الصحافة اليوم 10-12-2019: فضيحة الأمطار وفيلم الفساد الطويل… الأسوأ لم يأتِ بعد! – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 10-12-2019: فضيحة الأمطار وفيلم الفساد الطويل… الأسوأ لم يأتِ بعد!

صحف محلية

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية صباح اليوم الثلاثاء 10 كانون الاول 2019 على «نكبة» الشتاء «المعتادة» التي تُصيب المُقيمين في هذا البلد… هذه الواقعة الجديدة باتت تشكل تهديدا مباشرا لحياة الناس… فمن علقوا في نفق خلدة – الاوزاعي أمس «نجوا» من سيناريو خطير تمثل بتعرضهم للمياه المُكهربة بحسب ما ذكرت “صحيفة الاخبار” نقلا عن مهندسين مختصين … فبشارة وزير الاشغال العامة والنقل حول مزيد من التقشف يعني اننا سنكون على موعد دائم مع مشاهد أمس كلما أمطرت السماء…

الاخبار*  الاخبار

غزوة الشتاء: الأسوأ لم يأتِ بعد!

أحدثت تساقط الأمطار، أمس، «واقعة» جديدة ستُضاف إلى سجلات «الدولة» المترهلة. لم يعد النقاش مرتبطا بالإهمال الذي يجعل البلاد تغرق بـ«شتوة». الوضع المأساوي «الموسمي» تفاقم لدرجة بات يشكل تهديدا مباشرا لحياة الناس، في ظل غياب الاستراتيجيات الوطنية الطارئة وتغييب الخطط التنموية. في وقت أكد مهندسون مختصون أن من علقوا في نفق خلدة – الاوزاعي أمس «نجوا» من سيناريو خطير تمثل بتعرضهم للمياه المُكهربة، «بشرّ» وزير الأشغال العامة والنقل بمزيد من التقشف ما يعني اننا سنكون على موعد دائم مع مشاهد أمس كلما أمطرت السماء!

كان من المُمكن أن تكون تداعيات غرق نفق خلدة – الأوزاعي بالسيول، أمس، أكثر «كارثية»! مهندسون مطلعون يؤكدون أن خطراً كبيراً كان يحدق بالعالقين في سياراتهم في النفق. فعلى رغم فداحة المشهد المهين، إلا أنه بقي أكثر «أمناً» من الأسوأ الذي كان يتربّص بهم.

ووفق المعلومات، فإنّ عطلاً كهربائياً طرأ على المضخات الأربع في النفق بعدما ارتفع منسوب المياه بشكل قياسي داخله، وأدّى إلى احتجاز المئات ساعات طويلة. ووفق معلومات المهندسين، «فإنّ خطراً جدياً كان محدقاً بالعالقين من إمكان تعرّضهم للمياه المُكهربة نتيجة العطل الذي بقي حتى ساعات الليل الأولى غير مفهوم».

إذاً، لم يعد النقاش مرتبطاً بـ«نكبة» الشتاء «المعتادة» التي تُصيب المُقيمين في البلد الذي احتلّ المرتبة 113 من بين 137 لناحية جاهزية بناه التحتية وفق تقرير التنافسية العالمية لعام 2018، بل بات يرتبط بتعريضهم بشكل مباشر لخطر الموت!

ما هي الخطة الطارئة التي تعتمدها الحكومة في مثل هذه الحالات؟ وما هي الإجراءات الواجب اتباعها لحماية المواطنين من فقدان السيطرة على «الطبيعة» في حال تمّ التسليم بعامل المُتساقطات «غير الإعتيادي» الذي تسلّح به عدد من المسؤولين كسبب رئيسي لمشاهد «الفضيحة»؟

مُقارنةً مع تصريحات وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس بشأن «خروج» منطقة الأوزاعي عن «اختصاص» وزارة الأشغال العامة والنقل، فضلاً عن «عدم استيعاب البنى التحتية كمية الأمطار»، تبدو الأسئلة عن الخطط الإستراتيجية والطوارئ «ترفاً» في بلد لم يعقد إجتماعاً موحدا بين الجهات المعنية لتُقدّم توضيحاً او إعتذاراً عما حصل وعما كاد أن يحصل.

في المجمل، تصدّرت منطقة الأوزاعي المشهد بعدما غرقت شوارعها بشكل شبه كامل واجتاحت المياه المختلطة بالمياه الآسنة غالبية البيوت فيها. والأمر نفسه جرى في منطقتي السلطان ابراهيم والرحاب التابعتين عقارياً لبلدية الغبيري.

وفق رئيس اتحاد بلديات الضاحية محمد ضرغام، فإن حجم المُتساقطات الكثيف مصحوباً بالأوساخ والنفايات أدّى تلقائيا إلى تسكير عبّارات التصريف، لافتاً إلى مشاكل «مُزمنة» تعاني منها منطقة الرحاب، حيث ترمى مخلفات سوقي اللحامين والخضار في منطقة شاتيلا في مجاري التصريف، كما يعمد البعض إلى اغلاق «الريغارات» بالسجاد بهدف تغطية الروائح المنبعثة منها! ضرغام أكد أن المسؤولية مُشتركة بين البلديات والوزارات والمواطنين أنفسهم، مُلمحاً إلى مشاكل جذرية لا تقوى عليها البلديات، وتحتاج إلى سياسات وخطط حكومية لأنها تتطلب دراسات عن تطور أعداد السكان وتفاقم الإحتياجات.

يتوافق ذلك وما تقوله مصادر مُطلعة بشأن منطقة الأوزاعي، «المنكوبة» في الأساس، «حيث خط تصريف المياه الى البحر الوحيد شُيّدت عليه أبنية مخالفة، ما يؤثر على مسار التصريف، ويجعل من البديهي مرور المياه في بيوت القاطنين فوق الخط مُباشرةً»، ناهيك عن «إهمال ممنهج من قبل الدولة أدى إلى تفاقم الوضع في المنطقة وإزديادها بؤساً».

الجدير ذكره أن مشروع خط تصريف مياه الأمطار في منطقة الرحاب والسلطان ابراهيم في عهدة الحكومة منذ العام 2014 ولم يتم البت فيه، فضلا عن مشروع إعادة تأهيل منطقة الأوزاعي المُقدّم من إتحاد بلديات الضاحية والذي يبيت في أدراج الحكومة منذ عام 2017 .

وفق مصادر في بلدية الغبيري، فإن البلديات عاجزة وحدها عن تحمّل المسؤولية، خصوصا عندما يتعلّق الأمر بالأتوسترادات والطرق الرئيسية التي تقع حكماً ضمن صلاحية وزارة الأشغال. المُفارقة أن كلام فنيانوس عن عدم اختصاص الوزارة، سبقه تصريح مماثل عما جرى في الناعمة الخميس الفائت، إذ أعلن أيضا «تنصّل» الوزارة، علماً أنّ «الوزارة مسؤولة عن الطرق الرئيسية والمناطق المحيطة بالطرق الدولية».

مشروع خط تصريف مياه الأمطار في الرحاب
والسلطان ابراهيم في عهدة
الحكومة منذ 2014

وإلى جانب تغييب السياسات الوطنية والإهمال المتعمّد للبنى التحتية والفوضى المزمنة، يدخل عامل جديد ليفاقم الأزمة وهو المرتبط بنفوذ أصحاب المشاريع السياحية (سبق أن تسبب مشروع الـ«إيدن باي» بفيضانات في منطقة الرملة البيضا). ووفق معلومات «الأخبار»، فإن أحد أسباب سجن الناس على طريق الجنوب، الخميس الفائت، هو إقدام شركة تُنفّذ مشروعا سياحياً في شاطئ الناعمة على تغيير مجرى تصريف المياه!

أمس، ركّز فنيانوس على مسألة توفّر الإعتمادات المخصصة للأشغال «ولكن لا يمكن صرفها بسبب الأزمة الحالية»، مشيراً إلى المزيد من التقّشف. علماً أن ما يحصده المواطنون الآن من اهتراء في البنى التحتية ليس إلا نتيجة لـ «تقشّف» الدولة أساسا في إنفاقها على الطرقات (أنفقت 3.5 مليارات دولار على الطرقات على مدى 25 عاما مقابل 77 مليار دولار لخدمة الدين العام). فما الذي يمكن أن يعنيه «المزيد من التقشّف»؟

كادت السيول أمس أن تودي بحياة إمرأة في منطقة الأوزاعي بعدما جرفتها وسحقت أضلاعها، فيما كاد خمسة أطفال احتجزوا في السيارات أن يختنقوا. هذا المشهدان وغيرهما يُمكن أن يعطيا فكرة عما سيؤول اليه المزيد من التقشف، فيما ينبئ المضي في خيار الإهمال بسيناريو المياه المكهربة الذي لم يحدث… بعد.

السيول في المطار… برعاية الـ«ميدل إيست»

تسللت السيول، أمس، إلى صالتي الوصول والمغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي، وأدّى تجمع مياه الشتاء على الطريق المخصصة للسيارات أمام قاعة الوصول الخارجية إلى إعاقة حركة السيارات لبعض الوقت. في هذه المنطقة تحديداً، الشركة المتعهدة لصيانة البنية التحتية، هي شركة «ميس» (MEAS)، المملوكة بالكامل لشركة طيران الشرق الاوسط. و«ميس» أيضاً مسؤولة عن أشغال الصيانة في الانفاق الممتدة من الـ«كوستا برافا» جنوباً إلى الأوزاعي شمالاً، وتولى تلزيمها هذه الأشغال مجلسُ الانماء والإعمار.

وغير بعيد عن المطار، طافت الطرق في حي السلم وحي الليلكي، وغمرت الأمطار محيط كنيسة مار مخايل – الشياح. كما تعرضّت شوارع الجميزة لـ «غزو» من السيول، وكذلك عدد من شوارع العاصمة.

الحريري ـ باسيل: من يصمد أكثر؟

هل يُشكّل الحريري حكومة من دون العونيين؟

لم يعد في الميدان سوى سعد الحريري. في الجولة الأخيرة أنهى مرحلة البدائل. من يُرد أن يشكّل الحكومة عليه أن يرضخ لشروطه. لكن ذلك ليس موقف رئاسة الجمهورية. في بعبدا إصرار على تحمّل الحريري مسؤولية أفعاله. من استقال عليه أن يتفاوض مع الكتل النيابية للوصول إلى تشكيل الحكومة. وفي حال أراد استبعاد جبران باسيل، فإن لذلك كلفة سياسية عليه أن يتحمّلها

يوم استيعاب الصدمة كان أمس. لا تواصل جدياً بين أي من الأطراف. لكن مع ذلك، فإن الجميع تصرّف على قاعدة أن التكليف أنجز، ويبقى التأليف، الذي يفترض أن يبتّ قبل الإثنين المقبل. سعد الحريري صار رئيساً مكلفاً، قبل الاستشارات النيابية. سبق للرئيس نبيه بري أن أعلن أن الحريري هو مرشّحه الوحيد لرئاسة الحكومة، أما حزب الله فلطالما نُقل عنه أنه يفضّل الأصيل على الوكيل. لكن الأصيل كانت حساباته مختلفة. تلاعب بالجميع على قاعدة «ليس أنا بل أحد غيري»، ثم وضع الألغام في طريق كل من رُشّح ليكون «غيري». المرشح الأخير، أي سمير الخطيب، خرج من دار الفتوى مبشّراً بأن قيادات وفعاليات الطائفة السنية سمّت الحريري لرئاسة الحكومة.

ببساطة، ولىّ زمن اقتراح أسماء بديلة. وهذا يعني أن الخيارات ضاقت كثيراً أمام رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. لا بد من الحريري ولو طال الزمن، لكن ذلك لن يكون سهلاً. عودته إلى السراي الحكومي، مرهونة بإيجاد مخرج لمسألة مشاركة الوزير جبران باسيل في الحكومة، في ظل إصرار الحريري على استبعاده. باسيل من جهته كان وافق على الخروج شرط خروج الحريري معه. أي أمر آخر ما زال مرفوضاً حتى اليوم. في الأساس، سبق أن طرح الوزير غطاس خوري على رئيس الجمهورية تشكيلة حكومية يترأسها الحريري ولا تضم باسيل. لكن لم يتأخر عون في رفضها، وإعادة فرض قاعدة إما الحريري وباسيل خارج الحكومة معاً وإما داخلها معاً. يُنقل عن عون أنه هدّد بعدم ترؤس اجتماعات مجلس الوزراء إذا وصل الحريري إلى رئاسة الحكومة. وهذا يعني أن المشكلة بين الطرفين طويلة الأمد. لكن في المقابل، يتردد أن عون حاسم في رفضه التام لتأجيل الاستشارات مرة جديدة. في الأساس، هو كان يريد تأجيلها حتى الخميس فقط وليس الإثنين. يعتقد أن الحريري الذي أوصل الأمور إلى ما وصلت إليه باستقالته، عليه أن يتحمّل مسؤولية الحل. وهذا يعني أن لا خيار أمام الأخير سوى السعي إلى الوصول لتفاهمات قبل الإثنين المقبل. أي أمر آخر، سيعني وصوله إلى رئاسة الحكومة، مجرداً من دعم الأكثرية. العونيون، على الأرجح سينتقلون إلى المعارضة، ورئيس الجمهورية لن يسهّل له عمله. صحيح أنه يصعب الحصول على إجابة بشأن موقف ثنائي حركة أمل وحزب الله من الحكومة في حال خروج العونيين منها، لكن حتى مع افتراض مشاركتهم في الحكومة، فإنهما لن يكونا إلى جانب الحريري.

كل ذلك يشير إلى أن تسمية الخطيب كانت فرصة جدية للخروج من النفق الحالي. وهذا يقود إلى السؤال التالي: هل الحريري حصراً هو من أطاح الخطيب؟ ماذا عن دور باسيل؟ هل صحيح أنه أبلغ حلفاءه يوم الجمعة أنه لن يسير بالخطيب رئيساً للحكومة؟ مصادر متابعة تؤكد ذلك، وتشير إلى أنه قرن موقفه هذا بالتهديد بعدم المشاركة في المشاورات. ولأن ذلك يعني تلقائياً أنه لن يُشارك أكثر من 40 نائباً في الاستشارات، لم يجد الخطيب أفضل من دار الفتوى ليلجأ إليها معلناً انسحابه.

لكن لماذا تراجع باسيل؟ ثمة من يعتبر أن الأخير حسبها جيداً ووجد أن خروجه من الحكومة لن تكون له سوى انعكاسات سلبية على مستقبله السياسي. وبالرغم من أن الاتفاق يقضي بأن لا تستمر الحكومة لأكثر من تسعة أشهر، إلا أنه في المقابل لا أحد يضمن ألا تبقى حتى نهاية العهد، بما يعنيه ذلك من قضاء على حظوظ باسيل الرئاسية، وربما مستقبله السياسي، فكان أن أعاد الأمور إلى النقطة الصفر. وقد تلقّف الحريري ذلك، خاصة أنه وافق على الخطيب على مضض. ثمة من يشير إلى أن زيارة الخطيب إلى دار الفتوى بعد ظهر الأحد، بالرغم من أن أمر انسحابه كان حسم باكراً، إنما هدفت إلى إرباك رئاسة الجمهورية في مسألة الاستشارات.

حجة الحريري في الإصرار على رفض إعادة توزير باسيل، هي الإشارة إلى رفضه توزير أسماء مستفزة للناس المنتفضين منذ 17 تشرين الأول. يضع جبران باسيل على رأس اللائحة، ثم يضم إليها علي حسن خليل وآخرين، مستثنياً نفسه، ومتوهّماً أنه الأنظف كفاً بين الجميع. وصل به الأمر إلى حد اعتبار أنه والسيد حسن نصر الله هما الوحيدان اللذان يريدان مكافحة الفساد في البلد.

 باسيل أبلغ الخطيب الجمعة تراجعه عن دعمه

بالنتيجة، لا يريد الحريري لباسيل أن يكون شريكاً على طاولة مجلس الوزراء، وهو الأكثر تعرضاً للهجوم منذ خمسين يوماً. أما باسيل، فيرفض أن يكون كبش محرقة السلطة، كما يطالب الحريري بالتزام التسوية الرئاسية التي تفترض الشراكة في الحكومة لمدة ست سنوات. لكن مع ذلك، ثمة من يترك باباً موارباً للحل. يؤكد أن أياً من الأطراف لم يعلن موقفه علناً. لا الحريري أعلن أنه حاسم في رفضه مشاركة باسيل، ولا الأخير ربط مصيره بمصير الحريري. ولذلك، فإن الرهان يبقى على مخارج متوافرة على الطريقة اللبنانية، أي لا غالب ومغلوب. أما متى يأتي وقت هذه المخارج، فهذا ما لا إجابة عنه.

في مقدمة «أو تي في» أمس، إشارة إلى أن مصادر التيار الوطني الحر «ترفض المشاركة في لعبة سياسية مكشوفة يقوم بها سواه، تماماً كرفضه أداء دور الشاهد الزور، لأن ما يحدث يؤذي البلد، ولا يؤدي إلى تحقيق الإصلاح الذي ينشده الناس، بل إلى إلغاء آخرين، تنفيذاً لغايات سياسية في الداخل والخارج».

وفي سياق متصل، كان لافتاً قول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد «نريد أن نعرف ماذا يريد الحريري»، معتبراً أن «في النهاية سنجد حلاً لموضوع الحكومة، ولو طال الأمر شهراً أو شهرين».

الحريري متّهم من خصومه – شركائه بأمرين، أوّلهما الرضوخ لوصايا غربية جعلته يستقيل، وثانيهما الرضوخ لفيتو أميركي على توزير باسيل. هذا لا يعني تغييب الشق الداخلي للأزمة. الحريري لم يعد قادراً على التعايش مع باسيل، ولذلك سيعمل على خطين في الأيام المقبلة: إبعاد الأسماء المستفزة عن الحكومة، والسعي لحشد الدعم الدولي للبنان، حتى تكون عودته إلى الحكومة مقرونة بالقدرة على مواجهة الأزمة.

الإشارة الأولى في هذا الصدد ستكون الاربعاء، حيث تستضيف فرنسا «اجتماع عمل» دولياً «بغية مساعدته (لبنان) على الخروج من الأزمة السياسية»، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الفرنسية. وجاء في بيان الخارجية الفرنسية إن «اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان الذي تتشارك في رئاسته فرنسا والأمم المتحدة، «يجب أن يتيح للمجتمع الدولي الدعوة إلى تشكيل حكومة فعّالة وذات مصداقية سريعاً، لتتخذ القرارات اللازمة لإنعاش الوضع الاقتصادي وتلبية التطلعات التي يعبّر عنها اللبنانيون». أضاف البيان «أنها مسألة تحديد المطالب والإصلاحات التي لا غنى عنها، المتوقعة من جانب السلطات اللبنانية، حتى يتمكن المجتمع الدولي من مرافقة لبنان».

اليونيفل تتهرّب من المسؤولية وتتجاهل إحداثيات السفينة المعادية

ردّت «اليونيفل» على تقرير «الأخبار» أمس، بالتهرّب من مسؤولياتها، وتأكيد دورها المنحاز للعدو الإسرائيلي. «الأخبار» تردّ بالوقائع والأرقام على سكوت اليونيفل عن خرق منطقة عملياتها وعدم اتخاذ أي إجراء

انتظرت قوات «اليونيفل» حتى مساء أمس، لتعلّق على التقرير الذي نشرته «الأخبار» في العدد الماضي، عن قيام سفينة يونانية علمية تعمل لحساب العدوّ الإسرائيلي بخرق السيادة اللبنانية وإجراء الأبحاث على البلوك النفطي 9، من دون أن تقوم اليونيفل بأي تحرّك.

غير أن المتحدث باسم القوات، تيلاك بوكاريل، في ردّه على تقرير «الأخبار»، دعّم من حيث لا يدري الاتهام الذي وجهّه التقرير أمس للقوات الدولية، بتحيزّها للمصالح الإسرائيلية ضد مصالح لبنان.

قال بوكاريل إنه «ليس لدى اليونيفل دليل يشير إلى أن سفينة قد انتهكت المياه الإقليمية اللبنانية كما زعم التقرير الإعلامي، وعند تقديم الادعاءات، يتجاهل الصحافي حدود ولاية اليونيفل»، وأنه «ليس لدى اليونيفل تفويض لمراقبة خط العوامات الذي تم تثبيته من جانب واحد، من قبل إسرائيل، ولم يتم الاعتراف به من قبل لبنان أو الأمم المتحدة».

وعن قوة البحرية التابعة لليونيفل (MTF)، ثبّت بوكاريل الانحياز، باختصار مهمة اليونيفل، مؤكّداً أنه «لدى قوة اليونيفل البحرية مهمة محددة، وهي مساعدة البحرية اللبنانية في منع دخول الأسلحة أو المواد ذات الصلة، عن طريق البحر إلى لبنان، من دون موافقة الحكومة اللبنانية. وعليه، فإن انتشار قوة اليونيفل البحرية وتركيزها العملياتي، يتمحوران حول المتطلبات العملية لتوفير مثل هذا الدعم للبحرية اللبنانية».

وهنا وجب توضيح عدّة نقاط، أهمّها يتعلّق بالذريعة التي ادّعاها الناطق باسم القوات الدولية، حول عدم وجود دليل على انتهاك السفينة المياه الإقليمية اللبنانية، في لعب واضح على المصطلحات. أوّلاً، رصدت القوات البحرية اللبنانية هذه السفينة داخل بقعة عمليات القوات البحرية التابعة لليونيفل، والتي تمتّد من الشاطئ إلى عمق مسافة 200 ميل في البحر، حيث خرقت الخط اللبناني عند الساعة 1:19 (عند النقطة ذات الإحداثيات x: 34.766 – y: 33.207) فجر يوم 27 تشرين الثاني الماضي، ووصلت عند الساعة 7:10 صباحاً إلى عمق 5.6 أميال بحرية في داخل البلوك 9 (عند النقطة x:34.816 – y:33.291) وعادت وخرجت من المياه اللبنانية الساعة 8:37 (عند النقطة x:34.84 – y:33.184)، من اليوم نفسه. تحرّك السفينة لمدة سبع ساعات داخل بقعة العمليات البحرية لليونيفل، في مسافة لا تتجاوز ستة أميال بحرية (في سبع ساعات تبحر السفينة نحو 100 ميل بحري)، وهي تتحرّك بسرعة /5/ عقدة (وهي السرعة المثالية لإجراء مسح للأعماق البحرية)، فهو بالتأكيد تصرف يعتبر مشبوهاً، وفقاً لتعليمات اليونيفل المعتمدة منذ العام 2006. وإذا كانت أجهزة الرصد لدى مراكب القوة البحرية في اليونيفل لا تستطيع رصد مثل هذه السفن الكبيرة التي يمكن للقوات البحرية اللبنانية أن تكتشفها، فكيف إذاً ترصد المراكب الصغيرة، التي يمكن أن تقوم بتهريب الأسلحة الى لبنان؟ خصوصاً، أن تلك المنطقة صعبة الحركة على البحرية اللبنانية، بسبب ضعف القدرات وشبه الحظر الذي يضعه العدو الإسرائيلي على تحرك القوات اللبنانية في تلك البقعة الحساسة، ومن واجب اليونيفل بحسب مهامها مساندة الجيش اللبناني هناك.

وبحسب مهمة القوات الدولية، وجب على مراكب اليونيفل مناداة السفينة والتعرف إليها، والسؤال عن نية وجودها، ومن ثم إبلاغ الجيش اللبناني لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، كونه وفقاً للمفهوم العملاني البحري، فإن هذه الحركة من سفن بهذا الحجم تؤشّر إلى أنها تقوم بأعمال «غير شرعية»، كتهريب الأسلحة، التي هي من صلب مهام القوة البحرية في اليونيفل. فليس المطلوب من هذه القوة مراقبة خط العوامات الذي ليس له علاقة بهذا الخرق، كما ردّ السيد بوكاريل، علماً بأن ثلاث قطع بحرية لليونيفل، على الأقل، موجودة باستمرار على طول الشاطئ اللبناني، بقيادة سفينة القيادة، إحداها تتمركز بشكل شبه دائم في ما يسمّى الـZONE2 من البحر، وهي المنطقة التي وقع فيها الخرق وتقوم بمهام المراقبة، بالتركيز على الأنشطة البحرية، لا سيما للصيادين الجنوبيين، على مقربة من الحدود مع فلسطين المحتلة. عدا عن آليات التنسيق «الفعالة» بين اليونيفل والعدو الإسرائيلي والوسائل الأخرى لمراقبة خط الطفافات، والتي تناساها السيد بوكاريل.

لم تمنع بحرية اليونيفيل سفينتي
«لطف الله» من نقل
السلاح إلى لبنان

تُرى، لو حصل أن دخلت سفينة سورية أو روسية، ذات طابع بحثي أو استكشافي، كيف سيكون ردّ القوات البحرية الدولية؟ هل كانت سترصدها وتبلغ الجيش اللبناني عنها والتعامل معها، أم أنها ستتجاهلها كما فعلت مع med surveyor التي تعمل لحساب العدو الإسرائيلي؟

كل هذه المعطيات تجعل من إهمال اليونيفل لوجود السفينة أمراً متعمّداً، ويفتح الأسئلة أيضاً عن دور القوّة البحرية لليونيفل تحديداً، التي يتمسّك بها العدو الإسرائيلي بشدّة، على عكس هيكيليات اليونيفل الأخرى. فما هو الإنجاز الذي سجّلته هذه القوات منذ عام 2006 حتى اليوم؟ فهي حتى في مهام منع إدخال السلاح إلى لبنان، لم تنجح، ولم تمنع سفينتي «لطف الله» من نقل السلاح إلى لبنان، وإرساله إلى التنظيمات الإرهابية في سوريا.

التهرّب من المسؤولية عن حماية لبنان، والتركيز على أي تحرّك لبناني مهما صغر شأنه في منطقة عمليات جنوب الليطاني، باتا سلوكاً عاماً للقوات الدولية. مثلاً، في حادثة الاعتداء على الضاحية الجنوبية بطائرتين مسيّرتين، رمى قائد القوات الدولية بالمسؤولية عن ظهره، وحتى اليوم لم يُحسم لدى القوات الدولية إن كانت الطائرات انطلقت من البحر، وبالتالي من المفترض أن تتحمل مسؤوليتها القوات البحرية لليونيفل، أم من البر انطلاقاً من الجنوب، ويتحمل مسؤوليتها القائد العام للقوات الإيطالي ستيفانو ديل كول؟ في ظلّ «عداوة كار»، بين ديل كول والأدميرال إدواردو أوغستو ويلاند، وتقاذف للتهم والمسؤوليات.

وفي ظاهرة جديدة، لم تحدث مع أي قائد للقوات الدولية سابقاً، منذ العام 2006، يبدو تنفيذ القرار 1701، مجزّءاً على ثلاث جهات، ديل كول، ويلاند، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش، وكلٌّ من هؤلاء المسؤولين الأمميين يختار ما يريد تطبيقه ومتابعته، ويهمل ما لا يراه جزءاً من مهامه.

لبنانياً، علمت «الأخبار» أن الجيش اللبناني، الذي لم يصدر أمس أي بيان توضيحي كما لم يعلن الخرق في وقته بشكل رسمي، بخلاف ما درجت عليه العادة، بل نظّم كتاب اعتراض في اليوم التالي للخرق لرفعه إلى وزارة الخارجية، عبر وزارة الدفاع. من جهتها، تنتظر وزارة الخارجية وصول الكتاب بعد اكتمال إجراءاته البيروقراطية، لرفعه إلى الأمم وتقديم الشكوى. كما وجّه الجيش رسالة إلى بحرية اليونيفل، استفسر منها عن الإجراءات بخصوص وجود الباخرة ضمن بقعة العمليات.

طرابلس: المستقبل يتلطّى خلف المحتجّين في تعرّضهم لمنزل كرامي

صباح أمس أعلن بعض المحتجّين في طرابلس نيّتهم القيام بجولة على منازل النواب في المدينة من أجل رمي أكياس نفايات أمامها، تعبيراً عن استياء المواطنين من تفاقم مشكلة النفايات في طرابلس من غير التمكّن من التوصل إلى حلّ لها، موضحين أنهم جمعوا أكياساً من النفايات، مسبقاً، لهذه الغاية.

هذه الخطوة غير المسبوقة في المدينة اعتبرها البعض استفزازاً للنواب ومناصريهم، وحذروا المحتجين من الإقدام عليها خشية حصول إشكالات معينة بسببها و«حرف الثورة عن أهدافها»، رغم أنها من وسائل الاحتجاج الطبيعية في مدينة تعاني الأمرّين من جرّاء الإهمال الرسمي لها لعقود. لكن المحتجّين أوضحوا أن الخطوة ستكون رمزية وسلمية، وأن أكياس النفايات سترمى أمام كل منازل النواب في المدينة من دون استثناء.

مرت عملية رمي النفايات أمام منازل النواب بسلام، ولم يحصل أي احتكاك بين المحتجّين والعناصر الأمنيين المكلفين بحماية منازل النواب، لا بل إن بعضهم استجاب بلباقة لمطالب حراس منزلي النائب سمير الجسر والوزير السابق أشرف ريفي، الذين منعوهم من وضع الأكياس أمام مدخل المنزل مباشرة، والاكتفاء بوضعها جانب المدخل.

لكن المشهد تغيّر كليّاً لحظة الوصول إلى أمام منزل النائب فيصل كرامي، إذ حصل احتكاك بين المحتجّين وعناصر أمن كرامي ومناصريه، تطوّر إلى تلاسن وتضارب بالعصي وتراشق بالحجارة، قبل أن يتدخل الجيش للفصل بين الطرفين ومن ثم إبعاد المحتجين من أمام منزل كرامي، بعدما تحوّل الشارع الذي يقع فيه المنزل في منطقة الضم والفرز إلى ما يشبه «ساحة حرب». وسقط عدد من الجرحى نتيجة إصابات مختلفة وحالات اختناق نقلوا إلى المستشفى للمعالجة.

بعض المحتجين روى ما حصل، إذ لفت «الأخبار» إلى أنه «أردنا رمي أكياس الزبالة أمام منزل النائب كرامي مثلما فعلنا مع غيره من النواب، لكن بعض مناصريه الذين يبدوا أنهم جهزوا أنفسهم مسبقاً، رموا الأكياس علينا، وخرجوا وهم يحملون العصيّ التي ضربوا بعضنا بها، وبعض هذه العصي كهربائية، كما رموا الحجارة علينا من فوق سطح المبنى، ما أدى إلى وقوع إصابات».

غير أن مقرّبين من كرامي يتحدثون عن رواية مغايرة تماماً، إذ أوضحوا لـ»الأخبار» أنه «طلبنا من المحتجين وضع الأكياس عند زاوية مدخل المبنى الذي يقيم كرامي فيه، وليس في باحته الداخلية، لكنهم رفضوا ذلك وقاموا برمي أكياس نفايات من فوق السور الحديدي الذي يفصل بين الباحة الداخلية والشارع، على وقع هتافات استفزازية ضدنا، فقام بعض الشبان من عندنا برفع النفايات من الباحة الداخلية ورميها خارج السور، لكن بعض المحتجين قاموا بعد ذلك برمي الحجارة باتجاه مناصرينا الذين كانوا داخل الباحة الداخلية، ما أدى إلى حصول إشكالات، قبل أن يتدخل الجيش ويفضّها».

 المحتجون يتّهمون أنصار كرامي
بتجهيز أنفسهم مسبقاً
للاعتداء عليهم

ويشير المقرّبون من كرامي إلى أنه «قبل أيام مرّ بعض المحتجين أمام منزل كرامي وهم يهتفون بشعارات مؤيدة للثورة، فقام مناصرونا بالترحيب بهم، وتوزيع حلوى عليهم، فضلاً عن مشاركتهم حلقات الرقص والدبكة، ما يدل على وجود تناغم بيننا وبين مطالبهم، لكن ما حصل (اليوم) أمس يثير الريبة ويطرح علامات إستفهام حول خلفياته».

وفيما طرحت أسئلة عن أسباب تطور الأمر أمام منزل كرامي، من غير أن يحصل ما يشبهه أمام منازل النواب والسياسيين الآخرين، أوضح مستشار كرامي علاء جليلاتي أمس أنه «من الواضح أن هناك نيّة لاختلاق إشكالات مع حرس منزل النائب كرامي، فالرسالة واضحة، خصوصاً بعد الكلام الذي قاله كرامي أول من أمس» عن الاستشارات النيابية وموقف دار الفتوى الذي سمّى الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، وهو ما رأى فيه النائب الطرابلسي «ضربة جرى توجيهها إلى اتفاق الطائف «بأيدي السنّة»». أضاف جليلاتي أن «ما حصل (أمس) مفتعل، والشبان لم يأتوا من تلقاء أنفسهم»، مشيراً إلى أن «الثورة اليوم على الأرض لا تشبه الثورة التي طالبت بتحسين الوضع الاقتصادي، ونتخوف من تحويل طرابلس لصندوق بريد»، وموضحاً أن كرامي «سيعقد اليوم مؤتمراً صحافياً يتطرق فيه إلى التطورات».

اللواء*  اللواء

«الطبقة المفلسة» تلعب على حافة الإنهيار الكبير!

الإتصالات الرئاسية متوقفة.. وباريس تربط المساهمة بالإنقاذ بحكومة سريعة

غرقت الطبقة السياسية مرّة أخرى في فيضانات المياه، التي تحوّلت إلى بحيرات عائمة من الكوستا برافا إلى الشمال مروراً بشوارع العاصمة، حتى المساكن الخشبية المسقوفة «بألواح الزنكو والتنك» في محلة الجناح، من دون ان يرف لأحد جفن، وإذا بهؤلاء على مستوى الوزراء، والنواب ورؤساء البلديات يتصرفون بترف الإقتراحات، والانتظار والتذكير بلفت النظر إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات، في ذهول غير مسبوق حول ما يجري، ويهدد بـ«انهيار اقتصادي ومالي محتمل» (وفقاً لما تحدثت عنه صراحة مقدمة O.T.V، الناطقة بلسان التيار الوطني الحر)..

أخطر ما في المشهد ان لا اتصال ولا لقاءات بين الرؤساء، لا سيما رئيسي الجمهورية والحكومة، اللذين يتسابقان على إدارة ملف لبنان في مؤتمر مجموعة الدعم الدولية في باريس غداً، فالرئيس ميشال عون أبلغ المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان بان كوبيتش، خلال استقباله له في قصر بعبدا قبل ظهر أمس، ويبلغه ان لبنان سيحضر بوفد رسمي، فيما اعتبر المسؤول الأممي ان «الاجتماع سيكون بمثابة إشارة قوية لالتزام دول المجموعة العمل مع لبنان».

اما الرئيس سعد الحريري، فأجرى اتصالاً هاتفياً بأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وعرض معه المصاعب السياسية والاقتصادية في لبنان، شاكراً له وقوف الكويت الدائم إلى جانب لبنان واللبنانيين..

ووصف دبلوماسي فرنسي استضافة باريس للمؤتمر الدولي غداً حول لبنان بأنه «محاولة تهدف للضغط على بيروت للإسراع في تشكيل حكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية ان اجتماع يوم الأربعاء «يهدف لتحديد الشروط اللازمة واصلاحات لا غنى عنها يجب على السلطات اللبنانية القيام بها حتى يكون المجتمع الدولي قادراً على دعم لبنان».

وفي الخلفية، بدت الطبقة السياسية ممعنة في الإفلاس، في أسبوع التأجيل الأوّل، وبعد مرور ستة أسابيع على استقالة الرئيس الحريري، وعشية مؤتمر باريس، وكأن لا حاجة ملحة لمعالجة المشكلة، التي تُهدّد بالمضي في البلد إلى الانهيار الكبير.

وقال مصدر رفيع مطلع على موقف حزب الله وحركة أمل المتحالفة معها إنه يجب الآن تسمية الحريري رئيساً للوزراء، مضيفا ان ذلك سيعزز شرعية حكومة تصريف الأعمال التي يقودها الحريري إذا تأجل تشكيل الحكومة الجديدة.

وقال: «من غير المفروض ان تتأخر عملية التأليف، وإذا تأخرت يكون في شرعية أكبر لحكومة تصريف الاعمال».

ووفقا لمصادر تستقي معلوماتها من التيار الوطني الحر، فإن التيار المذكور يتهم الرئيس الحريري بالسعي إلى «إلغاء الآخرين»، «تنفيذاً لغايات سياسية في الداخل والخارج»!

وقالت هذه المصادر، نقلاً عن هذا التيار انه «يرفض ان يكون طرفاً في لعبة سياسية، يراد له ان يكون في موقع شاهد ما شفشي حاجة».

مشاورات على نار هادئة

وفيما يرتقب صدور مواقف سياسية مهمة اليوم من الوضع الحكومي، في ضوء تأجيل الاستشارات النيابية اسبوعاً، بعدما أعلنت القيادات السنيّة الأساسية، سواء دار الفتوى أو رؤساء الحكومة السابقين أو اتحاد جمعيات العائلات البيروتية، ان لا مرشّح لترؤس الحكومة الجديدة سوى الرئيس سعد الحريري، معطوفة على موقف المرشح المنسحب المهندس سمير الخطيب بتزكية الحريري، فإن الثابت ان الكرة عادت إلى ملعب رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيل ميشال عون والحريري الذي أجرى اتصالاً أمس بأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في سياق الرسائل التي وجهها إلى رؤساء دول عربية وصديقة للوقوف مع لبنان في مواجهة المصاعب المالية والسياسية التي يشهدها حالياً.

وإذا كانت مشاورات التكليف والتأليف عادت إلى النقطة صفر، فإن الاتصالات التي باشرتها القوى السياسية، منذ لحظة إعلان الخطيب اعتذاره عن اكمال المهمة، بقيت على نار هادئة، وان كانت تركزت على معرفة اتجاهات الكتل النيابية من مسألة تكليف الحريري، ومن ثم البحث في عناوين شكل الحكومة وتأليفها، وما إذا كانت هناك أسماء أخرى مرشحة أم لا؟

وتشير المصادر النيابية الى احتمال دخول معادلات جديدة على المسألة الحكومية،   ستحدد معالمها المشاورات السياسية القائمة بين المعنيين، ولا يمكن التكهن منذ الان بمسارها ولا بنتائجها. لكن ما يُطمئن ان تأجيل الاستشارات النيابية جاء بحسب المعلومات بعد اتصالات اجراها عون بالحريري، ما يعني موافقة الاخير على اعطاء فسحة جديدة من الاتصالات لحسم المواقف وللتوافق على الموضوع الحكومي، بعدما رست البورصة على تكليف الحريري.

وافادت ان على الكتل ان تضع في الاعتبار ان انسحاب الخطيب رتب معطيات جديدة لا بد من التداول معها كما ان ما اعلن من دار الفتوى شكل سابقة لجهة ان رئيس طائفة يحدد من هو رئيس الحكومة وتوقفت عند موقف اللقاء التشاوري واستغراب نوابه ما صدر في هذا المجال.

موقف «التنمية والتحرير»

وبالنسبة للمواقف المرتقب صدورها اليوم، فإن أبرزها سيكون لتكتل «لبنان القوي» الذي سيعاود اجتماعاته الأسبوعية كل يوم الثلاثاء، واكتفت مصادره بالقول لـ «اللواء» «ترقبوا موقفا سياسيا من التكتل»، من دون ان تكشف عن مضمونه، ولم يعرف ما إذا كانت كتلة «المستقبل النيابية» ستجتمع بدورها اليوم، في حين ان كتلة «الوفاء للمقاومة» تجتمع عادة كل خميس.

اما كتلة «التحرير والتنمية» التي أجتمعت برئاسة الرئيس نبيه برّي في عين التينة، فقد أكدت على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة وملاقاة الأجواء الايجابية الدولية بالاستعداد للمساعدة والمؤازرة والتركيز على معالجة الوضع المعيشي والأمن الغذائي والصحي والوضع المالي والمصرفي، وهذا ما يستوجب تحمل حكومة تصريف الأعمال مسؤولياتها الكاملة إلى حين قيام الحكومة الجديدة».

وأوضح أحد نواب الكتلة في اتصال مع «اللواء» ان البحث تناول ملف تأليف الحكومة من مختلف جوانبه، حيث كان يؤمل ان تنطلق الاستشارات أمس الاثنين لكن حدث ما حدث.

ولفت إلى انه جرى في الاجتماع التشديد على موقف الكتلة المؤيد لتكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة، وقد سبق ان أعلن رئيس الكتلة الرئيس برّي مراراً وتكراراً هذا الموقف.

وقال النائب المذكور: ان الرئيس برّي أكّد في الاجتماع ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة، وقال إذا كان الخارج يريد مساعدتنا فلماذا لا نقوم نحن بمساعدة انفسنا؟.

وكشف المصدر النيابي ان الكتلة ستعود إلى الاجتماع الاثنين المقبل لاتخاذ الخيار النهائي قبل الصعود إلى قصر بعبدا والمشاركة في الاستشارات النيابية.

وكانت الكتلة كشفت في بيان عن اعتداء إسرائيلي تعرض له البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة جنوباً، من خلال دخول باخرة للمسح الهيدروغرافي ترفع علم بنما إلى مسافة خمسة اميال بحريةمن هذه المنطقة، وبقيت فيها لمدة سبع ساعات وثماني عشرة دقيقة بتاريخ 27 تشرين الثاني الماضي.

وادانت الكتلة هذا الاعتداء الفاضح وطالبت الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها ازاءه، خاصة ان قوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب «اليونيفل» لم تقم بما يتوجّب عليها من تعامل مع السفينة المعادية، رغم توثيق القوات البحرية اللبنانية هذه الاحداثيات.

«الوفاء للمقاومة»

وفي انتظار الموقف الذي سيصدر عن كتلة «الوفاء للمقاومة» الخميس، ألمح رئيس الكتلة النائب محمّد رعد ان «حزب الله» لم يفاجأ بانسحاب المرشح الخطيب من السباق الحكومي، كاشفا «اننا لم نعش للحظة ان الأمور ستسير بشكل جيد وان سمير الخطيب هو سيتكلف وهو سيشكل الحكومة، لأنه في أحسن الحالات كانوا سيسمحون له ان يتكلف ثم يتعذر التأليف فيأتي الحريري، وقال: «لم يسمحوا له ان يصل (المقصود الخطيب) وابقوه عشية الاستشارات، الا ان رعد لم يوضح من هم هؤلاء، وان قال: «اننا الآن امام معطيات جديدة»، لكنه شدّد على انه في النهاية سنجد حلا لموضوع الحكومة، وان طال هذا الحل شهراً أو شهرين.

مجموعة الدعم

إلى ذلك ويضم الوفد إلى باريس إلى جانب شميطلي مدير عام وزارة المال آلان بيفاني، المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، ومستشارة الرئيس الحريري هازار كركلا والمصرفي رجا ابوعسلي.

وعشية الاجتماع، كشفت وزارة الخارجية الفرنسية ان «الهدف من المؤتمر دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد».

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول للصحافيين: «ينبغي أن يُمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدعوة إلى التشكيل السريع لحكومة فاعلة وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبر عنها الشعب اللبناني».

الجدير ذكره ان المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش زار اليوم قصر بعبدا (امس) واطلع رئيس الجمهورية ميشال عون على الترتيبات المتخذة لانعقاد اجتماع مجموعة الدعم والذي ستتخلله جلسات عدة لعرض الوضع في لبنان وسبل دعمه، معتبرا ان الاجتماع سيكون بمثابة اشارة قوية لالتزام دول المجموعة العمل مع لبنان.

وقد ابدى عون ارتياحه لانعقاد الاجتماع شاكرًا الاهتمام الذي أبدته فرنسا في المبادرة الى الدعوة بالتنسيق مع الامم المتحدة، وابلغ كوبيش ان لبنان سيحضر الاجتماع بوفد رسمي، متمنيًا ان تسفر عنه نتائج تُترجم عمليا الدعم الذي تظهره الدول الاعضاء في المجموعة حيال لبنان، خصوصا في الظروف الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها البلاد.

ومن المقرّر ان يبدأ اجتماع باريس بخلوة بين الدول الأعضاء، ثم اجتماع رسمي موسع بحضور الوفد اللبناني ثم يترأس وزير خارجية فرنسا الجلسة الافتتاحية وافيد انه تم التحضير لمشاركة واسعة له من اعضاء المجموعة بحضور دول خليجية أبرزها المملكة العربية السعودية والامارات، لأن الاجتماع مخصص لمساعدة لبنان في ضوء الازمة الاقتصادية التي يمر بها ما يدلل على ان لبنان في سلم اولويات هذه الدول خلافا لأي كلام عن ان لبنان متروك دوليا.

الحراك على مفترق

وبالنسبة للحراك الشعبي الذي يقف امام مفترق طرق، بعدما باتت معركته في وجه السلطة «عالمكشوف»، خصوصاً بالنسبة لتسمية الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، وانعكس هذا الارتباك على أسلوب الحراك في التعاطي مع الشارع أمس، إذ اقتصر التحرّك على التجمع عند جسر «الرينغ» قرب برج الغزال، من دون اقفال الطريق.

وعلى الرغم من السلمية التي تميز بها هذا التحرّك، فقد حصلت عمليات كر وفر بين المتظاهرين والقوى الأمنية، التي أقامت حاجزاًلمنعهم من قطع الطريق، الامر الذي استنفر المتظاهرين، فحصل تدافع، أسفر عن توقيف الناشط (ج.ر) حيث تمّ نقله إلى ثكنة الحلو، وتقوم لجنة المحامين بمتابعة الموضوع، في حين قامت مجموعات أخرى بتنظيم مسيرات إلى داخل منطقة الجميزة والصيفي، تخللها اقفال الطرقات التي مروا بها بكل ما كانوا يجدونه في طريقهم من عوائق مثل مستوعبات النفايات واحجار البناء التابعة للورش وحواجز الحديد.

أما في طرابلس، التي وصفت جمعية تجارها العهد بأنه الأسوأ على المدينة، فقد اتخذ التحرّك طابعاً صدامياً أعنف، سقط  فيه نحو 40 جريحاً، بحسب جهاز الطوارئ والاغاثة، تردد ان أحدهم توفي متأثراً بجراحه، وذلك على اثر تظاهرة امام منزل النائب فيصل كرامي، تخللها اشتباك بين المتظاهرين ومرافقي النائب المذكور، استخدم فيها الطرفان الحجارة والعصي، بعدما قام بعض المتظاهرين برمي اكياس النفايات امام مدخل المبنى الذي يسكن فيه كرامي، وتطور الاشكال إلى تدافع، ما استدعى تدخل عناصر الجيش للفصل بين الفريقين، أطلق خلاله جنود الجيش القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين الذين كانوا تظاهروا قبل ذلك امام منازل بعض السياسيين وبينهم الوزير السابق اشرف ريفي، الذي غرد عبر «تويتر» مؤكدا ان طرابلس ستحبط مخطط مجموعات التخريب في ليلة الفوضى والشغب، وستقطع الطريق على كل من يُسيء إليها مدفوعاً باهدافه المشبوه.

اما كرامي الذي سيعقد اليوم مؤتمراً صحفياً للرد على ما حصل، فقد أكّد في تغريدة ان «مصلحة وأمن طرابلس وأهلها ستبقى اولوية عنده ومن أجلها تهون كل المصاعب».

الطوفان

ولم يمضِ أسبوع على مشهد طوفان الناعمة وخلدة حتى تكرر المشهد في أكثر من اوتوستراد وطريق، ولم تسلم منه الوزارات والمرافق العامة والانفاق والمنازل وليدفع المواطنون ثمن إهمال المعنيين للتدابير الواجب اتخاذها لبقاء شبكات صرف المياه في جهوزية تامة رغم ان موسم الأمطار في بدايته مما يطرح مخاوف جدية من تكرار المشاهد مع كل «شتوة».

فقد كشفت الأمطار الغزيرة التي تساقطت أمس الفشل الذريع للدولة فمياه الأمطار اغرقت لبنان مجدداً رغم ان توقعات الأرصاد الجوية ومنذ أسبوع أعلنت عن قدوم عاصفة تطال بأمطارها لبنان ورغم ذلك لم يتغيّر شيء،

وكما حصل يوم الخميس الفائت، ومع هطول الأمطار الموسمية المتوقعة تحولت الاوتسترادات والشوارع والساحات والمستديرات الى بحيرات هائلة تسببت بسجن عشرات آلاف المواطنين وسجنهم لساعات طويلة ابتداء من الحادية عشرة ظهراً من دون ان يبلغوا مرادهم، فتقطعت أوصال البلاد جنوباً وشمالاً وجبلاً وساحلاً، وفي العاصمة ومحيطها، وهو الأمر عينه الذي عاد وتكرر في ساعات بعد الظهر مع عشرات آلاف العابرين من تلامذة وموظفين وغيرهم في طريق عودتهم الى المنازل.

والمشهد المأساوي، كان فاضحاً وفاقعاً وصارخاً على الاوتستراد الساحلي من صيدا الى بيروت وخصوصًا ما بين الناعمة وخلدة وطريق المطار والأوزاعي ومحيط المدينة الرياضية وأمام وداخل مطار بيروت. ومثله، في مناطق الجبل، والبقاع الأوسط وزحلة، والبقاع الشمالي، ومداخل طرابلس، والضنية وعكار، جبلاً وسهلاً. ولم يقتصر الأمر على ماء السماء إذ فاضت المجاري الصحية والمجارير وأخرجت مكنوناتها فزادت الطين «قرفاً» وكارثية.

الجمهورية*  الجمهورية

أسبوع إختبار النيّات قبل الإستشارات.. وانتــظار الحريري لتأكيد ترشيحه

الوقائع التي أحاطت بالملف الحكومي، وأسقطت مجموعة من الضحايا على ملعب التكليف، بدءاً من نواف سلام الى محمد الصفدي الى بهيج طبارة، الذي أخرج نفسه من هذه اللعبة، وصولاً الى سمير الخطيب، أعادت توجيه بوصلة التكليف نحو الرئيس سعد الحريري. والاسبوع الفاصل من الآن وحتى الموعد الجديد للإستشارات النيابية الملزمة الإثنين المقبل، متوقّف فيه الحسم على موقف الحريري لناحية تأكيد استعداده لتولّي رئاسة الحكومة، والذهاب الى حكومة توافقية مع سائر الأطراف، تكون بحجم المرحلة ومتطلباتها وتلبّي مطالب الحراك الشعبي، وفي جوهرها توحي بالثقة للداخل والخارج، أو لناحية البقاء على انكفائه وتبنّي شخصية سنية جديدة، يحصّنها جلياً بالغطاء الجدي سياسياً وسنياً، لا أن تتحول هذه الشخصية «كبش تكليف» كمَن سبقها.

سقوط الدورة الاولى من الاستشارات الملزمة، يضع جميع الاطراف المعنية بالملف الحكومي مجدداً بعضها أمام بعض، في جولة مشاورات تؤشّر أجواء الاطراف جميعها، الى أنها ستكون مكثفة، ونقطة البداية فيها، وعلى ما يقول مرجع سياسي معني بالملف الحكومي لـ«الجمهورية»، يفترض أن تنطلق من حسم موقف الحريري، لجهة تأكيد ترشيحه من عدمه، على ان تمضي المفاوضات بعد ذلك في أي من الاتجاهين، وذلك لكي لا نقع مجدداً في دوّامة الغموض والمراوحة التي حكمت المفاوضات السابقة، وأسقطت المرشحين لرئاسة الحكومة الواحد تلو الآخر.

وعلمت «الجمهورية» انّ حركة الاتصالات قد بدأت بالفعل في الساعات الماضية، وتركزت في جانبها الأساسي بين عين التينة و»بيت الوسط»، حيث سجّلت الساعات الماضية أكثر من اتصال بين الحريري ووزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل، الذي أكد لـ«الجمهورية» انّ «الاسبوع الفاصل عن استشارات الاثنين ينبغي ان يشكل فرصة لجمع الاطراف، لبلورة حلول ومخارج قبل الاثنين، بما يجعل الاستشارات الملزمة تسلك مسارها الطبيعي والايجابي نحو التكليف السلس، يليه فوراً تأليف حكومة تواجه الازمة الراهنة، وتضع لبنان على السكة الانقاذية».

وبحسب المعلومات، فإنّ لقاء وشيكاً سيعقد بين الحريري و»الثنائي الشيعي»، فيما كان خط التواصل مفتوحاً في الساعات الاخيرة بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر». وعلى رغم من حال عدم الانسجام الظاهر بين تيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، تحدثت المعلومات عن بدء محاولات لعقد لقاء بين الحريري ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل. إلّا أنّ مصادر «بيت الوسط» أكدت لـ«الجمهورية» انها لا تملك اي معطيات حول هذا الأمر.

أي حكومة؟

الى ذلك، يبدو من المواقف المعلنة أنّ شكل الحكومة المقبلة، ما يزال محل تباين حاد بين الاطراف المعنية بالملف الحكومي. إلّا انّ مصادر معنية مباشرة بحركة الاتصالات اكدت لـ«الجمهورية» الآتي:
أولاً – انّ جميع الاطراف، وبمعزل عن مواقفها العلنية، باتت مسلمة بأن لا إمكانية للسير بحكومة تكنوقراط في لبنان. اذ انه لن يكون مجال في لبنان لمثل هذه الحكومة، وخصوصاً في ظل تركيبته السياسية والطائفية، وايضاً في ظل أزمة خانقة تتطلّب حكومة تمتلك القدرة على الانقاذ، وتكون محصّنة سياسياً ومن اختصاصيين. وبالتالي، انّ تركيبة لبنان لا يمكن ان تراعى الّا بتشكيل حكومة تراعي بدورها تركيبته السياسية والطائفية، وكذلك في ظل الظروف الراهنة، لا بد من أن تراعي الحراك الشعبي ومطالبه، وان يكون شريكاً في هذه الحكومة. خلاصة الامر انّ الحكومة المقبلة هي حكومة تكنو- سياسية.

ثانياً – إنّ عدداً من السفراء طرحوا جملة تساؤلات امام بعض المسؤولين اللبنانيين حول معنى حكومة «تكنوقراط»، وتقاطع موقف بعض هؤلاء السفراء الاوروبيين مع موقف مسؤول أممي كبير، بأنّ هذا النوع من الحكومات نادراً ما يُلجأ إليه في أي دولة في العالم، خصوصاً انه أثبت فشله، ولا يستطيع ان يواكب أو يتصدى لأيّ أزمة، فكيف مع أزمة مستعصية كالتي يشهدها لبنان؟

ثالثاً – بات الجميع مسلّماً أنّ الحل الأنجع للبنان في هذه المرحلة، يأتي مع تشكيل حكومة مختلطة من سياسيين واختصاصيين، على أن تضمّ مجموعة من أصحاب الخبرات، توحي بالثقة للبنانيين، والمحتجّين منهم على وجه الخصوص، وتستعيد ثقة الخارج، وهنا يكون امتحانها الكبير، أي امتحان استعادة الثقة، ونقل لبنان من واقع أسود الى واقع الانتعاش.

رابعاً – ثمة فكرة مطروحة حالياً ولكن من دون ان تحسم بعد، وتفيد أن يُصار الى تشكيل حكومة أقطاب مصغّرة تكون بمثابة حكومة طوارئ إنقاذية تنتشل البلد من عمق الهاوية الساقط فيها حالياً.

الوقت ثمين

في هذه الاجواء قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري «انّ الازمة تضغط على لبنان في كل مفاصله، وكما سبق وقلت انّ البلد لم يعد يتحمّل لأسابيع قليلة هذا الوضع الخطير. الوقت اكثر من ثمين، وصار المطلوب بإلحاح حكومة تبدأ مسيرة الانقاذ. وهذا يتطلب بالدرجة الاولى أن تُزال كل الموانع والتعقيدات من طريق تأليف الحكومة الذي يجب ان يكون في منتهى السرعة».

وفي هذا السياق، جاء موقف كتلة «التحرير والتنمية»، بعد اجتماعها في عين التينة أمس برئاسة بري، التي أكدت ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة للتركيز على معالجة الاوضاع المعيشية والامنية والوضعين المالي والمصرفي، مشدّدة في الوقت نفسه على وجوب ان تتحمل حكومة تصريف الاعمال كل مسؤولياتها الى حين تأليف حكومة جديدة.

وإذ لاحظت الكتلة «إيجابيات» دولية حيال لبنان، دعت الى «ملاقاة هذه الاجواء الايجابية الدولية بالتسريع في تأليف الحكومة ومعالجة الاوضاع المعيشية».

وعلم في هذا الاطار، انّ هذه الايجابيات عكستها حركة الموفدين الغربيين الى بيروت في الآونة الاخيرة، وبعضهم التقى بري، ونواباً من كتلة «التنمية التحرير». وتضمنت تأكيداً لاستعداد المجتمع الاوروبي لتقديم المساعدة للبنان للخروج من أزمته، مع حرصهم على استقراره السياسي والاقتصادي.

ولعل العلامة الايجابية الاساس، تَجلّت في الاجتماع حول لبنان، التي دعت فرنسا الى انعقاده غداً في باريس. وقد أعرب بري عن ارتياحه الى هذا الاجتماع، ووصف الخطوة الفرنسية بالبالغة الايجابية، وانها تنمّ عن حرص واضح على لبنان، وقد عَلّق على ذلك بقوله: «مع الأسف، الخارج أحرص على لبنان من اللبنانيين أنفسهم».

وكان موضوع اجتماع مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان، المقرر عقده في باريس غداً، محل تداول بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والمنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، حيث أعرب رئيس الجمهورية عن ارتياحه لانعقاد هذا المؤتمر، آملاً في أن تُسفر عنه نتائج تترجم عملية الدعم الذي تظهر الدول الاعضاء في المجموعة حيال لبنان، خصوصاً في الظروف الاقتصادية الدقيقة التي يمر بها.

مجموعة الدعم

وربطاً بالاجتماع، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان أمس، أن فرنسا الحليف التقليدي للبنان تستضيف في باريس غداً الاربعاء «اجتماع عمل» دولي مخصّص له، بغية مساعدته على الخروج من الأزمة السياسية.
وأفاد البيان انّ اجتماع مجموعة الدعم الدولي للبنان الذي تتشارك في رئاسته فرنسا والأمم المتحدة، «يجب أن يتيح للمجتمع الدولي الدعوة إلى تشكيل حكومة فعّالة وذات صدقية سريعاً، لتتخذ القرارات اللازمة لإنعاش الوضع الاقتصادي وتلبية التطلعات التي يعبّر عنها اللبنانيون». وأضاف: «إنها مسألة تحديد المطالب والإصلاحات التي لا غنى عنها المتوقّعة من جانب السلطات اللبنانية، حتى يتمكّن المجتمع الدولي من مرافقة لبنان».

جرثومة الفساد

الى ذلك، وفي موازاة المطالبات الدولية بحكومة لبنانية توحي بالثقة، وكذلك العناوين التي طرحها الحراك الشعبي منذ 17 تشرين الاول الماضي، أعلن رئيس الجمهورية انه «في اليوم العالمي لمكافحة الفساد، سنظل نعمل بكل ما أوتينا من جهد وطاقة للقضاء على جرثومة الفساد الخبيثة التي نَخرت عافية الوطن ومؤسساته وذهنيات الكثيرين وممارساتهم في مختلف الشرائح والمواقع والطبقات، ونريد للنزاهة ان تصبح نهجاً وثقافة للصغار والكبار وطريقة حياة».

وأيّد مرجع سياسي كلام عون مُشدداً، عبر «الجمهورية»، على «ضرورة إعلان الحرب على الفساد». وقال: «العالم يأخذ علينا كثرة الكلام، ويوجّه الينا انتقادات لاذعة، وبعض الموفدين الاجانب قال لنا صراحة: نسمع منكم كلاماً كثيراً لكننا لم نرَ ترجمة لهذا الكلام حتى الآن. حتى في موضوع «سيدر» كان لبنان هو المقصّر الوحيد، حيث قطع على نفسه وعوداً لكنه لم يترجمها، بل تهرّب منها، من دون أي تبرير». وبناء على ذلك، يقول المرجع «انّ علينا ان ننقذ بلدنا وأنفسنا، العالم يريد ان يساعدنا، فلنساعد أنفسنا بتشكيل حكومة نظيفة تجعل البلد على اسمها. ولو أننا بادرنا الى الاصلاح لكنّا وفّرنا على أنفسنا الكثير، ولكان الاحتقان الشعبي في البلد اقل بكثير مما هو عليه الآن. كانت امامنا ورقة إصلاحية، أعدّيناها في قصر بعبدا، ومع الأسف تجاهلناها بلا أي سبب، ولو اننا طبّقنا بنداً وحيداً منها، لكان الوضع اختلف وهدأت خواطر الناس، والحراك».

ورداً على سؤال قال المرجع: «الفرصة لم تذهب بعد أمام الحكومة، سواء حكومة تصريف الاعمال او الحكومة التي ستتشكّل، لديها الكثير لتقوم به… المهم ان تملك الارادة والفعل».

إجتماع باريس… معنوي

من جهة ثانية، وعلى رغم انّ قرار مجموعة الدعم الدولية عَقد اجتماع لها في باريس غداً الاربعاء للبحث في الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، بناء على طلب رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، أنعشَ الآمال بالحصول على دعم مالي يحتاجه البلد بإلحاح في هذه الحقبة الصعبة، إلّا انّ المؤشرات التي توفّرت لا توحي بأنّ لبنان سيحصل على مراده.

ومن خلال رصد الاجتماع من حيث الشكل، تبيّن انّ لبنان سيوفد للمشاركة وفداً رسمياً يضمّ كلّاً من المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، والمدير العام لوزارة الخارجية والمغتربين هاني الشميطلّي، وهازار كركلا مستشارة الحريري.

ومن خلال غياب مشاركين على المستوى الرئاسي أو الوزاري، تقلّصت الطموحات الى مستويات دنيا، وصار مأمولاً في أحسن الظروف الحصول على ما يشبه المساعدات الإنسانية، والحصول أيضاً على دعم معنوي مفاده أنّ لبنان ليس منسيّاً لدى الدول الصديقة.

وفي السياق، أشار النائب ياسين جابر لـ«الجمهورية» الى انّ اجتماع الغد «هو للتذكير ولتأكيد استمرار اهتمام مجموعة الدعم الدولية بلبنان وانها لن تتخلّى عنه، وفي الوقت نفسه لتأكيد ضرورة أن يسير لبنان في المسار الذي يسمح للمجتمع الدولي ويُمَكّنه من مساعدته ودعمه من خلال تأليف حكومة جديدة، والسير في الاصلاحات والاجراءات المطلوبة».

وعن أزمة تعذّر فتح اعتمادات لاستيراد المواد الاساسية، قال جابر انّ «الحريري يسعى الى فتح خطوط ائتمان مع دول مثل السعودية وفرنسا وروسيا ومصر وتركيا والصين وإيطاليا والولايات المتحدة، من أجل تأمين استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للانتاج لمختلف القطاعات».

البنزين أيضاً وأيضاً

وفي ملف المحروقات، سُجّل أمس خرق على مستوى اختراق كارتل النفط المسيطر على استيراد البنزين، من خلال نجاح المناقصة التي أجرتها وزارة الطاقة لاستيراد ما نسبته 10% من حاجة السوق المحلي كخطوة أولى. لكنّ فوز شركة يرتبط أصحابها بعلاقات خاصة مع سياسيين نافذين وأصحاب سلطة، بعد فَض العروض، نغّصَ الفرحة، ودفع الى طرح علامات استفهام حول شفافية المناقصة. وعلى رغم انّ الشركة الفائزة بالمناقصة أصدرت بياناً نفت فيه علاقاتها بالسياسيين وأكدت نزاهة المناقصة وفوزها النظيف بها، إلّا انّ ذلك لم يمنع استمرار التساؤلات المشروعة حول تلك المصادفة التي أدت الى هذه النتيجة التي كان يراهن كثيرون على حصولها مسبقاً، قبل فض العروض.

الى ذلك، برزت معطيات تفيد أنّ أزمة المحطات قد تعود الى الواجهة، خصوصاً بعد البيان التحذيري الذي أصدرته نقابة أصحاب المحطات، والتي أكدت انّ شركات نفطية لا تلتزم الاتفاق الذي رَعته وزارة الطاقة، وتمتنع عن تسليم المحروقات الى المحطات بالشروط التي نصّ عليها الاتفاق.

البناء*  البناء

بوتين لتفاهم حول أوكرانيا في باريس… ولافروف في واشنطن… والاجتماع الدولي للبنان غداً

فضيحة الأمطار وفيلم الفساد الطويل… والمفاوضات الحكومية لحل عقدة الحريري ـ باسيل

حردان يدعو المطران عودة للتراجع… لأن المقاومة ظاهرة نبيلة… والجسد اللبناني منهك

كتب المحرّر السياسيّ

في مناخات دولية تتجه للانقشاع عن مناخات إيجابية، تلاقيها مناخات إقليمية مشابهة، تتعقد الأزمة الحكومية بفعل الرهانات التي رافقت ولادتها على أجواء دولية إقليمية كانت مرشحة للتصعيد، وتسبب فارق التوقيت الإيراني السريع بحسم الاضطرابات في إرباك الكثير من الحسابات وإسقاط الكثير من المشاريع، وتحوّلت محاولات السيطرة على انتفاضة الشعب اللبناني لتوظيفها في استقالة الحكومة، من نعمة على الرئيس الحريري بتوفيرها ذريعة الانسحاب من معادلة تعبر عن نتائج الانتخابات الأخيرة التي أنتجت غالبية معاكسة للمجالس النيابية السابقة منذ عام 2005، إلى نقمة لأن الاستقالة ترافقت مع شروط للعودة، وسيناريوات لحكومات برئاسات بديلة كان يتمّ حرقها، على خلفية قراءة الانهيار المقبل، بقرار دولي لتركيع المقاومة وحلفائها، حيث الانتظار لصيف التسويات الموعود بتوازنات جديدة، هو الأفضل، وإذ تتسارع المساعي الهادفة من الخارج لمنع الانهيار واعتباره مصدر خطر يجب تفاديه، بعدما صار صمود المقاومة والحلفاء مع المتغيرات الإيرانية، سبباً كافياً لتبدل البوصلة الغربية، وصار على الرئيس الحريري إيجاد عذر ديني للعودة لرئاسة الحكومة، وربما لتغيير شروط العودة أو تعديلها.

دولياً، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن اجتماعات مجموعة النورماندي التي تضم فرنسا وألمانيا وأوكرانيا، كانت إيجابية جداً في باريس. وقالت المصادر المتابعة في باريس إن جداول زمنية لتبادل الأسرى بين الحكومة الأوكرانية والأقاليم الشرقية التي أعلنت انفصالها، سيجري ترتيبه وفقاً لاتفاقات مينسك، بينما وصل وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى واشنطن للقاء نظيره مايك بومبيو تمهيداً للقاء الرئيس دونالد ترامب، حيث ملفات سورية وأوكرانيا وفنزويلا، وخصوصاً الأسلحة الاستراتيجية على مائدة المباحثات، واحتمالات التحضير لقمة روسية اميركية ليس مستبعداً، بينما الانفراجات الإقليمية في العلاقات الإيرانية السعودية التي عبر عنها وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي، تتزامن مع انفراجات موازية مع سورية تتولاها الإمارات، وتستضيف باريس لترجمة الاهتمام بتفادي الانهيار في لبنان مؤتمراً تشارك فيه روسيا وأميركا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والصين بالإضافة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية. والبيان المتوقع صدوره يشدّد على الحاجة لتسريع ولادة حكومة فاعلة، دون تحديد تفاصيل كانت ترد في بيانات سابقة كحكومة تكنوقراط، تسهيلاً لما يقوله الفرنسيون عن الحاجة لحكومة جامعة تمثل جميع المكونات اللبنانية، وتستبعد التسويق لفكرة حكومة بدون حزب الله كشرط للتمويل.

سياسياً، لم يبدأ بعد فعلياً التفاوض مع الرئيس سعد الحريري من قبل أطراف الغالبية النيابية، رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس مجلس النواب لمساعدة الحريري في تقريب الآراء بينه وبين حزب الله، فيما بدا أن التيار الوطني الحر ورئيسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل لا يملكان الحماس لدخول هذا التفاوض رداً على ما تصفه أوساط التيار بالمناورات التي رافقت المفاوضات السابقة واستهلكت شهراً وأكثر بلا طائل، وبدا أيضاً أن حزب الله الذي يتحدّث عن فرضية بقاء الأمور لشهر أو شهرين على حالها، متمسّك بعودة الرئيس الحريري، لكنه لم يعد يرى موجباً لشروط وشروط معاكسة، ويدعو لتسريع تدوير الزوايا بروح التعاون والتنازلات المتبادلة لإطلاق الحكومة الجديدة. وتقول المصادر المتابعة إن بداية التفاوض لا تزال مطلوبة عند النقطة التي توقف عندها في بداياته قبل تداول أسماء غير اسم الرئيس الحريري، أي ما تمّ وصفه بعقدة الحريري – باسيل.

دعا رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، المسؤولين الروحيين والسياسيين والاقتصاديين أن يمارسوا أعلى مستويات المسؤولية الوطنية حرصاً على الأمن والاستقرار، وإسهاماً في تيسير الحلول للأزمة المعيشية المتفاقمة وتفرّعاتها.

موقف حردان جاء في تصريح علّق فيه على الكلام الصادر عن مطران بيروت للروم الأرثوذكس المتروبوليت الياس عودة، واستغرب حردان «أن يَصْدُر عن مطران مخضرم كلامٌ يَنِمُّ عن اتجاه بعيد عن الموضوعية، مفتعلاً شرخاً جديداً في الجسد اللبناني، المنهَك أصلاً بعصبيات فئوية تمتصّ حيويته وتحرّضه للتعامي عن الخطر الحقيقي، وتصطنع مأزومية إضافية نحن في غنى عن سلبياتها وتداعياتها».

وأضاف «إن المقاومة يا سيادة المطران عودة هي ظاهرة نبيلة هزمت الاحتلال «الإسرائيلي» والإرهاب التدميري وصنعَتْ لشعبنا رايةً من الشرف والعزّ والكرامة. ونحن، إذْ نستهجن ما أدليتم به أخيراً، نُهيب بكم التراجع عن تصريحكم الأخير إحقاقاً للحق وحرصاً على الوحدة الوطنية التي يجب أن تبقى هاجسنا الأول».

وانعكس تأجيل الاستشارات النيابية الى الاثنين المقبل حالة من الاسترخاء السياسي والحكومي، فيما تتجه الأنظار الى باريس التي تستضيف مؤتمراً دوليًا بشأن لبنان غداً الهدف منه بحسب بيان وزارة الخارجية الفرنسية «دفع بيروت للإسراع بتشكيل حكومة يمكنها تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد».

وقد حدد البيان مواصفات الحكومة التي تؤيدها فرنسا مستبدلاً مصطلح «تكنوقراط» الذي يردده الأميركيون بكلمة «حكومة فاعلة»، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنييس فون دير مول: «ينبغي أن يُمكّن هذا الاجتماع المجتمع الدولي من الدعوة إلى التشكيل السريع لحكومة فاعلة وذات مصداقية تتخذ القرارات الضرورية لاستعادة الوضع الاقتصادي وتلبية الطموحات التي عبّر عنها الشعب اللبناني».

وعوّلت مصادر سياسية لـ»البناء» على مؤتمر باريس عله يفتح ثغرة في جدار الأزمة ويشكل الدعم المالي الموعود للبنان، دفعاً سياسياً يترجم بتأليف حكومة جديدة. ونقلت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ»البناء» تمسكه ومعه حزب الله بالرئيس سعد الحريري، نظراً لدوره ومسؤوليته في مواجهة الوضع الخطير الذي وصلنا اليه واستثمار شبكة علاقاته الدولية في معالجة الأزمات المالية وإنقاذ الوضع الاقتصادي»، إلا أنّها شدّدت على ضرورة تنازل الحريري عن شروطه لتسهيل التأليف آملة في الوصول إلى قواسم مشتركة في نهاية المطاف.

وبرز موقف لافت لرئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد خلال لقاء سياسي في البقاع الغربي أعلن فيه أن «تشكيل الحكومة سيتمّ في النهاية، لكننا لم نعش للحظة أن الأمور ستسير بشكل جيد وأن سمير الخطيب سيتكلّف وسيشكل حكومة، وبأحسن الحالات كانوا سيسمحون له أن يتكلف ثم يتعذّر التأليف فيعتذر فيأتي الحريري. لم يسمحوا له بأن يصل وأبقوه لعشية الإستشارات. ونحن الآن أمام معطيات جديدة». مضيفاً: «في النهاية سنجد حلاً لموضوع الحكومة. ممكن أن تطول شهراً أو شهرين لكننا سنجد لها حلاً. ليست المشكلة في تشكيل الحكومة وعدم تشكيل الحكومة بل الوضع الاقتصادي مع الناس ما العمل به؟ سعر صرف الدولار الذي اختلف ما العمل به؟ ورغم قربنا من الناس، لأننا منهم، لكن لا تصدقوا أحداً بأننا يمكن أن نحل محل الدولة، الدولة هي التي يجب أن تتصدّى لمعالجة الوضع الاقتصادي بكل ممثليها عن المكونات اللبنانية كلها، وعلى كل الممثلين لهذا الشعب أن يتحدوا ويتعاونوا حتى يضعوا تشريعات ومبادرات للتخفيف من معاناة الناس». وجزم رعد بأننا «لن نناقش بشروط تمس بسيادة البلد. وشروط تجعل لبنان تابعاً لدولة خارجية بسياستها، لا نستطيع أن نتجاوب معها. ونحن مستعدون لتقديم تنازلات لكن ليس على حساب الكرامة والسيادة الوطنية أبداً».

في غضون ذلك، انعكس موقف دار الفتوى فيما خصّ مسألة التكليف انقساماً سياسياً بين النواب السنة في المجلس النيابي، فقد شنّ عضوا اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين النائب فيصل كرامي والوزير حسن مراد هجوماً على المفتي عبد اللطيف دريان، حيث أشار كرامي الى أن «ما قاله مفتي الجمهورية مردود له وسعد الحريري لا يمثل كل الطائفة السنية، ودريان أصبح مفتي سعد الحريري، ونحن نريده الأب الراعي الصالح للطائفة السنية».

فيما كتب مراد على «تويتر» قائلاً: «من المحزن ان يتحول مقام مفتي الجمهورية من مرجعية لكل البيوت اللبنانية إلى مرجعية مذهبية لبيتٍ واحد، ولو كان في الوسط، حرصاً على الدار وأهلها راجعوا حساباتكم قبل أن يعيد تاريخ ليس ببعيد نفسه وقبل فوات الأوان».

وفي تطوّر خطير، عمد عدد من المتظاهرين في طرابلس الى التهجم على منزل النائب فيصل كرامي ورمي الحجارة وأكياس من النفايات أمام مدخل المبني، ما أدى الى إشكال مع مرافقي كرامي تطوّر إلى تدافع ما استدعى تدخل عناصر الجيش للفصل بين الفريقين وقد أدّى الى سقوط عدد من الجرحى.

وربطت مصادر “البناء” بين موقف كرامي من المفتي دريان والحريري أمس الاول وأمس وبين عملية الاعتداء على منزله، متهمة تيار المستقبل بالوقوف خلف هذه الهجمات. وأكد مستشار النائب كرامي علاء جليلاتي أن “هناك نية لاختلاق إشكالات مع حرس منزل النائب كرامي أمس واليوم، والرسالة واضحة خصوصًا بعد الكلام الذي قاله كرامي أمس”. وشدّد على أن “الشبان لم يأتوا من تلقاء أنفسهم وسيكون لكرامي مؤتمر صحافي اليوم يتطرق فيه الى التطورات”.

المصدر: صحف