الصحافة اليوم 23-3-2017: هجوم ارهابي “يضرب قلب مدينة الضباب” لندن – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 23-3-2017: هجوم ارهابي “يضرب قلب مدينة الضباب” لندن

الصحف المحلية

ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت اليوم الخميس 23 آذار 2017 على الحدث الامني الذي ضرب “مدينة الضباب” لندن فتكشفت الرؤية على “اعتداء مدبر ومدروس” على حد قول رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وعملية مركبة من دهس واطلاق نار وطعن بالسكين … وبذلك يكون الخطر التكفيري المغلف بالارهاب العالمي قد كرس مدرسة في اجرامه المتنقل معنونة بـ“ارهاب الدهس”.

اما محلياً، مناقشة ملفات “السلسلة وقانون الانتخاب” معطلة حتى عودة الثلث المعطل الوزاري من رحلته المصرية، على امل ان يحمل شهر نيسان نية وارادة البحث عن تسوية سياسية اقتصادية تطلق الموازنة وقانون الانتخاب.

صحيفة النهار* النهار

نيسان “ملتقى الأزمتين” ولا ضمانات

اذا كانت الملفات الداخلية المتشابكة تنتظر عودة المشاورات السياسية في الايام القريبة فان ذلك لم يحجب تأثر لبنان أيضاً بتداعيات المواجهات الدولية والاقليمية مع الارهاب والتي كان آخر فصولها امس في لندن.

ذلك ان الدوائر الملاحية المدنية في مطار رفيق الحريري الدولي وتحديدا رئاسة المطار وشركة طيران الشرق الاوسط انشغلت بالاعداد لالتزام القرار البريطاني الذي شمل لبنان وشركته الوطنية من حيث منع الركاب المسافرين الى لندن في رحلات مباشرة بين بيروت ولندن من نقل أي من الاجهزة الالكترونية اللوحية على الطائرات على ان يبدأ تنفيذ الاجراءات منتصف ليل 25 من آذار الجاري .

ولم يقتصر تأثر لبنان بمناخات المواجهة مع الارهاب على هذا التطور، بل أفادت معلومات ان وفداً عسكرياً أميركياً سيزور بيروت قريباً استكمالا لزيارة قام بها رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الاميركي السيناتور ريتشارد بور لبيروت قبل أيام والتقى مسؤولين أمنيين كما اجتمع مع رئيس الوزراء سعد الحريري في اطار دعم الولايات المتحدة للجيش اللبناني والتنسيق بين البلدين في مجال مكافحة الارهاب.

ومعلوم في هذا السياق ان وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل شارك امس في اجتماع التحالف الدولي لمحاربة الارهاب الذي انعقد في واشنطن وكانت له على هامشه لقاءات مع مسؤولين أميركيين في الادارة الجديدة هي الاولى من نوعها.

السيسي والحريري

ولم تكن اجواء التنسيق الامني أيضاً بعيدة من المحادثات المعمقة التي يجريها الرئيس الحريري والوفد الوزاري المرافق له مع المسؤولين المصريين الكبار في الزيارة الرسمية التي يختتمها اليوم.

وكان الحريري أبرز عقب لقائه والوفد أمس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “الاهمية الكبيرة التي يعلقها لبنان على دور مصر المحوري على الساحتين العربية والاسلامية”، موضحاً انه أبلغ الرئيس المصري “اننا نواجه تحديات مشتركة ومن الضروري ان نحشد لها الطاقات المشتركة”.

وشدد على ان “الاعتدال وبث روح الاعتدال هما الوسيلة الوحيدة لمواجهة التطرف والارهاب”.

وكشف انه طرح مع السيسي موضوع التهديدات الاسرائيلية المتصاعدة للبنان “وهو سيجري اتصالاته في هذا الشأن”.

واعلن رئيس الحكومة انه سيشارك مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القمة العربية المقبلة في عمان ” وستكون كلمة لرئيس الجمهورية تمثل لبنان والطموح اللبناني”.

أما في الشأن الداخلي، فقال إنه بعد عودته الى بيروت “سنناقش قانون الانتخاب بكل ايجابية وسترون ان القانون سيكون كما يريده اللبنانيون”.

تعقيدات وتعقيدات !

بيد ان المعطيات السياسية عن مأزق قانون الانتخاب لم تحمل جديداً ايجابياً بعد على رغم كل ما تردد عن تقدم البحث نحو مشروع يغلب النسبية على الاكثرية.

وقالت مصادر سياسية بارزة لـ”النهار” إن المشروع الذي طرحه الوزير باسيل الاسبوع الماضي لاقى تقريباً مصير سابقيه بعدما اصطدم بجملة اعتراضات قدمها الثنائي الشيعي.

كما ان الكلام عن اتجاه “تيار المستقبل” الى الموافقة على النسبية الكاملة لم تثبت صحته بدليل اشارات صدرت في اتجاه عدم التسليم بالنسبية الكاملة عن الامين العام للتيار احمد الحريري.

واكدت المصادر تالياً ان ابداء المرونة في التعامل مع مسألة النسبية لم تقترن بعد بأرضية يمكن الاستناد اليها للتحدث عن توافق الحد الادنى الذي يسمح بتوقع اختراق حقيقي في الأزمة في الاسابيع المقبلة وتحديدا قبل منتصف نيسان أو بعده بايام، أي قبل حلول شهرين من موعد الانتخابات.

ولفتت المصادر في هذا السياق الى ان نيسان يبدو كأنه سيشكل “ملتقى الازمات ” أو مصبها ولا سيما منها ازمة قانون الانتخاب وازمة سلسلة الرتب والرواتب المرتبطة بالموازنة والسلة الضريبية، بما يجعله شهراً متوهجاً للاستحقاقات.

اذ ان رئيس مجلس النواب نبيه بري وعد أمس ببت نهائي لسلسلة الرتب والرواتب في نيسان، كما ان قوى سياسية نافذة تردد ان نيسان سيكون شهر الحسم لازمة قانون الانتخاب.

وتبعا لذلك تعتقد المصادر نفسها ان الفترة التي ستلي مشاركة الرئيسين عون والحريري في القمة العربية ستحفل بحركة استثنائية سعياً الى ايجاد مخارج اللحظة الاخيرة لقانون الانتخاب الجديد لئلا يستحق موعد التمديد التقني للمجلس من دون قانون جديد يلحظ في بنوده ضمناً هذا التمديد الامر الذي يرتب في هذه الحال تعقيدات أكبر وأشد حرجاً وارباكاً للجميع.

وكان الرئيس بري اختصر حال مأزق قانون الانتخاب ومأزق سلسلة الرتب والرواتب بقوله أمس امام النواب إنه “اذا كان عدم اقرار سلسلة الرتب والرواتب افقارا فان عدم اقرار قانون الانتخاب هو انتحار”.

لكنه أكد ان “السلسلة آتية وستقر لا محالة وان شهر نيسان لن يمر من دون اقرارها”. وأضاف ان “أمامنا اسبوعين أو ثلاثة للوصول الى قانون جديد للانتخاب والا فنحن نسير نحو المجهول “.

الحريري: “حزب الله” قضية اقليمية ولن انتقم لوالدي

اعتبر رئيس الحكومة سعد الحريري أن قضية “حزب الله” اقليمية، وأن قرار اسرائيل وضع لبنان في فوهة المدفع خاطئ.

وقال الحريري لقناة “ON E” المصرية: “القرار في لبنان بعد التفاهم مع الأفرقاء أن نسير إلى الأمام”، وأضاف “يجب أن نعمل على استراتيجية دفاعية ووضعناها على طاولة الحوار لأن هناك اختلافا عليها”، ويسأل: “لماذا على لبنان فقط أن يتحمل عاتق مواجهة اسرائيل؟”، ويتابع: “ليس صحيحاً أن “حزب الله” دافع عن لبنان من خطر الارهاب”، مشدداً على أن “الاعتدال قوة وليس ضعفاً”.

وفي الشأن السوري، شدد على أن أي فرضيات يطرح الخارج لن تؤدي إلى حل، مؤكداً أن “الشعب السوري انتفض من أجل التغيير وليس الفراغ، بالتالي هو من يقرر مصير الرئاسة السورية”، وقال “موقفي معروف من النظام السوري، وهو موضع خلاف بيني وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، لكن هل نخرب لبنان بسبب هذا الخلاف؟”، أضاف “موقفي معروف، لا أؤمن بالنظام السوري ولا يمكن أن يكمل في قيادة سوريا”.

وفي شأن المحكمة الدولية أكد أن “العدالة آتية، ولن انتقم لوالدي بل سأتصرف كما كان يفعل رفيق الحريري”.

وعما تعرض له في ساحة رياض الصلح خلال التظاهرة الأخيرة، قال “لم انزعج من التصرفات في الساحة ومن حق الشباب ان يسأل ويغضب ومستعد للنزول إليهم في أي وقت، لأنه يجب أن نواجه المشكلة”.

صحيفة الاخبار* الاخبار

 الأميركيون يرثون عاصمة «الخلافة»

خطت الولايات المتحدة، أمس، خطوتها «الأوقح» نحو تحويل الرقة من «عاصمة الخلافة» إلى مركز نفوذها الرئيسي في الشرق السوري، وذلك عبر عملية إنزال جوي حملت عناصر من «قوات سوريا الديموقراطية» إلى محيط مدينة الطبقة، جنوب الفرات، بمساندة من مدفعية وجنود مشاة البحرية الأميركية

أيهم مرعي

حملت الساعات التي سبقت الاجتماع الأوسع لـ«التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، في الولايات المتحدة، خطوة «غير مسبوقة» في ريف الرقة الغربي، تمثلت في قطع القوات الأميركية مع مقاتلين من «قوات سوريا الديموقراطية» لطريق حلب ــ الرقة، عبر إنزال جوي على الضفة الجنوبية لبحيرة الأسد، أمّن الطريق لعبور زوارق تحمل تعزيزات من الضفة الشمالية لنهر الفرات.

التحرك الأميركي «الأوسع» في الميدان السوري من حيث انخراط القوات ضمن عمليات قتالية مباشرة، شارك فيه إلى جانب الطائرات المروحية، سلاح المدفعية وجنود من مشاة البحرية الأميركية، قدموا تغطية نارية لعملية الإنزال. وبرغم أن الهدف المعلن من العملية هو التقدم نحو مدينة الطبقة وسد الفرات، غير أن هذا التحرك «أغلق الطريق» أمام تقدم قوات الجيش السوري وحلفائه نحو الرقة، بعد اقترابها من حدود المحافظة الإدارية انطلاقاً من ريف دير حافر الشرقي، وهو ما ذكره بيان لـ«حملة غضب الفرات» بشكل صريح، كواحدة من نتائج العملية.

الحضور الأميركي كان الأقوى منذ بدء عمليات التحالف في سوريا

مصدر قيادي في «قوات سوريا الديموقراطية» أوضح في حديثه إلى «الأخبار» أن «300 عنصر من القوات الأميركية و(قسد) نفذوا فجر أمس إنزالاً جوياً في ثلاث قرى جنوب نهر الفرات، بهدف السيطرة على مدينة الطبقة». وأضاف أن «الإنزال الجوي دُعم بعناصر إضافيين نُقلوا عبر زوارق من قلعة جعبر باتجاه الضفة الجنوبية».

وكشف المصدر أن «القوات تحرّكت على متن مروحيات من صرين في أقصى ريف حلب الشرقي، والمحمودلي في ريف الرقة. ونجحت في تنفيذ إنزال وتثبيت نقاط لها على طريق الرقة ــ حلب، في منطقة الكرين التي تضم محمية الغزلان الطبيعية». ولفت إلى أن «الحضور الأميركي (في خلال العملية) كان الأقوى منذ بدء عمليات (التحالف) في سوريا، على صعيد الجنود المشاركين والآليات والمدفعية التي دخلت المعارك للمرة الأولى».

وبينما ترافقت العملية مع استمرار محاولات «قسد» للسيطرة على بلدة الكرامة (18 كم شرق الرقة)، ضمن سعيها إلى تطويق كامل المدينة، أكد مصدر ميداني مقرب من «قسد» أن «التحرك الأميركي جاء لإعطاء رسالة بأن كامل جغرافية محافظة الرقة هو منطقة نفوذ أميركية، ولحصر مهمة السيطرة على الرقة بالقوات المدعومة من قبلهم».

وفي تصريحات رسمية للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، ادريان رانكين ــ غالواي، أكد أن قوات بلاده دعمت بالمدفعية والإسناد الجوي «قسد» لاستعادة سد الطبقة، مضيفاً أن «السيطرة على السد وإغلاق الجسر الذي فوقه، سيكون مهمّاً في تحرير الرقة». وستتيح سيطرة «التحالف» على مدينة الطبقة الاستفادة من الموقع والإمكانات المهمة التي توفرها المدينة، لكونها تحوي مطاراً عسكرياً يمكن الاستفادة منه بنحو أكبر من القواعد الأميركية المنشأة حديثاً في ريف الرقة الشمالي، بالإضافة إلى أنها تضم سد الفرات الاستراتيجي، الذي يحوي أكبر مخزون مائي في سوريا، ويتحكم بمياه الري والشرب والكهرباء لعدد كبير من المناطق السورية، وعلى رأسها مدينة حلب.

وقد لا يمكن النظر إلى التحرك الأميركي، الذي أتى بعد مدة قليلة من الاجتماع الثلاثي لرؤساء أركان الولايات المتحدة وروسيا وتركيا في مدينة أنطاليا التركية، بمعزل عن إتمام القوات الروسية أول من أمس، مرحلة جديدة من «تحرك» يهدف إلى فصل قوات «درع الفرات» المدعومة تركياً و«قسد»، من منبج حتى شرق عفرين. كذلك، فإن هذه العملية التي تضع الطبقة على قائمة أهداف «التحالف»، تهدف إلى إخراجها من حسابات دمشق وحلفائها في الميدان، ولا سيما في ضوء معلومات ذكرتها مصادر مطلعة في خلال الأسبوعين الماضيين، تتحدث عن مساعٍ للتوصل إلى «اتفاق» بين دمشق و«قسد» برعاية روسية، للتفاهم حول عملية «منسقة» ضد «داعش» في الرقة، يتولى فيها الجيش السوري محور الطبقة.

وفي الوقت الذي تعزز فيه معطيات الميدان فكرة اعتماد واشنطن على «قسد» كرأس حربة في عملية الرقة، دون إعطاء أي دور لحليفها التركي، يبدو لافتاً نشر صحيفة «يني شفق» المقربة من السلطات التركية، تقريراً يكشف عن «إعداد القوات التركية ومعها قوات (الجيش السوري الحرّ) لخطة، استعداداً لمعركة محتملة في محافظة الرقة». وأوضحت الصحيفة أنه «تم تجهيز 3 آلاف مقاتل من (الجيش الحرّ) مدعومين من قبل القوات التركية، لحماية شريط طويل يمتدّ من منطقة تل أبيض على الحدود التركية ــ السورية، حتى الرقة».

ولفتت إلى أن «تفاصيل المعركة المقبلة» في الرقة، ستتضح في خلال زيارة وزير الخارجية الأميريكي ريكس تيلرسون، لتركيا في الثلاثين من آذار الجاري.

بدوره، شدد تيلرسون في أول خطاب له أمام ممثلي أعضاء «التحالف» على أن «هدف المرحلة المقبلة من محاربة (داعش)، يكمن في تدمير التنظيم في منطقة الشرق الأوسط عبر القوة العسكرية»، مضيفاً أن بلاده «ستركز على تنظيمي (داعش) و(القاعدة) في سوريا، وستعزز ضغطها عليهما من أجل إحلال الاستقرار وستشجع على وقف إطلاق النار». ولفت إلى ضرورة «تقليص تدفق المتطرفين والإرهابيين إلى سوريا والعراق»، مشيراً إلى أن «تصفية زعيم (داعش) أبو بكر البغدادي ليست إلا مسألة وقت».

وفي تكثيف للغارات الأميركية ضمن معارك الرقة، دمّرت غارات طائرات «التحالف» أمس، الفرن الرئيسي في مدينة الطبقة، ومدرسة ميسلون ومشفى ميدانياً، ما أدى إلى استشهاد قرابة 45 مدنياً وإصابة آخرين، بينهم عائلتان بكامل أفرادهما. كذلك، استهدفت الغارات مدرسة البادية الداخلية في ناحية المنصورة غرب الرقة، التي تقطنها ثلاثمئة عائلة نازحة من تدمر وريف حلب الشرقي، ما أدى إلى سقوط أكثر من خمسين مدنياً وإصابة آخرين.

الجيش يطبق الحصار على دير حافر

أطبقت قوات الجيش السوري حصارها على قوات تنظيم «داعش» داخل بلدة دير حافر بريف حلب الشرقي، بعد سيطرتها على عدد من القرى الملاصقة للبلدة من الجهة الشرقية. واستكملت قوات الجيش خلال الأيام الماضية تقدمها جنوب شرق البلدة، وأتمت حصار البلدة بعد قطع طريقها باتجاه ريف الرقة، عبر السيطرة على قرى لالة محمد وعاقولة وأم عدسة.

ومن المتوقع أن تتابع القوات تقدمها شرقاً باتجاه مطار الجراح العسكري، لتلتقي بالقوات المتمركزة شمال المطار منذ السيطرة على الخفسة ومحيطها على أطراف بحيرة الأسد.

معركة الحدود السورية ــ العراقية

حسن عليق
قبل نهاية شهر شباط الماضي، أغارت الطائرات الأميركية على مطارَي الجرّاح والطبقة السوريَّين، اللذين يحتلّهما إرهابيو «داعش». كان هدف الغارات تدمير كامل مهاجع الطائرات في «الطبقة»، ونصف تلك التي في «الجرّاح». لا يملك تنظيم «داعش» قوة جوية. الغارات الأميركية رسالة واضحة للجيش السوري الذي يتقدّم نحو «الجرّاح»، انطلاقاً من جنوبي مدينة الباب.

بدا الأميركيون كمن يرسم الحدود بالنار: الشرق السوري، مع كل ما يعنيه، محرّم على الدولة السورية. يمكن هنا استعادة الاعتداءات التي نفذتها الطائرات الأميركية، مع بعض حلفائها، على مواقع الجيش السوري في دير الزور في أيلول 2016، ممهّدة الطريق أمام تقدّم لإرهابيي «داعش». وحتى اليوم، لم يستعد الجيش كل ما خسره حينذاك.

وفي اليوم الأخير من شباط أيضاً، كانت قوات خاصة أميركية تنفذ عمليات في وسط سوريا، ثم تعود، على متن مروحيات، لتهبط بسلام في موقع عسكري مستحدث لها، قرب مثلث الحدود السورية ــ العراقية ــ الأردنية.
وهذا الموقع، داخل الأراضي السورية، قريب للغاية من معبر التنف الحدودي بين العراق وسوريا. المعبر الذي تمر به الطريق الأقصر بين دمشق وبغداد. وهنا مربط الخيل.

فنظرياً، لا علاقة بين الغارات الأميركية على مطارَي الجرّاح (ريف حلب الشرقي) والطبقة (ريف الرقة الجنوبي) ــ أي في الشمال السوري ــ وبين التحركات في التنف، أي في الجنوب الشرقي. لكن، كل الطرق تؤدي إلى الحدود العراقية ــ السورية، محور الصراع الدائر حالياً في بلاد الشام.

أبرز ما على هذه الحدود حالياً، خلوّها من أي وجود عسكري للدولة السورية. ينقسم «الخط الفاصل» بين الشام وبلاد الرافدين إلى 3 أقسام: قسم شمالي بيد الأكراد المدعومين من الأميركيين، وحزب العمال الكردستاني. قسم جنوبي بيد ميليشيات تابعة للاستخبارات والجيش الأميركيين (من معبر التنف شمالاً، إلى حدود محافظة السويداء جنوباً). وقسم ثالث في الوسط لا يزال بيد داعش. وفي هذه المناطق الثلاث، يضع الاميركيون ثقلهم.

لا يمكن فصل ما سبق عمّا قامت به القوات الأميركية أمس، أي الإنزال قرب مدينة الطبقة، لتقطع الطريق بين محافظتَي حلب والرقة. الجيش السوري يتقدّم في ريف حلب الشرقي. وبعد دير حافر، سينتقل إلى مسكنة، ومنها إلى الطبقة. وتحرير الأخيرة كان كفيلاً بفتح الطريق أمامه، ليصل مستقبلاً إلى محافظة دير الزور، عبر طريق محاذٍ لنهر الفرات.

وهذا الطريق، يؤدي في النهاية إلى الحدود السورية ــ العراقية. لكن الأميركيين قرروا وضع خطتهم قيد التنفيذ: ممنوع على الجيش السوري أن يصل إلى الحدود. و«الكيان الكردي» الذي يتمدّد في الشمال الشرقي، هو «الأمر الواقع المستقبليّ» الذي تضع واشنطن رهانها عليه، لمنع التواصل البري بين دمشق وبغداد. إدارة دونالد ترامب ورثت هذه الخطة عن إدارة باراك أوباما. وتقول للمحور الذي عجزت عن إسقاطه في دمشق: «المنطقة التي تظنّون أنها مفيدة، ستبقى أرض استنزاف لكم. تنظيم القاعدة في بلاد الشام وحلفاؤه، المنطلقون من «إمارة إدلب» لن يكفّوا عن التحرش بكم، ومحاولة إسقاط مدينة حماه، وإشغال الجيش السوري في دمشق، ودرعا، وقصف اللاذقية. أما الحدود، فلمن يسبق إليها. ونحن حلفاؤنا السابقون».

كيف سيردّ محور دمشق ــ موسكو ــ طهران ــ بغداد؟ الإجابة ميدانياً عبر جبهتَي قتال: طريق تدمر ــ دير الزور، وزحف الحشد الشعبي من العراق إلى البادية الشامية. فهل تشتعل الجبهتان؟ وما هو موقف أكراد الشرق السوري؟ وكيف ستكون ردة فعل روسيا صاحبة العلاقة الممتازة بهم؟ وكيف سيتصرّف حزب العمال الكردستاني وعدوته تركيا؟ وماذا سيفعل حيدر العبادي الذي أعلن أمس معارضته خطة واشنطن «احتواء» داعش في الصحاري العراقية ــ السورية؟ (الاحتواء هنا يعني التوقف عن قتال التنظيم الإرهابي بعد تحرير المدن العراقية، وتركه ليتحوّل عامل استنزاف لسوريا).

من المبكر الإجابة عن هذه الأسئلة الآن. لكن الثابت أنَّ واشنطن تحاول الالتفاف، عبر الحدود، على كل ما أُنجز في سوريا والعراق، طوال السنوات الست الأخيرة من الحرب.

الجيش يتراجع في ريف حماة الشمالي… ويستنزف مسلحي جوبر والقابون

عزّز الجيش السوري طوق أمانه حول النقاط التي استعادها في أطراف جوبر، شمال دمشق، في محاولة احتواء ناجحة للخرق الأخير. بالتوازي مع ذلك، انسحب من عدة بلدات في ريف حماة الشمالي، وسط هجوم عنيف لـ«هيئة تحرير الشام»، قبل وصول تعزيزات جديدة إلى المنطقة
مرح ماشي

دمشق | عملية مستمرة من خلط الأوراق قبيل عقد الجولة الخامسة من محادثات جنيف، شهدها الميدان السوري في الأيام القليلة الفائتة. محاولات المسلحين المستمرة للضغط على نقاط الجيش السوري في حي جوبر، بهدف التقدم شمالاً لم تتوقف. بوصلة مسلحي «هيئة تحرير الشام» و«فيلق الرحمن» تشير إلى حي القابون المشتعل، الذي كان الجيش قد بدأ عملية عسكرية فيه، مطلع الشهر الجاري.

اليوم الرابع على بدء الهجوم المعزّز بـ«الانغماسيين» كانت وتيرة اشتباكاته أخف من قبل، وبدأت تخفت حدة الاشتباكات بعد صدّ الجيش لهجوم المسلحين نحو نقاطه، ثم تعزيز دفاعاته في محيط منطقة العباسيين وأطراف جوبر.

ومع لجم تقدم المسلحين في دمشق، كان ريف حماة الشمالي يشهد هجوماً عنيفاً للمسلحين، أعاد سيناريوات نفذها المسلحون مطلع أيلول من العام الماضي. وأحرز الهجوم تقدماً سريعاً على عدة محاور، من دون تمركز وتثبيت عسكري فيها. وأكد مصدر ميداني أن فجر أمس شهد انقلاباً في معطيات الأرض لصالح المسلحين، وخلال ساعات من الهجمات العنيفة خسر الجيش عدداً من النقاط المهمة، أهمها بلدتا صوران وخطاب ورحبتها العسكرية شمالاً، وقريتا الشير وأرزة شمال غرب المدينة، وتلة الشيحة الاستراتيجية القريبة من مطار حماة، والتي تكشف طريق محردة ــ حماة.

ووفق المصدر، فإن التطورات الأخيرة أدت إلى قطع هذا الطريق، فيما منع صمود نقاط الجيش في قرية الشيحة من قطع طرق مصياف ــ حماة، حتى مساء أمس.

ولفت المصدر إلى أن معركة ريف حماة «محورية»، لكون المدينة وريفها يشكلان شريان الإمداد الرئيسي للقوات السورية المتمركزة في حلب، ونقطة ربط بين مختلف الجبهات العسكرية في سوريا.

وشهد أمس أيضاً وصول تعزيزات كبيرة إلى مطار حماة العسكري، من بينها قوات من «الفيلق الخامس»، المشكل حديثاً، بهدف إنهاء الهجوم واستعادة النقاط التي خسرها الجيش في المنطقة، إلى جانب تخفيف الضغط على قرى قمحانة ومدينة محردة، التي تشكل واحدة من أقوى خطوط الدفاع في ريف حماة.

بالتوازي مع هجوم المسلحين في ريف حماة الشمالي، فقد استهدفوا من مواقعهم في الريف الشمالي الغربي لحماة، الملاصق لجبال الساحل السوري، ريف اللاذقية التابع لمنطقتي القرادحة وجبلة، بعدد من القذائف الصاروخية، التي سقط معظمها في أراضٍ زراعية، بالتزامن مع قصف من ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، طاول عدداً من القرى في ريف المدينة.

وكان لافتاً، تحرك المسلحين المحاصرين في جيب تلبيسة والرستن في ريف حمص الشمالي، وعلى رأسهم مسلحة «حركة أحرار الشام»، بالتوازي مع هجوم حماة، في محاولة لقطع الطريق الواصل بين مدينتي حمص والسلمية.

قد ينتهي هجوم العاصمة بفرصة لعملية واسعة تنهي التهديد كلياً

وبالعودة إلى محيط دمشق القريب، أكدت مصادر ميدانية أن أيّ تقدم من جوبر باتجاه العباسيين يتطلب توغل المسلحين في منطقة المعامل شمال الحي، وهي منطقة مكشوفة أمام القوات السورية.

ولفتت المصادر إلى أن الارتباك الذي ساد المنطقة التي تعجّ بالمدنيين في أحياء العباسيين والقصور والتجارة والعدوي، ولّى تدريجياً، في ظل رفض أعداد كبيرة من المدنيين إخلاء المنطقة والخروج من منازلهم، رغم المعارك القريبة.

وفق المصادر نفسها، فإن الجيش يواصل استعادة النقاط التي خسرها أخيراً، وسط اشتباكات عنيفة تتركز على محور المعامل، شمال غرب الحي، في ظل محاولاته توسيع طوق الأمان في محيط شركة الكهرباء، وفرض قوس ناري على خطوط إمداد المسلحين باتجاهها.

وتضيف المصادر أن محاولات المسلحين تتواصل بدورها، للعبور من منطقة سادكوب، وإحداث خرق دفاعي جديد في صفوف الجيش، وهذا ما تتعامل معه القوات السورية، بوصفه «جزءاً من أمان العاصمة، وهو خط أحمر».

ووفق تقديرات هذه المصادر، فإن «خسائر المسلحين قُدّرت بقرابة 200 قتيل، وتراوحت ما بين قتلى خلال الاشتباكات، وآخرين جراء الاستهداف الصاروخي لمعاقلهم ولخطوط إمدادهم في عربين وزملكا، اللتين تعتبران رئتي مسلحي جوبر، نحو عمق الغوطة الشرقية».

ورجّحت أن «محاولة المسلحين قلب ميزان القوى في العاصمة السورية ستفتح الباب أمام فرصة بدء عملية عسكرية واسعة، قد تنتهي بتسوية تضع حداً نهائياً للوجود المسلح في جوبر، وتنهي الخرق الذي يتهدد العاصمة كل مرة».

ورغم الهجوم العنيف على العاصمة، وإمطار جميع أحيائها السكنية بالقذائف الصاروخية، فإن معركة «يا عباد الله اثبتوا»، وفق تسمية المسلحين، لم تحقق أياً من أهدافها، بل ساهمت في استنزاف قوى مسلحي الحي الدمشقي، وهو أمر يمكن ملاحظته من دعوات ومناشير يوزعها «فيلق الرحمن» في بلدات الغوطة الشرقية، بهدف تحفيز المدنيين وفصائل مسلحة أُخرى على الانضمام إليه في معركة جوبر، وذلك بالتوازي مع معلومات تحدثت عن تحضيرات «جيش الإسلام» لخوض المعركة، لمصلحة مسلحي «فيلق الرحمن».

القضاة خائفون من المحاصصة… وخلافات على تعيينات الأمن الداخلي:

الحريري يريد الإمساك بـ«أمن الدولة»

استمرار منطق المحاصصة في إدارات الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية والإدارية والقضائية يثبت ما كان قائماً في الفترة السابقة.

وسط مطالبات لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتدخل لوقف ما يجري، خصوصاً أن التدخلات السياسية توجه المزيد من الضربات إلى هذه المؤسسات، وتؤدي إلى تراجع العامل المهني فيها لمصلحة المحسوبيات، الأمر الذي لا يبشر بخير

بدأت نتائج المحاصصة تنعكس على واقع المؤسسات، وإن بتفاوت، وانتقلت الخلافات بين القوى السياسية إلى المستوى الثاني، حيث يفترض أن تصدر تشكيلات عسكرية وأمنية في جميع المؤسسات، في ضوء التغيير الذي حصل على مستوى القيادة.

في الجيش، تقرر الإبقاء على وضع مديرية الاستخبارات على حاله إلى فترة لاحقة.

لكن النقاش بدأ في مكان آخر، حيث يظهر عدد من العمداء رغبتهم في الاستقالة من الجيش، بسبب مشكلة الأقدمية بينهم وبين القائد الجديد للجيش العماد جوزيف عون.
ومع أن البعض يحاول إعطاء الأمر بعداً سياسياً أو مهنياً، إلا أنه إجراء يحصل عادة، خصوصاً عندما يُختار ضابط لقيادة الجيش، لا يكون الأقدم بين زملائه من الرتبة نفسها.

فرع المعلومات

أما في مديرية قوى الأمن الداخلي، فالنزاع قائم اليوم على تشكيلات في فرع المعلومات الذي عين العقيد خالد حمود رئيساً له خلفاً للواء عماد عثمان الذي صار مديراً عاماً لقوى الأمن.
ويدور النزاع على منصب رئيس فرع الأمن العسكري في «المعلومات» الذي كان يشغله سابقاً العميد سعيد فواز.

وبينما يرشح الرئيس الجديد للفرع الرائد ربيع فقيه للمنصب الشاغر، فإن المرجعيات السياسية التي تهتم بالمواقع المفترض أن تؤول إلى الضباط الشيعة، ترفض تعيين فقيه، وترشح بدلاً منه المقدم مصطفى بدران، المقرب من حركة «أمل»، والذي يحظى بدعم من حزب الله أيضاً. ومع أن البحث في الموضوع وصل إلى مستوى الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، فإن أي اتفاق لم يحصل بعد، وسط تحذيرات من انعكاس هذه الخطوة على فرع المعلومات نفسه.

في جانب آخر، لم يحصل اللواء عثمان بعد على الجواب النهائي من وزارة الداخلية أو رئاسة الحكومة للسير ببعض التشكيلات الخاصة بالمناطق، في انتظار بلورة مصير بعض الضباط الكبار الذين تلقوا وعوداً من المرجعيات السياسية بتسلم مناصب إدارية خارج قوى الأمن، ولا سيما مدير منطقة الجنوب العميد سمير شحادة، الذي كان أحد المرشحين مع عثمان لمنصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي. ويتردد أن الحريري وعده بتعيينه محافظاً لجبل لبنان، فيما نقل شحادة نفوسه من قضاء الشوف (إقليم الخروب) إلى قضاء صيدا لهذا الهدف.

الحريري وأمن الدولة

لكن المشكلة ــ المفاجأة، ظهرت في مكان آخر، هو جهاز أمن الدولة الذي يتبع لرئاسة الحكومة.

فبعد تعيين العميد طوني صليبا مديراً عاماً للجهاز وترفيعه إلى رتبة لواء، وتعيين العميد أحمد سنان نائباً له، على قاعدة قرب الأول من الرئيس ميشال عون والثاني من الرئيس بري، قرر الحريري أيضاً الحصول على حصته من هذا الجهاز، وكلف اللواء المتقاعد محمد خير التواصل مع صليباً للتفاهم على تشكيلات ضرورية في المديرية، ناقلاً إليه طلب رئيس الحكومة اختيار ثلاثة ضباط سنّة يرشحهم هو، لتولي منصب فرع التحقيق في الجهاز، وقيادة المديرية الإقليمية في بيروت، والمديرية الإقليمية في البقاع.

الطلب الذي نقله خير إلى قيادة جهاز أمن الدولة بعد فترة وجيزة على تعيين صليبا وسنان، ترافق مع الإفراج عن مخصصات الجهاز التي كانت مجمدة سابقاً وصرف المتراكمات، مع البحث في زيادة المخصصات السرية التي تساعد الجهاز على لعب دور أكبر في مجال حماية أمن البلاد والمؤسسات العامة.

صليبا وسنان أبلغا خير أنهما سيدرسان الطلب. لكن الجواب لم يصدر عنهما، بعدما تبين أن مطالب الحريري يمكن أن تؤثر بقوة في عمل الجهاز، وحتى على التوازنات الطائفية داخل قيادته. ورغم مراجعة خير لقيادة الجهاز مجدداً، إلا أن الأمر لم يبت بعد. وقد أُطلع الرئيسان عون وبري على الأجواء، ويبدو أن الحل متروك للمشاورات السياسية.

في هذه الأثناء، أبلغ خير صليبا بضرورة التنبه إلى أنّ أيّ قرار بتشكيلات داخل الجهاز يجب أن يحظى بموافقة رئيس الحكومة. وأنَّ برنامج المخصصات المالية للجهاز، سيكون أيضاً خاضعاً لموافقة رئيس الحكومة.

التشكيلات القضائية

على صعيد التشكيلات القضائية المجمدة من سنوات عدة، تبدو الأمور عالقة بعض الشيء.
مجلس القضاء الأعلى كان ينتظر تعيين رئيس هيئة التفتيش، الأمر الذي حصل قبل مدة، لكن القاضي بركان سعد الذي عُيِّن في هذا المنصب، لم يقسم اليمين بعد، وبالتالي لم ينتقل إلى مكتبه، الأمر الذي يحول دون التئام مجلس القضاء لبدء إعداد المشروع.

لكن الجديد، ارتفاع صوت قضاة كبار، بينهم أعضاء في مجلس القضاء الأعلى، على ما يصفونه بمداخلات جانبية تجري، وأن الوعد بأن يترك لمجلس القضاء إنجاز التشكيلات بناءً على عملية التقييم التي أجراها المجلس، وبمراعاة حاجات البلاد.

لكن، بعد إقرار الدفعات الأولى من التعيينات الإدارية والأمنية، يسود الجسم القضائي مناخ استمرار المداخلات السياسية ومبدأ المحاصصة، ما دفع عدداً غير قليل من القضاة إلى مواصلة ما اعتادوه سابقاً والقيام بزيارات للمسؤولين والمراجع السياسية والدينية، سعياً إلى حجز أماكن أفضل لهم.

وسط أجواء تذكّر بالمرحلة التي كان الوزير السابق أشرف ريفي يحاول في خلالها فرض أسماء على بعض المناصب الرئيسية.

ويقول مرجع قضائي إن البحث لم ينطلق بعد، وإن أي مسودة لم تُعَدّ من قبل أحد. ولم ينفِ المرجع وجود اتصالات ومساعٍ من قبل سياسيين أو قضاة لمعرفة وجهة التشكيلات.

حملة ضغط دولية وداخلية على عون: إتركْ حزب الله!

إجراءات أميركية جديدة للتضييق على المصارف؟

يتعرض رئيس الجمهورية ميشال عون لحملة ضغط وتهويل داخلية ودولية على خلفية المواقف التي أعلنها أخيراً من سلاح حزب الله.

وفي المعلومات أن واشنطن ربما تكون في صدد فرض إجراءات جديدة على المصارف اللبنانية في سياق هذه الحملة
وفيق قانصوه

ليس ضرورياً أن تكون من أنصار نظرية المؤامرة كي تربط الخيوط بعضها ببعض. الوقائع الملموسة، والمقروءة، كفيلة بذلك.

من واشنطن إلى بيروت، مروراً بتل أبيب، يتعرّض ميشال عون وعهده لموجة من الضغط والتهويل والتشويه و«الاغتيال السياسي»… وصولاً إلى التحذير من الاغتيال الجسدي، بحسب يعقوب عميدور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق المقرب من بنيامين نتنياهو، الذي اعتبر أن «مصير عون سيكون كمصير رفيق الحريري في حال فكّر بالخروج عن المحور الإيراني».

توقيف تاج الدين مقدمة لإجراءات أميركية ضد آخرين على لوائح «أوفاك»

بدأت القصة في 12 شباط الماضي. قال رئيس الجمهورية لقناة «سي بي سي» المصرية انه «طالما هناك ارض تحتلها اسرائيل، وطالما ان الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهتها، هناك ضرورة لوجود سلاح حزب الله لأنه مكمّل لعمل الجيش».

عبارة كانت كافية لتقوم الدنيا على الرجل من دون أن تقعد بعد، خصوصاً إذا ما عُطفت على ما دار في لقاءاته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومن بعده الملك الأردني وبابا الفاتيكان، وهو مما لا شك فيه أن أصداءه وصلت إلى واشنطن وغيرها من عواصم الغرب.

كلام رئيس الجمهورية شكّل، بعد يومين من إطلاقه، إحدى نقاط جدول أعمال لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، لتبدأ بعدها موجة التهويل. يكتب أحد عتاة المحافظين الجدد إيليوت أبرامز، في مجلة «نيوزويك» الاميركية، متسائلاً: «هل يجب أن تقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية للجيش اللبناني بعدما بات عون يعتبر وجود حزب الله دفاعاً ضرورياً عن لبنان ضد إسرائيل، وبعدما أضفى شرعية على الدور العسكري للحزب؟». ودعا واشنطن الى العمل على وقف مسار التعاون بين الجيش والمقاومة، «والسير في إتجاه معاكس»، والتأكيد ان وقف المساعدات «هو النتيجة الحتمية إذا لم يبتعدوا عن حزب الله».

لم يكن مقال ابرامز وحيداً في تحريض ادارة ترامب على لبنان وجيشه… واقتصاده. بعده بأيام، كتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية أن هناك لبنانيين يخشون دفع ثمن «تزايد نفوذ حزب الله» تحت رئاسة عون.

ولفتت الى أن «ثمة طرقاً عدة يمكن الإدارة أن تضغط فيها على لبنان، من استهداف المصارف إلى تقليص التمويل للجيش والنازحين السوريين».

وأشارت الى أنه في سياق التصعيد الأميركي ــــ الإيراني، فإن «النظام المصرفي اللبناني قد يواجه سريعاً عقوبات قاسية من وزارة الخزانة الأميركية».

وفي هذا السياق، يتردد أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تبلّغ بالفعل من الأميركيين بأن هناك تحضيرات تجري في واشنطن لإقرار لوائح جديدة للتضييق على المصارف بذريعة تسهيل التعاملات المالية لحزب الله، تحت عنوان إعادة تفعيل القانون الأميركي المعروف بـ «قانون مكافحة تمويل حزب الله»، وربما تحت عناوين أخرى، وسط معلومات عن سعي أميركي لاصدار قرارات جديدة حول «مكافحة تبييض العملة» في المصارف اللبنانية.

«موقف بارز جداً» للرئيس في القمة العربية

وبالتزامن، أُوقف رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين في المغرب، بعد تعقّب طويل، في ما بدا أنه مقدمة لإجراءات أميركية ربما تطال آخرين ممن وضعت أسماؤهم على لوائح «مكتب مراقبة الأصول الأجنبية» الأميركي (أوفاك).

فجأة، وبالتوازي، بدا أن الأمور في بيروت انفلتت من عقالها على خلفية النقاش حول سلسلة الرتب والرواتب لتفجير الأزمة الاجتماعية في وجه العهد.

بدا من تمزيق صور ميشال عون أو تعرّضها للتشويه في أكثر من منطقة مسيحية، بأن هناك من يتقصّد النيل من هالة الرئيس. فيما شغّلت إحدى الشركات «المدفوعة الأجر سلفاً» ماكيناتها على مواقع التوصل الاجتماعي، استناداً إلى معطيات مفبركة، لتواكب بعض القضايا المطلبية.

التقديرات تشير الى أن حملة الضغط والتهويل ستتواصل، أقله حتى موعد القمة العربية نهاية الشهر الجاري في عمان، للحؤول دون إعلان عون مواقف «غير مرغوبة» في أرفع محفل عربي.

حتى ذلك الحين، الترقّب الغربي والعربي في أعلى مستوياته، وسط طلب عدد كبير من الدبلوماسيين لمواعيد من بعبدا، قبل القمة التي علمت «الأخبار» أنه سيكون للرئيس «موقف بارز جداً» فيها.

صحيفة المستقبل* المستقبل

بحث الأزمة السورية والتهديدات الإسرائيلية مع السيسي.. وأبدى اطمئنانه إلى «كلمة لبنان» في قمّة عمان

الحريري: دور مصر محوري والعلاقة مع السعودية ممتازة

حاملاً همّ لبنان والتحديات الإقليمية والاقتصادية المتربصة بأمنه واستقراره، من دون أن يغفل عن الهموم الداخلية المتراكمة على كاهل البلد وأبنائه، استهلّ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري اجتماعاته في القاهرة من قصر الاتحادية حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتباحث معه على مدى ساعة في المستجدات العربية والدولية وسبل تطوير العلاقات الثنائية والتصدي لما يواجهه البلدان من «تحديات مشتركة»، سيما وأنهما يتقاطعان في سمة «الاعتدال والعيش المشترك» باعتبارها «الوسيلة الوحيدة لمواجهة التطرف والإرهاب». وإذا كان لبنان يعلّق «أهمية كبيرة على دور مصر المحوري على الساحتين العربية والإسلامية»، كما عبّر الحريري، فإنّ سلّة المصطادين في مياه زيارته الرسمية الخارجية الأولى كرئيس لمجلس الوزراء إلى مصر بدت خالية في ضوء الرسالة الحاسمة والحازمة التي وجّهها إلى كل المشككين بعلاقته مع المملكة العربية السعودية: «العلاقات بيننا ممتازة وسيرونني في المملكة قريباً».

رئيس الحكومة الذي كان يتحدث الى الصحافيين عقب لقائه الرئيس المصري، أوضح أنهما تباحثا في القضية الفلسطينية «قضية العرب المركزية» فضلاً عن التداول في الأزمة السورية وتداعياتها على الوضع اللبناني، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه أثار مع السيسي مسألة التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة ضد لبنان فوعده الرئيس المصري بأنه «سيجري اتصالاته في هذا الشأن». أما عن قمة عمّان العربية الأسبوع المقبل، فشدد الحريري على أنه ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيشاركان في القمة حيث أبدى اطمئنانه إلى أنّ «كلمة فخامته ستكون إن شاء الله كلمة تمثل لبنان وطموح اللبنانيين» داعياً في المقابل كل المتوجسين من أي إحراج لبناني في القمة على خلفية الموقف العربي من إيران و«حزب الله» إلى التريث و«عدم استباق الأمور». ورداً على سؤال، جدد الإشارة إلى تمسكه بالحوار مع «حزب الله» لما فيه مصلحة لبنان مؤكداً أنّ «الأمور تسير بشكل جيد جداً مع كل الأطراف السياسية داخل الحكومة وفي مجلس النواب»، وأنّ النقاش الجاري بشأن قانون الانتخاب يتم «بكل إيجابية» معرباً عن ثقته بأنّ القانون الجديد «سيكون كما يريده اللبنانيون».

وعشية اجتماع اللجنة العليا المصرية – اللبنانية في القاهرة بعد انقطاع دام 7 سنوات، وبينما لفت الحريري إلى أنّ الرئيس المصري يبدي حرصاً على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع لبنان وقد أعطى توجيهاته إلى الوزراء المصريين المعنيين «ليكون هناك انفتاح أكبر» بين البلدين، عقد أمس منتدى الأعمال اللبناني – المصري مؤتمراً برعاية الحريري ونظيره المصري شريف اسماعيل في فندق «فور سيزنز» حيث كانت لرئيس الحكومة كلمة أبدى فيها أمله في أن تشكل اجتماعات الدورة الثامنة للجنة العليا اليوم «نقلة نوعية في العلاقات بمشاركة فعالة من القطاع الخاص في البلدين»، مشدداً في هذ المجال على ضرورة تطوير حركة التجارة البينية وتفعيل الاتفاقات الثنائية وإزالة المعوقات غير الجمركية لتسهيل حركة الاستيراد والتصدير بين الدولتين، خصوصاً مع انعدام حركة النقل البري للبضائع في ظل الأزمة السورية، وسط تأكيده أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لإيجاد فرص استثمارية مشتركة وتنمية التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي. علماً أنّ المؤتمر شهد توقيع بروتوكول تعاون بين أعضاء ومنتسبي غرفة صناعات مواد البناء – اتحاد الصناعات المصرية وأعضاء ومنتسبي نقابة أصحاب مصانع الرخام والغرانيت ومصبوبات الاسمنت في لبنان.

بري: لعبة الأرض خطرة

وفي لبنان، برز أمس تشديد رئيس مجلس النواب نبيه بري على أنه «إذا كان عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب إفقاراً فعدم إقرار قانون الانتخاب سيكون انتحاراً»، موضحاً خلال لقاء الأربعاء النيابي في عين التينة أنّ «السلسلة آتية وشهر نيسان لن يمرّ من دون إقرارها»، وأنّ الأفرقاء أمامهم «أسبوعان أو ثلاثة للتوصل إلى قانون انتخاب جديد وإلا فنحن نسير نحو المجهول». وفي هذا السياق، نقلت مصادر عين التينة لـ«المستقبل» أنّ رئيس المجلس مصمم على إقرار القانون الانتخابي والسلسلة في أقرب الآجال وأنه على توافق في هذا المجال مع رئيسي الجمهورية والحكومة، وسط تشديده على ضرورة الإسراع في إنجاز الاستحقاقات المطلبية وتجنيب البلد «لعبة الأرض الخطرة».

«إرهاب الدهس»

ضرب إرهاب «الدهس بالسيارات» القارة الأوروبية مجدداً، وكان موقع الهجوم هذه المرة حي ويستمنستر الشهير الذي يحتوي مبنى البرلمان والمقار الحكومية في قلب العاصمة البريطانية لندن، بحصيلة 4 قتلى (بينهم رجل شرطة من أمن البرلمان ومنفذ الهجوم) وأكثر من 20 جريحاً بينهم 3 رجال شرطة أيضاً.

وفي تفاصيل هذا الاعتداء الإرهابي أنه بعد ظهر أمس

قاد رجل بملامح شرق أوسطية (كما يظهر في الصور – في الثلاثينات أو الأربعينات من العمر)، سيارة رباعية الدفع بأقصى سرعة على جسر ويستمنستر مستهدفاً مجموعة من رجال الشرطة كانت تسير على رصيف الجسر في طريق عودتها من إحدى المراسم التكريمية، فدهس العشرات من المارة و3 من رجال الشرطة، ما أدى الى مقتل 3 اشخاص وإصابة أكثر من 20 آخرين بجروح بعدما رمى المارة أنفسهم في النهر أو في أي نقطة بعيدة عن مرمى السيارة المهاجمة. ثم صدم المهاجم بسيارته السياج الحديدي الأسود المحيط بمبنى البرلمان، وقفز منها الى داخل حديقة البرلمان حيث اشتبك مع رجل أمن، فطعنه طعنات أدت الى وفاته لاحقاً على الرغم من محاولات وزير شؤون الشرق الأوسط توباياس الوود الذي كان في المكان لحظة الاشتباك إجراء جميع الإسعافات الأولية لإنقاذ الشرطي الضحية. ثم أصيب الإرهابي بثلاث طلقات نارية أطلقها عليه رجال أمن آخرون، الأمر الذي شل قدرته على الحركة. ونقل على إثر ذلك الى المستشفى لمساءلته والتحقيق معه في ملابسات هجومه الوحشي ودوافعه، لكنه سرعان ما فارق الحياة هو الآخر.

وبين الجرحى هناك عدد من الإصابات الحرجة جداً، ما يعني أن عدد القتلى قد يرتفع. وأعلنت السلطات انتشال امرأة من مياه نهر التايمز على قيد الحياة ولكنها مصابة بإصابات بالغة وتخضع للمعالجة. ونقل أغلب الجرحى الى مستشفيي «سانت توماس» و«كينغ كولدج» القريبتين من موقع الاعتداء. وبين المصابين أيضاً 3 طلاب فرنسيين من مدرسة خاصة كانوا في رحلة مدرسية ويمرون على الجسر لحظة هجوم السيارة، ولم تحدد بعد هوية القتيلين وباقي الجرحى من المارة، خصوصاً أن الجسر يسير عليه يومياً آلاف السياح من شتى دول العالم.

وعند وقوع الهجوم هرع رجال الأمن برئيسة الوزراء تيريزا ماي التي كانت تُشارك في جلسة لمجلس العموم ونقلوها فوراً الى مكان آمن قبل أن يتم إيصالها لاحقاً الى قصر باكنغهام، حيث عقدت لقاء مع الملكة اليزابيث الثانية، ومن هناك عادت الى مقر رئاسة الوزراء في 10 داوننغ ستريت حيث عقدت مساء أمس اجتماع «كوبرا» طارئاً لمناقشة الوضع الأمني في البلاد والتدابير التي يجب اتخاذها لمنع تكرار حصول مثل هذه الاعتداء.

وأصدرت ماي بياناً أكدت فيه «تضامن الحكومة التام مع ضحايا الاعتداء وعائلاتهم». واضطر رجال الأمن حفاظاً على سلامة النواب البريطانيين الى احتجازهم داخل مجلس العموم 5 ساعات قبل أن يُسمح لهم بالعودة الى منازلهم. وهذه هي أيضاً المدة التي تم فيها إقفال الشوارع المحيطة بالمنطقة ومحطة مترو إنفاق ويستمنستر.

وقام جهاز سكوتلنديارد (شرطة لندن) بتنكيس أعلامه حداداً على رجل أمن البرلمان الذي قتل في الاعتداء. وذلك بعدما أصدرت ماي أوامراها بتنكيس الأعلام في البلاد نصف تنكيسة حداداً على ضحايا الهجوم. هذا ودفعت حالة الطوارئ التي لفت المملكة المتحدة عند وقوع الهجوم الحكومة الاسكتلندية الى تعليق تصويت في البرلمان الاسكتلندي كان سيجرى عصر أمس حول إجراء استفتاء شعبي لاستقلال اسكتلندا عن المملكة. وأعربت رئيسة الوزراء الاسكتنلدية نيكولا ستيرجن عن تضامنها التام في اليوم العصيب، وتوجهت بالتعازي الى أسر وأقارب الضحايا.

وأصدرت أبرز القيادات السياسية في البلاد بما في ذلك زعيم حزب «العمال» البريطاني جيريمي كورن ورئيس بلدية لندن صادق خان بيانات أعربوا فيها عن أسفهم لما جرى، مشددين على أن الإرهابيين لن ينجحوا في تخويف اللندنيين وإرهابهم ولن يتمكنوا من تغيير نمط حياتهم المنفتح.

كما تلقت ماي اتصالاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ووردت برقيات التعازي والتضامن من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وكندا ودول أخرى. وأكد الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر، دعم الولايات المتحدة التام لبريطانيا في محنتها. وأعلن كل من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل عن مواقف مشابهة مؤكدين على ضرورة الوقوف صفاً واحداً في وجه الإرهاب.

وأمرت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو بإطفاء أضواء برج أيفل منتصف الليل تضامناً مع ضحايا اعتداء لندن. هذا وأرسلت الحكومة الفرنسية طائرة خاصة أقلت ذوي الطلاب الثلاثة الجرحى الى لندن لزيارة أولادهم في المستشفى.

التقى السيسي والطيّب وتواضروس الثاني ودعا إلى بث روح الاعتدال في مواجهة الإرهاب

الحريري للمشكّكين: سترونني في السعودية قريباً

أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن «الاعتدال وبث روح الاعتدال هما الوسيلة الوحيدة لمواجهة التطرف والإرهاب، خصوصاً ذلك الذي تمارسه فئة ضالة تتستر باسم الدين الإسلامي الحنيف لتضرب القيم الحقيقية للإسلام كما كل القيم الإنسانية». وشدد على أن كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القمة العربية المُقرر عقدها في عمّان «ستكون ان شاء الله كلمة تمثل لبنان والطموح اللبناني وطموح اللبنانيين». وجزم بأنه سيزور السعودية، متوجّهاً الى المشككين بالقول: «فليشككوا قدر ما يشاؤون، العلاقات بيننا ممتازة، وسيرونني في المملكة قريباً». وأشار الى «أننا الآن في مرحلة بناء العلاقة مع حزب الله، والأمور ستسير بشكل جيد جداً في الحكومة بيننا وبين كل الأطراف السياسية»، لافتاً الى «أننا نناقش قانون الانتخاب بكل إيجابية، وسيكون كما يريده اللبنانيون».

توّج الرئيس الحريري زيارته للقاهرة بلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية قبل ظهر أمس، في حضور رئيس الحكومة المصرية شريف إسماعيل. وتناول اللقاء الذي استمر ساعة كاملة وحضر جانباً منه الوفد الوزاري المرافق، المستجدات العربية والدولية والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تقويتها وتطويرها في مختلف المجالات.

بعد اللقاء، قال الحريري للصحافيين: «شرّفني سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي باستقبالي والوفد الوزاري هذا الصباح، وقد أجرينا جولة محادثات ممتازة كالعادة. إن اللقاء مع سيادة الرئيس السيسي مفيد دائماً لما لديه من رؤية شاملة لأوضاع المنطقة ولما يتمتع به من علاقات دولية على أعلى المستويات. ونحن في لبنان نعلّق أهمية كبيرة على دور مصر المحوري على الساحتين العربية والإسلامية، وقد قلت لسيادته إننا في لبنان ومصر نواجه تحديات مشتركة ومن الضروري أن نحشد لها الطاقات المشتركة التي تجمع بين بلدينا».

أضاف: «في بلدينا نماذج للاعتدال والعيش المشترك بين الأديان والطوائف، باتت حاجة للعديد من دول المنطقة، لا بل العالم. قبل المعالجات الأمنية والسياسية، إن الاعتدال وبث روح الاعتدال هما الوسيلة الوحيدة لمواجهة التطرف والإرهاب، خصوصا ذلك الذي تمارسه فئة ضالة تتستّر باسم الدين الإسلامي الحنيف لتضرب القيم الحقيقية للإسلام كما كل القيم الإنسانية».

وأوضح «أننا بحثنا مع فخامة الرئيس أولاً في قضية العرب المركزية، وبالطبع بحثنا الأزمة في سوريا وهي أزمة لها تداعيات كثيرة على الوضع في لبنان، خصوصاً لجهة استضافتنا مليوناً ونصف المليون من إخواننا النازحين السوريين، مع ما يمثل ذلك من ضغط على البنية التحتية والاقتصاد. كما أفردنا حيزاً كبيراً للعلاقات الثنائية بين بلدينا، وخصوصاً أننا سنعقد غداً (اليوم)، هنا في القاهرة، أول اجتماع للجنة العليا اللبنانية – المصرية، بعد انقطاع دام سبع سنوات. ونحن نتطلع الى قرارات تفيد الاقتصاد والنمو والتبادل التجاري في البلدين».

سئل: يتزايد أخيراً الحديث عن تهديدات إسرائيلية للبنان، وبالأمس تحدث الرئيس نبيه بري عن مزارع شبعا مائية، فكيف ستواجهون كحكومة وكعهد جديد هذه التهديدات؟ وهل يفيد استمرار الحديث عن سلاح «حزب الله» في هذا التوقيت بالذات؟، فأجاب:«لا دخل لهذا الموضوع بذاك. تهديدات إسرائيل قائمة ضد لبنان، وأنا سبق أن قلت كلاماً واضحاً في هذا الشأن، فنحن نبلغ الأمم المتحدة بكل تهديد نتلقاه، ونحاول أن نعالجه بالطرق الدولية عن طريق المجتمع الدولي، وهذا الموضوع طرحته أيضاً مع سيادة الرئيس السيسي، وتحدثت عن اللهجة الإسرائيلية المتصاعدة في تهديد لبنان، وهو بدوره سيجري اتصالاته في هذا الشأن».

سئل: هل أعطى الرئيس السيسي الضوء الأخضر للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية مع لبنان إلى المستوى الذي كانت عليه في السابق؟، فأجاب:«نعم، لا شك أن الرئيس السيسي كان حريصاً على العلاقات الاقتصادية، وهو أعطى توجيهات لكي يكون هناك انفتاح أكبر بكثير مما هي عليه اليوم العلاقات الاقتصادية بين البلدين».

سئل: لبنان سيشارك في القمة العربية بوفد واحد، لكن هل سيكون الخطاب واحداً؟ هل سيكون لدى الرئيس الحريري إحراج إذا طرح مشروع ضد إيران؟ وفي اجتماع المندوبين التحضيري للقمة العربية، لم يتضامن كل العرب مع لبنان في البند المتعلق به، وهذه سابقة، فما سيكون عليه موقف لبنان؟، فأجاب: «لماذا تستبقون الأمور وتصوروننا كأن العالم في مواجهتنا؟ العلاقة بيننا وبين العرب جيدة، الحمد لله الرئيس ميشال عون زار دول الخليج والعلاقة باتت أفضل بكثير».

قيل له: لكن العلاقة عادت وتدهورت بعد كلامه في مصر؟، فأجاب: «ليست كلمة واحدة كفيلة بتدهور العلاقات بين الدول، لنرتق إلى مستوى لا تكون فيه «كلمة بتاخدنا وكلمة بتجيبنا». سنذهب إلى القمة، فخامة الرئيس وأنا، وستكون هناك كلمة لفخامته، وهي ستكون إن شاء الله كلمة تمثل لبنان والطموح اللبناني وطموح اللبنانيين. علينا ألا نأخذ الأمور إلى مكان لن نصل إليه، لنهدأ قليلاً وسترون أن الأمور ستكون بخير».

سئل: كثر يتساءلون لماذا بدأت زياراتك العربية بمصر ولم تزر بعد المملكة العربية السعودية؟، فأجاب: «إن شاء الله سأزور السعودية، وحين يشككون، فليشككوا قدر ما يشاؤون، العلاقات بيننا ممتازة، وسيرونني في المملكة قريباً. أعرف أن الإعلام في لبنان وغيره يحاول التشكيك، لكني زرت مصر لأنه حتى قبل أن أكون رئيساً للوزراء كان يجب أن آتي إلى هنا، وأنتم ترون جدول أعمالي الحافل في لبنان، من الموازنة وغيرها، وصودف أني زرت مصر أولاً، وليس هناك أي سبب آخر».

سئل: في قانون الانتخاب دخلنا مرحلة المهل الضيقة، والجميع الآن مسافر، فما الذي سيحصل؟، فأجاب: «غداً (اليوم) سأعود إلى لبنان وسنجتمع، نحن نناقش القانون بكل إيجابية، وسترون أن القانون سيكون كما يريده اللبنانيون».

سئل: بأي صيغة؟، فأجاب: «كما يريده اللبنانيون».

سئل: في حديثك مع صحيفة «الأهرام» المصرية قلت إن الظرف غير مؤات للقائك السيد حسن نصر الله، لماذا؟، فأجاب: «تعلمون أننا الآن في مرحلة بناء هذه العلاقة، ونحن نرى أن الأمور ستسير بشكل جيد جداً في الحكومة بيننا وبين كل الأطراف السياسية، داخل الحكومة وفي مجلس النواب، فلنبن على الإيجابيات ولنترك الأمور للنتائج. لماذا نستبق الأمور؟. تعرفون موقفي في ما خص الحوار، ففي مرحلة كان فيها الجميع ضد الحوار مع حزب الله، كنت أنا مصرّاً على الحوار معه، لأني كنت أرى في ذلك مصلحة لبنان، لذلك كل شيء في وقته جيد».

سئل: هل تتوقعون عودة الدور العربي القوي لمصر؟، فأجاب: «نحن كعرب يجب أن نتعافى ويجب أن نركز على اقتصاداتنا. الرئيس السيسي يرفع اليوم شعار «مصر أولاً»، البعض انتقدني حين رفعت شعار «لبنان أولاً»، ولكني أقول إننا كلما كنا أقوى من الداخل نستطيع أن نقوم بأشياء أخرى في الخارج. مصر اليوم تعمل على تطوير نفسها واقتصادها وكل ما يتعلق بتحسين مستوى معيشة المواطن المصري، وهذا حقهم وواجبهم، وهو ما يجب أن يحصل، ولم يكن يحصل لفترات طويلة. كذلك فإن الحكومة اللبنانية تركز اليوم على استعادة ثقة الناس، فاللبنانيون يعانون الكثير من أمور الفساد والهدر التي استشرت خصوصاً في مرحلة الفراغ الذي حصل في لبنان، ونحن علينا أن نحارب هذه الأمور، وفي الوقت نفسه علينا أن ننظر إلى المواطن اللبناني ونضعه كأولوية. فأنا رئيس وزراء لبنان، والرئيس اللبناني هو رئيس جمهورية لبنان، وواجبنا خدمة اللبنانيين أولاً وأخيراً. فكما يعتبر الرئيس السيسي المواطن المصري هو الرقم واحد بالنسبة إليه، نحن يجب أن نقوي أنفسنا في الداخل ونضع المواطن اللبناني في أولويتنا. وحين تتعافى مصر إن شاء الله، ونحن كذلك، تصبح لدينا قوة عربية».

وزار الرئيس الحريري والوفد الوزاري المرافق عند الحادية عشرة، الكاتدرائية المرقسية في القاهرة، حيث كان في استقباله بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الانبا تواضروس الثاني، في حضور وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر الدين ورؤساء الأبرشيات. وتخلل اللقاء أحاديث تناولت أهمية الاعتدال وتقوية العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين.

ثم زار مشيخة الأزهر، حيث استقبله شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد محمد الطيّب، في حضور أعضاء الوفد اللبناني المرافق والوزيرة نصر الدين ووكيل الأزهر عباس شومان.

بعد الاجتماع، قال الحريري: «أردت أن أزور شيخ الازهر لأهنّئ سماحته بالمبادرات التي يقوم بها وخصوصاً المؤتمر الاخير الذي ركّز على المواطنة والعيش المشترك، وهو أيضاً ما نعيشه في لبنان، أي التركيز على المواطن العربي أينما وُجد في لبنان أو مصر، بغضّ النظر عن دينه أو إيمانه. المهم هو الوطن الذي يعيش فيه المواطن، واحترام الرأي الآخر أمر أساسي لبناء الاوطان والاجيال. وقد جئت لأؤكد ولأشجع هذه المواقف، خصوصاً أن الجميع يعرف موقفنا في ما يتعلق بالاعتدال الاسلامي، وما نراه في الازهر هو المنهج الذي نريد فعلاً أن يتم اتباعه في العالمين الاسلامي والعربي».

سئل: هل هناك تنسيق بين المرجعيات السنية اللبنانية والمصرية لمكافحة التطرف؟، فأجاب: «إن شاء الله، وفي رأيي أن هذا الامر ضروري، وهو ما يحصل حالياً، وان شاء الله يتعزز».

شروحات عن منع الحواسيب المحمولة واللوحية في الطائرات

قررت واشنطن ولندن حظر أجهزة الكمبيوتر المحمولة والألواح الإلكترونية في مقصورات الركاب على الرحلات الآتية من عدة دول عربية وتركيا.

وفي ما يلي ما نعرفه حول القرار حتى الآن:

 الاجهزة الممنوعة

– وفقاً للقرار الأميركي سيحظر إدخال كافة الأجهزة الإلكترونية التي يكون حجمها أكبر من الهواتف المحمولة الى مقصورات الركاب وستوضع داخل الأمتعة. والحظر يشمل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والألواح والألعاب الإلكترونية.

– وللرحلات المباشرة لشركات الطيران المعنية المتجهة الى بريطانيا، حددت لندن الحجم الأقصى للجهاز المسموح به والذي يجب ألا يتخطى 16 في 9,3 سنتم (6,3 ب 3,7 إنش).

 الدول المعنية

– ستبدأ الولايات المتحدة بتطبيق هذه التدابير اعتباراً من السبت المقبل على ثماني دول هي الأردن ومصر وتركيا والسعودية والكويت وقطر والإمارات والمغرب.

– وستفرض بريطانيا قيودها على تركيا وخمس دول عربية: لبنان والأردن ومصر وتونس والسعودية. وتم إبلاغ شركات الطيران بهذا القرار وأمهلت حتى السبت على أبعد تقدير لتطبيقه كما قال متحدث باسم الحكومة البريطانية.

شركات الطيران المعنية

– سيؤثر القرار الأميركي على حوالى خمسين رحلة يومية تسيرها تسع شركات طيران (الملكية الأردنية ومصر للطيران والخطوط الجوية التركية والعربية السعودية وطيران الكويت والخطوط الملكية المغربية وطيران قطر والإماراتية وطيران الاتحاد).

– أما القرار البريطاني فيشمل 14 شركة طيران: بريتيش ايرويز وايزي جت وجيت2 دوت كوم ومونارك وتوماس كوك وتومسون والخطوط الجوية التركية وطيران بيغاسوس وطيران الشرق الأوسط واتلاس-غلوبال ومصر للطيران والملكية الأردنية وطيران تونس والسعودية.

 لماذا تم فرض المنع؟

– تذرعت الولايات المتحدة بخطر وقوع اعتداءات. وقال مسؤول أميركي: «المعلومات الاستخباراتية أشارت الى أن المجموعات الإرهابية لا تزال تستهدف النقل الجوي وتبحث عن أساليب جديدة لتنفيذ هجمات كإخفاء متفجرات».

ونقلت قناة «سي ان ان» عن مسؤول في إدارة دونالد ترامب أن هذا القرار مرتبط بالتهديد الذي يطرحه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

– في لندن قال وزير المواصلات البريطاني كريس غرايلينغ أمام البرلمان «نواجه تهديداً إرهابياً دائم التطور ويجب أن نرد وفقاً لذلك». واكتفى المتحدث باسم الحكومة بالقول إن «سلامة المسافرين أولوية» رافضاً تفصيل طبيعة التهديد.

– الدول التي قد تطبق الحظر

– تدرس فرنسا تطبيق الحظر وقال المتحدث باسم الهيئة العامة للطيران المدني لفرانس برس إنه حتى الآن «لم يُتخذ أي قرار في فرنسا. هناك تحليل للتهديد تتولاه الأجهزة المختصة في مجال سلامة الطيران وهناك مباحثات وزارية جارية ستحدد ما إذا ستطبق هذه الإجراءات».

– وتدرس كندا العضو في التحالف الاستخباراتي النافذ «فايف آيز» الذي يشمل الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا ونيوزيلاندا إمكانية أن تتبع واشنطن ولندن بحسب وزير النقل مارك غارنو.

الدول الرافضة

– رفضت ألمانيا واستراليا ونويزيلاندا حالياً فكرة تطبيق إجراءات مماثلة. وقالت وزارة الداخلية الألمانية إن «ألمانيا لا تتوقع حالياً تطبيق إجراء مماثل».

رد فعل الدول المعنية

– حتى الآن صدر رد فعل عن تركيا فقط بعد أن طلب وزير النقل أحمد ارسلان من الولايات المتحدة «العودة» عن هذا القرار أو «تخفيفه» مشيراً الى أنه سينعكس سلباً على شركة الطيران التركية وبالتالي على اقتصاد البلاد.

وأول من أمس شكك وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في فعالية القرار الأميركي. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن الوزير قوله «يمكن لإرهابي من داعش أن يصعد الى طائرة من أي بلد».

وقالت المنظمة الدولية للطيران المدني إن كل بلد يجب أن يقرر ما إذا كان سيتخذ إجراءات أمنية مثل الحظر البريطاني والأميركي على حمل الأجهزة الإلكترونية على متن الطائرات التجارية.

إلا أن المنظمة أكدت على أن أبحاثها على المواد الخطرة على النقل «خصوصاً الحوادث المتعلقة بالأجهزة التي تحتوي على بطاريات الليثيوم يمكن تخفيفها بشكل أكثر سهولة في حال كانت في المقصورة وليس في مخزن الأمتعة في الطائرة».

صحيفة الجمهورية _لبنان* الجمهورية

نيسان شهر بتّ الملفات أو إشعال الأزمات؟!.. والراعي يُحذِّر من «الإضمحلال»

لم يعد في الميدان سوى نيسان، فجاة صُنِّف هذا الشهر على أنه شهر الخلاص، فرُحِّلت اليه الملفات الحساسة مقرونة بما يشبه الحسم من القوى السياسية الأساسية بأنه سيحمل الفرج المنتظر بإحداث ثغرة في الجدار المسدود وولوج باب المخارج، والحلول، إن في ما خصّ سلسلة الرتب والرواتب التي أخذت استراحة موقتة وعُلِّق الحراك المطلبي حولها إذ لعلّ الرياح الربيعية تهبّ عليها في نيسان وتنأى بها عن عاصفة الضرائب والرسوم التي ضربتها وذوّبت تقديماتها قبل أن تُعطى الى مستحقّيها من الموظفين، أو في ما خصّ القانون الانتخابي الذي أحيط بوعود سياسية من القوى الكبرى بحراك جدي ومُنتج غير الحراك السابق الذي دار في متاهات السياسة والمصالح والطروحات العشوائية.

وسط هذا الجو الملبّد، برز موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي حذّر من «خطر اضمحلال دور لبنان، جرّاء الخلل الديموغرافي الناتج عن عدم توازن العدد بين المسلمين والمسيحيين، وايضاً جرّاء الحرب السورية والكمّ الكبير من النازحين السوريين الذين باتوا يشكلون مع اللاجئين الفلسطينيين نصف عدد سكانه، ويزاحمون اللبنانيين على لقمة العيش ويشكلون عبئاً على الإقتصاد اللبناني، الأمر الذي يدفع بالكثير من اللبنانيين، وخصوصاً المسيحيين، الى الهجرة.

إذًا، تمّ إلقاء كل الحِمل السياسي والاقتصادي والمعيشي على نيسان، واللبنانيون دخلوا في رحلة انتظار ما سيحمله الآتي من الايام، فقد تعلّموا من التجارب السابقة الّا يصدّقوا شيئاً إلّا ليلمسوا بأيديهم الانتقال من العتمة الى الضوء، خصوصاً انّ المناخ السياسي لم يتحرّر بعد من أسر الانقسامات والتباينات الحادة حول كل الملفات، وبالتالي يُبقي الخشية قائمة من أن ينتهي نيسان كما يبدأ عادة، بكذبة تُحبط كل الآمال المعلّقة عليه.

فالسلسلة معلّقة حالياً بوعد جديد بإقرار سريع لها في المجلس النيابي كحق للموظفين، وبمعزل عن الايرادات وتغطية كلفتها التي هي من مسؤولية الحكومة، إنما ذلك لن يتم قبل بناء الهيكل الانتخابي بقانون جديد، وهو أمر يريح الهيئات الاقتصادية التي ما زالت تحذر من أن تلتفّ السلسلة على خناق مالية الدولة بارتدادات سلبية تأخذ البلد الى انهيار حتمي، الّا أنه في المقابل يضع الحركة المطلبية والنقابية في موقع القلق الشديد من أن يكون نيسان شهر النسيان وطَمس كل المطالب والحقوق، وعلى ما يقول بعض النقابيين لـ«الجمهورية»: من الصعب الرهان على أن يصلح نيسان ما أفسدته سنوات من المماطلة، بل ما نتوقّعه هو محاولة وضع سلسلة الرواتب أمام جولة جديدة من سياسة الهروب الى الامام على نحو ما اعتَدنا عليه طيلة السنوات الاخيرة، تُلقي بها في الادراج مجدداً، وتذهب بحقوق الموظفين ومستحقي السلسلة أدراج الرياح، وهذا المنحى يُنذر حتماً بحراك تصعيدي مفتوح غير محدد بزمن او بسقف.

الملف الانتخابي

وامّا على الضفة الانتخابية، فتؤشّر الوقائع المحيطة بها الى انّ النار قد توهّجت أكثر من أيّ وقت مضى لإنضاج طبخة القانون، والاجتماعات واللقاءات التي تَتالَت في الايام القليلة الماضية وخصوصاً بين الرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل ووزير المال علي حسن خليل وممثل «حزب الله» النائب علي فيّاض، والتي توزّعت بين بيت الوسط ووزارة المالية ووزارة الخارجية، تُوحي، كما مصادر مُشارِكة فيها لـ«الجمهورية»، بأنّ المناخات التي تعقد في ظلها هذه اللقاءات والاتصالات، والليونة التي يظهرها كل طرف، تعزّز الاعتقاد بأنّ الاقتراب من قواسم مشتركة بات ممكناً، لكن حتى الآن لا شيء ملموساً يمكن الركون اليه والقول إنه تمّ بناء الجسر الصلب للعبور الى القانون الانتخابي المطلوب.

وتتحدث المصادر نفسها عن اتفاق جدّي بين القوى السياسية بوجوب الوصول الى صيغة انتخابية خلال الشهر المقبل. وثمّة تصميم رئاسي على بلوغ هذه الغاية في فترة أيام وليس أسابيع، وتلفت في الوقت نفسه الى انّ البحث بين القوى المذكورة بات محصوراً بصيغتين، أي الصيغة الأخيرة التي طرحها الوزير جبران باسيل، والثانية صيغة النسبية الكاملة.

على انّ اللافت للانتباه هو انّ تلك المصادر لم تؤكد ما اذا كان البحث يجري بجدية حول إمكانية المضيّ بصيغة باسيل وجعلها أساساً جدياً للقانون الجديد، او المزاوجة بينها وبين صيَغ أخرى للنظام المختلط، بل انها أشارت الى ما وصفتها الليونة الحقيقية حيال النسبية من كل الاطراف، وانّ البحث يجري حول ايّ نسبية هي الأنسب، هل يمكن اعتمادها على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة او نسبية موسّعة على أساس المحافظات الكبرى او الوسطى؟ ويبدو انّ هذا الامر هو الأكثر ترجيحاً حتى الآن.

وتلفت المصادر الانتباه الى انّ ما يُحمّس القوى السياسية المذكورة على بلورة قانون جديد، هو اجتماعها كلها على ثابتة انّ قانون الستين قد انتهى ولا رجعة اليه.

وكذلك خوفها من «الشَرّين» الذي يتمثّل أحدهما من جهة بالفراغ الذي تتفق القوى السياسية كلها على انه أخطر ما قد يبلغه الوضع في ما حال نَحَت الأمور اليه، وأمّا الثاني فيتمثّل بالتمديد لمجلس النواب وهذا الخيار هو الأقوى حتى الآن باعتراف القوى السياسية التي تصرّح بذلك في الغرَف المغلقة، وتُحاذِر التصريح به علناً.

وفي ظل هذا الجو تُبدي المصادر تفاؤلاً حذراً حيال إمكان بلورة قانون انتخابي توافقي خلال الشهر المقبل، مشيرة الى انّ الاتصالات ستنطلق بوتيرة سريعة، والمبدأ الذي نعتمده هو مراعاة كل الهواجس المطروحة، وإن تمكنّا من الوصول الى الغاية المرجوة، عندها لن تكون صعبة عملية إقناع القوى السياسية الاخرى غير المشاركة بشكل مباشر في الاتصالات التي تجري، إذ ليس هناك من طرف مُستبعَد عن هذه اللقاءات، فكل الاطراف تضع كل الاطراف في صورة النقاشات التي تجري وتفاصيلها، ويؤخَذ بملاحظاتها وبما تطرحه من هواجس، الّا اذا كان هناك من يريد ان يعترض لمجرد أن يعترض، فهذا كلام آخر لا نستطيع أن نترجمه.

بري والحريري: وعد

ولقد شَكّل الملف الانتخابي وكذلك موضوع السلسلة محور النقاش بين رئيس مجلس النواب نبيه بري و«نواب الأربعاء»، فيما أكّد رئيس الحكومة سعد الحريري من مصر: «سأعود اليوم الى بيروت، وسنجتمع، ونحن نناقش الموضوع الانتخابي بكلّ إيجابية، وسترون أنّ القانون سيكون كما يريده اللبنانيون».

ونَقل «نواب الأربعاء» عن بري قوله: «اذا كان عدم إقرار السلسلة إفقاراً، فإنّ عدم إقرار قانون الإنتخاب هو انتحار».

وإذ أكد انّ السلسلة قادمة، وهي ستقرّ لا محال، مشيراً الى انّ شهر نيسان لن يمر من دون إقرارها. قال: «أمامنا أسبوعان او ثلاثة للوصول الى قانون جديد للانتخاب وإلّا فنحن نسير نحو المجهول.

وكما قلت سابقاً فإنّ على الحكومة أن تتحمّل مسؤولياتها بالنسبة للقانون وللسلسلة بإقرارهما وإحالتهما الى المجلس. فقد تألفت هذه الحكومة على قاعدة أنها حكومة الانتخابات وإنجاز الموازنة ومتمّماتها. وشدّد أيضاً على تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مشيراً الى انّ هناك أكثر من 35 قانوناً لم تبادر الحكومة الى تطبيقها او إصدار المراسيم التطبيقية لها.

الجميّل… تغيير النظام؟

وقال رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل لـ«الجمهورية»: «ما زلنا على موقفنا من القانون الانتخابي لناحية إقرار قانون يقوم على الدائرة الفردية او النسبية في الدوائر الصغيرة».

ورداً على سؤال عمّا اذا كان يشارك المتفائلين بأنّ شهر نيسان قد يكون شهر الحل الانتخابي؟ أجاب: «إن شاء الله انا أتمنى ذلك، ولكن بصراحة اقول أنا شخصياً لا ارى ايّ شيء من هذا القبيل ولم ألمس ايّ طرح جدي».

وحول الطروحات عن الذهاب الى نسبية كاملة على صعيد لبنان دائرة واحدة، قال الجميّل: «النسبية الكاملة تعني تغييراً جذرياً في النظام السياسي وفي الطائف والدستور، فهل سيذهبون الى هذا الحد؟ لا أعرف».

شمعون… التمديد

وقال رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون لـ«الجمهورية» إنه ينظر الى الكلام حول انّ شهر نيسان هو شهر الحلول الانتخابية، من أوّله (في إشارة الى كذبة أول نيسان). وإذ لاحظ عدم وجود جدية في مقاربة الملف الانتخابي، قال: «كل طرف يُفصّل على مقاسه»، مُستبعداً إجراء الانتخابات في موعدها، ومُرجّحاً أن يصلوا في نهاية الأمر الى خيار التمديد لأنفسهم.

وعندما قيل له انّ رئيس الجمهورية يرفض هذا التمديد، أجاب شمعون: «أنا سمعته، لكنّ تصرفات الكتل النيابية تَشي بعدم وجود جدية بالوصول الى قانون جديد، وأتمنى ان أكون مخطئاً».

الإشتراكي لـ«الجمهورية»

وقال مصدر في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الجمهورية»: «ما زلنا ننتظر مثل غيرنا، نحن نتابع حركة الاتصالات التي تجري، نقاربها بإيجابية، ولكن لا نستطيع أن نقول انّ هناك تقدماً في أيّ اتجاه».

ورداً على سؤال، ذكّر المصدر بما سبق وأشار اليه النائب وليد جنبلاط حينما استَسخَف حديث البعض عن الاحجام، التي هي ليست بالأرقام، وكذلك تذرّع البعض الآخر بوجود هواجس لديه، لينسج عليها تعقيدات معينة.

وقال: «إننا في «اللقاء الديموقراطي» والحزب التقدمي الاشتراكي لم نشكّل يوماً عقبة في طريق الوصول الى قانون عادل يراعي الجميع، لدينا أفكار نعتبرها سبيلاً الى الحل، وقد قدّمناها الى الرئيس نبيه بري، الذي نعتبره المرجع الصالح في الدفع نحو القانون المثالي».

موازنة… ومليارات

من جهة ثانية، عمّمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أمس، جدول أعمال الجلسة العادية التي سيعقدها المجلس عند الرابعة من عصر غد في السراي الحكومي وعلى جدول أعمالها 69 بنداً، أبرزها: إعادة قراءة لمشروع موازنة العام 2017، ورصد الإعتمادات للامتحانات الرسمية وبدلات التعاقد للمدرّسين المتعاقدين، رصد 9 مليارات للهيئة الناظمة للاتصالات من بينها رواتب وأجور، 12 ملياراً لموازنة الجيش بدل ثمن أدوية، 250 مليوناً للمسح الجوي للعوائق المحيطة بالمطار والبحث في تقرير اللجنة الوزراية الخاصة بتجهيزات المطار و6 مليارات لتوسعة طريق اجدبرا – بجدرفل من أوتوستراد البترون – تنورين.

وفي جدول الأعمال ايضاً أحكام قضائية وأخرى تتصل بالإتفاقيات التي يوقّعها لبنان في اجتماع اللجنة الوزارية العليا اللبنانية – المصرية الجارية في القاهرة ومجموعة مذكرات تفاهم و21 بنداً خاصة بالهِبات.

بين «الإفقار» و«الإنتحار»

أن يقول رئيس مجلس النواب نبيه برّي إنه «إذا كان عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب لمستحقّيها إفقاراً، فإنّ عدم إقرار قانون انتخاب جديد هو انتحار»، ففي هذا القول ما يدلّ إلى خطورة الدركِ الذي وصَلت إليه البلاد سياسياً واقتصادياً ومالياً ومعيشياً، مع ما يمكن أن يترتّب على ذلك من مخاطر أمنية.

هذه المعادلة التي يقيمها كلام برّي عن «الإفقار» و«الانتحار» تعبّر في رأي فريق من السياسيين، عن واقع الحال، فسِلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام التي تجرّ بأذيالها منذ سنوات وسنوات هي تعبير عن واقعِ البلاد المأزوم ماليّاً واقتصادياً ومعيشياً والذي بلغَ في هذه المرحلة درجةً عالية الخطورة، بما يهدّد الاستقرار العام للبلاد عموماً في ظلّ ما يسود من مخاوف على الوضع المالي على رغمِ إجراء ما سُمّي «الهندسة المالية»، وكذلك في ضوء ما يُحكى عن احتمال إجراء تغييرات في «القيادة المالية»، إذا جاز التعبير.

لذلك، يرى هؤلاء السياسيون أنّ برّي في حديثه عن «الإفقار» في حال عدمِ إقرار السلسلة لأصحابها، إنّما يدقّ ناقوس الخطر على الوضع المعيشي، إذ لا يمكن المستفيدين من السلسلة وهُم شريحة كبيرة جداً من اللبنانيين أن يتحمّلوا تأجيلاً إضافياً لإقرارها، وكذلك لا يمكن لبنان باقتصاده وناسِه تحمُّل مزيد من التدهور في المستوى المعيشي الذي بلغَ الخطوط الحمرَ نتيجة ضرائب جديدة، خصوصاً في ظلّ تفاقمِ أزمة النزوح السوري وضغوطها على الاقتصاد اللبناني، وهذه الأزمة كان بري السبّاقَ إلى التحذير من مخاطرها منذ أيامها الأولى اقتصادياً ومالياً وأمنياً، إذ ليس هناك في الأفق أيّ مؤشّرات على حلّ عمليّ لهذه القضية، بغَضّ النظر عن الحلّ السياسي المنتظر للأزمة السورية والذي ما يزال بعيداً ولا يمكن أحد التكهّن بموعده.

ما يعني أنّ ضغوط النزوح مستمرّة على اقتصاد لبنان ومعيشةِ اللبنانيين إلى أجلٍ غير معلوم، ولن تنفعَ معها أيّ معالجات، سواء بإقرار السلسلة أو غيرها، علماً أنّ الأسعار التي ارتفعت ابتداءً من الأسبوع الماضي قد بخّرَت كلّ ما ستعطيه هذه السلسلة للمستفيدين منها من جهة، وفاقمَت الوضعَ المعيشي من جهة ثانية إلى حدود «الإفقار» الذي يحذّر منه رئيس مجلس النواب.

وأمّا «الانتحار» الذي يحذّر منه بري في حال عدم إقرار قانون الانتخاب العتيد، فهو سيَنجم من تفاقم الأزمة السياسية في حال عدم إنجاز الاستحقاق النيابي وفق قانون انتخاب جديد ينتِج سلطة سياسية جديدة متوازنة تستطيع إدخالَ البلاد في انفراج سياسي ينعكس تلقائياً انفراجاً مالياً واقتصادياً ومعيشياً.

ويَعتقد هؤلاء السياسيون أنّ تحذير بري من «الإفقار» و»الانتحار» ينطوي على تحفيز وحضّ على إقرار سلسلة الرتب والرواتب في موازاة إقرار قانون الانتخاب العتيد، بل إنّ هذا التحذير سيَجعل من هذين الأمرين حتميَين، بحيث لن يتكرّر تأجيل البتّ بأيّ منهما مثلما حصَل منذ العام 2009 وحتى الآن في شأن قانون الانتخاب، ومنذ العام 2012 وحتى الآن في شأن السلسلة «التي لم ينتهِ مسلسلها فصولاً بعد».

فعدم إقرار قانون انتخاب، سيَحول دون إجراء الانتخابات، ما يدخِل البلاد في فراغ نيابي، خصوصاً أنّ المسؤولين قد ألزَموا أنفسَهم بموقف باتوا أسراه وهو أنّهم لن يقبلوا بإجراء الانتخابات إلّا على أساس قانون جديد، ولن يكون في إمكانهم القبول بإجرائها على أساس قانون الستين النافذ، وهذا ما يرتّب عليهم مسؤولية دفعِ مختلف الأفرقاء السياسيين الى الاتّفاق على قانون انتخاب حتى إذا استوجب الأمر تمديداً لولاية المجلس الحالي، فيكون لمدّة قصيرة، علماً أنّ مجرّد إقرار مِثل هذا القانون يَجعل من فترة التمديد مسألةً غير مهمّة طالما إنّ الانتخابات ستجرى وفقَ القانون الجديد.

وفي الموازاة، سيكون على المسؤولين أيضاً مسؤولية دفعِ المعنيين في اتّجاه إقرار سلسلة الرتب والرواتب والخروج من دوّامة الاعتراضات من هنا وهناك، وكذلك توفير المصادر اللازمة لتمويلها وعدم فرضِ أيّ ضرائب تصيب المواطنين في معيشتهم وتجعل من السلسلة عبئاً إضافياً عليهم بدلاً من أن تكون عاملاً محسّناً ومحصِّناً لمستوى معيشتهم المتدنّي إلى حدود الفقر.

«ثلاثية» القانون الجديد: نسبي، دوائر «مرحرحة» وتمديد 90 يوماً

لا كتل «منفوخة» والجميع عائدون

ما وراء جدران وزارتي الخارجية والمال و»بيت الوسط» وعين التينة، «الشغل ماشي»، سعياً الى قانون انتخاب جديد و»الحكي قليل». فبعد تفكيك سلسلة المشاريع المقترَحة يبدو أنّ الطبّاخين اقتربوا من توليد قانون جديد تحت سقف من ثلاث ثوابت وما دونها مسموح: لا انتخابات بلا هذا القانون، اعتماد النسبية الكاملة، لا تمديد للمجلس لأكثر من 90 يوماً. كيف ولماذا؟

في الكواليس الرئاسية والسياسية الضيقة يجري التداول بمجموعة مقترحات وأفكار يمكن أن تقود الى مشروع قانون جديد للإنتخاب في مهلة أقصاها منتصف نيسان المقبل إن لم يكن قبله بقليل.

فحصيلة المشاورات والمقترحات الجديدة، وخصوصاً تلك التي حملها الثنائي الشيعي في قراءتهما للمشروع الأخير لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل أدّت الى نسفه بكامله وتوليد قانون جديد بعيد عما قال به ومعه سلسلة المشاريع السابقة التي تهاوت تباعاً، ما أهّله لأن يحمل صفة «القانون شبه النهائي».

وعليه، فقد أسقط المشروع الجديد الذي يخضع للنقاش الجدي الى غير رجعة، مفهومين أساسيين ارتكز عليهما مشروع باسيل الأخير الذي لم يحظَ سوى بموافقة «القوات اللبنانية». وهما:

– الأول، سقوط منطق التأهيل في المرحلة الأولى وفق ما سُمّي «القانون الأورثوذكسي» على خلفية الهواجس والمخاوف التي يمكن أن يتسبّب بها مثل هذا النظام المذهبي في بلد يخشى تفشي المذهبية التي نمت في عدد من المناطق اللبنانية، والتي يمكن أن تنتج موجات هستيرية مذهبية قد تتسبّب بـ«تسونامي» لا يعرف أحدٌ الى ما يمكن أن يقود اليه في بلد وضعت فيه كل الإمكانات المحلية والإقليمية والدولية لإبعاد هذه الكأس المرّة عن أبنائه.

– الثاني، سقوط مفهوم «القانون المختلط» بين النظامين النسبي والأكثري بـ«الضربة القاضية». فهو اعتبر بإجماع واسع الطريق الأقصر والبوابة المفتوحة الى الطعن امام المجلس الدستوري. فهناك عدد ممَّن يمتلكون هذا الحق أنجزوا مطالعاتهم التي تقود الى إبطاله. فهو مناقض لكلّ ما يقول به الدستور، وخصوصاً افتقاره الى مبدأَي العدالة والمساواة.

وعلى خلفية سقوط هذين العنصرين لم يعد ممكناً القانون الجديد أن يتحدث عنهما لأيّ سبب كان وفي أيّ ظرف تحت سقف الرعاية الدولية والإقليمية للملف اللبناني. وكل ذلك بهدف إبعاد الساحة اللبنانية عن أيّ مواجهة إسلامية – مسيحية كما عن المواجهة القائمة بين السنّة والشيعة على أكثر من ساحة عربية وإسلامية من سوريا الى العراق والبحرين وصولاً الى المملكة العربية السعودية على خلفية النزاع المفتوح على شتى الإحتمالات بين النظامين السعودي والإيراني.

والى هذه المعطيات، فقد كشف المتعاطون بسلسلة القوانين المطروحة أنّ الرئيس سعد الحريري كان أوّل مَن اقترب في اتجاه القبول بالنسبية الكاملة وقد تبلّغ اصدقاء له وقربيون من فريقه بهذه الخطوة التي سمحت بتقدم الطرح الذي أصرّ عليه الثنائي الشيعي في الفترة الأخيرة وهو ما لمّح اليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عصر السبت الماضي عندما تحدث عن عناصر جديدة تؤدّي الى إحياء اجتماعات «اللجنة الرباعية» وهو ما ترجمته الاجتماعات التي عُقدت في وزارة الخارجية منذ ليل الأحد – الإثنين أولاً ومن بعدها في وزارة المال و«بيت الوسط» وعين التينة قبل أن يفترق أطراف الرباعية نتيجة توزعهم ولأيام عدة ما بين اجتماعات اللجنة الوزارية اللبنانية ـ المصرية المشتركة في القاهرة وواشنطن في انتظار استئناف البحث في المشروع الجديد فور عودتهم جميعاً الى بيروت نهاية الأسبوع الجاري.

والى هذه المعطيات ففي الكواليس أنّ النقاش سيُستأنَف السبت المقبل من حيث وصلت الرباعية للبتّ ببقية بنود مشروع القانون الجديد. وهي تتعلق بتقسيم الدوائر الإنتخابية بصيغة جديدة ترفع من عدد الدوائر الإنتخابية لتتوسّع ولتكون «مرحرحة» لتستوعب الخصوصيات السياسية والحزبية التي لم تعد حكراً على الدرزية منها فحسب.

فللثنائي الشيعي ومعهما الحريري لائحة جديدة بالخصوصيات السياسية والطائفية. فأضافوا الى الخصوصية الدرزية ـ الجنبلاطية في عاليه والشوف أخرى مارونية لـ«المردة» في الشمال، وثالثة سنّية وكاثوليكية في البقاع الغربي وزحلة تراعي تمثيل القوى السياسية في هذه المناطق.

وعليه فقد ظهر جلياً وبنحو صريح أنّ المشروع الجديد عاد الى اعتماد التقسيمات التي قال بها مشروع الوزير مروان شربل الذي أُقرّ في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وسيأخذ بالحد الأقصى من الدوائر التي تحدث عنها الى حدود الدوائر الستة عشر وفق المقاربات التي أجراها القانون من 10 دوائر الى 16 دائرة تتّسع للمكوّنات السياسية كافة.

ولذلك يتوقع أن يُسقِط القانون الجديد كثيراً من مشاريع توسيع الكتل النيابية التي سعى اليها الثنائي المسيحي أولاً، وتحجيم ما هو قائم منها على الساحة المسيحية بالإضافة الى كسر الإحتكار السنّي الذي يطمح تيار «المستقبل» الى تجديده. فكثير من البيوتات السياسية لن تقفل بأيّ قانون، ومَن اعتقد أنه اتى بالعهد عليه ان يقبل اليوم ويقتنع بحجمه الطبيعي، فلا كتلَ «منفوخة» في المجلس الجديد.

وللعهد رعاته وليس لكل مَن صوّتوا له في ساحة النجمة مواقع متشابهة ومتوازنة، ومشاريع الإلغاء سقطت الواحد بعد الآخر، بدليل مشاريع القوانين التي باتت في سلة المهملات.

صحيفة اللواء*اللواء

تفاؤل حكومي بإنجاز قانون الإنتخاب وإقرار السلسلة في نيسان

الحريري بعد لقاء السيسي يُؤكّد على وحدة الموقف في قمّة عمّان وعلى العلاقة الممتازة مع السعودية

كانت ملائكة الأجندة اللبنانية الداخلية من قانون الانتخاب إلى سلسلة الرتب والرواتب، إلى الموازنة ومكافحة الإرهاب، حاضرة في القاهرة وواشنطن، إن لم يكن مباشرة، فعبر اللقاءات الجانبية للوزراء المشاركين في الوفد المرافق للرئيس سعد الحريري في زيارته للقاهرة التي بدأت الثلاثاء وتختتم اليوم، على ان يعود الى بيروت بعد ان يكون ترأس إلى جانب نظيره المصري شريف إسماعيل اجتماع اللجنة العليا المشتركة اللبنانية – المصرية في دورتها الثامنة والتي توقفت منذ سبع سنوات، ويهدف تحريك اجتماعاتها الى إعادة احياء التبادل والتعاون الاقتصادي بين البلدين.

وبدا الرئيس الحريري، في رده على أسئلة الصحافيين، أكثر تفاؤلاً بوحدة الموقف اللبناني والكلمة التي سيلقيها الرئيس ميشال عون في القمة العربية والتي «تمثل لبنان وطموح اللبنانيين»، على حدّ تعبيره.

ورداً على سؤال، قال: «نناقش قانون الانتخاب بكل إيجابية، وسترون أن القانون سيكون كما يريده اللبنانيون»، واصفاً لبنان بأنه «نموذج للاعتدال والعيش المشترك بين الأديان والطوائف، كما هي حال مصر»، كاشفاً انه «سيزور المملكة العربية السعودية في وقت قريب»، واصفاً العلاقة مع المملكة «بالممتازة».

وجاءت مواقف الرئيس الحريري بعد اللقاء الذي جرى مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عند العاشرة من قبل ظهر أمس في قصر الاتحادية، في حضور نظيره المصري إسماعيل، والذي استمر ساعة، وحضر جانباً منه الوفد الوزاري المرافق.

وقال مصدر لبناني أن العلاقات الثنائية بين لبنان ومصر، وكيفية دفعها إلى الامام، كانت في مقدمة المحادثات.

وأشار هذا المصدر إلى أن الرئيس السيسي تحدث عن الأوضاع التي تمر بها المنطقة، وتصور مصر لمواجهتها، سواء في ما يتعلق بالتطرف والإرهاب، وأهمية الاعتدال، أو الوضع في سوريا، والتحضيرات الجارية للقمة العربية، وما يمكن ان تشكله لجهة احياء التضامن العربي إزاء المشكلات التي تعاني منها البلدان العربية والإسلامية.

وشرح الرئيس الحريري، وفق المصدر، تطوّر الأوضاع في لبنان، بعد انتخابات الرئاسة وتشكيل الحكومة، وما اشاعته من أجواء انفراج في البلاد، مؤكداً على أهمية الاعتدال والتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وحشد الطاقات المشتركة بين لبنان ومصر.

ووصف المصدر اللقاء مع الرئيس السيسي بأنه كان على درجة من الأهمية نظراً لوضوح الرؤية، وتأكيد مصر على القيام بدورها بمعالجة الأزمات التي يمر بها العالمان العربي والإسلامي.

وحرص الرئيس الحريري بعد استقبال الرئيسي السيسي له والوفد المرافق، على زيارة بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية البابا تواضروس الثاني، ثم زيارة شيخ الأزهر الامام الأكبر احمد الطيب مهنئاً اياه على المبادرات التي يقوم بها، وخاصة مؤتمر المواطنة والعيش المشترك.

مجلس الوزراء

ووجه الرئيس الحريري دعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء بعد ظهر غد الجمعة في 24 الجاري في السراي الحكومي، وفي مقدمة جدول الأعمال المؤلف من 69 بنداً عادياً استكمال دراسة الموازنة، انطلاقاً من الصيغة النهائية التي اعدتها وزارة المال المتعلقة بتعديل الارقام لبعض الوزارات، وفقاً لما اتفق عليه في الجلسة الأخيرة.

وتوقع مصدر وزاري، رداً على سؤال لـ«اللواء» إقرار المشروع في جلسة الغد، ذات الرقم التسلسلي 13 وإحالته من ثم إلى المجلس النيابي، من دون ان يستبعد عقد جلسة أخرى في القصر الجمهوري، بحيث تقر الموازنة وتحال في الجلسة التي يترأسها رئيس الجمهورية.

وكشف هذا المصدر أن مشروع قانون موازنة العام 2017 ما زال منفصلاً عن مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب.

السلسلة
وفي ما خص سلسلة الرتب والرواتب، كانت المعلومات والمواقف التي صدرت عن رئيس المجلس نبيه برّي في واجهة الاهتمام المطلبي والنقابي والاقتصادي انطلاقاً مما سمعه النواب من رئيس المجلس من أن على الحكومة توفير الإيرادات للسلسلة كما التزمت بذلك في بيانها الوزاري، وان دور المجلس هو مناقشة المشروع واقراره.

وهذا الموقف فتح الباب امام اجتهاد مؤداه أن الرئيس برّي يلمح إلى امكان سحب السلسلة من المجلس وإعادة تقديمها اليه بعد توفير الواردات ليتسنى له متابعة مناقشتها، ومن ثم اقرارها.

إلا أن وزير العمل محمّد عبد اللطيف كبارة نفى لـ«اللواء» ان يكون في وارد الحكومة استرداد مشروع سلسلة الرتب والرواتب، وإعادة ضمها إلى مشروع موازنة العام 2017، مشيراً إلى ان هذا الموضوع غير مطروح على جلسة مجلس الوزراء الجمعة والتي يفترض ان تعيد صياغة الأرقام النهائية للموازنة بعد درسها في 12 جلسة وزارية.

ولفت إلى ان الرئيس برّي لم يقل شيئاً عن استرداد السلسلة، وأن كان حدّد الأولويات بقانون الانتخاب ومكافحة الفساد وتشكيل الهيئة الوطنية لمكافحته، مرجحاً ان تقر السلسلة في المجلس ومن بعدها مشروع الموازنة.

وكشف رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر نقلاً عن الرئيس برّي ان السلسلة ستقر في القريب العاجل، فيما ذهب رئيس رابطة التعليم الثانوي نزيه جباوي إلى ان الرئيس برّي قال لوفد الرابطة ان السلسلة قائمة وستقر خلال شهر، واعداً الأساتذة الثانويين بإعطائهم ست درجات بدل خمس، ورفع حصة الموظفين المتقاعدين في السلسلة.

وجدّد جباوي دعوة الجمعيات العمومية بدءاً من يوم الاثنين 27 الجاري إلى تعليق الإضراب أسبوعين لإنقاذ العام الدراسي، بعد ان كانت الجمعيات العمومية رفضت تعليق الإضراب بدءاً من اليوم، وهو القرار الذي اتخذته رابطة التعليم المهني والتقني لاستئناف الدروس.

ودافع رئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان عن الضرائب المفروضة على السلسلة، لا سيما على القطاع المالي والمصارف والشركات، والتي عارضها رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، معتبراً ان أي ضريبة مهما كان نوعها من شأنها ان تطال سائر المواطنين اغنياء كانوا أم فقراء.

على ان المفاجئ كانت مبادرة إدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي) إلى رفع أسعار السجائر، في خطوة وصفها مديرها العام ناصيف سقلاوي بأنها لمصلحة الخزينة، ولو كانت الضرائب لم تقر بعد على السجائر والسيغار والتبغ على اختلافها.

وفي خطوة استباقية أيضاً بدأت إدارات المدارس الخاصة إعادة النظر بالاقساط المدرسية، بدءاً من العام المقبل، تحسباً لمطالبة نقابة المعلمين في القطاع الخاص مساواتهم بزملائهم في القطاع العام عندما تقر السلسلة وفقاً لتأكيدات الحكومة والمجلس النيابي عن حدّ سواء.

وطالب وفد من نقباء المهن الحرة الرئيس عون لإدخال تعديلات على بعض بنود قانون الإجراءات الضريبية رقم 44/2008، ومنها ما يتعلق بإجراءات التبليغ واسترداد الضريبة، وضريبة الأملاك المبنية المتصلة بالشغور، ووعد الرئيس عون النقباء بدرس هذه المواضيع مع الجهات المعنية، مؤكداً على مبدأ العدالة والمساواة.

قانون الانتخاب

اما على صعيد قانون الانتخاب الذي حل في مرتبة الاهتمام الأولى، فخارج مواقف الطمأنة، سواء التي صدرت عن الرئيس برّي في لقاء الأربعاء النيابي، والذي حدّد ثلاثة أسابيع لظهور القانون، أو الرئيس الحريري الذي طمأن بأن شهر نيسان هو شهر القانون الجديد، فإن أوساط بعبدا تحدثت عن ان الرئيس عون أبلغ من يعنيهم الأمر انه لن يبقى صامتاً إلى ما لا نهاية، وهو حدّد مهلة زمنية للتدخل، وتقديم رؤيته لعدم ذهاب البلد إلى المجهول.

ومع هذه المواقف، بقيت سيناريوهات عدم التوصّل إلى قانون جديد للانتخاب في واجهة الاهتمام، في ضوء رفض الرئيس عون المطلق التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، أو السماح لتكتل «الاصلاح والتغيير» المشاركة في أية جلسة للتمديد مجدداً للمجلس النيابي، باستثناء التمديد التقني، وذلك بعد إقرار قانون الانتخاب في مهلة زمنية تتراوح بين 3 و4 أشهر، ورفض الرئيس برّي المطلق لأي فراغ في السلطة التشريعية، وهو ما أشار إليه صراحة في كلامه من ان عدم إقرار قانون جديد للانتخاب هو بمثابة «انتحار».

البرلمان البريطاني هدفا للإرهاب

44  قتيلاً وجريحاً… وماي تعتبر الهجوم مخططاً له

عاشت لندن أمس فصلاً إرهابيا غير مسبوق، بث الذعر في نفوس البريطانيين واستدعى استنفارا أوروبيا واميركيا، حيث هاجم شخص كان يقود سيارة بعد سلسلة من الدهس لمارة، مبنى البرلمان خلال انعقاده أمس بحضور رئيسة الحكومة تيريزا ماي، حاملا سلاحا ابيض طعن به حارسا خارجيا، قبل أن يسقط صريعا برصاص الشرطة. وعلى الفور تم اجلاء ماي والنواب الى جهة آمنة.

ومساء أمس اعلنت ماي أن مستوى التهديد الارهابي في المملكة لن يتغير على الرغم من الاعتداء الذي اوقع ٤ قتلى 40 جريحا.

وقالت ماي في خطاب متلفز من أمام مقر رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت إن «مستوى التهديد الارهابي في بريطانيا تم تحديده منذ فترة عند مستوى الخطر الشديد، وهذا الامر لن يتغير».

وأضافت ماي إن بلادها ماضية بمحاربة الإرهاب أينما كان مؤكدة أن الهجوم لم يكن عفوياً بل كان مخططاً له وهدفه واضح لأن الشخص قد هاجم أقدم برلمان في العالم.

وأضاف المسؤولة البريطانية أن الناس في بلادها سيعودون لحياتهم الطبيعية غداً.

وكانت مصادر مطلعة قالت أن البرلمان البريطاني كان في صدد مناقشة تدخلات النظام الإيراني في بلدان الشرق الأوسط وضرورة وضع الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب، وطرده وجميع الميليشيات التابعة له من سوريا وسائر دول المنطقة كما سيتطرقون إلى موضوع القمع والإعدامات داخل إيران.

وبعد ساعات من الهجوم ثار لغط كبير في الاعلام البريطاني حول هوية المنفذ حيث نفت القناة البريطانية الرابعة من كانت نشرته سابقا حول شخصية المهاجم الذي قالت انه ابو عز الدين اذ تبين انه هذا الشخص قيد الاعتقال.
وكانت الشرطة البريطانية أعلنت إنها تتعامل مع الحادث على أنه حادث إرهابي حتى يثبت العكس.

وصدرت الكثير من ردود الفعل العربية والعالمية الغاضبة، التي تندد بالهجوم وتعرب في الوقت ذاته عن تأييدها وتضامنها مع بريطانيا في مكافحة الإرهاب.

مفاوضات جنيف اليوم على وقع المعارك

إنزال أميركي بالرقة والمعارضة على مشارف حماه

تنطلق اليوم جولة خامسة من المفاوضات غير المباشرة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف، لكن الامال بتحقيق اي اختراق تبقى محدودة في ظل عدم ابداء طرفي النزاع اي مرونة في مواقفهما واندلاع معارك عنيفة في دمشق.

وانتهت جولة المفاوضات الاخيرة في الثالث من الشهر الحالي باعلان الامم المتحدة الاتفاق على جدول اعمال «طموح» من أربعة عناوين رئيسية على أن يجري بحثها «في شكل متواز»، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الارهاب، وهي ملفات خلافية بين طرفي النزاع.

واعلنت الامم المتحدة الثلاثاء أن كل الاطراف التي شاركت في جولة التفاوض الاخيرة اكدت الحضور الى جنيف.

ووصل وفدي الحكومة والهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، الى جنيف امس على ان تنطلق المفاوضات اليوم.

وبحسب الامم المتحدة، سيتولى رمزي عز الدين رمزي، مساعد المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا استقبال الوفود واطلاق جولة المفاوضات، في وقت يجري فيه دي ميستورا جولة خارجية قادته الى موسكو، ابرز حلفاء دمشق، ومنها الى انقرة الداعمة للمعارضة.
وقال مصدر غربي قريب من المفاوضات ان الجولة ستكون عبارة عن «محادثات غير مباشرة» موضحا ان مهمة دي ميستورا «العمل على غربلة الافكار وتدوير الزوايا» بين اطراف النزاع.

وسبق جولة المفاوضات هذه تصعيد ميداني في في اكثر من جبهة حيث قال مسؤول أميركي إن طائرات هليكوبتر أباتشي ومدفعية تابعة للبحرية وعناصر من العمليات الخاصة شاركت في عملية قادها التحالف بقيادة الولايات المتحدة لإنزال مقاتلين من المعارضة السورية في منطقة قرب الرقة معقل تنظيم داعش.

وقال الكولونيل جوزيف سكروكا في تصريح للصحفيين إن إنزال مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية قرب بلدة الطبقة في شمال سوريا كان العملية الأولى من نوعها للتحالف.

الى ذلك قتل 33 مدنيا على الاقل في قصف جوي للتحالف الدولي استهدف مركزا لايواء النازحين في شمال سوريا في وقت انعقد اجتماع لدول هذا التحالف امس في واشنطن لبحث آلية قتال تنظيم الدولة الاسلامية.

وبعيدا عن جبهات تنظيم داعش، تدور معارك عنيفة لليوم الرابع على التوالي في شرق دمشق بين هيئة تحرير الشام (فصائل اسلامية وجهادية أبرزها جبهة فتح الشام) وفصائل مقاتلة متحالفة معها من جهة وقوات النظام من جهة ثانية.

وتتركز المعارك بين حي جوبر (شرق) والقابون (شمال شرق)، وتعد هذه المعارك الاكثر عنفا في دمشق منذ عامين. وتهدف الفصائل، بحسب عبد الرحمن، الى «الربط بين مناطق سيطرتها في حيي جوبر والقابون».

وفي وسط البلاد، شنت فصائل جهادية ومقاتلة، بينها ايضا هيئة تحرير الشام هجوما ضد قوات النظام في ريف حماة الشمالي، وتمكنت من التقدم والسيطرة على عدد من القرى والبلدات. وتبعد الفصائل حاليا «اربعة كيلومترات» عن مدينة حماة، وفق عبد الرحمن.

صحيفة البناء* البناء

دمشق ترفض استقبال دي ميستورا… وجنيف يبدأ اليوم

الجيش السوري يحسم مداخل دمشق… ويبدأ هجوماً معاكساً في ريف حماة

نيسان للبحث عن تسوية سياسية اقتصادية تطلق الموازنة وقانون الانتخاب

كتب المحرّر السياسي

العلاقة بين السياسي والعسكري في سورية ليس سراً، سواء ببعديه الدولي والإقليمي أو ببعده السوري. فلقاء جنيف التفاوضي الذي يبدأ جولته الخامسة اليوم ليس إلا صندوقاً لتجميع أرصدة المتحاربين في الميدان. وفي الميدان كما في جنيف، لا تزال واشنطن تقف وراء حلفائها الذين يشغلون آلة الحرب في سورية، من الرياض إلى تل ابيب وصولاً إلى أنقرة التي لم يحبطها الرفض الأميركي للتخلي عن الأكراد بقدر ما أحبطها الرفض الروسي. فواشنطن تقف عند حدود الحرب على داعش رغم حديثها عن الإرهاب وتصنيفها، كما الأمم المتحدة لجبهة النصرة على لوائحه، لكن قتال النصرة يغيب عن الخطاب الأميركي وحكماً عن الخطاب السعودي والتركي و الإسرائيلي ، بل يحضر بديلاً منه مشروع تبييض النصرة برضا أميركي، تحت عنوان الحرب على داعش والسعي لتوسيع دائرة الحلفاء.

الحرب الأميركية على داعش تحصد المدنيين بالعشرات في غارات التحالف الذي تقوده واشنطن على الرقة، دعماً للجماعات التي سلّحتها ودرّبتها لتفادي التسليم بحقيقة أن الجيش السوري وحلفاءه، وحدهما القادران على خوض هذه الحرب بينما الجيش السوري يحقق التقدم في ريف حلب الشرقي ويسترد المزيد من البلدات من قبضة داعش.

التصعيد في جبهات سورية من دمشق إلى حماة يحضر في جنيف، بعدما رفضت دمشق استقبال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي حرّض الوفد المفاوض على تعديل التوازن قبل جولة جنيف تفادياً لتنازلات صعبة، وقدم للوفد خريطة طريق تفاوضية تطال البعد الداخلي السوري المحصور بالسوريين وحدهم. وفي الميدان يقدم الجيش السوري الرد المناسب على التصعيد، فبعد النجاح المكرّر بحسم مداخل العاصمة والسيطرة على المواقع التي اقتحمتها جبهة النصرة وحلفاؤها بالانتحاريين، بدأ الهجوم المعاكس في ريف حماة، ومثلما سيكون الرد إعادة للتفاوض إلى نصابه في ظل الانتصارات العسكرية السورية، سيكون درساً تأديبياً لدي ميستورا ولمن سيخلفه إذا تجدّد تفويضه الأممي.

لبنانياً، يسيطر الجمود على مباحثات الكواليس سعياً لإنتاج قانون انتخاب أو إخراج الموازنة من عنق الزجاجة، فقد تبلورت صورة المشهد بوضوح من تعقيدات الموازنة حول حقيقة ما يجري في ساحة قانون الانتخاب، حيث حلف المصارف وتيار المستقبل يقودان المعركة على الجبهتين، ويريد إجراء المقايضات بينهما، بينما الحلف المقابل المتمسّك بضرائب متوازنة لا يمكن استثناء المصارف منها يخوض مفاوضاته على المسار الانتخابي بنية البحث عن حل توافقي منفصل، حتى كشفت نقاشات سلسلة الرتب والرواتب المستور، وصار الانتظار لما بعد القمة العربية التي يشارك فيها رئيس الجمهورية للبحث عن تسوية سياسية اقتصادية شاملة تفتح الطريق لتفاهم على الموازنة بما فيها من ضرائب ورواتب وخدمة دين، وعلى قانون الانتخاب بما فيه من تسويات على الدوائر والنظام الانتخابي.

النفط يتقدّم من بوابة التهديد الإسرائيلي

لم تبرز معطيات جديدة حول قانون الانتخاب باستثناء استمرار القوى السياسية بدراسة تفصيلية وتقييمية سياسية وتقنية للاقتراح الذي قدّمه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الوحيد المتداول حالياً في كواليس التفاوض، بينما وضع مشروع الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب على الرفّ لإطلاق جولات حوار جديدة حيالها ضمن رؤية اقتصادية جديدة.

وبانتظار عودة رئيس الحكومة سعد الحريري والوفد المرافق من مصر ووزير الخارجية الذي يشارك في مؤتمر دولي لمكافحة الاّرهاب في واشنطن، لاعادة تحريك عجلة الملفات المجمدة، تقدم ملف النفط من بوابة التهديد «الإسرائيلي» للشركات الأجنبية التي ستلتزم التنقيب عن النفط اللبناني في البحر المتوسط.

ووفقاً لما ذكره موقع «غلوبس» «الإسرائيلي» المتخصص بالشؤون الاقتصادية «أنَّ إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة والأمم المتحدة الضغط على لبنان لإدخال تعديل على المناقصة التي يعتزم إطلاقها بشأن التنقيب عن الغاز والنفط في خمسة من البلوكات البحرية الواقعة في المياه الاقتصادية اللبنانية. وبحسب الموقع نفسه، تستند «إسرائيل» في طلبها هذا إلى وجود ثلاثة من هذه البلوكات بمحاذاة «حدودها البحرية» ولكونها متداخلة مع منطقة بحرية هي موضع نزاع مع لبنان تقدّر مساحتها بـ 800 كلم مربّع.

ونقل الموقع عن وزير الطاقة «الإسرائيلي»، يوفال شتاينتس، قول خلال مشاركته في مؤتمر Ceraweek في الولايات المتحدة الأميركية قبل أيام، إنَّ «إسرائيل» «أرسلت مطلع شباط الماضي رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة تُعرب فيه عن احتجاجها على سلوك الحكومة اللبنانية المتعلّق بإعلان مناقصة في مياهها الاقتصادية التي تشذ في جزء منها باتجاه المياه الاقتصادية لدولة إسرائيل». وأضاف شتاينتس أنَّ «إسرائيل» «ستحافظ على حقوقها وهي منفتحة على الحوار بهذا الخصوص».

وإذ يزور وفد نروجي لبنان الأسبوع المقبل لاستكمال البحث في برنامج التعاون بين لبنان والنروج في ملف التنقيب عن النفط، أشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن «رفع إسرائيل سقف تهديداتها ضد لبنان مرتبط برؤيتها للواقع الجديد مع تغيير الإدارة الأميركية الجديدة واحتضان الرئيس دونالد ترامب والإدارة في واشنطن لخياراتها، حيث تكوّنت لدى رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو قناعة، بأن أي خيار ستلجأ اليه حكومته سيلقى ترحيباً وتأييداً لدى الولايات المتحدة، لذلك تضغط حكومته في مجلس الامن الدولي مستقوية بالفيتو الاميركي، ومرتاحة لأنها لا تواجه أي ضغوط أميركية، كما كان يحصل في ولاية الرئيس السابق باراك أوباما».

وتضيف المصادر أن «إسرائيل تظن بأن لبنان الرسمي بما فيه الجيش اللبناني لا يستطيع الرد على اي عدوان، أما المقاومة فمشغولة بالحرب على جبهات عدة في سورية، كما أنها تعتبر أن الانقسام اللبناني حول دور المقاومة وسلاحها قد يمنعها من ممارسة حق الرد».

وفي سياق ذلك، يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور أمين حطيط لـ»البناء» أن «التهديدات الإسرائيلية للبنان تأتي بعد فشل حكومة نتنياهو باستدراج عروض شركات لتلزيم النفط في فلسطين المحتلة، بينما استفزها نجاح لبنان بجلب شركات للتنقيب عن حصته من بلوكات النفط. وبالتالي فإن تهديداتها تعتبر تهديد غير مباشر للشركات للضغط عليها لتجميد سفرها إلى لبنان وقبولها التلزيم»، وينفي العميد حطيط «وجود بلوكات متنازع عليها بين ما تعتبره «إسرائيل» لها وتلك التي تعتزم الحكومة اللبنانية تلزيمها، موضحاً أن المتنازع عليه هي منطقة بحرية مساحتها 850 كلم مربع تقع بين الأراضي اللبنانية وفلسطين المحتلة، لكن الأحواض التي سيلزمها لبنان تقع ضمن الأراضي اللبنانية، وبالتالي قول «إسرائيل» بأن لها حصة فيها إدعاء فارغ كما تهديداتها»، ويستبعد حطيط أن «يذهب العدو بعيداً في ترجمة تهديداته بحماقة عسكرية».

وحذرت مصادر عسكرية «إسرائيل» من التعرّض لمنشآت الشركات التي ستتولى التنقيب عن النفط اللبناني، وتشير لـ»البناء» الى أن «المقاومة تملك ما يكفي من القدرات التسليحية البرية كما البحرية للدفاع عن حق وثروة لبنان النفطية والغازية في البحر المتوسط، وستبادر الى الرد على أي اعتداء قبل أو خلال التنقيب أو بعد استخراج النفط، لكن المصادر أوضحت أن «المقاومة ستترك للحكومة اللبنانية في بادئ الأمر الرد المناسب، لكن في حال تمادت إسرائيل في اعتداءاتها ستبادر الى الرد الحاسم والسريع».

بري: عدم إقرار قانون الانتخاب انتحار

بالعودة الى الواقع المحلي، نقل النواب عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقاء الأربعاء، قوله إذا كان عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب إفقاراً فعدم إقرار قانون الانتخاب هو انتحار . وأكد أن السلسلة آتية وهي ستقرّ لا محال، وأن شهر نيسان لن يمر من دون إقرارها .

وأضاف: أمامنا أسبوعان أو ثلاثة للتوصل الى قانون جديد للانتخاب، وإلا فنحن نسير نحو المجهول. وكما قلت سابقاً، فإن على الحكومة أن تتحمّل مسؤولياتها بالنسبة الى القانون والسلسلة بإقرارهما وإحالتهما على المجلس. فقد تألفت هذه الحكومة على قاعدة أنها حكومة الانتخابات وإنجاز الموازنة ومتمماتها . وشدّد على تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مشيراً الى أن هناك أكثر من 35 قانوناً لم تبادر الحكومة إلى تطبيقها أو إصدار المراسيم التطبيقية لها .

ونقل زوار رئيس المجلس عنه لـ «لبناء تأكيده إقرار السلسلة لكن بما يتلاءم مع الوضع المالي للدولة وهو يحاول التواصل مع كل الأطراف بمن فيهم الفئات التي تعتصم في الشارع لوضعهم في الأجواء ولمساعدة الحكومة للوصول الى الحل المناسب .

وحول قانون الانتخاب، أكد بري بحسب زواره أن قانون باسيل لا يزال قيد الدرس، ولم يتخذ قرار نهائي حياله حتى الساعة، ولديه 4 ملاحظات أبلغ باسيل بها تتعلّق بطريقة توزيع بعض الدوائر وانتخاب كل طائفة نوابها . كما أبلغ بري الحريري مخاوفه إزاء الوضع في المنطقة وبالتالي يجب الشروع في معالجة الازمات الداخلية لا سيما قانون الانتخاب والموازنة لنكون على أتم الاستعداد والجهوزية في حال حصول أي مستجدات على مستوى المنطقة وانعكاسها على لبنان .

كما حذّر بري أمام زواره من أن عجز القوى السياسية عن إقرار قانون جديد يعني أننا متجهون الى أزمة كبيرة أولى نتائجها الفراغ في المجلس النيابي الذي لن يطال السلطة التشريعية فقط بل سينسحب الى الحكومة ورئاسة الجمهورية أيضاً .

ولفت الزوار إلى أن أي تمديد للمجلس النيابي لأشهر عدة يجب أن يصاحبه اتفاق على قانون جديد.

وفي غضون ذلك، دعا الرئيس الحريري الى جلسة لمجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل بجدول أعمال عادي يغيب عنها مشروع الموازنة الذي تمّ تأجيله الى جلسة تُحدّد لاحقاً.

الحريري من القاهرة: مصر حاجة للمنطقة

في غضون ذلك، وفي أول جولة خارجية له منذ ترؤسه الحكومة الحالية، بدأ الرئيس الحريري زيارته المصرية بلقائه كبار المسؤولين المصريين، السياسيين والروحيين، على رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي. وشكّل لقاؤه مع الرئيس المصري فرصة للإشادة بالدور التاريخي والمحوري لمصر على الساحتين العربية والإسلامية ، وقال في بلدينا نماذج للاعتدال والعيش المشترك بين الأديان والطوائف، وهي باتت حاجة للعديد من دول المنطقة، لا بل في العالم. قبل المعالجات الأمنية والسياسية، إن الاعتدال وبثّ روح الاعتدال هما الوسيلة الوحيدة لمواجهة التطرف والإرهاب، خصوصاً ذلك الذي تمارسه فئة ضالة تتستر باسم الإسلام لتضرب القيم الحقيقية للإسلام كما كل القيم الإنسانية .

وأكد الحريري أن كلمة الرئيس ميشال عون في القمة العربية ستمثل لبنان والطموح اللبناني وطموح اللبنانيين ، وجزم رئيس الحكومة بأنه سيزور السعودية ، متوجّهاً الى المشككين شككوا قدر ما تشاؤون، العلاقات بيننا ممتازة، وسترونني في المملكة قريباً .

ورأت مصادر سياسية لـ «لبناء أن الرئيس عون من خلال زيارته الى مصر والأردن أسس أرضية مهمة لتطوير العلاقات مع الدول العربية، خصوصاً مصر، بعد أن حصرت علاقة لبنان بالسعودية فقط في عهد الرئيس ميشال سليمان الذي أساء الى علاقات لبنان الخارجية .

المصدر: صحف