الصحافة اليوم: 20-4-2024 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم: 20-4-2024

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 20-4-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

جريدة الاخبار«اللَّاردّ» الإسرائيلي: معادلة إيران قائمة

إيران لم ترَ ردّاً: «اليد العليا» لنا

طهران | تباينت الروايات حول سبب الانفجارات في محافظة أصفهان وسط إيران، فجر يوم أمس. ففيما تحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية عن «هجوم صاروخي إسرائيلي» استهدف إحدى «المنشآت العسکریة « الإيرانية، نفت وسائل إعلام ومسؤولون في إيران أن يكون هناك هجوم صاروخي، لافتةً إلى أن دويّ الانفجارات جاء نتيجة تفعيل منظومة الدفاع الجوي الإيرانية. وإذ لم يصدر أيّ تعليق عن الجيش الإسرائيلي، حتى مساء يوم أمس، إلا أنّ صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نقلت عن مسؤول إسرائيلي، قوله إن «جيشنا شنَّ غارة جوّية داخل إيران، رداً على هجومها بالصواريخ والمسيّرات على إسرائيل»، مضیفاً أن «الهدف من الضربة إرسال إشارة إلى طهران بأن لدينا القدرة على الضرب داخل إيران». وادّعت صحيفة «جيروزاليم بوست»، من جهتها، بأن «الهجوم الإسرائيلي على أصفهان نفّذته طائرات بصواريخ بعيدة المدى، ولم يكن بمسيّرات أو صواريخ أرض – جو». ووفق ثلاثة مصادر مطّلعة تحدثت إلى وکالة «رویترز»، فإن «الولايات المتحدة لم تشارك في الهجوم، لكن إسرائيل أبلغتها قبل تنفيذه». ومن جهتها، نقلت شبكة «فوكس» الإخبارية عن مصدر أميركي قوله، إن «هدف الضربة الإسرائيلية كان قاعدة عسكرية في أصفهان تقع بالقرب من منشأة نطنز النووية وليس المنشأة نفسها»، وإن «إسرائيل هاجمت هدفاً واحداً في القاعدة العسكرية، ولكن بعدّة ضربات»، مستخدمةً في هجومها على «أنظمة الدفاع الجوّي» في القاعدة في أصفهان «صواريخ ومسيّرات»، ممّا أظهر، بحسب المصدر، أن «الدفاعات الجوية الروسية الصنع غير فعّالة».

في المقابل، أفادت وكالة «فارس» للأنباء، المقرّبة من «الحرس الثوري»، بأن «دويّ ثلاثة انفجارات سُمع بالقرب من قاعدة عسكرية في مدينة أصفهان في وسط البلاد»، فيما قال التلفزيون الرسمي الإيراني إنه «بعد منتصف الليل بقليل، شوهدت ثلاث طائرات مسيّرة في سماء أصفهان، وجرى تفعيل نظام الدفاع الجوي وتدمير هذه المسيّرات في السماء».
بدوره، أوضح القائد العام للجيش الإیراني، اللواء عبد الرحيم موسوي، في حديث صحافي أمس الجمعة، أن «صوت الانفجار في سماء أصفهان كان مرتبطاً بإطلاق أنظمة الدفاع الجوي النار على جسم مشبوه، والذي لم يسبّب أيّ حادث أو ضرر». وسارعت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، في هذا الوقت، إلى إصدار بيان تؤكد فيه أن أيّ أضرار لم تلحق بالمواقع النووية الإيرانية، مشدّدةً على أن «المنشآت النووية يجب ألّا تكون هدفاً على الإطلاق في النزاعات العسكرية».

لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الردّ على الردّ قد انتهى، أو أن هجمات إضافية ستقع

وبعد هجوم إيران على إسرائيل يوم السبت الماضي، بـ 300 صاروخ وطائرة مسيّرة رداً على استهداف الأخيرة القسم القنصلي في السفارة الإيرانية في دمشق، هدّدت السلطات الإسرائيلية بالردّ على هذا الهجوم، ما زاد التكهنات في الأيام الماضية حول طبيعة الردّ على الردّ وتوقيته؛ علماً أن العديد من المسؤولين الغربيين نصحوا إسرائيل بالامتناع عن تنفيذ هجوم مضادّ أو حتى ردّ محدود، لئلّا يؤدّي ذلك إلى زيادة التوتّرات، وتدرّج الأمور نحو ردود متبادلة.

وبحسب «القناة 12» العبرية، فإن وزارة الخارجية طلبت من سفاراتها حول العالم الامتناع عن الإدلاء بتصريحات عن التقارير الخاصة بالهجوم في إيران، إلا أن تالي غوتليب، عضو «الكنيست» عن حزب «الليكود» الذي يقوده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لمّحت إلى أن إسرائيل هاجمت إيران، فيما لم تتبنَّ تل أبيب العملية رسميّاً.

ولم تكن غوتليب الوحيدة التي علّقت على المسألة، إذ وجّه مسؤولون في الحكومة والمعارضة الإسرائيلية انتقادات لوزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، بعدما لمّح هو الآخر إلى مسؤولية تل أبيب عن الهجوم الذي استهدف إيران فجر الجمعة.

وكتب بن غفير، زعيم حزب «القوة اليهودية» اليميني المتطرّف، في منشور عبر منصة «إكس» كلمة واحدة: «ضعيف»، ما يشير إلى اعتراف ضمني بمسؤولية إسرائيل.
وتعليقاً على ما تقدَّم، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وزراء، لم تسمّهم، قولهم: «مثل هذه التصريحات من شأنها أن تعرّض أمن الدولة للخطر».

وعلى رغم أن طبيعة الانفجارات في أصفهان لا تزال غير واضحة، فإنه حتى لو صحّ الهجوم الصاروخي الإسرائيلي، فلا يعدو كونه «رمزيّاً»، علماً أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الردّ على الردّ قد انتهى، أو أن هجمات إضافية ستقع.

وفي هذا الإطار، قال مصدر أمني مطّلع في إيران، طلب عدم ذكر اسمه، في حديث إلى «الأخبار»، إن «تصرّفات إسرائيل في أصفهان كانت محدودة، وأظهرت أنها تجنّبت تصعيد التوتّر في هذا الوقت بسبب القلق من عواقب الردّ الإيراني القوي».

وأضاف أن «الهجوم الإسرائيلي على قاعدة عسكرية في أصفهان أبعاده كانت أقلّ من الهجوم الإيراني الأخير الذي نُفّذ بـ 300 طائرة مسيّرة وصاروخ.

ولذلك، فإن لإيران اليد العليا في ميزان القوى الجديد ضدّ إسرائيل، وبالتالي فإن طهران لا تسعى إلى زيادة التوتّر في هذا الوقت وبعد هذه التطوّرات». وتوقّع المصدر أن تهدأ الجولة الجديدة من التوترات المباشرة بين إيران وإسرائيل، لكن التنافس والمواجهة بين الجانبَين سيستمران في شكل معارك خفيّة، بحسب تعبیره.

وبعد تقارير عن هجوم إسرائيلي على مدينة أصفهان، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده أبلغت إسرائيل أن إيران «لا تريد تصعيداً».

وقال لافروف، في مقابلة مع محطّات إذاعية روسية: «حصلت اتصالات هاتفية بين قيادتَي روسيا وإيران وممثّلينا والإسرائيليين. أوضحنا… أبلغنا الإسرائيليين في هذه المحادثات أن إيران لا تريد تصعيداً».

کما دعت بعض الدول العربية، بما فیها الإمارات وسلطنة عمان ومصر والأردن، في بيانات رسمية منفصلة أمس الجمعة، إلى ضبط النفس وتجنّب التصعيد في المنطقة، وإنهاء الانتقام المتبادل بين إسرائيل وإيران.

إسرائيل تشيح بوجهها: الردّ «المسخرة» لا يردع

في وقتٍ امتنعت فيه إسرائيل رسمياً عن إعلان مسؤوليتها عن «الضربة التي شنّتها على إيران» فجر أمس، ارتأى وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، وعضوة «الليكود»، طالي غوتليب، الجهر بهذه المسؤولية.

وإذ اكتفى الأول بالتغريد بهزْء، بكلمة واحدة، على منصة «إكس»، عدّ فيها الهجوم «ضعيفاً»، وهو ما اعتبره زملاء له «تصرفاً صبيانياً وغير ذي صلة بأي نقاش ومضرّاً لإسرائيل»، فإن غوتليب اختارت الطريقة الاحتفالية، إذ كتبت: «صباح الخير لشعب إسرائيل العزيز. هذا صباح يُرفع فيه الرأس بفخر.

إسرائيل دولة قويّة ومستقلة. نعيد إلى أنفسنا قوّة الردع». وذيّلت منشورها بـ«آية» من «مزمور داوود» تُقرأ في الصلوات درءاً للخطر وساعات الضيق، قائلةً: «وَعَلَى أَدُومَ أُلْقِي حِذَائِي… مَنْ يَهْدِينِي إِلَى أَدُومَ… بِعَوْنِ اللهِ نُحَارِبُ بِبَأْسٍ، وَهُوَ الَّذِي يَدُوسُ أَعْدَاءَنَا».وبموازاة ذلك، أفادت وسائل إعلام عبرية بأن «الدفاعات الجوية الإسرائيلية في حالة استنفار قصوى»، فيما أوعزت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى سفرائها حول العالم بعدم التطرق إلى الهجوم «المنسوب إلى إسرائيل».

وطبقاً لما قاله مسؤول رسمي، فإن «الهجوم على إيران هدفه التوضيح للأخيرة أن لدى إسرائيل القدرة على المهاجمة في أراضيها»، وذلك في إطار الرّد على الهجوم الإيراني الذي تعرّضت له إسرائيل مطلع الأسبوع.

على أن هذه العملية، والتي جرى تصديرها إعلامياً على أنها الرّد المأمول منه عدم جرّ المنطقة إلى حرب إقليمية، غير متّسقة إطلاقاً مع حجم الضربة الإيرانية، فيما لا يبدو مضموناً تخويلها إسرائيل الاستمرار في استراتيجية «مبام» (المعركة بين الحروب).

وحتى على مستوى الصور ومقاطع الفيديو التي تسهم في تشكيل الوعي، لم تتمكن إسرائيل، أمس، من الخروج ولو بصورة واحدة تحفظ أقلّه ماء وجهها في حرب «سماوات الشرق الأوسط المفتوحة أمامها»، بحسب تعبير وزير الأمن، يوآف غالانت.

وفي هذا الإطار، رأى المحلل والمعلّق العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أن الهجوم الذي نُفّذ ضد منشأة عسكرية تابعة لسلاح جو الحرس الثوري الإيراني، «يسمح لإيران باحتواء ما جرى من دون الانجرار إلى جولة أخرى من تبادل الضربات مع إسرائيل». وفي المقابل، توقّف المحلل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، عند التصريحات الأميركية التي عدّها «إيضاحاً قاطعاً بأن من نفّذ الهجوم هو إسرائيل»، معتبراً «أننا قريبون على ما يبدو أكثر مما سبق من خطر نشوب حرب إقليمية واسعة؛ فهذا الهجوم هو الأول من نوعه، وهو استهداف واضح مدوٍّ»، مضيفاً أنه «حدث يبدو أنه ليس بالإمكان إخفاؤه ولا التنكر له، فهو ليس مشابهاً للهجوم في كرمشاه قبل سنتين والمنسوب إلى إسرائيل، والذي خلاله دُمّر مصنع لإنتاج طائرات مُسيّرة»، مدّعياً أن ما تناقلته وسائل الإعلام الإيرانية، ومن ضمنها الرسمية، حول إحباط الهجوم الإسرائيلي «قد يكون محاولة لتهدئة النفوس وإعفاء النظام في طهران من الرّد».

أوعزت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى سفرائها حول العالم بعدم التطرق إلى الهجوم «المنسوب إلى إسرائيل»

لكن موقع «واللا» أوضح أن الهجوم الإسرائيلي أتى في ضوء الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة ودول غربية على إسرائيل لضبط النفس، وعدم استدراج إيران إلى مواجهة مباشرة ومتواصلة. وكان أكثر من مسؤول أميركي رسمي قالوا، في الأيام الماضية، إن القرار الإسرائيلي بالرّد على هجوم إيران هو «قرار سيادي إسرائيلي»، في إشارة إلى إعفاء واشنطن نفسها من المسؤولية عن تبعات ما ستقوم به تل أبيب.

وإذ زعم أن الهجوم استهدف الموقع الذي انطلقت منه الطائرات المُسيّرة التي هاجمت إسرائيل، فقد عدّه «عملية مركّزة تتيح للإيرانيين حيز إنكار، وتسمح بألا يُستدرج في أعقابها رد على رد».

أما السبب في ذلك، فهو «إرضاء الولايات المتحدة، ومواصلة التركيز على قطاع غزة كساحة حرب أساسية، لأن فتح جبهة حربية جديدة ليس مصلحة إسرائيلية الآن».

وكرّر الموقع الحديث عن أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لم تقدّر النوايا الإيرانية (بعد الاغتيال الذي نفّذته إسرائيل في دمشق)، و«شراسة طهران المتغيّرة في ضوء تقاربها المتزايد من موسكو».

كما أن مصدر القلق في إسرائيل نابع من «تغيير في قواعد اللعبة»، متمثل في قرار الإيرانيين إخراج الحرب بين الطرفين إلى الضوء وتحويلها إلى مواجهة مباشرة.

وبهذا، «بات على المنظومة الأمنية في إسرائيل أن تأخذ في الحسبان رد فعلٍ إيرانياً مباشراً إن قامت بعملية عسكرية ضد المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط».

من جهتها، نقلت «القناة 12» الإسرائيلية عن مصدر مقرّب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، قوله إنه «لا أحد يريد الآن حرباً مع إيران وأثبتنا لهم أننا قادرون على اختراقهم»، وإن «أمامنا الآن مهام أكثر أولويّة وأهمية وهي جبهتا غزة ولبنان».

وتطرقت القناة إلى تهديدات مسؤولين إيرانيين بأن أي هجوم إسرائيلي سيقابل فوراً بهجوم إيراني واسع ومؤلم، معتبرة أنه بخلاف الماضي، عندما تمكّنت إيران من احتواء أو إخفاء هجمات منسوبة إلى إسرائيل، «فإن هذا أصبح مستحيلاً».

ورأت أنه عقب عودة الحياة إلى مجراها في إيران إثر الهجوم بساعات، فإن «السؤال الذي لا أحد يملك الإجابة عليه هو ما إذا كانت محاولة إيران وضع قواعد مختلفة ومعادلة جديدة في المعركة مقابل إسرائيل قد نجحت فعلاً».

وبحسبها، فإن «الرسالة الإيرانية إلى إسرائيل هذا الأسبوع كانت واضحة، ومفادها أن المعركة بين الحروب قد انتهت. وإيران رسمت خطاً أحمر حول الهجمات الإسرائيلية في سوريا ضد عناصرها وضد تموضعها في هناك».

وأشارت القناة إلى أن «اللغز الكبير هو حول طبيعة رد إسرائيل في المرّة المقبلة عندما تتوفر معلومات بشأن تحرك ضابط تابع لقوة قدس في سوريا، أو عندما تتوفر معلومات بشأن نقل أسلحة إيرانية إلى حزب الله من طريق سوريا.

فهل بعد جولة الضربات المباشرة غير المسبوقة هذا الأسبوع، سيكون قرار إسرائيل بشن هجوم وتصعيد مباشر آخر مقابل إيران؟» متاحاً.

وقائع الجولة الأخيرة من مفاوضات الهدنة في غزة: حماس رفضت ورقة أميركية مصرية تلبّي مطالب إسرائيل

التهديد القطري بالانسحاب من دور الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل بشأن ملف الحرب على غزة، ترك أثره على الاتصالات التي تجمّدت خلال الأسبوع الأخير، وخصوصاً بعدما شدّدت حماس على رفضها لأي اتفاق لا يتضمّن إعلاناً واضحاً بوقف الحرب وعودة النازحين وإغاثتهم قبل أيّ تبادل للأسرى والمعتقلين.
ويجري الحديث عن مساعٍ أميركية لإعادة تنشيط الاتصالات في وقت قريب.وكان الجانب المصري قد طلب في الثامن من نيسان الحالي اجتماعاً عاجلاً مع قيادة حركة «حماس». لإبلاغها بوجود «ورقة تتضمن أفكاراً متقدّمة، من شأنها كسر الجمود المحيط بالعملية التفاوضية».
وقد استفسرت «حماس» حقيقة الأمر من الجانب القطري، وفهمت أن لدى المصريين ورقة أُعدّت بالتشاور مع الأميركيين. وبناءً عليه، سافر نائب رئيس الحركة في غزة، خليل الحية، إلى القاهرة، للاجتماع بوزير المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، ونائبه للشؤون الفلسطينية أحمد عبد الخالق.

لكن تبيّن أن الورقة الجديدة لا تحمل جديداً يجيب عن الأسئلة الأساسية المتعلّقة بوقف إطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، علماً أن «حماس» كانت قد عدّلت في أعداد الأسرى المطلوب الإفراج عنهم مقابل أسرى العدو، وذلك بناءً على وعود بأن هذه الخطوة ستسهّل تحقيق المطالب الخاصة بوقف الحرب والسماح بعودة النازحين إلى شمال القطاع، إلا أن شيئاً من ذلك لم يتحقّق.

وبعد عودة الحية إلى الدوحة، جرى إبلاغ الوسيطين القطري والمصري بأن الجواب يكون بعد التشاور مع قيادة الحركة في غزة والدوحة.
وبالفعل، حُسم النقاش داخل الحركة سريعاً، لجهة أنه «لا يمكن التجاوب مع الأفكار الجديدة». أخذت الحركة وقتها للردّ، وفي هذه الأثناء، حصلت اتصالات جديدة مع المصريين والقطريين، وقالت خلالها القاهرة إنه «بمجرّد موافقة حماس، سوف يتمّ إلزام إسرائيل بالبنود كاملة».

وهو ما أثار حفيظة «حماس» التي رفضت الأمر. فعاد المصريون وقالوا إن «الورقة أُعدّت من قبلهم بالتشاور مع الأميركيين». ثم أضافوا أن «إسرائيل موافقة عليها». ولكن على «حماس إعلان الموافقة أولاً، حتى يُصار إلى اعتبارها ورقة نافذة».

وبعد نقاش داخلي في الحركة، ومشاورات مع «الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى، تقرّر رفض الورقة الجديدة. وبعد مداخلات قام بها الجانب القطري، تقرّر أن يكون الرد عبر رسالة. ولم يتأخّر الوقت حتى أعادت «حماس» إرسال الورقة نفسها التي قدّمتها في 14 آذار الماضي، مع تعديل التاريخ أعلاه فقط.

القاهرة غاضبة من موقف حماس والمقاومة رفضت أيّ بحث لا يبدأ بوقف نهائي للحرب وإغاثة الغزيين

أثار ردّ «حماس»، غضب القاهرة والأميركيين، حتى القطريون قالوا إنهم كانوا يفضّلون أن «تُبدي الحركة بعض المرونة». لكن «حماس»، عادت وأبلغت الوسطاء أن لا مجال للقبول بأيّ حلّ لا يستند إلى ثلاثة مبادئ:

أولاً: الإشارة المباشرة الى موعد لوقف نهائي للحرب وتاريخ انسحاب كامل القوات الإسرائيلية من القطاع.

ثانياً: السماح بعودة جميع السكان إلى مناطق سكناهم، من دون أيّ نوع من القيود والإفراج عن المساعدات.

ثالثاً: إتمام صفقة تبادل لا تخضع لشروط العدوّ التي عُرضت في وقت سابق، وإن حسم الأعداد والمصير مرتبط بالخطوات الأولى.

ويوم أمس، أكّدت حركة «حماس»، في بيان رسمي، أنّ التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، والتي اتّهم فيها الحركة بإعاقة التوصّل إلى وقف إطلاق النار، هي «تأكيد لانحياز الإدارة الأميركية السافر للفاشية الصهيونية».

وفي تل أبيب، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن هنالك محاولات من المستويين السياسي والأمني للدفع باتجاه خلق «أفكار جديدة» لتحريك المفاوضات.

وبحسب الصحيفة، فإن الوزيرين في «مجلس الحرب» بيني غانتس وغادي آيزنكوت، طالبا بعقد المجلس لبحث سبل كسر الجمود. لكن أيّ اجتماع لم يحدث بهذا الخصوص، منذ 12 يوماً، و«التفاوض وصل إلى طريق مسدود، والحرب تراوح مكانها»، بحسب ما رأت «القناة 12» العبرية.

نصّ الورقة المصرية – الأميركية: لا وقف للحرب وإبعاد أسرى المقاومة

سلّمت مصر لحماس في 8 نيسان الجاري، ورقة «مبادئ أساسية لاتفاق الإطار»، والتي تبيّن أنها حصيلة مشاورات بين المسؤولين المصريين مع مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز. ولم تكن هناك موافقة إسرائيلية عليها أصلاً. كُتبت الورقة باللغة الإنكليزية وتمّت ترجمتها بصورة غير رسمية من قبل الوسطاء.تنشر «الأخبار» في ما يلي نص الورقة المصرية التي رفضتها المقاومة.

«ترجمة غير رسمية»
مبادئ أساسية/ 8 نيسان 2024

اتفاق بين الجانب الإسرائيلي
والجانب الفلسطيني في غزة
على تبادل الرهائن والسجناء
والعودة للهدوء المُستدام

الاتفاق الإطاري مكوّن من 3 مراحل وكل مرحلة 42 يوماً، وهي على النحو التالي:

في المرحلة الأولى:

وقف جميع العمليات العسكرية من الجانب الفلسطيني ضد جميع الأهداف الإسرائيلية – سواء المدنية أو العسكرية.

وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية من الجانب الإسرائيلي، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي. وجميع المناورات الهجومية والاقتحامات الجديدة في قطاع غزة.
وقف جميع التحركات الجوية (العسكرية والاستطلاع) في قطاع غزة لمُدة 6 ساعات يوماً لغاية اليوم الـ 14 من الاتفاق، كما هو موضح أدناه، وبعد ذلك يكون الوقف لمُدة 8 ساعات يومياً.

في اليوم الذي سيتم الاتفاق عليه بأن يُمثل يوم بدء تنفيذ المرحلة الاولى (تاريخ التنفيذ)، ستقوم القوات الإسرائيلية بإعادة التموضع خارج المناطق المُكتظة بالسكان في قطاع غزة وذلك إلى مناطق مُؤشّرة على الخريطة التي سيقدّمها الجانب الإسرائيلي.

عودة النازحين إلى شمال قطاع عزة:

يلتزم الجانبان بالبدء بالعودة التدريجية للنازحين المدنيين إلى شمال غزة خلال المرحلة الأولى، وفي اليوم الأول، ستضمن إسرائيل التوصيل الفوري للمُساعدات الإنسانية والمساكن المُؤقتة اللازمة لتحضير مناطق في الشمال للعودة الآمنة للنازحين منها. وبالتوازي مع ذلك، وخلال الأسبوع الأول من المرحلة الأولى، سيقوم فريق من الأمم المتحدة بتقييم المُتطلبات اللازمة لضمان العودة الآمنة للمدنيين إلى الشمال.

توافق إسرائيل على البدء بالعودة غير المُقيّدة للسكان المدنيين إلى الشمال في اليوم الـ 14.

سيتم فتح شارع الرشيد (الطريق الساحلي) لتسهيل هذه العودة، وستقوم القوات الإسرائيلية بإعادة التموضع بمسافة 0.5 كيلومتر شرق شارع الرشيد، ولن تبقي على أيّ نقاط تفتيش على الطريق المُخصّص للعودة.

توافق إسرائيل أيضاً على فتح شارع صلاح الدين للعودة غير المُقيّدة للسكان المدنيين إلى الشمال في اليوم الـ28. ستقوم القوات الاسرائيلية بإعادة التموضع بمسافة 0.5 كيلومتر شرق وغرب شارع صلاح الدين، ولن تبقي على أيّ نقاط تفتيش على الطريق المُخصّص للعودة.

وضع الترتيبات المُناسبة للمُساعدة في تسهيل العودة الآمنة والمضمونة والمنظّمة للمدنيين غير المسلحين إلى الشمال (الموضوع قيد النظر والمُناقشة).

إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل المسجونين الفلسطينيين:

في اليوم الأول، سيبدأ الجانب الفلسطيني بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، بداية بالنساء، وسيكون مجموع عدد الرهائن الذين سيُطلق سراحهم في المرحلة الأولى هو 40 من فئات النساء المُتبقيات (بمن في ذلك المُجندات)، والأطفال تحت سن 19 سنة، والرجال فوق 50 سنة، وجميع الرجال المُصابين والمرضى، استناداً إلى قائمة سيقوم الجانب الإسرائيلي بتقديمها.
وفي حال عدم قدرة الجانب الفلسطيني على توفير عدد 40 من الرهائن الأحياء من هذه الفئات، سيقوم بإطلاق عدد من الرهائن الرجال للوصول إلى مجموع عدد 40. (رهائن المرحلة الأولى).

بالمقابل، ستقوم إسرائيل بإطلاق سراح مجموع 900 سجين فلسطيني، وأن يكون من بينهم 100 سجين محكومين بالحُكم المُؤبد (يتم اختيارهم من خلال الاتفاق). وسيشمل الـ 900 سجين الـ 47 سجيناً الذين أُعيد اعتقالهم منذ اتفاق شاليط.

عند اليوم الـ 14، يجب أن يقوم الجانب الفلسطيني بإطلاق سراح ما لا يقل عن 20 من رهائن المرحلة الأولى، مقابل العدد المُتفق عليه من المسجونين الفلسطينيين، وذلك لغرض قيام الجانب الإسرائيلي بفتح شارع الرشيد وتمكين استخدامه المُقيّد من قبل النازحين الغزيين العائدين إلى الشمال.

عند اليوم الـ 28 يجب أن يقوم الجانب الفلسطيني بإطلاق سراح ما لا يقل عن 35 من رهائن المرحلة الأولى، مقابل العدد المُتفق عليه من المسجونين الفلسطينيين، وذلك لغرض قيام الجانب الإسرائيلي بفتح شارع صلاح الدين وتمكين استخدامه غير المُقيّد من قبل النازحين الغزيين العائدين إلى الشمال.

في الأسبوع الـ 5، سيقوم الجانب الفلسطيني بإطلاق سراح جميع الرهائن المُتبقين للمرحلة الأولى، مقابل العدد المُتفق عليه من المسجونين الفلسطينيين.

النسبة الدقيقة من المسجونين الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل رهائن إسرائيليين من كل فئة سيتم تحديدها بعد القيام بالتوافق بين القوائم الفلسطينية والإسرائيلية بشأن العدد المُتبقي من الرهائن الأحياء في كل فئة وستكون النسبة مقابل إطلاق سراح المُجندات هي نفسها النسبة التي سيتم استخدامها لأي رهائن من الرجال الذين قد يحتاج إلى اطلاق سراحهم للوصول إلى مجموع 40.

يحق للجانب الإسرائيلي إبعاد أي من المسجونين الفلسطينيين المحكومين بالحكم المؤبد المطلق سراحهم.

لا تُمثل مفاتيح إطلاق سراح الرهائن مقابل المسجونين أساساً للتفاوض على إطلاق سراحهم في المرحلة الثانية.

ستقوم الأمم المتحدة ووكالاتها المُكلّفة والمُنظمات الأخرى بأعمالها في تقديم الخدمات الإنسانية في كل مناطق قطاع غزة واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاق.

سيقوم الجانب الإسرائيلي بالسماح وتسهيل – بأقصى استطاعته – الدخول المنسّق لكميات مُكثفة وكافية من المُساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة، بما في ذلك المساكن المُؤقتة (الكرافانات) والخيم بسعة نقل 600 شاحنة يومياً إلى كل مناطق قطاع غزة بما فيها الشمال ودون تقييد في الأعداد المُخصص دخولها المنسق إلى الشمال، بما في ذلك الوقود – بكميات يتم الاتفاق عليها – بما في ذلك ما يلزم لتشغيل محطة الكهرباء والتجارة والمعدات المدنية اللازمة لإزالة الركام والبدء بإعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز في كل مناطق غزة، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاق.

البدء بإعادة تأهيل البنية التحتية التي تضررت بسبب الحرب داخل قطاع غزة في القطاعات المدنية التالية: الكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات والطرق، في جميع مناطق قطاع غزة، وتسهيل الدخول المُنسّق لما يتم الاتفاق عليه من المعدات اللازمة لرفع الأنقاض وإيجاد رفات الموتى، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاق.

السماح بدخول مُستلزمات ومُتطلبات إقامة مُخيمات الإيواء اللازمة لاستيعاب النازحين الذين فقدوا بيوتهم خلال الحرب كما هو مذكور في أعلاه.

بدءاً من اليوم الـ 14 من المرحلة الأولى، سيتم السماح لعدد يتم الاتفاق عليه من الجرحى العسكريين بالسفر عبر معبر رفح لغرض تلقّي العلاج.

بما لا يتجاوز اليوم الـ 14 من المرحلة الأولى، سيتم البدء بمُباحثات غير مُباشرة بين الطرفين بشأن الاتفاق على الترتيبات اللازمة لعودة الهدوء المُستدام.

في المرحلة الثانية:

الانتهاء من الاتفاق على الترتيبات اللازمة لعودة الهدوء المُستدام وعلى إطلاق سراح جميع المُحتجزين الإسرائيليين المُتبقين، المدنيين والعسكريين، وإطلاق سراحهم مُقابل إطلاق سراح مسجونين فلسطينيين، سيتم الاتفاق على أعدادهم وأسمائهم.

الحركة الكاملة لحركة السكان في جميع مناطق قطاع غزة والعودة غير المُقيّدة للنازحين إلى أماكن سكنهم بما في ذلك شمال قطاع غزة.

الوصول إلى… والتعرف إلى رفات الموتى الموجودة في الأطراف تحت سيطرتهم.

في المرحلة الثالثة:

تبادل جثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول والتعرف إليهم، بما يشمل رفات الموتى الموجودة لدى الجانبين قبل 7 أكتوبر 2023.

الضامنون لهذا الاتفاق:
قطر، مصر والولايات المتحدة

القانون لا يحمي المستهلكين: أي لحوم يأكل اللبنانيون؟

آلاف الأطنان من اللحوم الهندية المجمّدة تدخل لبنان سنوياً و«تختفي» في سوق اللحم. لا أحد يعرف عنها شيئاً، إذ لا تباع كمنتجٍ مجمّد له تاريخ صلاحية، بل تُخلط مع اللحم الطازج وتباع كلحوم بلدية «طازجة». الأزمة الاقتصادية وانعدام الرقابة والفساد عزّزت هذه السوق، فارتفعت نسبة اللحوم الهندية المجمّدة المستوردة من 1558 طناً عام 2019 إلى 10100 طن عام 2022 و7559 طناً في الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي

لم يعد تعليق الذبائح على مداخل الملاحم مشهداً مألوفاً. في معظم أماكن بيع اللحوم، أصبحت الذبائح المعلّقة – إن وجدت – أشبه بالزينة، يعلّقها اللحّامون فيما يلبّون طلبات الزبائن من قطع اللحم المكدسة في البرادات، ويقوم البعض بتحضير بعض الأنواع مسبقاً، كاللحم المفروم والشاورما والهمبرغر والمقانق، ليس لتسهيل عمله، وإنما لأنه، ببساطة، يغشّ. إذ يخلط اللحوم المجمّدة المستوردة باللحم الطازج ويبيعها على أساس أنها «بلدي».
ولأن قلة من يلتفتون إلى هذا الأمر ولا يميّزون بين الطازج والمجمّد، يمرّ الأمر بسلاسة: «يُضرب» اللحم الطازج بالمجمّد ويباع إلى المستهلك بسعر الطازج، رغم أن أسعار المجمّد أقل بكثير.
ويصل الأمر إلى حد قيام بعض اللحّامين بتقديم «عروضات»، فيصل سعر الكيلو إلى ما بين 400 ألف ليرة و500 ألف.
هذه «التخفيضات» تدفع إلى السؤال: أي اللحوم نأكل؟ ولماذا لا يتم إعلام المستهلك بما هو معروض أمامه كما يفرض القانون؟ لا أحد يعرف الجواب، ومع الأزمة يكاد يصبح الجواب مستحيلاً، بعدما عزّزت نمطاً هجيناً من الاستهلاك لدى اللبنانيين، فبات التوجه نحو السلع الأرخص هو الغالب، مع التخلي التدريجي عن عادات غذائية ارتبطت بأصناف لم تعد أسعارها في متناول كثيرين.

وهذا ما شجّع التجار على البحث عن بدائل تتناسب مع تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين من جهة، وتدرّ عليهم مزيداً من الأرباح من جهة أخرى. وبسبب هذا النمط المتجدّد، لم يعد معظم المستهلكين معنيّين بالسؤال عن النوعية بقدر اهتمامهم بالسعر، وهو ما فتح الباب أمام دخول أصنافٍ وأسماء منتجات كثيرة إلى السوق.

وقد انسحب هذا الأمر بقوّة على اللحوم كسلعة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، إذ بات السعر أيضاً يحكم الاستهلاك، وأصبح المستهلك يبحث عن الأرخص أو «العروضات»، من دون السؤال عن مصدر اللحوم أو نوعيتها.
وهذا سمح للتجار ومحال البيع والتعاونيات بعرض أصنافٍ من اللحوم بأسعار متنوّعة، من دون الإشارة في معظم الحالات إلى مصدرها، ومنها اللحوم الهندية المجمّدة التي تدخل السوق بكميات كبيرة لرخص أسعارها من دون أن يتم تحديد نقاط بيعها أو الإشارة إليها.
إذ لا تباع كمنتج مستورد، وإنما تُخلط مع اللحوم الطازجة وتباع على أنها «لحوم بلدية». ولا قدرة للمستهلك على كشف هذا الغش، ولا سيما أن اللحوم المجمّدة لا تأتي كذبيحة مكتملة أو أقسام مكتملة من الذبيحة، وإنما على شكل قطع.
وهذا ما لا يدركه المستهلك الذي «يدخل إلى الملحمة فيسارع اللحام إلى تلبية طلبه مما هو موجود في البراد، وبذلك لا يعرف المستهلك ما الذي يتناوله»، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو.

آلاف الأطنان من اللحوم الهندية تُستورد سنوياً و«تختفي» في السوق. لا عنوان لأماكن بيعها، إذ إنّ معظم من يبيعون اللحوم لا يلتزمون بالقانون لناحية الإشارة إلى مصدرها ووضع تواريخ الصلاحية عليها، ما يثير شكوكاً لناحية صلاحيتها للأكل، وفقاً لبرو، «إذ يمكن أن تكون منتهية الصلاحية ولا نعرف بذلك لأن لا معلومات عنها ولا رقابة كافية عليها».

المعروف، شعبياً، أن «اللحام يغش زوجته»، وأن خلط اللحوم ليس أمراً جديداً، ولكنه كان يجري «ع الناعم» قبل أن «يفلت الملقّ» بعد الأزمة ونشهد زيادة ضخمة في استيراد هذه الأنواع من اللحوم. وزاد الأمر سوءاً في الآونة الأخيرة مع استيراد أنواع من اللحوم الهندية كـ«التريمنغ»، وهي «تجميعة لحوم ممزوجة ببعضها في روليات، ولا نعرف ما الذي تحويه هذه التجميعة»، بحسب ماجد عيد، أمين السر لنقابة مستوردي وتجار اللحوم الحية.

منذ 2004

يعود استيراد اللحوم الهندية إلى عام 2004، وترافق مع جدل طويل حول نوعيتها ومدى مطابقتها للمعايير.
ووُضعت إثر ذلك لائحة شروط لإدخال الشحنات إلى لبنان، استناداً إلى زيارات ميدانية قام بها أطباء بيطريون مكلّفون من وزارة الزراعة إلى مسالخ في الهند لتحديد المطابق منها وتسجيلها ضمن لائحة المسالخ المسموح بالاستيراد منها.
إلّا أنّ هذا التدبير لم يلغِ الحذر لدى البعض، إذ من يضمن ما يجري بعد زيارات الأطباء، وهل ينحصر الاستيراد فعلاً بالمسالخ «المطابقة للمواصفات»؟

مع بداية الأزمة الاقتصادية قبل أربع سنواتٍ، عاد الحديث عن اللحوم الهندية بعد الزيادة الكبيرة في استيراده وعدم الإفصاح عنه في الكثير من المحال والملاحم.
ودفع ذلك نقابة القصابين ومستوردي وتجار المواشي الحية إلى «تنبيه المواطنين» ودعوة وزارة الاقتصاد «للقيام بإجراءات استثنائية وزيادة دورياتها الخجولة نسبة لحجم الغش الموجود في السوق، خصوصاً أن اللحوم الهندية باتت تستحوذ على ما بين 25% و35% من حجم سوق اللحوم في لبنان حالياً، من دون أن نعرف مراكز بيعها»، بحسب عيد.

المجمّد الهندي في رأس القائمة
بحسب أرقام إدارة «الجمارك اللبنانية»، حيث يكاد استيراد اللحم المجمّد ينحصر بالهند.
ففي الأشهر الثمانية الأولى من العام الماضي، استورد لبنان 44 ألف طنّ «حيوانات حيّة من فصيلة الأبقار» بقيمة إجمالية تبلغ 138 مليوناً و450 ألف دولار.
كما استورد 8784 طناً من اللحوم المجمّدة بقيمة 26 مليون دولار و6339 طناً من اللحوم المبرّدة بقيمة 23 مليون دولار، وهي تلك التي تُستخدم في الغالب في المطاعم.

تتنوع المصادر التي يستورد منها لبنان أبقاراً حيّة، ويأتي في مقدمتها البقر البرازيلي (11014 طناً) ثم الأوكراني (8778 طناً) فالكرواتي (7628 طناً) والإسباني (4498 طناً) والهنغاري (3696) والمولدوفي والكولومبي (بحدود 2500 طن لكل منها)…

في المقابل، لا ينعكس التنوع على ما يستورده لبنان من لحومٍ مبرّدة ومجمّدة، إذ يستورد معظم اللحوم المبردة من مصدرين أساسيّين هما البرازيل (3663 طناً) وكولومبيا (1981 طناً).

وفي اللحوم المجمّدة، «يتّكل» لبنان على مصدر شبه وحيد هو الهند (7559 طناً من أصل 8784 طناً)، وتتوزع النسبة المتبقية (1219 طناً) بين البرازيل وأستراليا وكولومبيا والأرجنتين ونيوزيلندا.
واللافت أن التوجه إلى الهند بهذا الزخم ترافق مع اشتداد الأزمة الاقتصادية التي أثرت على أسعار اللحوم الطازجة. فما إن «طارت» أسعار اللحوم، حتى لمع نجم الهند كأحد المصادر البديلة.
وتشير الأرقام الرسمية إلى تغيّر نمط استهلاك بعد الأزمة، إذ تراجعت شحنات الأبقار الحية، وزادت كمية اللحوم المجمّدة التي يستوردها لبنان، تحديداً من الهند، عاماً بعد آخر، وهي مرشّحة للارتفاع أكثر.

اللحوم الهندية تستحوذ على ما بين 25% و35% من حجم السوق من دون أن تُعرف مراكز بيعها

يعني ذلك أن التجّار ارتأوا أن يُطعموا اللبنانيين لحوماً مجمّدة ومبرّدة «بغير علمهم».
وليس في الأمر مبالغة، فاليوم يأكل اللبنانيون من معظم الملاحم والمحال التجارية لحوماً حمراء مجمّدة على أنها طازجة.
وهم بذلك يرتكبون مخالفتين، الغش التجاري عبر خلط اللحوم، وإخفاء ذلك عن المستهلك متخطّين قانون حماية المستهلك الذي يفرض على نقاط بيع اللحوم تحديد نوع اللحوم ومصدرها وتاريخ صلاحيتها.
والسؤال هنا: من يحمي المستهلك؟

في إجابة رسمية، تتوزع المسؤولية بين عدة جهات، منها الزراعة والاقتصاد والتجارة والصحة.
أما على أرض الواقع، فقد لعب تشعّب الصلاحيات دون القيام بالأدوار كما يفترض.

إذ تتقاطع صلاحية مراقبة اللحوم والتأكد من جودتها بين جهتين أساسيّتين هما وزارتا الزراعة والاقتصاد. فيما تتدخل وزارة الصحة فقط «في حال حصول إصابات بسبب تناول منتج غذائي ومنه اللحوم»، بحسب رئيسة مصلحة الطب الوقائي في الوزارة الدكتورة عاتكة بري.

تبدأ المهمة، إذاً، من الزراعة التي من مسؤوليتها الكشف عن المستوعبات التي تصل إلى مرفأ بيروت وإجراء الفحوص اللازمة للحوم، مبرّدة أو مجمّدة، «فإن كانت مطابقةً للشروط، أدخلناها إلى السوق، وإن كانت العكس، أتلفناها»، يقول رئيس مصلحة مراقبة التصدير والاستيراد في الوزارة الدكتور يحيى خطار.

ولا تتوقف الشروط، بحسب خطار، عند مطابقتها لمعايير السلامة العامة، وإنما يتوجب على تاجر اللحوم أن يلتزم جملة إجراءات عند كل شحنة، ومنها جزء أساسي يتعلق بـ«الأوراق التي تثبت بأن المسلخ الذي يستورد منه اللحوم حاصل على شهادة جودة ومسجّل في لائحة وزارة الزراعة التي نجري عليها تعديلات دورية بناء على زيارات ميدانية يقوم بها فريق الأطباء المكلّف من الوزارة للكشف على المسالخ».

استناداً إلى ذلك، يجزم خطار بـ«أننا متأكّدون من صلاحية اللحوم التي تدخل، ومنها الهندية، ومن مطابقتها لشروط السلامة».
لكن هذا التأكيد، بحسب خطار، محصور داخل المرفأ و«حتى بابه» حيث تنتهي صلاحية وزارة الزراعة لتبدأ صلاحية مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد.
وعلى «الطريق» الفاصل بين المرفأ وأماكن توزيع اللحوم، تكمن الأزمة. فبحسب برو «المشكلة ليست في مطابقة اللحوم الهندية للمواصفات في المرفأ، وإنما في سلسلة الاستهلاك، أي بعد خروجها من المرفأ، عبر طريقة التخزين والتبريد والالتزام بتواريخ الصلاحية، لأنه في كثير من الأحيان قد تنتهي صلاحيتها وتباع على أساس أنها صالحة، وقد حصل هذا مراراً».

هذا التكتم يجعل من مهمة مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد بعد خروجها من المرفأ أمراً شاقاً، فالحمل ثقيل على مديرية تعمل بـ 70 موظفاً تقريباً مكلّفين بمتابعة مخالفات البلاد كلها، من مخالفات المولدات إلى المطاعم والمطاحن والمحال التجارية والملاحم.

مع ذلك، «المطلوب منا نفعله»، يقول المدير العام لوزارة الاقتصاد الدكتور محمد أبو حيدر، لافتاً إلى أن الوزارة تقوم دورياً بجولات للكشف عن المخالفات. وفي هذا السياق، يشير أبو حيدر إلى أن الجولات التي قام بها على الملاحم والمحال التجارية التي تحوي أقساماً لبيع اللحوم، كان لافتاً فيها أمران أساسيان «أولهما عدم إعلام المستهليكن بأن هذه اللحوم مجمّدة وليست طازجة أو أنها لحوم هندية بحيث نعطي الخيار للمستهلك في انتقاء ما يريده وهذا ما ينطبق عليه مصطلح الغش التجاري، وثانيهما وهو الأخطر، هو خلط اللحوم الطازجة باللحوم المجمّدة، وهو ما لا تستطيع حملات المداهمات ولا الفحوص الكشف عنه، إذ يمكن بالفحص أن نثبت أن اللحم المفروم مطابق أو غير مطابق، ولكننا لا نملك وسائل في المختبر تثبت أن هذا اللحم مخلوط».

جل ما يمكن أن «نقوم به في هذه الحالة هو طلب الفواتير لنطابق بين الكمية المستوردة والكمية التي تباع، وفي حال المخالفة، نعمد إلى إقفال الملحمة وتحويلها للقضاء»، ولكن هل هذه الوسيلة كافية؟ يجيب أبو حيدر «لا»، وحتى التحويل إلى القضاء دونه عائقان أساسيان يتعلقان بطول مدة «إقامة» الملف قبل صدور القرار «ونحن لا يمكننا السؤال عن الملفات باعتبار أن ذلك يعدّ تدخّلاً في القضاء»، والأمر الآخر يتعلق بعدم وجود عقاب رادع، إذ إنّ الغرامة لا تزال بدائية وقيمتها منخفضة جداً.

الخماسية – حزب الله: لا رئيس قبل تسوية غزّة

يُفترض عدم التقليل من أهمية اجتماعات سفراء الدول الخمس بالافرقاء المناوئين لحزب الله. بيد ان المغزى الفعلي لجولاتهم في ما يقدمه لهم او يحجبه. يملك الثنائي الشيعي القفْل والمفتاح معاً: قفْل البرلمان علّقه حزب الله على بابه، والمفتاح عند الرئيس نبيه برّي. غالب الظن عند الثنائي ان لا تفتح الابواب الا لاستقبال سليمان فرنجية رئيساً

اجتمع سفراء الدول الخمس بمعظم الافرقاء المعنيين بانتخاب الرئيس، ترشيحاً او اقتراعاً، وسمعوا منهم مجدداً ما كانوا سمعوه تكراراً، فرادى ومجتمعين. كما بعد كل اجتماع، سابقاً وفي اليومين المنصرمين، يمدّون استنتاجاتهم بجرعات من التفاؤل، لاحظوا بعض الايجابيات، وفق السفير المصري علاء موسى، من طراز وجود «مشتركات» بين الافرقاء. في الواقع اضحى انتخاب الرئيس أبعد مما كان.في الاهتمامات المعلنة والتصريحات اليومية لثلاثة اطراف هم الاكثر التصاقاً بالاستحقاق والأكثر تأثيراً في حصوله او في تعطيله، كالثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، انهم يغرّدون في أسراب متباعدة: الاول ينتظر ما بعد حرب غزة، والاخيران يتسابقان على مواجهة النزوح السوري وتداعياته السلبية. هم الافرقاء الثلاثة الممسكون بفيتو نصاب جلسة الانتخاب عددياً وميثاقياً مذ الشغور، وهم وحدهم المعنيون بإحداث خرق في مواقفهم للذهاب الى مجلس النواب والتصويت.

اما ما لم يسع سفراء الدول الخمس، قبلاً والآن، الوصول اليه في مهمة مستعصية، فيكمن في بضعة معطيات، منها:

1 – استمرار انقسام الكتل في البرلمان من حول ترشيح رئيس تيار المردة. حزب الله يقول انه فريق وازنٌ له الحق في ان يكون له مرشح. حجته ان على الفريق الآخر الأخذ في الاعتبار رأيه، مقدار اخذه هو في الاعتبار رأي الفريق ذاك. ذلك ما يؤول الى اعتراف الحزب بعدم تمكنه من ايصال مرشحه الى الرئاسة. لكن ايضاً عدم تمكن الفريق الآخر من اخراج فرنجية من السباق الرئاسي او حمل الحزب على التخلي عنه.

بين هذين النقيضين لا يُسمع من اي من السفراء الخمسة اسم محدّد يقترحونه بديلاً من فرنجية، كما من اي ندّ لفرنجية بغية استبعاده. عبارتهم الغامضة: التفكير في مرشح ثالث ليس الا.
2 – تكمن العقبة الكأداء المستمرة منذ آذار 2023، مذ اعلن رئيس المجلس نبيه برّي ترشيح فرنجية ولاقاه بعد ايام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في اصرارهما على ترشيح رئيس تيار المردة وطلب اجراء حوار من حول ترشيحه، توصلاً الى تقديم الضمانات الكفيلة باقناع المتحفظين عنه بالقبول به. في حسبان حزب الله يدور الحوار المتوخى من حول هذه النقطة بالذات، لا سواها.
هو المنطق نفسه الذي ساقه نصرالله امام رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قبيل الشغور عام 2022، بتأكيده له ان الفرصة متاحة لوصول فرنجية الى الرئاسة، الموعود بها قبلاً، على انه يضمن شخصياً لباسيل كل ما يطلبه منه. رد فعل باسيل يومذاك معارضته انتخاب فرنجية رغم تأكيد نصرالله ان خلافهما «ليس في السياسة بل في الصراع على السلطة».

لا يمانع حزب الله في العودة الى المبادرة الفرنسية الاولى: رئيس الجمهورية لنا ورئيس الحكومة لكم

للسبب هذا يرفض مناوئو فرنجية في الاحزاب المسيحية الحوار. كلا الفريقين يضع في طريق انتخاب الرئيس شرطه التعجيزي: الاولون الذين لا يتخلون عن فرنجية، والاخيرون المصرّون على اخراجه سلفاً من الترشح.

3 – يُعيد حزب الله، مرة بعد اخرى، التذكير بالمبادرة الفرنسية الاولى السنة المنصرمة – وكان وافق عليها – بربطها انتخاب رئيس يطمئن اليه بتسمية رئيس للحكومة يطمئن اليه خصومه. طُرح آنذاك فرنجية والسفير السابق نواف سلام في تقاسم حصة متكافئة بين طرفيْ الانقسام. في الحجة المساقة للعودة الى المعادلة الفرنسية المطفأة، انها حلّ ممكن لتثبيت موازين قوى داخلية تأخذ في الاعتبار مصالح الافرقاء جميعاً على ان الانقسام الحالي ليس سوى نسخة مجددة عن تحالفيْ 8 و14 آذار.

ليست تلك الحجة الوحيدة المساقة.
منذ ما بعد اتفاق الطائف درجت المعادلة هذه: رئيس الجمهورية في حصة السوريين، ورئيس الحكومة في حصة الغرب والعرب.
ذلك ما رافق ثنائية الرئيسين الياس هراوي ورفيق الحريري، وثنائية الرئيسين اميل لحود والحريري. بخروج سوريا من لبنان وانتقال الدور والنفوذ الى حزب الله، ثُبّتت المعادلة نفسها في عهد الرئيس ميشال سليمان وصولاً الى عهد الرئيس ميشال عون: رئيس للجمهورية يوافق عليه حزب الله دونما ان يقف في طريق تسمية رؤساء الحكومات المتعاقبين ذوي المصالح المالية والتجارية العميقة والعلاقات الشخصية عند العرب والغرب. توالياً الرؤساء فؤاد السنيورة وسعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام وصولاً الى حسان دياب الذي اوصله الحزب الى السرايا من غير ان يُحسب عليه.

في حسبان حزب الله، لئن يشعر بأنه اقوى افرقاء الداخل، بيد ان له شركاء دائمين عرباً واميركيين في تكوين السلطة اللبنانية: إما رئيس الجمهورية لنا ورئيس الحكومة لكم، او العكس.

4 – ليس تحرّك الخماسية سوى ادارة الوقت الضائع الى حين أوان تسوية حرب غزة بعدما ادخلت الاستحقاق الرئاسي في مدارها.
نُقِل الى حزب الله ما اسرّ به السفير السعودي وليد البخاري امام أكثر من طرف محلي، ان ليس لسفراء الدول الخمس سوى التحرك جولة بعد اخرى قبل التوصل الى وضع تقرير اخير بالحصيلة، يُرفع الى وزراء خارجية دولهم فيجتمعون لبتّ انتخاب الرئيس عند ابرام حلول حرب غزة التي تشمل، في ما تشمل، استقرار الجنوب لكن ايضاً الاستقرار الداخلي اللبناني.
عندذاك سيكون الحزب، وحده دون سائر الافرقاء اللبنانيين، جالساً الى طاولة الكبار مباشرة او من خلال ايران، لانجاز تسوية ما بعد حرب غزة.

الموقف نفسه يتحدّث عنه فرنجية امام زواره. يقاسم حزب الله في وجهة نظره بأن عامل الوقت يصبّ في مصلحته ما دامت حرب غزة ستفضي في نهاية المطاف الى اتفاق يكون الحزب في صلبه.
عامل الوقت بازاء استمرار الشغور الرئاسي طال اكثر او قصُر ليس في لبّ انشغاله وهو يخوض الشق اللبناني في حرب غزة.

اللواء:

صحيفة اللواءماكرون يكشف عن تنسيق مع الأميركيين و3 مطالب لبنانية للسير بخارطة الـ1701

تراجع حدّة الاستهدافات جنوباً.. وأبوصعب خارج التيار ومآخذ متزايدة للثنائي على باسيل

بصرف النظر عن اللغط الموزع بين «المسخرة الاسرائيلية» والغموض الايراني في ما خصَّ الردّ على ردّ إيران على استهداف القنصلية الايرانية في دمشق، فإن المشهد الاقليمي آخذ في البلورة، في ضوء تبدُّل الأولويات بين القوى الكبرى، عالمياً وفي الاقليم، في ما خص مجريات الحرب في غزة، وهي تقترب من نهاية شهرها السابع، بين تفاهم أميركي- اسرائيلي على إنهاك «حماس» ومنعها من تحقيق أي نصر، مهما كانت حجم عمليات القتل والتدمير بحق الفلسطينيين في القطاع وخارجه، وسعي دول «المحور» المدعوم من إيران إلى تكريس معادلة «القوة المقابلة»، بصرف النظر عن حجمها وتأثيرها على مجريات الصراع وآفاقه وتسوياته.

وفي السياق، تحتل المحادثات التي جرت في الأليزيه بين الرئيس ايمانويل ماكرون والرئيس نجيب ميقاتي، والتي انضم اليها قائد الجيش العماد جوزاف عون، من زاوية وضع اللمسات على تعديلات ممكنة للورقة الفرنسية الخاصة بتطبيق القرار 1701، وانعكاساته على الجبهة المحتدمة في الجنوب بين اسرائيل وحزب الله.

ولئن اثنى الوفد اللبناني، على الجهود الفرنسية الداعمة للإستقرار في لبنان، وتوفير ما يلزم لتمكين الجيش اللبناني من القيام بدوره في الجنوب والحفاظ على الأمن والاستقرار، فإنه في الوقت نفسه، اعتبر ان الحل يبدأ من الضغط على اسرائيل لوقف عدوانها على الجنوب ولبنان، مع الحرص اللبناني على الالتزام بالسعي لمنع توسع المجابهة من الجانب اللبناني.

واعتبر الرئيس ميقاتي ان المدخل لحل الأزمات في لبنان هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لاكتمال عقد المؤسسات الدستورية والبدء بتنفيذ الاصلاحات.

وفي المعلومات حول الرئاسة، ان الفرنسيين، ومعهم الجانب القطري يرون ان أحد الخيارات التحضير لمؤتمر حوار يعقد خارج لبنان على غرار مؤتمر الدوحة عام 2008.

وفي إطار الربط بين ما يجري في الجنوب وملف الرئاسة، نقل عن مقربين من الثنائي ان «الأميركيين أبلغوا اصدقاء لحزب الله استعداد واشنطن تسهيل الملف الرئاسي واعطاء الحزب الرئاسة ومكاسب حكومية، اذا اوقف التصعيد على الجبهة الجنوبية.

الأليزيه: مشهد مثير للإهتمام

وشهد قصر الأليزيه الفرنسي اجتماعاً غير مسبوق، حضره الى الرئيس ماكرون كل من الرئيس نجيب ميقاتي، قائد الجيش العماد جوزاف عون، ورئيس أركان الجيوش الفرنسية الجنرال تيري بوركهارد والموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لورديان الآتي لتوه من الولايات المتحدة الأميركية.. اضافة الى السفير هيرفيه ماغرو.

بدأ الاجتماع ثنائياً تخلله غداء عمل، واستغرق ثلاث ساعات، بعد انضمام الوفد العسكري اللبناني والفرنسي إليه.

البحث تركز حول الورقة الفرنسية لإنهاد الاشتباكات الدائرة في الجنوب، والملف الرئاسي، والمساعدات الفرنسية والغربية للجيش اللبناني..
واشار ماكرون ان التعديلات على الورقة الفرنسية تأخذ بالاعتبار المستجدات على واقع ما يجري في المنطقة.

وفي ما خص الملف الرئاسي، دعا ماكرون للاسفادة من الدعم الدولي والموقف الموحد للخماسية، مؤكداً ان فرنسا تدعم ما يتوافق عليه اللبنانيون، وليس لديها اي مرشح محدَّد، وأن هناك توافقاً فرنسياً أميركياً على مقاربة الحلول المقترحة.

وذكر الرئيس ميقاتي بالمخاوف التي تنتابه من استمرار العدوان الاسرائيلي، وملف النزوح السوري، والمخاطر المترتبة عليه، وطالب ماكرون بالعمل من اجل مناطق آمنة في سوريا وأن تأتي مساعدات الاتحاد الأوروبي الى السوريين على أرضهم.

وذكرت مصادر لبنانية ان اجتماع العماد عون مع قائدي الجيش الفرنسي والايطالي كان ايجابيا وجاء استكمالا لاجتماع روما الذي قدم خلاله العماد عون دراسة عن حاجات الجيش ووضعه وحاجاته لوجيستيا وماديا، في ضوء التحديات التي يواجهها.

ومنذ ذلك الحين، درس قائدا الجيش الفرنسي والايطالي عرض العماد عون الشامل، واستوضحا بعض النقاط لتحديد الخطوات الواجبة للمساعدة في اطار خطة معينة، خاصة في ما يتصل بالوضع في الجنوب، وحاجيات الجيش والتطويع، وغيره.

واشارت الى ان سيتم تشكيل لجنة مشتركة من كل الاطراف المجتمعة، لدرس الحاجات وكيفية تأمين الدعم والتمويل اللازمين. كل ذلك لا بد ان يسبقه قرار سياسي ووقف إطلاق نار على ان يواكب سياسيا على مختلف المستويات.

محلياً، أوضحت أوساط نيابية معارضة لـ«اللواء» أن الإصرار على الحوار من قبل قوى الممانعة لانتخاب رئيس الجمهورية مرفوض انطلاقا من مبدأ أساسي وهو التمسك بجلسة الانتخاب، إذ ليس منطقيا أن يجر الحوار جلسات من دون نتيجة، في حين أن انعقاد جلسات انتخاب متتالية يبقى في أولويات المطالبات.

وقالت هذه الأوساط أن الثنائي الشيعي لا يزال على تمسكه بترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، والايام المقبلة تظهر ذلك، وبالتالي فإن جهد اللجنة الخماسية في إيجاد قواسم مشتركة قد ينسف من قبل قوى الممانعة.

إلى ذلك افيد أن اللجنة الخماسية تتحضر للخطوة المقبلة لجهة تقييم خلاصة جولاتها ولقاءاتها والانتقال إلى نشاط جديد.

نواب المعارضة في واشنطن

وفي واشنطن، يتابع وفد نواب قوى المعارضة (31 نائبا) لقاءاته في العاصمة الأميركية. وقد استهل لقاءاته باجتماع في الكونغرس مع ممثلين عن لجنة الصداقة اللبنانية- الأميركية والتي باتت تضم 36 نائباً..

كما عقد النواب لقاء موسعاً مع النادي اللبناني في البنك الدولي ومؤسسة النقد وأكاديميين لبنانيين في واشنطن. كما التقى مسؤولي الشرق الاوسط ولبنان في الخارجية الاميركية.

بوصعب خارج التيار العوني

حزبياً، بات بحكم المؤكد ان نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب، أصبح خارج التيار الوطني الحر، في ضوء سلسلة طويلة من الخلافات والتباينات مع رئيس التيار جبران باسيل.

وفهم ان لا قرار علني باعتبار بوصعب خارج التيار العوني، بل سيعامل على هذا الأساس ضمن الأطر التنظيمية..

مآخذ متزايدة

وفي سياق متصل، نقل عن قربين من «الثنائي الشيعي» ان المآخذ تتزايد على أداء باسيل، فهو «لن يكسب أعداءه وسيخسر حلفاءه إذا استمر بالمناورة واللعب تحت الطاولة مع بعض الدول العربية والأوروبية.

وحسب معلومات هؤلاء ، فإن باسيل أرسل رسائل علنية وغير علنية فحواها استعداده للانفصال عن حزب الله والتعامل معه على طريقة وليد جنبلاط اذا جرى التسليم بموقعه في تزعم الموارنة والبت بالملف الرئاسي.

ملف سليمان أمام القضاء

قضائياً، اما في جديد ملف خطف في جريمة اغتيال منسق «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان، فتسلَّم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار من مخابرات الجيش ملفّ التحقيق الأوّلي في الجريمة، وأحاله الى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان طالباً إجراء المقتضى القانوني. وأحيل مع الملف ستة موقوفين من التابعية السورية بينهم الموقوفون الأربعة الذين نفّذوا الجريمة بداعي سلب المغدور سيارته بحسب إفاداتهم الاولية. ولا تزال الجهات الأمنية تنتظر توقيف اثنَين سوريين من المطلوبين في هذه الجريمة من الأمن السوري الذي كان وعد بتسليمهما من اصل خمسة مطلوبين بينهم لبنانيون.

الوضع الميداني

ميدانياً، شنت الطائرات الاسرائيلية غارات على عيتا الشعب والمنصوري وعيترون، بعد استهداف المنازل في الخيام وكفركلا.

وعصراً، استهدف حزب الله موقع بياض بليدا، بالاسلحة المناسبة، حسب بيان الحزب. كما استهدف الحزب آلية من نوع «هامر» في موقع المطلة، فضلاً عن تجمع لجنود الاحتلال.

البناء:

صحيفة البناءطائرات مسيّرة صغيرة الحجم تحلق فوق أصفهان وتسقطها الدفاعات الإيرانية

مسرح المنطقة يستقبل مسابقة عروض الردع: ملحمة إيرانية وكوميديا إسرائيلية

المقاومة في غزة ولبنان: مزيد من التكتيكات الإبداعيّة ومزيد من خسائر الاحتلال

كتب المحرر السياسي

صحا العالم فجر أمس، على نبأ يملأ شاشات القنوات الأميركيّة وتتدفق معه معلومات مسرّبة بصورة منسقة ومبرمجة دون إعلان رسميّ بالمسؤولية الاسرائيلية، لكن بالقول بلا أدنى شك ها هو الرد الإسرائيلي على ايران لم يتأخر، وتحت عناوين جاذبة متقنة كانت وسائل الإعلام الغربية تشترك في حملة تسويق تريد خلق الانطباع بأن غارات لطائرات إسرائيلية أصابت قواعد عسكرية كبرى ومفاعلات نووية حساسة في منطقة أصفهان في وسط إيران، قبل أن تؤكد الأنباء الآتية من طهران أن لا شيء من ذلك على الإطلاق وأن لا جسم طائراً دخل أجواء إيران، وأن لا غارات استهدفت قواعدها العسكرية، كما عادت وأكدت قناة «سي أن أن» وفق صور الأقمار الصناعية. وأن مفاعلاتها النووية لم تتعرّض لأي غارات او استهدافات، كما عادت وأكدت وكالة الطاقة الدولية. وأن الأمر اقتصر على ثلاثة أجسام طائرة صغيرة، كناية عن طائرات مسيّرة صغيرة أطلقت من داخل إيران، على أيدي عملاء تمّ تجنيدهم لهذا الغرض، وقد أسقطتها الدفاعات الإيرانية.
وبقيت القنوات الإسرائيلية تتناقل خبر الرد على الرد الإيراني أملاً بأن يصحّ بعض ما وردها من تسريبات، لكن كل ساعة تمرّ كانت تقول إن الرواية الصحيحة هي الرواية الإيرانية، حتى خرج وزير الأمن الداخلي في حكومة كيان الاحتلال ايتمار بن غفير يقول إن ما جرى هو مجرد مسخرة.

عمليّاً، شهدت سماء المنطقة خلال أيام قليلة عروضاً للردع قدّمتها كل من إيران وكيان الاحتلال. وإذا قبلنا بإيجابية ما قاله البعض تهكماً بوصف الرد الإيراني بالمسرحية، فإن عامل الإبهار الذي يرافق العمليات الحربية الكبرى المصمّمة لتحقيق انتصارات كبرى، يسمح بتشبيهها بالعمل الممسرح.
ووفقاً لمعادلات العمل المسرحيّ فإن المنطقة كانت في عرض 14 نيسان على موعد مع ملحمة إيرانية مبهرة، وشاهدت في 19 نيسان كوميديا إسرائيلية سوداء فاشلة.

بالتوازي، كانت هذه الأيام ذاتها تسجل للمقاومة في غزة ولبنان النجاح بتقديم تكتيكات إبداعية مبهرة، بينما جيش الاحتلال في حال تراجع قتاليّ، ومثلما كانت الفخاخ التي نصبتها المقاومة في غزة في شرق خان يونس واصطادت فيها أربعة عشر جندياً من جيش الاحتلال واصلت ملاحقة الجنود والآليات بطرق إبداعية متجددة، كان ما أنجزته المقاومة على جبهة لبنان يقول شيئاً مشابهاً، سواء بتكتيكات استخدام الصواريخ السريعة ذات الرؤوس الثقيلة، أو الطائرات المسيّرة الانقضاضيّة أو عمليات التفخيخ واستدراج جنود الاحتلال إلى الكمائن، بينما نيران صواريخ المقاومة نجحت بجعل مقار القيادة ومرابض المدفعية ومراكز القبة الحديدية والحرب الالكترونية والمتابعة الجوية، مناطق مُقفرة غير صالحة للاستخدام، وهي تتلقى كل يوم المزيد من النيران.

فيما تنفّس العالم الصعداء بعدما أتى الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني هزيلاً و«مسخرة»، وفق توصيف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتامار بن غفير، عادت الجبهتان الغزاوية والجنوبية الى صدارة المشهد الإقليمي والدولي في ظل تعثر جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بموازاة استمرار العمليات العسكرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي مع تراجع نسبي في سخونة العمليات عن الأيام القليلة الماضية.

وعلمت «البناء» أن الأميركيين وبعض الدول الأوروبية حاولوا استثمار الرد الإسرائيلي على إيران قبل حصوله، بمحاولة الضغط على الحكومة اللبنانية وحزب الله تحت تهديد توسيع العدوان على لبنان كبديل أميركي لـ»إسرائيل» عن ضرب إيران، لانتزاع ضمانات من لبنان بوقف العمليات العسكرية ضد «إسرائيل» من الجبهة الجنوبية.
وقد نقلت جهات دبلوماسية لمراجع سياسية رسائل حازمة بأن لبنان سيتعرّض لضربة إسرائيلية قريبة، إلا أن حزب الله لم يكترث لهذه التهديدات فيما رفضت الحكومة تهدئة جبهة الجنوب من دون تطبيق القرار 1701 وانسحاب قوات الاحتلال من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة.
وأيّد مصدر سياسي مسيحي مخضرم قول رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن «وحدة الساحات قائمة شاؤوا أم أبوا»، مشيراً لـ»البناء» الى أنه لا يمكن فصل لبنان عن ما يجري في المنطقة، وبخاصة في فلسطين المحتلة، وهو أكثر المتأثرين من نتيجة حرب طوفان الأقصى، ولذلك لا يمكنه الوقوف مكتوف الأيدي لكي تستفرد «إسرائيل» بغزة وتقضي على حركة حماس ثم تنقضّ على لبنان، فضلاً عن أنه من حق حزب الله أن يفتح المعركة مع «إسرائيل» من بوابة مزارع شبعا لكي يعيد الأراضي المحتلة والحقوق والسيادة اللبنانية على الطاولة وفي الواجهة، بعدما انتهك العدو هذه السيادة وداس على الحقوق وتجاهل القرار 1701 باعتداءاته المستمرة على الجنوب.

على الصعيد الميداني، واصلت المقاومة عملياتها النوعية ضد مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأعلن حزب الله، في بيان، أنه «وبعد رصد دقيق ‏وترقب لقوات العدو، وعند وصول آلية من نوع هامر الى موقع المطلة وتجمّع الجنود حولها استهدفها ‏مجاهدو المقاومة الإسلامية ‏بصاروخ موجّه ما أدى إلى تدميرها وسقوط الجنود بين قتيل وجريح».

كما أعلن الحزب في سلسلة بيانات، استهداف تجمّع لجنود ‏العدوّ الإسرائيلي في محيط موقع الراهب بقذائف المدفعية، والتجهيزات التجسسية في موقع بياض بليدا بالأسلحة المناسبة. كما استهدف تجمعاً لجنود العدو الصهيوني في محيط موقع رويسات العلم بتلال كفرشوبا المحتلة بالأسلحة ‏الصاروخية، وتجمعاً لجنود ‏العدو الإسرائيلي في موقع بيّاض بليدا بقذائف المدفعيّة، كما استهدفوا التجهيزات ‏التجسسيّة في موقع الرادار بمزارع شبعا اللبنانية المحتلة ودمّروها.

وفي سياق آخر، أشار نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الى أننا «نحن لا زلنا كحزب الله عند موقفنا، أي تجاوز إسرائيلي لهذا السقف المعمول به في المواجهة سنردّ عليه بالمقدار التناسبيّ، وأي تصعيد إذا بلغ مستوى معيناً سنواجه هذا المستوى بما يستلزم حتى لو أدى الأمر إلى أقصى ما يمكن، لكن لا انسحاب من المواجهة ولا تراجع عن المساندة والحماية، ولا يمكن أن نقبل بإقفال هذا الملف إلَّا بعد إقفال ملف غزَّة وتوقف إطلاق النار هناك».

وكشف قاسم تفاصيل عملية عرب العرامشة النوعية وقال في كلمة له في احتفال: «تحصَّن الإسرائيلييون في مبنى مدني على أساس أن لا يعرف أحد، وقرروا إنشاء مركز معلومات ومتابعة للجبهة، ولكن الإخوة في المقاومة راقبوهم وصوَّروهم عند دخولهم وعند خروجهم لمدة شهر وكان التصوير والمراقبة يتمَّان بشكل يوميّ، ثم قاموا بعملية مزدوجة (صاروخ موجَّه وطائرة مسيَّرة)، والإسرائيلي اعترف بثمانية عشر بين قتيل وجريح، وادعى أنَّ 6 منهم في حالة خطر.
هذا يعني أنَّ حضور المقاومة قويّ، فالمقاومون يراقبون العدو بالعين المجردة وبالوسائل التقنية التي تصوّرهم وتعرف أين هم، وهذا إنجاز كبير».

وأضاف: «البعض يسأل هل هنالك تغيير عند الحزب بعد الردّ الإيراني؟ هل هناك مثلاً مساومات أو تطورات معينة؟ أقول لكم لا يوجد تعديل بعد الرد الإيراني بل التغيير في المنطقة والتغيير بالاستراتيجية والتغيير بالردع الاستراتيجي، لكن بالنسبة لموقفنا كحزب الله في عملية المواجهة لا تعديل ولا تغيير».

في غضون ذلك، شهدت باريس اجتماعات فرنسية – لبنانية حول عدد من الاستحقاقات لا سيما رئاسة الجمهورية والحدود الجنوبية وملف النازحين السوريين.

وعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في قصر الإليزيه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اجتماعًا مطولًا تناول العلاقات اللبنانية الفرنسية والأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة، وفق المكتب الإعلامي لميقاتي.

ثم انتقل ماكرون وميقاتي الى غداء عمل موسّع شارك فيه عن الجانب اللبناني قائد الجيش العماد جوزاف عون، وعن الجانب الفرنسي كل من سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو، رئيس أركان الجيوش الفرنسية الجنرال تييري بوركهارد، والموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان.

وخلال الاجتماع، جدّد ماكرون تأكيد دعم فرنسا الجيش اللبناني في المجالات كافة، والتشديد على الاستقرار في لبنان وضروة إبعاده عن تداعيات الأحداث الجارية في غزة. وأعاد تأكيد المبادرة بشأن الحل في الجنوب والتي كانت قدّمتها فرنسا في شهر شباط الفائت، مع بعض التعديلات التي تأخد بالاعتبار الواقع الراهن والمستجدات، وفق مكتب ميقاتي.

كذلك جدّد الجانب الفرنسيّ التأكيد على «أولوية انتخاب رئيس جديد للبلاد والإفادة من الدعم الدوليّ في هذا الإطار لإتمام هذا الاستحقاق والموقف الموحّد للخماسية الدولية».
كما جدّد الجانب الفرنسي تأكيد أن «فرنسا تدعم ما يتوافق بشأنه اللبنانيون وليس لديها أي مرشح محدد»، مشيراً الى «توافق الجانبين الفرنسي والأميركي على مقاربة الحلول المقترحة». كما تطرّق البحث إلى موضوع النازحين السوريين في لبنان، فوعد الجانب الفرنسي بالمساعدة في حل هذه المشكلة على مستوى الاتحاد الأوروبي.

بدوره لفت ميقاتي الى أننا «تطرقنا بشكل خاص الى ملف النازحين السوريين وشرحت لماكرون المخاطر المترتبة على لبنان بفعل الأعداد الهائلة للنازحين.
وجدّدت المطالبة بقيام المجتمع الدولي بواجباته في حل هذه المعضلة التي ستنسحب تداعياتها على أوروبا خصوصاً». وأشار إلى «أنني تمنّيت على ماكرون أن يطرح على الاتحاد الأوروبي موضوع الإعلان عن مناطق آمنة في سورية بما يسهّل عملية إعادة النازحين الى بلادهم، ودعمهم دولياً وأوروبياً في سورية وليس في لبنان».

ونقلت مصادر إعلامية عن مصدر مواكب لزيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى باريس الى أن «اجتماعه مع قائدي الجيش الفرنسي والإيطالي كان إيجابياً وجاء استكمالاً لاجتماع روما الذي قدّم خلاله العماد عون دراسة عن حاجات الجيش ووضعه وحاجاته لوجيستياً ومادياً، في ضوء التحدّيات التي يواجهها. ومنذ ذلك الحين، درس قائدا الجيش الفرنسي والإيطالي عرض العماد عون الشامل، واستوضحا بعض النقاط لتحديد الخطوات الواجبة للمساعدة في إطار خطة معينة، خاصة في ما يتصل بالوضع في الجنوب، وحاجيات الجيش والتطويع، وغيره».
وأشار المصدر إلى أنه سيتمّ تشكيل لجنة مشتركة من كل الأطراف المجتمعة، لدرس الحاجات وكيفية تأمين الدعم والتمويل اللازمين».

وأشارت أوساط سياسية لـ»البناء» إلى أن زيارة الرئيس ميقاتي وقائد الجيش الى فرنسا ليست محضَ صدفة، بل هي منسقة في إطار شعور الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش بأخطار جمّة ومتعددة الأوجه على لبنان، تبدأ بالحرب في غزة وعلى الجبهة الجنوبية والتداعيات الاقتصادية وأزمة نزوح الجنوبيين، واحتمالات توسُّع العدوان الإسرائيلي على لبنان، إضافة الى الفراغ الرئاسي الذي يهدد استمرار منظومة عمل المؤسسات وشلل تسلل إلى كافة مفاصل الدولة، ما يعمّق فجوة الانهيارات المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل أزمة النزوح التي أرهقت كاهل البلد وباتت تشكل خطراً وجودياً على لبنان.
لذلك غادر المسؤولون الى الدول الكبرى لإيصال الصرخة وإطلاق النداء والإنذار الأخير بأنه في حال لم تتحرّك هذه الدول المانحة والصديقة للبنان، فإنه لن يستطيع الصمود لبضعة أشهر وسينهار كل شيء، ولن ينفع التحرك بعد فوات الأوان.

ووفق معلومات «البناء» فإن جهات أمنية لبنانية نقلت تحذيرات لدول كبرى من تأثير أزمة النزوح على الواقع الأمني في لبنان، ومن تزايد موجات الهجرة غير الشرعية للنازحين السوريين إلى أوروبا عبر البحر. لكن مصادر معنية بملف النزوح كشفت لـ»البناء» عن ممانعة أميركية لعودة النازحين السوريين الى سورية، وضغوط أوروبية على مراجع لبنانية كبيرة للجم تحرّكها في ملف النزوح ملوحة بسلاح العقوبات المالية. ولفتت المصادر إلى أن الرئيس القبرصي عرض على الحكومة خلال زيارته الى لبنان، زيادة المساعدات المالية للنازحين لإبقائهم في لبنان، وتحدث عن مناطق آمنة في سورية يمكن إعادة بعض النازحين إليها.

وليل أمس، وزعت دوائر الرئاسة الفرنسية بياناً لفتت فيه الى ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اكد خلال لقائه ميقاتي في باريس، «التزام فرنسا بذل كل ما في وسعها لتجنب تصاعد أعمال العنف بين لبنان و»إسرائيل»»، بحسب ما نقل الإليزيه.

وتابعت أن «ماكرون يواصل التحرّك من أجل استقرار لبنان بحيث تتم حمايته من الأخطار المتصلة بتصعيد التوترات في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، ذكر بالالتزام الفرنسي في إطار قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وشدّد على مسؤولية الجميع حيالها لتتمكّن من ممارسة مسؤولياتها في شكل كامل».

وأورد البيان أيضاً أن «فرنسا ستتحرّك في هذا الاتجاه مع جميع من هم مستعدون للمشاركة في شكل أكبر، وخصوصاً شركاءها الأوروبيين، وفق ما توصل إليه المجلس الأوروبي الطارئ» الذي عقد الأربعاء والخميس في بروكسل.

كذلك، تشاور ماكرون هاتفياً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكرّر دعوته «المسؤولين السياسيين الى إيجاد حل للأزمة المؤسسيّة التي تضعف لبنان».

قضائياً، تسلَّم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار من مخابرات الجيش ملفّ التحقيق الأوّلي في جريمة منسق هيئة «القوات» في جبيل باسكال سليمان، وأحاله الى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان طالباً إجراء المقتضى القانونيّ. وأحيل مع الملف ستة موقوفين من التابعيّة السورية بينهم الموقوفون الأربعة الذين نفّذوا الجريمة بداعي سلب المغدور سيارته بحسب إفاداتهم الأولية.

المصدر: صحافة