لا يزال مشهد شوارع مستوطنة المطلة الخالية من المستوطنين يتكرّر يوميًا، رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على انتهاء الحرب. حافلة الركاب تمر تسع مرات في اليوم دون أن يصعد إليها راكب واحد، في مشهد جسّده تقرير للقناة 12 العبرية، كشف أن ثلثي منازل المستوطنة — أي نحو 460 منزلًا — أصيبت بصواريخ المقاومة، وأن ثلث هذه المنازل سيُهدم بالكامل، فيما تُقدَّر كلفة إعادة الإعمار بنحو 500 مليون دولار. ومع ذلك، لم يعد إلى المطلة سوى واحد من كل عشرة من سكانها، بسبب حجم الدمار الكبير.
وأشار التقرير إلى أن أعمال الترميم لا تزال مجمّدة في أدراج البيروقراطية الإسرائيلية، وسط غضب شعبي متزايد من أداء الحكومة، التي تُتهم بالتقصير والإهمال في دعم سكان الشمال.
وقال مذيع القناة: “عاد السياح إلى الشمال خلال عيد الفصح بأعداد كبيرة، لكن معظم السكان لم يعودوا. وبعد أكثر من عام ونصف على إخلاء المنطقة، وأربعة أشهر ونصف على وقف إطلاق النار، ما زالت المطلة مدمّرة وفارغة، وثلثا منازلها مصابة، في ظل استمرار التحذيرات الأمنية، وتأخر استكمال المواقع البديلة، وتعطّل إصلاح الجدار الحدودي”.
وأضاف: “في هذا الواقع، تسعة من كل عشرة من سكان المطلة لا يفكرون في العودة”.
رئيس المجلس المحلي في المستوطنة، دافيد أزولاي، صبّ جام غضبه على الحكومة قائلًا: “هذه أسوأ حكومة عرفناها في زمن الحرب. اختفت خلال المعركة، وللأسف اختفت أيضًا حين احتجناها في مرحلة الترميم”. وأوضح أن “المنزل الذي لم تُفحص أساساته من قبل مهندس مختص يُعتبر متضررًا بشكل طفيف، ويمكن ترميمه خلال 21 يومًا فقط — لكن الواقع مغاير تمامًا”.
وأضاف: “من أجل البدء بالترميم، نحتاج إلى فحص هندسي، ثم تقرير يُرفع إلى ضريبة الدخل، ثم انتظار المصادقة عليه، وهذه العملية تستغرق ما بين أربعة إلى خمسة أشهر. وفي النهاية يقولون لنا إن الترميم يستغرق ثلاثة أسابيع! هذه نكتة. نحن نتلقى تعويضات تتراوح بين 60 إلى 70% فقط من قيمة الأضرار، وهذا غير كافٍ. نأمل أن تتوقف الحكومة عن محاربتنا، فهي لا تساعدنا بشيء”.
مواطنون آخرون في المطلة أعربوا عن خيبة أملهم من الأداء الحكومي. وقالت المستوطنة آنا روبينشتاين إن “تأخير ترميم المنزل سببه البيروقراطية، فقد جاء مخمّن الأضرار في التاسع من ديسمبر، واضطررنا بعدها إلى الاستعانة بمهندس أكثر من مرة، وإجراء فحوصات مخبرية لتحديد ما إذا كنا سنهدم السقف أم لا. وحتى الآن، لم تُحسم الأمور”.
أما موشيه فينشتاين، أحد سكان المطلة، فقال: “أنا من الجيل الرابع هنا. الحكومة أهانتنا وذلّتنا. قبل الحرب، تسللت خلية من مزارع شبعا، ولم يتم تصفيتها، بل أُجبرت على الفرار. والسياج كان يُمزّق كل بضعة أيام، ولا أحد تحرّك. المسؤولون لا يريدون التخلي عن الكراسي، والدولة مفلسة، ولم يعد لدينا مكان فيها. من بنى هذه الدولة؟ هل هم وزراء اليمين؟ أم من عملوا بأيديهم؟ إنهم يسرقون كل شيء”.
وأكد المستوطنون أن الخطر الأمني لا يزال ماثلًا عند الحدود، ويُعدّ أحد أبرز أسباب ترددهم في العودة، مشددين على أن الاستقرار لم يتحقق بعد، رغم مرور أشهر على وقف إطلاق النار.
المصدر: موقع المنار