عدالة الحُكم السياسي على حكومة دياب – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

عدالة الحُكم السياسي على حكومة دياب

حسان دياب
أمين أبوراشد

 

في سياق الجلسة الحكومية التي عُقدت في بعبدا يوم أمس الجمعة، قال الرئيس العماد ميشال عون، أن هذه الحكومة قد أنجزت خلال سبعين يوماً ما لم تُنجزه الحكومات خلال السنوات الثلاث الأولى من العهد، والمُتابع الواقعي لأداء معظم وزراء حكومة الرئيس دياب يلمِس محاولات جدِّية غير مسبوقة في العمل الجاد والمُضني، رغم أن الظروف التي يواجهها لبنان والتي كان آخرها مواجهة وباء كورونا، قد قلبت كل التوقعات، سواء في أرقام موازنة العام 2020، أو في مؤشرات الإنهيار الإقتصادي المُتراكمة أسبابه منذ عقود.

لن ندخل في تفاصيل الكلمة الشاملة التي وجَّهها الرئيس دياب الى اللبنانيين بعد انتهاء الجلسة، لأن تقييمها قد تفاوت بين من يفهمون السياسة أنها حُسن إدارة شؤون الوطن والناس بأخلاق وكفاءة ونزاهة، وبين مَن يعتبر السياسة مماحكات ومتاريس ومواجهات كيدية، ونحن الذين من الفريق الأول واعتدنا على أدبيات خطاب سماحة السيد حسن نصرالله في المكاشفة والمصارحة وملامسة الوجع واجتراح العلاج، نعتبر أن كلام الرئيس دياب يأتي ضمن صلاحياته الدستورية وقدرات حكومته التي ورِثت تداعيات مُدمِّرة عن حكومات سابقة، وأن الرجل، إضافة الى رُقي أدبيات خطابه، يضع الإصبع على الجُرح ويتعامل بجدِّية مع الكثير من الملفات.

نحن لا نريد أن نختلف مع أحد في تقييم أداء هذه الحكومة، لأننا في الأساس مختلفون مع بعض الآخرين في مفهوم ممارسة السياسة، ولن نكتب مديحاً في أشخاص وهجاء في أشخاص، لأن المواقف قد تكشَّفت منذ تشكيل الحكومة وكيفية مواكبتها، بعدل الحُكم عليها وعدالة الأحكام، سيما وأننا نتابع الأداء المُذهل لبعض وزرائها والجيد للبعض الآخر والمقبول لدى مَن يحكم وزاراتهم واقع البلد المُنهار، وتكفي أزمة وباء الكورونا وانهيار العملة الوطنية لتبيان الحقائق، وفرز القوى السياسية، بين تلك التي تنشد بناء الدولة وتلك التي ليس من مصلحتها قيام دولة.

الظلم يأتي دائماً من الأحكام المُسبقة، وفي مقابل تأكيد سماحة السيد نصرالله مراراً على وجوب منح هذه الحكومة فرصة العمل، هناك فرقاء غيَّبوا أنفسهم عن السلطة التنفيذية وانحصر دورهم في مقارعة الآخرين والتشكيك بكل خطوة تُقدم عليها الحكومة، لكن الأحكام الأكثر قساوة هي من مواطنين ينتظرون من هذه الحكومة أن تأتيهم بلبن العصفور، وهُم لا ملامة عليهم، لأن صرخاتهم هي بحجم أوجاعهم، بينما هذه الحكومة محكومة مُسبقاً بمواجهة من يعتبرون السياسة مواقف سلبية لتحصين مكتسباتهم ومتاريس زعاماتهم. بل أن السياسة من خلال النقد والتجريح شيء، والنزول الى الأرض لدعم التدابير الحكومية والمساعدة على تنفيذها وضبط تطبيقها شيء آخر، ويكفي أن نُميِّز بين القوى التي تفتك باستقرار البلد في زمن الكورونا، والقوى التي وضعت كافة إمكاناتها اللوجستية وجهَّزت مراكز للعلاج والحجر الصحي، وأنزلت خيرة كفاءاتها الى ميدان العمل التكاملي بين الرسمي وبين الحزبي والأهلي، لمواجهة “القاتل العالمي” الذي لا يحمينا منه التنظير عن بُعد، والتصفيق من على الشرفات!

لمسنا شبه اجماع على الاشادة بأداء وزارة الصحة في مواجهة وباء الكورونا، لأن هذا الوباء يُهدِّد أرواح الناس عبر العالم دون تمييز، لكنه يبقى وباءً موسمياً عابراً بإذن الله بفضل التكاتف الذي أبدته القوى الفاعلة على الأرض مع التدابير الحكومية، لكن الأوبئة المُزمنة التي تنخر هيكل الدولة منذ عقود، على المستويات الإقتصادية والمالية والقضائية، هناك مَن يستثمرها ولو على حساب لقمة الناس في زمن الجوع، وليتنا نُعطي هذه الحكومة فُرصة العمل لما لمسناه من جدَّية لديها، ونحن نُدرك أننا في بيئة سياسية موبوءة..

 

 

المصدر: موقع المنار