الوقت يضيق.. أي مخرج لقانون الانتخاب؟! – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الوقت يضيق.. أي مخرج لقانون الانتخاب؟!

الانتخابات في لبنان
ذوالفقار ضاهر

 

رغم كل الحراك النيابي والحكومي الذي شهده لبنان منذ ما قبل عيد الاستقلال وحتى اليوم، بما يوحي بعودة الحياة لمحركات المؤسسات والدولة في لبنان، إلا ان قانون الانتخاب بقيَ هو حديث الساعة وشاغل أهل السياسة، فأهمية قانون الانتخاب في بناء الاوطان تبرز بشكل أساسي في قدرته على إنتاج سلطة سياسية عاملة وفاعلة وفتح الباب امام إمكانية افراز تغييرات جديدة في الطبقة السياسية الموجودة في البلد، إلا انه في مفهوم بعض القوى السياسة في لبنان الهدف من قانون الانتخاب بالدرجة الاولى، هو ما يؤمنه لها هذا القانون من حضور وتمثيل في المجلس النيابي وبعد ذلك لا فارق لدى هذه القوى سواء كسبنا وطنا او لا.

الاقتراع في الانتخاباتوالمتتبع لاحوال الواقع في لبنان يرى ان معظم الافرقاء يتحدثون منذ زمن عن ضرورة اقرار قانون جديد وعصري للانتخابات يراعي صحة وعدالة التمثيل وان لا يستثني احدا، وهذا الكلام على جماليته إلا انه قد لا يكون واقعيا بشكل كامل، فكيف يمكن الحديث عن انتخابات بينما يجب ان نضمن سلفا بان القانون لا يستنثي أحدا؟ أليس الهدف من الانتخابات هو التنافس وفتح الباب امام كل المرشحين والاحزاب والتيارات والحركات ومختلف الافراقاء بأن يقدموا ما لديهم من مشاريع وافكار وخطط للحصول على رضى وأصوات الجمهور ونيل اعلى نسبة ممكنة من الاصوات بغية تنفيذ برامج وصلت على اساسها الى البرلمان بهدف تطبيقها؟

النسبية هي الحل.. ولكن؟!

صحيح ان اقرار قانون عصري يوصل الى التمثيل الصحيح والعادل هو شيء مطلوب واكثر من ضروري في لبنان بل وفي اي مكان وفي اي انتخابات سواء كانت نيابية او محلية(بلدية او اختيارية)، إلا ان هذه المصطلحات من يستطيع ان يفسرها لعامة الناس؟ وواقعا ماذا تعني هذه المصطلحات وما المقصود بها؟ ما المقصود بتصحيح التمثيل وبعدالة التمثيل؟ وماذا نقصد عندما نتحدث عن قانون عصري؟ وهل كل الاطراف تحمل نفس التفسير لكل هذه المصطلحات؟ ام ان هناك تباينات فيما بينها؟

مجلس النواب اللبنانيوالحقيقة ان الراصد لخطابات مختلف الاطراف في لبنان يسجل انه في العلن يتحدثون بشكل مثالي بينما الخلاف يبقى في التطبيق، وقلة قليلة من الاطراف هي التي تعبر بوضوح ماذا تريد بشكل جازم وصريح وشفاف؟ ففيما يعبر البعض ان النسبية هي الحل ويجب التخلي كليا عن النظام الاكثري، باعتبار ان النسبية ستفتح المجال امام امكانية دخول شرائح مغيبة عن العمل البرلماني وتعطيها الفرصة لتقديم ما لديها على هذا الصعيد، هناك من يعبر بوضوح انه ضد النسبية لانها ستؤدي الى الغاء قوته الوازنة في المجلس النيابي وان كان البعض يُلبس هذه الهواجس اللبوس الطائفي والمذهبي كي يكسب تعاطف أبناء طائفته معه بالاضافة الى تلقف الآخرين لـ”هواجسه” والعمل على مراعاته عند وضع اي قانون للانتخاب.

وبعيدا عن هذا الفريق وذاك يوجد من يؤكد رغبته بإجراء الانتخابات في موعدها لكنه يعتبر ان اقرار قانون جديد للانتخابات يقع على عاتق القوى السياسية مجتمعة، وذلك في محاولة لرمي الكرة في ملعب الطوائف المختلفة للضرب على وتر “هواجس البعض” وصولا لعرقلة اي فرصة لاقرار قانون جديد للانتخابات يعتمد النسبية، بل ربما يسعى هذا البعض الى إبقاء “قانون الستين” لإجراء الانتخابات على اساسه انطلاقا من انه القانون الوحيد النافذ وقت دعوة الهيئات الناخبة ويوم إجراء الانتخابات وبالتالي يكون هو واجب التطبيق.

الانتخابات في لبنانمع الاشارة الى ان موعد دعوة الهيئات الناخبة من قبل وزارة الداخلية هو 25 شباط/فبراير المقبل، اي يفصلنا عنه ما يقارب الشهر تقريبا ومن غير المعلوم حتى الساعة ما اذا كانت القوى السياسية ستبادر في ربع الساعة الاخير لاقرار قانون انتخاب جديد كي لا تقع الواقعة باجرائها على اساس قانون الستين، مع ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بصفته رأس الدولة في لبنان بموجب الدستور، أكد مؤخرا عزمه النية على اقرار قانون يعتمد “النسبية”، مشيرا الى ان النسبية لا تلغي احدا بل تحافظ على حقوق الجميع ولا تنتقص من حقوق أحد، فهل سيتم اقرار قانون جديد ام سنبقى على قانون الستين؟ وهل يمكن اعتماد النسبية في أي قانون جديد ام انه سيعتمد النظام الاكثري ام سيتم الجمع بين النظامين للوصول الى اعتماد النظام المختلط في قانون الانتخاب؟

تصحيح الاحجام ومراعاة موازين القوى..

حول كل ذلك قالت المحللة السياسية سكارليت حداد إن “رغم ضيق الوقت إلا ان الرئيس عون يصر على اقرار قانون جديد للانتخاب”، واعتبرت ان “هناك مفاوضات تجري في الكواليس بعيدا عن الاضواء وربما بشكل غير رسمي بهدف الوصول للاتفاق على قانون جديد”، ولفتت الى ان “الاجواء توحي ان مفاوضات جدية تجري في هذه الاثناء وسينتج عنها تسوية تقضي بتجاوز القانون الحالي وإقرار قانون جديد يهدف الى تصحيح التمثيل ويراعي موازين القوى على الارض من دون إلغاء او إضعاف أحد كتيار سياسي او كطائفة بأكملها في لبنان”.

سكارليت حدادورأت حداد في حديث خاص لموقع “قناة المنار” ان “لبنان اليوم يمر بمرحلة انتقالية حيث سيكون التغيير بشكل تدريجي لأن الوضع اللبناني لا يحتمل التغيير المفاجئ والسريع “، ولفتت الى ان “بعد اقرار قانون الانتخاب الجديد سيكون هناك غالب ومغلوب بمعنى تصحيح التمثيل النيابي لجعله اكثر تطابقا وانعكاسا مع التمثيل الشعبي”، وتابع “في النهاية كان يوجد بعض الأفرقاء حجم تمثيلهم النيابي اكبر بكثير من حجمهم الحقيقي وسيتم تصحيح ذلك”.

ورفضت حداد الدخول في تفاصيل اعتماد نظام النسبية او القانون المختلط،  لانه بحسب رأيها قد يُعتمد النظام النسبي ولكن يتم افراغه من مضمونه، ورأت انه “الافضل الوصول الى قانون يعطي صحة وعدالة للتمثيل”، وطرحت في هذا المجال “امكانية اعتماد دوائر توصل الى هذه النتجية او إلغاء عدد من المقاعد في بعض الدوائر كالإبقاء على قانون الستين مع إلغاء الـ20 مقعدا التي اضيفت في اتفاق الطائف أي إعادة عدد النواب الى 108 بدل 128″، ومعتبرة ان “هذه المقاعد وزعت كجوائز ترضية على حساب المسيحيين لبعض الاطراف”.

حريري وجنبلاطواشارت حداد الى انه “من خلال مواقف مختلف الأفرقاء يبدو ان الجميع لديهم النية بالتفاوض حول قانون الانتخاب سواء رفضوا تغيير قانون الستين ام لا ما يعني ان موازين القوى ستتغير في البلد”، واعتبرت ان “النائب وليد جنبلاط اليوم يخوض وحيدا معركة البقاء على الستين”، ولفتت الى ان “تيار المستقبل قد يكون الوحيد من بين القوى الاساسية في البلد الذي سيخوض معركة ضارية في الانتخابات النيابية ايا كان شكل قانون الانتخاب”، وتابعت “بالتأكيد سيحصد التيار خسائر نسبة للحصة التي نالها في الانتخابات النيابية الاخيرة”.

لا انتكاسة للعهد..

وجزمت حداد انه “لا يمكن اعتبار الفشل بالتوصل لقانون جديد للانتخاب هو انتكاسة للعهد لان في لبنان النظام ليس نظاما رئاسيا انما هو جمهوري برلماني ورئيس الجمهورية هو جزء من السلطة الاجرائية وليس كل هذه السلطة”، واضافت  ان “الرئيس عليه ان يؤدي دوره وان يقوم بكل ما يمكن ولا يتحمل مسؤولية عدم التوصل لقانون جديد اذا ما رفضت الطبقة السياسية ذلك”، وشددت على ان “من مصلحة الجميع ومن مصلحة البلد والاستقرار فيه هو الحفاظ على كل المكونات وعدم إلغاء أحد”.

المصدر: موقع المنار