انتهت الجولة الثالثة من المحادثات غير المباشرة بين وفدي التفاوض الإيراني والأمريكي، والتي جرت بوساطة سلطنة عُمان في العاصمة مسقط، وفقًا للجدول الزمني المحدد لها.
وانطلقت هذه الجولة ظهر اليوم، 26 نيسان/أبريل، بحضور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي يرأس الفريق التفاوضي الإيراني، والممثل الخاص لرئيس الولايات المتحدة للشرق الأوسط “فيتكوف”، الذي يترأس الفريق التفاوضي الأمريكي، وبوساطة وزير خارجية سلطنة عُمان بدر الدين البوسعيدي.
عراقجي: الوفدان الإيراني والأميركي جادّان في المفاوضات
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في تصريح صحفي بعد اختتام الجولة الثالثة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا في العاصمة العمانية مسقط، إن كلا الوفدين الإيراني والأميركي يبديان جدية كبيرة في المفاوضات.
وأوضح عراقجي أن المحادثات كانت أكثر جدية مقارنة بالجولات السابقة، حيث بدأ الطرفان تدريجيًا في مناقشة تفاصيل فنية وتقنية أكثر تعقيدًا.
وأضاف أن حضور الخبراء كان له دور كبير في إثراء المفاوضات، حيث جرى تبادل وجهات النظر بين الجانبين خطيًا عدة مرات. وأشار إلى أن المفاوضات غير المباشرة تتطلب دقة عالية في التعامل مع القضايا الفنية، مما استدعى تبادل المواقف بين الطرفين بشكل رئيسي عبر الوثائق المكتوبة.
وأكد وزير الخارجية أن الطرف الآخر كان لديه تساؤلات أُجيب عنها خطيًا، كما قدمت إيران تساؤلات تم الرد عليها. ورغم ابتعاد الجانبين قليلاً عن القضايا الكبرى، شدد عراقجي على أن ذلك لا يعني حل الخلافات، حيث لا تزال هناك قضايا جوهرية وخلافات في التفاصيل.
وأشار إلى أنه من المقرر إجراء مزيد من النقاشات في عاصمتي البلدين قبل الاجتماع التالي، بهدف العمل على تقليص الفجوات بين الطرفين. وقال: “من الواضح تمامًا أن الجانبين دخلا المفاوضات بجدية، وهذا يوفر بيئة مشجعة لإحراز تقدم، خصوصًا في القضايا التي يجب التوصل لتفاهمات عامة حولها قبل التفاوض على تفاصيلها”.
وفيما يتعلق بالجولة المقبلة من المفاوضات، أوضح عراقجي أنها قد تُعقد يوم السبت المقبل، وستقوم سلطنة عمان، الدولة المضيفة، بترتيب كافة التفاصيل وإبلاغ الطرفين. وأكد أن الجولة الرابعة ستتم بحضور الجانبين، وبمشاركة الخبراء.
وأضاف: “كلما اقتربنا من القضايا التفصيلية، سيتم إضافة الخبراء المعنيين حسب الحاجة، وقد شارك خبراء اقتصاديون لأول مرة في هذه الجولة، وكان حضورهم مفيدًا للغاية”.
وأشار عراقجي إلى أن المفاوضات شهدت تطورًا ملحوظًا، حيث يتم إضافة الخبراء المناسبين مع تقدم المناقشات بما يتلاءم مع الموضوعات المطروحة.
وأكد وزير الخارجية الإيراني أن النقاشات تقتصر على الملف النووي والعقوبات، مشددًا على أن إيران لا تفاوض حول أي موضوع آخر. وأضاف: “الملف النووي والعقوبات يسيران جنبًا إلى جنب، ونحن نتفاوض حول هذا الموضوع فقط، ولا نقبل التفاوض بشأن أي قضايا أخرى”.
وتابع عراقجي قائلاً: “هناك بعض الخلافات الجدية بيننا، بينما توجد خلافات أخرى أقل تعقيدًا في الوقت الراهن، وهناك أيضًا قضايا معقدة نتمنى أن نتمكن من التقدم فيها بسرعة”.
وأكمل: “تجاربنا السابقة تسهل علينا التحرك بسرعة أكبر، ورغم أن هذه الجولة هي الثالثة، فقد وصلنا إلى نقطة ربما لم نكن لنصل إليها بهذه السرعة في مفاوضات سابقة، بفضل الخبرات المتراكمة”.
واختتم وزير الخارجية تصريحاته بالقول: “أنا راضٍ عن مسار المفاوضات وسرعتها، فهي تسير بوتيرة مرضية. كما أن الأجواء إيجابية، والجديّة واضحة لدى كلا الطرفين. أعتقد أن هناك إرادة من الطرف الآخر، كما أن لدينا إرادة تامة. أما بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق، فأنا آمل ذلك، ولكن بحذر شديد”.
مدير تحرير صحيفة الوفاق: دخلنا مرحلة حساسة من المفاوضات النووية.. والضمانات الأمريكية شرط أساسي للتوصل لاتفاق
وقال مدير تحرير صحيفة “الوفاق” الإيرانية، مختار حداد، في مقابلة مع المنار، إن المفاوضات الحالية بين إيران والدول المعنية بالملف النووي دخلت مرحلة حساسة، حيث يجري التفاوض حول الجزئيات والتفاصيل الدقيقة.
وأكد حداد أن إيران لم تكن لتشارك في هذه المفاوضات لولا التزام الأطراف الأخرى بالخطوط الحمراء التي حددتها طهران، والتي شملت الاحتفاظ بالدورة الكاملة للبرنامج النووي السلمي وعدم التطرق للقدرات الدفاعية والقضايا الإقليمية ضمن المفاوضات.
وأشار إلى أن إيران بادرت بتقديم اقتراح يتضمن شقين: الأول يتعلق باستمرار برنامجها النووي السلمي، والثاني برفع كامل للعقوبات المفروضة عليها، موضحًا أن الضمانات الأمريكية تشكل المحور الأساسي حالياً، إذ تصر إيران على ضمان عدم تكرار ما حدث عام 2018 عندما انسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقع في 2015.
وأضاف حداد: “نحن الآن في مرحلة مفاوضات دقيقة، حيث انتقلنا من الجولات السياسية العامة إلى التفاوض على تفاصيل فنية وتقنية دقيقة”، مشيرًا إلى أن وفداً من خبراء منظمة الطاقة الذرية الإيرانية سينضم إلى الفريق المفاوض، مما يؤكد دخول المحادثات في مرحلة جديدة.
وعن صعوبة المرحلة المقبلة، أوضح حداد أن الجانب الأمريكي سيحاول انتزاع امتيازات من إيران، إلا أن طهران ترفض تقديم أي تنازلات تمس برنامجها النووي السلمي، معتبرًا أن الهدف من هذه المفاوضات هو التأكيد على سلمية هذا البرنامج.
ولفت إلى وجود فريق دعم في طهران يتواصل بشكل غير مباشر مع الفريق المفاوض، ويضم خبراء تقنيين وقانونيين، مشيرًا إلى أن هذا الفريق سيعزز حضوره المباشر في الجولات القادمة.
وفيما يتعلق بالمفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، شدد حداد على أن إيران لا تزال ترى أن واشنطن بحاجة إلى إظهار المزيد من الجدية والقيام بخطوات عملية ملموسة قبل الانتقال إلى مفاوضات مباشرة. وختم حداد حديثه بالتأكيد على أن الأجواء رغم صعوبتها لا تزال إيجابية، مع دخول المفاوضات مراحلها الفنية والقانونية الدقيقة.
بقائي: المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا تتواصل في أجواء جدية
وفي وقت سابق اليوم، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن أجواء جدية تسود المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، مؤكدًا تبادل الجانبين مواقفهما ووجهات نظرهما عبر الوسيط العُماني بشأن إنهاء العقوبات وبناء الثقة بالطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني.
وكتب بقائي على حسابه بمنصة “إكس” اليوم السبت: “تتواصل المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا في أجواء جدية، ويتبادل الجانبان مواقفهما ووجهات نظرهما بشأن الإنهاء الفعّال للعقوبات المفروضة على إيران، وبناء الثقة فيما يتعلق بالطبيعة السلمية للبرنامج النووي، مع الحفاظ على حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، عبر الوسيط العُماني”.
ووفقًا لوزارة الخارجية الإيرانية، فقد تناولت هذه الجولة من المفاوضات مناقشات متخصصة وفنية، حيث ترأس فريق الخبراء الإيرانيين مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، ومساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي.
المصدر: وكالة ارنا