الصحافة اليوم 23-9-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 23-9-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 23-9-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

الصين وسورية توقعان اتفاقية الحزام والطريق والتزام صيني بالاستثمار وشراء المنتجات الزراعية شي: الشراكة الاستراتيجية مع سورية حدث مفصلي في عالم يسوده عدم اليقين وعدم الاستقرار الأسد: لتعاون استراتيجي واسع النطاق وطويل الأمد في مختلف المجالات… في عالم متعدد الأقطاب

البناءوتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” الحدث التاريخي الدولي والإقليمي كان مسرحه الصين أمس، حيث عقدت القمة الرئاسية الصينية السورية، التي شهدت توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين الدولتين، ومعها ثلاثة اتفاقيات منها اتفاقية المصادقة على انضمام سورية إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، مع إعلان الرئيس الصيني شي جين بينغ عن اهتمام الصين بشراء «المنتجات الزراعية السورية عالية الجودة». وقال الرئيس شي: «تُعدّ سورية من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة وهي كانت واحدة من الدول التي اقترحت مشروع القرار لاستعادة المقعد الشرعي للصين في الأمم المتحدة، على مدى سبع وستين سنة تظل العلاقات السورية الصينية صامدة أمام تغيرات الأوضاع الدولية، وتظل الصداقة تاريخيّة وراسخة مع مرور الزمن»، مؤكداً أن بلاده تحرص على تعزيز التعاون مع سورية في إطار مبادرة الحزام والطريق، وتدعم انضمام سورية لمنظمة شنغهاي كشريك للحوار، كما تدعم بشكل ثابت جهود سورية ضد التدخل الخارجيّ، وترفض تمركز القوات غير الشرعية على الأراضي السورية، وتحثّ الدول على رفع العقوبات والحصار الاقتصادي غير الشرعي، إضافة لدعمها بناء القدرات السورية في مكافحة الإرهاب.
الرئيس السوري بشار الأسد قال رداً على كلمة الرئيس الصيني، إن زيارته للصين مهمة بتوقيتها وظروفها حيث يتشكل عالم متعدد الأقطاب سيعيد للعالم التوازن والاستقرار، ومن واجبنا جميعاً التقاط هذه اللحظة من أجل مستقبل مشرق وواعد. وقال الرئيس الأسد: «أتمنى أن يؤسس لقاؤنا اليوم لتعاون استراتيجي واسع النطاق وطويل الأمد في مختلف المجالات، ليكون جسراً إضافياً للتعاون يتكامل مع الجسور العديدة التي بنتها الصين».
وأشار الرئيس الأسد إلى أن سورية تنظر لدور الصين البنّاء على الساحة الدولية وترفض كل محاولات إضعاف هذا الدور، كما أنها ترفض محاولات خلق توتر في بحر الصين الجنوبي وإنشاء تحالفات إقليميّة تهدف إلى ضرب الاستقرار في منطقة جنوب شرق آسيا. ولفت الرئيس الأسد إلى أن الصين دولة كبرى ومتقدمة وقوية اقتصادياً، لكنها لم تفقد إنسانيتها كغيرها من الدول المتقدمة، بل تلعب دوراً كبيراً في التوازن على الساحة السياسية وتؤسس لطريق جديد من التنمية يقوم على التعاون والربح للجميع، مؤكداً أن سورية ستبقى صديقاً وفياً للصين لأن ما يجمع بينهما هو المبادئ، كما أن الصين لديها أيضاً رؤية واضحة تجاه سورية ومنطقتنا عموماً. وشدّد الرئيس الأسد على أن سورية تدعم كل المبادرات التي تقدّم بها الرئيس شي جين بينغ لضمان مستقبل آمن للبشرية وتتمسّك بمبدأ الصين الواحدة. واعتبر الرئيس الأسد أنه ليس هناك فرق بين سورية وأوكرانيا وبحر الصين الجنوبي، فالغرب يستخدم هذه الساحات لإرباك الدول، لذلك يجب أن نواجه مبدأ القوة العسكرية بمبدأ القوة الناعمة المبنية على الأخلاق والتعاون الذي أقرّته الصين.
فيما تترصّد الأوساط السياسية أي خبر عن عودة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان الى لبنان، يواصل الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني جولته السرية على المسؤولين في محاولة للبحث عن تسوية سياسية برعاية قطرية تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، بهدف التشويش على المبادرة الفرنسية وبالتالي إفشالها وفق ما تشير أوساط سياسية لـ»البناء». وأوضحت الأوساط أن لا مبادرة قطرية جدية، وإن كان هناك مبادرة فلا تحظى بموافقة اللجنة الخماسية، وبالتالي لن تؤدي الى نتيجة، كما المبادرة الفرنسية. والحل برأي الأوساط الحوار بين القوى السياسية، وفق مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري كمدخل وحيد لانتخاب رئيس للجمهورية.
وتردد أن الموفد القطري التقى الرئيس بري في عين التينة، لكن لم يصدر أي تأكيد، ومن المتوقع أن يزور الموفد القطري رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد اليوم وفق ما تردد.
وأفيد أن الموفد القطريّ طرح على مَن التقاهم المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري كمرشح لرئاسة الجمهورية.
في المقابل لفت مصدر مقرّب من السعودية لــ»البناء» الى أن الحراك القطري غير منسّق مع السعودية ولا مع اللجنة الخماسية، بل حراك منفرد ولن يؤدي الى نتيجة، والحل بالبحث عن خيار ثالث من خارج المرشحين التقليديين. وأوضح المصدر أن «السفير السعودي في لبنان وليد بخاري نقل لكل من التقاهم موقف بلاده المتمسك بتطبيق قرارات اللجنة الخماسية الذي صدر منذ أشهر ودعم الحوار بشرط تزامنه مع عقد جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس». وجزم المصدر بأن «المملكة لا تؤيد أو تتبنى أي مرشح ولم تطرح على أحد أسماء، بل تنتظر أن يبادر مجلس النواب الى تحمّل مسؤوليته وممارسة دوره بانتخاب الرئيس وبعدها تحدّد السعودية موقفها من الرئيس وبرنامج عمله وسياساته».
واستقبل نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو، حيث دار نقاش حول موضوع الاستحقاق الرئاسي ومهمة جان إيف لودريان والمرحلة التي وصلت إليها. كما تمّ عرض لأفكار عدة من شأنها تسهيل المساعي الفرنسية بغية إنجاح هذه المهمة والتوصّل الى انتخاب رئيس للجمهورية.
وكشف وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب، إلى أن «المبادرة الفرنسية «ماشية»، لكن بمفردها»، مؤكّدًا أنّ «لا خلاف بين أعضاء اللجنة الخماسية خلال اجتماعها في نيويورك، لكنّه لم يحصل اتفاق ما أدّى إلى عدم إصدار بيان».
وأشار، في حديث تلفزيوني من نيويورك، إلى «أنّ القطريّين سألوا فرنسا عن المدّة الزّمنيّة لمهمّة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، ولكن لم يكن هناك جواب فرنسي»، مشدّدًا على أنّ «ما يهمّ الأميركيّين هو أن تحصل الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن، لأنّهم يخافون من الوضع في لبنان ومن استمرار الاقتصاد النّقدي. وهم قد يلجأون إلى ممارسة ضغط للإسراع بانتخاب رئيس، وهم لا يتكلّمون أبدًا عن أسماء رئاسيّة». وكشف أنّ «اجتماع نيويورك الخماسي لم يبحث بأسماء المرشّحين».
وأشارت مصادر نيابية على تواصل مع المسؤولين الأميركيين الى أن «الولايات المتحدة لا تحبذ انتخاب أي رئيس محسوب على حزب الله، وتفضّل انتخاب قائد الجيش جوزاف عون، لكنها في حقيقة الأمر لم تنخرط بقوة حتى الساعة بالمعركة الرئاسية بسبب انشغالها بلائحة تطول من الملفات والأزمات والحروب العسكرية والاقتصادية»، وكشفت المصادر لـ»البناء» أن الأميركيين لم يظهروا حماسة خلال اجتماع الخماسية في نيويورك من الحوار واعتبروه مضيعة لوقت ويؤيدون فتح مجلس النواب لانتخاب رئيس وفق الأصول الدستورية والديموقراطية.
بالعودة الى مبادرة الرئيس بري أشارت مصادر إعلامية إلى أن رئيس المجلس أرسل رسالةً إلى رئيس حزب «القوّات اللّبنانيّة» سمير جعجع عبر النّائب ملحم الرياشي، لتحديد موقفه من المشاركة بالحوار، على الرّغم من معرفته المسبقة برفضه للمشاركة. ولفتت إلى أنّ «بري أرسل أيضًا عبر النّائبَين ألان عون والياس بوصعب، رسالةً الى رئيس «التّيّار الوطني الحر» النّائب جبران باسيل، لتحديد موقفه من المشاركة بالحوار»، مشيرةً إلى أنّ «باسيل ردّ على رسالة برّي بجملة شروط تعجيزيّة، فكان جواب الأخير على باسيل حاسمًا: الحوار برئاستي والمشاركون رؤساء الكتل لا الأحزاب، كما أنّ الحوار على أسماء المرشّحين حصرًا».
وردّ باسيل على الرئيس بري من دون أن يسميه وقال عبر حسابه في منصة «أكس»: «كيف الحرص على الحوار لانتخاب رئيس هو رفض للحوار؟! كل شغلة لها شروطها وظروفها لحتى تنجح. إذا قلنا انه لازم نتفق بالحوار على برنامج العهد بخطوطه العريضة لحتى ننتخب رئيس على أساسه وينجح بعهده، منكون عم نرفض الحوار أو حريصين على إنجاح العهد؟! إذا قلنا إنو رؤساء الأحزاب لازم يكونوا بالحوار لحتى يكون في قرار مش بس كلام، منكون عم نرفض الحوار؟! إذا قلنا إنو بدنا إدارة محايدة وليس ترؤس من طرف أساسي بالنزاع لحتى يكون في توازن ونتيجة توافقية، منكون عم نرفض الحوار او عم نؤمن نجاحه؟! اذا قلنا ان الحوار ما لازم ياخد شكل تقليدي وطاولة مستديرة فقط، بل نخلق ظروفا للبحث الثنائي والثلاثي والمتعدد الأطراف والجماعي لكي يكون هناك فرصة حقيقية للإنقاذ وليس كلام نمطي على طاولة واحدة لن تقرر اسم الرئيس، فهل قول الحقيقة والواقع يعني رفضاً للحوار او تحصيناً له؟ نحن قلنا ومنكرر أننا مع حوار جدّي ينجح، من لا يريد الحوار هو من يرفض تأمين ظروف النجاح له».
وعقدت اللجنة الحوارية بين التيار الوطني الحر وحزب الله جلسة جديدة أمس، وتابعت البحث بقانون اللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني، وأشارت مصادر «البناء» الى أن الحوار بين التيار والحزب يتقدم لكنه يسير ببطء ولم يحقق نتائج عملية، لا سيما بمسألة رئاسة الجمهورية، وهو يحتاج لوقت طويل.
ونفت مصادر «البناء» ما تداولته وسائل إعلامية حول تلويح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بسحب ترشيحه ودعم قائد الجيش «نكاية» بالنائب باسيل بحال استمرّ برفض ترشيحه. مشيرة الى أن فرص قائد الجيش ضعيفة جداً، وبحال تعثر وصول فرنجية قد يذهب الجميع الى الخيار الثالث أي المرشح التوافقي، لكن حتى الساعة الثنائي حركة أمل وحزب الله يتمسك بفرنجية ويرفض بحث أسماء أخرى قبل الجلوس على طاولة الحوار في مجلس النواب.
وسجل أمس، سجال على خط القوات – الاشتراكي، فردّ عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبدالله عبر منصة «اكس» على حديث صحافي للنائب جورج عقيص وكتب: «أن نتمايز مع القوات اللبنانية في الموقف من الحوار، فهذا أمر طبيعيّ يرتبط بالمنطلقات الفكرية المختلفة، والتباعد في مقاربة كيفية حماية الكيان وهويته ودوره. أما أن نختبئ وراء البطريركية المارونية واللجنة الخماسية لنبرر المساهمة في تعطيل المؤسسات وكل محاولات الإنقاذ، فهو النتعة بل أكثر»، فرد عقيص: «لا أعلم لمن يتوجه دكتور عبدالله فنحن لا نختبئ وإذا كنا مقصودين كقوات لبنانية أو كمعارضة لا نختبئ ببطريركية ولا بلجنة خماسية. غيرنا يختبئ بمقولة حوار لتبرير إضاعة الوقت وإهدار الفرص بانتخاب رئيس».
الى ذلك، أشار نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشّيخ نعيم قاسم، الى أنّ «إيران تشكّل اليوم رأس محور المقاومة، بعدما تخلّت عن فلسطين الكثير من الدول»، مشيرًا إلى أنّ «إرادة الفلسطينيّين في القتال والتّحرير، هي الأساس في الدّعم الإيراني لفلسطين والفلسطينيين، وان كلّ أرضٍ لن يحرّرها إلّا السّلاح والمقاومة». وأكّد قاسم أنّ «التّطبيع مع العدو الإسرائيلي خيانة من أيّ جهة كانت عربيّة أو غير عربيّة، لأنّه يعطي العدو حقّا لا يملكه وشهادة حسن سلوك على جرائمه»، مشدّدًا على أنّ «طرد المحتلّين يكون من خلال تبنّي خيار المقاومة بأشكالها كافّة».
وبيّن قاسم خلال مشاركته في احتفال تأبيني أقامته بلدية الغبيري تحت عنوان «كي لا ننسى صبرا وشاتيلا»، في بئر حسن أنّ «تحرير وحماية الأرض لا يتحقّقان إلّا بالسّلاح، كما أنّ العدو الصهيوني لا يرتدع إلّا بالسّلاح، وبالتالي لا بُدَّ من أن يبقى السلاح بأيدينا وأن نزيد قوتنا». وعمّن يطالب بنزع السّلاح في لبنان وفلسطين، رأى أنّ «هؤلاء إنّما يطالبون بإلغاء المقاومة وإضعاف لبنان أمام العدو، وهذه خدمة للمشروع الإسرائيلي».
على صعيد آخر، اختتم وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب مشاركته في أعمال الدورة الـ٧٨ للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بلقاء وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان حيث تبادل الوزيران الأفكار حول ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي، والتطورات الإقليمية الأخيرة لا سيما المساعي الهادفة لإنهاء الأزمة اليمنية.
كما اجتمع بوحبيب في نيويورك بوزير خارجية اليونان جورجيوس جيرابتريدس الذي أبدى تفهمه لمشكلة النزوح واستعداده لتعزيز التنسيق والتعاون مع لبنان والدول الأخرى المتضررة من تبعات النزوح، على أن تستكمل الخطوات التنسيقية في المؤتمر السنوي المزمع عقده في روما بداية تشرين الثاني المقبل لدول حوض المتوسط. وبعدها شارك بوحبيب في اللقاء الوزاري للدول المانحة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين – الأونروا حيث شدّد في مداخلته على أهمية سد العجز التمويلي للوكالة لكونه مصلحة دولية لمنع تفاقم المشاكل التي تعاني منها المنطقة، وما يرزح تحته لبنان من أعباء اللجوء.
وعمّا إذا كان الأوروبيّون يريدون دمج النازحين السوريين في لبنان، أوضح بوحبيب في حديث تلفزيوني أنّهم «لا يريدون دمجهم بقدر إبقائهم في لبنان في الوقت الحالي»، لافتًا إلى أنّ «هناك نوعًا من الاقتناع لدى بعض الأوروبيّين بأنّ المساعدات الّتي تأتي للنّازحين من خلال مفوضية شؤون اللاجئين هي الّتي تبقيهم وعائلاتهم في لبنان، كما تتسبّب بارتفاعات الولادات، حتّى باتت نسبة ولادات السّوريّين أعلى من نسبة ولادات اللّبنانيّين».
كما أفاد بأنّ «الموقف السّوري يقول أهلًا وسهلًا بالنّازحين، وهم سوريّون، وإذا كان المجتمع الدّولي غير مقتنع أنّنا سنعاملهم كمواطنين عاديّين، فليضعوا مراقبين دوليّين»، معلنًا «أنّني اتّفقت مع نظيري السّوري فيصل المقداد على الاتّصال به بعد عودتي إلى لبنان، لتحديد موعد للقائنا في سورية، لبحث أزمة النّزوح»، معربًا عن خشية لبنان من «التّعرّض لموجة نزوح جديدة إثر الأحداث في سورية».
بدوره، أكّد قائد الجيش أنّ «نزوح السوريين يمثل خطرًا وجوديًّا يهدّد لبنان واللبنانيين ولا بد من معالجته على مستوى الأفراد والمؤسسات جميعها»، لافتًا إلى أنّ «الجيش بعيد كل البعد عن العنصرية، وهو يولي حقوق الإنسان أولوية قصوى ويضعها في صلب مهمته، لكن هذه الحقوق وُجدت لتحفظ كرامة الإنسان لا لتدمر المجتمع».
وخلال جولة تفقدية في المناطق الحدودية في منطقة البقاع الشمالي، لفت العماد عون إلى «أننا نسمع بعض الأصوات المشكّكة بدور الجيش في حماية الحدود انطلاقًا من مواقف سياسية معروفة. لم نرَ هؤلاء يبادرون إلى دعم الجيش بل يحاولون عرقلة عمله وإثارة الشبهات حوله، ولم نرَ لهم مشاركة فاعلة في معالجة أزمة النزوح السوري. نقول لهم إننا مستمرّون لأن هدفنا هو الوطن ومصلحته، فيما هدفكم مصلحتكم الشخصية. نحن نموت ليحيا الوطن، وأنتم تُميتون الوطن من أجل مصالحكم».
بيان شامل بعد القمة بين الرئيسين الأسد وجين بينغ
سورية والصين تؤكدان شراكتهما الاستراتيجية

بعد لقاء القمة بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الصيني شي جين بينغ في مدينة خانجو الصينية، أصدر الجانبان بياناً حول علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وجاء في البيان:
تلبية لدعوة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ لحضور رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد مراسم افتتاح الدورة الـ19 للألعاب الأسيوية في الصين خلال الفترة ما بين 22 و 25 أيلول 2023، أجرى رئيسا البلدين مباحثات في جو من الصداقة والمودة، وتبادلا وجهات النظر حول العلاقات الثنائية بين الصين وسورية، والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتوصلا إلى توافقات واسعة النطاق.
وأعرب رئيسا البلدين عن تقديرهما العالي للصداقة التاريخية القائمة بين الصين وسورية، واتفقا على أنّ الصين وسورية تربطهما علاقة تقوم على الأمانة والوفاء وتصمد في وقت الضيق، ووافقا على إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الصين وسورية للدفع بالتعاون الودّي في كلّ المجالات على نحو شامل، بما يخدم شعبي البلدين بشكل أفضل.
أولاً: سيواصل الجانبان تبادل الدعم الثابت في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى للجانب الآخر ويلتزم الجانب السوري بثبات بمبدأ الصين الواحدة، ويعترف بأنّ حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة التي تمثل الصين بأكملها، وأنّ تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، وهو يدعم جهود الصين للحفاظ على سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، ويرفض رفضاً قاطعاً قيام أيّ قوى بالتدخل في الشؤون الداخلية الصينية، ويدعم كل الجهود المبذولة من قبل الحكومة الصينية من أجل تحقيق إعادة توحيد البلاد، ويدعم بثبات الموقف الصيني من المسائل المتعلقة بهونغ كونغ، والجهود الصينية للحفاظ على الأمن القومي في إطار دولة واحدة ونظامين، ويؤمن بثبات بأنّ شؤون هونغ كونغ هي من الشؤون الداخلية البحتة للصين، ويدين بشدة التصرفات غير الشرعية التي قامت بها القوى الخارجية للتدخل في شؤون هونغ كونغ والشؤون الداخلية الصينية، كما يدعم بثبات الموقف الصيني من المسائل المتعلقة بشينجيانغ، ويؤكد مجدّداً على أنّ المسائل المتعلقة بشينجيانغ ليست مسألة حقوق الإنسان على الإطلاق، بل هي مسألة متعلقة بمكافحة الإرهاب العنيف ونزع التطرف ومكافحة الانفصال، كما يدعم الجانب السوري بثبات الجهود الصينية لمكافحة الإرهاب ونزع التطرف، ويرفض رفضاً قاطعاً التدخل في الشؤون الداخلية الصينية تحت ذريعة المسائل المتعلقة بشينجيانغ.
يدعم الجانب الصيني بثبات الجهود السورية للحفاظ على استقلال البلاد وسيادتها وسلامة أراضيها، ويدعم الشعب السوري لسلك الطريق التنموي الذي يتماشى مع الظروف الوطنية، ويدعم السياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية في سبيل الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها وتنميتها، ويرفض قيام القوى الخارجية بالتدخل في الشؤون الداخلية لسورية والمساس بأمنها واستقرارها، ويرفض الوجود العسكري غير الشرعي في سورية أو إجراء العمليات العسكرية غير الشرعية فيها، أو نهب ثرواتها الطبيعية بطرق غير شرعية، ويحث الدول المعنية على الرفع الفوري لكلّ العقوبات الأحادية الجانب وغير الشرعية على سورية.
ثانياً: يقيّم الجانب السوري تقييماً عالياً ويدعم بموقف إيجابي ما طرحه رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ من مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، وسيجري الجانبان التعاون الفاعل لتنفيذ المبادرات المذكورة أعلاه على نحو جيد، والعمل يداً بيد على بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية، وبذل جهود مشتركة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
ثالثاً: يحرص الجانبان على تعميق التواصل والتعاون بين البلدين على الصعد الحزبية والبرلمانية والمحلية، وتعزيز تبادل الخبرات حول الحوكمة والإدارة، وسيعزز الجانبان التعاون الودي في مجالات الاقتصاد والتجارة والزراعة والثقافة والشباب والإعلام وغيرها.
وسيواصل الجانب الصيني تقديم ما بوسعه من المساعدات لسورية، ويدعم الجهود السورية لإعادة الإعمار والانتعاش في التنمية.
يشكر الجانب السوري الجانب الصيني على ما قدّمه من الدعم السياسي والمساعدات السخية، وعلى وقوف الجانب الصيني إلى الحق في مجلس الأمن الدولي لصالح سورية.
يتفق الجانبان على مواصلة تعزيز التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والأمن، وتضافر جهود مكافحة الإرهاب.
رابعاً: يدعم ويرحب الجانب الصيني بعودة سورية إلى جامعة الدول العربية ويدعم سورية في تحسين علاقاتها مع سائر الدول العربية، كما يدعم الدول العربية في المنطقة بما فيها سورية في تقوية الذات عبر التضامن، ويعرب الجانب السوري عن التقدير العالي للجهود الدبلوماسية الصينية التي أثمرت عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، ويشكر الجانب الصيني على مساهمته الإيجابية في إيجاد حلول للقضايا الساخنة والحفاظ على السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
خامساً: يقيّم الجانبان تقييماً عالياً الدور المهمّ لآلية منتدى التعاون الصيني العربي في تعزيز التعاون الجماعي بين الصين والدول العربية، مؤكدين استعدادهما لإجراء التعاون النشط في سبيل تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية الأولى، وتكريس روح الصداقة الصينية العربية والعمل يداً بيد على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد.
سادساً: يدعم الجانبان تكريس القيم المشتركة للبشرية المتمثلة في السلام والتنمية والعدل والإنصاف والديمقراطية والحرية، ويحترمان حق شعوب العالم في اختيار الطرق التنموية والنظم الاجتماعية التي تتماشى مع ظروفها الوطنية، ويعارضان بشكل قاطع تسييس قضية حقوق الإنسان أو استخدامها كأداة، ويعارضان بشكل قاطع قيام أي دولة بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت ذريعة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
سيعزز الجانبان التنسيق والتعاون في الشؤون الإقليمية والدولية، ويلتزمان بشكل مشترك بتعددية الأطراف الحقيقية، ويدافعان عن المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزاً لها والنظام الدولي القائم على القانون الدولي والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية المبنية على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويعارضان بشكل قاطع الهيمنة وسياسة القوة بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك فرض عقوبات أحادية الجانب وإجراءات تقييدية غير مشروعة على الدول الأخرى، ويدفعان بإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية، ويعملان يداً بيد على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية”.

الأخبار:

قطر نحو وراثة فرنسا: التمهيد لقائد الجيش

جريدة الاخباروتحت هذا العنوات كتبت صحيفة الأخبار ” بينما يدخل الفراغ الرئاسي سنويته الأولى، يبدو المشهد قاتماً على المستوى السياسي، ما يؤشّر إلى مرحلة بالغة الخطورة تواجه البلاد، وقد أصبحَ معها الواقع الأمني المترنّح أصلاً على المحكّ. وفقَ المعلومات المتوافرة فإن الاستمرار في التعطيل هو العنوان الذي يتقدّم على ما عداه حيث الأفق مسدود داخلياً وخارجياً، بسبب المناكفات السياسية والانقسام الإقليمي – الدولي، إذ لم يأتِ الاجتماع الذي عقدته الدول الخمس المشاركة في اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، والمؤلّفة من فرنسا، أميركا، قطر، السعودية ومصر، بأي تصوّر جديد، بل على العكس أظهر اجتماع نيويورك جبهة موحّدة ضد الحراك الفرنسي، تضم واشنطن والرياض والدوحة، وتكشّفت هذه الجبهة من خلال انتقاد «الدور الفرنسي وفشله في توحيد اللبنانيين أو حتى إقناعهم بالحوار»، وإعطاء فرنسا مهلة محدّدة لإنجاز حل مع إطلاق تهديدات تحدّثت عن وقف المساعدات عن الجيش اللبناني. ولوحظ في هذا السياق، أن الدوحة، وبعد النعي غير المعلن للدور الفرنسي، بدأت تتحرك بشكل أكبر وأوسع، إذ لم تمر أيام على انتهاء اجتماع نيويورك حتى وصل موفد قطري إلى بيروت للقيام بجولة على القوى السياسية. وقالت مصادر مطّلعة إن «القطريين منذ فترة يتحضّرون لوراثة فرنسا في لبنان، لكنهم كانوا ينتظرون غطاءً محلياً وخارجياً»، مشيرة إلى أن «الدوحة حصلت عملياً على ضوء أخضر خارجي من أميركا والسعودية لتسلّم الدفة بدلاً من فرنسا»، إلا أنها تسعى أيضاً الى انتزاع وكالة محلية من القوى السياسية للمباشرة بدورها رسمياً كوسيط لحل الأزمة. وعليه، باشر الموفد القطري لقاءاته مع المسؤولين السياسيين لهدفين: الأول تحصيل القبول بدور الدوحة بدلاً من باريس، ومن ثم التفاوض على اسم قائد الجيش العماد جوزف عون الذي صارَ واضحاً أنه المرشح الحقيقي للخارج، على الرغم من أن القطريين حملوا سابقاً لائحة تتضمّن أسماءً عدة، من بينها الوزير السابق زياد بارود والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. وعلمت «الأخبار» بوجود مساعٍ لقطر تتيح لها العمل منفردة وبشكل مستقل عن أعضاء الخماسية، للوصول إلى ما يُشبه «صلح الدوحة» الأول عام 2008، والقيام بتسوية متوازنة قاعدتها لا غالب ولا مغلوب. وتعتمد قطر في هذا الإطار، على علاقتها الجيدة مع مختلف القوى السياسية، إضافة إلى «الخدمات» التي ستقدّمها مقابل إقناع القوى السياسية بالسير بالتسوية والقبول بقائد الجيش. وغير ذلك، فهي تعبّر دائماً عن استعدادها للقيام بالدور الاقتصادي المالي الذي تُحجِم عنه الرياض، أي إعادة دعم القطاع المصرفي من خلال تقديم وديعة كبيرة للمصرف المركزي، وكذلك القيام بمشاريع استثمارية في البلد، ولا سيما في القطاعات التي تحتاج إلى دعم كبير.

الحراك القطري، ينطلق على وقع احتدام الاشتباك السياسي ولا سيما بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والقوى المسيحية المعارضة لمبدأ الحوار. وبينما تسرّبت معلومات عن رسالة بعثها بري إلى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لتحديد موقفه من الحوار، مع التأكيد أن بري سيترأّسه ويديره وسيكون على مستوى الكتل النيابية، وسيكون محصوراً بالنقاش في الأسماء، ردّ باسيل في تصريح له عبر مواقع التواصل أنه «لا أفهم كيف الحرص على الحوار لانتخاب رئيس، هو رفض للحوار، كلّ أمر له شروطه وظروفه لكي ينجح». وتساءل «إذا قلنا إنّه يجب أن نتّفق بالحوار على برنامج العهد بخطوطه العريضة، حتّى ننتخب رئيساً على أساسه وينجح بعهده، نكون نرفض الحوار أم حريصون على إنجاح العهد؟ إذا قلنا إنّ رؤساء الأحزاب يجب أن يكونوا في الحوار لكي يكون هناك قرار وليس فقط كلاماً، نكون نرفض الحوار. نحن قلنا ونكرّر أنّنا مع حوار جدّي ينجح، ومن لا يريد الحوار هو من يرفض تأمين ظروف النّجاح له»”.

الصين تُفارق سياسة «الحذر»: بداية مسار جديد مع سوريا

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار “لطالما شكّلت العلاقات السورية – الصينية، تاريخياً، وحاضراً خلال السنوات العشر الأخيرة، محلّ جدل وتنظير بين المراقبين والمحلّلين. في سنوات ما قبل الأزمة، ولأكثر من 40 عاماً سابقة على الحرب، كانت تلك العلاقات تتّسم بالصداقة والتعاون، حيث «تعدّ سوريا من أوليات الدول التي أقامت علاقات مع الصين الجديدة»، على حدّ تعبير الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال لقاء القمّة أمس، مع الرئيس السوري، بشار الأسد. لكن، خلال سنوات الحرب، راقب كثيرون الموقف الصيني بحيرة، إذ حافظت الصين على موقف سياسي داعم للنظام الحاكم في دمشق، واستخدمت 8 مرات حق النقض «الفيتو» ضدّ مشاريع قرارات دولية تستهدف سوريا وحكومتها. لكن، في المقابل، لم يُرصد أي تحرّك فعلي، لا على المستوى العسكري ولا الاقتصادي ولا الإنساني (إلا النزُر القليل في هذا المجال الأخير)، لجمهورية الصين الشعبية على الأرض السورية. وعلى رغم الأزمات الكبرى التي خلّفها القتال في سوريا، على المستويين الاقتصادي والإنساني بشكل خاص، لم تُسجّل للصينيين أي مبادرة جدّية على هذين المستويين، طوال السنوات الماضية، فيما تلقّت دمشق دعماً كبيراً ونوعياً، مباشراً وغير مباشر، من حلفائها في طهران وموسكو وقوى «محور المقاومة»، على المستوى العسكري، ما أدّى إلى حسم غالبية المعارك الكبرى التي خيضت، لصالح الجيش السوري.

لكن، إيران بشكل خاص، اضطلعت بدور داعم للحكومة السورية على المستوى الاقتصادي، بدءاً بالقروض النقدية، وليس انتهاءً بالخط الائتماني، الذي تزوّدت عبره دمشق ــــ ولا تزال ــــ بمختلف أنواع المحروقات الإيرانية، في ظلّ الحصار الغربي المفروض على السوريين، والاحتلال الأميركي لمنطقة شرق الفرات الغنية بالموارد النفطية. ومع انتهاء الحرب بشكلها «الخشن»، وخمود الجبهات خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، تحوّل اهتمام الحكومة السورية، وحلفائها أيضاً، إلى البحث عن سبل ترميم ما خرّبته الحرب، في البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ووجدت دمشق، ولمست لمس اليد، أن حليفتَيها البارزتين، إيران وروسيا، غير قادرتين على النهوض بالعبء الاقتصادي، وخصوصاً الملفّ الثقيل المتمثّل في إعادة الإعمار بمختلف تفرّعاته، حيث تبلغ كلفته عشرات مليارات الدولارات، في أكثر الأرقام تفاؤلاً.

بناءً على ما سبق، عاد الحديث عن العلاقات السورية – الصينية، وإمكانية أن ينسحب الدعم الصيني السياسي لدمشق، على المستوى الاقتصادي، خصوصاً أن الصين من الدول القليلة في العالم، التي تمتلك القدرة على الانخراط في حملة ضخمة لإعادة إعمار سوريا. وأخيراً، مع تعكّر الصورة الصافية التي خلّفتها عودة دمشق إلى «جامعة الدول العربية» في أيار الفائت، ثم حضور الرئيس الأسد القمة العربية في جدة السعودية، وذلك بفعل الضغوط الأميركية أولاً، والشروط العربية الصعبة والتعجيزية، ثانياً، وجدت سوريا نفسها أمام خيارات محدودة ومعقّدة في مسألة تأمين التمويل اللازم للشروع بحملة إعادة إعمار، ولو جزئياً. ولا يعني هذا أن بكين قد استُبعدت يوماً من خيارات دمشق، إلا أن موقع الخيار الصيني، ضمن لائحة الخيارات السورية، تعزّز وتميّز بنوع من الفرادة التي فرضتها الوقائع والتطورات السياسية.

في المقابل، لطالما أُخذ على الصينيين عدم امتلاكهم برنامج عمل واضحاً يخصّ دول شرق المتوسط، وبالتحديد سوريا ولبنان وفلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة). كما لم يبدِ الصينيون، على امتداد سنوات طويلة، أي حماسة للانخراط في تعاون مع حكومات هذه الدول، باستثناء مبادرات خجولة جداً، لا ترقى إلى مستوى حجم الصين الاقتصادي والسياسي، ولا إلى مستوى تطلّعات هذه الدول في اتجاه قوة دولية مركزية، كالصين. وبمعزل عن لبنان وفلسطين، حيث لكلّ منهما تعقيداته السياسية والأمنية الداخلية، تبدو سوريا الدولة الأكثر تضرّراً من الإحجام الصيني عن إطلاق برنامج عمل بخصوص المنطقة أو بخصوصها بشكل خاص، ذلك تبعاً لموقع سوريا في الانقسام الدولي، أي في المعسكر الذي تقوده الصين وروسيا وإيران، في مقابل المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية؛ وأيضاً تبعاً لحاجاتها وظروفها الاستثنائية في ظلّ الحرب، وما بعدها. ولطالما سأل المسؤولون السوريون، ومسؤولون في دول أخرى قريبة من دمشق، نظراءهم الصينيين عن حقيقة موقف بكين وبرنامجها بخصوص سوريا، ولطالما كانت إجابات هؤلاء الأخيرين تنحصر بالمستويين السياسي والأمني، خصوصاً لناحية اهتمام الحكومة الصينية بالمقاتلين «الإيغور» الذين تواجدوا – ولا يزال عدد منهم – في شمال سوريا، وتحديداً في ريفَي حلب وإدلب.
وفي حين ركّزت الصين تاريخياً على شراكاتها التجارية الموسّعة في منطقة الشرق الأوسط، وتجنّبت الانخراط في الصراعات والاصطفافات السياسية، عادت بكين وفاجأت الكثيرين في آذار الفائت، عندما توسّطت في اتفاق «مصالحة» بين السعودية وإيران، يبدو أنه ناجح إلى الآن. ومع انضمام سوريا إلى مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، قبل أقلّ من عام، تعزّز الاعتقاد لدى دمشق وبكين، بضرورة تعزيز العلاقات بينهما، وبضرورة أن تقود الصين مبادرات أكثر جرأة في سوريا، بعيداً عن سياسة «الحذر المفرط» التي كانت تنتهجها. وأخيراً، مع إطلاق الهند مبادرة «الممرّ الهندي»، تعزّزت القناعة الصينية بضرورة العمل أكثر في اتجاه دول المنطقة، التي هي خارج الفلك الأميركي – الغربي. وتضاف إلى ذلك، أهمية موقع سوريا بالنسبة إلى الصين، حيث تقع بين العراق، الذي يزوّد بكين بنحو عُشر احتياجاتها من النفط، وتركيا، التي تمثّل نهاية الممرّ الاقتصادي الصيني الذي يمتدّ عبر آسيا إلى أوروبا.

وهكذا، تأتي زيارة الأسد للصين، في ظلّ ميلٍ صار ملموساً لدى بكين، نحو العمل على تعزيز نفوذها الدبلوماسي في الشرق الأوسط وأفريقيا، بالتزامن مع عودة سوريا إلى «الجامعة العربية»، وانطلاق مسار خروجها من عزلتها الإقليمية. ومن الناحية السورية، تمثّل هذه الزيارة خطوة متقدّمة لدمشق في اتجاه إنهاء عزلتها الدبلوماسية الدولية، التي رعتها واشنطن لسنوات. وفي حين أن دعوة الأسد إلى بكين تشكّل تطوّراً مهمّاً في أداء الصين في المنطقة على مستوى توسيع النفوذ السياسي والاقتصادي، فإنها في حال تُرجمت عملياً، ستشكّل نقطة تحوّل كبيرة بالنسبة إلى سوريا التي ترزح تحت ضغط العقوبات والحصار الغربي، وتعاني من احتلال أميركي لا يبدو انسحابه وشيكاً من شرق الفرات. كذلك، فإن هذه الخطوة لا تبدو بعيدة بأي شكل، عن كون سوريا ساحةً لتصارع القوى الدولية، وخصوصاً الولايات المتحدة وإيران وروسيا المنشغلة بالحرب الأوكرانية، والتاركة وراءها فراغاً قد تشعر الصين برغبة في ملئه”.

المصدر: الصحف اللبنانية