في مشهد انتخابي طغت عليه روح الصمود والتحدّي، توجه أهالي منطقة النبطية منذ ساعات الصباح إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الانتخابات البلدية والاختيارية، رغم التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على أطراف القرى والبلدات الحدودية. وقد تحوّل هذا الاستحقاق الديمقراطي إلى رسالة شعبية وسياسية مفادها أن الجنوب، وعلى رأسه النبطية، متمسك بخياراته الوطنية وبناء مؤسساته المحلية، حتى في ظل التوتر الأمني والخطر الداهم.
وجرت العملية الانتخابية في أجواء من الحماسة والمشاركة الواسعة، خصوصًا في البلدات التي شهدت تنافسًا فعليًا بين لوائح إنمائية وعائلية، بينما رفرف علم لبنان والمقاومة في محيط مراكز الاقتراع، كتعبير رمزي عن الإرادة الراسخة لأبناء المنطقة في ممارسة حقهم الديمقراطي وسط التحديات الوجودية.
أهالي النبطية يردّون على الاعتداءات بالمشاركة الفاعلة في الانتخابات… وعدشيت تتصدر نسب الاقتراع
في ظل الاعتداءات التي شهدتها منطقة النبطية خلال اليومين الماضيين، عبّر أبناء بيئة المقاومة عن موقفهم السياسي والوطني من خلال إقبال كثيف على صناديق الاقتراع، مؤكدين أن الرد الحقيقي يكون بالمشاركة الفاعلة في الاستحقاقات الديمقراطية وتجديد العهد للمقاومة والشهداء.
وأظهرت المعطيات الأولية تفاوتاً في نسب الاقتراع بين البلديات، إلا أن المشاركة بشكل عام تعد جيدة جداً حتى هذه اللحظة، حيث سجل قضاء النبطية، الذي يضم 16 بلدية، نسبة اقتراع تقدر بحوالي 25%. ومن المتوقع أن ترتفع نسب الاقتراع في الساعات القادمة مع توافد المزيد من الناخبين، لا سيما من عوائل الشهداء والجرحى الذين شارك بعضهم في التصويت صباحاً، فيما سيشارك آخرون لاحقاً.
وأكدت المؤشرات أن المشاركة في بلدة عدشيت وصلت إلى ما بين 45% و60%، مع توقعات بأن تتجاوز نسبة الاقتراع 70% قبل إغلاق مراكز الاقتراع، مما يعكس إصراراً قوياً لدى أهالي البلدة على المشاركة الكثيفة في هذا الاستحقاق.
ويشبه هذا المشهد في عدشيت ما تشهده معظم بلدات قضاء النبطية، ومنها جبشيت وسواها من القرى الجنوبية، حيث تتوحد المواقف والرسالة بتجديد العهد للمقاومين والشهداء عبر صناديق الاقتراع، والتصويت بكثافة للائحة “التنمية والوفاء”.
ويُعتبر هذا الاستحقاق الانتخابي منافسة محلية بين البلديات والقرى، سواء في مدينة النبطية أو في كفررمان وأنصار وعدشيت وغيرها من بلدات القضاء، دون أن يشكل معركة سياسية بالمعنى التقليدي.
وقد واكبت جمعيات إسعافية مختلفة هذا الاستحقاق منذ الساعات الأولى، أبرزها الهيئة الصحية الإسلامية، والدفاع المدني، وكشافة الرسالة الإسلامية، حيث انتشرت عناصرها في محيط مراكز الاقتراع لتقديم الدعم والمساعدة للناخبين.
وعلى الصعيد الأمني، سجل انتشار كثيف للجيش اللبناني حول مراكز الاقتراع، وسط أجواء هادئة تماماً حتى اللحظة، دون وقوع أي إشكالات، ما ساهم في توفير بيئة آمنة ومستقرة لإنجاح العملية الانتخابية.
بهذا الشكل، يثبت أهالي النبطية أن خيارهم في مواجهة الاعتداءات لا يقتصر على الرد الميداني فحسب، بل يمتد ليشمل المشاركة الديمقراطية الفاعلة، والتعبير السياسي الراسخ في كل محطة وطنية.
مشاركة انتخابية كثيفة في مركز الاقتراع ببلدة حولا رغم الظروف الاستثنائية وتهديدات الاحتلال الإسرائيلي
شهد مركز الاقتراع في بلدة متوسطة زبدين الرسمية، المخصص لاختيار أعضاء المجلس البلدي لبلدة حولا، إقبالاً واسعاً وكثيفاً من قبل أهالي البلدة الذين تجمعوا منذ ساعات الصباح الباكر، مجسدين حالة من الحماسة والتصميم على المشاركة في استحقاق انتخابي يُعدّ رمزاً لخيار الصمود والتشبث بالأرض والعودة إلى البلدة رغم كل التحديات.
ويأتي هذا الحضور في ظل واقع النزوح القسري الذي تعرض له سكان بلدة حولا، جراء الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية المتكررة التي أسفرت عن تدمير واسع للبنية التحتية في البلدة، وانعدام الإمكانيات اللوجستية لإجراء الانتخابات داخل البلدة نفسها. وبالرغم من ذلك، نجح نحو 150 عائلة ما تزال متواجدة في البلدة في الحفاظ على حضورها، فيما توجه قسم كبير من الأهالي النازحين من بلدة حولا إلى مركز الاقتراع للمشاركة في الانتخابات، وهو ما يعكس الإصرار على ممارسة حقهم الديمقراطي في اختيار ممثليهم.
ويأتي ذلك في وقت لا تزال أجزاء من أراضي بلدة حولا محتلة من قبل القوات الإسرائيلية، وبالقرب من موقع العبادة الإسرائيلي، ما يجعل من هذه الانتخابات رسالة صمود واضحة في وجه الاحتلال، وتأكيدا على تمسك السكان بحق العودة والإعمار. وتُعدّ بلدة حولا من بين خمس نقاط لا تزال تحتلها إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية، ما يضاعف من أهمية هذه الانتخابات في سياق المقاومة المستمرة.
ويتنافس على مقاعد المجلس البلدي التي يبلغ عددها 15 مقعداً، 24 مرشحاً، بينهم 8 مستقلين خارج لائحة التنمية والوفاء، إضافة إلى مرشحين مدعومين سياسياً. ورغم أن التنافس يحمل أبعاداً سياسية، فإن الخيارات المتاحة أمام الناخبين تبدو واضحة تعكس توجهات وتطلعات أهالي البلدة.
وأظهر المشهد داخل مركز الاقتراع حيوية كبيرة، حيث انتظمت صفوف طويلة أمام صناديق الاقتراع، مع ازدحام ملحوظ في الغرف المخصصة للتصويت، ما دفع المنظمين من الأجهزة الأمنية إلى تنظيم دخول الناخبين تدريجياً بحيث يدخل خمسة أشخاص فقط في كل مرة لضمان سير العملية بسلاسة وأمن.
وبلغت نسبة الاقتراع حتى اللحظة 35%، وهو رقم يعتبر مرتفعاً نسبياً في ظل ظروف النزوح والتشريد التي يعاني منها السكان، الذين ينتشرون في مناطق عدة مثل عكار وطرابلس وأماكن أخرى في لبنان منذ أيام التهجير الأولى. رغم ذلك، أصر الناخبون على المشاركة، متحدين التهديدات الإسرائيلية ومحاولات الترهيب، مع تسجيل حوالي 2500 صوت حتى الآن من أصل نحو 7300 صوت مسجل.
هذا المشهد الانتخابي يعكس روحاً وطنية عالية وعزيمة صلبة من سكان بلدة حولا على الاستمرار في مسيرة المقاومة والعودة والإعمار، مؤكداً على أن الانتخابات المحلية ليست مجرد استحقاق سياسي فحسب، بل هي أيضاً تعبير عن إرادة شعبية راسخة في مواجهة الاحتلال، وإعلان وفاء لشهداء البلدة وتضحياتهم الكبيرة.
الخيام: ارتفاع وتيرة الاقتراع في ساعات ما بعد الظهر وسط أجواء هادئة ومشاركة شعبية واسعة
مع دخول ساعات بعد الظهر، سجلت بلدة الخيام في قضاء مرجعيون ارتفاعاً ملحوظاً في حركة الناخبين إلى مراكز الاقتراع، لا سيما في الأحياء التي تشهد تنافسًا على المقاعد الاختيارية، في وقت كانت لائحة التنمية والوفاء قد فازت بالتزكية في المجلس البلدي للبلدة، وكذلك في الحي الغربي على مستوى المخاتير.
وقد بقي التنافس قائمًا في ثلاثة أحياء أخرى على 12 مقعدًا اختياريًا، يتنافس عليها نحو 25 مختارًا، في مشهد يعكس الحراك المحلي والاهتمام الشعبي بمسار العملية الانتخابية.
خلال جولة ميدانية في مركز الإمام زين العابدين (ع) في الخيام، بدت الأجواء الانتخابية مستقرة ومنظمة، حيث تسير العملية الانتخابية بسلاسة ودون تسجيل أي إشكالات تُذكر. ومع اقتراب موعد إقفال صناديق الاقتراع، لاحظ المراقبون تزايداً في أعداد الناخبين القادمين للإدلاء بأصواتهم، ما يعكس استجابة ملحوظة من الأهالي رغم الظروف الصعبة.
في حديث مع أحد رؤساء الأقلام، وهو موظف وافد من منطقة الضنية في شمال لبنان، عبّر عن انطباعه الإيجابي تجاه البلدة، مؤكدًا إعجابه بالخيام وجمالها وأهلها الطيبين، كما أشاد بحسن التنظيم والضيافة، واصفًا العملية الانتخابية بـ”الرائعة”، ومشيرًا إلى عدم حدوث أي مشاكل أو معوقات خلال سير التصويت.
وأكد بعض المندوبين عن المرشحين المتنافسين أن الأجواء في الخيام تتسم بالهدوء والنظام، وأن الناخبين يقترعون بروح ديمقراطية وتفاعل لافت، رغم أن البلدة لا تزال تعاني من دمار جزئي، حيث تُقدّر نسبة الأبنية المتضررة فيها بنحو 60 إلى 70%. ورغم ذلك، يحرص المواطنون على ممارسة حقهم الانتخابي كجزء من تمسكهم بالعودة إلى بيوتهم وبلدتهم التي هجّروا منها.
اللافت في انتخابات اليوم أن المخاتير المتنافسين لم يتلقوا دعمًا مباشراً من أي جهة سياسية أو حزبية، بل تُركت حرية الاختيار للناخبين، في تعبير واضح عن إرادة أهلية مستقلة ووعي شعبي يتجاوز الاصطفافات التقليدية.
وتأتي هذه الأجواء في الخيام ضمن مشهد أوسع في قضاء مرجعيون وحاصبيا، حيث كانت قد جرت جولات على بلدات شبعا، كفر شوبا وحاصبيا، التي تشهد بدورها منافسة قوية بين عدة لوائح على المستويين البلدي والاختياري، مع تصاعد وتيرة الحماسة والمشاركة كلما اقترب وقت إقفال صناديق الاقتراع.
الاستحقاق المحلي في الخيام وسائر بلدات القضاء، ورغم التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، يُظهر حيوية ديمقراطية يعبّر من خلالها الأهالي عن تمسكهم بحقهم في اختيار ممثليهم المحليين، وتجديد التزامهم بإعادة بناء بلداتهم على أسس من المشاركة والوفاء للهوية والانتماء.
المصدر: موقع المنار