عرش قطر، بداية اهتزاز باقي العروش العائلية! – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

عرش قطر، بداية اهتزاز باقي العروش العائلية!

20161025MH_C083310

أمين أبوراشد

لو احترقت كل اليمن، ومعها سوريا والعراق وسائر البلدان العربية والإسلامية ذات الأنظمة الرئاسية أو البرلمانية، فإنها لا تعني لدول مجلس التعاون الخليجي سوى تقديم مساعدات غذائية من باب رفع العتب، بدليل، أنه مهما أظهرت إيران من علاقات حسن جوار، فإن الديموقراطية التي حملتها ثورة الإمام الخميني عام 1978 وقوَّضت الحكم الديكتاتوري للشاه، هي التي استجلبت لها العداء من أنظمة عائلية خليجية كانت حليفة للديكتاتور الذي أسقطته الإرادة الشعبية الحرَّة.

وأن يتعرَّض عرش عائلي خليجي واحد لأزمة ما، فإن التحرُّك الخليجي يأخذ منحى العمل الجدِّي لمنع انهيار العرش، وعند حصول أي انقلاب كما حدث لأمير قطر الأسبق خليفة بن حمد آل ثاني على يد ولده الأمير السابق حمد بن خليفة عام 1995، فإن الأنظمة الخليجية سَعَت فوراً الى ترتيب البيت العائلي القطري بالتي هي أحسن، لأن المهم في الأمر أن يبقى العرش، بصرف النظر عمَّن يتولاه، وقد ناشد يومها الشيخ خليفة- الذي كان في إجازة بسويسرا عند حدوث الإنقلاب- قادة مجلس التعاون الخليجي، وقال عبر الإذاعات: “هذا إبني حَمَد ولد خايس، وأطلب من الأخوة الملوك والأمراء، عدم الإعتراف به وعدم التعاون معه”، لكن ما حصل يومها قد حصل، وباركت دول الخليج نتائج الإنقلاب لأنه إرادة عائلية قطرية، وبقي الأمير المعزول خارج البلاد، وبعد تقدُّمه في العمر وإصابته بالمرض، سُمِح له بالعودة الى البلاد عام 2004 تحت شروط الإقامة الجبرية لحين وفاته عام 2016 بعد أن نُقِل للعلاج في أحد مستشفيات جنيف.

والإنقلاب الناعم الذي حصل عام 2013، بتخلِّي حمد عن العرش لصالح نجله تميم إبن الشيخة “موزة بنت مسند”، التي تتحدَّر من أسرة قطرية بارزة، يُظهر حجم الخلافات الدائمة بين أجنحة العائلة الحاكمة حالياً، وبين العائلات القطرية الأخرى ذات النفوذ، والتي كان آخرها منذ ثلاثة أيام عندما طُرِحت أربعة أسماء لخلافة تميم، واحدٌ منها فقط من آل ثاني، وفق ما أكَّد مؤسس المخابرات القطرية اللواء محمود منصور من مكان إقامته في الخارج، أنه حصل على معلومات أكيدة من داخل قطر، تفيد بأنه “تم الاتفاق بين قيادات الأسر القطرية الكبرى، على رفض ما قام به أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني من دعمٍ للإرهاب والتدخل في شؤون عدد من الدول العربية، وإثارة الفتن والقلاقل بهذه الدول، والذي أدى إلى خسارة قطر لأشقائها العرب”.

طرح أسماء من خارج أسرة آل ثاني الحاكمة في قطر، هو أخطر ما يحصل في هذه الإمارة، وإذا كان قطع العلاقات معها بمباركة أميركية لتأديب الأمير تميم الموالي للأخوان المسلمين المُعَادين للوهَّابية السعودية، فهذه كلها استعراضات كلامية أميركية لدعم المواقف الإقليمية والخليجية للسعودية مقابل النصف تريليون دولار لترامب، لأن أميركا أرسلت منذ يومين الى الدوحة سفينتين تابعتين للبحرية الأميركية للمشاركة في تدريبات عسكرية بحرية قطرية، مع توقيع قطر اتفاقية مع الاميركيين لشراء طائرات “إف 15” ستصل قيمتها الى واحدٍ وعشرين مليار دولار.

وإذا كانت السعودية تعمل على إسقاط الأمير تميم، فهي لا تراهن على اعتلاء ولي عهده الأخ غير الشقيق عبدالله بن حمد، العرش القطري، لأنه شريك بسياسة العداء لها، بل هي تسعى لإعتلاء أخ غير شقيق آخر من المُعارضين لسياسات تميم، وهنا سرّ الوساطة الكويتية التي اصطدمت بقرار الأسر القطرية الكبرى التي زكَّت أربعة أسماء، منهم أمير واحد فقط من آل ثاني، وهذا التغيير إن حصل في العائلة الحاكمة يعني سقوط لعائلة آل ثاني، ويُبيح لاحقاً للأُسر السعودية والكويتية والإماراتية والبحرينية الكبرى النافذة اعتلاء العروش مستقبلاً، عبر إسقاط العائلات الحاكمة تاريخياً كـ آل سعود والصبَّاح ونهيان وخليفة، وصولاً الى العائلات الحاكمة حتى ضمن “الإمارات العربية المتحدة” في دبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة والفجيرة وأم القيوين.

ولأننا في الإمارات، فإننا نبلغ بيت القصيد في مسألة الحرص على العروش العائلية، سواء كانت ملكية أم أميرية، ورفض كل أشكال الأنظمة الديموقراطية:
بتاريخ 25 أيار / مايو من العام 1981، أعلِنَ من أبو ظبي عن قيام “مجلس دول التعاون الخليجي”، الذي ضمّ: الإمارات والسعودية والكويت والبحرين قطر وسلطنة عُمان، وسُئل يومها في ختام المؤتمر رئيسه الشيخ زايد بن سلطان بصفته رئيس الدولة المُضيفة: اليمن وجيبوتي تطلبان الإنضمام الى “مجلس التعاون الخليجي” فما رأيكم؟ ..فأجاب الشيخ زايد حرفياً: “على أخواننا في اليمن وجيبوتي أن ينتظروا بعض الوقت، وطوبة فوق طوبة يعمر البنيان”، وفعلاً رُفضت الطلبات المتكررة لليمن وجيبوتي عبر السنوات، لأن أنظمتها جمهورية ديموقراطية رئاسية، وهذا ما يتناقض ومصالح “مجلس التعاون الخليجي للعائلات الحاكمة تاريخياً”، ولم يَعُد يُطرح موضوع ضمّ اليمن إلّا عندما هرب الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي ولجأ الى السعودية، وبدأ البحث بضمّ اليمن، لأن السعودية اعتبرت أن اليمن باتت تحت سيطرتها، وتوقَّف البحث بهذا الأمر نتيجة الهزيمة القاسية للسعودية وحلفائها في العدوان على اليمن.

ولعلَّ أكبر الفضائح في الخوف على العروش العائلية، حصلت في 7 شباط / فبراير من العام 2013، عندما أعلن مجلس التعاون الخليجي، في قمته التشاورية من دبي، ترحيبه بطلب الأردن الإنضمام للمجلس، ودعوة المغرب للانضمام أيضاً، وإعلان بدء المفاوضات مع البلدين بشأن استيفاء الشروط واستكمال الإجراءات، وترددت  تساؤلات عديدة حول الأسباب التي دفعت المجلس إلى اتخاذ هذا القرار في هذا التوقيت، وأسباب فتح دول المجلس الخليجي عضويتها لتشمل كلاً من الأردن والمغرب، وجاء الجواب من قادة دول مجلس التعاون: “هي خطوة استباقية للحفاظ على الاستقرار السياسي في هاتين الدولتين الملكيتين، بعد انطلاق الثورات العربية من دولة إلى أخرى، خاصةً بعدما طالت البحرين التي تعتمد على النظام الملكي في الحكم، ما يهدد الأنظمة المشابهة في دول الخليج”، وما تعمل عليه الكويت حالياً هو حماية عرشٍ عائليٍّ في قطر وتأمين استمراريته، ولو ذهب تميم بن حمد الى الجحيم، خاصة أن وزير الخارجية اليوناني يؤكد منذ يومين، أن دولة خليجية أخرى رفض تسميتها حالياً، ستواجه ما تواجهه قطر، مما “فرمل” جزئياً الحقد السعودي لأن الدائرة ستدور على الجميع وربما خلال وقتٍ ليس ببعيد…

المصدر: موقع المنار