موقع المنار يرافق تحضيرات العيد لعائلة محررة من كفريا والفوعة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

موقع المنار يرافق تحضيرات العيد لعائلة محررة من كفريا والفوعة

IMG-20190604-WA0024
خليل موسى

هذا هو العيد الأول لكثير من العائلات السورية الآتية من كفريا والفوعة بعد خروجها من حصار دام لسنوات، عائلات رأت العيد الماضي، لكنها لم تحيَ تفاصيله بسبب متلازمة مآسيها آنذاك، فالحرب وتبعاتها، والحصار وآثاره، خلّفوا في نفوسهم الكثير من الألم، حتى أنهم وبرغم ظروفهم، يرون اليوم العيد ببهجة كبيرة، بعد أن تمكنوا من فكّ حصار أحزانهم عن نفوسهم المقهورة، بفعل إجرام  الفصائل التكفيرية.

السيدة إلهام الحريري وهي مدرّسة متقاعدة، عايشت حصار بلدة الفوعة في ريف إدلب لمدة ثلاث سنوات، لديها أبناء في مدارس وجامعات دمشق، تحدثت لموقع قناة المنار عن الفرق الكبير في الحياة قبل وبعد الخروج من الحصار المضروب من جبهة النصرة والفصائل الأخرى التكفيرية.

IMG-20190604-WA0023 قذائف الحقد التي ألقاها إرهابيون، الموت المرافق لأحداثهم اليومية، الجوع والفقر والحرمان، النقص والشح في كل الاحتياجات، كل هذا لخصته بصوتها المترنح ألَمَاً من الذكرى هذه والتي أجبرت دموعها على الخروج من حرقة ما زال تختزن جزءاً كبيراً منها، خاصة أنها غادرت مجبرة من بيتها في الفوعة، وأتت لتعيش في منزل مستأجر بمنطقة السيدة زينب بالقرب من العاصمة.

السيدة إلهام ومعها أختها سامية الحريري، تحدثتا بما يجعل للقصة تقاطعات ترسم المشهد، فالأخت هذه فقدت ابنتها العشرينية في مجزرة الراشدين أثناء الخروج من الحصار، وخلفت لها طفلين تربيهما، تأخذ دور الجَدَّة العطوف، والأم الحنون، علَّها تعوّض كلّاً من علي ومهدي أطفال الخامسة والسادسة، ما فقدوه من تغييب الأم، وتحاول ان تمحي من أذهانهم صورة الحصار والحرب، وها هي تحاول أن تأخذهما باتجاه العيد لعله يكون مسلكاً للمخرج مما عاناه الطفلان مع أقرانهما.

اليوم وبمناسبة عيد الفطر المبارك، حاولت كل من الأختين الحريري، صناعة نكهة العيد بأيديهما، فلجأت كل منهما إلى التسوق بما استطاعت عليه، حيث تمت كسوة الأطفال كأولوية لعلّهم يفرحون بلباسهم الجديد اللائق بالعيد وفرحته، كما قررتا تحضير حلوى العيد في المنزل، وهي عادة قديمة عند سكان المنطقة بشكل عام، رغم انتشار مَحال الحلويات الجاهزة، ولكن بسبب غلاء الأسعار على هذه العائلات، كان قرار صناعتها منزلياً، إضافة لهدف ان يشعر الأطفال بفرق جديد في التفاصيل اليومية عن الأيام العادية، وذلك بما يصنع في المنزل بمناسبة الأعياد.

المئات من الأسر القادمة من كفريا والفوعة تعاني ذات الظروف، فالعيد هذه المرة ظاهر في عيونهم، مصحوباً بحجم معين من الأسى على من فارقوهم شهداء بفعل التكفير، ومظلومين بسبب الحصار.

بالكاد تحبس الدمعة نفسها، لمجرد تخيل مشهد الطفل وهو يتعرف لأول مرة على أصناف الطعام المعتادة لدى الناس، وأنواع الملابس الملونة، لأنه بفعل الحصار الجائر المفكوك عنهم من حين قريب، لم يكن للطفل أن يعرف أكثر من الخبز والبرغل و “المجدرة”، ليس كطعام رئيسي، إنما كصنف وحيد متوفر لدى أهالي البلدتين المنكوبتين، واللباس الداكن المنتشر حيث ارتمت قذيفة هنا أو هناك.

اليوم تبدل الحال لدى الأهالي هؤلاء ففي الحد الأدنى تراهم يستعدون لطهي طعام عيدهم، وارتداء ملابسه الجديدة، خالعين عن أنفسهم ثوب الماضي الأسود، وفي الوقت ذاته، يدعون صباح مساء ان يعيشوا بهجة العيد في ديارهم عند عودتهم إليها رغم أنهم لا يشعرون إلا بغربة تبديل منطقة سكنهم.

 

المصدر: موقع المنار