الصحافة اليوم 16-9-2019: موازنة 2020 على نار الحكومة وملف الفاخوري بيد أعضاء في الكونغرس – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 16-9-2019: موازنة 2020 على نار الحكومة وملف الفاخوري بيد أعضاء في الكونغرس

صحف محلية

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الاثنين 16 ايلول 2019 على طبخة الموازنة  لعام 2020، والتي هي على نار الحكومة وما يترافق معها من نفخ الايرادات والتلاعب بالنفقات واخفاء النيات الحقيقية لما ستقوم به الدولة في مسائل مهمة مثل تعرفة الكهرباء وسواها من الأمور التي تعدّ «غير شعبية»… وعلى ضفة العملاء اللحديين، وفي مقابل «الإجماع» السياسي على المطالبة بمحاسبة الفاخوري، ارتفع منسوب التدخل الأميركي في هذه القضية، حتى وصل الأمر إلى تحرّك اعضاء في الكونغرس الأميركي، وإجرائهم اتصالات بمسؤولين لبنانيين للمطالبة بالإفراج عن الفاخوري بذريعة أنه دخل لبنان كمواطن اميركي، مهددين ومحذّرين وزراء لبنانيين من أن ملف الفاخوري بات في عهدة الكونغرس.

الاخبار*  الاخبار

موازنة 2020: نفخ الإيرادات والتلاعب بالنفقات وإخفاء النيّات

إلى جانب نفخ الإيرادات والتلاعب بالنفقات وإخفاء النيّات الحقيقية لما ستقوم به الدولة في مسائل مهمة مثل تعرفة الكهرباء وسواها من الأمور التي تعدّ «غير شعبية»، لا يتضمن مشروع موازنة 2020 سوى شعارات عن نيات الإصلاح الهامشي في بنية مؤسسات الدولة، والرغبة في مغازلة المانحين الدوليين الذين ينتظرون مؤشرات مالية محدّدة للإيفاء بالتزاماتهم في إقراض لبنان بما تعهدوا به في مؤتمر سيدر. أما الإصلاح الحقيقي عبر خفض خدمة الدين العام فلا يزال غائباً في ظل سياسة انكماشية قاتلة للاقتصاد

اعتباراً من يوم غد الثلاثاء، ينبغي أن يبدأ مجلس الوزراء مناقشة مشروع قانون موازنة 2020 (مُدرج كبند أخير على جدول أعمال مجلس الوزراء). المشروع المحال من وزارة المال يمكن وصفه بأنه مشروع ”نظري“ على جبهة الإصلاحات الجذرية، وهو لا يعكس اتفاق رؤساء الكتل النيابية والأحزاب اللبنانية في بعبدا على إعلان ”حالة طوارئ اقتصادية”. أما أرقام المشروع، فهي مثقلة بتجميل ساذج لمستويات العجز المالي بهدف إرضاء المانحين في مؤتمر ”سيدر”، إذ استندت الإيرادات المقدّرة على معطيات غير منطقية عن نمو اقتصادي بمعدل 1.2% في 2020 ونسبة تضخم 2.8%، فيما تقدير النفقات، وأبرزها خدمة الدين العام، جاءت مبنية على فرضية لم تتحقق بعد عن وفر بقيمة 540 مليار ليرة في 2019 ناتج عن ”توجه“ لاكتتاب مصرف لبنان بسندات خزينة قيمتها 12000 مليار ليرة وبفائدة 1%، وهو أمر لم يحصل بعد حتى نهاية الاسبوع الثاني من أيلول 2019. كذلك جاءت النفقات أقل بنحو 1000 مليار ليرة بسبب تحديد سقف لتحويلات الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 1500 مليار ليرة بدلاً من 2500 مليار ليرة مدرجة في عام 2019. في الخلاصة، يبدو مشروع الموازنة انعكاساً للصراع السياسي حول من يتحمل أعباء التدابير ”غير الشعبية”؛ فمن الواضح أن وزير المال امتنع عن تقديم أي اقتراح، واسترسل في تعداد الاتصالات التي أجرتها وزارة المال (500 اتصال) لكبح مطالب الإدارات والوزارات بزيادة الاعتمادات، ثم أورد سلسلة طويلة من البنود التنظيمية في الإدارات العامة التي تحتاج إلى معالجة من دون أن يقدّم اقتراحاً واحداً بشأنها.

ثغرة الإيرادات

يقدّر مشروع موازنة 2020 أن تبلغ قيمة العجز 6590 مليار ليرة، أي ما يوازي 7.38% من الناتج المحلي الإجمالي. احتسبت هذه النسبة على أساس إيرادات مقدرة بنحو 19009 مليار ليرة تستند إلى فرضيات مفادها أن النمو الحقيقي سيبلغ 1.2% في نهاية 2020، وستبلغ نسبة التضخّم 2.8% وسيبلغ الناتج المحلي الإجمالي 89298 مليار ليرة (59.2 مليار دولار). فبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، إن النمو المقدر في 2020 سيراوح بين 0.3% و0.9%، فيما تشير إدارة الإحصاء المركزي إلى أن نسبة التضخّم في نهاية تموز 2019 بلغت 1.4%.

هذا الفرق ليس تفصيلاً بسيطاً، لأن سياسة الانكماش النقدي تنعكس سلباً على الاقتصاد بوقع أكبر، ما يخلق ثغرة في تقدير إيرادات الضريبة على أرباح الشركات وعلى الأجور والرواتب بالاستناد إلى وجود نموّ اقتصادي قد لا يكون حاصلاً بالمعدلات التي تشير إليها وزارة المال.

العجز سيبلغ 6590 مليار ليرة
وخدمة الدين  9194
مليار ليرة

ثمة مسألة تتعلق بنفخ بعض الإيرادات، مثل إيرادات تسويات الأملاك البحرية المقدرة بنحو 150 ملياراً في 2019 ولم يحصّل منها أي قرش حتى حزيران 2019، لكن الوزارة أصرّت على أنها ستجمع 150 ملياراً في 2020. كذلك الأمر بالنسبة إلى تسويات مخالفة البناء المقدرة بنحو 50 ملياراً ولم يحصّل منها سوى 155 مليون، ليرة فلماذا يتم تقديرها بـ50 ملياراً في 2020؟ وهذا السؤال ينسحب أيضاً على كثير من بنود الإيرادات المقدرة، مثل رسوم التسجيل العقاري المقدرة بنحو 784 مليار ليرة في 2019 ولم يحصل منها حتى حزيران أكثر من 250 ملياراً، لكن أعيد تقدير إيراداتها في ظل ”حالة الطوارئ الاقتصادية“ وارتفاع الديون العقارية المشكوك في تحصيلها، بقيمة 784 ملياراً.

التلاعب بالنفقات

في باب النفقات، كرّست وزارة المال ما أقرّ في بعبدا لجهة تحديد سقف لتحويلات الخزينة إلى مؤسسة كهرباء لبنان بحدّ أقصى يبلغ 1500 مليار ليرة. لم يذكر في مشروع الموازنة كيف ستستمر معامل إنتاج الكهرباء في تأمين التغذية بالتيار مثل السنة الماضية بكلفة أقل بنحو ألف مليار ليرة. هذا الأمر ينطوي على خطوة ضمنية متصلة بنية الدولة زيادة تعرفة الكهرباء، أي تقليص الدعم لإنتاج الكهرباء وزيادة الأعباء على موازنات الأسر المقيمة في لبنان.

هل يمكن خفض التحويلات إلى
كهرباء لبنان إلى 1500
مليار ليرة بلا رفع
التعرفة

واللافت في مشروع الموازنة ما يتعلق بخدمة الدين العام المقدرة بنحو 9194 مليار ليرة، أي ما يوازي 48% من الإيرادات. هذه الكلفة محتسبة على أساس وفر نظري محقق في عام 2019 من اكتتابات مصرف لبنان بسندات خزينة قيمتها 12000 مليار ليرة بفائدة 1% وعلى أساس زيادة في كلفة خدمة الدين بقيمة 882 مليار ليرة فقط في 2020. في الواقع، كان يفترض أن تحقق هذه العملية لو نفذت في مطلع 2019 وفراً بقيمة 900 مليار ليرة، إلا أن تقرير وزير المال تحدث عن وفر بقيمة 540 مليار ليرة فقط (على اعتبار أن التنفيذ سيكون في الأشهر الخمسة الأخيرة من السنة الجارية)، لكن حتى نهاية منتصف أيلول لم تكن هذه العملية منفذة بعد، ما يعني أن الوفر سيكون أقل، وأنه قد لا يكون هناك وفراً إذا لم تنفذ، وبالتالي ستكون الزيادة في خدمة الدين العام أكبر بكثير مما هو مقدّر في المشروع وسينعكس هذا الأمر ارتفاعاً في العجز.

أما على صعيد نفقات الرواتب والأجور وملحقاتها، فقد بلغت، بحسب المشروع، نحو 9779 مليار ليرة، وباتت تشكّل 51.4% من الإيرادات، لكن وزير المال يعتقد أن ”ما تم إقراره في قانون موازنة 2019 من تجميد الإحالة المبكرة على التقاعد ووقف التوظيف، خطوة أولى نحو معالجة مشكلة تضخم كتلة الرواتب والأجور وملحقاتها”.

على أي حال، إن نفقات الرواتب والأجور وملحقاتها وخدمة الدين العام باتت تستحوذ على 78.6% من النفقات العامة، ما يترك مجالاً ضيّقاً للنفقات الاستثمارية التي بلغت 1402 مليار ليرة مشكّلة نحو 7.3% من الإيرادات. وفي هذا الإطار، بدا مشروع الموازنة مضطر إلى أن يؤجّل غالبية الإنفاق المبرمج عبر قوانين البرامج أو خفضه. ألغي دفع أي مبلغ لتشييد الإدارات الرسمية في عام 2020 والذي كان مقرراً بقيمة 200 مليار ليرة، وألغي إنشاء الأبنية الجامعية الذي مقرراً بقيمة 22 مليار ليرة، وخفضت قيمة الاعتمادات للاستملاكات عبر مجلس الإنماء والإعمار من 200 مليار ليرة في 2020 إلى 143 ملياراً، وخفضت قيمة الاعتمادات المخصصة لأعمال الضمّ والفرز من 15 مليار إلى 5 مليارات، وخفضت اعتمادات لوزارة الدفاع لشراء تجهيزات من 111.9 مليار ليرة إلى 36.9 مليار ليرة، وخفضت الأشغال المائية والكهربائية من 59 مليار ليرة إلى 39 مليار ليرة. الاعتمادات الوحيدة التي أبقيت على حالها، تتعلق بإنشاء المعهد البحري بقيمة 9.5 مليارات ليرة.

أبرز ما جاء في تقرير وزير المال حول مشروع الموازنة

–   كان مستغرباً أن يضع وزير المال في تقديرات مشروع الموازنة فائضاً أولياً بقيمة 4104 مليارات ليرة في نهاية 2020.

–   ورد في تقرير وزير المال أنه لم يتم استكمال مناقشة موازنة الجيش بسبب انسحاب الممثلين عن الإدارة من الاجتماع لعدم زيادة الاعتمادات المطلوبة.

–   أشار وزير المال في تقريره إلى أنه ”لا بد من إجراء التوصيف والتصنيف الوظيفي ومراجعة ملاكات الإدارات والمؤسسات العامة وإجراء المسح المنصوص عنه في المادة 80 من قانون موازنة 2019 بأسرع وقت ممكن”. المثير للاستغراب لماذا لم تطبّق هذه المادة بعد؟

–   في مجال تكريس الاتجاه نحو الخصخصة ورد في تقرير وزير المال: «من المتوقع أن يساهم قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تحفيز النموّ إذا طبّق كما يجب في مجالات الطاقة ومعالجة النفايات الصلبة والبنى التحتية… في سبيل استقطاب الشركات المؤهلة دولياً».

–   لفت وزير المال إلى أن مطالبات وزارة الاتصالات للخطوط الدولية على حساب الوزارات والإدارات العامة غير المسددة مبلغ 33.8 مليار ليرة.

–   تلزيم مناقصات التنظيفات ارتفعت بسبب تلزيمها إلى شركات متخصصة بدلاً من عمال وأجراء يقومون بهذا العمل. الكلفة كانت 4.7 مليارات ليرة في 2006 وارتفعت إلى 13.9 ملياراً في 2019.

–   المثير للاستغراب أن وزير المال يشير إلى أنه ”لا تملك أي جهة فكرة شاملة عن حجم المتأخرات المترتبة على الدولة اللبنانية”.

–   ما زالت وزارة المال لا تملك صورة واضحة عن عدد المدارس والاساتذة في كل منها، وكذلك عدد التلاميذ، كما أن الاعتمادات الملحوظة لزوم التعاقد في هذه الإدارة سواء على مستوى التعليم الأساسي أم الثانوي أم المهني والتقني في ازدياد مستمر لأسباب عديدة، منها تقاعد موظفين من الملاك. ولحظ مشروع الموازنة زيادة رواتب المتعاقدين في التعليم الأساسي بقيمة 9.5 مليارات ليرة ليصبح 110 مليارات. كذلك لحظت زيادات في القطاع التربوي بقيمة 23.6 مليارات ليرة.

–   بلغت قيمة نفقات الانتقال والنقل في الخارج والوفود والمؤتمرات 5.8 مليارات ليرة في 2019 مقارنة مع 2.9 مليارات في 2006.

–  يقترح وزير المال أن يعاد النظر في الأنظمة والنصوص التي تجيز دفع فروقات للمتعهدين.

«تهديدات» أميركية لمسؤولين لبنانيين: ملف الفاخوري بيد أعضاء في الكونغرس

حتى صباح الغد، يكون المسؤول العسكري السابق لمعتقل الخيام، العميل عامر الفاخوري، قد أمضى في السجن خمس ليالٍ، منذ أن اوقفته المديرية العامة للأمن العام يوم الخميس الفائت، بناءً على إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس. وغداً، من المنتظر ان تباشر قاضية التحقيق العسكرية، نجاة أبو شقرا، استجوابه، بناءً على ادعاء معاونة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضية منى حنقير، التي طلبت استجوابه بناءً على مواد قانونية تصل عقوباتها القصوى إلى الاعدام (التعامل مع العدو، دخول أراضي العدو، حيازة الجنسية الاسرائيلية، التسبب بالقتل والتعذيب).

وحتى ليل أمس، استمرت كل القوى السياسية والامنية والقضائية بالتبرؤ من مسؤولية إفساح المجال امامه للعودة إلى لبنان. وبدا واضحاً وجود ما يشبه الإجماع على محاسبة الفاخوري. النائب وليد جنبلاط الذي تُحسب القاضية أبو شقرا على حصته في المحكمة العسكرية، كان اول من ادان السماح له بالعودة إلى لبنان. القوى المقاوِمة (الحزب الشيوعي وحركة امل والحزب السوري القومي الاجتماعي…) تحركت ميدانياً، وسياسياً، لرفض تبييض صفحات العملاء. وبرز أمس موقف حادّ لحزب الله في هذا السياق. فبعد تحرّك مسؤولي ملف الأسرى في الحزب، ووسائل إعلامه، لمواكبة قضية الفاخوري، قبل ان يخرج مسؤولون منه بمواقف عالية السقف، أكّد رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين أمس أن «الإجرام وارتكاب المجازر وتعذيب الأسرى من المقاومين والرجال والنساء، لا يمكن أن يمحى بتقادم السنين كما يتم الحديث على المستوى القانوني اليوم». وسأل صفي الدين عن المخطط الذي أتى الفاخوري، بجنسيته الأميركية، من أجل تنفيذه، «علما أنه عميل مجرب». وطالب صفي الدين بـ«محاكمة هؤلاء المجرمين خاصة ممن لا يزالون مرتبطين بالعدو الإسرائيلي، وإنزال أشد العقوبات بهم، ومن يباشر بهذا الملف، أيا كان، عليه أن يتعاطى معه على أنه حساس وخطير، وأن يتذكر دائما أن هناك أسرى وشهداء وجرحى من المقاومين تعذب بعضهم وقضى بعضهم الآخر على يد هذا المجرم العميل، وأن هناك سؤالا سيجيب عنه أمام أولئك الذين تحملوا من هذا العميل وغيره كل هذه التضحيات سواء في سجن الخيام أو في غيره».

ويوم امس أيضاً، كان رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية جبران باسيل، واضحاً لجهة المطالبة بمحاسبة الفاخوري، والفصل بين ملفه وملف الفارين إلى فلسطين المحتلة عام 2000 من الذين لم يتورطوا قبل ذلك في التعامل مع العدو. وكان لافتاً موقف القوات اللبنانية الذي عبّر عنه وزير العمل كميل بو سليمان، إذ اعتبر أن الجرائم المنسوبة إلى الفاخوري، وخاصة جرائم التعذيب، لا تسقط بمرور الزمن.

بو صعب يوعز إلى جرمانوس
باستئناف أي قرار
بإخلاء سبيل
الفاخوري

في مقابل «الإجماع» السياسي على المطالبة بمحاسبة الفاخوري، ارتفع منسوب التدخل الأميركي في هذه القضية. وعلمت «الأخبار» أن هذا الضغط لا يقتصر على مسؤولين من السفارة يضغطون تحت عنوان تقديم الدعم لمواطن اميركي، بل وصل الأمر إلى تحرّك اعضاء في الكونغرس الأميركي، وإجرائهم اتصالات بمسؤولين لبنانيين للمطالبة بالإفراج عن الفاخوري بذريعة أنه دخل لبنان كمواطن اميركي، وان ما يُنسب إليه سقط بمرور الزمن. كذلك تولى محامون أميركيون البعث برسائل تهديدية إلى وزراء لبنانيين، محذّرين من أن ملف الفاخوري بات في عهدة أعضاء في الكونغرس.

في المقابل، علمت «الأخبار» أن وزير الدفاع الياس بوصعب استخدم مسبقاً الصلاحية التي يمنحها إياه قانون القضاء العسكري، فأوعز إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية باستئناف أي قرار يصدر عن قضاة التحقيق بإخلاء سبيل الفاخوري.

على صعيد آخر، لم يفصح الجيش بعد عن الأسباب التي ادت إلى سحب اسم الفاخوري من البرقية رقم 303 (التي تسمح بتقييد مراقبة العملاء والمتهمين بالإرهاب). وقد تبيّن أن القرار الذي أصدرته الحكومة عام 2014 لإلغاء كافة الإجراءات التي لا ينص عليها القانون (كوثائق الاتصال وقرارات الإخضاع والبرقية 303)، استثنت لاحقاً المتعاملين مع العدو الصهيوني. وسبق أن اكد ذلك لوسائل الإعلام وزير الداخلية (حينذاك) نهاد المشنوق، فضلاً عن إرساله كتاباً إلى وزارة الدفاع – قيادة الجيش يوم 1 أيلول 2015، يوضح فيه أن قرار مجلس الوزراء الصادر يوم 24 تموز 2014 استثنى من إلغاء «وثائق الاتصال» تلك «المتعلقة بالتعامل مع العدو الإسرائيلي والإرهاب المثبت قضائياً».

بو صعب لا يوقّع بريد الجيش منذ أسابيع

منذ مدّة، لا تبدو علاقة وزير الدفاع الياس بو صعب بقائد الجيش العماد جوزف عون على ما يرام. مجموعة عوامل، أبرزها ملف المراسيم التطبيقية لقانون الدفاع، أوصلت الخلاف إلى مرحلة اعتكاف وزير الدفاع عن توقيع بريد الجيش منذ نحو شهر.

ولو أن بو صعب ينفي الأمر، إلّا أن كثيرين باتوا على اقتناع بأن الجفاء بين الطرفين يخفي التنافس غير المعلن بين قائد الجيش العماد جوزف عون ووزير الخارجية جبران باسيل، على مقعد رئاسة الجمهورية طبعاً. ومع أن العماد عون لم يتحدّث علناً عن سعيه للوصول إلى سدّة الرئاسة، إلّا أن باسيل بات يتصرّف على هذا الأساس، مستنداً إلى اقتناع بأن الأميركيين قد يفضّلون مستقبلاً دعم قائد الجيش على حسابه، خصوصاً أن زيارات الاخير متكرّرة إلى الولايات المتحدة، فيما يقابل الأميركيون باسيل بالجفاء. ومن هنا «تجري محاولات تقليم أظافر القائد، ومن ضمنها السعي لتغيير مدير المخابرات العميد طوني منصور».

واشتدّ الصراع في الأيام الماضية، على خلفية عودة العميل عامر الفاخوري إلى لبنان واعتقاله، وبعد أن تبيّن أن أحداً ما نزع اسمه عن لائحة البرقية المنقولة رقم 303، وتوقيف عميد في الجيش قام بمرافقته إلى المديرية العامة للأمن العام قبل اعتقاله، إذ إن ما يتردّد وسط أروقة الجيش يوجّه اتهامات واضحة لمقرّبين من باسيل، بقيادة الحملة ضد قائد الجيش ومنصور، «لا سيّما المساهمة في نشر صور الفاخوري مع عون في السفارة اللبنانية في واشنطن، أو نشر خبر حول توقيف العميد أ. ي. مع صورة منصور بدل صورته».

وزاد الطين بلّة، الغداء الذي استضاف فيه باسيل مجموعة من العمداء المتقاعدين يوم الجمعة الماضي، في عزّ ما اعتبره الجيش حملة ضده، ونشر باسيل صورة للغداء مع تعليق. وفيما بدت الخطوة استفزازاً لقائد الجيش ومعه النائب شامل روكز، وضع وزير الدفاع في اتصال مع «الأخبار» الأمر في سياق «النقاش مع الضباط المتقاعدين حول موازنة 2020، وليس استهدافاً لأحد».

من مآخذ الجيش على بو صعب
أنه «لم يدافع عن حقوق
العسكريين في
الموازنة»

أما اعتكاف بو صعب عن توقيع بريد الجيش، فيردّه الوزير إلى «التأخير والمماطلة التي تمارس من قبل الجيش في تقديم مشروع المراسيم التطبيقية لقانون الدفاع المتأخرة منذ 36 عاماً لوزارة الدفاع، حتى يتمكن الوزير من رفعها إلى مجلس الوزراء وإقرارها». ويؤكّد الوزير أنه يمتنع عن التوقيع منذ أسابيع، وأنه لن يعود إلى التوقيع قبل حصول الوزارة على مشروع المراسيم التطبيقية. وفيما ينفي بو صعب أن يكون موضوع الأزمة المالية التي حصلت مع متعهدي الطعام للجيش لها علاقة بتوقيعه، يشير لـ«الأخبار» إلى أنه يوقّع كل البريد الضروري لتسيير شؤون العسكر وحاجاتهم، لكنّه لا يوقّع بريداً غير مستعجل. ويؤكّد بو صعب أن أزمة المتعهدين حُلت، وسببها متأخرات منذ العام 2018 لم تدفعها وزارة المالية (يقول وزير المال علي حسن خليل لـ«الأخبار» إن الأزمة انتهت والسبب هو تأخير إداري، وجرى تضخيم القضية وليس هناك أي موقف سياسي).

لكن على المقلب الآخر، يبدو قرار وزير الدفاع الأخير مرحلة في سياق من التراكم السيّئ في العلاقة، إذ إن الجيش يعتبر أن بو صعب لم يقم بدوره في الدفاع عنه وعن حقوق العسكريين خلال نقاش الموازنة، وأنه كان يمكن أن يؤثّر أكثر، لكنّه اكتفى بالتصريحات الإعلامية، وهو ما ينفيه بو صعب، مؤكّداً أنه «دافع عن حقوق العسكريين ووصل الأمر به أن يتساجل مع الوزير جبران باسيل في إحدى جلسات مجلس الوزراء حول الموضوع». ومن مآخذ الجيش على بو صعب، «استغلاله لملفّ الحدود البرية والمعابر غير الشرعية لخوض معركة إعلامية شخصية بدل الدفاع عن الجيش».

اليمن يهزّ عالم البترودولار

لم تبدأ الحرب أول من أمس مع ضربة منشأتي «أرامكو» شرق الجزيرة العربية. إلا أن الهجوم الأضخم، ولئن كان يشكّل علامة على مآلات السنوات الماضية، يعدّ بحاله جولة تكاد تعادل ما مرّ من جوالات. صباح السبت، كانت «السهام» اليمنية تخرج من تحت الركام مصوّبة على قلب القلب في المملكة السعودية: «أرامكو»، قالبة المعادلات والتوازنات، وناقلة مشهد الحرائق والدمار من اليمن إلى معاقل الزيت التي بها وحدها قاتلت الرياض من قاتلت وحالفها من حالفها. تلك المنشآت التي صنعت، على مدار العقود الماضية، السعودية على ما هي عليه، وهي اليوم محط آمال حكّامها للحفاظ على المستقبل.

أهمية الضربة ستتضح في الأيام المقبلة، حين سيظهر عجز الطرفين الأميركي والسعودي وضيق الخيارات أمامهما؛ فالأول لا يريد افتضاح كذبة «الحماية»، وفي الوقت نفسه يخشى ارتفاع أسعار البترول. والثاني، بفضل عناده وارتهانه لواشنطن، بدأ ينتقل من التخبط في المستنقع إلى الغرق فيه. وفي هذا الوقت، تستفيد إيران من تفكّك قواعد الحملة ضدها مع استشعار العالم إمكانية ارتفاع الأسعار ودفع الجميع الثمن.

سيطول النقاش حول من أين خرجت الطائرات، أو هل هي مسيّرات أم صواريخ مجنحة، لكن النتيجة واحدة. تتوجه الأنظار في الرياض كما طهران إلى موقف واشنطن من القضية، لكن لا مؤشرات على أن حكام السعودية تعلّموا الدرس هذه المرة بأن الولايات المتحدة لا تقاتل عن أحد. ليس هذا فحسب، فهي لن تألو جهداً في استثمار ضعف هؤلاء وارتهانهم لمزيد من الابتزاز والحلب المجاني. فواشنطن سبق أن بعثت برسالة إلى بغداد، مع ضربة ينبع، مؤكدة أن المسيّرات خرجت من العراق، لكن ما الذي حصل بعد ذلك؟ بل ماذا حصل حين أسقطت طائرتان أميركيتان في اليمن وعلى أيدي «الحوثيين» أنفسهم؟ ويتعمّق مأزق حكّام الرياض حين نعلم أنهم ممنوعون من الحوار مع إيران، بقرار أميركي صدر قبل أشهر، مجهِضاً في المهد محاولة سعودية لإيجاد حلول إقليمية قد تسبق الحوار الإيراني الأميركي الذي ترتفع أسهمه اليوم.

يكفي لفهم حجم الورطة السعودية أن الأخيرة مضطرة إلى الرد على اتصال دونالد ترامب والاستجابة لطلبه فتح احتياطيها لتعويض الخسائر بكل بساطة. وهي خسائر بدأت تتكشّف ساعة بعد أخرى، ليرجّح الخبراء ليل أمس أن الأضرار جسيمة وتحتاج إلى أسابيع لإصلاحها، وبالتالي ما ستخسره السعودية مع توقف نصف إنتاجها على الأقل لأيام (معدّل عائد الإنتاج اليومي يقارب نصف مليار دولار) لن يكون من فئة الملايين، بل المليارات. مليارات «البترودولار» تحترق في صحراء العرب أمام أعين العالم والقواعد الأميركية وعدسات الأقمار الصناعية، بسلاح بخس الثمن، لتقول إن ثمن مغامرة اليمن ليس تعذّر الانتصار فحسب، بل جني خسائر عكسية تماماً.

كيف تحذف ستة ملايين برميل: عن ضربةٍ غيّرت كلّ شيء

الذين خططوا للهجوم على مجمّع “ارامكو” في بقيق، كانوا يعرفون ماذا يفعلون. إن قيل إنّ نقاط الضعف في الدّول الخليجية تتمثّل في منشآت النفط ومحطات إنتاج الطاقة ومعامل تحلية المياه، فإنّ موقع بقيق (تكتب أيضاً «ابقيق») يضمّ أكبر وحدةٍ لمعالجة النفط في السعوديّة، وفيه أيضاً محطّة طاقة هائلة، وملحقٌ به معملٌ ينتج ما يقارب ثلث المياه التي يتمّ تحليتها في السّعوديّة.

حتّى نفهم أهميّة مركزٍ مثل بقيق في عمليّة انتاج النفط، ولماذا يشكّل “نقطة خنق” في المنظومة، فالقصّة بتبسيط هي كالآتي: النّفط، حين يخرج من باطن الأرض، يكون في حالة ضغطٍ عالية، ويختلط به غازٌ وشوائب، فلا إمكانية لاستخدامه وهو خارجٌ من البئر. عليك أوّلاً أن ترسل النفط الى وحدة تكريرٍ خاصّة (تكون عادةً على مقربة من موقع الإنتاج) تعالج النّفط لكي يعود الى مستوى الضغط الجوّي الطبيعي، ويُفصل عنه الغاز، ويصبح في الإمكان إرساله الى المصافي أو الى مرافئ التّصدير. من دون هذه العمليّة، لا يمكنك استخدام النّفط أو حتّى استخراجه وتخزينه؛ وموقع بقيق كان يعالج كلّ النفط الذي يخرج من حقل “الغوّار” الهائل وحقول مجاورة، أي ما يقارب نصف إنتاج السّعوديّة أو خمسة بالمئة من الاستهلاك العالمي بأكمله.

من هنا، وصف أحد الخبراء موقع ابقيق بأنّه “أثمن عقارٍ على كوكب الأرض»، ولهذا السّبب اتّصل ترامب بولي العهد السّعودي “معزّياً” وقلقاً بعد الهجوم (هو لا يتّصل بقادة الخليج حين يُقتل جنودهم وضباطهم، مثلاً، في اليمن، ولكن هذه مسألة «تمسّ الاقتصاد الأميركي والعالمي»، على حدّ قول ترامب)، ولهذا السّبب تخرج التصريحات التهديدية من بومبيو وغيره. وقد حصل، بالتّوازي، استهداف مجمّعٍ قرب حقل “خريص” ايضاً، ولكنّ التسجيلات التي خرجت من بقيق، حيث السّكن قريبٌ الى مكان الهجوم، هي التي صنعت الحدث من الناحية الإعلامية وأظهرت حجم ما جرى؛ الّا أنّنا نعرف أن الإنتاج في حقل “خريص»، هو الآخر، قد توقّف. في كلّ الأحوال، فإنّ هذا الهجوم، على عكس سابقيه، لا يمكن “إخفاؤه” والتستّر عليه تحت شعار “حريقٍ بسيط تمّت السيطرة عليه»، اذ إنّ آثاره ستكشف عن نفسها في سوق النّفط: أعلنت السّعودية أنها قد خفضت انتاجها بأكثر من خمسة ملايين برميل يوميّاً (أي ما يعادل انتاج الإمارات والجزائر وليبيا معاً)، وكشفت صور الأقمار الصناعية عن سحب الدّخان تتصاعد على طول خطّ الأنابيب الذي يخرج من “الغوّار»، في دليلٍ على قطعٍ فوريّ للإنتاج (حين يتوقّف الانتاج فجأةً في حقلٍ نفطيّ، فأنت تضطرّ الى تنفيس الضغط في الأنابيب عبر سحب كمياتٍ من النفط الذي يندفع بداخلها، وإحراقه في أماكن معدّة لهذا الغرض).

اليمن لن يخرج من هذه الحرب خاسراً
مهزوماً ناقص السيادة واليمنيون
لن يفاوضوا مجدداً من
موقع الضعيف

زعم مسؤولون سعوديون لوكالات غربيّة أنّ الانتاج سيعود خلال أيّام، ثمّ عاد وزير النّفط السعودي ليقول إنه سيقدّم تقييماً للأضرار خلال يومين من دون التزامٍ حول موعد عودة الآبار الى العمل، وهنا الاختبار القادم لحجم الحدث: خلال 48 ساعة، إن عاد الإنتاج الى الحقل الكبير وأصدرت “ارامكو” بياناً مطمئناً، فسوف ترتاح الأسواق، وإلّا تكون قصّةٌ أخرى (المضاربون، بلا شكّ، يقومون الآن بالمراهنة على ما سيحصل بعد يومين، ويشترون عقود نفطٍ مستقبليّة أو يضاربون ضدّها). لا تسمح الحكومة السعودية بنشر صورٍ للأضرار، فالجميع يخمّن في هذه المرحلة، ولكن خبيراً نفطياً عمل في مواقع مشابهة يقول إنّه، بالنظر الى صور الانفجارات، فهو لا يتوقّع أن تكون هناك أيّة أجزاء لا تزال تعمل في المجمّع بأكمله. إصلاح منشآتٍ بهذا الحجم يستغرق أشهراً، وإعادة بنائه تستلزم سنوات ــــ ولكنّ البلد النفطي يمتلك طاقة احتياطيّة لمعالجة النفط في مواقع أخرى، وقد يكون بالإمكان نقل نفط “الغوّار” اليها. ولكنّ جوهر الحدث هنا هو أنّ المحرّم قد كُسر، وشاهدنا “درّة التّاج” للنّظام النّفطي وهي تشتعل عالياً ووهجها يضيء السّماء، لا حصانة ولا مناعة لمصالح النّفط، والسؤال الأهمّ: ما الذي يمنع تكرار هذا الفعل بعد الآن؟ لهذه الأسباب لا يزال العالم يحاول استيعاب ما جرى، وفهم شروط المرحلة القادمة في المنطقة، بعدما أرسى اليمنيّون فجر السّبت معادلةً جديدة: عشر طائرات مسيّرة مقابل ستة بالمئة من إنتاج النفط العالمي.

أبراج النفط تحترق

السّؤال الحقيقي، بالمعنى التّاريخي، هو ليس “لماذا حصل الهجوم” أو “كيف”؟ بل لماذا تأخّر الأمر حتّى اليوم، حتّى فعلها اليمنيّون؟ الغريب هو أنّ عبد النّاصر لم يفعلها، والعراقيّون لم يضربوا النّظام السّعودي ــــ بعد كل ما فعلته الرياض بالعراق ــــ في مكانٍ يؤلمه؛ والغريب هو أنّ السوريّين لم يردّوا بصواريخهم على مصدر الشرّ حتّى حين احترقت بلادهم، وإيران نفسها ــــ على طول الحرب المريرة مع العراق ــــ لم تقدم على ضرب مراكز النفط مباشرة (ولو فعل أحدهم ذلك لما كنّا اليوم هنا). ولكنّك، حين تستسهل العدوان على الغير، وتعيد الكرّة مرةً بعد أخرى، سوف تقع في نهاية الأمر على من سخّره الله لإذلالك؛ والتّاريخ يرتّب الأمور ليصنع لنا مشهداً كهذا، فيه أمثولةٌ وحكمة. يكفي أن تقارن بين اليمنيّ المحاصَر الفقير وبين الأبراج اللامعة الهائلة في موقع “شركة الزيت العربية الأميركية” في بقيق، وكيف قام اليمني بالانتقام ممّن غزا بلاده فأحرق أبراجه ومنشآته التقنية الثمينة، حتى تفهم أنّ ميزان القوى في الإقليم قد انقلب بشكلٍ حقيقيّ؛ وأن اليمنيّين هم وحدهم من ردّوا الصفعة الى النّظام السّعودي، نيابةً عن كلّ ضحاياه.

المسألة هنا ليست في “الشماتة” أو “الحقد” (والحقد ليس خطيئة حين يكون مستحقّاً، وإن لم نحقد على النظام السعودي فعلى من نحقد؟). الشماتة الحقيقيّة، والحقيرة، هي حين تنظّر لغزوٍ يدمّر اليمن ويقتل مستقبل الملايين، والشماتة هي حين تعيش مرحلة ازدهارك وانت تجوّع العراق تحت الحصار، ثمّ تزرع مدنه بالمفخخات، والشماتة هي حين تهلّل لتحويل سوريا الى أفغانستان. تقول شركة “ارامكو” إنّ أحداً لم يصب في الهجوم، والخسائر ماديّة بحت، وهي أصابت قلب النّظام السّعودي؛ فعلامَ يفترض بنا أن نحزن، كعربٍ يعيشون حالة الحرب الدائمة في هذا العصر الخليجي؟ على وضع “سوق النّفط العالمي»، أم على إصدار أسهم “ارامكو»، أم على خزينة الأمير وتمويل جيشه ولوحاته ويخوته؟ كلّ ما في الأمر هو أنّ “نمط انتاج الثروة” في المنطقة قد تعرّض لتعديل: بعدما كان مال النّفط يذهب لتمويل الهيمنة على العرب، والهيمنة عبر التمويل، ولإشعال الحروب الداخليّة، وأخيراً، الغزو المباشر، أصبحت الثروة النفطيّة هي الأخرى في مرمى العربي الفقير، ونفطك ليس أغلى من دمهم.

من الجهة السياسيّة، فإنّ أوّل ما حصّله اليمنيّون كان أنهم قد ضمنوا انهاء الحرب عليهم. لم تعد مسألة استمرار الحرب خياراً بالنسبة الى الرّياض، واستمرار مثل هذه الضربات يعني الإفلاس ببساطة. دخلت الرياض الحرب وهي مطمئنة، بلا شكّ، الى أنّ بناها الحيوية ستكون خارج مدى اليمنيّين، وأنّ أقصى ما يملكونه هو بقايا من ترسانة الـ«سكود” القديم. لو تخيّل ابن سلمان أنّ اليمن سيطوّر، تحت الحرب والقصف، قدرات ويذهب بها الى مواقعهم الحسّاسة، لما دخل الحرب بالتأكيد، بل لمنعته اميركا من خوض الحرب. واليوم، حتّى لو أراد ابن سلمان أن يستمرّ في القتال في اليمن، فإنّ ترامب سيمنعه.

حقّاً، فإنّ البعض يملك نظرةً سحريّة عن مفهوم “التفاوض” و”المناورة” و«الذكاء»، كأنّها في ذاتها يمكن أن تتحايل على ميزان القوى، فيما التاريخ يثبت لنا ــــ للأسف ــــ بأنّك لا تكون مقنعاً في المفاوضات إلّا وأنت توجّه مسدّساً من تحت الطّاولة، وغير ذلك قد تطول الحرب في اليمن ــــ وغير اليمن ــــ لسنوات، فيما السياسيّون يفاوضون و«يناورون». نقطة الضعف معروفةٌ منذ زمن، وهي جيوب حكّام الخليج، فهم لا يهمّهم أن تهزم ميليشياتهم في الإقليم، أو أن يموت كلّ من يدفعون له الرواتب ليقاتل (هم يتابعون هذه الأحداث، بفرحٍ أو تحسّر، كمن يشاهد مباراة رياضيّة)، ولكن أن تصل الى نفطهم وميزانيّتهم فالأمر يختلف تماماً. منذ سنتين، كانت الرياض تفاوض اليمنيين على نصف اليمن، والبارحة كانت تفاوضهم على شكل النظام في المستقبل. أمّا اليوم، فهدف التفاوض ــــ ببساطة ــــ هو أن يوقف اليمنيّون هجماتهم ويكفّوا عن المنشآت الحساسة السعودية (وهذا خبرٌ سيئ جدّاً لحلفاء الرياض في اليمن، فهم آخر من سيتمّ اعتباره في سياقٍ كهذا). والجميع في المنطقة يراقب ويأخذ العبر.

نقاط الضّعف

البديل أمام الرياض وواشنطن هو أن يوسّعوا دائرة الحرب ويجعلوا الهجوم عليهم مكلفاً عبر جرّ إيران أو العراق الى المواجهة (فلم يعد هناك لدى اليمنيين ما يمكن أن تهدّدهم به لتردعهم). ومنذ اللحظة الأولى للهجوم، والإعلام السعودي يحاول أن يجد “مذنباً”، داخلياً أو خارجياً، يعلّق عليه ما جرى. خرجت نظريّة بأن الطائرات (أو الصواريخ الجوالة) قد أُطلقت من العراق؛ ثمّ اتّهم بومبيو ايران، وفي النهاية قالها السيناتور ليندسي غراهام بوضوح: يجب ضرب المصافي الإيرانية كردٍّ على ضرب المصافي السّعوديّة.

لو كانت هذه الأمور تجري في الثمانينيات لكانت هذه التهديدات حقيقيّة وجديّة، بصرف النظر عن القانون الدولي والأحقيّة والدلائل المادية وكلّ هذه الأمور: سهّلت اميركا والخليج ضرب منشآت النفط الإيرانية يومها، وكادت في أواخر الحرب أن تعطّل التصدير الإيراني، لأنّها كانت تعرف حدود قدرات طهران في لعبة التصعيد. لكن الإيرانيين تعلموا من تلك التجربة، ومن سنوات الحصار، والشيء الوحيد الأكيد في حالة التصعيد العسكري هو أن ترسانة ايران تعطيها القدرة على مسح كلّ البنى النفطية في الخليج (وهجوم السّبت يجعل ذلك خارج دائرة الشك). وفي حالة “السيناريو النووي” هذا، فإنّ ثمن المنشآت الخليجية وتأثيرها على السوق، من ناحية، أكبر بكثير من نظيرتها في ايران و، من ناحية أخرى، فإنّ ايران ــــ من بين دول الخليج ــــ هي الأقدر على البقاء والاستمرار (أو الاستمرار لفترة أطول) من دون انتاجٍ نفطيٍّ وتصدير. لهذه الأسباب كلّها، فإنّ الحرب الموسّعة لن تحصل.

اليوم حتّى لو أراد ابن سلمان أن
يستمرّ في القتال في اليمن
فإنّ ترامب
سيمنعه

بومبيو، من جهته، يستخدم المفاوضات المحتملة كوسيلة للضغط، عبر القول بأنّ هجماتٍ كهذه تجري بدعمٍ وتشجيعٍ من طهران، وهذا يعني أن الأميركيين لن يجلسوا معهم على الطّاولة. غير أنّ اميركا تقيم، أصلاً، أقسى حصار دبلوماسي واقتصادي ممكن ضد ايران، وقد نقضت الاتفاق النووي. هل يعتقد بومبيو حقّاً أنّه سيجعل روحاني يذهب الى الحرس الثّوري، ويطلب منهم وقف التّعاون مع “أنصار الله”، لأنّهم يهدّدون “فرصة المفاوضات”، وأنّهم سيستمعون اليه؟

بالحديث عن ميزان القوى والاستعدادات العسكريّة، فإن هناك شيئاً يجب أن يُقال عن انكشاف أهمّ موقعٍ اقتصاديّ سعوديّ أمام هجماتٍ من هذا النّمط. لو كنت مكان حكّام الرياض، لما حاولت توجيه الغضب ضدّ مذنبٍ خارجيّ، بل بدأت بمعاقبة الجنرالات في جيشي. أثمن موقعٍ لديك وعقدة انتاج النفط في بلدك، وانت تعرف شكل التهديد، وقد حصلت هجمات مماثلة في الماضي، ولا تحميه بشبكةٍ هائلة من الدفاع الجوي، متعددة الطبقات وتعمل على مدار 24 ساعة؟ الأهداف بالطبع كثيرة ولا يمكن حمايتها كلّها، غير أنّ هذا ــــ تحديداً ــــ هو الأكثر حساسية على الإطلاق (توجد تقارير أميركية منذ عام 2006 عن مجمّع بقيق، وهشاشته، والضرر الذي قد ينتج من اخراجه عن الخدمة). أنفقت الحكومة السعودية على الدّفاع الجوي والطيران مالاً يكفي للدفاع عن سماء الاتحاد السوفياتي، ولا تقدر على حماية أهمّ مرفقٍ لديك؟ هذا يعيدنا، باختصار، الى أوّل ردّ فعلٍ لي حين استقوت حكومات الخليج على اليمن، واستسهلت أن تعلن الحرب عليه. انتم، بصراحةٍ، لستم أهل حربٍ ولا تقدرون عليها، فلماذا ترمون بأنفسكم تحت ثقالها؟

خاتمة

الصّور الأوليّة للأقمار الصناعية تظهر أنّ الأذى في مجمّع بقيق لم يكن عشوائياً: لقد تمّ استهداف وحدة معالجة النفط تحديداً، وفي عدّة مواضع (وليس معمل الطاقة مثلاً، أو الصهاريج). لقد تمّ وضع اليمنيين في موضعٍ لم يعد لديهم فيه ما يخسرونه، فأصبحوا يهددون بأن يخسر ابن سلمان كلّ شيء. هذه ليست ضربةً قد تكون أنهت حرباً فحسب، بل هي ستكون حاضرةً في الذاكرة لدى كلّ مفصلٍ قادمٍ في شؤون المنطقة، وعند كلّ نقاشٍ عن توزّع الثروة واستخدامها، ولهذا هي تغيّر “كلّ شيء”.

اختتم الثلث الأول من القرن العشرين بحربٍ بين يمن الإمامة والدولة السّعودية التي كانت لا تزال في مرحلة “التوحيد”. هزيمة اليمن رسمت حدود المملكة من الجنوب وخلقت واقعاً مختلفاً، وتراتبية جديدة للقوة في شبه الجزيرة. ما أصبح واضحاً اليوم هو أن اليمن لن يخرج من هذه الحرب خاسراً مهزوماً ناقص السيادة، فهذه الأمور قد استردّها اليمنيّون بقوّة ساعدهم، وهم لن يفاوضوا مجدداً من موقع الضعيف.

اللواء*  اللواء

موازنة متوازِنة لإغواء دول «سيدر» بإطلاق مشاريع لبنان

الحريري في كليمنصو يتحدّث عن «إقتصاد نازل».. وباسيل ينفتح على التيارات الإسلامية ويُحاصِر المسيحية

يمضي أركان السلطة في اغداق الوعود وضرب المواعيد والخطط، بدءاً من تصورات وافكار سمع بها المواطن اللبناني، تارة لمعالجة جدية للوضع الاقتصادي الذي يحظى بأولوية، في الحكومة، والموازنة، التي ترتبط بالموازنة السابقة، وبالموازنتين اللاحقتين 2020، 2021 وما بعدهما، انطلاقاً من الرغبة اللبنانية لاغواء المعنيين الدوليين بمؤتمر «سيدر» للافراج عن المليارات الـ11، المخصصة لانهاض الاقتصاد اللبناني، بدءاً من خارطة طريق الورقة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة.. وأبدت القوى السياسية المشاركة في الوزارة موافقتها عليها في اجتماع بعبدا.

ومن هذه الوجهة، يرأس الرئيس سعد الحريري عند الساعة الخامسة والنصف من عصر اليوم بالسراي اجتماعاً مهماً للجنة الكهرباء، يتناول دراسة دفاتر الشروط لتلزيم معامل الإنتاج.

وفي سياق متصل، وصل إلى بيروت مساء أمس وزير الدولة لشؤون الطاقة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول المهندس سعد بن شريدة الكعبي، حيث يُقابل اليوم كبار المسؤولين ووزيرة الطاقة ويبحث معهم في سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين ولا سيما على صعيد الطاقة.

 الموازنة وتعيينات

إلى ذلك، يفترض ان يمر الأسبوع الطالع على وقع مناقشات مجلس الوزراء لمشروع موازنة 2020 في جلسة أولى غداً الثلاثاء، ثم جلسات متتالية قبل وبعد عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من زيارة باريس، التي يزورها يوم الجمعة المقبل للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ويعلن بعد اللقاء انطلاق بدء تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» الاقتصادي لدعم لبنان.

ويقع مشروع الموازنة الذي وزّع على الوزراء في 1089 صفحة، ويعتبر نسخة مصححة عن موازنة 2019 الذي كان يتألف من 1234 صفحة، لكن المعنيين يرون في المشروع موازنة إصلاحية، وان لم تتغير فيها الأرقام بشكل كبير وتتماشى مع متطلبات «سيدر» وتواكب ما بدأ العمل فيه في موازنة 2019 من إصلاحات.

والثابت، بحسب تقرير وزير المال علي حسن خليل عن مشروع الموازنة، والذي يعتبر بمثابة مقدمة للمشروع انه لا يتضمن أي ضرائب جديدة أو زيادة على البنزين، أو على الضريبة على القيمة المضافة VAT، لكنه يؤكد على انه من الضروري ان تقوم الحكومة بانعطافة كبيرة في مجال إدارة الوضع المالي ومقاربة الوضع الاقتصادي والتنموي والاستثماري بشكل مختلف، ويشير إلى ان هذه الموازنة يفترض ان تؤمن نقاطاً أساسية كالعودة إلى القانون واسترداد كل ما أخذ من الدولة بشكل يخالف الأصول (في إشارة إلى الأموال المنهوبة) حصة الدولة من المداخيل وصولاً إلى شبكات الأمان والبنى التحتية وتحفيز الإنتاج والاملاك العامة، التقاعد الإدارة العامة وغيرها.

وبالنسبة إلى الأرقام، يلحظ المشروع تخفيض 2600 مليار ل.ل. بناءً للتوجه العام بعدم زيادة الانفاق وفي ضوء التخفيضات التي لحقت بمختلف الإدارات والمؤسسات العامة أثناء مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2019، مع الإشارة إلى ان أبرز الزيادات مقارنة بقانون موازنة العام 2019 تمثلت بقيمة الفوائد التي ارتفعت بحدود 882.63 مليار ل.ل. ومعاشات التقاعد وتعويضات الصرف بحوالى 302.3 مليار ل.ل.

وفي الغوص أكثر في محتوى مشروع موازنة 2020 وأرقامه يظهر أن إجمالي الإنفاق العام من جاري واستثماري قد بلغ حوالى 24.100.04 مليار ل.ل.، متضمناً اعتماداً بقيمة 9194.6 مليار ل.ل. تسديداً للفوائد على سندات الخزينة بعد أن كان 8312 مليار ل.ل. عام 2019. ويقابل هذا الإنفاق إيرادات موازنة ضريبية وغير ضريبية تمّ تقديرها بـ19.009.9 مليار ل.ل.

علماً انه يضاف إلى العجز مبلغ 1500 مليار ليرة ل.ل. يمثل سقف سلفة الخزينة المجاز اعطاؤها خلال العام 2020 لمؤسسة كهرباء لبنان ليصبح 659.01 مليار ل.ل. أي ما نسبته 7.28٪ من إجمالي الناتج المحلي.

وينهي خليل تقريره بأن الوضع الاقتصادي الدقيق الذي يمر به البلد يتطلب إجراء إصلاحات سريعة وتحسين وتحصين الموازنة بحيث تُلبّي حاجات التنمية والاقتصاد وتعكس توجهات واولويات الحكومة. (النص الكامل للتقرير على موقع «اللواء» الالكتروني.

ومعلوم ان مجلس الوزراء سيبحث غدا في تعيين رئيس ومدير عام واعضاء مجلس ادارة ومفوض الحكومة في المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (ايدال)، وتعيين امين عام المجلس الاعلى للخصخصة والشراكة، ومعه مشروع مرسوم تنظيم اعمال المجلس الاعلى للخصخصة وسير عمله.

وبحسب المعلومات، فإن هناك اقتراحاً بتعيين الدكتور مازن سويد رئيساً لمؤسسة (ايدال) خلفاً لرئيسها نبيل عيتاني، فيما لم يعرف أعضاء مجلس الإدارة ومفوض الحكومة لديها، وكذلك تعيين رئيس المجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك الذي استقال منذ فترة طويلة.

لكن يبدو ان جلسة الغد ستكون مثقلة ايضا ببعض البنود المهمة غير مشروع الموازنة المدرج كآخر بند رقم 26، حيث يبحث المجلس في موضوعين يتعلقان بقانون الايجارات، الاول مشروع مرسوم النظام المالي لحساب صندوق مساعدات المستأجرين، والثاني اقتراح قانون لتعديل بعض مواد قانون الايجارات رقم 2 تاريخ 28 شباط 2017 المقدم من عدد من النواب.

كما يبحث المجلس في البند 9 اقتراح قانون يرمي الى فصل وزارة البلديات عن وزارة الداخلية. ومشروع مرسوم لتعديل مرسوم تنظيم المقالع والكسارات، وسيعرض مجدداعرض وزير الدفاع للاستراتيجية المتكاملة لإدارة الحدود المؤجل من الجلسة الماضية، وعرض وزارة الطاقة مشروع تزويد القرى والبلدات المجاورة لمطمر الناعمة بالكهرباء مجاناً، وطلب وزارة الاقتصاد استلام محصول القمح وتحديد السعر التشجيعي للعام2019.اضافة الى مشاريع اتفاقيات، وشؤون مالية ومتفرقة وسفر وفود للخارج.

الحريري في كليمنصو

وعشية مجلس الوزراء، حرص الرئيس الحريري على زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، تلبية لدعوة قديمة، وكان مقرراً القيام بها في الأسبوع الماضي، لكنها تأجلت بسبب تطورات الوضع في الجنوب، واصطحب الحريري في الزيارة مستشاره الوزير السابق غطاس خوري، فيما حضر من قبل الحزب الاشتراكي الوزير وائل أبو فاعور.

واللافت في الزيارة، والتي تخللها عشاء عمل، ان الموازنة تصدرت العنوان الأساس لها، انطلاقاً من ان هم المواطن الأوّل هو الوضع الاقتصادي، بحسب الحريري الذي ردد هذه العبارة ثلاث مرات، مشيرا إلى وجوب العمل بسرعة لمعالجته.

وقال ان العشاء كان لتنسيق المواقف، والتي قد يكون هناك تباين فيما بيننا حيال بعضها الا ان الأساس هو في النهاية هو مصلحة البلد.

وفي رده على أسئلة الصحافيين، أوضح الحريري ان الفكرة الأساس هي ان نتمكن من إقرار الموازنة ضمن المهلة الدستورية، على ان تسير كل الموازنات بعدها بهذا المنطق، مشيرا إلى ان الأساس في هذه الموازنة هو وضع خطة لثلاث سنوات لمواجهة كل التحديات، بحيث تكون هذه الموازنة مرتبطة بموازنة عامي2021 و2022، وان تترافق مع إجراءات نقوم بها خلال العامين المقبلين، وبذلك نكون اوصلنا لبنان إلى بر الأمان.

ونفى الحريري، رداً على سؤال آخر وجود اتجاه لفرض ضرائب جديدة، مشيرا إلى ان الفكرة الأساس هي البحث عن مصادر جديدة للمداخيل مع العمل جدياً على وضع حدّ لعمليات التهريب التي تحصل، لكنه استدرك ملاحظاً ان الاقتصاد اللبناني «عم ينزل» وقال: «حتى لو أقفلت كل المعابر غير الشرعية علينا ان لا نتوقع ان تكون الإيرادات كبيرة جداً لأن اقتصادنا عم ينزل».

واضاف: «الفكرة الأساس في هذه الموازنة كما قال الوزير خليل، هي ان نتوصل إلى موازنة يساوي الانفاق فيها حجم الواردات مع تثبيت العجز على نسبة 7.6 في المائة أو أقل، وان يكون أي انفاق في المستقبل انفاق استثماري، أكان في «سيدر» أو في خطة «ماكيزي».

وفي مجال آخر، أكّد الحريري مواصلة الحكومة العمل لاستكمال التعيينات الإدارية، والحاجة إليها، مشيراً إلى ان «القوات اللبنانية» مكون أساسي في هذه الحكومة، ويجب ان يكون لها حصة بالتأكيد، وهذا ما سيحصل في المستقبل، كاشفاً «انه ناقش الموضوع مع «التيار الوطني الحر» إلى انه ألمح إلى وجود خلاف مع «القوات» عندما قال انه «لا يمكننا ان نتوقف عند أي موضوع قد يؤخر العمل، خاصة خلال الأشهر الستة المقبلة، فليس لدينا لا الوقت لا ترف التأخير».

وتابع: «انا أفي بكل وعودي، ولا أريد الدخول في جدال مع «القوات»، و«هني بيعرفوا شو عملوا معي وأنا مش هاممني».

وختم: «ستاندرد اند بورز» قالت لنا انه يجب القيام بعدة خطوات، ولم يكن امامي سوى العمل، ومن يريد ان يصوت ضد (الموازنة) فليفعل، أكان «حزب الله» أم «القوات اللبنانية»، أم تيّار «المستقبل» أو «التيار الوطني الحر»، فالبلد سيمشي غصباً عن الجميع، هناك اقتصاد يجب ان ينهض وسينهض».

اما جنبلاط، فأوضح من جهته، بأنه يريد ان يناقش مع الحريري ببعض التفاصيل قد نتفق على بعضها أو نختلف، ولكن هذا شأن داخلي، والاهم مصلحة البلد»، الا ان الحريري قاطعه قائلاً: «يللا أنا جوعان»، ودخل الاثنان إلى الدار لتناول العشاء.

باسيل

وفي اليوم الأوّل لبدء ولايته رئيساً للتيار «الوطني الحر»، وعشية سفره اليوم إلى لندن، ومن ثم إلى الولايات المتحدة لرعاية مؤتمر الاغترابي، اطل الوزير جبران باسيل عبر شاشة O.T.V، معتبراً ان فوزه بالتزكية هو شكل من اشكال الديمقراطية، مشيراً إلى ان التيار هو الحزب الوحيد في لبنان الذي ينتخب رئيسه من القاعدة.

واعتبر ان التعيينات التي تتم سواء في الإدارة أو في التيار للمقربين منه فقط هي شائعات، لكنه اعترف بأن هناك لجنة داخل التيار تعمل على التحقق من موضوع الترشيحات وترفع نتيجتها إليه، وهذا الأمر يسري على الدولة أيضاً.

ونفى باسيل أيضاً وجود توتر بين التيار والجيش، مؤكداً بأن التيار ولد من رحم الجيش ولكن هناك من يسوّق لهذه الأمور الكاذبة، ووصلت بهم الأمور للقول بأنه كان وراء تسريب صورة قائد الجيش الأخيرة (مع العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري)، موضحاً أن هذه الشائعات انتشرت بسبب الاجراءات التي طالب بأخذها في الموازنة الماضية.

وبالنسبة لتميز النائب العميد شامل روكز، أوضح انه ليس منتسباً للتيار وهو من الشخصيات المستقلة، ومن الطبيعي أن يكون هناك تميز مع بعض أفكار التيار، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على النائب ميشال معوض.

ولفت إلى موضوع المصالحة مع «القوات اللبنانية» وضعت جانباً، متمنياً العودة إلى روحية اتفاق معراب، لكن رئيس القوات سمير جعجع لا يريد ويفضل ان يمارس حالة من المعارضة العنيفة للحكومة وضد التيار والطابة في ملعبه، مؤكداً انه يريد علاقة جيدة مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» تقوم على الشراكة الكاملة في الجبل وفي المجتمع والاقتصاد والادارة، وقال انه مصمم على العمل مع تيّار «المستقبل» رغم انه بيننا وبينه تباينات، وانه يعمل على نقل هذا التفاهم إلى القاعدة الشعبية، مشيرا إلى ان علاقته مع الرئيس نبيه برّي إلى تحسن، وان الوضع الاقتصادي الصعب يساعدنا ويجبرنا على العمل معاً خاصة وانه لديه وزارة المالية التي تتحمل مسؤولية كبيرة.

وأكّد ان قيادة «حزب الله» تقدّر صراحة «التيار» ما يزعج الجمهور، لكن الثقة تقتضي الحديث بشفافية مع الحليف، معتبراً ان لا سبب لا تكون العلاقة سيئة مع رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية، واتمنى ان تصطلح الأمور، ولكن لا تجاوب من جانبه حتى الآن، واعتبر ان ما حمى لبنان هو قوة لبنان والرد على إسرائيل كان مدروساً واعادها إلى الحدود إلى قواعد العام 2006، وقال: «نحن لا نريد الحروب، ولن نتخلى عن حماية لبنان، ومن حق النّاس ان تطرح السؤال عن الجهة صاحبة القرار في الحرب والسلم، ولذلك نطرح الاستراتيجية الدفاعية».

خلافات القوات – الكتائب

إلى ذلك، وفي حين ارست لقاءات المصارحة والمصالحة حالة استرخاء سياسي بين العديد من القوى السياسية، أندلع فجأة أمس الأوّل وأمس سجال «تويتري» بين نواب حزبي «القوات اللبنانية» والكتائب، على خلفية احياء ذكرى اغتيال الرئيس بشير الجميل. عبر احتفالين واحد لـ «القوات» في الأشرفية، وثان للكتائب توزع بين الأشرفية وبكفيا، حيث كانت لرئيس الكتائب النائب سامي الجميل مواقف لافتة سواء تجاه «حزب الله» أو «القوات» لا سيما عندما وصف المقاعد الوزارية في الحكومة بأنها عبارة عن «كراسي من كرتون». ما اثار اعتراض وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان الذي ردّ عليه «بأننا لا نجلس اصلاً على كراسي بل نقاتل في مواقعنا».

واعلن نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ: ان التباعد مع «القوات» سببه الخلاف على التسوية التي نعتبرها رهانا خاطئاً، لأنها وضعت سيادة لبنان امام خيارين اما الاستسلام او الانتحار.

وفي تطور جديد افاد مراسل قناة «أم.تي.في» في واشنطن، ان الإدارة الأميركية «تستعد لفرض عقوبات على أسماء جديدة تشمل سياسيين من الطائفة المسيحية ورجال أعمال يدعمون «حزب الله»، وان هناك اتصالات ومحاولة لتأجيل العقوبات أو إبعاد الأسماء».

الجمهورية*  الجمهورية

لبنان: جرعة عقوبات جديدة… والموازنة على نار الحكومة

التطورات المتلاحقة على ساحة المنطقة، وآخرها استهداف منشآت النفط السعودية (ارامكو)، وضعت هذه المنطقة على شفير احتمالات خطيرة، ورفعت التوتر بين السعودية وايران الى أعلى مستوياته، بالتوازي مع ارتفاع وتيرة التهديدات بين واشنطن وطهران وتلويح الولايات المتحدة الاميركية بالتدخل العسكري المباشر ضد ايران، في حال تعرضت السعودية لاعتداء من قبلها. واذا كانت هذه التطورات قد أفرزت نتائج سلبية على تلك المنشآت، تَجلّت نُذُرُها في بروز مؤشرات سلبية على صعيد الصادرات السعودية من النفط، مع ما يترتّب على ذلك من انعكاسات سلبية وإرباكات في سوق النفط وتأثيرات قد لا تبقى محصورة في نطاق المنطقة، الّا انّ اللافت للانتباه، في موازاة هذه الاجواء التي تنذر بانفجارات على مستوى المنطقة، هو الكلام الاميركي الذي يعاكس هذه الاجواء، والذي أعاد وضع المفاوضات بين واشنطن وطهران في دائرة الاحتمالات الواردة، وهو ما عَبّر عنه البيت الابيض في الساعات الماضية، وفحواه انّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب يفكر في لقاء الرئيس الايراني حسن روحاني، خلال اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة الاسبوع المقبل.

هذه الاجواء سقطت على الواقع اللبناني، في الوقت الذي يتأرجح في المشكلة التي استجدّت في الايام القليلة الماضية حول ما بات يسمّى «لغز عامر الياس الفاخوري»، وهو أمر أحدث إرباكاً واضحاً على مستويات مختلفة، خصوصاً في ظل الكَم الهائل من الاسئلة التي ما زالت تبحث عن أجوبة، ولاسيما حول سبب حضور آمر معتقل الخيام الى بيروت في هذا الوقت بالذات، ومَن كان خلف هذا الحضور؟ ومَن سَهّلَه، وما هي الغاية منه في هذا الوقت بالذات؟

شينكر

وفي وقت كانت السفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد توضِح سبب رَسو البارجة الاميركية USS RAMAGE في مرفأ بيروت، وتشير الى انّ وجود هذه البارجة العسكرية في لبنان هو بمثابة رسالة سياسية، وتؤكد انّ «العلاقة مع لبنان لا تقتصر على التعاون العسكري فقط، فنحن ملتزمون مساعدة الشعب اللبناني خلال هذه الفترة الاقتصادية العصيبة، وندعم المؤسسات اللبنانية التي تدافع عن سيادة لبنان»، كشف مسؤول كبير لـ«الجمهورية» انّ الزيارة الاخيرة التي قام بها مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى دايفيد شينكر الى لبنان، كانت في جوهرها مُعاكِسة تماماً للعنوان الذي اندرجت تحته الزيارة، أي استكمال البحث في ملف الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، الذي بدأه سلفه دايفيد ساترفيلد.

وأشار المسؤول الى «انّ الملف البحري تطرّق الحديث حوله بشكل ثانوي وليس عميقاً، بحيث لم يلامس البحث جوهر هذا الملف ولم يتحقق منه شيء، بدليل انه لم يقم بجولات مكوكية كما كان متوقعاً قبل وصوله، بل انّ جعبة المسؤول الاميركي حملت ما يمكن اعتباره عرضاً مفصّلاً للموقف الاميركي من مجموعة الملفات التي يقع لبنان على تَماس معها، وعلى وجه التحديد موضوع «حزب الله»، الذي بَدا شينكر صريحاً في قوله غير مرة انّ واشنطن لن تسمح له بالامساك بلبنان، ولا باستمراره في تدخلاته على مستوى المنطقة بهدف زعزعة استقرارها، بالاضافة الى تكديس ترسانة الصواريخ التي تهدد أمن المنطقة.

ووصفَ المسؤول الكبير زيارة شينكر بـ«الزيارة السياسية الهجومية»، وقال: «لقد حضر حاملاً خريطة الموقف الاميركي التصعيدي في المرحلة المقبلة، ضد إيران و«حزب الله» على وجه التحديد. لكنّ الملاحظ ان لا جديد في النبرة التصعيدية، فربما كانت هذه الخريطة مرتبطة بالانتخابات الاميركية، إلّا انّ الجديد – القديم هو ما فهم من طَيّات كلامه عن انّ واشنطن بصَدد اعتماد سياسة اكثر شدة، ومن ضمنها فرض عقوبات إضافية على «حزب الله»، وقد تشمل حلفاء له. وهذا الامر، إن حصل، قد تكون له مفاعيل إرباكية جداً على مستوى الداخل اللبناني».

وعندما سئل المسؤول عن هذه المفاعيل؟ عبّر عن تخوّفه من انّ خطورة مثل هذا الاجراء، انه يتزامن مع تَخبّط لبنان في أزمة اقتصادية خانقة، وانّ إقدام الولايات المتحدة على هذه الخطوة معناه اضافة المزيد من عناصر مفاقمة الازمة، الى حدّ قد يصعب الامساك بها، والحَدّ من تدهورها.

3 مصارف مهددة

وفي سياق متصل، علمت الجمهورية» انّ جرعة جديدة من العقوبات قد تستهدف عدداً من المصارف اللبنانية، في خطوة اميركية تلي استهداف «جمّال ترست بنك» بالعقوبات.

وكشفت مصادر موثوقة انّ القرار الاميركي قد اتخذ بوضع 3 مصارف لبنانية على لائحة العقوبات، الّا انّ المصادر لم تحدد توقيت صدور هذا القرار، وما اذا كان سيشمل اعلان العقوبات على هذه المصارف في توقيت واحد، ام انه سيأتي بالتدرّج، بحيث يتم الاعلان عن عقوبات لمصرف تلو الآخر».

العقوبات… واللعب بالنار

وفي موازاة الانباء الواردة من واشنطن في شأن دفعة جديدة من العقوبات التي قد يجري إطلاقها، وقد تطاول أشخاصاً من طوائف مختلفة، متّهمين بتغطية تمويل «حزب الله»، ومؤسسات متورطة وفق الاتهامات الأميركية في عمليات التمويل تلك، يرتفع منسوب القلق الداخلي حيال كيفية الترجمة العملانية لطلب «حزب الله» من الدولة والمصارف عدم الرضوخ للاملاءات الأميركية. وقد جرى تداول مجموعة أفكار، قيل ان قيادة الحزب تعتبر انها صالحة لخطة التصدّي للعقوبات.

هذا الأمر أثار قلقاً في الاوساط المالية والمصرفية التي تراقب الوضع عن كثب، خصوصاً انّ الارباكات المالية وصلت الى حد الخطورة القصوى، واذا نفّذ الحزب تهديداته في المواجهة المالية، فإنّ ذلك قد يكون بمثابة رصاصة الرحمة بالنسبة الى الوضع الاقتصادي. والأخطر انّ الانهيار، اذا وقع في ظروف مشابهة، سيكون الوقوف مجدداً غير مضمون في المدى المنظور. (ص 10)

مشروع الموازنة

الى ذلك، وبعد خروج مشروع موازنة العام 2020 من وزارة المالية، وسلوكه طريق السراي للبدء في مناقشته بدءاً من يوم غد، تبيّن انّ المشروع خال من أي ضرائب جديدة.

لكنّ هذا الوضع لا يعني انّ الضرائب لن تأتي لاحقاً، خصوصاً انّ الايرادات لا تزال تبدو على حالها، كما كانت في العام 2019، وبالتالي سيكون صعباً تحقيق خفض فعلي في العجز، خصوصاً انّ مجالات خفض الانفاق تضيق أكثر فأكثر، ما دام بند الفوائد على الدين العام وبند الرواتب والملحقات يستأثران لوحدهما بحوالى 79 في المئة من الانفاق. واذا أضفنا دعم الكهرباء والنفقات الجارية التي لا يمكن خفضها، يبقى هامش صغير لترشيد الانفاق بهدف خفض العجز.

ويلاحظ في مشروع موازنة 2020 انّ الانفاق على خدمة الدين العام وعلى الرواتب التقاعدية وتعويضات الصرف قد زادت حوالى 600 مليون دولار، الأمر الذي يدفع الى التساؤل عن سبل خفض العجز فعلياً في هذا الوضع؟

كذلك، تبرز في الموازنة إشكالية دعم الكهرباء والتي حُددت بمبلغ 1500 مليار ليرة. بما يعني خفضها حوالى 800 مليار ليرة عن العام الماضي. هذا الأمر يعني انّ الفارق سيؤدي الى واحد من ثلاثة احتمالات:

اولاً – رفع تعرفة الكهرباء بنسبة 43 في المئة لتغطية الفارق في الدعم.

ثانياً – تقنين إضافي في الكهرباء يوازي ثلاث ساعات يومياً، لتوفير ثمن الفيول.

ثالثاً – التراجع عن السقف المحدد للدعم، ومنح الكهرباء مبالغ اضافية كما سبق وحصل في العام 2019. (ص 11)

مجلس الوزراء

يُشار هنا الى انّ مجلس الوزراء سيدرس غداً جدول اعمال من 26 بنداً، وأدرج مشروع موازنة 2020 في آخر بنود الجلسة ليجري البحث في عناوينه، على ان تحدد جلسات متتالية لدرسه ربما اعتباراً من الاربعاء المقبل، قبل سفر الحريري الخميس الى باريس تمهيداً للقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبحث في آليّات تنفيذية لمقررات سيدر. كما ستدرس جلسة الغد سلة تعيينات، منها تعيين الدكتور مازن سويد رئيساً لمجلس إدارة ومدير عام المؤسسة العام لتشجيع الإستثمارات (ايدال)، خلفاً للدكتور نبيل عيتاني وأعضاء مجلس الإدارة ومفوض الحكومة لديها، واقتراح بتعيين الأمين العام لمجلس الخصخصة والشراكة.

الحريري وجنبلاط

وعشيّة دراسة الموازنة في مجلس الوزراء، برزت مساء امس زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو، حيث قال الحريري انه أراد لقاء جنبلاط «في ظل الظروف التي نمر بها والتحضيرات الآتية خصوصاً في ما يخصّ موازنة العام 2020، والأساس في الموازنة هو إعداد خطة لمدة 3 سنوات». وأضاف: «هَمّ المواطن الأول هو الاقتصاد، وعلينا العمل بسرعة، وقد تحدثنا أيضاً عن الوضع في المنطقة».

ورداً على سؤال حول التعيينات وعدم الوفاء بالتعهّدات للقوات اللبنانية؟ قال الحريري: القوات مكوّن أساسي في الحكومة، وسيكون لها حصة في التعيينات المقبلة، و«هِنّي بيعرفوا شو عملوا معي بس أنا ما بيهمّني».

فنيش

الى ذلك، شدد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش على أنّ «الوضع الإقتصادي بحاجة لعملية إنقاذ»، مشيراً الى أنّ «مشروع الموازنة 2020 ما زال قيد الدرس والنقاش».

وقال فنيش لـ «الجمهورية»: شيء واحد محسوم بالنسبة لنا وهو عدم المسّ بالطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود».

ووضع فنيش الإعتداء على منشأتي النفط في السعودية في اطار الدفاع عن النفس، معتبراً أنّه مطلوب من السعودية «إيقاف العدوان على الشعب اليمني».

أفيوني

وقال وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني لـ«الجمهورية»: لا بد من خطة إنقاذية للوضع الاقتصادي والمالي، وهذا يوجِب شراكة جميع القوى السياسية في مواجهة الازمة.

وشَدّد افيوني على اجراءات فورية للمعالجة، وأولها تطبيق خطة الكهرباء، ذلك انّ تنفيذها يعطي اشارة على توجّه الحكومة الى تخفيض العجز، ولاسيما عجز الكهرباء الذي يشكل ثلث عجز الدولة.

وأمل عشيّة بدء البحث في موازنة 2020، اقرارها بتخفيض اضافي للعجز عن العام ٢٠١٩، اضافة الى إقرار اصلاحات جذرية، ويندرج فيها اعادة هيكلة القطاع العام وترشيده وزيادة انتاجيته، ومكافحة التهرب الضريبي والجمركي و اطلاق الحكومة الالكترونية، وكذلك اطلاق إصلاح النظام التقاعدي.

وشدد على اقتران الإجراءات المالية بإجراءات لتحفيز النمو الاقتصادي، وهي موجودة في خطط الحكومة وفي البيان الوزاري، وأهمّها إطلاق مشاريع «سيدر» لما لها من تأثير أساسي في تفعيل حركة الاقتصاد وخلق فرص عمل وإعادة تأهيل البنى التحتية، وهذا امر نحن في أشد الحاجة اليه. والنقطة الثانية المهمة لتحفيز النمو هي إطلاق خطة ماكينزي والمباشرة بتنفيذها، فمن شأنها مساعدتنا على إنشاء اقتصاد عصري ومُستدام يساعد ويحفز القطاعات الانتاجية، مثل السياحة والصناعة والزراعة والتكنولوجيا، وينقلنا الى اقتصاد ينتج اكثر ويصدّر اكثر ويستورد اقل، وهذا امر أساسي لمعالجة العجز في ميزان المدفوعات ودعم بيئة الأعمال الوطنية.

كرم

وقال النائب فادي كرم لـ«الجمهوريّة»: «كان ينقص الاجتماع الاقتصادي في بعبدا قرار واحد، وهو تنفيذ الخطوات الإصلاحية التي طرحها وزراء القوات اللبنانية، فلبنان ينقصه قرار إصلاحي يُنهي عقلية المزرعة، ولكننا لا نتأمل خيراً لأنّ استمراريتهم السياسية من استمرارية دولة المزرعة».

وأَسف كرم لأنّ «موازنة العام 2020 ستسلك المسار نفسه الذي سلكته موازنة 2019، أي ربح الوقت لعدم موت لبنان اقتصادياً، وهذا يعني إبقاء بعض الاوكسجين من خلال إبقاء بعض التمويل لمتعهديهم وشركاتهم ومحاصصاتهم. أمّا الشعب، فمعاناته مستمرّة».

الكتائب

واعتبرت مصادر كتائبية «انّ الشرط الأساسي للدخول في الإصلاح الإقتصادي هو تأمين أجواء سياسية وأمنية ملائمة، وأن تستعيد الدولة اللبنانية قرارها السيادي».

وكشفت المصادر أنّ رئيس الحزب النائب سامي الجميّل زار الرئيس الحريري أمس الأوّل وأطلعه على وجهة نظره، في انتظار كيف سيترجم الحريري وجهة نظر المعارضة النيابية في الموازنة، وفي ضوئها سيكون موقفنا في مجلس النوّاب».

واعتبرت انّ الموازنات اليوم هي أرقام لا تعكس سياسات إصلاحية فعلية وجدّية، فالأهمّ بالنسبة لنا أن تتناول الموازنة مواضيع بنيوية للإقتصاد اللبناني»، وتساءلت ما إذا كانت الحكومة «ستقوم بعملية تجميع أرقام أم هي فعلاً ستقوم بعملية إصلاحية»؟.

من جهة أخرى، وصل وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة، المهندس سعد بن شريدة الكعبي، الى بيروت مساء أمس، في زيارة رسمية يلتقي خلالها من اليوم كبار المسؤولين بصفته الحكومية من جهة، وباعتباره العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول من جهة أخرى.

البناء*  البناء

الضربة اليمنية لأرامكو تسبّب هستيريا أميركية خليجية… وأوروبا تُودِع 15 مليار في «أنستكس»

اعتصام حاشد في معتقل الخيام: اعدلوا كي لا يتولّى الشعب الأمر بيده

الحكومة تواصل التعيينات… و«القوات» تشاغب… وباسيل: العلاقة ببرّي جيدة وتتحسّن

كتب المحرّر السياسيّ

انشغل العالم أمس، بنتائج الضربة اليمنية القاسية التي نجحت عشر طائرات مسيَّرة بتوجيهها لقلب الصناعة النفطية السعودية في تجمّع أرامكو المحصّن، الذي يحظى بحماية أميركية مباشرة سواء بالتغطية الرادارية أو الحماية الصاروخية إضافة للمتابعة الاستخبارية. والضربة تخطّت أبعادها المعنوية بما تسبّبت به من فضيحة للكذبة الأميركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب لحكام الخليج تحت عنوان ادفعوا لنا فنحميكم، إلى الأبعاد الاقتصادية والمالية والخدمية على السعودية التي أصيبت فيها محطات أساسية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه إضافة لقدرتها على تزويد السوق النفطية باحتياجاتها. وهو ما برز في كلام ترامب عن الاستعداد لضخ كميات من النفط تعوّض النقص الناجم عن الضربة التي تلقتها السعودية. ولم يكن أمام واشنطن لتبرير الفشل والفضيحة، اللذين ظهرا بمخاطر ارتفاع أسعار النفط واهتزاز حركة البورصات العالمية، إلا التحدّث عن أن الضربة مصدرها إيران بصواريخ كروز، بالرغم مما يشكّل التسليم بوصولها إلى أهدافها في السعودية من فضيحة من نوع آخر. وهو ما كشف الارتباك الأميركي المحكوم بمعادلة شرعيّة قيام اليمنيين باستهداف مواقع سعودية حيوية رداً على العدوان والحصار. فجاء اختيار إيران لتحميلها المسؤولية لتوصيف الضربة بالاعتداء الإيراني، رغم ما يقدمه من صورة قدرة عسكرية لتجاوز أنظمة الحماية الأميركية التي يفترض أنها إذا كانت عاجزة عن التعامل مع طائرات مسيَّرة فهي مُعدَّة أصلاً لمواجهة صواريخ بالستية.

بالتوازي مع الهيستيريا الأميركية السعودية، بدت إيران مرتاحة لوضعها، واثقة من أن الحرب الكلاميّة الأميركيّة رغم ما تضمنته من هلوسات عن الخيارات المفتوحة ستبقى محكومة بمعادلة الردع التي رسمتها إيران مع إسقاط الطائرة الأميركيّة التجسسيّة العملاقة، بينما كانت أوروبا تقوم بخطوة لافتة في تحريك ملف التفاوض مع إيران بالإقدام على إيداع 15 مليار في حساب إيران ضمن آلية «أنستيكس» لتبادل النفط بالمال، بعدما رفضت إيران قبول المبلغ بصيغة قرض، ما يعني بداية تطوّر مهم في مسار التفاوض الإيراني الأوروبي نحو صياغة تفاهم أولي لا يبدو ممكناً بدون الموافقة الأميركية، كما قال وزير الخزانة الأميركية قبل يومين، مشيراً إلى أن أوروبا لا تستطيع أن تضع في حساب إيران مبلغ الـ 15 مليار من دون موافقة أميركية.

لبنانياً، كان الاعتصام الحاشد في معتقل الخيام للأسرى المحررين وأهالي الأسرى الشهداء مناسبة لإطلاق صرخة مدوّية شارك فيها عدد من السياسيين، عنوانها دعوة الدولة إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية في ملف العملاء وإغلاق الثقوب التي ثبت وجودها مع دخول العميل عامر الياس الفاخوري إلى بيروت، وهي ثغرات سياسية وقانونية وأمنية، لا يكفي في التعاطي معها تأمين محاكمة العميل الفاخوري، لأن المطلوب مراجعة ملف العملاء ووضع تشريعات وإجراءات تضمن عزله عن أي بازار سياسي. وكان التحذير عالي الصوت من المشاركين بدعوة الدولة للعدل وعدم نكأ الجراحات كي لا تتولى الناس حقوقها بأيديها.

في الشأن الحكومي يتوقع أن تُستَكمل اليوم، سلسلة التعيينات التي بدأت منذ إنهاء ملف تعيين أعضاء المجلس الدستوري وتواصلت مع التعيينات القضائية، بينما لا تزال قضية موقف القوات اللبنانية مطروحة في التداول، بعدما علق رئيس الحكومة سعد الحريري بعد زيارته لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، على حصتها بالتعيينات بقوله إنه يفي بما يعد وسيمثل القوات، «التي تعرف ماذا فعلت معي»، بينما كانت مواقف نواب القوات المشاغبة على الحكومة والعهد تتواصل، وكان اللافت في المواقف أمس، ما قاله ليلاً رئيس التيار الوطني الحر في حديث تلفزيوني بمناسبة فوزه برئاسة التيار بالتزكية، عن رؤيته السياسية، واصفاً العلاقة بالرئيس نبيه بري وحركة أمل بالجيدة، مشيراً إلى أن التعاون في مواجهة الوضع الاقتصادي يزيدها قوة، وعن رؤيته للنظام الطائفي والخروج من الطائفية، قال باسيل «إننا نؤمن بدولة المواطنة التي تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات، واقعنا طائفي، وطالما ان النظام قائم فإننا سندافع عن حقوق الذين نمثلهم ونستعد لإطلاق تجمّع سياسي أحد أبرز أهدافه تحقيق الدولة المدنية».

يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر يوم غد الثلاثاء في القصر الجمهوري وعلى جدول أعماله 26 بنداً، من بينها مشروع قانون موازنة سنة 2020 الذي ستخصّص له جلسات عدة لمناقشته تمهيداً لإحالته الى مجلس النواب وإقراره ضمن المهلة الدستوريّة، أي قبل نهاية السنة الجارية.

ويتضمّن جدول أعمال الجلسة سلّة جديدة من التعيينات تضمّ اقتراحين بتعيين الدكتور مازن سويد رئيساً لمؤسسة «إيدالـ« خلفاً لرئيسها السابق نبيل عيتاني، وكذلك تعيين أعضاء مجلس ادارتها ومفوض الحكومة لديها، وتعيين رئيس للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة خلفاً للرئيس المستقيل منذ فترة طويلة، فضلاً عن بنود عدة ابرزها: عرض وزارة الدفاع الوطني مشروع المسودة النهائية لاستراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان IBMالمؤجل من جلسة 12/9/2019، مشروع مرسوم يرمي الى تعيين عضوين جديدين في مجلس إدارة الصندوق التعاوني للمختارين في لبنان، الموافقة على مشروع اتفاقية قرض مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع مرافق الصرف الصحيّ في حوض الليطاني الشمالي والأوسط، وعلى تفويض رئيس مجلس الإنماء والإعمار التوقيع عليه.

الى ذلك يعرض وزير المال علي حسن خليل العناوين العامة للموازنة في جلسة الثلاثاء ويتم توزيع نسخ عنها على الوزراء، على ان تخصص جلسة يوم الاربعاء او الخميس لإجراء قراءة عامة أولية للمشروع، قبل البدء بجلسات متتالية لدرسها بنداً بنداً وإقرارها ضمن المهلة الدستورية.

وفيما بات واضحاً ان المشروع يخلو من أية ضرائب مباشرة، فإن ذلك لا يعني وفق مصادر نيابية لـ«البناء» أن الموازنة ستبقى على حالها لا سيما أن الخلاف مفتوح على مصراعيه حيال ضرورة فرض ضرائب جديدة ورسوم في موازنة 2020، مشيرة إلى أن ما عجز الرئيس سعد الحريري ومعه الوزير جبران باسيل عن تمريره في موازنة العام 2019 قد يحاولان تمريره في موازنة العام 2020 لا سيما في ما يتصل بزيادة 5000 ليرة على البنزين، ورفع TVA إلى 15 في المئة. وشددت المصادر على أهمية تخفيض العجز من 6.7 في المئة الى 4.5 في العام 2020، بالتوازي مع وصول وزارة المال الى تفاهم حقيقي وجدي مع مصرف لبنان والمصارف التجارية لخفض خدمة الدين العام.

وليس بعيداً، أشارت مصادر مطلعة وخبيرة في الشأن الاقتصادي لـ«البناء» الى اهمية فرض الضرائب أسوة بكل دول العالم، لكن شرط أن تبقى ضمن سقف محدد يمكن من خلاله تحقيق خفض العجز إلى أقل من 6.7 في المئة، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن فرض الضرائب يجب أن يكون مقروناً بمحاربة حقيقية للفساد وسد منابعه وخفض الإنفاق العام، لأن من شأن ذلك ان يدفع باتجاه عودّة الانتظام المالي، جازمة أن خفض الإنفاق يستدعي الانكباب على اتخاذ خطوات صارمة في قطاع الكهرباء والأملاك البحرية والجمارك والمعابر. وتتطلع المصادر إلى إمكانية الاستفادة من أموال مؤتمر سيدر الذي يعد لبنان بتقديم مشاريع استثمارية بقيمة 11 مليار دولار، والبدء بعملية التنقيب عن النفط والغاز نهاية 2019.

إلى ذلك، يتوجه رئيس الحكومة سعد الحريري إلى العاصمة الفرنسية في 20 أيلول الحالي للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون في الإليزيه، كما ستكون لرئيس الحكومة اجتماعات في وزارة المال الفرنسية مع مدراء ورؤساء كبريات الشركات الفرنسية لشرح حيثيات الوضع اللبناني والإصلاحات التي باشرت الحكومة بها تمهيداً لحثهم على الاستثمار في لبنان، وفق مقررات مؤتمر سيدر.

وإذ زار الحريري أمس، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، أكد أن موازنة 2020 ستكون موضع نقاش وسنحاول الالتزام بالمواعيد الدستورية لمناقشة الموازنات، والأهم في هذه الموازنة كيفية مواجهة التحديات على الصعيد الاقتصادي والمالي. وقال: «أساس موازنة 2020 هو خطة على 3 سنوات لمواجهة التحديات، وهذه الموازنة ستكون مرتبطة بموازنتي 2021 و2022 ولن تكون هناك ضرائب في موازنة 2020». وفيما قال الحريري سنستكمل في مجلس الوزراء التعيينات، اشار رداً على سؤال الى ان «القوات اللبنانية مكون أساس في الحكومة ويجب أن يكون لها حصة في التعيينات، وأنا أفي بوعودي ولا أريد الدخول في جدال مع «القوات»، وهنّي بيعرفوا شو عملوا معي». أما جنبلاط فاكتفى بالقول: «قد نتفق على بعض الأمور وقد نختلف على أخرى، لكن الأهم مصلحة البلد».

وأشارت مصادر مطلعة على أجواء الزيارة الى انّ موعدها كان الاسبوع الماضي لكنها تأجّلت بسبب المستجدات، لافتة الى ان اللقاء الذي استكمل على مائدة العشاء بحث في ملف الموازنة والتعيينات، مشيرة الى ان العلاقة بين الطرفين ايجابية، وتوطدت مجدداً بعد حادثة قبرشمون ووقوف الرئيس الحريري الى جانب جنبلاط، معتبرة أن الأخير مرتاح للتعيينات وأنه حصل على تأكيد من المعنيين بحصته في التعيينات وفق المعايير التي تسري على توزيع حصص الفرقاء الآخرين من الاحزاب.

واعتبرت مصادر في تيار المستقبل لـ«البناء» ان كلام الحريري من كليمنصو عن القوات «هنّي بيعرفوا شو عملوا معي» نابع من سلسلة مواقف قواتية عبّر عنها الدكتور سمير جعجع تستهدف الرئيس الحريري بشكل مباشر، عندما يقول إننا نختلف واياه على ادارة الدولة فضلاً عن لجوء القوات الى التصويت ضد موازنة العام 2019، مشيرة الى عنصر اللا ثقة الذي يخيم على العلاقة بين الرئيس الحريري بالقوات، بمعزل عن أن رئيس الحكومة فعل كل ما بوسعه في ما يتصل بتعيينات الدستوري القوات تدرك جيداً هذا الامر.

إلى ذلك وبينما يمثل العميل عامر الفاخوري أمام القضاء يوم غد الثلاثاء بالتوازي مع وصول محاميته الاميركية التي تتولى ملفه القانوني، نفذ عدد من الأسرى المحررين وفعاليات من الأحزاب والقوى القومية والوطنية ومواطنون اعتصاماً في معتقل الخيام، تلبية لدعوة هيئة ممثلي الأسرى والمحررين تنديداً بعودة العميل الاسرائيلي عامر الياس الفاخوري الى لبنان.

وخلال الاعتصام أكد رئيس لجنة الأسرى المحررين في الحزب السوري القومي الاجتماعي سمير خفاجة أنّ «هذا الجزار العميل عمالته مشهودة وموثقة ومكشوفة … وليس بمقدور أمّهاتنا وأطفالنا وعائلاتنا ان ينتظروا مرور العملاء الذين أذلوهم وقتلوا أبناءهم وآباءهم في الشارع بكلّ وقاحة وبساطة دون أن يتمّ الاقتصاص منهم. من هنا فإننا لن نسمح بأن يتمّ تهريب العملاء استجابة لاستصراخ أرواح الشهداء في معتقل الخيام وأنين الجرحى وعذابات الأسرى.

وطالب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين بمحاكمة العملاء المجرمين خاصة ممن ما زالوا مرتبطين بالعدو الإسرائيلي، وأن تُنزَل بهم أشدّ العقوبات، وليس هناك شيء آخر، والذي يباشر هذا الملف أياً كان، عليه أن يتعاطى معه على أنه حساس وخطير، وأن يتذكّر دائماً أن هناك أسرى وشهداء وجرحى من المقاومين تعذّب بعضهم وقضى البعض الآخر على يد هذا المجرم العميل، وأن هناك سؤالاً سيجيب عنه أمام أولئك الذين تحملوا من هذا العميل وغيره كل هذه التضحيات سواء في سجن الخيام أو في غيره. وقال إن الموضوع ليس بسيطاً، وهو لا يقتصر فقط على أن هناك غلطة حصلت ودخل عميل إلى لبنان وتمّ حذف اسمه عن طريق الخطأ، متسائلاً ما الذي يريده هذا العميل؟ وما هو الهدف والمخطط الذي ينتمي إليه؟ علماً أنه عميل مجرَّب، وعمل مع الإسرائيليين 40 عاماً، وما زال يحمل جواز سفر إسرائيلياً، ودخل إلى لبنان بجنسية أميركية وغيرها.

وأكد وزير المال علي حسن خليل أننا كما كنا على الدوام أمناء على مشروع المقاومة وحماية إنجازاتها، لن نسمح بتعكير هذا الأمر من خلال إعادة إنتاج جديد لصورة العملاء في لبنان تحت أي عنوان كان، وسنكون دائماً في موقع الحرص على حماية حقوق كل الذين كانوا رواداً في المقاومة وفي عملية التحرير وصناعة صورة لبنان المقاوم القوي.

وفي هذا السياق، أعادت عمالة الفاخوري ملف مشروع قانون العفو العام الذي يجري إعداده الى الواجهة، حيث اشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى ان هذا الملف معقد جداً، مشيرة الى ان الكلام عن عودة العائلات التي فرّت الى الاراضي المحتلة من دون تحقيق لا يجوز، فهي ستخضع اسوة لما يعرف بجيش لحد للتحقيق على أن تجري محاكمة من عمل تحت لواء جيش لحد من دون أي تخفيف للأحكام بحقهم، لافتة الى ان ملف العملاء يجب التعاطي معه بدقة لانه ليس بسيطاً، ومسألة العميل الفاخوري تستدعي التنبه الى احتمالات دخول أمثال هذا العميل والانصراف الى التشدد في المراقبة.

ومساء أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في حديث عبر قناة الـ«OTV»، أنّ «التيار ولد من الجيش اللبناني وهناك مَن يسعى لتشويه صورتنا مع الجيش. وفي موضوع الموازنة كنا الى جانب الجيش وهناك من ضحّى وهم لا يبخلون لا بتقاعد ولا غيره».

وعن موضوع المصالحة مع القوات اللبنانية، قال باسيل: «وضعناه جانباً وقد نجح. ورئيس حزب القوات سمير جعجع يريد أن يعيش معارضة عنيفة ضد التيار الوطني الحر والعهد. ونتمنى ان يعود للتفاهم لأننا نتشارك في الحكومة نفسها».

أما عن العلاقة مع المردة فقال باسيل «لا سبب لأن تكون العلاقة سيئة مع الوزير السابق سليمان فرنجية وأتمنى أن تُصلَّح الأمور، ولكن لا تجاوب من جانبه حتى الآن».

وتابع باسيل: «ما حمى لبنان هو قوة لبنان والرد على إسرائيل كان مدروساً وأعادها الى الحدود والى قواعد الـ2006 نحن لا نريد حروبـ«.

وأكد باسيل أننا مع «الرئيس بري ولا يوم أردنا ان لا تكون العلاقة جيدة»، مضيفاً «الوضع الاقتصادي يقربنا من بعضنا أكثر. واليوم وقت الوحدة والانتاج في الحكومة».

المصدر: صحف