إغتيال القائدين سليماني والمهندس … مرحلة جديدة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

إغتيال القائدين سليماني والمهندس … مرحلة جديدة

2088d985-0935-4f4
علي عبادي

لماذا لجأ الأميركي الى الإغتيال المباشر لقائدين لطالما تهيَّب المسّ بهما في الفترة الماضية بسبب الخوف من التداعيات على مصالحه في العراق وفي المنطقة؟

هناك مجموعة معطيات قد تفيد في الجواب:
–  طرح مشروع في مجلس النواب العراقي يدعو لخروج القوات الاميركية من العراق باعتبار أنها تجاوزت على السيادة الوطنية العراقية بشكل فجّ في محطات عدة وأصبحت قوة احتلال تمارس ما تمارس، من دون العودة للحكومة العراقية. ويُفترض مناقشة المشروع قريباً جداً. وهذا سيضع الوجود العسكري الاميركي في العراق، الذي عاد من شُبّاك الحرب على “داعش” بعدما خرج من الباب في نهاية 2011، في مرمى العراقيين.

–  الإخفاق في “قلب الطاولة” في العراق على قوى المقاومة التي يمثل الحشد الشعبي العراقي عمودها الفقري، عبر حملة الفوضى والفتنة التي تُدار من قبل مجموعات تدربت في الخارج.

–  تعمُّق حضور محور المقاومة في المنطقة على حساب الوجود الأميركي. ولم تتمكن واشنطن من تثمير حضورها العسكري المباشر في العراق، وأصبح وجودها في سوريا محل شك. كما انها تعاني من عدم قدرتها على فرض رؤيتها في جميع القضايا تقريباً، ومنها “صفقة القرن”. بل إن روسيا والصين اللتين أجرتا مؤخراً مناورات بحرية مع ايران في الخليج تُعززان حضورهما في المنطقة، وسط عجز أميركي لا سابق له.

–  إخفاق الحصار الاقتصادي الاميركي الشديد في حمل ايران على الإستسلام وطلب التفاوض، وهذا ما أغاظ ترامب الذي كان قد ترك للإيرانيين رقم هاتف للتواصل معه دون جدوى.

–  وقوع ترامب تحت مقصلة المحاكمة في مجلس الشيوخ قريباً، ما يدفعه لتأجيج المواجهة مع طرف خارجي لاستنهاض الروح الوطنية الاميركية ضد “عدو” ما. وقد يلتقي ذلك مع رأي قيادات أميركية حزبية وعسكرية تعتبر أن القيام بعمل عسكري مدروس ضد ايران ضروري لإيجاد توازن مع ايران في المنطقة، وهو ما يخدم أيضا أهداف ترامب في شأن تحقيق إنجاز في السياسة الخارجية. مع الإشارة الى أنه في عهد أوباما كانت القيادة العسكرية الأميركية أكثر حذراً وتحفظاً في تشخيص أخطار المواجهة العسكرية مع ايران.

–  الدور الإسرائيلي في تحريض أميركا على خوض مواجهة مع ايران، وهو دور لا يمكن التقليل منه، وألمحت “إسرائيل” مراراً الى أنها ستتحرك بمفردها ضد ايران، مما سيورّط الولايات المتحدة بحكم تحالفها الإستراتيجي مع تل ابيب.

من الواضح أن اغتيال اللواء سليماني على أرض العراق وبهذا الشكل الفظّ يعكس مجدداً حقيقة ان الولايات المتحدة لا تعترف بوجود العراق كدولة لها حق السيادة الوطنية على أراضيها، وبالتالي أصبحت قواتها تحترف البطش والإغتيال من دون حدود. وثمة ما يدعو للإعتقاد بأن الاميركي غرق خلال الفترة الماضية في مأزق لا خروج له منه بالأدوات السياسية والتهديد والإجراءات الاقتصادية، فلجأ إلى العمل العسكري المباشر والعلني لإيصال الرسالة وإخضاع قوى المقاومة.

نحن أمام مرحلة جديدة واختبار جديد، بعدما تجاوز محور المقاومة كل التحديات وصار وجهاً لوجه أمام اللاعب الاميركي الذي فرغ من استخدام كل الوكلاء المحليين والإقليميين. ومن السابق لأوانه تحديد كيف ستتعاطى الجمهورية الإسلامية مع هذا التحدي، لكنها أثبتت في كل مرحلة أنها فاعل نشط وذكي ويختار أهدافه بعناية تحيّر الأميركيين.

المصدر: موقع المنار