الصحافة اليوم 15-1-2024 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 15-1-2024

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 15-1-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

جريدة الاخباراليوم الـ100: كأنّه اليوم الأول!

أميركا توسّع الحرب: جبهة المقاومة تستعدّ لردود بأشكال جديدة

ابراهيم الأمين

لو أن قيادة قوى وجهات محور المقاومة فكّرت في أفضل طريقة لتوحيد الجهود في هذه اللحظة، لما أتيحت لها فرصة كالتي وفّرتها الإدارة الأميركية بعدوانها على اليمن. وهي خطوة تضاف الى الأعمال العدائية التي يقوم بها الجيش الأميركي واستخباراته في غزة، حيث يشارك ضباط وجنود من الجيش ومن أجهزة الاستخبارات العسكرية الأميركية في الحرب، فضلاً عما تقوم به أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية وبعض الأجهزة الغربية في لبنان والعراق وسوريا.عملياً، لم تكتف أميركا بربط مصالحها بنتائج الحرب، بل باتت مضطرة إلى إدارة الأمور بصورة مباشرة. وهذا ما يفسّر جانباً من التوتر اليومي مع حكومة بنيامين نتنياهو وأركان حربه، إذ يشعر الأميركيون بصدق الشكوك التي عبّر عنها تقييم القيادة العسكرية الأميركية وأجهزة الاستخبارات لمدى جهوزية جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية لحرب واسعة في غزة، أو على جبهات أخرى.

وإذا كان العدو الأميركي مضطراً لإحداث تغيير سياسي كبير في إسرائيل ليتمكن من إدارة المعركة وفق معاييره، فإن حدثاً كهذا يتطلب مناخاً مختلفاً في كيان الاحتلال، ولا مؤشرات فاعلة له سوى ارتفاع منسوب الضغط السياسي من الشارع ومن قوى المعارضة لحكومة اليمين، ولكن من دون أن تخسر إسرائيل الحرب، لأن خسارة كهذه ستصيب البرامج الأميركية في المنطقة. وما نسمعه من أصوات أميركية داعية الى تعديل إدارة المعركة، إنما تهدف الى جعلها أكثر نجاعة في مسار تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية.

أما الانتقال الى ما يسمّى المرحلة الثالثة، فهي الترجمة التي تريدها واشنطن لمرحلة جديدة من الحرب في غزة وبقية الجبهات، ما يتيح لها إدارة المعركة السياسية الهادفة الى إضعاف جبهة المقاومة في المنطقة. وكل ما قام به وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في زيارته الأخيرة للمنطقة، هدف الى وضع إطار لهذه المرحلة، ويمكن اختصار عناوين الاستراتيجية الأميركية بالآتي:

أولاً، إلزام إسرائيل بنمط جديد من العمل العسكري لتحقيق إصابات قاتلة في جسم المقاومة وليس في جسم الحاضنة البشرية لها، لمعرفة الجميع بأن صمود المقاومة يبقى الأساس.

تراجع كثافة النار الإسرائيلية لا يعني توقف الحرب، وبالتالي فإن إسناد غزة العسكري قائم ويتوسّع بما يخدم المقاومة في فلسطين

ثانياً، ممارسة تحولات عملانية تهدف الى تقليص دائرة النار، مقابل تشديد الحصار على أبناء القطاع، بغية تأليبهم ضد المقاومة. وهي مهمة يحتاج العدو فيها الى حلفاء محليين.

ثالثاً، ممارسة مستوى جديد من التهويل ضد جبهات المساندة في لبنان والعراق وسوريا واليمن وإيران، بما في ذلك إظهار القوة، من خلال التورط العسكري المباشر في اليمن.

عملياً، بعد مئة يوم على حرب الإبادة، انتقل الجميع الى مستوى جديد، وسنشهد في الفترة المقبلة تحديات من نوع جديد، عسكرياً وأمنياً وسياسياً. وفيما يسعى الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، الى فرض وتيرة معينة للأحداث، تدرس قوى محور المقاومة، في المقابل، الخطوات الجديدة التي تنوي القيام بها لتثبيت موقفها وجهدها في إسناد غزة، ولرفع مستوى الإسناد بما يعطّل الأهداف التي يضعها الجانب الأميركي على الطاولة.

وفي هذا السياق، باتت قوى محور المقاومة أمام جدول أعمال مختلف، يبدأ برفع مستوى الجهوزية العسكرية استعداداً لمعارك أكبر وأوسع. والدخول في مرحلة تفعيل مستوى جديد من العمليات التي تجعل العدو يدرك بأن ما واجهه في المئة يوم الأولى لم يكن إلا «تحمية»، وأن الموجة الجديدة تهدف إلى دعم غزة من جهة، وردع العدو وتحذيره من مغبة التورط في عمليات مجنونة على طول جبهات الإسناد من جهة ثانية.

كذلك تستهدف قوى المقاومة إفهام العدو الإسرائيلي، ومن خلفه العدو الأميركي، بأن ما يسمى «المرحلة الثالثة» لا يفرض على الآخرين العمل وفق وتيرتها. بمعنى أن الوضع لا يستقيم وفق التفسيرات الأميركية. وعندما قال المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين إن المرحلة الثالثة تعني وقف العمليات الكبيرة. وبالتالي، لم يعد هناك من مبرر لإسناد غزة، فقد قال كلاماً ماكراً. وقد جاء الرد العملاني عليه، باستمرار العمليات العسكرية في كل جبهات الإسناد. ما يعني أن المقاومة في غزة وحدها من يعلن انتهاء الحرب، ولن يكون هناك وقف لأي عمل عسكري ضد العدو بمعزل عن طبيعة القتال وكثافة النيران، ما دامت المقاومة في غزة تقول إن الحرب قائمة. وبالتالي، فإن الرد المباشر والواضح على التهديدات الإسرائيلية المكثفة بتوسّع الحرب في حال لم تخمد جبهات الإسناد، جاء على لسان القائد الأبرز في محور المقاومة، السيد حسن نصر الله الذي وضع العدوّين الأميركي والإسرائيلي أمام «تحدي اتخاذ قرار بتوسيع العدوان نحو حرب إقليمية».

أمر أخير يبقى على رأس أولويات جبهة المقاومة، وهو يتعلق بمعركة رفع الحصار عن غزة، حتى بعد توقف العدوان. وبالتالي، فإن المقاومة في غزة التي تقول إن رفع الحصار شرط يوازي شرط وقف العدوان، يوجب على جبهة المقاومة الاستمرار في نشاطها، ومنع العدوّ من نيل أيّ ثمن بالسياسة بعدما فشل في نيله بالنار.

تقترب المنطقة من مرحلة الاختبار الأكبر للغرب بقيادة الولايات المتحدة. فإما أن تبادر الى احتواء الجريمة وحصر الأضرار، أو أن تدفع المنطقة بأسرها إلى أن تتحوّل الى كتلة نار ستصيب إسرائيل والمصالح الأميركية قبل أيّ أحد آخر!

السيد نصر الله: أهلاً ومرحباً بالحرب

لم يتبدّل السقف الذي وضعه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، وجدّد قوله إن كل «التطورات في المنطقة مرهونة بوقف هذا العدوان». ورداً على رسائل التهديد والـ«نُصح» والتحذير التي تصِل الى لبنان من حرب كبيرة قد يشنها العدو، قال إن «من يجِب عليه أن يخشى من الحرب مع لبنان هي إسرائيل، وحكومتها ومستوطنوها».جاءَ ذلك في سياق الكلمة التي ألقاها في الاحتفال التكريمي، الذي أقامه حزب الله أمس، بذكرى استشهاد القائد الجهادي وسام طويل في خربة سلم، وسخِر نصر الله من «التهديدات الأميركية والصهيونية التي لا تخيفنا، فالعدوّ يهددنا بألوية تعبانة ومرعوبة ومهزومة». وأعلن أن «حزب الله جاهز للحرب منذ 99 يوماً وسيقاتل بلا سقوف وبلا ضوابط وبلا حدود، وبالتالي على الأميركي الذي يدّعي الخوف على لبنان أن يخاف على أداته وقاعدته العسكرية في المنطقة، أي إسرائيل»، لافتاً الى أن «الجيش الإسرائيلي المعافى بكامل جهوزيته تحطّم وهزم ورفع الأعلام البِيض، في حرب عام 2006».

وكشف نصر الله عن المزيد من رسائل التهديد الأميركية التي وصلت إلى لبنان، والتي تُفيد بأن إسرائيل تستعد لتنفيذ عملية عسكرية بعد الانتهاء من حرب غزة، وردّ مؤكداً على «استمرار عمليات الحزب تضامناً مع قطاع غزة، حيث إن جبهة لبنان هدفها وقف العدوان على غزة، وبعد توقف العدوان فلكل حادث حديث»، ما يُعدّ رداً على ما حمله الموفد الأميركي عاموس هوكشتين الذي زار لبنان قبل أيام.

ورأى نصر الله أن «إسرائيل سقطت في حفرة عميقة، وهي غارقة في الفشل ولم تحقّق أيّاً من أهدافها المعلنة أو شبه المعلنة والضمنية في الحرب العدوانية التي تشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ مئة يوم». وأشار إلى أن «العدوّ ما زال يقاتل في خان يونس والوسط من أجل تحصيل إنجاز ما، ولم يتمكن من القضاء على المقاومة ولا حتى على حكومة حماس، ولا تزال كل المناطق التي أخليت من مناطق شمال غزة تديرها حكومة حماس، كذلك لم يتمكن العدوّ من إيقاف الصواريخ حتى من شمال غزة ولا من استعادة أسير واحد على قيد الحياة».

إسرائيل سقطت في حفرة عميقة، وهي غارقة في الفشل ولم تحقّق أيّاً من أهدافها

وأعاد التذكير بخسائر الاحتلال التي «تزيد من إرباكه، وآخرها الكشف عن 4000 معوّق في صفوف جيشه»، ناقلاً عن وسائل إعلام العدوّ أن العدد «قد يصل إلى 30 ألفاً». وقال: «عندما تتوقف الحرب ستظهر الحقائق أمام الجمهور، ويعرف الجميع الكارثة التي لحقت بالكيان نتيجة مقاومة غزّة ومن خلفها جبهات المقاومة».

كذلك أكد السيد نصر الله أنّ «أيّ أمل باستعادة الأسرى لدى المقاومة في قطاع غزة انتهى. وهذا الرأي العام في الكيان المؤيد للحرب بدأ ينحسر بسبب ذلك، وبسبب أن الحكومة غير قادرة وعاجزة، وبدأ يرتفع صوت المطالبة في الكيان بالتفاوض لاستعادة الأسرى، ما يعني الخضوع لشروط المقاومة في غزة. ورأى السيد نصر الله أن «هذا المسار إذا استمر في غزة أو الضفة أو اليمن أو لبنان أو العراق، فحكومة العدوّ لن يكون أمامها إلا الخضوع للمقاومة وإيقاف الحرب»، رغم أن «الأميركيين وحلفاءهم الغربيين عملوا على إحباط أو منع جبهات الإسناد، وهي شنّت حرباً نفسية على هذه الجبهات، وحاولت تسخيف هذه الجبهات في لبنان أو اليمن. وهذا لم يصغ إليه وقد انتهى وسقط، والدليل على جدواها ما يحصل على الجبهات هو انتقال الأميركيين وحلفائهم إلى التهديد والوعيد في لبنان والعراق واليمن».

وتعليقاً على الاغتيالات، لفت إلى «الأميركي يهدّد بالإسرائيلي وبالاغتيالات في العراق ولبنان والعدوان في اليمن، لكنه لم يجد نفعاً. والأميركي يدخل في تناقض عندما يقول إنه لا يريد توسيع نطاق الحرب، ثم يذهب الى توسيعها»، معتبراً أن ما «تقوم به واشنطن هو حماقة. وإذا كان الرئيس الأميركي ومن معه يظنّون أن العدوان على اليمن يمنع اليمنيين، فهم جاهلون، وعقلية الاستكبار تجعل منهم حمقى». وفي ما يتعلق بما أعلنته المقاومة الإسلامية في العراق عن استهداف مكان ما في حيفا بصاروخ كروز، كشف أن «معلوماتنا تؤكد أن هدفاً حساساً أصيب وتكتّم عليه العدوّ، وحجم التكتّم عند العدوّ في جبهة لبنان لناحية الخسائر والاستهدافات كبير. لكنّ العدوّ لم يعترف، وتحدث عن سقوط صواريخ على منشأة استراتيجية، لكن ما قامت به المقاومة من تصوير أظهر العكس». ولفت إلى أنه «تم استهداف قاعدة صفد شمال فلسطين بالمسيرّات، ولولا تصوير بعض العسكريين وبعض المستوطنين للأضرار، لقال العدو إن المسيّرات سقطت في مناطق فارغة. وفي المقابل، نحن نعلن وبفخر واعتزاز عن شهدائنا، لكنّ العدوّ يتكتّم عن قتلاه وخسائره وهزائمه».

حكومة «حماس» تعود إلى شمال غزة | إسرائيل في اليوم المئة: كأنه اليوم الأول!

إنه اليوم المئة من الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة؛ وبينما يعلن البيت الأبيض «(أننا) نقترب من الدخول في مرحلة قد تكون أقل كثافة في الحرب»، يتثبّت في الميدان الغزّي، سواء في شمال القطاع أو وسطه أو جنوبه، أن المقاومة حاضرة وفعّالة، ولا تزال تواجه القوات الإسرائيلية التي تحاول التقدم في الوسط والجنوب خصوصاً، كما تواصل قصف المدن المحتلة، ومن بينها أسدود برشقات صاروخية كثيفة. وفجر أمس، تمكّن مقاومو «كتائب القسام» من استهداف دبابة إسرائيلية في أحد محاور خان يونس، بينما اشتبكوا مع مجموعتين من جنود العدو في المنطقة نفسها.وفي شمال غزة، حيث دخلت الحرب المرحلة الثالثة فعلياً، وانسحبت معظم قوات العدو من المنطقة، إلى «غلاف غزة»، عادت بعض معالم الحياة، إذ أعادت محال تجارية فتح أبوابها، فيما أمكن ملاحظة حركة مدنية نشطة نسبياً. لكن ما كان لافتاً، حتى بالنسبة إلى العدو، هو ظهور الشرطة التابعة لحكومة «حماس» في الطرقات والأسواق، رغم الدمار الهائل، واستمرار القصف المتقطّع. كما أعلن «الهلال الأحمر» الفلسطيني، «تفعيل خدمات الإسعاف والطوارئ في محافظة غزة بعد توقّفها قسراً منذ نحو شهرين جرّاء محاصرة الاحتلال مركز إسعاف غزة ومستشفى القدس، كما عزّزنا خدماتنا الإسعافية في محافظة شمال غزة بمركبات إسعاف إضافية». أيضاً، تداولت وسائل إعلام العدو المشاهد القادمة من شمال غزة، والتي تُظهر المواطنين الفلسطينيين يتجوّلون في أحياء مختلفة، منها سوق جباليا الشهير. وتعليقاً على ذلك، اعتبر عضو «الكنيست» والوزير السابق، أفيغدور ليبرمان، أن «الصور التي خرجت من غزة في الأيام الأخيرة، والتي يُرى فيها شرطيّو حماس وقد عادوا إلى الروتين، ويقومون بجولات في حيّ الرمال الفاخر، والأسواق الحيوية في جباليا المليئة بالناس، هي صور مزعجة بشكل خاصّ لعشرات الآلاف من سكان الغلاف، الذين ما زالوا بعيدين جداً عن العودة إلى الحياة الطبيعية ومنتشرين في جميع أنحاء البلاد»، خاتماً بأن «هذه ليست الطريقة التي تدار بها الحرب، وليست هذه هي الطريقة التي تهزَم بها حماس».

من جهته، اعتبر مدير «معهد الأمن القومي»، اللواء احتياط تامير هايمان، أن إسرائيل وصلت «إلى نقطة اتخاذ القرارات الحاسمة»، مشيراً إلى أن «المعضلة الآن أصبحت سياسية»، ورأى هايمان أن المستوى السياسي يقف أمام خيارين، هما، بحسبه:

1. الذهاب إلى صفقة تبادل الأسرى التي توسّطت فيها قطر، بما من شأنه أن ينهي الحرب من دون أي تكلفة سياسية، ولكن مع احتمال أن تبقى «حماس» في الحكم.

يتناول المزيد من المراقبين والمسؤولين الإسرائيليين السابقين فشل الحكومة في تحقيق أهداف الحرب

2. الذهاب إلى اتفاق إقليمي مع السعودية بوساطة أميركية. وحتى في هذه الحالة، فإن الحرب سوف تنتهي من خلال صفقة تبادل، ولكن ثمنها سوف يكون على هيئة موافقة إسرائيلية على العملية السياسية مع السلطة الفلسطينية، التي سوف تعود للسيطرة على غزة.
وبطبيعة الحال، بحسب هايمان، «يمكن للحكومة تأجيل القرارات والاستمرار فقط في العمل العسكري للحرب. ومن الناحية السياسية، هذا هو المسار الأكثر أماناً للائتلاف الحالي الحاكم»، لكنه مسار «لا يؤدّي إلى أي نهاية مستقرّة، ولا يضمن تحقيق أي من أهداف الحرب». لذلك، «يتعيّن على القيادة الإسرائيلية أن تتّخذ قراراً واحداً: ما هو الأهم؟ رؤية سياسية لا تحظى بشعبية، لكن من شأنها أن تضمن تغيير الواقع الأمني في الشرق الأوسط، وتحقيق أهداف الحرب جزئياً، أو بدلاً من ذلك، التصميم العسكري على تعميق هزيمة حماس، وربما فتح جبهة حرب أخرى في الشمال، من شأنها إضعاف حزب الله». ويرى هايمان أن الاستمرار في الحرب «سيحظى بتأييد أغلبية الجمهور، ولكن من المشكوك فيه ما إذا كانت الحرب ستؤدّي في النهاية إلى تغيير جوهري في ميزان الأمن القومي». ويؤكد أن «تحقيق الهدف الكامل للحرب أمر مشكوك فيه، وخاصة ذلك المتعلّق بعودة المختطفين».

من جهتها، قالت صحيفة «هآرتس» العبرية في افتتاحيتها، أمس: «100 يوم مرّت منذ إعلان إسرائيل الحرب على حركة حماس، ووضع الحكومة هدفين للحرب، وهما: تدمير حركة حماس وإعادة المحتجزين، ولكنها بعد مرور 100 يوم ليست قريبة من تحقيق أيٍّ منهما». وأشارت إلى أن «الحكومة تصدّت منذ البداية لمن أكدوا عدم إمكانية تحقيق الهدفين معاً، وادّعت أنه يمكن التوصّل إلى صفقة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين، فيما تواصل تهديداتها بالقضاء على حماس، والزعم أن استمرار القتال أمر ضروري من أجل التوصّل إلى صفقة، ولكن الوضع يشير إلى غير ذلك». واعتبرت الصحيفة أن «عدم استعداد حماس لصفقة مقابل هدنة قصيرة، يعني أنه إن كانت إسرائيل تريد إعادة المحتجزين أحياءً، فعليها الموافقة على وقف طويل أكثر للقتال، والاستعداد لليوم التالي في قطاع غزة، وبكلمات أخرى، إنّ من يريد إعادة المحتجزين إلى منازلهم وهم أحياء، عليه أن يطلب من الحكومة إبرام صفقة لتحريرهم بأيّ ثمن حتى لو كان ذلك بدفع ثمن سياسي داخلي».

في غضون ذلك، يتناول المزيد من المراقبين والمسؤولين الإسرائيليين السابقين فشل الحكومة في تحقيق أهداف الحرب، من بينهم رئيس هيئة أركان الجيش ووزير الأمن السابق، موشيه يعالون، الذي شارك، ليلة السبت – الأحد، في تظاهرة في مدينة حيفا طالبت الحكومة بإعادة المحتجزين الإسرائيليين في أسرع وقت، والاستقالة في أعقاب إخفاق 7 أكتوبر، وإجراء انتخابات جديدة.
وقال يعالون، في كلمة ألقاها في التظاهرة التي تُعَدّ واحدة من عدة فعاليات جرت في أكثر من منطقة، من بينها تل أبيب: «مرت 100 يوم على الحرب في قطاع غزة والحدود الشمالية، والنهاية ليست في الأفق وحتى الآن هذه الحكومة التافهة لم تقرّر بعد ما هي أهداف الحرب وكيف ستنتهي». ورأى يعلون، أن «المسؤول عن الإخفاق لا يزال يشغل منصب رئيس الحكومة، ويرفض تحمّل المسؤولية».

وعلى صعيد متصل، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «(الرئيس الأميركي جو) بايدن ومسؤولين كباراً، محبطون من نتنياهو لرفضه طلبات لواشنطن متعلقة بالحرب في غزة».
وأشار هؤلاء إلى أن «هناك أدلة متزايدة على أن بايدن بدأ يفقد صبره تجاه نتنياهو»، كما أن «إدارته قلقة من أن إسرائيل لن تلتزم بجدولها للانتقال إلى عمليات أقل حدة في غزة». وأكد المسؤولون الأميركيون أن «زيارة بلينكن الأخيرة لإسرائيل، أدّت إلى تفاقم الإحباط داخل البيت الأبيض والخارجية». وأشار الموقع إلى أن «آخر مرة تحدّث فيها بايدن ونتنياهو، كانت في 23 ديسمبر، وأنهاها الرئيس الأميركي بإغلاق الهاتف بوجه نتنياهو».
وفي السياق نفسه، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول أميركي تأكيده أن «بلينكن أوضح لنتنياهو ومجلس وزراء الحرب أن خطة إسرائيل لليوم التالي حلم لا يمكن تحقيقه».

مصارحة شاملة مع القوى المسيحية: إستيقظوا!

قبل 2005، كان الرهان السياسي المسيحي واحداً: يخرج الجيش السوري واستخباراته من لبنان قبل الظهر فيخرج سمير جعجع من السجن ويعود ميشال عون من المنفى بعد الظهر وتحلّ كل المشاكل. سقط هذا الرهان، وتوالت بعده الرهانات الفاشلة.
لم يغيّر «تصحيح التمثيل السياسي للناخب المسيحي»، على أهميته، أوضاع هذا الناخب ولم يمنع هجرته، ولا سيما أنه ترافق مع انهيار الدولة، وبالتالي تلاشي «حلم الدولة» في العقل المسيحي.

حقق «التشاطر» على الخلاف السني – الشيعي، وتموضع نصف المسيحيين إلى جانب القوى السياسية الشيعية ونصفهم الآخر إلى جانب القوى السياسية السنية، بعض المكاسب. لكن جمهور كل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية هو من يقول اليوم إن استفادة القوى السياسية الشيعية والسنية مما اعتبره المسيحيون تشاطراً، كانت أكبر وأهمّ وأكثر استدامة.
سقط وهم الاتفاق المسيحي – المسيحي القادر على فرض أولوياته على الآخرين، إذ بدا أنه ينفع للعرقلة وليس للبناء. سقط رهان القوات اللبنانية والكتائب ومن يدور في فلكهما على سقوط سوريا وتقسيمها واستعادة المشاريع الفدرالية.
سقط رهان سمير جعجع على سحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليحيى السنوار وحركته خلال بضع ساعات أو بضعة أيام، ليتقدم بعدها نحو بيروت لتنصيبه رئيساً للجمهورية فوق الدبابات في تكرار لتجربة 1982. إذا كان البعض يستصعب إجراء مراجعات جدية لاستخلاص العبر في بناء الرهانات المستقبلية، فهذا التقرير هو خلاصة نقاشات طويلة مع فاعلين ومعنيين في الأحزاب والرهبانيات المسيحية، والهدف منه ليس الشماتة ولا «فشّة الخلق»، وإنما ملاقاة ما يكتبه ويعبّر عنه الأمين العام السابق لقوى 14 آذار فارس سعيد بأفضل طريقة اليوم، كما يعبّر عنه كثير من الرهبان القلقين، وتغريدات يمنى الجميل، وملاحظات بعض مطارنة الاغتراب، ونقاشات جبران باسيل والدائرة الآيلة إلى التوسع التي يحيط نفسه بها، والديناميكية الجسدية التي لا بد أن تصبح فكرية أيضاً إذا أراد رئيس حزب الكتائب سامي الجميل أن يتقدم فعلاً.
الهدف هو مخاطبة العقل المسيحيّ بحرص وغيرة وهدوء لحثّه على قراءة اللحظة بشكل صحيح في منطقة «تنام على شيء وتستفيق على آخر»، كما كتب فارس سعيد على منصة X أمس، وإعادة تحديد الحجم والدور والوظيفة بشكل أصدق مع الذات، وعدم التفكير في أي رهانات إضافية خارج مبدأ التفاهم مع جميع المكونات الأخرى

ثمة ثابتة أولى تبدو للبعض تحصيل حاصل. لكن، لا بد في مطلع أي نقاش، من تثبيتها كحجر أساس لتبديد الأوهام التاريخية من جهة وصناعة المستقبل من جهة أخرى: بعيداً من الاهتمام الإيراني بحزب الله، ما من أحد في هذا العالم الواسع مهتم، من قريب أو بعيد، بأيٍّ من المكونات اللبنانية سواء الطائفية أو السياسية.
من لا يزال يثق بـ«رادارات» الزعيم الدرزي وليد جنبلاط عليه أن يسمع ما يكرره يومياً في هذا الخصوص، بموازاة القراءة الهادئة لتجربة مسيحيي المنطقة والغرب من جبل لبنان إلى سوريا والعراق وفلسطين ذهاباً وإياباً منذ خمسة عقود.
علاقة فرنسا (التي اعتبرها الموارنة أمّهم الحنون لعقود، قبل أن تتخلى عنهم لتحنّ على الرئيس رفيق الحريري) مع حزب الله أوطد وأعمق ولا تقارن اليوم بعلاقتها مع البطريركية المارونية والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب مجتمعين.
سخط البطريرك بشارة الراعي كان كبيراً في لقائه الأخير مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لكن حدّته من جهة وديبلوماسية ماكرون من جهة أخرى، لم تعدلا في المسار الفرنسيّ: «مصلحتنا تقتضي التعامل مع من لديه القدرة؛ حسّنوا قدراتكم، وحينها يكون لكل حادث حديث».

لا أحد يسأل الحكومة اللبنانية أو القوات اللبنانية أو سامي الجميل عمّا ينبغي فعله لتهدئة الجبهة الجنوبية، بل يجري الحديث مع حزب الله مباشرة، في ظل اقتناع الإدارة الديموقراطية في الولايات المتحدة بأن محاولة ترغيب «محور الممانعة» ضمن ضوابط، أفضل بكثير من محاولات ترهيبه.

إذا كان ما سبق واضحاً ومحسوماً، فإن بناء أي مقاربة سياسية للمرحلة يجب أن تبدأ من إسقاط وهم التعويل على الغرب الذي يقول يومياً – بكل اللغات والوسائل – إنه معنيّ بأمن اليهود، لكنه ليس معنياً بأمن المسيحيين أو الأكراد أو الدروز أو السنة أو الشيعة. تماماً كما أثبت في السنوات القليلة الماضية أنه معنيّ بأمن إسرائيل، وليس معنيّاً بأمن السعودية أو الإمارات أو غيرهما من الدول الحليفة للولايات المتحدة، إضافة إلى بحثه عن تفاهمات مباشرة مع خصومه المفترضين.

مصلحة المسيحيين

الخطورة هنا لا تتعلق بالضربات الأمنية المباشرة، وإنما بعدم الاهتمام الغربي بكل ما يمكن أن يحصل، سواء سياسياً أو تمثيلياً أو غيره حتى لو بلغت الأمور حد التهديد الأمني. وهو ما يفترض أن يدفع المعنيين إلى السؤال عن وظيفتهم في حال بلغت المواجهة ذروتها، أو في حال التوصل إلى تفاهمات مفصلية كبيرة طالما «تنام المنطقة على شيء وتستفيق على شيءٍ آخر»: هل تقتضي مصلحة المسيحيين، وحتى مصلحتهم كأفرقاء سياسيين، المبادرة إلى تفاهمات داخلية جدية كبيرة يكونون «شركاء» فيها، أو انتظار تفاهم الحزب والخارج ليأخذوا علماً بنتائجه؟ هل يفيدهم الجلوس اليوم على الطاولة معززين مكرمين، أم انتظار أن يرسلهم الخارج غداً مهزومين ومهانين؟ هل يجب أن ينتظروا من يوجّه إليهم الدعوات، أم أنّ عليهم أن يبادروا إلى الدعوة وبإلحاح كبير؟

في ظل المتغيرات السريعة، لا يوجد ما يمكن وصفه بترف الوقت: كان الرئيس ميشال عون يأمل أن تتزامن لحظة المفاوضات الكبرى مع وجوده في قصر بعبدا ليضمن الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لكنه ترك القصر للفراغ قبل أن يحين أوان التفاوض. فيما أخرجت السعودية نفسها بنفسها حين أخرجت سعد الحريري، فلم يبقَ فريق لبنانيّ في المشهد المحلي – الإقليمي – الدولي غير حزب الله. ورغم قول رئيس حزب التيار الوطني الحر جبران باسيل أخيراً إن التوقيع على أيّ اتفاقيات يستوجب وجود رئيس للجمهورية، إلا أنه يعرف أن الاتفاق شيء وتوقيعه السابق أو اللاحق شيء آخر، إذ يمكن للموقّع، مستقبلاً، أن يطلب تعديل فاصلة أو نقطة أو كلمة بعد أن يكون ما كتب قد كتب وسلك طريق التنفيذ، تماماً كما حصل في اتفاق الطائف حين نُفِّذ ما اتفق اللاعبون الإقليميون عليه لا ما وقّعه المجتمعون. وهذا ما يقود إلى القول إن وجود حزب الله على الطاولة لا يهزّه أو يؤثر فيه نكد سياسي أو عمل أمني أو برنامج تلفزيوني أو «اسكتش» هزلي، والمطلوب الاعتراف بهذا الواقع بدل البكاء على الأطلال، من أجل معرفة كيفية التعامل معه لجهة إيجاد قواسم مشتركة ورؤى وشراكات، فلا يقرر الحزب وحده حتى ولو كان قادراً على ذلك. وبموازاة هاتين الثابتتين، لا بدّ من النقاش بعقلانية اليوم في أربع نقاط إضافية:

أي المحورين أخطر؟

أولاً. ثمة محور يمتد من الضاحية الجنوبية إلى ما بعد بعد البحر الأحمر. يمكن تصديق الروايات القائلة إنه يعرّض الأمن اللبنانيّ للخطر من البوابة الجنوبية. لكن هذا نصف الحقيقة. ونصف الحقيقة المطلقة التي لا يمكن التشكيك فيها، هي أن هذا المحور ليس وحده، بل يقابله محور مضادّ يبدأ من السفارة الأميركية في عوكر ويمرّ بمعراب والصيفي ومفوضية اللاجئين وسفارة الاتحاد الأوروبي ونحو مئتي جمعية. وهؤلاء جميعاً يعرّضون الأمن اللبنانيّ لخطر أكبر بكثير عبر الإصرار على إنهاء القضية الفلسطينية وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتدمير سوريا وتوطين اللاجئين السوريين في لبنان أيضاً، إضافة إلى منع مصر والأردن من تزويد لبنان بالغاز لتشغيل معامل الكهرباء، رغم الاتفاقيات الموقّعة بهذا الشأن، والتضييق على التحويلات المصرفية من لبنان وإليه طوال العقدين الماضيين، ومنع شركات النفط العالمية من التنقيب عن النفط رغم الاتفاقيات الموقّعة بهذا الشأن أيضاً، ومنع تصدير المنتجات اللبنانية إلى عدد كبير من هذه الدول، والاستثمار في المجموعات التكفيرية لأكثر من عشر سنوات بكل ما تمثله من تهديد للأمن اللبنانيّ، بموازاة التغطية المتواصلة منذ عقود للتجاهل الإسرائيلي المطلق للقرارات الدولية التي تنصّ على عودة اللاجئين، والانتهاكات الإسرائيلية اليومية المتكررة للسيادة اللبنانية.

هل يمكن وضع الغرائز والشعارات والعواطف المتوارثة الجياشة جانباً لقياس الضرر الذي ألحقه كل من المحورين المتنافسين بالأمن والاقتصاد والمؤسسات والمجتمع في لبنان؟ وهل يمكن تحديد المنفعة اللبنانية من الاستجابة للتماهي المطلق مع مطالب المحور الأميركي – الأوروبي – الخليجي الذي يحاصر ويجوّع ويصرّ على توطين الفلسطينيين والسوريين من دون تعديل جذري في مواقفه التي تدفّع لبنان واللبنانيين الثمن الباهظ لصراعه مع المحور الآخر؟ أليست هذه هي اللحظة الأنسب ليضع كل طرف لبناني ورقة تفاوض حقيقية مع كل من المحورين لينتزع بموجبها المصلحة اللبنانية من هنا وهناك، بدل تسليف المواقف المجانية لمن لا يستحقها؟ وما هو الأخطر بالنسبة الى البطريركية المارونية والقوات اللبنانية تحديداً: الضربات الإسرائيلية التي يمكن أن تصيب لبنان جراء ما يصفونه بـ«ممارسات محور الممانعة»، أم خطر التوطين جرّاء إنهاء القضية الفلسطينية كما يريد المحور الآخر وتوطين السوريين بعد تخريب المحور نفسه لسوريا وتدمير الدولة اللبنانية؟

ثانياً. إذا كان الإسرائيليّ، قبل الأميركي والأوروبي والخليجيّ، قد بات واقعياً جداً مبتعداً عن مطلب نزع سلاح حزب الله، ومحوّلاً اهتمامه ومطلبه وضغوطه إلى مجرد وحدة متخصصة في الحزب تدعى «قوة الرضوان»، لا يطلب تفكيكها أو تجريدها من سلاحها أو نفي مقاتليها، بل مجرد إبعادهم إلى ما بعد الليطاني فقط لا غير… فعلى من يزايد بعض الأفرقاء اللبنانيين، ولمن يبيعون هذا الوهم المتعلق بعزل حزب الله ونزع سلاحه وغيره من العناوين التي لم تعد في حسابات الإسرائيليين؟ وكيف يرضى جمهور عقلاني علمي يؤمن برجاحة العقل أن يستهبله بعض السياسيين بهتافات (لا مشاريع أو خطط) لا مكان لها في أحلام الإسرائيليين حتى؟ وإلى متى تبقى أولوية هذا الجمهور التصفيق للخطاب غير المنطقي أو العقلاني بدل وضع أصحابه عند حدود عقلانية أو منطقية ما؟ وهناك، هنا، ما يتجاوز الحساسية المسيحية – الشيعية إلى الحساسية المسيحية – المسلمة عموماً: لا بدّ من طيّ صفحة الخطاب العدائي الذي يستقطب الجمهور، لإقناع هذا الجمهور نفسه بأن ما يفترض أن يستقطبه هو الخطاب الانفتاحي التصالحي الحواريّ، فلا يخسر كل من ينصح بالانفتاح والتفاهم والشراكة شعبيته لأن الجمهور المسيحي عموماً يريد الازدهار والرفاهية من جهة، والانعزال والتحريض والعدائية من جهة أخرى. لا بدّ من استنهاض العقل، هنا، لإيجاد مساحة مشتركة أو خطاب سياسي يضمن الاستقلالية والكرامة وعدم التبعية أولاً، والشراكة والندّية ثانياً، والانفتاح والتفاهم ثالثاً. إذ لا يمكن أن تبقى العدائية والكراهية وشتم الآخر الممر الوحيد الأوحد للشعبية: كيف يمكن أن يخسر التيار الوطني الحر شعبيته عند المسيحيين لأنه آمن بالتفاهم! هل كان يفترض أن يؤمن بالتحريض والكراهية والاقتتال الداخلي وتجارة الأوهام ليحافظ على شعبيته مثلاً؟ هل هذا فعلاً ما يريده المسيحيون؟

ثالثاً. في لحظة التجاذب السني – الشيعي التي بلغت حدّ التقاتل، كان يمكن للفريقين المسيحيين الرئيسيين أن يتموضعا كل في جهة، مستفيدين من حاجة كل من المعسكرين الماسّة إلى أحدهما ليبالغا في تدلّلهما، فينتزع العونيون حقوقاً تمثيلية لم يكن أحد يتخيّلها تستعاد، ويحصد القواتيون أموالاً ونفوذاً وتقديراً خليجياً منقطع النظير. لكن الاستمرار في الاعتقاد والتصرف على أساس أن هذه اللحظة متواصلة يمكن أن الفريقين المسيحيين من وضعية «رابح – رابح» إلى وضعية «خاسر – خاسر» بالسرعة نفسها. فلا يمكن القوات التعامل مع لحظة التماهي الإيراني – السعودي إقليمياً بالطريقة نفسها كما في لحظة تقاتلهما، ولا يجوز للتيار التعامل مع لحظة التحالف الوطيد بين الثنائية الشيعية وكل من سعد الحريري ونجيب ميقاتي والجماعة الإسلامية والنواب الذين أظهروا حضورهم القوي في كل من عكار والمنية والضنية وطرابلس وصيدا والبقاع الغربي بالطريقة نفسها التي كان يتم التعامل فيها مع لحظة تصادم هؤلاء. كان لدى حزب الله حليفان عام 2006 هما التيار الوطني الحر وحركة أمل، فيما لديه اليوم ما لا يعدّ ولا يحصى من الحلفاء.

هل مصلحة المسيحيين المبادرة إلى تفاهمات داخلية يكونون «شركاء» فيها أم انتظار تفاهم الحزب والخارج ليأخذوا علماً بنتائجه

سلّفه التيار موقفاً وطنياً عام 2006، ويسلّفه الرئيس نجيب ميقاتي موقفاً رسمياً اليوم. لا يمكن أن يقابل الأفرقاء المسيحيون كل هذه الديناميكيات بكل هذا الجمود. ولا يمكن أن يتمتع الجمهور والقيادات بكل هذه الديناميكية الجسدية والجمود الفكري معاً، ولا يمكن أن يكون الحل بتزوير الوقائع أو إخفائها؛ فلا أحد يريد إخافة المسيحيين حين يشرح عن بنية حزبه أو يهدد إسرائيل أو يوضح للمغامرين أن لديه مئة ألف مقاتل. بل يفترض أن يسأل المسيحيون أنفسهم، لماذا لمثل هذا الخطاب أن يخيفهم أو يقلقهم بدل أن يعزز ثقتهم بأنفسهم وبتحالفاتهم وببلدهم؟ لا يمكن الاستمرار في اللعب السياسيّ بالتكتيك نفسه في ظل تغيّر المباراة واللاعبين والمدربين، تماماً كما لا يمكن أن تعدّل الجماهير بأمزجتها وتتقلب وتتغير وتواكب المراحل، فيما مزاج الجمهور المسيحي ثابت لا يتغير! ثمة غطاء رسمي يأخذ الرئيس نجيب ميقاتي مداه في تقديمه لحزب الله في المحافل الدولية لا يمكن إسقاطه اليوم من الحسابات. ثمة تهدئة سنية – شيعية تريح المنطقة والبلد ولها انعكاساتها الداخلية بكل ما تقتضيه من تنازلات متبادلة لا يمكن إسقاطها اليوم من الحسابات. ثمة شراكة دم جديدة في مواجهة العدو الإسرائيليّ بين الحزب والجماعة الإسلامية لا يمكن إسقاطها من أيّة حسابات مستقبلية. ثمة موقف شجاع مريح للحزب سطّره وليد جنبلاط لن يكون بالإمكان إسقاطه من أيّة حسابات مستقبلية. ثمة تنسيق أساسي مركزي حيوي يحفظ أرواح المقاومين على مدار الساعة بين قيادتَي الجيش والمقاومة لا يمكن إسقاطه من أية حسابات مستقبلية. يفترض أخذ كل هذه المتغيرات المحلية الصغيرة في الاعتبار عند التفكير بالمستقبل القريب، لا اعتبارها جميعها غير موجودة لأنها تتنافى مع المصلحة المباشرة لهذا الفريق السياسي أو ذاك. المقاربة السياسية تحكمها الوقائع المتغيرة لا التحالفات الاستراتيجية التي يمكن أن تبقى ثابتة.

المزاج المسيحي

رابعاً. لدى القوات اللبنانية قدرات مالية استثنائية تغنيها عن الحاجة إلى موارد الدولة لتقديم خدمات الاستشفاء والتعليم وتوفير فرص العمل في الخليج خصوصاً. كما أن لديها القدرة على التماهي مع الخطاب الوجداني الماروني المعادي لكل مفاهيم الشراكة، ما يساعدها على البقاء خارج السلطة في لحظة انهيارها والعمل من خارجها.

أما أن يحاول التيار الوطني الحر اللحاق بها، من دون امتلاك قدراتها الإعلامية والمالية والتوظيفية، فهو أمر يفترض أن يناقش بهدوء، مع درس هادئ أيضاً لهوية الناخبين والملتزمين في التيار وعلاقتهم بمؤسسات الدولة التي لم تضاعف من شعبية التيار كما يقول، عن حق، رئيسه جبران باسيل، لكنها مثّلت الملاذ الوظيفي الآمن لآلاف العونيين. ولا بدّ هنا من الرسو على برٍّ: هل كانت العودة المسيحية إلى الدولة قراراً استراتيجياً للرئيس ميشال عون مدعوماً من البطريركية المارونية وعدة مؤسسات كاثوليكية بعد خطيئة المقاطعة التي كانت لها تداعياتها على الوجود المسيحي في الدولة، أم كانت قراراً ثانوياً يمكن التراجع عنه؟ يمكن لهذا الفريق السياسي أو ذاك أن يربح معركة أو يخسر أو يعارض أو يوالي، لكن لا يفترض أن يبحث أحد من القوات، إلى التيار، مروراً بالكتائب وغيرهم، بجدوى المشاركة أو عدمها. يفترض بالمشاركة أن تكون قراراً استراتيجياً لا يخضع للمزايدات أو المزاجية أو الانتقائية: لا يمكن أن تطلب شراكة كاملة حتى على مستوى حراس الأحراج يوم الاثنين، ثم تفكر بعدم المشاركة على مستوى الوزراء يوم الثلاثاء. مع العلم أن الحديث عن تفضيل المزاج المسيحي العام للمعارضة فيه كثير من التضليل: قدرات القوات وبعض وجوه المجتمع المدني تمكنهم من المعارضة، لكن ثمة الكثير من «الحالات الدراسية» التي تناقض ذلك، يكفي ذكر «غسان مخيبر – ميشال المر» منها؛ لا يمكن للمعارض المبدئي الذي لا يملك قدرات مالية أن يفوز بختم مختار في بلدته، فيما يمكن للموالي أن يورّث أحفاده الشرعية الشعبية المسيحية.

أخيراً، يمكن سمير جعجع أن يتعامل في اللقاء المصوّر الأخير مع كوادر حزبه مع الطموحات الإسرائيلية أو الأهداف الإسرائيلية للحرب على لبنان باعتبارها وقائع رغم كل إخفاقات الإسرائيليين في تحقيق أهدافهم، سواء في لبنان أو في غزة أو الضفة أو حتى أراضي 48 المحتلة.

ويمكن لبعض الأفرقاء المتماهين مع جعجع أن يواصلوا التعامل مع الأهداف الأميركية باعتبارها وقائع، رغم كل الإخفاقات الأميركية في المنطقة من سوريا والعراق إلى أوكرانيا، مروراً بأفغانستان وتركيا. ويمكن للتيار الوطني الحر أن يقول إنه جرّب كل شيء بما في ذلك الشرق والغرب وتبيّن أنهم جميعهم أسوأ من بعضهم، فيراكم فوق الإحباط إحباطاً. ويمكن البطريركية المارونية أن لا تقرأ ما تكتبه «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» عن فشل الإمبراطورية الفرنسية في تثبيت أقدامها في بيروت، فيما باتت إيران تضع قدماً في البحر المتوسط وقدماً في البحر الأحمر.

يمكن للقيادات أن تقرر لعب دور النعامات وتواصل الهروب إلى الأمام، لكنها ليست مشكلة القيادات – خاضت القيادات تجاربها، فازت برئاسات ووزارات ونيابات، وغالبيتها تعيش اليوم في قصور – بل هي مشكلة الرأي العام: لا يمكن للرأي العام أن يواصل لعب دور النعامات أو يخرج نفسه من وهم ليدخل نفسه في وهم أكبر.

لعل القيادات لا تخرج من مناطقها، ولا تذهب إلى قصور العدل أو المستشفيات أو المطاعم أو المدارس أو المجمعات التجارية والأحياء الصناعية هنا وهناك، أما الرأي العام فعلى تماسّ مع الآخر عن قرب أكثر، يستطلع ويقرأ ويشاهد ويحلّل ويفهم.

ولا يمكن لهذا الرأي العام أن يجاري هؤلاء بعد كل ما تكبّده المجتمع نتيجة رهاناتهم الخاطئة المتواصلة والمتكررة. ورغم غياب من يمكن وصفهم بالمؤثرين والنخب والأصوات الحرّة داخل الأحزاب، لا بدّ من أن يخرج من يسأل هؤلاء بلباقة أن يهدأوا قليلاً، ويحكّموا العقل ومصلحة الجماعة، ويلتفتوا إلى أهمية المشروع الذي لا يمكن من دونه الاستمرار، تماماً كما لا يمكن أن يكون المشروع عام 2024 هو نفسه المشروع عام 2004 أو 1990 أو 1982 أو 1975، من دون الأخذ في الاعتبار كل ما يحصل من تطورات قريبة وبعيدة.

عندما يتحوّل التكتيك إلى استراتيجيا

يمكن للخيارات الاستراتيجية أن تكون مبدئية ثابتة جامدة لا تتزحزح أو تلين، أما التكتيك السياسي فوُجد لتدوير الزوايا ومواكبة التطورات وضمان تحقيق الأهداف المتوسطة والقريبة. تعامل بعض السياسيين مع التكتيك بوصفه استراتيجيا، وكبّلوا أنفسهم بمواقف تشكل انتحارهم السياسيّ. التكتيك جعل العماد ميشال عون يقول إنه ضد توزير الخاسرين في الانتخابات النيابية حين كانت أولويته إخراج مسيحيي 14 آذار من المشهد بعيد انتخابات 2005، لكنه خاض معركة توزير الخاسرين عام 2008. وقف عون ضد ميشال المر «للموت»، قبل دقائق قليلة من تركيب التفاهم الانتخابي معه.

انتظر فؤاد السنيورة أن يستقبله عون بكتاب «الإبراء المستحيل» بعد طول عداء، فاستقبله بوردة الغاردينيا.
قطع «وان واي تيكت» لسعد الحريري قبل الظهر وكان في استقباله في مطار بيروت بعد الظهر. المهم الهدف، لا التكتيك المعتمد لتحقيقه. يفترض بالتكتيك السياسي أن يؤدي الغاية المرجوة منه؛ إذا لم تحقق مقاطعة جلسات مجلس الوزراء غايتها، لا نغيّر الهدف أو الغاية إنما نغيّر التكتيك.

إذا لم تحقق مقاطعة جلسات المجلس النيابي غايتها، وباتت مصدر خسارة سياسية لا ربح، يتغير التكتيك لا الهدف ولا الغاية. المهم الهدف لا التكتيك المستخدم لتحقيقه.
لم يحاسب أحد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أو يعاتبه أو يغيّر نظرته إليه لمشاركته في جلسة المجلس النيابي الأخيرة، رغم كل مواقفه السابقة بهذا الشأن.
غيّر التكتيك فخرج منتصراً، فيما تمسك التيار بتكتيكه وخرج منهزماً؛ تغيير التكتيك لا يعني تغيير المبدأ بدليل كل ما سبق ذكره من تجارب عونية؛ الهدف أو الغاية تحدّد المبدئي أو الوطني لا التكتيك. التكتيك وسيلة؛ لا يمكن للوسيلة أن تصبح هي الهدف.

المكابرة والوهم

بعد نزاع لسنوات، أنهت استقالة الرئيس سعد الحريري في 29 تشرين الأول 2019 مرحلة السنية السياسية، رغم أن العمل عليها بدأ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن تبصر النور في التسعينيات. ويتوهم كثيرون أن الشيعية السياسية قد بدأت فعلاً قبل سنوات، لكن الوقائع تؤكد أن كل ما يحصل منذ سنوات هو أن المساحة الانتقالية من «السنية» إلى «الشيعية» على غرار المخاض الطويل الذي مرّت به كل من المارونية السياسية والسنية السياسية قبل أن تتشكلا فعلاً.
الشيعية السياسية لم تبدأ رسمياً بعد، لكنها ستبدأ حتماً، أبى من أبى في الداخل والخارج.
والسؤال العقلاني الذي يفترض بالموارنة سؤاله اليوم هو: هل يكرّرون ما تصفه مرجعياتهم بخطيئة المقاطعة التي أوقعوا أنفسهم في شركها، حين أخرجوا أنفسهم طوعاً من الدولة والنظام والإدارة، أم يلجأون الى بحث هادئ وعاقل عمّا يضمن لهم البقاء السياسي والاستمرار الإداري والحفاظ على المكتسبات التي استعيدت في السنوات القليلة الماضية؟ بوضوح أكبر: هذه لحظة مكابرة وحرد وتهديد ووعيد للخروج أكثر، أم لحظة استعداد وتحضير وتفكير للدخول أكثر؟

الفراغ الثقيل في النخب

رحل ميشال إده عام 2019، تبعه جان عبيد ثم سجعان قزي. الفرق في المكانة والثقافة بين كل منهم شاسع طبعاً، لكنهم – برغم هذا التفاوت – كانوا آخر الموارنة الذين يقرأون ويكتبون، ويحاولون لعب أدوار مهمة في الظل. خلفهم حبيب افرام؛ محبط كسّره التكرار المتواصل لـ«سيفو» منذ مئة عام. عبد الله بو حبيب – طبعة الظهر غير طبعة الصباح غير طبعة المساء. كريم بقرادوني يدور مجدداً في متاهة الثنائيات المارونية دون مصارحة نفسه والآخرين بالنتائج الكارثية المتكررة التي تلت كل ما أنتجه من «مبادرات». جورج غانم الذي ميّز نفسه بين جيل الصحافيين، محبط ويعبّر عن المأساة بسخرية دائمة. فارس بويز نزل من عليائه لمصارعة من وصفهم بالصيصان فصرعوه.
زياد بارود يختبئ خلف «حكمة الانشغال بمكتبه». السفير سيمون كرم تقاعد هو الآخر من النقاش السياسي. صديقه فريد الياس الخازن أخرج نفسه بنفسه من المشهد. من لم يكن يسعهم العالم في زمن قرنة شهوان والبطريرك نصر الله صفير استقالوا جماعياً من هذا العالم. التجدد الديموقراطي توفّي مع نسيب لحود.
حزب الكتلة الوطنية بيع من دون مزاد علني حتى. قدامى الأحزاب خاضوا بالمفرق تجارب فاشلة بالجملة. في الرهبانيات ولّى زمن الآباء العامين – القامات. تحضر ندوة نقاشية في جامعة الكسليك، فلا تجد سوى سبعة أشخاص رسميين من دون طالب واحد يتطلّع إلى «نقاش». في الندوات السياسية، لا أحد يريد الإصغاء أو النقاش: ينتظر المشاركون الدور ليطرحوا السؤال ثم يجيبوا عنه ويمضوا في طريقهم. في الجامعات، لم يعد ثمة نشطاء سياسيون يناقشون ويتنافسون ضمن أحزابهم أولاً، ثم مع الآخرين على إعداد النشرات المطبوعة وتوزيعها وتوطيد العلاقات مع الطلاب والتعرف على الآخر كما كان يحصل قبل 2005، وانتهى الأمر بتسجيل الطلاب وطباعة الدروس وتأمين العلامات. إدمون رزق حلّ مكانه في جزين سعيد الأسمر الذي لا يعلم هو نفسه أنه نائب. «لا أحد» محلّ إميل رحمة في الهرمل. «لا أحد» آخر محل جان عبيد في طرابلس. فيما احتل غياث يزبك مقعد جورج سعادة في البترون!

أما المطارنة الموارنة فلا شيء يشغل المؤثرين وسطهم أو يهمّهم غير لعبة «البوانتاجات» الخاصة بخلافة البطريرك بشارة الراعي، حيث يواجه هؤلاء في المؤسسة الكنسية ما يواجهه كل موظف ماروني من الفئة الأولى لا يكاد يعيّن في وظيفته حتى ينشغل عنها بأحلام الرئاسة الأولى. ثمة حشد هائل من رجال الأعمال الذين لا يعرفون ماذا يفعلون أو أين يذهبون خارج الدوران العبثيّ في لجان الاستنزاف المالي التي تنتجها لهم الأحزاب والبطريركيات هنا وهناك. قضاة وضباط ومديرون عامون يقفون في الصف عند مدير المكتب في عين التينة، لا عند صاحب الدار حتى. حشد الأساتذة الجامعيين والمهندسين والمحامين والأطباء منكفئ بالكامل. تمرّ الأعياد على بكركي دون أية معايدات جدية تذكر، حتى من أبناء الطائفة. رئيس لجنة المال العوني إبراهيم كنعان يواصل التدقيق في الموازنة، فيما تكتله غير مشارك في جلسة إقرار كل هذه الإصلاحات المفترضة.
«التيار» ضدّ التشريع من دون رئيس، فيما بكركي والأحزاب المسيحية الأخرى والرأي العام المسيحي مع التشريع من دون رئيس، ومع اجتماع الحكومة ومع مخالفة القوانين للتمديد لشخص واحد أوحد. وهو ما يدفع إلى القول إن الفراغ الماروني الحاصل أخطر بكثير من مجرد الفراغ في رئاسة الجمهورية، ونصح البطريرك أو الإحاطة به أو توقّع تقديره للحالة بوعيٍ استراتيجيٍ كبير أمر مفروغ منه في ظل حالة الضمور هذه. مع ذلك، لا بدّ من مواصلة محاولات مخاطبة العقل الماروني لا غرائزه ولا جماهيره لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

برّي: فرنجية مرشّح وحيد معلن… هل يذهبون إلى الجلسة؟

غدا معتاداً انتخاب الرئيس آخر الاستحقاقات المهمة واللازمة. ليس بين أي من المسؤولين الدوليين الذين زاروا بيروت في الأسابيع الأخيرة مَن خطر له أن يسأل عن الاستحقاق. لا حديث لهم إلا القرار 1701 وجبهة الجنوب. كالأيتام، وحدهم المسؤولون اللبنانيون ذكّروا به

عندما يُسأل الرئيس نبيه برّي هل يعتزم تحرّكاً ما لإعادة الروح إلى الاستحقاق الرئاسي، يجيب بالنفي معطوفاً على أن أحداً من الأفرقاء «لا يريد حلاً من الداخل بل من الخارج».وعندما يُسأل هل يُترك تجاهل انتخاب الرئيس إلى ما لا نهاية، يجيب أن ليس إلى الآن «سوى مرشح واحد» هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية: «الباقون إما لم يعودوا موجودين أو لا يريدون الترشح». إلا أنه يضيف: «الآن أمامنا مرشح هو سليمان فرنجية. إذا كانوا موافقين على ترشحه، أدعو إلى جلسة وليذهبوا إليها».

يعكس برّي، دونما أن يرغب في الاستفاضة في الحديث عن الاستحقاق المعطل، المأزق المستمر منذ الجلسة الثانية عشرة في 14 حزيران. السنة المنصرمة لم تُعقد سوى جلستين أولاهما في 19 كانون الثاني. قبلها سنة الشغور التأم البرلمان في عشر جلسات غير مجدية منذ عشية نهاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول 2022 إلى نهاية السنة.
منذ جلسة 14 حزيران، لا أحد يتحدث عن مصير الاستحقاق. لا تزال العقدة تدور من حول ترشيح فرنجية أكثر منها الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية كاستحقاق دستوري ملزم. صار الموقف من الشخص، لمَن يدعمه ومَن يناهضه، أقوى تأثيراً من الخروج من معضلة الشغور. عَبَرَ أكثر من مرشح على مر المرحلة الفائتة وداروا في فلك العثور على حل لمنع انتخاب فرنجية بأي ثمن لمَن يعارضه، دونما أن يتمكن داعموه من فرض انتخابه. في المراجعة المعكوسة لواقع الأشهر الأخيرة أن خروج فرنجية من السباق بات يُنظر إليه لدى فريق انه الطريق الأقصر لانتخاب رئيس للجمهورية، ولدى فريق آخر أنه سبب إضافي لديمومة الشغور متمسكاً بحقه في أن يكون له مرشح ويرفض ما يرفضه الآخرون.
منذ جلسة 14 حزيران ثمة معطيات بعضها قديم لا يزال على قِدمه، وبعضها حديث يتقادم بمرور الوقت:

1 ـ لا يزال فرنجية مرشح الثنائي الشيعي دون سواه، أولاً وأخيراً. يعزز استمراره كذلك، تأكيده أنه ليس في وارد الانسحاب أو التخلي عن ترشحه. يستمد قوته من امتلاكه، على الأقل بحسب أرقام الجلسة الأخيرة قبل ستة اشهر، 51 صوتاً غير قابلة للنقصان وراءها الثنائي الشيعي وحلفاؤه سنّة ومسيحيين. ذلك ما ليس متوافراً لأي مرشح آخر. مع أن منافسه آنذاك الوزير السابق جهاد أزعور حاز 59 صوتاً، بيد أن كتلة الأصوات هذه متحركة متقلبة بسبب انبثاقها من تقاطع التيار الوطني الحر مع الأحزاب والكتل المسيحية المعارضة، إلى كتلة النائب تيمور جنبلاط. ما عنته الأصوات تلك أنها ضد فرنجية أكثر منها رافعة فوز لأزعور.

الدول الخمس مجتمعة ومتفرقة ذات مراس في رئاسة لبنان: 1958 ثم 2008

2 ـ توسُّع الحديث حيال سبل إيجاد ثغرة للخروج من مأزق الشغور، وتالياً عقدة فرنجية، بالوصول إلى طرح فكرة «المرشح الثالث». المعلوم أن الدول الخمس المعنية بلبنان تدعم الفكرة هذه، ولا تتفق على مَن يملك مواصفات صاحبها. تخلى الفرنسيون عن فرنجية، ووقف ضده الأميركيون والسعوديون، بينما ارتأى القطريون مرشحاً من خارج الأسماء المتداولة هو المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. مذّاك لم يُحْرَز أي تقدم حيال الاقتراح المحدث الذي أضحى بدوره أسير المشكلة من جراء استمرار الثنائي الشيعي في تأييد فرنجية، غير المستعد بدوره لإخلاء مكانه لأي مرشح ثالث. لم تعد المشكلة في اسم ثالث، أياً يكن، بل في تأمين النصاب الدستوري المُلزم لانعقاد جلسة انتخابه (86 نائباً على الأقل). عندئذ يمسي انتخابه في دورة ثانية أو ثالثة تفصيلاً ثانوياً. أول مَن يحتاج إليه النصاب الموصوف هذا هو نواب الثنائي الشيعي (26+1).

3 ـ منذ مطلع الشغور، وفي الغالب قبله على جاري العادة في كل استحقاق مماثل، اسم قائد الجيش أحد أبرز الأسماء المتداولة. ظل الأمر كذلك وعادياً إلى موعد جلسة مجلس النواب في 15 كانون الأول عندما صار إلى تمديد سن تقاعده كي يبقى في منصبه، ويستمر تالياً طوال السنة الحالية ـ إلى أن يُنتخب رئيس للجمهورية ـ مرشحاً رئيسياً. مع ذلك لم يُفصح إلى الآن، مباشرة أو على نحو غير مباشر، عن الكتلة التي يحظى القائد، بإطلاق، بتأييدها دونما أن تتزحزح. بينما يقول فرنجية أنه مرشح، لا يسع العماد جوزف عون أن يفعل. وبينما يطمئن رئيس تيار المردة إلى 51 صوتاً على الأقل إلى جانبه، لم تُجهر سوى قلة متفرقة أنها تدعم انتخاب قائد الجيش.

مقدار وضوح موقعه ودوره، يحاط ترشيح عون ـ وليس ترشّحه ـ بكمّ من الغموض حيال مآله من الأفرقاء اللاعبين الرئيسيين: بين هؤلاء مَن لم يقل مرة أنه فرصة على الأقل وليس مرشحه في ظل المرشح الذي يدعمه كالثنائي الشيعي، وبينهم مَن يعارض انتخابه لأسباب ظاهرها مبدئي وباطنها شخصي كرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. وبينهم مَن يريده منافساً مستمراً لفرنجية بغية إطاحة الاثنين معاً أكثر منه رئيساً منتخباً كحزب القوات اللبنانية. إذ من غير المعروف وجود ودّ قديم أو محدث بين القائد والحزب، ومن غير المعروف ـ لمَن عرف عون عن قرب ـ انه من طراز أولئك الذين يستسلمون للتمنين. وبينهم كتلة جنبلاط المناوئة لانتخاب فرنجية، بيد أنها تذهب إلى انتخاب رئيس ينبثق من تسوية ليس إلا. وبينهم أخيراً النواب السنّة ينتظرون كلمة السر من الرياض. لكن بين هؤلاء وأولئك ـ وهو الشق الملتبس ـ فريق آخر يعمل في الظل هو فريق عمل قائد الجيش، الضباط الأكثر استعجالاً، على أنه مرشح الدول الخمس القادرة في نهاية المطاف على إيصاله إلى رأس السلطة. مصدر اعتقادهم أن الدول الخمس هذه، مجتمعة أو متفرقة، ذات مراس في إيصال قائد للجيش إلى رئاسة الجمهورية: عام 1958 كان اللواء فؤاد شهاب مرشح الأميركيين والمصريين. ثم بعد نصف قرن عام 2008 كان العماد ميشال سليمان مرشحهم جميعاً باهتمام متفاوت ومتتال مصريين وفرنسيين وأميركيين وسعوديين وأخيراً قطريين.

اللواء:

صحيفة اللواءميقاتي يلتقي بلينكن في دافوس.. ونصرالله يردّ على رسائل التهديد

احتدام الخلاف حول تعيين رئيس الأركان.. والراعي يسأل الكتل عن «الرئيس الماروني»

مائة يوم على بدء الحرب الاسرائيلية على غزة المتمادية منذ 7 ت1 (2023) في القطاع بكل أقسامه، و99 يوماً على فتح جبهة الجنوب، بوصفها جبهة مساندة، لم تترنح الحرب، لكن اسرائيل المصابة بضربات كبرى على المستوى العسكري والدبلوماسي والمصير، مع بروز مؤشرات سلبية حول مصير الاسرى الاسرائيليين، ومن جنسيات أخرى.
والجديد على صعيد الـ100 يوم اللبنانية، ما أعلنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من استهزائه بالتهديدات التي نقلت الى المسؤولين، وقال: إننا جاهزون للحرب، ولا نخافها وسنقاتل فيها بلا اسقف وبلا ضوابط وبلا حدود، ردا اي حماقة يرتكبها العدو.

واشار نصر الله الى ان جبهة لبنان كانت من اجل دعم ومساندة غزة، وهدفها وقف العدوان على غزة، فليتوقف العدوان على غزة وبعدها في ما يتعلق بلبنان لكل حادث حديث.

ورأت أوساط سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن التطورات المتسارعة في الجنوب وكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن الاستعداد للحرب يدفعان إلى رسم علامات استفهام حول مسار الواقع الميداني على الحدود وما يمكن أن يستجد في سياق التصعيد لاسيما أن أي حل لوقف التوتر لم يبصر النور وبالتالي لا تزال المخاوف قائمة من تفلت الضوابط التي تحكم المواجهات العسكرية.

وأوضحت الأوساط نفسها أن ما من وساطة جديدة في هذا المجال ما يضع احتمال استمرار هذا الواقع على حاله لفترة مفتوحة من الزمن ، معلنة أن ذلك يدفع إلى رفع الصوت مجددا من قبل عدد من القيادات بشأن تداعيات الوضع فضلا عن توسيع رقعة المواجهات.

إلى ذلك لم يبرز أي تطور وفق الأوساط بشأن ملف تعبين رئيس هيئة الأركان في انتظار اللقاءات التي تعقد فيما تتجه الأنظار إلى لقاء النائب السابق وليد جنبلاط مع رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية اليوم.

وأشارت مصادر سياسية إلى ان ما تسرب من معلومات غير رسمية بالتداول، الى ان المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين لم يحمل مبادرة متكاملة إلى المسؤولين اللبنانيين، بل افكارا او طروحات، تتناول كيفية مقاربة الاوضاع المتفجرة على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل وتخفيف حدة التوتر والتصعيد الحاصل، ومواصلة البحث بالمشاكل العالقة بخصوص ترسيم الحدود ومشكلة مزارع شبعا المحتلة. وأوضحت ان الوسيط الاميريكي حرص في كل لقاءاته بتأكيد الولايات المتحدة الاميركية على سلامة واستقرار وسيادة لبنان ، لافتا الى الجهود التي تبذلها بإستمرار مع إسرائيل وغيرها، لمنع توسع الحرب الدائرة في غزة الى مناطق اخرى وتحديدا باتجاه لبنان. ولكنه اثار في الوقت نفسه ضرورة ان تعمل الحكومة اللبنانية مابوسعها لوقف التصعيد الحاصل جنوبا، وتساعد لتنفيذ القرر ١٧٠١ .

واختصرت المصادر ما تم تداوله مع هوكشتاين بخمس نقاط اساسية، تضمنت اولها وقف شامل لاطلاق النار وجميع الاعمال العدائية من الجيش الاسرائيلي،والقوى والعناصر المتمركزة على جانبي الحدود اللبنانية والإسرائيلية والثانية، انسحاب القوى من الجانبين إلى المراكز والنقاط التي كانت تتواجد فيها قبل السابع من شهر تشرين الاول الماضي، والثالثه المباشرة والالتزام بتنفيذ مضمون القرار الدولي رقم١٧٠١، والرابعة معاودة التفاوض حول النقاط المختلف عليها في عملية ترسيم الحدود بين البلدين والخامسة هي التفاوض على منطقة مزارع شبعا المحتلة من قبل إسرائيل والتي تشكل عائقا كبيرا، بسبب الرفض الاسرائيلي ،لضمها الى اي اتفاق يتم التوصل اليه ضمن الوساطة الأمريكية الحالية، وتاجيله لوقت لاحق، بسبب التعقيدات التي تحوط بها،وارتباطها بالجانب السوري ايضا.

وشددت المصادر على ان بعض هذه الافكار طرحت عليه بعض التعديلات من الجانب اللبناني وكانت موضع نقاش تفصيلي ، وكان تركيز المسؤولين اللبنانيين على أهمية قيام الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط الفعلي، لوضع حدٍ للحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة، لكي يمكن تنفيذ اي اتفاق يتم التوصل اليه بخصوص الحدود اللبنانية الجنوبية، في حين كشفت المصادر ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري سأل خلال لقائه هوكشتاين وأكثر من مرة عن الجهة الضامنة لالتزام إسرائيل بمضمون اي اتفاق يتم التوصل اليه و وما هي الضمانات التي ستعطى للبنان بهذا الخصوص ، وعدم تكرار إسرائيل التملص منه وخرقه كما فعلت منذ صدور القرار ١٧٠١ ،والالية التي ستعتمد لتنفيذه ومتابعته، والاصرار على ان يكون ادراج حل مشكلة احتلال مزارع شبعا، ضمن اي اتفاق يتم التوصل اليه.

واشارت المصادر الى ان هوكشتاين أكد ان الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الضامنة لاي اتفاق يتم التوصل اليه بين لبنان وإسرائيل،مذكرا بالضمانات التي تضمنها اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين سابقا والتي اثبتت الالتزام والجدية بالتنفيذ.

والوضع في لبنان، سيبقى على طاولة الاهتمامات الرسمية، سواء في ما خص الوضع في الجنوب، او انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

واليوم، يتوجه الرئيس نجيب ميقاتي الى دافوس، حيث من المرجح ان يجتمع الى وزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن.

وحول ما آلت اليه مهمة الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين، تناقلت المعلومات التي تحدثت عن مخاوف نقلها من اشتعال جبهة الجنوب، حيث فهم ما سمعه بعض المسؤولين بأنه تهديد واضح، من ان اسرائيل ليس بامكانها ان تُبقي المستوطنين خارج مستوطناتهم القريبة من الحدود الجنوبية مع لبنان.

وحسب المتحدث الاقليمي باسم الخارجية الاميركية سامويل ويرييزع ان هوكشتاين حمل افكارا للتهدئة.

واعتبر الناطق انه ليس هناك اي رابط بين القرار 1701 والوضع في غزة.
واتهم «حزب الله» بأنه «مجموعة ارهابية» تقصف اسرائيل من الاراضي اللبنانية، مشددا على ان الموقف الرسمي الاميركي هو ان حزب الله مجموعة ارهابية..

واكد ان الولايات المتحدة تريد ان يكون لها علاقة مع لبنان، وتدعم لبنان.. ودعا الى انتخاب رئيس، وتشكيل حكومة، معتبرا ان حزب الله قد يجر لبنان الى توسيع الحرب.

مواقف نصر الله

وكشف السيد نصر الله في الاحتفال التكريمي الذي اقامه الحزب للشهيد على طريق القدس وسام حسن طويل (الحج جواد) ان «الأميركيين هددوا لبنان بأنّه إذا لم يتم وقف جبهة الجنوب فإنّ «إسرائيل» ستشنّ حرباً على لبنان وأقول أن هذا التهويل لن يجدي نفعًا لا اليوم ولا غدًا ولا في أيّ يومٍ من الأيام.

وسخر السيد نصر الله من التهديدات الأميركية والصهيونية قائلًا:«يهددونا بالألوية «التعبانة» والمرعوبة والمهزومة في شمال غزة فـ«يا أهلًا ومرحبًا».

أضاف: «الجيش الإسرائيلي حين كان مُعافى وبكامل عتاده تحطّم أمام مقاومينا في حرب تموز، والذي يجب أن يخشى ويخاف من الحرب هو «إسرائيل» وحكومة العدو ومستوطنوه، وليس لبنان.

وقال: «نحن جاهزون للحرب منذ 99 يومًا ولا نخافها وسنقاتل بلا أسقف وبلا ضوابط وبلا حدود، وعلى الأميركي الذي يدعي الخوف على لبنان أن يخاف على أداته في المنطقة وقاعدته العسكرية.

ودعا السيد نصر الله الى وجوب تعاون اللبنانيين جميعاً، لتوفير عناصر الصمود في هذه المعركة مع العدو الاسرائيلي، التي لا يعرف مداها حتى الان، لافتا الى ان اسرائيل غارقة في الفشل، وهي لم تصل الى اي نصر وحتى الى صورة نصر.

سياسياً، يسجل الاسبوع الطالع، محطات حيوية، فمن جهة سيتوضح مسار تعيين او عدم تعيين رئيس جديد للاركان، في ضوء رفض وزير الدفاع موريس سليم هذه الخطوة، التي يتمسك بها الرئيس ميقاتي، ومعه غالبية الوزراء.

ومن جهة، سيتوضح مصير الزيادة على الرواتب ومعاشات التقاعد في ضوء الوعود المقطوعة في بتها في جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع.

ومن تحديات الاسبوع الحياتية، حلحلة الخلاف المستجد بين المدارس الخاصة والمعلمين فيها في ضوء رد الحكومة القوانين التي اصدرها مجلس النواب في جلسته الاخيرة.

ويعقد اليوم اجتماع في وزارة التربية برعاية المدير العام للوزارة عماد الاشقر، وحضور كل ن امين سر المدارس الكاثوليكية الاب نصر ونقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ، للتباحث في ايجاد حل وسط للخلاف القائم بين المدارس والمعلمين.

المجلس الشرعي: قرارات إعادة القوانين «أبغض الحلال»

في المواقف، دافع المجلس الشرعي الاعلى عن دور حكومة تصريف الاعمال في اتخاذ بعض القرارات التي من نوع «أبغض الحلال» مثل قرار اعادة بعض مشاريع القوانين الى مجلس النواب لاعادة النظر فيها ولدرسها من جديد.

ورأى المجلس ان الحياة الدستورية لا تقوم، ولا تستقر من دون انتخاب رئيس للجمهورية بضبط ايقاع الحياة العامة، بما له من سلطات دستورية ومن رمزية وطنية جامعة.

وتوقف المجلس الذي اجتمع برئاسة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، مطولاً بألم واستهجان امام استمرار المجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة، مستنكرا المساعدات العسكرية التي تتدفق على العدو الصهيوني، مشيدا برفع دولة جنوب افريقيا شكوى امام محكمة العدل الدولية لادانة الاحتلال الصهيوني بارتكاب جرائم الابادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

الراعي: لماذا تغييب رأس الدولة الماروني

وتساءل البطريرك الماروني مار بشار بطرس الراعي أين هو لبنان اليوم، والنافذون من كتل نيابيّة وأحزاب وذوو أهداف شخصيّة وفئويّة ومشبوهة يمعنون في بتر رأس الدولة بتعطيلهم انتخاب هذا الرأس، وإبطال ما يمليه الدستور بوضوح كنور الشمس؟ على ضوء هذا السؤال، لا يمكن القبول لا ماضيًا ولا حاضرًا ولا مستقبلًا بتغييب رأس الدولة، المسيحيّ المارونيّ، التزامًا بالميثاق الوطنيّ واتفاق الطائف، وتأمينًا لقيام دولة المؤسّسات، بحيث يستعيد المجلس النيابي سلطته التشريعيّة، والحكومة صلاحيّاتها الإجرائيّة، وإسقاطًا لممارسة تشريع الضرورة، وإجراءات الضرورة، فيما الضرورة واحدة وحيدة هي انتخاب رئيس للجمهوريّة، تأمينًا لفصل السلطات، وإيقافًا للفوضى في حياة الدولة. ولا يمكن القبول من جهةٍ ثانية أن تحصل وتسير قانونًا مفاوضات ومعاهدات واتفاقات االتي هي حصرًا من صلاحيّات رئيس الجمهوريّة وفقًا للمادّة 52 من الدستور. ولا يمكن القبول من جهة ثالثة بربط انتخاب الرئيس بوقف الحرب على غزّة، لأنّ وجوده أفعل بكثير من أي وسيلة أخرى، لأنّه يحمل قضيّة الفلسطينيّين عاليًا على المستويين الإقليمي والدولي، ويحمي لبنان أرضًا وشعبًا وكيانًا».
غارات ليلاً

مساء، تدهور الوضع جنوباً، واغارت الطائرات الاسرائيلية المعادية على اطراف مليخ باقليم التفاح، وجبل صافي، مما ادى الى انقطاع التيار الكهربائي عن جزين وعدد من بلدات جبل الرياح، واحصيت 6 غارات اسرائيلية شمال الليطاني.

وكانت الاشتباكات تواصلت على الحدود الجنوبية، طيلة نهاية الاسبوع حتى ليل الاثنين واستهدفت غاراته المنازل والاحراج ؟، بدورها ردت المقاومة بدك كافة مواقعه محققة اصابات مباشرة حيث اعترف العدو بوقوع قتلى وجرحى في صفوفه.

الوقائع الميدانية

واستهدفت غارة حي الكساير شرق ميس الجبل. ونفذ الطيران الحربي الاسرائيلي غارات على محيط بلدتي ميس الجبل ومحيبيب في جنوب لبنان. وقصفت مدفعيته أطراف الضهيره ويارين والجبين وطير حرفا.

كما استهدفت 4 قذائف مباشرة أطلقتها دبابة ميركافا معادية منازل سكنية خالية في بلدة العباسية الحدودية في القطاع الشرقي.

كما نفذ الطيران الحربي المعادي غارتين بالصواريخ استهدف منطقة «اللبونة» جنوبي بلدة الناقورة».

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية المعادية عن إصابة 5 جنود بجروح في اشتباكات في مزارع شبعا عند الحدود الشمالية مع لبنان فجر امس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي امس الأحد أن جنوده قتلوا أربعة ‏مسلحين تسلّلوا من لبنان إلى إسرائيل في وقت متأخر من ليل ‏السبت.‏

بالتزامن، أعلنت كتائب القسام في لبنان أن عملية مزارع شبعا أتت رداً على اغتيال الشهيد صالح العاروري ورسالة للاحتلال لوقف عدوانه على غزة.

وكشفت المقاومة الاسلامية انها استهدفت مستوطنة كفريوفال، واوقعت قتلى وجرحى، كما استهدفت محلة تابعة للاحتلال فوق حدب يارون، واستهداف آخر فوق مروحين.

البناء:

البناءأبو عبيدة: خلال 100 يوم دمّرنا 110 آليات… ولا حديث عن غير وقف العدوان

نصرالله: الكيان يجب أن يخشى الحرب لا أن يهدّد بها لأننا سنخوضها بلا تردد

هدف مهم في حيفا بنيران المقاومة العراقية والأميركي تورّط في البحر الأحمر

كتب المحرّر السياسيّ

تزامن إحياء اليوم الـ 100 للعدوان الأميركي الإسرائيلي على غزة، مع إحياء حزب الله لذكرى استشهاد القيادي وسام طويل الذي تحدّث خلاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وقد تلاقت المواقف التي أطلقها السيد نصرالله مع ما قاله الناطق بلسان قوات القسام أبو عبيدة الذي ظهر مجدداً بالصوت والصورة بعد غياب لأكثر من شهر، حيث قال أبو عبيدة إن المقاومة في غزة نجحت بتدمير 110 آليات خلال 100 يوم من الحرب، وإن عدداً غير قليل من الأسرى مجهول المصير بسبب قصف جيش الاحتلال، مؤكداً أن ليس عند المقاومة موضوع للتفاوض يسبق تثبيت وقف إطلاق النار وإعلان نهاية العدوان على غزة وفك الحصار عنها.

السيد نصرالله قدّم قراءة للحرب الدائرة في المنطقة، حيث ثقة بالصمود واقتدار بمقاومة غزة، وما ترتب على قتالها من إنهاك واستنزاف لجيش الاحتلال، يتحدّث عنه رقم المصابين بإعاقة دائمة في اعترافات جيش الاحتلال نفسه، والذين يزيد عددهم عن 12 ألفاً، وحيث المقاومة اللبنانية ألحقت الأذى ببنى وهياكل الاحتلال التقنية المتقدمة، خصوصاً في هجوم موقع ميرون الاستراتيجي الذي تمّ تدميره حسب اعترافات متأخرة لإعلام كيان الاحتلال، وحيث نجحت المقاومة بإيصال 18 صاروخاً متطوراً من نمط كورنيت إلى الموقع، مشيراً الى ان المقاومة العراقية استهدفت هدفاً مهماً في حيفا، واصفاً الغارات الأميركية البريطانية على اليمن بالحماقة والتورط في مواجهة خاسرة وفاشلة.

عن التهديد بالحرب على لبنان، قال السيد نصرالله إن الكيان يجب أن يخشى من الحرب، فكيف سوف يشنّ حرباً بجيشه المتهالك وضعف معنوياته وتشقق صفوفه، ومَن يخشى الحرب لا يهدّد بها مَن لا يخشاها، بل مَن سوف يخوضها بلا تردّد وبكل شجاعة ودون سقوف وضوابط.

لم يطرأ أيّ مستجد على المستوى السياسي الرئاسي، سوى أن ممثلي دول الخماسية سوف يجتمعون نهاية هذا الشهر للبحث في هذا الملف وتقييم زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الأخيرة إلى بيروت تمهيداً لزيارة الأخير المقبلة إليها حاملاً معه طرح الخماسية.

وليس بعيداً، يبدي المعنيون اقتناعاً أن لا تفاهمات رئاسية قريبة وأن الكلام اليوم هو للميدان الذي سيتحكّم بقواعد اللعبة السياسيّة.
ويقول مصدر سياسي بارز إن تلبية رئيس تيار المرده سليمان فرنجية دعوة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الى العشاء اليوم لا صلة لها بالملف الرئاسي خاصة أن موقف كلا الطرفين معروف، إلا أن الاتصالات التي يقوم بها الاشتراكي عبر جنبلاط الأب والابن هي من أجل تحصين الساحة اللبنانية وإرساء نوع من الاستقرار. وأشار المصدر الى ارتياح جنبلاط للقاء فرنجية قائد الجيش العماد جوزاف عون، ومرد ذلك أن هذا اللقاء يمكن ان يبنى عليه في المستقبل من الأيام على المستوى الرئاسي. هذا واعتبر المصدر ان ملف رئاسة الأركان سوف يطرح على طاولة العشاء لكن الأكيد وفق المصدر ان فرنجية ليس من يعطل هذا التعيين والتعيينات الأخرى، ومن تؤول إليه المسؤولية هو وزير الدفاع الوطني موريس سليم.

اما على خط الجنوب، فأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى مرور اسبوع على استشهاد القائد وسام طويل (الحاج جواد): “يجب أن نتعاون جميعاً لتوفير عناصر الصمود في هذه المعركة التي لا نعرف مداها حتى الآن”.

وكشف نصرالله ان المقاومة أطلقت 62 صاروخاً بينها 40 كاتيوشا و22 كورنيت من المدى الجديد على قاعدة ميرون و18 صاروخ “كورنيت” من المدى الجديد أصابت قاعدة ميرون. وهناك إصابات بشرية في قاعدة ميرون لكن الاحتلال يتكتّم على قتلاه وجرحاه وخسائره وهزائمه لأنّ ذلك سيؤدي إلى إحباط معنويّ كبير باعتراف الإعلام الإسرائيلي. ونحن مستمرّون وجبهتنا تُلحق الخسائر بالعدو وتؤدي إلى ضغط النازحين الذين ارتفع صوتهم نتيجة خسائره.

وتابع: “الأميركيون هددوا لبنان بأنّه إذا لم يتم وقف جبهة الجنوب فإنّ “إسرائيل” ستشنّ حرباً على البلاد. ونقول للأميركيين: تهويلكم لن يُجدي نفعاً لا اليوم ولا غداً ولا في أيّ يومٍ من الأيام على لبنان. يتم تهديدنا بألوية مهزومة في غزّة.. “يا هلا ومرحب”. “الجيش” الإسرائيلي حين كان مُعافى وبكامل عتاده تحطّم أمام مقاومينا. من يجب أن يخشى ويخاف من الحرب هو “إسرائيل” و”شعب” العدو ومستوطنوه وليس لبنان”.

وتناول ما يجري في البحر الأحمر، وقال: “انه وجّه ضربة كبيرة لاقتصاد العدو الذي انكشفت صورته في العالم وهو ما تبدّى في محكمة لاهاي. مشهد كيان الاحتلال في دائرة الاتهام أمام أنظار العالم بناء على أدلّة دامغة أمرٌ غير مسبوق وأربك كيان الاحتلال. كيان الاحتلال يعتمد “نفاقاً أخلاقياً” أمام العالم من خلال نفيه قيامه بحرب إبادة جماعية في غزّة”.

وأوضح وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، أن “زيارات الموفدين الى بيروت بعد محطة في تل أبيب، تركز بشكل خاص على طرح عودة المستوطنين الإسرائيليين الى القرى الحدودية مع لبنان، فيما مطالب لبنان معروفة لدى الجميع ويكررها مسؤولوه على مسامع الموفدين الدوليين ويتقدّمها انسحاب “إسرائيل” من الأراضي المحتلة بعد تظهير الحدود، كما والتأكيد أن الخط الأزرق ليس خطاً حدودياً بل هو خط انسحاب إسرائيلي وخط الحدود هو خط 49”.

وقال بو حبيب “أبلغنا المسؤولين الدوليين أننا على استعداد لتنفيذ القرار 1701 بحذافيره، اذا طبقت مطالبه وهذا موقف الحكومة ومضمون الرسالة”.

ولفت الى أن “اجتماع الامم المتحدة في 23 الحالي والمخصص للحوار في قضايا الشرق الاوسط ليس للحسم في القرارات، ولبنان سيستغل حضوره لتوضيح وجهة نظره التي ضمنها في رسالته الى الامم المتحدة والاتفاقات النهائية بشأن حدود لبنان والتي تحدد أولويتين توقف حرب غزة ووجود رئيس جمهورية في لبنان ومن صلاحياته التوقيع وهو لا يوقع مع “إسرائيل” بل مع الامم المتحدة”.

وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “لا يمكن القبول لا ماضيًا ولا حاضرًا ولا مستقبلًا بتغييب رأس الدولة، المسيحيّ المارونيّ، التزامًا بالميثاق الوطنيّ واتفاق الطائف، وتأمينًا لقيام دولة المؤسّسات، بحيث يستعيد المجلس النيابي سلطته التشريعيّة، والحكومة صلاحيّاتها الإجرائيّة، وإسقاطًا لممارسة تشريع الضرورة، وإجراءات الضرورة، فيما الضرورة واحدة وحيدة هي انتخاب رئيس للجمهوريّة، تأمينًا لفصل السلطات، وإيقافًا للفوضى في حياة الدولة.

ولا يمكن القبول من جهةٍ ثانية أن تحصل وتسير قانونًا مفاوضات ومعاهدات واتفاقات التي هي حصرًا من صلاحيّات رئيس الجمهوريّة وفقًا للمادّة 52 من الدستور. ولا يمكن القبول من جهة ثالثة بربط انتخاب الرئيس بوقف الحرب على غزّة، لأنّ وجوده أفعل بكثير من أي وسيلة أخرى، لأنّه يحمل قضيّة الفلسطينيّين عاليًا على المستويين الإقليمي والدولي، ويحمي لبنان أرضًا وشعبًا وكيانًا”.

المصدر: صحف