جهات كثيرة في لبنان والخارج، وقد تضاعف جهده لنفي الاتهامات الموجّهة إليه بعد فرض العقوبات عليه، وبدأ نبش دفاتره وأوراقه لتحصيل ما يفيده في المواجهة. وآخر الأخبار يشير إلى أنه بدأ يضع ملاحظاته على تقرير التدقيق الجنائي الذي أعدّته شركة «ألفاريز ومارسال»، وأنه يسعى إلى تقديم ردّ على الاتهامات التي وجّهها إليه التقرير الأولي.
وربما يتعرّف الجمهور، قريباً، إلى نسخة أخرى لرياض سلامة، إذا ما انضمّ إلى لائحة الخبراء أو الصحافيين الذين لهم رأيهم في ما يصدر من تقارير أو يُعدّ من مشاريع قوانين تخصّ عالم المال في لبنان.

عويدات يفتح تحقيقاً قضائياً استناداً إلى التدقيق الجنائي

لم يسبق أن تعرّض مسؤول لبناني لحصار كالذي يتعرّض له رياض سلامة. سجين في مكان غير معلن، يتجنب الظهور أمام الجمهور، ولا قدرة له على السفر. وهو الذي كان إلى ما قبل بضعة أسابيع، الرجل الأول في الدولة، يديرها كما يشاء بصفته الحاكم بأمر المال. غير أن «دولاب» سلامة برم سريعاً، فما إن خطا خارج المصرف المركزي حتى داهمته عقوبات الولايات المتحدة التي سبق أن حمته وغطّته على مدى 30 عاماً.

وبعد فرض وزارة الخزانة عقوبات على سلامة، انضمت الولايات المتحدة الى المسار القضائي الخارجي، عبر فتح مكتب المدعي العام في المقاطعة الجنوبية من مدينة نيويورك تحقيقاً قضائياً في ملف سلامة بحسب ما أوردت صحيفة «فايننشال تايمز» أمس. وبذلك، يكون سلامة موضوع تحقيق في أميركا وفي 7 دول أوروبية (فرنسا، ألمانيا، سويسرا، لوكسمبورغ، بلجيكا، موناكو وليختنشتاين). وقد جمّدت فرنسا أصوله وممتلكاته وأصدرت مذكّرة توقيف بحقه أدّت إلى ملاحقته من قبل الإنتربول الدولي، ولحقتها ألمانيا، إضافة إلى تجميد ممتلكاته في بريطانيا وكندا. كذلك تحقّق باريس مع حاكم المصرف المركزي الفرنسي السابق كريستيان نوايي بتهمة تقاضي رسوم استشارات من مصرف لبنان المركزي.

وفي لبنان، حيث جُمّدت أرصدة سلامة المصرفية تنفيذاً لقرار العقوبات الأميركي بعد الحجز على ممتلكاته بطلب رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، أنهى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات درس تقرير التدقيق الجنائي، وعلمت «الأخبار» أنه في صدد اتخاذ إجراءات بدءاً من يوم غد، إذ يُتوقع أن يعمد إلى تجزئة التقرير إلى ملفات عدة يُحوَّل كل منها إلى الجهاز القضائي المختص.

في موازاة ذلك، تتجه الأنظار الى موعد مثول سلامة أمام الهيئة الاتهامية في بيروت في 29 من الشهر الجاري. غير أن الهيئة تواجه معضلة عدم القدرة على تبليغ الحاكم، إذ لم تتمكن فصيلة قوى الأمن الداخلي المكلّفة بذلك من العثور عليه. وهو ما يبدو مثيراً للسخرية. لذلك يبقى الحلّ الوحيد هو إبلاغ سلامة لصقاً في مكان سكنه الأخير ولدى مختار البلدة وعلى أبواب المحكمة، وصولاً إلى إصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقه في حال لم يحضر إلى الجلسة. عندها، يكون بإمكانه التقدّم بطلب استرداد المذكّرة لقاء كفالة، إلا أن تنفيذ طلبه رهن بموافقة جهتين هما قاضي التحقيق والنيابة العامة.

بدء ملاحقة سلامة في نيويورك ومذكّرة توقيف تنتظره في بيروت

من جهة أخرى، أشارت معلومات إلى أن قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا الموكل بالتحقيق في ملف سلامة قبل أن تطلب هيئة القضايا كفّ يده، تقدّم أخيراً بطلب إجازة مرضية قبيل خروجه إلى التقاعد في تشرين الثاني. وإذا ما قبل الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله طلبه، يُصبح تعيين قاضي تحقيق مكانه متاحاً، ما يساهم إلى حدّ ما في حل مسألة توقّف التحقيق. على أن أيّ قاضٍ سيخلف أبو سمرا، بات ملزماً بالادّعاء على سلامة ومعاونيه وتوقيفهم نظراً إلى الوثائق والمستندات التي تدينهم، واستناداً إلى ما كشفه تقرير التدقيق الجنائي أخيراً. وفي هذا السياق، أوردت صحيفة «فايننشال تايمز» نقلاً عن أحد السياسيين أن سلامة لن يغادر لبنان لتجنّب توقيفه ومساءلته في الخارج، وأن هذا يناسب الطبقة السياسية اللبنانية لعدم تسريب أسرارها، وكذلك المصارف القلقة من تسريب معلومات حول التحويلات المالية التي قامت بها إلى الخارج لصالح كبار المودعين، وسط شائعة آخذة في الانتشار بأن سلامة أبلغ من يهمّهم الأمر بأنّه جمع ما لديه من معلومات عن «كبار القوم» على حافظة بيانات سيجري تعميمها في حال تعرّضه لأي مكروه.

حوارة تهشّم هيبة العدوّ: الفدائيون «لا يموتون أبداً»

رام الله | لم تكن عمليّة حوارة التي وقعت ظهيرة أول من أمس، السبت، وقُتل فيها مستوطنان، مجرّد عمليّة فدائية ضمن سلسلة العمليات التي تستهدف الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية المحتلّة، بل يمكن اعتبارها بمثابة زلزال أمني هزّ أركان المنظومة الأمنية الإسرائيلية والحكومة. وقد حملت هذه العمليّة النوعية، رسائل في أكثر من اتّجاه، فضلاً عن أنها جسّدت حقائق من حيث الزمان والمكان وآلية التنفيذ، لا يمكن تجاوزها. ولعلّ ما تقدَّم، يُفسّر الزيارة المستعجلة لرئيس الأركان، هرتسي هاليفي، وضباط الجيش، إلى موقع العمليّة.

تجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال حوّلت حوارة إلى ثُكنة عسكرية تنتشر فيها الدوريات على مدار الساعة، وعلى طول الطريق الرئيسيّ للبلدة، فيما أقامت، خلال الأسابيع الماضية، نقاطاً عسكرية على أسطح المباني والمنازل، إضافةً إلى نشر مئات كاميرات المراقبة، بهدف منْع العمليّات الفدائية ضدّ المستوطنين.

وخلال النصف الأول من العام الجاري، شهدت حوارة 169 عملاً مقاوماً: 28 عمليّة إطلاق نار، و3 عمليّات دهس، وعمليّة طعن واحدة، و7 عمليّات حرق منشآت وآليات وأماكن عسكرية، و17 عمليّة جرى فيها تحطيم مركبات ومعدات عسكرية إسرائيلية، و9 عمليّات إلقاء زجاجات حارقة ومفرقعات نارية، و44 نقطة مواجهة مع قوات الاحتلال، و19 تصدّياً لاعتداء المستوطنين، و36 عمليّة إلقاء حجارة، بالإضافة إلى 5 تظاهرات مندّدة بحصار البلدة والتضييق عليها. وهكذا، جسّدت حوارة، منذ بداية هذا العام، صورة مصغّرة عمّا يدور في الضفة الغربية؛ فبينما يستهدف المستوطنون منازل المواطنين بالحرق ورشق الحجارة وإطلاق النار، إلى جانب عمليّات الإعدام الميدانية التي ينفّذها جنود الاحتلال، يصرّ المقاومون على أن تبقى حوارة مقبرة لهؤلاء، لمواصلة تهشيم قوّة الردع الإسرائيلي، مستفيدين من موقع البلدة الواقع على الشارع الرئيسيّ بين شمال الضفة الغربية ووسطها (بين نابلس ورام الله) الذي يسلكه المستوطنون بصورة دائمة، ما يجعلهم صيداً ثميناً للمقاومين. وفي هذا الجانب، ذكرت صحيفة “معاريف” أن حوارة تحوّلت الى أكثر منطقة ساخنة بعد حصاد أرواح 4 مستوطنين وإصابة 7 آخرين، فيما تتصدّر أيضاً أعلى عدد قتلى وجرحى في صفوف الجيش والمستوطنين في الضفة الغربية منذ بداية 2023. وافتتح الشهيد عبد الفتاح خروشة العمليات الفدائيّة في حوارة، في الـ 26 من شباط الماضي، حين أردى مستوطنَين، لتتوالى العمليّات تتابعاً، وصولاً إلى العمليّة الأخيرة التي أسفرت أيضاً عن مقتل مستوطنَين. وفي التفاصيل، وصل القتيلان من أسدود إلى حوارة صباح يوم السبت، لإجراء بعض التصليحات في مركبتهما، وأثناء ذلك، وصلت معلومة للفدائي بوجودهما في محطّة لغسل السيارات، فانتقل إلى هناك وأطلق النار عليهما من مسافة صفر، وفق ما وثّقته الكاميرات.

في هذا الوقت، تسعى المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية إلى تدارك فشلها المدوّي بعد عمليّة حوارة، من خلال نشر تفاصيل تخفّف من وطأة الفشل الأمني والاستخباري، والزعم بأن المنّفذ كان على دراية بمكان وجود المستوطنَين وهاجمهما أثناء ضجيج عمل آلات غسل السيارات، في ما يفسّر عجز الجيش عن سماع إطلاق النار، على الرغم من وجوده بشكل دائم في المنطقة. ولكن ذلك يخالف ما جرى، إذ تمّ التبليغ عن عمليّة إطلاق نار، ساد الاعتقاد بأنها “جنائية”، وبأن المستهدَف فيها فلسطينيَّان اثنان. ولذلك، لم يكترث جنود الاحتلال، وتأخّروا لنحو نصف ساعة للوصول إلى المكان، حيث سبقهم الإسعاف الفلسطيني، فيما كان الفلسطينيون قد بدأوا يتناقلون معلومات عن القتيلَين وصورتهما وهويتهما على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد استطاع المنفّذ الانسحاب من المكان بهدوء.
هشّمت عمليّة حوارة قوّة الردع الإسرائيلي، ونسفت نظريّة أمن مستوطني الاحتلال، وإجراءاته العسكرية، وأثبتت قدرة المقاومة على ضربه في أكثر الأماكن تحصيناً واستنفاراً. وفي هذا الإطار، ذكر موقع “واللا” العبري أن “عمليّة واحدة قاتلة كشفت نقاط فشل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية… حوارة تحوّلت إلى مسار دموي بالنسبة إلى الإسرائيليين”، مضيفاً: “في المؤسّسة العسكرية، حاولوا تقليص المخاطر في المنطقة من دون نجاح. فبعد العمليّة الأولى في حوارة في شباط الماضي، أدركت المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية أن العملية القادمة مسألة وقت فقط”.

وجاءت عملية حوارة في وقت انتظر فيه الفلسطينيون ردّاً على جرائم الاحتلال والمستوطنين الأخيرة المتمثّلة في اغتيال عدد من الشهداء في جنين ونابلس، واعدام مستوطن لفتى قرب رام الله. وراكم انسحاب منفّذ العمليّة من المكان وعجز قوات الاحتلال عن الوصول إليه حتى الآن، على الرغم من عمليّات الاقتحام الواسعة التي تنفّذها في عشرات القرى والبلدات المحيطة بحوارة، من فشل العدو. كذلك، بدا لافتاً أن ما يؤرّق الاحتلال هو دقّة التنظيم والتخطيط والتنفيذ، وسط ارتباك المنظومة الأمنية في كشف تفاصيل العمليّة، والتي قالت، في بداية الأمر، إنه جرى تنفيذها من سيارة مسرعة وببندقية رشاشة، ليتبّين لاحقاً، عقب انتشار مقطع مصوّر، أنها نُفّذت بمسدّس وأن المنفّذ كان على قدميه. كذلك، كرّست عمليّة حوارة حقيقة أن الردّ على جرائم الاحتلال والمستوطنين سيتحقّق في مكانه وزمانه المناسبَين، وبالتالي، فإن خيار المقاومة الذي تحاول إسرائيل اجتثاثه، يبدو فاعلاً ومؤثّراً وقادراً على ضربها.

ارتفع عدد القتلى في عمليّات المقاومة إلى 33 منذ بداية العام الجاري

وعلى رغم أن قوات الاحتلال لا تمتلك معلومة حول ما إذا كانت العمليّة فردية أو بتنظيم وتوجيه إحدى فصائل المقاومة، إلّا أن معطياتها مقلقة وتدلّ على ارتفاع جودة التخطيط والإتقان والشجاعة في التنفيذ، واجتياز العقبات الأمنية والاستخبارية. وإذ لم تتضّح بعد التأثيرات التي ستتركها عمليّة حوارة على حكومة الاحتلال والمؤسّسة الأمنية، إلا أن تأثيرها عليهما يبدو أكيداً، وخاصّة في ظلّ المأزق الداخلي لحكومة نتنياهو، وحالة الصدام مع المؤسّسة العسكرية وضباط الجيش وقادته الذين يتحدّثون علانية عن تراجع كفاءة القوات المسلّحة، مع ازدياد حالات رفض الخدمة فيه.

وكما كان متوقّعاً، فقد ارتفع مستوى التحريض ضدّ الفلسطينيين بعد العمليّة، إذ شنّ المستوطنون سلسلة اعتداءات على بلدة حوارة والقرى والبلدات المجاورة لها والشوارع الخارجية الرابطة بين المدن والقرى الفلسطينية، كما خرجت دعوات لمحو البلدة أَطلقها غلاة المستوطنين المتطرّفين، من مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ونائب رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية، وأيّده في ذلك وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وطالبت صحيفة “إسرائيل اليوم” بشنّ عملية عسكرية في الضفة تستعيد الردع لعشرين عاماً قادمة، قائلة إن “المطلوب ليس عمليّة جراحية ودقيقة، بل المطلوب فوراً عملية من شأنها أن تعيد الرّدع”. وتابعت: “طالما أن نتنياهو ووزير أمنه ومجلس الوزراء السياسي لم يشرعوا في تنفيذ إجراء عسكري كبير على نطاق واسع، فمحكوم علينا أن نستمرّ في الحزن على أمواتِنا”. وانعكس ارتفاع حدّة المقاومة في الضفة، على حجم الخسائر في صفوف جنود الاحتلال والمستوطنين، إذ ارتفع عدد القتلى في عمليّات المقاومة إلى 33 منذ بداية العام الجاري، بينما بلغ عددهم طوال العام الماضي، 34 قتيلاً.

الجولاني يستكمل الانقلاب على رفاقه: حافظ أسرار «الهيئة» رهن التحقيق

بعد حملة شنّها زعيم «هيئة تحرير الشام»، أبو محمد الجولاني، على قياديين وأمنيين وشرعيين في تنظيمه اتّهمهم بالعمالة لـ”التحالف الدولي” (الولايات المتحدة)، جاء توجيه الرجل التهمة نفسها إلى شريكه، وأحد أبرز الوجوه في جماعته (أبو ماريا القحطاني، الرجل الثاني في الهيئة، وعضو مجلس الشورى، العراقي ميسر بن علي الجبوري الهراري)، وسط أنباء متضاربة عن مصيره في الوقت الحالي، بين تأكيدات معارضي الجولاني أن القحطاني موضوع في الوقت الحالي في السجن، ونفي «الهيئة» هذه الأنباء عبر بيان رسمي، ذكرت فيه أن الرجل يخضع للتحقيق لا أكثر بعد أن تقاطعت إفادات المقبوض عليهم في وقت سابق حول العمالة لـ”التحالف”، بتورّطه في بعض القضايا.

بيان «الهيئة» الذي حاول التخفيف من آثار توقيف القحطاني عبر التأكيد أن التحقيقات تجري «وفق اللوائح الداخلية»، ذكر أن توقيفه جاء بعد أن توصّلت لجنة خاصة تم تشكيلها إلى أنه «أخطأ في إدارة تواصلاته من دون استئذان واعتبار لحساسية موقعه»، ليجري تجميد صلاحياته ومهامه، من دون أي تفاصيل إضافية حول القضية. وعلى عكس حملات الاعتقال والتوقيف السابقة التي نفّذها الجولاني ضد قياديين في جماعته، يُعتبر القحطاني الذي تم تناقل أنباء عن إصابته بالسرطان، «الصندوق الأسود» الذي يحفظ جميع أسرار «الهيئة» وزعيمها، كما يُعتبر مهندس الاتصالات بالنسبة إلى علاقات الجماعة الخارجية، وأحد أبرز رجالاتها في مشروع توسيع السيطرة على مناطق في ريف حلب. ويبرّر ما تَقدّم الاهتمام الكبير في الأوساط «الجهادية» باعتقاله، وسط توقّعات متفاوتة حول آثار هذا الاعتقال على بنية «الهيئة» ومؤسساتها التي شارك القحطاني في بنائها.

وبينما تتضارب المعلومات حول خلفيات اعتقال القحطاني، ترى مصادر «جهادية» تحدّثت إلى «الأخبار» أن اعتقاله كان أمراً مدبّراً من زعيم «الهيئة» في إطار مشروع «التخلّص من غير السوريين في جماعته»، والذي يهدف في محصّلته إلى «شرعنة الهيئة وتحويلها من فصيل جهادي إلى جماعة إسلامية معارضة مقبولة من الغرب»، خصوصاً أن «الهيئة» وثّقت خلال السنوات القليلة الماضية علاقتها بـ«التحالف»، وقدّمت للولايات المتحدة الأميركية مجموعة كبيرة من المعلومات المتعلّقة بجماعات «جهادية» منافسة، من بينها ما يُعرف بـ«جماعة خراسان» التي قامت واشنطن بتصفية معظم أفرادها، وبعض قياديي تنظيم «داعش»، ومن بينهم مؤسّسه وزعيمه الأسبق، أبو بكر البغدادي، وخليفته والزعيم السابق، أبو الحسين القرشي، الذي ادّعت أنقرة القضاء عليه، قبل أن يُصدر التنظيم بياناً يتهم فيه «تحرير الشام» بتصفيته.

المصادر التي ذكرت أن التحقيقات التي بدأتها «الهيئة» تناولت تورّط قياديين وأمنيين فيها في علاقات مع جهات خارجية بما يشمل تقديم معلومات وقوائم أسماء عن مقاتلين فيها، ومقاتلين وقياديين في صفوف فصائل أخرى، أشارت إلى أن التحقيقات بدأت بعد معلومات قدّمتها أنقرة لـ«الهيئة»، تم بموجبها القبض على أكثر من 100 عنصر وقيادي حتى الآن، بعضهم اعترف فعلاً بما نُسب إليه، موضحة أن الاتصالات التي أجراها القحطاني مع «التحالف» كان الجولاني على اطّلاع كامل عليها، ما يعني أن زعيم «تحرير الشام» يحاول عبر اعتقال الرجل الثاني في جماعته تحميله مسؤولية هذا التواصل، خصوصاً أن بعض الاجتماعات التي تمّت بين «الهيئة» ومسؤولين في «التحالف» ناقشت إمكانية نقل مقاتلين من إدلب إلى منطقة التنف، وهي نقطة أبدت أنقرة، وفق المصادر، معارضتها الشديدة لها، الأمر الذي وضع الجولاني أمام اختبار صعب، في ظل السيطرة المطلقة لتركيا على مناطق انتشار «الهيئة».

يبدو ما جرى «مغامرة قد تكون الأخيرة» في ظل شبكة العلاقات الواسعة التي يملكها القحطاني

ويُعتبر ما قام به الجولاني من انقلاب على «رفاق دربه» أمراً معتاداً، حيث انقلب في البداية على أبي بكر البغدادي الذي ساعد في تأسيس «الهيئة» (كانت حينها تحمل اسم جبهة النصرة)، وانقلب بعدها على تنظيم «القاعدة» الذي مثّلت جماعته فرعه في سوريا حتى عام 2016، كما انقلب على فصائل «جهادية» عديدة خلال مسيرته منذ تأسيس جماعته عام 2012 وحتى الآن، بالإضافة إلى انقلابه على كثير من «رفاق دربه» في «الهيئة». ويخوض الرجل في انقلابه الأخير على القحطاني ما تعتبره مصادر «جهادية» بمثابة «مغامرة قد تكون الأخيرة»، في ظل شبكة العلاقات الواسعة التي يملكها القحطاني، سواء في مناطق نفوذ «الهيئة» أو حتى مع جهات خارجية، ما يُنذر بآثار عميقة على بنية «تحرير الشام»، وهو أمر يعرفه الجولاني جيداً. وعلى رغم ذلك قرّر خوض تلك المغامرة في ظل «عدم وجود مساحات أخرى للمناورة»، وهو ما لا يبرّره إلا سعيه للتخلّص من أحد أكبر القياديين الذين قد يشكلون خطراً على تفرّده في حكم جماعته، لتبقى آثار هذا الانقلاب رهينة بالتطورات اللاحقة خلال الأيام المقبلة.

العراق | واشنطن تكثّف تحركاتها غرباً: توطئة لمواجهة جديدة؟

أثار تعزيز الولايات المتحدة قواتها العسكرية على الحدود العراقية – السورية قلقاً لدى مسؤولين ومراقبين عراقيين، في ظل وجود مخاوف من استهداف القوات الأميركية لفصائل مسلحة تابعة لـ«الحشد الشعبي»، في حال تهديد الأخيرة مصالح واشنطن في البلاد

بغداد | خلال الأسبوع الماضي، ضاعفت القوات الأميركية تعزيزاتها العسكرية، والتي تضم آليات ثقيلة وخفيفة وجنوداً على الحدود العراقية – السورية، في اتجاه مدينة القائم غربي العراق. كما أجرت قوات “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن، تدريبات عسكرية شاركت فيها الطائرات الحربية، في قاعدة «كونوكو» في ريف دير الزور الشمالي، حسبما نقلت مواقع سورية. وكان قائد عملية «العزم الصلب» في قيادة قوة المهام المشتركة في العراق وسوريا، الجنرال الأميركي ماثيو ماكفرلين، قد تحدّث، الخميس الماضي، عن مراقبة “التحالف” لتهديدات تقودها جماعات في العراق على منصات التواصل الاجتماعي، تشير إلى استهداف قواعد البعثة العسكرية الدولية.

وأتى هذا بينما نقلت منصات إعلامية سورية، عن تقارير صحافية، أنباء عن نية القوات الأميركية الموجودة في قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار، غلق الشريط الحدودي مع سوريا. كما تداولت منصات رقمية في العراق أخيراً، أنباء ومقاطع فيديو تظهر تحركات عسكرية أميركية على الحدود مع سوريا، لكن لم يتم التحقّق من صحتها، ولم يصدر موقف رسمي من السلطات العراقية إزاء ذلك. لكن المتحدث باسم البنتاغون نفى نشر قوافل عسكرية أميركية في العراق، معتبراً تلك مجرد مزاعم لا أساس لها.

وبالتزامن، نشر الجيش العراقي، السبت الماضي، مضادات جوية على أسطح البنايات الحكومية، في مناطق متفرقة من بغداد، ما أثار خوفاً وهلعاً لدى سكان العاصمة. وردّ المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، اللواء تحسين الخفاجي، على الضجة التي أثارتها مواقع التواصل حول تلك الإجراءات وربطها إياها بزحف القوات الأميركية، بأن إجراءات المضادات الجوية اعتيادية وهدفها «حماية سماء العراق من أي اعتداء، أو خرق، أو تهديد أمني تتعرض له البلاد». ويتداول العراقيون باستمرار مقاطع فيديو قديمة عبر منصات إلكترونية، لمسؤولين وناشطين عراقيين مؤثرين ومنهم السياسي المعارض فائق الشيخ علي، وهم يزعمون نية “التحالف الدولي” تغيير النظام الحالي في بغداد خلال عام 2024.

ويفيد مسؤول أمني عراقي، ل «الأخبار»، مشترطاً عدم ذكر اسمه أن «تحركات القوات الأميركية الأخيرة، ليست جديدة، وإنما منذ شهر تموز الماضي تم إبلاغ الجانب العراقي بها، وذلك لحماية مصالح واشنطن وجنودها في البلاد، ولا سيما بعد عودة الهجمات ضد منشآتها التي تُتَّهم فصائل مسلحة باستهدافها بصواريخ وعبوات ناسفة». ويضيف أن «الأميركيين بدأوا يركّزون على المحافظات التي تتواجد فيها الفصائل، مثلاً في كركوك والأنبار، وتحديداً في قضاء القائم، وناحية جرف الصخر في شمال محافظة بابل وغيرها. ولهذا، بدأت التحركات العسكرية والطلعات الجوية لردع تلك المجاميع التي تهدّد المصالح الأميركية». ويحذر المسؤول الأمني من «أي نشاط يصدر من الفصائل المسلحة ضد القواعد والمصالح الأميركية، ولا سيما أن حكومة محمد شياع السوداني تسعى إلى التهدئة وتوطيد العلاقات مع واشنطن».

من جانبه، يرى النائب عن كتلة «الصادقون» النيابية، الجناح السياسي لحركة «عصائب أهل الحق»، حسن سالم، أن «قوات الاحتلال الأميركي لديها تحركات مشبوهة سواء في العراق أو داخل الأراضي السورية، وأهدافها باتت واضحة وتترجم حجم الانكسار الواضح لديها في المنطقة، وخاصة داخل بلادنا». ويدعو سالم، في حديث إلى «الأخبار»، السوداني إلى الوقوف على مجريات الأمور، متسائلاً: «لماذا تقوم قوات الاحتلال الأميركي بتعزيز قواتها العسكرية بالعتاد والذخيرة والآليات؟ هل هنالك مصيبة ستحدث في العراق أم ماذا؟». وينبّه قوات «الحشد الشعبي» والفصائل من غدر الاحتلال، واستهدافه قواطعها العسكرية، «وهذا ليس بالجديد، بل حصل ذلك في القائم وغيرها واستشهد على إثره خيرة مقاتلي الحشد الشعبي». ويضيف: «لا نستغرب أي فعل تقوم به أميركا، كونها الشيطان الأكبر والشر الأكبر على العراقيين». ولا يستبعد أن «يكون وراء الضجة والتحركات نشر أكثر من ألفي جندي أميركي جديد في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، فضلاً عن نقل آليات عسكرية وطائرات حربية جديدة». وأكثر من مرة، أكدت السلطات العراقية أنه ليست هناك قوات قتالية أميركية على أراضيها، وإنما وجودها يقتصر فقط على التدريب والاستشارة، بينما تشكّك فصائل المقاومة في تلك الرواية الرسمية، وتطالب بإخراج كل القوات الأجنبية.

مسؤول أمني: الأميركيون بدأوا يركّزون على المحافظات التي تتواجد فيها فصائل المقاومة

بدوره، يرى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، ياسر وتوت، أن «العراق يشهد استقراراً أمنياً في الوقت الحالي، وتحقّق هذا هو نتيجة سياسة الحكومة الحالية في علاقاتها الودية مع الجميع». ويؤكد لـ«الأخبار» أن «لجنته تتابع كل التحركات الأمنية في البلاد، وأن الحكومة تتعامل مع قوات التحالف لغرض الاستشارة وتدريب قواتنا الأمنية، وتبادل الخبرات العسكرية المتطورة». ويتابع وتوت أن «التحركات الأمنية في المنطقة عامة والعراق خاصّة، تجري باتفاق مع السلطات العراقية، وليست هناك مخاوف كما يُروَّج لها في مواقع التواصل الاجتماعي».

أما اللواء الركن المتقاعد، عماد علو، فيعتقد أن «التحركات العسكرية الأميركية وإعادة التموضع والانتشار في شرق البادية السورية، يأتي في إطار التنافس والتدافع على ثروات هذه المنطقة الاستراتيجية، بين القوى الكبرى، وخاصة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا». ويضيف، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الاحتكاكات المتكرّرة التي حدثت بين طيران روسيا وأميركا، لم تكن محض صدفة»، لافتاً إلى أن «هذا التموضع الجديد ونشر القوات من الجانب الأميركي هو لفرض رؤية معينة وإرادة معينة حول تقاسم الثروات والنفوذ». ويتابع أن «القوى السياسية العراقية تتّخذ هذه التحركات ذريعة لاستخدامها كورقة انتخابية، في إطار انتخابات مجالس المحافظات، وأيضاً لأغراض التدافع السياسي وافتعال أزمة لتوجيه أنظار الشارع إليها». ويعتقد أن «القوات الأميركية في سوريا لا تشكل خطراً على العراق، وأن ما يُطرح عن إعادة احتلال العراق مسألة غير منطقية، وأن الولايات المتحدة منشغلة بقضية مواجهة روسيا والصين على الساحة الأوكرانية». ويضيف أنه «ليس هناك مقاطعة بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية. والدليل زيارة الوفد الأمني العراقي الأخيرة إلى واشنطن برئاسة وزير الدفاع وعضوية رئيس أركان الجيش ورئيس جهاز مكافحة الإرهاب. وهذه الزيارة هي مؤشر إيجابي وليس سلبياً ولا يدلّ على وجود أزمة حقيقية بين إدارتي بغداد وواشنطن».

وفي المقابل، وصف سفير إيران لدى العراق، محمد كاظم آل صادق، التحركات الأخيرة للأميركيين في المنطقة، بأنها «مُقلقة» و«مناهضة للسلام والاستقرار في المنطقة». وفي طهران، أكّد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، لوسائل إعلام إيرانية، أن التحركات العسكرية الأميركية في العراق، تأتي خلافاً للمطالب الرسمية المعلنة للحكومة العراقية، كما تتعارض مع موقف البرلمان والشعب العراقييْن، ومن هنا يمكن أن تجرّ المنطقة إلى التوتر وتسوقها إلى ظروف كارثية.

اللواء:

صحيفة اللواءهجوم كنَسِي – قواتي على الثنائي.. وحزب الله يُراهن على الحوار مع باسيل

المعارضة تتَّجه لتعويم أزعور.. وفتح تحقيق أميركي في قضية سلامة

رسائل «التراشق» من بعيد، بقيت في الواجهة مجدداً، حول انتخابات الرئاسة الأولى، وانتظام ما يُعرف بـ «عمل المؤسسات» بعد ملء الشغور الرئاسي، لتكرّ سبحة الحكومة، وجلسات الثقة، والتعيينات، والتشريع..
ولكن السؤال البدهي: كيف العبور من منطقة الفراغ، الذي «يهدم الجمهورية» حسب تعبير البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الى منطقة الإمتلاء الدستوري، والمؤسساتي، الذي يعيد بناء الجمهورية ودفعها إلى الأمام؟

لاحظت مصادر سياسية انه في الوقت الذي تدور فيه التباسات حول ما اذا كان الوسيط الفرنسي جان- إيف لودريان سيأتي الى بيروت في ايلول أم أن أمراً ما طرأ على الموقف، فعدل المجيء او أقله عدَّل المهمة، التي تعرضت لممانعة مسيحية من الحوار مع حزب الله، لاحظت هذه المصادر ان الفجوة في المواقف تزداد عمقاً، مع انضمام بكركي الى مواقف التشدد النيابي لا سيما المسيحي والماروني، ويمضي حزب الله الى الرهان على مرونة لمسها مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وهو يبادله بمثلها، علهما يصلان في نهاية الحوار الدائر بينهما على اتفاق يقضي بتأمين النصاب الدستوري، لانتخاب النائب السابق سليمان فرنجية، مقابل سلة تعهدات لا تقف عند اللامركزية المالية والادارية الموسعة..

ولئن كان الرئيس نجيب ميقاتي، يلوّح بين الفينة والأخرى بالاعتكاف، من دون ان يكون في هذا الوارد اقله قبل عودة لورديان، المرتقبة في غضون اسبوعين او ثلاثة، فإن «مبارزة الديوك» تبقى هي السائدة بين عين التينة وفريق النائب باسيل، لجهة الجهة التي لها اليد الطولى في ترقب لبنان بلد نفطي أو على السكة النفطية.

وحسب مقربين من عين التينة، فإن هذا الملف في اولويات الرئيس بري، الذي سيتناوله الى جانب ملفات اخرى في كلمة له الجمعة في 31 آب لمناسبة مرور 45 عاماً على اختفاء الامام السيد موسى الصدر في ليبيا.

التصعيد

وعلى الصعيد الرئاسي، استمرت المواقف من نواب المعارضة برفض رسالة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان شكلا ومضمونا،التي تضمنت سؤالين للقوى السياسية حول مواصفات الرئيس وبرنامجه، ووصف بعض اركان المعارضة للرسالة بأنها «سابقة دبلوماسية وتجاوز لسيادة لبنان ودستوره»، عدا رفضها فكرة الحوار او اللقاء الى طاولة عمل مع الفريق الآخر المتمسك حتى الان بترشيح سليمان فرنجية.

ولوحظ خلال الايام القليلة الماضية استعادة اركان «التقاطع» بين احزاب المعارضة المسيحية والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، لترشيح الوزير الأسبق جهاد ازعور – المبتعد – بعد جلسة الانتخاب في 14 حزيران الماضي- وذلك في تصريحات لعدد من نواب هذه القوى، منها باسيل والدكتور بلال عبد الله واديب عبد المسيح وزياد حواط وغيرهم، بعدما غاب اسمه عن التداول الفترة الماضية نتيجة مسعى مجموعة الدول الخمس لتحقيق نوع من التوافق اللبناني على اسم الرئيس العتيد للجمهورية وبرنامجه.

لذلك وحسب مصادر سياسية متابعة، تقع استعادة تأكيد ترشيح أزعور من قبيل الرد المسبق على المسعى الفرنسي الجديد، ما قد يعرقل سلفاً مهمة لودريان المقبلة في بيروت او يؤدي الى تأخير زيارته المقررة مبدئياً اوائل ايلول، لحين جوجلة الادارة الفرنسية حصيلة مواقف الاطراف المعلنة والمرتقبة من الرسالة الفرنسية.

وبرأي المصادر، فإن بيان قوى المعارضة المشترك الاخير الصادر عن نواب القوات اللبنانية والكتائب و«حركة تجدد» وبعض التغييريين والمستقلين، يعبّر فعليا عن الرد على الرسالة الفرنسية، وهو تضمن عناوين خلافية كبرى لا يمكن للموفد الفرنسي ولا «لمجموعة الخمسة» تحت اي ظرف او مبادرة ان يوفرا حولها التوافق السياسي لإنتخاب رئيس للجمهورية اذا كان شرط انتخابه تبنّي كل هذه العناوين، بخاصة ان بيان المعارضة. ومع ذلك، يبقى المهم كيف سيتعاطى الفرنسيون مع مواقف المعارضة؟ وكيف سيواصل حزب الله حواره الرئاسي مع التيار الحر وكيف سيتمكن مع حلفائه من اقناع المترددين بإنتخاب سليمان فرنجية في حال عقدت جلسة انتخابية بتدبير او صفقة ما؟


بكركي تصبُّ جام غضبها

وفي تصعيد متدرج، يتماهى مع موقف بعض الكتل المسيحية، لا سيما كتلة القوات اللبنانية، صب البطريرك الراعي جام غضبه على من وصفهم بمعطلي انتخاب الرئيس، معتبرا هذا التعطيل بأنه يخالف الدستور ويهدم الجمهورية، ويبعثر السلطة، فالحوار الحقيقي والفاعل هو التصويت في جلسة انتخابية دستورية ديموقراطية. والمرشحون موجودون ومعروفون.

وتساءل الراعي من موقع الاتهام، فإلى متى يا معطلي انتخاب رئيس للجمهورية، تخالفون الدستور، وتهدمون الجمهوريّة، وتعطّلون الحياة الإقتصاديّة والماليّة، وتبعثرون السلطة، وتفقّرون الشعب وتهجّرونه إلى أوطان غريبة؟ خافوا الله ولعنة التاريخ! لقد شكرنا الله على عودة الممارسة الديموقراطية في اختيار الرئيس انتخابًا بين متنافسين ظهورًا جليًّا في جلسة 14 حزيران الماضي الانتخابية. لكن لم نفهم لماذا بُترت الجلسة بعد دورتها الاولى الاساسية، بمخالفة واضحة للمادة 49 من الدستور وفي هذه الايام تسمعونهم يتكلمون عن سؤال وجواب ولقاء وحوار. فالحوار الحقيقي والفاعل هو التصويت في جلسة انتخابية دستورية ديموقراطية. والمرشحون موجودون ومعروفون».

بدوره قال رئيس حزب «القوات» سيمر جعجع «على أن ما يريده «محور الممانعة» إما أن يكون الرئيس له أو لا يريد رئيساً،أكد أن القوات اللبنانية «تريد أن يكون الرئيس للبنان أو لا تريد رئيساً بكل بساطة.» وأردف «ماذا علينا أن ننتظر بعد اليوم من أجل المطالبة برئيس للبنان، فنحن لا نطالب برئيس لنا رغم أننا التكتل النيابي الأكبر والحزب المسيحي الأكبر».ولفت إلى أن «الفريق الآخر لا يملك قوّة ديمقراطيّة لإيصال مرشّحه إلى سدّة الرئاسة ويصر على وصوله وكأنه يريد منا أن نقوم بالإسهام لإيصاله «غصب عنا»، وهذا ما لن يحصل أبداً هذه المرّة».

وعلى صعيد الاتصالات بين القوى السياسية، قال لنائب المستقل النائب الدكتور غسان سكاف لـ «اللواء»: انه يقوم باتصالات ولقاءات بعيدا عن الاضواء والاعلام مع عدد من القوى السياسية والسفراء والفعاليات لمؤثرة بهدف الوصول الى توافق داخلي على انتخاب رئيس للجمهورية وإحداث فارق مع بعض المكونات السياسية للإتفاق على مرشح او اكثر مقبول نذهب به الى جلسات الانتخاب، لأن الرهان على الخارج لا يبدو مفيداً في ظل الانشغالات الدولية عن لبنان بأمور كثيرة. فلماذا نربط انفسنا برهانات خارجية لا نرى منها نتيجة بدل ان ننصرف الى الحلول والتوافقات الداخلية؟

ورأى سكاف ان مسعى للموفد الفرنسي لودريان فشل قبل ان يبدأ نتيجة الرسالة التي ارسلها للقوى السياسية والنواب، والتي نعتبرها مرفوضة بالشكل لتجاوزها السيادة اللبنانية والدستور اللبناني، وبالمضمون لأن مواصفات الرئيس لا تأتي بالرئيس بل الظروف السياسية التي تفرض المواصفات ثم الانتخاب. وقال: لذلك نعتقد ان لو دريان قد يؤجل زيارته الى بيروت لحين نضوج الظروف التي تسمح بالوصول الى حل، كما نعتقد ان الدعوة الى الحوار فيها نوع من المماطلة الداخلية والفرنسية بإنتظار بلورة الظروف المناسبة لحل ازمة الشغور الرئاسي.

وبينما لم يُسجل اي جديد في الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله: إنّ انتخاب رئيس للجمهورية هو مدخل ضروري وطبيعي لإعادة انتظام مؤسسات الدولة بما فيها تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تضع خطط التعافي وتبدأ مسيرة العلاج، وحزب الله مع انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، ولكن هذا يحتاج إلى تعاون مع آخرين، ولدينا مساعٍ في هذا المجال، وهناك حوار مع التيار الوطني الحر، وقد عقدت لقاءات في الأيام القليلة الماضية، ونناقش ورقة قدمها التيار، ولدينا وجهات نظر نتبادلها من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة للاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا الحوار نريده أن يصل إلى نتيجة، ونسعى لكي يصل إلى نتيجة، ولدينا مرونة متبادلة في تبادل الآراء والأفكار، وقد يؤسس ذلك لأرضية مشتركة لتوفير النصاب الدستوري والقانوني لانتخاب رئيس متفاهم ومتفق عليه، وهذا يفتح الباب أمام الحلول والمعالجات في المستقبل.

وصدر امس، عن المكتب الاعلامي للنائب طوني فرنجيه بيان اكد فيه انه «يتمسك بالحوار مع مختلف الأفرقاء، ويؤكد انفتاحه على الجميع»، غير انه نفى ما تم نشره حول زيارةٍ قريبةٍ له الى معراب للقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وقال انه عارٍ  من الصحة جملة وتفصيلاً.

أمنياً، انشغل لبنان خلال اليومين الماضيين بواقعة مداهمة حزب الله منزلاً في منطقة حي السلم يختبىء فيه ارهابي يدعى وسام مازن دلّة، شارك في التفجير الذي استهدف مقام السيدة زينب في دمشق الشهر الماضي، لكنه اقدم على القاء نفسه من الطبقة السابعة في مبنى سلامة الذي كان فيه.

وحسب آخر المعلومات، وبعد مداهمة الجيش للمبنى يوم السبت، باشر مديرية المخابرات استجواب والد القتيل عند شقيقته التي تسكن في البيت مع زورجها اللبناني اضافة الى عدد من اقربائه، لمعرفة تفاصيل اكثر عنه وعن زملاء له وما اذا كان بصدد القيام بأعمال ارهابية في لبنان كما تردد. على ان يتم لاحقا تسليم الملف الى النيابة العامة لمتابعة التحقيق والتوسع فيه.

وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لحزب الله امس السبت: وصلت معلومات إلى الجهات المعنية في الحزب عن دخول شخص سوري خِلسة إلى لبنان، وهو المسؤول عن التفجير الذي حصل في منطقة السيدة زينب، الشهر الماضي. وخشية مبادرته إلى القيام بأي عمل أمني، تمت ملاحقته، وعندما علم عن انكشاف مكان وجوده، رمى بنفسه من الطابق السابع ليفارق الحياة بعد نقله إلى المستشفى.

اما حكومياً وبإنتظار الدعوة الى جلسة جديدة لمجلس الوزراء، يعقد اجتماع اللجنة الوزارية المولجة متابعة ملف الكهرباء الساعة الرابعة بعد ظهر اليوم، لبحث معالجة توفير السيولة لمعامل الكهرباء والشركة المُشغلة لمعملي الزهراني ودير عمار تلافيا للعودة الى التعتيم.

وفي ظل سجال مستجد بين وزارتي الطاقة والمال حول باخرة فيول «مشبوهة» وحول تحويل الاموال، اعلن وزير الاشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميه، في بيان، انه «في مجلس الوزراء تم التأكيد على أن تغذية المطار ومرفأ بيروت بالكهرباء هي من الخطوط الحمراء، التي لا يمكن التغاضي عنها أبداً، لأنهما شرايين حيوية للبلد، وكذلك الأمر في ما يتعلق بصيانة الطرقات، والتي تعد أساسية في موضوع السلامة العامة والمرورية، ومن المستحيل إنجازها باعتمادات صفرية».

تحقيق أميركي في قضية سلامة

مالياً، وفي تطور جديد، كشفت صحيفة «الفايننشال تايمز» الاميركية ان مكتب المدعي العام الاميركي في جنوب نيويورك فتح تحقيقاً في قضية الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة.

وقالت الصحيفة الاميركية ان سلامة باقٍ في لبنان لتجنب الاعتقال والمساءلة في الخارج.

وفي المسار القضائي اللبناني، ينتظر سلامة قرار الهيئة الاتهامية في بيروت، التي تعود رئاستها الى القاضي ماهر شعيتو، مع انتهاء العطلة القضائية.

وكشفت الصحيفة ان سلامة ارسل «فلاش ميموري» الى الخارج، وضع فيها اسراراً في حال حدوث شيء سيىء له.

البناء:

البناءالأوبزرفر: نهاية القرن الأميركي… وبايدن يعيش على الأوهام البائدة باستعادة السيطرة

البريكس غدا: ولادة محور عالمي يمثل سكانيا واقتصاديا وعسكريا القوة الأولى في العالم

فلسطين تفرض إيقاعها على المنطقة: عمليات نوعية يوميا… وآخرها عمليات حوارة

كتب المحرّر السياسيّ

مع انعقاد قمة بريكس غداً بحضور عشرات الدول الراغبة بالانضمام إلى المجموعة التي تأسست من خمس دول هي روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، يبدو مصير الدولار كعملة دولية مهيمنة على الطاولة، ذلك أن الدول التي تشكل بيئة البريكس بين عضو أصيل وعضو مراقب وطالب انضمام، قطعت أشواطاً في التموضع على قواعد جديدة في ضوء تطورات دولية عاصفة تقول إن الهيمنة الأميركية على العالم تراجعت الى حد العجز، وإن صعود أقطاب عالميين جدد بات حقيقة ثابتة، وإن النظام العالمي الذي حكم العالم مع نهاية الحرب الباردة قد ولى الى غير رجعة، كما اعترف علناً وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن. وهذا يعني أنه يكفي وقوف العالم على مسافة واحدة من معسكري الشرق والغرب، حتى تعلن خسارة الغرب، لأن الشرق ينتقل من لا شيء والغرب ينطلق من كل شيء. وبعد فشل القمة الأميركية الأفريقية، والفشل في حرب أوكرانيا، وفقاً لما قالته الواشنطن بوست عن استنفاد كل فرص وخيارات الهجوم المعاكس في أوكرانيا دون جدوى، والفشل في التشويش على الاتفاق السعودي الإيراني، تبدو الآمال التي يعقدها الرئيس الأميركي جو بايدن على استعادة دولة واحدة من دول النفوذ الأميركي التقليدية، هي السعودية، مجرد أوهام وفقاً لما تراه الأوبزرفر، التي قالت إن “الرئيس الأميركي جو بايدن واهم في اعتقاده أنه قادر على تسجيل ثلاثة أهداف دفعة واحدة، سلام إسرائيلي – سعودي، اختراق في الموضوع الفلسطيني، وتفاهم بشأن إيران، والسبب هو أن “القرن الأميركي قد مضى بلا عودة”.

ولفتت الصحيفة في تقريرها، الى أنه “أمر غريب، تلك الطريقة التي يتراجع فيها التأثير الأميركي بالشرق الأوسط، وهو يسير على طريق تراجع الإمبراطورية البريطانية نفسه في المنطقة نفسها، ويبدو الأمر كما لو أن دول المنطقة بعدما تخلّت عن إمبراطورية متغطرسة ترفض واحدة أخرى. وببطء، تؤكد الأنظمة الديكتاتورية والحاكمة استقلاليتها، بعضها بطريقة ديمقراطية والمعظم بدون ذلك. وفي الوقت نفسه، تتقرّب من حلفاء جدد. ويعكس هذا تحولاً أساسياً باتجاه عالم متعدّد الأقطاب، لا تهيمن عليه قوة واحدة”.

قمة بريكس أمام جدول أعمال موسّع، لكن أهم القرارات المنتظرة تتصل بوقف التعامل بالدولار في التبادلات التجارية، وبقياس عدد السكان وحجم الاقتصاد الفعلي المبني على المواد الخام والسلع الحقيقية، وقياس القوة العسكرية المقاتلة الجاهزة لخوض الحروب، فلا جدال في أن دول البريكس تمثل القوة العالمية الأولى، ويكفي أن مجموع عدد سكانها ومساحة أراضيها أكثر من نصف مساحة وسكان العالم، وتعداد جيوشها ونوعية أسلحتها بقياس الحرب الدائرة في أوكرانيا، متفوقة على الغرب بكثير، وحجم اقتصادها بقياس حجم التبادلات يفوق حجم الاقتصاد الغربي، لكن مصدر القوة الأميركية الرئيسي المتبقي المتمثل باعتماد الدولار كعملة تبادل تجاري أولى، هو الذي يبدو على الطاولة غداً، وعندما ينتقل أكثر من نصف سكان العالم إلى خارج الدولرة، وعندما تتم المبادلات التجارية الكبرى خصوصاً النفط والغاز بعملات أخرى غير الدولار، فإن العالم الجديد يخطو خطوة هامة نحو الولادة، ويتحقق قدر نوعيّ من التوازن الذي لا تزال واشنطن تمارس حالة الإنكار في التعامل معه.

على خلفية هذا التوازن الجديد دولياً، ينشأ توازن مواز إقليمياً، حيث تعجز واشطن عن استعادة زمام المبادرة، وهي مرتبكة بسبب وضع كيان الاحتلال وأزماته، وعجزها عن مداواته، وتتقدم المقاومة في فلسطين وهي تقرأ كل المتغيرات وتبني عليها تصاعداً في حركتها، لتفرض إيقاعها على المنطقة، وتسجل كل يوم عمليات جديدة نوعية، لا يستطيع أحد ضمان عدم تحولها الى شرارة حرب إقليمية كبرى، تخشاها واشنطن وتخشى منها على مستقبل الكيان، وبالأمس كانت بلدة حوارة في محافظة نابلس تخطف الأضواء على وجهين لهذا الانزلاق إلى المواجهة المفتوحة، المقاومة من جهة، وخطر توحّش المستوطنين من جهة مقابلة.

لبنانياً، مزيد الفراغ ومزيد من الضياع ومزيد من الارتباك، ثلاثيّة تحكم المشهد الداخلي، مع بقعة ضوء دائماً محورها المقاومة، سواء عبر معادلات الردع التي تحمي ثروات النفط والغاز وقد اقترب القطاف، أو عبر ضمان عدم الانزلاق الى الحرب الأهلية، بحكمة قيادتها وروح المسؤولية عندها رغم التحريض والاستفزاز، بينما مسار الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر يبدو الباب الوحيد لفرضية إنقاذ الاستحقاق الرئاسي من المزيد من المراوحة القاتلة.

وفيما يفتح الأسبوع أيامه الأولى على أزمة كهرباء وتأمين رواتب وأجور القطاع العام نهاية الشهر الحالي، تترقب الساحة الداخلية عودة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان الى بيروت مطلع الشهر المقبل لإعادة تفعيل المبادرة الفرنسية والمسار الرئاسي وما يمكن أن يحمله لودريان في جعبته وما إذا كان سيغير مقاربته أو موعد زيارته بعد موقف قوى المعارضة السلبي من الحوار. لكن ما بين هذا وذاك، تتجه الأنظار الى نيويورك حيث يجتمع مجلس الأمن الدولي للتجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان في ظل مخاوف من تمرير تعديلات إضافية خلسة على القرار 1701 لجهة صلاحيات اليونفيل على غرار ما حصل العام الماضي، على أن وزارة الخارجية اللبنانية ستخوض معركة ديبلوماسية لإلغاء تعديلات العام الماضي. وهذا تمّ التوافق عليه في الحكومة وبين رئيسي الحكومة والمجلس النيابي، وفق ما علمت «البناء».

ويتوجه وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الى نيويورك غداً لمواكبة المشاورات الحاصلة بشأن التجديد للقوات الدولية سنة إضافية بدءاً من ١ أيلول المقبل، في محاولة لحث الدول الأعضاء في مجلس الأمن على الأخذ بمطالب لبنان، والتي ترتكز الى العودة عن قرار التجديد المتخذ في العام ٢٠٢٢ والذي يحمل الرقم ٢٦٥٠، واعتماد الصيغة القديمة بإقران دوريات اليونيفل بمواكبة من الجيش اللبناني.

ولفتت أوساط ديبلوماسية لـ»البناء» الى أن «تعديل صلاحيات القوات الدولية مطلب إسرائيلي بهدف إعاقة حركة المقاومة في جنوب الليطاني، وبالتالي تعزيز أمن المنطقة الحدودية من أي عمليات أمنية وعسكرية قد يقوم بها حزب الله، وبمعنى آخر تريد «اسرائيل» تحويل القوات الدولية الى شرطي حدود مع فلسطين المحتلة لحماية أمنها»، مشيرة الى أن «على الديبلوماسية اللبنانية أن تتمسك بصيغة القرار 1701 بما خص صلاحيات اليونفيل التي لا تستطيع التحرك إلا بالتنسيق مع الجيش اللبناني وعدم تخطي صلاحياتها ونطاق عملها الجغرافي كما حصل في حادثة العاقبية»، وعلمت «البناء» أن «وزارة الخارجية اللبنانية وضعت السفيرين الصيني والروسي في لبنان بالتحفظات اللبنانية على قرار تعديل صلاحيات اليونفيل وتمنّت على مندوبي الدولتين في مجلس الأمن دعم صيغة المشروع اللبناني في هذا الإطار». إلا أن الأوساط رجحت أن يصار الى «التوصل الى صيغة وسطية بين مشروع القرار اللبناني والمشروع السابق».

وعشية جلسة مجلس الأمن حول قرار التجديد لليونفيل، وقع إشكال وتدافع بين عدد من الشباب وقوات اليونيفيل قرب سهل الخيام عند مفرق الوزاني، فيما عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي الى إطلاق النار في الهواء ترهيباً من موقع العباد المعادي باتجاه الأراضي اللبنانية، على خلفية قيام أحد المواطنين برمي مفرقعة نارية باتجاه داخل الأراضي المحتلة.

ودعا النائب أيوب حميد ممثلاً الرئيس نبيه بري في حفل تأبين النائب السابق حسن علوية، إلى «تصويب قرار تعديل وجهة عمل القوات الدولية وأن لا يكرر لبنان الوقوع في الخطيئة كي لا يتحول دور هذه القوات الى مسار آخر لن يكون في مصلحة الاستقرار على مستوى الجنوب وعملها في الجنوب، ويجب أن نسعى بكل جدية لاستدراك هذا الخطأ الذي يمكن أن يستغله العدو لتحقيق مآربه وعدوانيته رغم ما يعانيه من حالة التفكك التي يتابعها العالم».

بدوره، أشار عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل النائب قبلان قبلان الى انه «اما وقد بدأت رحلة التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية وبدأت المرحلة الجديدة من تاريخ لبنان الاقتصادي الواعد، ولأن البطولات الوهمية تلعلع كالرصاص الخلبي، نعيد الى الأذهان جهداً جباراً استمر عشر سنوات خاضه مجلس النواب نبيه بري بشعار لا تنازل عن كوب ماء واحد ولا عن قطرة غاز من حقوق لبنان، وهو الذي استهلك العديد من المبعوثين الأميركيين والأمميين فما لان ولا تراجع ولم يبتدع لا مرسوم ولا قانون ولا نازع على ٢٩ ولا على ٩٩ بل اصرّ على اتفاق اطار يحفظ حقوق لبنان ويتمسك بثروته دون مقايضة على موقع ولا منصب، فكان له ما أراد وكان لهم الادعاء وفقط الادعاء». ولفت قبلان في تصريح له، الى انه «‏من الوزاني الى اتفاق الإطار، الشعب يعرف من يحمي حقوقه ومن تتلبسه الشعارات، ‏الف تحية وشكر لبري صمام الأمان، و»الفارغات رؤوسهن شوامخ».

الى ذلك، استقبل الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله مساعد وزير خارجية الجمهورية الإسلامية في إيران السيد مهدي شوشتري، بحضور السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني. وبحسب بيان صادر عن الدائرة الإعلامية في «حزب الله» تمّ عرض آخر المستجدات والتطورات في لبنان والمنطقة والاتصالات السياسية الجارية إقليميًا.

على خط رئاسة الجمهورية، يجري المبعوث الرئاسي الفرنسي سلسلة اتصالات بعيداً من الأضواء، مع الخماسي الدولي المتابع للملف اللبناني، ليبني على الشيء مقتضاه لجهة زيارته الى لبنان والخطوات المقبلة.

ولفتت مصادر سياسية لـ»البناء» الى أن «مهمة لودريان دونها عقبات أساسية ومبادرته قد لا يُكتب لها النجاح في المدى المنظور، لأن نجاح الفرنسيين مرتبط بمسار الوضع في المنطقة ومتوقف عند مواقف أطراف المعارضة الذين يرفضون الحوار ويضعون لاءات ويربطون الحوار بانتخاب رئيس للجمهورية وعلى بند وحيد هو سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية، ما يعكس مواقف دول الخماسية الدولية لا سيما الأميركيين والقطريين، فيما الموقف السعودي يترنح بين الأميركيين من جهة وتقدّم مسار الحوار مع الإيرانيين وإعادة تفعيل اللجنة العربية الخاصة بالوضع في سورية من جهة ثانية».

وتعمد وسائل إعلام المعارضة الى بث إشاعات لإيقاع الشرخ بين الثنائي الشيعي والوزير السابق سليمان فرنجية، كالقول إن الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب الله توصل إلى تفاهم على شخصية توافقية بديلة عن فرنجية، وأن الأخير يتفاوض مع حزب القوات اللبنانية عبر نجله النائب طوني فرنجية للتفاهم على مرشح مقابل، أشار المكتب الإعلامي للنائب طوني فرنجيه في بيان، الى ان «النائب طوني فرنجية يتمسك بالحوار مع مختلف الأفرقاء ويؤكد انفتاحه على الجميع، غير أن ما نشرته إحدى الصحف اليوم حول زيارةٍ قريبةٍ له الى معراب عارٍ عن الصحة جملة وتفصيلاً».

ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، أن «البلد بحاجة الى تضامن وطني لإنقاذه، لان الكيان كله على المذبح، فالبلد يعاني من أسوأ كارثة بتاريخه، لا يمكن إنقاذه بلعبة صوت أو صوتين. وهدم لبنان يبدأ من القطيعة السياسية لا من لعبة قمار نيابية، والصولد النيابي انتحار».

لفت قبلان إلى أن «بمعركة حماية الدولة، الشجاع من يقول لا وليس من يوزع الأوهام، وواجب القيادات الروحية والوطنية تأكيد التسوية الوطنية، لا المشاركة بأسوأ قطيعة تهدم الجمهورية، والمسؤولية هنا تاريخية وبحجم اللعبة الدولية التي تريد رأس لبنان»، مبيّنًا أنّ «الضرورة تعني إنقاذا وطنياً بحجم أزمة لبنان، لا بانتخاب ناطور أو الاتكال على ورقة يانصيب. وواقع البلد مفتوح على لعبة دولية تتوغّل بالداخل، والمطلوب اغتيال لبنان دستورياً ولن نشارك باغتياله».

من جهته، تساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال القدّاس السّنوي في الديمان، «ماذا يبغي أسياد تعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة وفق الدستور؟ فإنّهم يدركون أنّ حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع اتخاذ قرارات إجرائيّة، ويبتكرون قضيّة الضّرورة فيما الضّرورة واحدة وأساسيّة، هي انتخاب رئيس للجمهوريّة»، مشدّدًا على أنّكم «تهدمون الجمهوريّة وتبعثرون السّلطة، فخافوا الله ولعنة التّاريخ». وأشار الرّاعي إلى أنّ «لا أحد يفهم لماذا بُتِرَت جلسة حزيران الانتخابيّة بمخالفة المادّة 49 من الدستور، والحوار الحقيقي والفاعل هو التّصويت في مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهوريّة».

أمنياً، رمى أحد السوريين بنفسه من الطبقة السابعة في إحدى المباني في حي السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت. وتبين أن السوري يدعى وسام مازن دلة من مواليد بلدة التل العام ٢٠٠٠ وقدم الى لبنان مؤخراً ودخل بطريقة غير قانونية ومكث عند أقاربه في حي السلم.

وأشارت المعلومات إلى أن «دلة هو احد المتورطين الاساسيين في جريمة تفحير عبوة ناسفة في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق أثناء اقامة مجالس عاشوراء. وقد فر الى لبنان بعد الجريمة. وبعدما أظهرت التحقيقات التي أجراها أمن حزب الله في سورية عن علاقته بالجريمة، تمّت ملاحقته حتى عثر عليه في لبنان. وأثناء محاولة اعتقاله حيث يتواجد، شعر بالأمر وعمد الى الهروب والقى بنفسه من الشرفة ففارق الحياة بعد حين.

وتوجهت الجهات الرسمية إلى المكان وتابعت بالتعاون مع حزب الله الموضوع على الأرض، وأشارت المعلومات إلى أن «عملية الدهم مستعجلة بسبب ورود معلومات عن احتمال تحضيره لعمل أمني آخر في لبنان».

على صعيد آخر، كرّر رئيس القوات سمير جعجع اتهامه حزب الله بمقتل المسؤول القواتي الياس الحصروني، علماً أن الأجهزة الأمنية والقضائية المعنية لم تنته من التحقيقات ولم تعلن نتائجها. لا سيما أن بعض المعلومات المسربة من التحقيقات تشير الى أن مقتل الحصروني يعود الى أسباب مالية وشخصية ولا خلفيات سياسية، وهذا ما أكدته عائلة الحصروني أيضاً بعد وقوع الجريمة مباشرة.

وفي سياق منفصل، اعتبر رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك خلال الاحتفال التأبيني الذي أقامه الحزب في بلدة يونين لمناسبة أسبوع أحمد قصاص الذي قضى في الكحالة، أن «ما جرى في الكحالة لم يكن اعتداء ولا انتهاكاً لأي أحد، نحن حريصون على أهل الكحالة كحرصنا على كل اللبنانيين، والطريق العام ليس ملكاً لأحد إنما هو ملك جميع اللبنانيين». وسأل: «ما الذي جرى حتى يقوم بعض الإعلام والنواب بالتجييش والتحريض؟ إن ما حصل من تجييش ذكّر الشعب اللبناني بالماضي البغيض».

على صعيد آخر، كشفت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانيّة، أنّ «في حزيران 2021، بينما كان لبنان يعاني من أزمة ماليّة منهكة، هبط حاكم مصرف لبنان السّابق رياض سلامة في مطار لو بورجيه في باريس بطائرة خاصّة، حيث وجده مسؤولو الجمارك يحمل كميّات كبيرة من النّقود غير المصرَّح بها».

وأشارت إلى أنّ «سلامة الّذي يحمل الجنسيّة الفرنسيّة أيضًا، أَخبر ضبّاط الحدود في البداية أنّه كان يحمل 15000 يورو فقط. لكنّهم قاموا بتفتيش حقائبه، ووجدوا بدلًا من ذلك 84430 يورو و7710 دولارات. وعندما طُلب منه تبرير المبالغ غير المعلَنة، قال إنّه ببساطة «نسي» أنّ النّقود – الخاصّة به – كانت في حقيبته؛ كما تظهر سجلّات الشّرطة».

وعلمت «فايننشيال تايمز»، أنّ «مكتب المدّعي العام الأميركي في المنطقة الجنوبية من نيويورك، فتح تحقيقًا في قضيّة سلامة». وأفادت نقلًا عمن وصفته بسياسي لبناني رفيع، بأنّ «هناك «فلاش ميموري» أرسلها سلامة إلى خارج البلاد فيها أسرار عن عمله، تحسباً في حال حصل له أيّ مكروه».

المصدر: صحف