الصحافة اليوم 4-12-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 4-12-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الإثنين 4-12-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

 اليوم الثاني من الجولة الثانية: الاحتلال يفشل برياً ويعود للمجازر: 300 شهيد
المقاومة في غزة ولبنان تخوض حرب استنزاف كاملة وتقتل عشرات الجنود
القواعد الأميركية تحت النار وأنصار الله يتحدون الردع الأميركي في البحر الأحمر

البناءكتبت صحيفة “البناء”: سقطت الهدنة ومعها صفقات التبادل بعدما استنفد كل منهما السقف الذي بُني على أساسه، لأن الهدنة عاجزة عن التحوّل الى وقف للحرب دون أن تتحوّل إلى هزيمة كاملة يفعل الاحتلال وسعه لتفاديها، والتبادل كي ينتقل من صيغة 3 مقابل 1 في حالة النساء والأطفال إلى الكل مقابل الكل في حالة العسكريين، يحتاج الى مزيد من اختبارات القوة كي يسلّم به الاحتلال خياراً وحيداً.

بدأت الجولة الثانية وليس لدى الاحتلال وداعميه إجابة عن سؤال، ما الذي تغير عن الجولة الأولى لصالح الاحتلال حتى تتغير النتائج من الفشل الى النجاح، فكل شيء تغير الى الأسوأ، سواء بانقلاب الشارع الغربي ضد الكيان أو بالفشل في تحقيق إنجاز ميداني في الحرب البرية.

بدأت الجولة الثانية والمقاومة في غزة ترفع سقفها، لا أسرى للاحتلال دون تحرير كل الأسرى الفلسطينيين ووقف الحرب كلياً، فتضع قيادة الكيان وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أمام تحديات كبرى، وصارت نهاية الجولة أقرب لنهاية الحرب كلها، وسقفها التفاوضيّ يتّصل بمصير الحرب ومصير الأسرى في صفقة شاملة عنوانها الكل مقابل الكل.

بدا أن الاحتلال العاجز عن التقدم برياً، وأن الشيء الوحيد الذي يتقنه هو العودة إلى ارتكاب المجازر، فعادت الحيوية الى الشارع الغربي الغاضب، ومع إعلان المقاومة عن رؤيتها في الكلام الذي قاله نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، انطلق مجدداً الشارع الغاضب في كيان الاحتلال طلباً للإفراج عن الأسرى والخوف من مقتلهم، طالباً وقف الحرب وإعطاء الأولوية لإخراج الأسرى، ولو وفق معادلة الكل مقابل الكل ووقف الحرب.

مقابل ثلاثمئة شهيد في غزة أغلبهم من الأطفال والنساء، شهدت جبهات القتال في غزة وشمال فلسطين المحتلة عمليات نوعية للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، حيث سقط للاحتلال عشرات القتلى، في استهدافات متعددة، ودمر العديد من الآليات، وبدا بوضوح أن الجولة الثانية تشهد تحولاً نوعياً في أداء قوى المقاومة على جبهتي الشمال والجنوب.

في سورية والعراق تصعيد يستهدف القواعد الأميركية ويبقيها تحت النار، وفي البحر الأحمر عمليات نوعية لأنصار الله تكشف قرار التصعيد، وتتحدى الردع الأميركي، فتصيب عدة سفن وتستهدف مدمّرة أميركية، والرد الأميركي «الاحتفاظ بحق الردّ في المكان والزمان المناسبين».

عادت الاشتباكات على الحدود الجنوبية، بعد حالة الهدوء الحذر التي سادت حتى ساعات الفجر.

ورداً على الاستهدافات الإسرائيلية التي استهدفت عدداً من البلدات على الحدود الجنوبية، استهدف حزب الله آلية عسكرية في قاعدة بيت هلل بالصواريخ الموجّهة ‏أوقعت طاقمها بين قتيلٍ وجريح، ومواقع زبدين والرادار ورويسات العلم في مزارع شبعا ‏اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة وتمّ تحقيق إصابات مباشرة فيها. كما استهدف تجمّعاً لجنود الاحتلال شرق موقع حانيتا بالأسلحة المناسبة، وموقع الراهب وأيضاً موقع راميا بالأسلحة المناسبة.

وبحسب معلومات “البناء” تلقّى لبنان دعوات غربية تدعو إلى ضبط النفس في الجنوب وإلى قطع الطريق عن امتداد الحرب إلى لبنان، كما برزت دعوات إلى ضرورة حماية استقرار لبنان وعدم السماح بتمدّد الفراغ إلى المؤسسة العسكرية، وبالتالي وجوب تحمل المسؤولية في هذا الشأن والمسارعة إلى التمديد للعماد جوزاف عون بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ.
وبناء على ذلك كان لافتاً ما نقل من مصادر دبلوماسية عن اهتمام المجموعة الخماسية بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية والتفاهم حيال الخيار الثالث.

هذا ويُتوقع أن يصل الى لبنان في الأيام المقبلة الموفد القطري فهد بن جاسم في زيارة وضعتها الأوساط الدبلوماسية في خانة الدفع نحو التمديد لقائد الجيش والبحث في الخيار الثالث لرئاسة الجمهورية.

وأمس، اجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركتهما في “قمة المناخ” (كوب 28) في دبي بالإمارات العربية المتحدة. وجرى خلال الاجتماع بحث الوضع في لبنان وغزة والجهود المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على القطاع والتوصل الى وقف إطلاق النار تمهيداً للعودة الى البحث في حل شامل، يأخذ بعين الاعتبار الحقوق الفلسطينية. كما اجتمع رئيس الحكومة يوم السبت مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتناول البحث ثلاثة ملفات مترابطة: التمديد لقائد الجيش، تطبيق القرار 1701، ورئاسة الجمهورية.

كما اجتمع رئيس الحكومة، في حضور وزير الطاقة والمياه وليد فياض، مع رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “توتال إنرجيز” الفرنسية باتريك بوانييه.

وتمّ خلال الاجتماع البحث في التقرير الدوريّ الذي تعده “توتال إنرجيز” بشأن أعمال الحفر والتنقيب عن الغاز والنفط في المياه الإقليمية اللبنانية، وإمكان استئناف أعمال الحفر في موقع ثانٍ في البلوك 9. كما تطرق البحث الى إمكان الحفر في البلوكين رقم 8 و10 والعرضين اللذين تقدّمت بهما “توتال انرجيز”.

إلى ذلك يفترض أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري قبيل منتصف الشهر الحالي الى جلسة تشريعية للبت بموضوع التمديد لقائد الجيش، وسط معلومات أشارت إليها مصادر نيابية وتقول إن موعد الجلسة سيتحدد هذا الأسبوع حيث يفترض أن تنهي اللجان المشتركة مجموعة اقتراحات قوانين لمناقشتها في الهيئة العامة.

واعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ عدم انتخاب رئيس للجمهورية وإقفال القصر الجمهوري منذ سنة وشهرين تقريبًا جريمة موصوفة آخذة بهدم المؤسّسات الدستوريّة والإدارات العامّة وانتشار الفوضى والفساد وتشويه وجه لبنان الحضاري. إذا تكلّمنا من باب القانون وروحه وفلسفته منذ الشرع الروماني إلى اليوم، كلامًا منزّهًا عن السياسة ومصالحها الخاصّة، نقرّ بأنّ القوانين تُعلّق بقرار من السلطة المختصّة بسبب الظروف القاهرة منعًا لنتائج قد تكون وخيمة، فنقول: يجب في هذه الحالة عدم المسّ حاليًّا بقيادة الجيش، بل تحصين وحدته وتماسكه، وثقته بقيادته، وثقة الدول به. فالجنوب اللبناني متوتّر، والخوف من امتداد الحرب إلى لبنان يُرجف القلوب، والحاجة إلى الجيش متزايدة لتطبيق القرار 1701، واستقرار الجنوب، ولضبط الفلتان الأمني الداخلي، ولسدّ المعابر غير الشرعيّة بوجه تهريب البشر والسلع والمخدّرات وما سواها.

الأخبار:

فرنسا والسعودية تسوّقان لبقاء قائد الجيش ضمن السياق الإقليمي: أفكار إسرائيلية لتعديل القرار 1701!

جريدة الاخباركتبت صحيفة “الأخبار”: غريب أمر أوروبا. الغرابة هي أن الأميركيين، رغم كل ما يقدّمونه للعدو، يبدون أكثر تفاعلاً مع الوقائع كما هي، حتى ولو كانوا يرغبون في تغييرها لمصلحتهم. أما الأوروبيون الذين يبدون دائماً متلبّسين بالإمساك بطرف ذيل ثوب واشنطن، سائرين خلفها أنّى ذهبت، فيحاولون اقتناص أي فرصة للعب أي دور ممكن. لذلك، يكثرون من الصراخ علّ أميركا تلتفت إليهم وتعطيهم أي نوع من الحلوى، ولو حتى لترتاح من إزعاجهم. في حالة لبنان، يمكن مراقبة الأداء الأوروبي في سلوك ثلاث دول مركزية: بريطانيا وألمانيا وفرنسا. لا يعني هذا أن بقية دول الاتحاد الأوروبي غير حاضرة، لكن فعاليتها تبقى أسيرة ما تقوم به الدول الثلاث. ومع أن البريطانيين يجيدون الابتعاد عن الصورة لقناعتهم بأن أحداً لا يثق بهم فيما يواصلون تنفيذ أجندتهم، تصرّفت ألمانيا، لعقود خلت، بحياد نسبي يقيها شر الخصوم. ورغم عملها الدؤوب وفق مبدأ التكفير عن جريمة جيشها بحق اليهود قبل ثمانين عاماً، فضّلت، لوقت طويل، عدم إقحام نفسها في مشكلة مباشرة مع الطرف العربي. لكن هذا كله تغيّر منذ بضع سنوات، وترجمت الفرق الأمنية والسياسية والدبلوماسية الألمانية ذلك في أنشطة تخريبية في لبنان، تستهدف، في العمق، خدمة إسرائيل وأهدافها في لبنان، وليس أقل ما فعلته تصنيف المقاومة كتنظيم إرهابي.
أما الطامة الكبرى فهي فرنسا. رئيسها المصاب بداء النرجسية، لم يستوعب، للحظة، أن العرب عموماً يعرفون حجمه ومحدودية فعالية بلده. لكنّ الرجل يحب اللعب مع الكبار. ورغم أن فرنسا لم تعد تملك أوراقاً كافية للجلوس على الطاولة، يقفز رئيسها المجنون من الصفوف الخلفية رافعاً يده، طالباً منحه فرصة لتولي المهمة، من دون أن يتعلّم الدرس بعد، ويقتنع بأن أميركا وإسرائيل وبقية أقطاب أوروبا لا يرغبون بأي دور جدّي لبلاده في كل المنطقة. وبدل أن تعتمد فرنسا، لمرة واحدة، إستراتيجية مختلفة، أقلّه لامتلاك بعض عناصر القوة، ترضى دائماً بدور ثانوي تقرره واشنطن، وغالباً ما يكون هدفه الفعلي مجرّد تقطيع الوقت!

الفرنسيون مصابون بعقدة التفوّق لدى حديثهم مع أبناء مستعمراتهم السابقة. وثباتهم على هذه النزعة مردّه إلى قبول البعض بالدونية الدائمة في التعامل معهم. ولو أن في لبنان من أقفل الباب في وجه هؤلاء، لكانوا ارتدعوا قليلاً. لكن، كيف يمكنك إقناع مسؤول فرنسي بوجهة نظر مختلفة، وهو يراجع في مفكّرته العدد الكبير من طلبات البلهاء والانتهازيين في لبنان للاجتماع به؟ وهؤلاء هم من يغذّون الأحلام الفرنسية البائدة ويشجعون باريس على مخاطبة اللبنانيين بلغة الوصاية والتأنيب (يمكن مراجعة خطاب السفيرة السابقة آن غريو في حفل عيد بلادها الوطني). فبعدما أرسلت فرنسا، قبل أشهر، رسائل إلى «نواب الأمة» اللبنانيين تطلب منهم إرسال أجوبة مكتوبة إلى مقر السفارة الفرنسية في بيروت حول شخصية الرئيس المقبل للجمهورية في لبنان، تجاوبت غالبية نيابية ساحقة مع الطلب، وأظهرت للفرنسيين، مرة جديدة، استعداد «السياديين» تحديداً للتسليم بالوصاية الفرنسية. والانبطاح نفسه يمارسه هؤلاء مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان. فالرجل الذي يركض خلف إدارات الشركات في السعودية ولا يلتقي شخصية أعلى من مستشار في الديوان الملكي، «يأخذ مجده» في لبنان، فيحطّ، فجأة، وفي ظل حرب مجنونة تشنّها إسرائيل على فلسطين ولبنان وسوريا، ويطلب من هؤلاء النواب تنفيذ أمر مستعجل بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون «كونه يمثل حاجة إستراتيجية لأمن أوروبا». وهو غادر بعد تلقّيه ضمانات بأن المجلس النيابي سيبحث في كيفية تنفيذ هذا «الأمر السامي».لم يصدّ الفرنسيين سوى باسيل… ولودريان لم يكن مهتماً برئاسة الجمهورية.

مصلحة أوروبا التي توجب الإبقاء على العماد جوزيف عون في منصبه، لا يمكن فهمها، في هذه اللحظة، بمعزل عما يجري في لبنان والمنطقة على وقع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. ولا بمعزل عن دور الغرب، خصوصاً أوروبا التي تسير خلف واشنطن، ليس مراعاة لها فقط، بل لكون السياسة الأميركية تتطابق في هذه اللحظة مع السردية الأوروبية حيال فلسطين، سيما أن قيام كيان الاحتلال جاء على يد الغرب الأوروبي الذي ذبح اليهود ونكّل بهم وطردهم من مدنه.

عملياً، يتضح بشكل واضح من سياق مراسلات دبلوماسية قائمة على أكثر من جبهة، أن فرنسا التي تطوّع رئيسها إيمانويل ماكرون لإطلاق تحالف دولي ضد حماس شبيه بالتحالف الدولي ضد «داعش»، لم تغادر موقعها. وكل «الواقعية» التي ظهرت في مواقف الرئيس الفرنسي أو مسؤولين في حكومته عن ضرورة حماية المدنيين في غزة، لا تعدو كونها ترديداً للكلام السمج الذي يقوله المسؤولون الأميركيون بعد خروجهم من اجتماعات مع الإسرائيليين تتم خلالها المصادقة على عمليات الإبادة الجماعية في غزة.

وكما في كل مرة، يقول لنا الفرنسيون، بالفم الملآن، إن مصلحتهم في تبنّي السردية الإسرائيلية عن الصراع مع العرب. وكل وهم ساد لدى البعض عن تعرف باريس إلى أحوالنا بصورة مختلفة في العقد الأخير، بدّده الفرنسيون اليوم في سعيهم إلى السير في مشروع ضرب المقاومة، ليس في فلسطين فحسب، بل في كل المنطقة.

في هذا السياق، يمكن وضع المساعي التي تبذلها باريس في ما يتعلق بالوضع على الحدود مع لبنان، كما ينبغي فهم الموقف من التمديد لقائد الجيش في هذا السياق، من دون ربط الأمر حصراً بدعم ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية، ومن دون أي محاولة لاتهام العماد عون بأنه جزء من المشروع الأميركي – الفرنسي المعادي للمقاومة، وإن كان على قائد الجيش نفسه أن يتنبّه إلى محاولات استخدامه في هذا السياق.

وبحسب ما هو متداول في أكثر من محفل، خصوصاً في الأمم المتحدة، فإن الجانب الإسرائيلي، الذي عزّز بعثته في نيويورك بنحو عشرين دبلوماسياً ومستشاراً عسكرياً وأمنياً وإعلامياً، وضع على جدول أعماله هناك البند الخاص بلبنان، وعدم حصر المهمة بالسردية الخاصة بفلسطين، في سياق سعي العدو الدائم، بالتحالف مع الأميركيين والأوروبيين، إلى استصدار قرار من مجلس الأمن بإدانة المقاومة في فلسطين واعتبارها عملاً إرهابياً يعاقب عليه القانون الدولي، وهو المشروع الذي يمنع الروس والصينيون تمريره حتى الآن.

في ما يتعلق بلبنان، استفاق العدو، فجأة، على أهمية القرار 1701، ويقدّم فريقه في الأمم المتحدة تقارير يومية عما يسميه «خروقات واسعة» للقرار يقوم بها حزب الله في تنفيذه عمليات عسكرية ضد «أراضي إسرائيل»، انطلاقاً من مناطق تخضع للقرار الدولي، مع مطالبة ليس باحترام القرار عبر منع حزب الله من العمل العسكري، بل بإدخال تعديلات تتيح لقوات الطوارئ الدولية تطبيق القرار بالقوة. والسعي نفسه يتضمّن، في جانب منه، تعزيز وجود الجيش اللبناني على طول الحدود الجنوبية (استجابة لطلب سمير جعجع!) بإرسال فرقة إضافية من الجيش، مدعومة بعتاد يكفيها لإجبار حزب الله على سحب جميع عناصره وإخلاء كل المنشآت التي تقول إسرائيل إنها تعرف أماكنها على طول الحدود، وفي كل مناطق جنوب نهر الليطاني. ويفترض العدو أن في إمكانه تحقيق هذا الهدف من خلال حملة دبلوماسية كبيرة في مجلس الأمن.

في زيارته الأخيرة للبنان، لم يحاول المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين بحث الأمر بالطريقة الإسرائيلية، إذ إن الرجل بات يعرف وقائع لبنان، ويعرف أكثر وقائع جنوبه. لذلك، حاول إثارة ملف الحدود البرية وإغلاق ملف الترسيم، وفق معادلة يزعم أن العدو يقبل بها، وتتضمّن إخلاء كل النقاط المتنازع عليها لمصلحة لبنان، بما في ذلك الانسحاب من شمال الغجر ومواقع أساسية في مزارع شبعا المحتلة، شرط أن يتم تنفيذ الأمر على مرحلتين: إعلان لبنانية هذه الأراضي، والاتفاق على أن تتولى الأمم المتحدة الإشراف عليها عسكرياً وأمنياً وحياتياً إلى حين تبلور واقع سياسي آخر.

وقد سمع هوكشتين من مسؤولين رسميين في لبنان، ورسائل غير مباشرة من حزب الله، بأن هذا الملف ليس مطروحاً للنقاش الآن، وأن كل الأمور مجمّدة إلى ما بعد وقف العدوان على غزة، كما فهم بأن المقاومة أصبحت أكثر تشدداً حيال دور سلاحها في ضوء العدوان الإسرائيلي على غزة والتهديدات الإسرائيلية اليومية للبنان.

أما الجانب الفرنسي، فيتصرف على أساس أن في إمكانه إنجاز المهمة، وهو يعمل بالتنسيق مع الأميركيين، ومع دول عربية، لصياغة تصور سياسي للأزمة اللبنانية، ينطلق من ضرورة أن يكون الوضع في الجنوب آمناً بشكل كبير ومستدام، وأن هذا يتحقّق بخطوات عملانية على الأرض أساسها التطبيق الحرفي للقرار 1701، وانتخاب رئيس للجمهورية، والاتفاق على تشكيل حكومة تتولّى، تحت إشراف دولي، عملية إعادة بناء المؤسسات والاقتصاد. ويردّد الفرنسيون والأميركيون، أنه في حال سار اللبنانيون في هذا الحل، فإن الغرب وعواصم عربية، في مقدّمها الرياض، سيموّلون برنامج دعم كبيرٍ للاقتصاد اللبناني.

فور وصول لودريان إلى بيروت، بدا سريعاً أن الرجل ليس مهتماً بمعاودة البحث في ملف رئاسة الجمهورية، بل كرّر في أكثر من لقاء أن المعطيات تشير إلى صعوبة التوافق سريعاً على اسم الرئيس. لكنّ الرجل كان عملياً في تحديد هدف الزيارة، التي جاءت بالتنسيق الأكيد مع السعودية، وهو أنه في ظل تعذّر انتخاب رئيس جديد، وفي ظل الوضع الأمني القائم ربطاً بما يجري في المنطقة، فإن «أوروبا تنظر إلى أمنها القومي، وترى حاجة إلى الإبقاء على العماد عون في منصبه قائداً للجيش». ولم يكن لودريان يشك، للحظة واحدة، بأن في لبنان من سيطلب منه عدم التدخل في شؤون لبنان الداخلية. ورغم أنه سمع كلاماً صريحاً في هذا المجال من النائب جبران باسيل، إلا أنه ردّد، في لقاءات غير معلنة، أنه سمع نقاشاً ولمس تفاعلاً من آخرين، ولم يجد معارضة للفكرة.
مرة أخرى، ليست المشكلة في طريقة تفكير فرنسا وأوروبا الاستعمارية، بل في طريقة تعاملنا كلبنانيين مع من يخدمون العدو كل الوقت، ويريدون العودة بنا إلى أيام استعمارهم لبلادنا. وربما آن الأوان لإقفال الأبواب بقوة في وجوه ممثّلي هذه القارة القذرة… إلى الأبد!

إعلام إسرائيل: مفاوضات لسحب قوة الرضوان

التحرك الفرنسي الأخير لم يأت بعيداً من التنسيق مع العدو. وقد أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيدي كوهين، صراحة، أنه أجرى اتصالات مع باريس وعواصم أوروبية بشأن الحدود مع لبنان، وكشفت وسائل إعلام العدو عن جانب من هذه الاتصالات. فقد أشار تقرير للقناة 12 الإسرائيلية إلى «مفاوضات خلف الكواليس بين دول عدة بهدف إبعاد قوات حزب الله عن الحدود الإسرائيلية – اللبنانية»، وأوضح أن الدول المشاركة في هذه المفاوضات هي الولايات المتحدة وفرنسا ودول عربية (السعودية والإمارات)، سعياً لضمان أمن البلدات والمستوطنات الإسرائيلية على طول الحدود مع جنوب لبنان».

وبحسب إعلام العدو فإن «أبرز النقاط المتداولة هي دفع قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وإدخال قوة دولية إلى منطقتَي مزارع شبعا وشمال قرية الغجر، وقبول تعيين رئيس جديد للبنان». ولفت التقرير إلى «أن هذه الصيغة طُرحت سابقاً من قبل ممثلي دولة الإمارات العربية المتحدة، لكنها لم تتقدّم»، لينتهي إلى أن المحادثات «لا تعني أن إسرائيل موافقة على هذا الحل المطروح من قبل الدول المنخرطة فيها».

 

المصدر: صحف