موسكو.. وتخفيض التوتر في الشمال السوري – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

موسكو.. وتخفيض التوتر في الشمال السوري

بوتين
احمد الحاج علي

تدرك القيادة الروسية خطورة رغبة الرئيس التركي في استجداء المساعدة العسكرية و السياسية من الولايات المتحدة، في الوقت نفسه تدرك أيضاً رغبة الولايات المتحدة في توريط اردوغان في مواجهة مباشرة مع القوات الجوفضائية الروسية في سوريا و هي خدمة مجانية لا تريد موسكو تقديمها لواشنطن، لذلك تسعى هذه الدبلوماسية لاستخدام كل ذخائرها  لمنع حصول الاحتمالين.

فموسكو لا تريد مزيد من التدخل الاميركي في المنطقة و تتجنب اي اشتباك مباشر مع القوات التركية،  لذلك  تستمر في تقديم كل الدعم للجيش العربي السوري الذي نجح بدعم الحلفاء  في تحرير  و تطهير مناطق مفصلية حيوية غيرت موازين القوى و النفوذ لمصلحة سوريا و حلفاء سوريا، و استعاد زمام المبادرة ليسقط مسيرات الجيش التركي، و يحكم السيطرة على النقاط و المناطق و الطرقات الإستراتيجية التي حررها.

بعد الخسارة الفادحة التي أصابت القوات التركية و ذهب نتيجتها عشرات الجنود و الضباط الأتراك بين قتيل و جريح زادت نسبة التوتر بين تركيا و موسكو و بدأت الإتهامات التركية تنهال على القوات الروسية بضلوعها و مشاركتها في القصف الجوي السوري ، الأمر الذي نفته موسكو معلنةً عدم قيامها بطلعات جوية في هذا الوقت من جهة و القت المسؤولية على الأتراك أنفسهم الذين لم يزودوا مركز المصالحة في حميميم بتفاصيل تواجد قواتهم جنباً إلى جنب مع الإرهابيين.

و أكدت موسكو و ما زالت على شرعية و حق الجيش العربي السوري في حربه على الإرهاب و بسطه سيادته و سيطرته على كامل تراب الأرض السورية، وهو الموقف الروسي الذي لم يتغير.  بعد هذا التطور الدراماتيكي خفضت موسكو من طلعاتها الجوية و حركة قواتها في المنطقة كمبادرة حسن نية ليسحب أردوغان قتلاه و جرحاه و لسحب الذريعة من أمامه في إستدراج الدعم الأميركي و دعم حلف شمال الأطلسي الأمر الذي إستغله الأتراك للقيام بهجمات مؤلمة على مراكز الجيش العربي السوري و حلفائه  ارتفع نتيجتها شهداء للجيش العربي السوري و لحزب الله.

فلا مكان هنا للحديث عن إتفاق روسي تركي يقضي بتخلي موسكو عن دعمها للحكومة السورية و الجيش العربي السوري. فها هي موسكو ترفع الغطاء عن حركة الطيران التركي فوق سوريا.. هذا ما صرح به  لواء  البحرية الروسية أوليغ جورافليوف، في مؤتمر صحفي في مركز حميميم : “في ظل هذه الظروف، لا يمكن للقيادة العسكرية الروسية ضمان سلامة الرحلات الجوية التركية في سوريا، وذلك بعد قرار الحكومة السورية التي أعلنت في وقت  سابق، يوم الأحد، إنها ستتعامل مع أي طائرة تحلق في مجالها الجوي شمال غربي البلاد، خاصة إدلب، كهدف معاد”.

فإذا كان أردوغان قد طلب من الرئيس بوتين عدم التدخل في النزال بينه و بين الجيش السوري فهذا لا يعني أن بوتين قد وافق أو يوافق على هكذا طلب.

و بحسب ما أفادته مصادر خبراء مطلعة فإن الروس حذروا اردوغان من مخاطر زعزعة كيان دولته التركية من الداخل في حال استمرار سياساته الاستفزازية المطمعية، و تمتلك سوريا و حلفاؤها روسيا و إيران أوراق ضغط لم تستعمل بعد ، و يرى الخبراء أن اردوغان يسعى لحماية وجود المجموعات الارهابية في منطقة حدودية شمال سوريا ما يسميه (منطقة خفض التصعيد أو منطقة آمنة) لتحويلها فيما بعد لكيان تابع ادارياً و سياسياً و اقتصادياً لتركيا.

و يقوم أردوغان بعملية إبتزاز للدول الأوربية في تحويل موجات من اللاجئين إلى الحدود الأوروبية كوسيلة لإستدراج دعمهم فيرفعون صوت الضغط على سوريا و روسيا، فيما يستفيد الأميركي الذي سيطر على منابع نفط شمال شرق سوريا من التوتر الروسي التركي و يرى الوقت مناسبا لإعادة خلط الأوراق و تحصيل مزيد من المكتسبات بعد إغتياله للواء سليماني.

هنا يعتقد عدد من المراقبين المطلعين إنسجاماً في الموقفين الروسي و الإيراني، فكل من إيران و روسيا لديهما أوراق ضغط بموازاة مصالح مشتركة مع تركيا، و المتوقع أن يستمر التصعيد التركي خلال الأيام القادمة التي تسبق لقاء بوتين أردوغان يوم الخميس في موسكو ليتم التوافق على وقف الأعمال الحربية  بعد ظهور ستاتيكو جديد مبني على إنجاز إستراتيجي حققه و يحققه الجيش العربي السوري و حلفاؤه رغم العدوان التركي. و لن يكون لدى أردوغان حينها من خيار سوى الجلوس مجدداً في إطار مسار أستانا و الالتزام بالتعهدات مع الروسي و الإيراني في قمة كانت مقررة منذ مدة دعا الرئيس الشيخ حسن روحاني للإسراع في عقدها في طهران و إلا فإن الخيارات سوف تكون صعبة و مؤلمة فهامش المناورة لم يعد متاحًا.

المصدر: موقع المنار