انضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء والملكة إليزابيث الثانية إلى ثلاثمئة من المحاربين القدامى تجمعوا على الشاطئ الجنوبي لإنكلترا لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين ليوم إنزال النورماندي.
وشارك في الاحتفال أيضا أكثر من عشرة من قادة العالم بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي. الذين جاؤوا إلى بورتسموث في بريطانيا للاحتفال بذكرى إنزال الحلفاء على شواطئ النورماندي والذي كان محطة حاسمة في الحرب العالمية الثانية.
ويعتبر هذا الانزال البرمائي الأكبر من نوعه في العالم على الإطلاق وقد سقط في يومه الأول 4400 جندي. وشهد الحفل تلاوة مقاطع من آخر رسائل أرسلها الجنود إلى أهاليهم. وفقرات من الغناء والرقص، فيما تناوب قادة الدول على تكريم المحاربين.
وقال غريغوري هايورد (93 عاما) لفرانس برس “كانت في الثامنة عشرة وكنت أسعى إلى خوض مغامرة كبرى”، وأضاف “علمت بأن شيئا كبيرا كان يحصل”. وتابع أن الاحتفال “يعيد إلي الذكريات” معربا عن سعادته “لبقائي حيا طوال هذا الوقت لأكون هنا في الذكرى الخامسة والسبعين”.
وذرف بعض الحاضرين الدموع بينما جلس عدد من المحاربين القدامى وقد أصبحوا في التسعينات من العمر في الصفوف الأولى، وتلا ترامب مقتطفات من صلاة أداها الرئيس فرانكفلين روزفلت عبر الإذاعة في يوم الإنزال. وقال ترامب “امنحهم (يا الهي) بركاتك لأن العدو قوي وقد يدحر قواتنا ولكننا سنعود مرارا وتكرارا”. بدورها أشادت الملكة إليزابيث الثانية بالتضحيات التي بذلت. وقالت “بتواضع وبسرور وباسم البلاد بأسرها وبالفعل باسم العالم الحر أجمع أقول لكم جميعا شكرا لكم”.
ووصفت المستشارة الألمانية يوم الإنزال بأنه العملية التي “حررت أخيرا ألمانيا من القومية الاشتراكية (التسمية الرسمية للحزب النازي الألماني)”. وأضافت “أن أتمكن من المشاركة اليوم بصفتي مستشارة ألمانيا وأن ندافع معا عن السلام والحرية اليوم هو هدية من التاريخ علينا أن نحميها وأن نعتز بها”. وشكلت بورتسموث محطة الانطلاق الاساسية لأكبر اسطول هجوم في التاريخ، ضم 156 ألف أميركيا وبريطانيا وكنديا وعسكريين آخرين من دول الحلفاء، أبحروا إلى الشواطئ الشمالية لفرنسا. وأدت معركة النورماندي في 6 حزيران/يونيو إلى تحرير أوروبا وساعدت في إنهاء الحرب العالمية الثانية.
الخوف من الخوف
اشتمل الحفل الذي استمر ساعة على فقرات مسرحية وأشرطة اخبارية شاهدها رؤساء الدول والحكومات من أنحاء أوروبا واستراليا ونيوزيلندا. وخيم الصمت على الحضور عندما تردد صدى تسجيل صوتي لرئيس الوزراء البريطاني وقت الحرب وينستون تشرتشل وهو يحث الجنود على المعركة فيما كانت القوات النازية تتقدم في أنحاء أوروبا في حزيران/يونيو 1940. وسمع صوت تشرتشل وهو يقول “سنقاتل على الشواطئ، سنقاتل على ارض الإنزال، سنقاتل في الحقول وفي الشوارع سنقاتل في التلال، لن نستسلم ابدا”.
وتلت رئيسة الوزراء البريطانية رسالة كتبها النقيب نورمان سكينر لزوجته غلاديس في 3 حزيران/يونيو 1944، وكانت هذه الرسالة في جيب هذا الجندي البريطاني عندما حط على شاطئ النورماندي في 6 حزيران/يونيو 1944 وقتل في اليوم التالي. وكتب في الرسالة “أنا متأكد أن أي شخص لديه ذرة من الخيال سيكره حتى التفكير فيما سيحدث، ولكن أخاف من أن أكون خائفا، أكثر من خوفي مما يمكن أن يحدث لي”.
أما الرئيس الفرنسي فقد تلا الرسالة الأخيرة لأحد عناصر المقاومة هنري فرتيت الذي أعدم وعمره 16 عاما “الجنود آتون للقبض علي يجب علي أن أسرع، أنا لست خائفا من الموت، فضميري مرتاح تماما”.
وفي موقف خارج عن سياق الاحتفالات أكدت وزارة الخارجية الروسية أن يوم الإنزال في النورماندي لم يحدد مسار الحرب العالمية الثانية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن جهود الاتحاد السوفياتي الذي دخل الحرب في عام 1941 هي التي حققت الانتصار. وتابعت “وفقا للمؤرخين، لم يؤثر إنزال النورماندي بشكل أساسي على نتيجة الحرب العالمية الثانية”.
ترامب يثير الارتباك
والمشاركة في احتفالات ذكرى انزال النورماندي هي إحدى المهام الرسمية الأخيرة لماي قبل أن تتخلى عن رئاسة الوزراء ورئاسة حزب المحافظين الجمعة على خلفية فشلها في تحقيق بريكست، وهي ستتولى تصريف الأعمال فيما سيتنافس 11 مرشحا على خلافتها في قيادة حزب المحافظين، على أن يتولى الفائز رئاسة الوزراء في أواخر شهر تموز/يوليو. وجرت اجتماعات ترامب مع ماي بسلاسة، وقال ترامب في تغريدة الأربعاء إنه “لقي معاملة ودودة جدا في المملكة المتحدة من العائلة المالكة والشعب”.
وجدد التأكيد على التزامه بالتوصل إلى “اتفاق تجارة كبير جدا” مع بريطانيا بعد بريكست. إلا أنه وكعادته أثار بعض الارتباك بعد أن تراجع عن مجموعة من التصريحات التي أدلى بها في مؤتمر صحافي مشترك مع ماي الثلاثاء. وبعد الاحتفال غادر ترامب بريطانيا إلى إيرلندا حيث استقبله رئيس الوزراء ليو فارادكار ليتوجه بعدها الرجلان إلى داخل مطار شانون لإجراء محادثات ثنائية.
وبعد المحادثات سيتوجه الرئيس الاميركي إلى منتجعه الفخم لرياضة الغولف قرب قرية دونبيغ. وهو سينضم مجددا الخميس إلى ماي وماكرون في احتفال جديد بإنزال الحلفاء سيقام في شمال فرنسا.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية