كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ختام مسيرة الأربعين في بعلبك – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ختام مسيرة الأربعين في بعلبك

السيد3

باسمه تعالى

كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في  ختام مسيرة الأربعين التي نظمها حزب الله في مدينة بعلبك وصولاً إلى مقام السيدة خولة عليها السلام 19-10-2019
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليك يا سيدي يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
عظّم الله أجوركم في هذا اليوم الذي يتجدد فيه عزاء أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
في البداية أتوجه بالشكر إليكم جميعاً، إلى الإخوة والأخوات، إلى الرجال والنساء والصغار والكبار الذين جاؤوا إلى مدينة بعلبك، إلى جوار هذا المقام المبارك والشريف، من مختلف القرى البقاعية والعديد منهم جاء سيراً على الأقدام وإلى كل الذين جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانية، أتوجه إليكم بالشكر على هذا الحضور الكبير وعلى هذه المواكب المؤثرة والمعبرة والقوية.
أتوجه بالشكر إلى كل الذين نصبوا المضايف على طرفي الطريق وقدموا الخدمة بحب وبإخلاص وبصدق لكل المشاركين في احياء هذه المناسبة العظيمة.

أنا أقدّر أنكم منذ ساعات في هذا النشاط وفي هذا الاحياء وأنتم تحت الشمس، ولذلك سأحاول أن أقتصر على ما يجب أن أقوله في هذا  اليوم، بالرغم من أهمية التطورات الموجودة في المنطقة، أنا سأكتفي بالحديث عن المستجد الداخلي في لبنان لأنه يشغل اللبنانيين جميعا.

حديثي إذا في قسمين: القسم الأول يرتبط بالمناسبة، نتحدث ببعض الكلمات، والقسم الثاني أدخل مباشرة إلى التطورات التي حصلت في لبنان خلال هذه الأيام.

نحي هذه المناسبة اليوم، مناسبة أربعين الحسين عليه السلام في مدينة بعلبك، في المدينة التي مشى في طرقاتها وأحيائها وعبر فيها الموكب الحسيني الزينبي، الموكب النبوي المحمدي الذي كان يضم رؤوس الشهداء، رأس سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام، والقائد العظيم الشهيد الباسل أبي الفضل العبّاس وعلي الأكبر والقاسم والأصحاب، ويضم في الأحياء الأسرى والسبايا الإمام زين العابدين عليه السلام والإمام الباقر عليه السلام والسيدة زينب وأخوات زينب. هذا الموكب الذي مرّ في هذه المدينة أعطى لهذه المدينة صلة تاريخية بهذا الحدث العظيم الذي حصل سنة 61 للهجرة.

وعندما تأتون إلى بعلبك، وتمشون في جنباتها وطرقاتها وحولها، وتذهبون إلى رأس العين أو تأتون إلى مداخلها الأساسية أو إلى هذا المكان الشريف، يمكنكم أن تتذكروا، هنا مشوا، هنا جلسوا، هنا استراحوا، هنا حطوا الرحال. هؤلاء العظماء، المسبيون. وهنا وضعت الرؤوس، هنا استراح رأس الحسين في مكان ما في مدينة بعلبك. هنا سالت دموعهم ونزفت دماؤهم، وهنا أيضاَ في سنة 61 للهجرة، في أواخر شهر محرم في أثناء رحلة الموكب من حمص إلى دمشق، عندما مروا في مدينة بعلبك اكتشف أهل بعلبك، منذ ذلك الزمان كانوا أهل بصيرة وكانوا أهل الغيرة والحمية، عندما اكتشفوا خداع السلطة الأموية التي صوّرت لهم أن الآتي في الموكب هم مجموعة من الأسرى والسبايا ورؤوس قطعت للخوارج الذين بتعبيرهم نصر الله “أمير المؤمنين يزيد” عليهم، وطلبوا من المدينة أن تتزين، فتزينت، وأعدوا لاستقبال موكب السبايا، كما تقول المصادر التاريخية، آلاف الطبول وآلاف الدفوف وخرج الناس في زينتهم، لكن بمجرد أن اكتشفوا الحقيقة، أن هذه الرؤوس هي رؤوس الشهداء، هي رأس الحسين ابن بنت رسول الله، وأن هذه السبايا هي بنات محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثار أهل المدينة وهاجوا بالموكب، وهاجموه وحاولوا أن يستخلصوا الرؤوس ويستخلصوا السبايا، ويقول هذا المصدر التاريخي أن المواجهة بقيت لعدة أيام، نعم هذه أيضا ذكرى من التاريخ تأتي هنا إلى بعلبك، عندما نتحدث عن كربلاء تأتي بنا إلى بعلبك، إلى أهلها الذين نصروا زينب ولم يتركوها في ذلك اليوم، في ظل القمع والسلطة الظالمة الطاغية التي لا تخاف الله ولا تقف عند حرمة، ولكن غيرتهم وحميتهم وإبائهم وشجاعتهم ومحبتهم لنبيهم ولأهل بيت نبيهم دفعتهم إلى هذا الموقف العظيم.

وأهل بعلبك، وأهل المنطقة كلها، أهل البقاع يثبتون بعد كل هذه القرون المتطاولة والمتمادية وكما أثبت خلال العقود الماضية، خلال عشرات السنين وخلال السنوات القليلة الماضية، أنهم لم يتخلوا عن الحسين وانهم كانوا دائما عندما يسمعون نداء حسينيا يأتي من الجنوب أو يأتي من الشرق أو يأتي من أرض محتلة أو من قدس ومقدسات أو من مظلومين يعتدى عليهم عندما كان يأتي هذا النداء الحسيني كان دائما الصرخة القوية الحاضرة في الجبهة والميدان لبيك يا حسين لبيك يا حسين.

أهل بعلبك الذين رفضوا أن يتخلوا عن زينب وهي مسبية، وحاولوا استنقاذها من أيدي الذين سبوها والذين قتلوا أخاها وامامها هم نفسهم في هذا الزمن الذين حضروا خلال كل السنوات الماضية في السلسلة الشرقية، وعلى الجرود، وفي كل مكان، وفي داخل سورية، وفي أي مكان كان يجب أن يكونوا فيه لكي لا تسبى زينب مرتين، وكانوا صادقي الوعد عندما كانوا يرددون لبيكي يا زينب لبيكي يا زينب لبيكي يا زينب.

أيها الإخوة والأخوات، أنتم اليوم تحيون هذه المناسبة، في هذه المدينة انطلاقا من قداسة المناسبة ومن الصلة الطبيعية بينها وبين هذه المدينة، وما أدعوكم إليه هو الاهتمام بهذه المناسبة سنويا لتتكرس يوما في السنة يأتيه أهل البقاع وأهل لبنان ومن خارج لبنان لنؤكد كل هذه المعاني التي تحتضنها هذه المناسبة وهذه المدينة والموكب الذي شرّف أرضها وهواءها وماءها، والموقف الشريف الذي اتخذه أهلها عبر التاريخ.

من بعلبك تتوجه العيون إلى كربلاء، إلى هناك، إلى حيث الحشد الشعبي الجماهيري المليوني العظيم الذي لا مثيل له في التاريخ.

نحن اليوم خلال الأيام القليلة الماضية واليوم شهدنا وشهد العالم الملايين الآتين إلى الحسين من أوطانهم ومن الديار البعيدة، من إيران وأفغانستان وباكستان ودول الخليج وسوريا ولبنان وأوروبا وحتى من أميركا وأميركا اللاتينية ومن أندونيسيا وماليزيا ومن كل كل أنحاء العالم، يمشون مئات الكيلومترات في الأيام والليالي، لا يُبالون بأي شيء لا بالجوع ولا بالعطش ولا بالبرد ولا بالحر ولا بالخطر ولا بالخوف، يحملون دماءهم على أكفهم، ويمضون كالسيل الهادر إلى كربلاء في إنتظامٍ ذاتي قلّ نظيره وفي خدمةٍ شعبية ذاتية من قبل شعب العراق الوفيّ والكريم والمعطاء، هذه الظاهرة التي يراها العالم اليوم هي جديرة بالتوقف، هذه المسيرة المليونية تُعيد تعريف الحسين للعالم لكل العالم، لأهل الكرة الأرضية كلها الذين يُشاهدون على شاشات التلفزة وعلى الانترنت هذه الملايين الزاحفة، ويتساءلون من هو هذا الحسين الذي يأتيه الملايين من كل أنحاء العالم؟ يُغادرون بلادهم وعائلاتهم، ويتركون كل شيءٍ خلفهم، ويتركون الدنيا ومن فيها وما فيها، ويحملون دمائهم على أكفهم كما قلت، ويمضون إليه بشوق وعشق وأُنس وحب، ويبكونه طوال الطريق، وعندما يصلون إلى بوابة كربلاء وتبدو لهم قبة الحسين والعباس يجهشون بالبكاء ويبكون بحرقة، ما هو سر هذا العشق وهذا الحب وهذا الإنجذاب؟ من هو هذا الرجل الذي يستطيع بعد 1400 سنة أن يأت بالناس إليه ليعشقوه هكذا وليبكوه هكذا وليندبوه هكذا؟ هذا سوف يُعيد تعريف الحسين عليه السلام إلى العالم، ونحن مع هؤلاء نتطلع إلى كربلاء ونتوجه إلى الحسين عليه السلام وإلى زوار الحسين عليه السلام/ الذين منذ القدم دعا لهم الإمام الصادق عليه السلام، في رواية أقرأها وأدخل إلى القسم الثاني، يقول أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام اسمه معاوية بن وهب:  دخلت على الإمام جعفر الصادق فوجدته في مُصلاه في بيته، المحل الذي كان يصلي فيه عادةً في البيت، فجلست حتى قضى صلاته، فسمعته يُناجي ربه وهو يقول، وأنتم الذين اليوم سهرت عيونكم ولفحت الشمس وجوهكم، أسمعوا دعاء إمامكم الإمام الصادق لكم، وهو يقول: اللهم إغفر لي ولإخواني وزوار قبر الحسين، الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم رغبةُ في برّنا، ورجاءً لما عندك في صِلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيك، وإجابةً منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدونا، اليوم أميركا الشيطان الأكبر والصهاينة، أعداء الشعوب، والمستكبرون والطغاة عندما يُشاهدون  هذه المسيرات المليونية وهذه الحشود الهائلة يغتاظون ويقلقون ويهرعون، أرادوا بذلك رضاك، كل هذا من أجل الله، هؤلاء لا يعبدون الحسين، هؤلاء يعبدون الله ويُطيعون أمر الله الذي أمرهم بالمودة والقربى، وأرادوا بذلك رضاك فاكفهم عنا بالرضوان واكلأهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم وأصحابهم، واكفهم شر كل جبّار عنيد، ..” إلى أن يقول لأن الدعاء طويل:” فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حفرة  أبي عبد الله عليه السلام، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأبدان وتلك الأنفس حتى ترويهم من الحوض يوم العطش الأكبر”.

اللهم إجعلنا منهم، من زوار الحسين، ومن عشاق الحسين، ومن الأوفياء للحسين، ومن المشمولين بدعاء هذا الإمام الصادق العظيم، حفيد الحسين عليه السلام.
أيها الإخوة والأخوات، في أيام الحسين كلها هي أيام المسؤولية، وأيام أن تتحمل المسؤولية بصدق وشجاعة، وأن تقول الكلام المناسب في الوقت المناسب.
من هذه الروحية، أدخل إلى ما يجري في بلدنا وما جرى خلال الأيام القليلة الماضية.

في البداية، يجب أن أقول عندما نتحدث بمسؤولية، أن على الجميع في لبنان من هم في السلطة ومن هم خارج السلطة على تفاوت في تحمل المسؤولية، أن يتحملوا المسؤولية أمام الوضع الكبير والخطير الذي يُواجهه البلد.
من السهل جداً أن أقف أنا اليوم أو أن يقف أي أحد ويقول: نحن ليس لنا دخلٌ، ويتنصل من أي مسؤوليات، نحن ليس لنا علاقة، دبّروا حالكم، وأنظروا ما الذي يجب أن تفعلونه. إلقاء التبعات على الآخرين، والإنسحاب من الحكومة أومن المسؤولية، الإستقالة، أكثر من ذلك، ركوب الموجة، توجد موجة من الناس الغاضبين والمتظاهرين، أن نذهب لنركب الموجة، أو كما يفعل البعض وكما اعتادوا أن يفعلوا في الزمن الحاضر وعلى إمتداد التاريخ أن يقف على التلّ، يقف على التلّ ليحيّد نفسه، يقف على التل ليرى الأحداث إلى أين سوف تذهب، ليحصل ما يحصل.

بعض القيادات السياسية في لبنان، وبعض القوى السياسية في لبنان تتصرّف هكذا، بهذه الطريقة، ساعة تشاء تتخلى عن المسؤولية وتنسحب، وتتنصّل من أي مسؤولية عن الماضي والحاضر، وتُلقي التبعات على الآخرين، هذا السلوك يُعبّر عن إنعدام الروح الوطنية والأخلاقية والإنسانية في التعاطي مع مصير الناس، مع مصير الشعب اللبناني ومع مصير البلد، ومع قضايا الشأن العام، وأهون شيء أن يُلقي كل واحد المسؤولية على الثاني.
قبل أيام، عندما حصلت الحرائق في أكثر من منطقة لبنانية، كان يوجد مشهد عجيب وغريب في لبنان، الكل أدان تقصير الدولة، الكل من الوزراء والنواب والمسؤولين والمدراء والإعلام والناس، من يُدين من؟ يعني من الدولة؟ من المُدان؟ من المُقصّر؟  إذا كن كلنا نُدين، وكل واحد يُلقي المسؤولية على الآخر، ما هي النتيجة؟ لا شيء، إنتهى الموضوع، الآن أتى الحدث الجديد، لأنه في كل يوم عندما يحدث حدث في لبنان يُنسى ما قبله، كل الكلام الذي قيل في يوم الحرائق عن إصلاح الطائرات وعن هيئة الكوارث وعن الإجراءات وعن التحقيق في التقصير، هذا إنتهى، أربع وعشرين ساعة مفعول الإدانات في لبنان، إنتهى، لأن كل واحد يتصرف على أنه ليس مسؤولاً وليس مَعنياً، ويُلقي التبعة على الآخرين.

أولاً: لنكون صادقين وصريحين، اليوم الوضع المالي والإقتصادي الذي نتحدث عنه جميعاً هو ليس وليد الساعة، ولا وليد السنة ولا وليد 3 سنوات، وليس وليد العهد الجديد ولا الحكومة الحالية، وإنما هو نتيجة تراكم عبّر سنوات طويلة، أقل شيء 20 أو 30 سنة، من السياسات الإقتصادية ومن الأداء ومن تحمل المسؤولية ومن الأوضاع الداخلية ومن الظروف الإقليمية ومن الظروف الدولية، من.. من.. من.. الخ، أياً تكن الأسباب أنا لا أريد أن أدخل الآن في شرح الأسباب، وإنما هو نتيجة تراكم لعشرات السنين، الآن هذا الوضع أمامنا، أول أمر يجب أن نَذكره هنا هو أن يتحمل الجميع المسؤولية، حتى نحن، أنا أقول لكم بكل صدق، مع تفاوت النسبة المئوية، الآن واحد يتحمّل 20% وواحد 30% وواحد 5% وواحد 70%، لكن كلنا يجب أن نتحمل المسؤولية وأن نقّبل المسؤولية، أن نقّبل المسؤولية، من المُعيب أن يتنصّل أحد من مسؤوليته عن الأوضاع السائدة، والتي وصلنا إليها في لبنان، وخصوصاً أولئك الذين شاركوا في كل الحكومات السابقة، وعلى مدى ثلاثين عاماً، أياً كانوا، الآن هو يريد أن يركب موجة الناس وهو ليس له علاقة ويريد أن يحارب الفساد.
إذاً، أول نقطة: الكل يجب أن يتحمل المسؤولية، وأن يقّبل سهمه من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع.

وأيضاً، ثانياً، أن يأتي ويشارك ويساهم في المعالجة، من يهرب، من يتخلى، من ينسحب لا أريد أن أطلق عليه أحكاماً، الشعب اللبناني يجب أن يطلق عليه حكم، لا يستطيع أحد أن يحكم البلد لمدة 30 سنة ويدير البلد ويفعل ما فعل في البلد ثم في آخر لحظة هو شريف مكة ويجلس على التل أو أنه غير معني ويرمي هذه المصيبة في وجه الآخرين، من الذي سيدفع الثمن؟ الشعب اللبناني، الناس في كل المناطق، ومن كل الطوائف.
الكل يجب أن يتحمل مسؤولية المعالجة وعدم الإنشغال الآن في هذا التوقيت لتصفية حسابات سياسية، وبالتالي ترك مصير البلد للمجهول، مالياً واقتصادياً، مما سيؤدي إلى مجهول أمني وسياسي.

ثالثاً، بالوضع الحالي لنتكلم مع بعضنا بصراحة، وهذا خطاب لكل اللبنانيين، هناك أخطار حقيقية تواجه البلد، يوجد خطران كبار، نحن نتكلم بالوضع المالي والإقتصادي والإجتماعي، الاول الذي يتحدث عنه الكثيرون هو الإنهيار المالي والإقتصادي، أنه إذا لم نجترح حلاً وعلاجاً نحن ذاهبون الى إنهيار والبلد سيفلس، يعني لن يعود لعملتنا قيمة والبلد يفلس، وعندها لا أعرف لمن سيُخضع البلد، يصبح مثل اليونان وغير اليونان.
الخطر الثاني، هو خطر الإنفجار الشعبي نتيجة المعالجات الخاطئة، يعني الذي يتكلم عن الإنهيار لا يقدم حلاً إلا أن يفرض ضرائب على الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، نحن لم نتكلم عن كل الضرائب، نحن نتكلم عن الضرائب والرسوم التي تطال الفئات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود، عندما تزيدهم وترهقهم أنت تدفع بالبلد إلى الإنفجار. للأسف نحن نُوضع أمام خيارين، وعليكم أن تختاروا: إما الإنهيار المالي والاقتصادي، وإما الذهاب الى الإنفجار الشعبي، وفي كلا الحالين ذهب البلد.

هذه المقاربة بهذه الحديّة هي مقاربة خاطئة، نحن نستطيع كلبنانيين إذا تصرفنا بمسؤولية أن نمنع حصول الإنهيار المالي والإقتصادي دون الذهاب الى إنفجار شعبي، ولكن هذا الامر يحتاج الى إصغاء، والى إرادة وعزم وتصميم وتضحية وصدق وإخلاص، ما حصل هذين اليومين يعبّر عن حقيقة أن معالجة الوضع المالي والإقتصادي بالضرائب والرسوم سيؤدي إلى انفجار شعبي، حسناً، ما الذي حصل هذين اليومين؟ مع العلم يا إخواننا وأخواتنا بالدقة الحكومة لم تقر الضرائب ورسوم جديدة، لم يتخذ بالحكومة شيء من هذا النوع حتى الان، هذا الامر ما زال يناقش وكان ينتظر الجلسات الأخيرة للتصويت عليه، ليُقبل أو يُرفض، كان كافياً أن يعلن وزير الإعلام قرار وضع بدل على الواتس اب، رغم أن بعض الوزراء قالوا أنه لم يُتخذ قراراً بعد، وما زالت فكرة وبعد ذلك سحبت الفكرة. حسناً، هذا الموضوع دفع الناس كلها للنزول الى الشارع، هذا مؤشر، هذا مؤشر مهم وعلى درجة عالية من الأهمية. بين هذين الخطرين كيف يجب أن نتصرف كلبنانيين؟ لدي كلمتين، كلمة للسلطة والمسؤولين وكلمة للناس والمتظاهرين، أولاً للسلطة والمسؤولين، أهم نتيجة يجب أن تؤخذ من الحراك الشعبي الذي حصل خلال اليومين الماضيين يجب أن يقتنع المسؤولون، وأنا أقول يقتعنعوا لأنهم لم يكونوا مقتنعين، لأننا نحن في الداخل، في النقاش، أن الناس لم تعد تتحمل رسوماً جديدة وضرائب جديدة، وأعيد وأكرر، عن الفئات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود. أما الذين يمتلكون الملايين والمليارات، لا تفرق معهم، تزيد أو تنقص، تضع ضرائب جديدة، لا يُقدم ولا يُؤخر لديهم، لكن عامة الناس وأعني شعبنا اللبناني، أصبح من الفئات الفقيرة، الناس لم تعد تتحمل، بعض من في السلطة كان يتصور، أنه لا يوجد مشكلة، إذا وضعنا ضرائب ونحن القوى السياسية كلنا موجودون في الدولة، تقطّع، تعبر، في الزمن الماضي عبرت والآن تعبر، رسالة هذين اليومين مهمة جدا، ويجب أن يستوعبها كل المسؤولين في الحكومة وفي المجلس النيابي، في كل مواقع المسؤولية، أن الشعب اللبناني لم يعد يطيق أو يتحمل أي ضرائب ورسوم جديدة، وأنه سينزل الى الشارع وأن كل القوى السياسية سوف تصبح عاجزة عن الإمساك بالشارع، هذه أول نقطة مهمة يجب أن يفهمها المسؤولون عندما يذهبون الى المعالجة.

اليوم يوجد بعض الناس مصرّين، عندما يتكلم عن الإصلاحات أن الإصلاحات يعني ضرائب جديدة يعني “ت ف اه” جديدة، يعني المس بحقوق ورواتب الموظفين، يعني ويعني، هذه ليست إصلاحات، هذه إجراءات تؤدي إلى الإنفجار، إذا لم نصل إلا إلى هذه الإصلاحات، هذا النوع من الإصلاحات، يعني البلد ذاهب إلى مأزق حقيقي، مع العلم أن المسألة ليست كذلك، هناك خيارات، وهناك طروحات وهناك أفكار عرضت في مجلس الوزراء وتعرض وإقتراحات تم التوافق عليها في قصر بعبدا، يوجد أفق واسع، ويوجد خيارات أمام اللبنانيين، نحن بلد غير مفلس، نحن بلد يحتاج إلى أن يدير مشكلته المالية والإقتصادية ويتمكن أن يخرج منها، الآن نتيجة ضيق الوقت ولأنه أنتم جالسون تحت الشمس، وهذا الكلام، التفصيل بالحلول والأفكار والبدائل والمقترحات يحتاج إلى وقت، أنا سأتركه ليوم آخر، ولكن يكفي أن أؤكد لكم وللشعب اللبناني ليس صحيحاً أنه لا يوجد خيار أمام الحكومة اللبنانية لمنع الإنهيار سوى فرض الضرائب والرسوم، أبداً، ليس صحيحاً، هناك أفكار كثيرة، ولكنها بحاجة إلى، أعيد وأكرر، إلى شجاعة، وإلى جرأة، الى حزم، هناك إجراءات مالية إقتصادية إدارية قانونية وسياسية أيضاً، وخيارات سياسية أيضاً، وقرارات سياسية أيضاً، نحن إذا تعاونّا وكان لدينا جرأة وشجاعة وإعطاء الأولوية لإنقاذ الوضع المالي والإقتصادي في لبنان، قطعاً إن شاء الله نستطيع أن ننقذ بلدنا وشعبنا وإقتصادنا ونضعه على طريق التطور وليس فقط ننقذه، ولكن يجب أن يصغي بعضنا لبعض، لأنه يوجد البعض قفّل على الموضوع، لا يقبل فكرة إلا ضرائب ورسوم، يذهبون دائماً الى الخيار الأسهل، جيوب الناس، أسهل شيء، أن تأخذ ضرائب، لأن تلك القرارات يوجد صعوبة بها ومواجهة وتحدي، ويوجد جهات ستحزن، أخي فلتحزن هذه الجهات، لكن عامة الشعب اللبناني يجب أن يكون راضياً ويجب أن يُستنقذ. المشكلة بكل صراحة هي ليست مشكلة من هي الحكومة، وأياً تكن الحكومة، المشكلة هي في المنهجيّة، وهنا أنا أتكلم الفكرة العامة، وأترك تفاصيلها لوقت آخر. المنهجية، يعني اليوم إذا جاءت الحكومة الحالية أو أي حكومة وبدأت بإتخاذ إجراءات حقيقية، بدأت بمعالجة الهدر، وأن لا يبقى كلام وشعارات، ومعالجة الفساد، ودمج مؤسسات ببعضها البعض، وتوفير الكثير من النفقات، وذهبت إلى إجراءات تحصين، أيضاً إتخذت إجراءات يعني أن الكل سيضحّي، نعم من أجل أن ننقذ الوضع في لبنان يجب أن يضحي الجميع، ولكن حتى الآن من خلال الممارسات الرسمية المطلوب فقط أن يضحي الفقراء، إذهبوا الى خطة ليضحّي فيها الجميع، الأغنياء، الفقرا،ء والشركات والزعماء والبنوك والمصارف، لا يقول أحد أن السيد يواجه المصارف، كلا، أريد أن أوضّح شيئاً هنا، كل ما قيل في الأسابيع الماضية، للأسف الشديد، أن حزب الله يخطط لمظاهرات تجاه المصارف، لم يكن له أي أساس من الصحة، لم نخطط ولم نفكر ولم يخطر ببالنا أصلاً، أنه سنقيم مظاهرات تجاه المصارف، أبداً، لكن نقل أحدهم هذا الموضوع، رغم أن عدة مسؤولين في حزب الله تكلموا بشكل رسمي ونفوا هذا الامر، لكن بعض وسائل الإعلام مصرة على هذا الامر، لأن هذا الامر بالحقيقة له تأثير إقتصادي سيّء، نعم نحن منزعجين من بعض المصارف، أتكلم عنها لاحقاً وليس الآن ، لأن الوقت لا يسعفني، لكن لن نفكر بهذه الطريقة، اذاً عندما يضحّي الجميع، عندما تتخذ الحكومة والدولة اللبنانية إجراءات تعيد ثقة للناس، ثم يأتي المسؤولون ويشرحون للناس ويقولون أيها الشعب اللبناني، نحن فعلنا هكذا، هذه النفقات قمنا بإلغائها هذا الإنفاق والهدر والفساد قمنا بمعالجته، هذه المصاريف العبثية قمنا بإلغائها، الكل يضحّي، والكل عليه ان يساهم، والكل يجب ان يدفع من جيبه، لكن كي ننقذ الوضع الاقتصادي والمالي عليكم ايها الشعب اللبناني و ايّها الفقراء أن تعينونا، نريد أن نفرض عليكم الضريبة الفلانية حتى نستطيع أن نتجاوز هذه المصيبة التي نحن في صددها في البلد، أنا أقول لكم، الشعب اللبناني سيقبل وسيستوعب.

أمّا أن نأتي ونفرض عليه ضرائب ونقول الجميع يجب أن يضحّي، وهو يرى في كل يوم فضائح وسرقات وفساد وهدر بملايين وعشرات ومئات ملايين الدولارات، هو لن يقبل بأن يدفع من جيبه شيئاً لكم، في السابق أنا ذكرت هذا المثال في يوم عاشوراء عندما تحدّثت عن المقاومة، رغم كل العقوبات لماذا سيقدّم الناس أموالهم للمقاومة، لماذا تقدّم النّساء حلِيّهنَّ للمقاومة، لماذا يستعدّ البعض أن يتخلّوا عن بيوتهم للمقاومة، لماذا ترسل العائلات أولادها ليقتلوا في صفوف المقاومة، لسبب بسيط، أنهم يثقون بالمقاومة، أنهم يثقون بأن المال الذي يأتي إلى المقاومة لا يُسرق ولا يُنهب ولا يُهدر، وإنما يُنفق في معركة الدفاع عن الوطن والعرض والأرض والكرامة، هذه المعادلة التي نحن نحتاجها في البلد، هناك أزمة ثقة عميقة جداً جداً جداً جداً حتى ينقطع النّفس، بين الشّعب اللبناني وبين الدولة بكل مكوناتها، بسبب أنك مهما قلت له لن يصدّق، ليس المهم ما يسمعه بل بما يراه، تعالوا حتى نريه الحقيقة التي تُصنع بالإرادة وبالحزم، إذا فعلنا ذلك وإذا ذهبنا إلى إجراءات صادقة وحقيقية، أنا أقول لكم، نحن جميعاً سندافع عن هذه الإجراءات وسنحمي هذه الإصلاحات ولو كانت قاسية، لأنه على هذا يتوقّف مصير بلدنا.

بناءً عليه، اليوم، نحن بحاجة كلبنانيين إلى العمل وإلى الجد، وبصراحة أريد أيضاً أن أقول لكم مع احترامي حتى لبعض حلفائنا وأصدقائنا الذين أصدروا مواقف في الأيام القليلة الماضية، نحن لا نؤيّد استقالة الحكومة الحالية، أتدرون لماذا؟ إذا استقالت الحكومة، هي في ساعة السّلامة وكنا خارجين من انتخابات والبلد مرتاح والناس صبرت على بعضها البعض  وبقينا سنة حتى تشكّلت حكومة، إذا استقالت هذه الحكومة معناه أنه لا يوجد حكومة، غير معلوم أنّ تتشكّل حكومة، سنة أو سنتين والبلد وقته ضيّق، الكل يجمع أن البلد وقته ضيّق وليس هناك وقت طويل.

ثانياً، البعض يتحدّث عن تشكيل حكومة جديدة، نحن نعذّب أنفسنا هباءً، لأن الحكومة الجديدة إذا كانت سياسية ستتمثل من هذه القوى السّياسية، الموضوع ليس موضوع الوزير فلان والوزير فلان، هؤلاء الوزراء يمثلون القوى السّياسية وقرار القوى السياسية، معناه اذا غيرنا كم اسم وكم وزير انحل الموضوع؟َ! من يأخذ القرار لا زال هو نفسه، الذين هم القوى السّياسية نحنا وغيرنا.
ثالثاً، بعض الناس يتحدّثون عن حكومة تكنوقراط، في مثل الوضع الخطير الذي نحن بصدده في لبنان حكومة التكنوقراط لا تستطيع أن تصمد اسبوعين، وانا أقول لكم بصدق، القوى السّياسية التي تطالب بحكومة تكنوقراط هي أوّل من سيعمل على إسقاط حكومة التكنوقراط، هذا كلام فارغ ولذلك، نحن نقول فلتستمر هذه الحكومة ولكن بروح ومنهجيّة جديدة، بأخذ العبرة ممّا جرى خلال هذين اليومين على مستوى الانفجار الشعبي، البعض يقول انتخابات نيابيّة مبكّرة حتى بعض أصدقائنا مع احترامي لهم، انتخابات نيابيّة مبكّرة، يعني لنحدّد موعد الانتخابات هذه. عدّة أشهر لنذهب الى الانتخابات، وسندخل في دهاليز قانون الانتخابات وبعدها ما الفائدة؟! المزيد من الإنفاق المالي والنتيجة من الآن هل تريدون صراحة أكثر من هذا، هذا المجلس النيابيّ نفسه سيعود، الآن تزيد هذه الكتلة أو تنقص واحد- هالقد – هذا مزاج البلد، إذاً حتّى لا نضيّع وقتنا بانتخابات نيابيّة مبكّرة ولا بحكومة سياسيّة جديدة ولا بحكومة تكنوقراط، الحكومة الحاليّة إذا عجزت عن المعالجة يصعب العثور على حكومة جديدة تستطيع أن تُعالج بكل صراحة، لكن المهم هو أن تذهب هذه الحكومة الجديدة وأن تقوم باعتكاف يوم واثنين وثلاثة واربعة وخمسة تغلق على نفسها الباب وتناقش وتجد المخارج وتدرس بشكل مفصّل الاقتراحات والخيارات التي كما قلت تحتاج إلى قرار وطني وإلى شجاعة و حزم وإرادة، هذا برأينا المسار السّياسي الممكن.

كلمة للمتظاهرين، نحن جميعاً نحترم خياركم بالتظاهر، ليس فقط نتفهّم نحن نحترم ونقدّر صرختكم وتظاهركم واحتجاجكم هذه الصّرخة المعبّرة عن وجعكم.
ثانياً، ليس هناك شكّ بأنّ رسالتكم وصلت إلى المسؤولين جميعاً ووصلت قويّة، بدليل أنه وخلال ساعات تم التراجع عن بدل الواتس اب سواء كان قراراً أو فكرةً، وهذا المستجد كما ذكرت قبل قليل لكل المسؤولين في الدّولة. لا يعتبر أحد أن هذه الرسالة هي لفلان وليست لفلان، هذا خطأ، لا زلنا نخطئ، هذه رسالة للجميع، لكل القوى السياسية، لكل المواقع في الدّولة، لكل الوزراء، هذه الرسالة للجميع ويجب أن يتصرّفوا انطلاقا من استيعابهم لهذه الرّسالة الشعبية القويّة.
ثالثاً، أهمّية حركتكم الشعبية خلال اليومين الماضيين أنها كانت عفويّة وصادقة، لا يستطيع أحد وأنا متأكّد ممّا أقول، لا يقف أي حزب وأيّ تنظيم حتّى أيّ سفارة أجنبيّة لأننا نذهب دائماً إلى نظرية المؤامرات، لا أحد يقف وراء هذه المظاهرات، النّاس هم غضبوا عندما سمعوا المؤتمر الصحفي لوزير الإعلام والذي بالمناسبة قدّم الموضوع  أيضاً بطريقة مستفزّة، ونزل النّاس. الواتس اب هو القشّة التي قسمت ظهر البعير، الواتس آب ليس انّه قصّة 6$  ضرب كم في السّنة، أكّدت المنحى الحاكم على ذهن المسؤولين الذي هو الاستمرار بسياسة فرض الضرائب والرّسوم على الفئات الفقيرة، نزل النّاس، أهمّية حركتكم أنّها كانت عفويّة وصادقة وعابرة للطوائف وللمذاهب وللمناطق وللاتجاهات السّياسية، حتى امس ليلاً، هذه الميزة المهمّة، ولذلك رسالتها كانت قوّية ومؤثّرة ومدوّية. أنا هنا أريد أن أنطلق منها لأوضّح وأقدّم نصيحة للمتظاهرين إذا ارادوا أن يستمروا في التظاهر، بالتوضيح، أنا استمعت خلال يومين بالتلفاز مثلي مثل الآخرين كنت اتابع كل شيء يحدث ويُحكى، طبعاً الكثيرون كانوا يناشدون حزب الله ومسؤولين آخرين، الآن سأتكلّم بما له علاقة بنا، ويناشدوني أنا شخصياً يا سيّد ويا سيّد حتّى أن هناك شخص كبير في السّن يظهر عليه الاحترام وإن شاء الله جميعهم كانوا محترمين، يقول يا سيّد “التّحفّظ ما بيطعمي انت هلق ما عم تسمعني”، ردّ عليه شخص بجانبه قال له – لا هو ما عم يسمعك – وأنا كنت عم بسمعوا ! نحن استمعنا الى كل هذه الاصوات، والكل كان يطالب يا حزب الله انزلوا الى الشارع اين انتم لم تنزلوا الى الشارع، لا اريد أن أخوض في تفصيل هذه النقطة، يكفي ان اقول لكم لو في اليوم الأوّل نزل حزب الله حتى في اليوم الثاني و الآن معكم الى الشارع كانت النتيجة ان الحراك أصبح في مكان آخر، بكل بساطة سيصبح الموضوع صراع سياسي، صراع محاور، ايران تبعث برسالة لأميركا من رياض الصّلح أليس كذلك؟!
مصلحة حركتكم لتوصل رسالتها القويّة، كانت أن تتحرّكوا أنتم بدون حزب الله وغير حزب الله، قوّة هذه الحركة أنّها كانت بمعزل عن الأحزاب السياسيّة، هذا توضيح. بالنسبة للنصيحة، اليوم يجب أن تنتبهوا الى حركتكم، عندما تتبناها أحزاب سياسيّة موجودة في السّلطة وبعض هذه الاحزاب موجودة في السطلة منذ عشرات السنين، معناه سيتحوّل حراككم من مطلبي اجتماعي الى سياسي، عندما ينزل البعض أو يطلب من قواعده أن تنزل إلى الشارع والعنوان هو إسقاط العهد ومواجهة العهد، يعني لم يعد هناك حديث مطلبي، لم يعد هناك حديث اجتماعي، أصبح هناك استغلال للحراك الشعبي في صراع سياسي، في تصفية حسابات سياسية. إذا أردتم أن تستمروا وأنا لا أقول لكم شيئاً، أنا أقول ما أنجزتموه خلال يومين كان مهماً جداً جداً جداً على مستوى التأثير في الوعي واللاوعي للمسؤولين المعنيين باتخاذ القرار، إذا قررتم أن تستمروا لتنجحوا يجب أن تفصلوا حراككم عن الأحزاب السياسية التي ستركب أو ركبت موجتكم وحركتكم من أمس. أيضاً أنصحكم باجتناب التخريب، تخريب الأملاك العامة والأملاك الخاصة، أنصحكم بالتعبير عن رأيكم بأدب وأخلاق، أنا اشتموني ليس هناك مشكلة، لكن لا تشتموا بقية العالم، السباب والشتائم والعبارات النابية السوقية هذا أمر يسيء إليكم، يسيء إلى الشعب اللبناني، ليست هذه صورة الشعب اللبناني الذي لديه أخلاق وأدب، يمكن أن تعبروا عن نفس الموقف بقسوة وبشدة وبدون سباب ودون شتائم.

القوى الأمنية، الجيش والقوى الأمنية، مثل ما نوصي الجيش والقوى الأمنية بالرحمة بالمتظاهرين ويُطيلوا بالهم عليهم، نوصي المتظاهرين بعدم الاعتداء على الجيش والقوى الأمنية. في الليلة الأولى أنا كنت أشاهد التلفاز، هناك أناس بالمتظاهرين تعمدوا أن يعتدوا على القوى الأمنية ويسيئوا إليهم ويهينوهم، هؤلاء إخوانكم وشبابكم وأولاد قراكم، لا يجوز أن تتصرفوا بهذه الطريقة، من كان صاحب هدف وقضية يجب أن يتصرف بمستوى صدقها وأهميتها وإنسانيتها، هذا ما أحببت أن أقوله الآن.

يبقى هناك نقطة لا تتحمل التأجيل، استكمالا للاستيضاح، أنه يا سيد، يا حزب الله أنتم قلتم إذا سيفرض رسوم وضرائب جديدة على الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود ستنزلون إلى الشارع، هذا كأنه يحملوننا المسؤولية أو المس بالمصداقية. أنا أعود وأقول عندما تحتاج مواجهة فرض ضرائب جديدة على الفقراء وذوي الدخل المحدود أن ننزل إلى الشارع سننزل إلى الشارع، لكن نحن بتقديرنا لم يكن هناك حاجة أن ننزل إلى الشارع، ببساطة لماذا؟ لأنه نناقش بالحكومة ولم يُأخذ قرار بعد، حتى لو حصل تصويت بالحكومة، ولمعلوماتكم وزراؤنا مبلّغين أنه ليس هناك شيء اسمه تحفظ، كل شيء اسمه ضريبة، رسم على الفئات الفقيرة، مرفوض لا نقبل به، نعارضه.

حسناً، إذا الأغلبية بالحكومة صوتت، عندنا فرصة أخرى إسمها مجلس النواب، ليس مطلوباُ من ثاني يوم أن ننزل إلى الشارع، إذا نزل حزب الله إلى الشارع ليست مثل أي نزلة، أنتم يا متظاهرين نزلتم بشكل عفوي يمكن أن تنزلوا يوماً أو يومين وبعد ذلك تخرجون من الشارع، نحن إذا نزلنا لا يمكننا أن نخرج قبل تحقيق الأهداف التي نزلنا من أجلها، معنى ذلك أنه سننزل ونبقى يوم وشهر وسنة وسنتين بالشارع، نحن نتصرف بهذه الطريقة.
لنفترض أن الحكومة وضعت موازنة فيها ضرائب أو أرسلت إلى مجلس النواب ضرائب، نحن موجودون في مجلس النواب ونناقش ونجادل، إذا لم نستطع أن نعالج الموضوع في مجلس النواب ولا بأي طريقة ضمن مؤسسات الدولة عندها طالِبنا وقل أين وعدكم يا جماعة؟!

في موازنة 2019 وضعت ضرائب في الموازنة ونحن عارضنا وذهبت إلى مجلس النواب وحصل هناك جدل في مجلس النواب وعولجت الضرائب في مجلس النواب بالاتفاق مع رئيس الحكومة ومع رئيس المجلس ومع بقية الكتل النيابية وإلا كان هناك بـ 2019 ضرائب قاسية، عولجت ولذلك نحن قبلنا أن نصوت للموازنة دون الحاجة إلى النزول إلى الشارع.

أتمنى أنا خصوصاً على المحبين، الحاقد مهما شرحنا له ووضّحنا له ولو أنزلنا له كتاب من السماء هذا أعمى، أنا أتكلم مع المحبين، مع الناس الذين حقاً يعلقون آمالاً علينا، يجب أن يتفهموا جيداً أنه نحن حزب كبير ونحن حركتنا ليست بسيطة، ونحن عندما نريد أن ننزل إلى الشارع هذا ليس قراراً صغيراً، يعني البلد كله سيذهب إلى مسار مختلف، هذه الورقة ليس كل حين يخرج شخص يقول يا حزب الله إنزل إلى الشارع، هذا يأتي وقته، هذا ممكن أن يأتي وقته، إن شاء الله لا يأتي وقته، ولكن إذا جاء وقته ستجدوننا جميعاً في الشارع، في كل المناطق وبقوة ونغير كل المعادلات.

في اللحظة الحالية نحن ندعو إلى التعاون بين مكونات الحكومة، ندعو إلى التضامن، ندعو إلى عدم الهروب من المسؤولية، أنا أقول لكم أكثر من هذا، من يهرب من تحمل المسؤولية أمام الوضع القائم يجب أن يُحاكم، “لا يخمن” نفسه أنه “سيزمط”، يجب أن يحاكم خصوصاً أولائك الذين أوصلوا البلد إلى هذا الوضع الصعب، ليس “على ذوقك” تقول أنا لست معنياً وأريد أن أرحل، أياً كان.
ندعو إلى التضامن، ندعو إلى التعاون، ندعو إلى تحمل الجميع للمسؤولية، واسمحوا لي هنا بكلمة واضحة للقوى السياسية ومعروف من ولا أريد أن أذكر أسماء، التي تريد الآن في هذا التوقيت السيء والحساس أن تخوض معركة إسقاط العهد، أقول لهم اسمعوا هذه النصيحة مني، تضيعون وقتكم وتتعبون أنفسكم وتتعبون البلد وتضيعون وقت البلد وهذا توقيت خاطئ والعهد لا يمكن أن تسقطوه، لذلك لنعود إلى عقولنا ونتصرف بمسؤولية والعالم تتعاون مع بعضها حتى نقطع هذه المرحلة الصعبة.

ما حصل خلال اليومين الماضيين يجب أن يضع لبنان أمام مرحلة جديدة، منهجية جديدة، عقلية جديدة، إذا أردنا أن نتجاوز الصعوبات.
نحن أيها الأخوة والأخوات أقول لكم من منبر الحسين سيد الشهداء عليه السلام عاقدون العزم على العمل بجد مع كل من هو حاضر لتحمل المسؤولية، نحن في حزب الله لن نتخلى عن شعبنا ولن نتخلى عن بلدنا، لن نسمح بإغراق هذا البلد ولا بإحراق هذا البلد، نحن الذين قدمنا آلاف الشهداء وآلاف الجرحى دفاعاً عن كرامة شعبنا وعزته وشرفه ووجوده وحياته وعرضه، لن نسمح لأحد أن يغرقه أو يدفع به إلى الهلاك أو أن يمزقه. إذا كان المسؤولون يملكون الشجاعة والإرادة والعزم أقول لكم هناك آفاق واسعة وخطوات كبيرة، يمكنها أن تخرج البلد مما هو فيه، لا يجوز أن نيأس، اليأس هو خلق الضعفاء، هو خلق الفاشلين، هو خلق عديمي الإرادة وفاقدي العزم، أما أنتم، أما نحن، أما الذين وقفنا في وجه العواصف العاتية وصمدنا وبقينا وانتصرنا لا يمكن أن نسمح لليأس أن يتسلل إلى قلوبنا وإلى عقولنا.

في يوم أربعين الحسين عليه السلام، نجدد إلتزامنا وبيعتنا وموقفنا في كل القضايا المحقة في المنطقة، من فلسطين، إلى اليمن، والبحرين وسوريا والعراق ومع كل القضايا المحقة في بلدنا لشعبنا، لن نترك المقدسات، لن نترك المظلومين والمعذبين لأننا قومٌ لا نترك الحسين وفي كل موقف عندما نسمع نداءه وهو يستغيث ويقول هل من ناصر ينصرني صوت كل مستضعف ومحتل ومظلوم نداؤنا طوال التاريخ لبيك يا حسين، لبيك يا حسين.
أشكركم جميعاً، بارك الله فيكم، عظم الله أجركم، تقبل الله منكم، حفظكم الله، رعاكم الله، نصركم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: العلاقات الاعلامية