فلسطين والقدس.. بين دماء الشهداء ومشاريع التطبيع – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

فلسطين والقدس.. بين دماء الشهداء ومشاريع التطبيع

القدس المحتلة
ذوالفقار ضاهر

 

“نلتزم بالقضية الفلسطينية ودعم اللاجئين وتقديم المساعدات، هو موقف ثابت ومبدئي..”، هذا الكلام لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش الذي يريد ان يقول لنا ويقنع الامة العربية وشعبه بلاده ان حكام الامارات يدعمون فلسطين ويقدمون لها المساعدات.

والحقيقة ان موضوع المساعدات من عدمه ليس هو محل إبداء الملاحظات على الأداء الاماراتي والسعودي وغيرهما من انظمة الخليج مع الملف الفلسطيني والقضية المركزية للامتين العربية والاسلامية، إنما المسألة تتجاوز موضوع دفع بعض الاموال او ارسال المساعدات الغذائية والعينية والمالية للسلطة الفلسطينية في رام الله المحتلة او للفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر من كل الجوانب برا وجوا وبحرا.

العدو الاسرائيلي يعتدي على الفلسطينيين
العدو الاسرائيلي يعتدي على الفلسطينيين

الموضوع أعمق من ذلك بكثير هو يتعلق في كيفية الذهاب بعيدا في نسج العلاقات مع العدو الاسرائيلي وبنفس الوقت الخروج للاعلام وإطلاق المواقف، المسألة تتجاوز إقرار المساعدات في قمة خليجية او عربية للفلسطينيين، بينما نرى الحكام أنفسهم يصمتون او يتواطؤون على الدم الفلسطيني وعلى الحقوق المشروعة لهذا الشعب المظلوم والمعذب منذ عشرات السنين، هؤلاء الحكام الذين يدعون نصرة الشعب الفلسطيني في بعض الاحيان وليس بشكل دائم ومستمر نراهم يهرولون للتطبيع مع العدو بشتى المجالات ولا يتركون أي فرصة لاثبات الولاء والانتماء للمحور الاميركي الاسرائيلي، ولو أردنا تعداد الفعاليات المشتركة واللقاءات والمواقف التي تدلل على هذا التطبيع لطال الكلام.

ولا مجال لتبرير ما تفعله هذه الأنظمة مع الصهاينة، فهي تسعى لكسب ود الجماعات الصهيونية واللوبيات في الولايات المتحدة الأميركية وإرضاء الإدارة الأميركية وساكن البيت الابيض كي يبقى هذا الملك او ولي العهد او ذاك الامير والشيخ على كرسيه في الحكم وتمتين هذا البقاء لسنوات قادمة، وبعد كل ذلك نرى نفس هؤلاء الاشخاص يريدون التلطي خلف بعض الدولارات او المساعدات العينية التي يقدمونها للفلسطينيين مع محاولاتهم الدائمة لتحقيق مكاسب سياسية وغير سياسية هنا وهناك.

مساعدات اماراتية في مطار بن غوريون
مساعدات اماراتية في مطار بن غوريون

واللافت ان مسألة المساعدات المالية للفلسطينيين او لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) تشكل سيفا ذا حدين، فهي من جهة مساعدات محدودة تقدم للفلسطينيين ولكن هي من جهة ثانية تمثل ورقة ضغط على الفلسطينيين في الداخل او اللاجئين بدول الشتات، قد تستخدم في أي وقت بهدف تمرير بعض المشاريع المشبوهة كما يحصل اليوم في “صفقة القرن” التي اعلن عنها الرئيس الاميركي بهدف تصفية القضية الفلسطينية، ومؤخرا أرسلت الامارات طائرة لتحط مباشرة في كيان العدو وقالت إنها تحمل مساعدات للفلسطينيين في ظل جائحة كورونا، فيما فهم بشكل واضح انه استفادة مفضوحة مما يجري لمزيد من التطبيع مع العدو.

فمن يريد فعلا ان ينصر فلسطين لا يحتاج الى اطلاق العنان للشعارات الرنانة المزيفة، كما لا يحتاج لكثير من البحث في المجالات المتاحة لهذا الدعم، من الدعم السياسي والاعلامي والدبلوماسي في المحافل الدولية ووسائل الاعلام الخليجية التي تدفع فيها الثروات الطائلة كي يتم استخدامها في الحروب ضد الاخوة ولتحقيق المخططات المرسومة لهذا الحاكم او ذاك، ناهيك عن امكانية إيصال السلاح المطلوب لفصائل المقاومة الفلسطينية، فمن دفع الاموال وجلب الرجال وفعل ما فعل في سوريا خلال السنوات الماضية لتخريبها بالتأكيد قادر على فعل الكثير لو فعلا أراد وصدقت نواياه لدعم المقاومة الفلسطينية وشعبها الحي والصامد في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وقطاع غزة المحاصر، وصولا لامكانية استخدام سلاح النفط وثروات الدول الخليجية النفطية خدمة لفلسطين بدل وضعها في خدمة ترامب وحاشيته وعقد صفقات السلاح بمبالغ خيالية.

السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي
السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

وهنا لا بد من الاشارة الى قضية الفلسطينيين من حركة “حماس” الذين تعتقلهم أجهزة الامن السعودية بسبب الموقف من العدوان على اليمن، وهذا ما يظهر بوضوح طبيعة الموقف السعودي ومن خلفه بعض انظمة الخليج من حركات المقاومة بشكل عام وفي فلسطين بشكل خاص، وبالسياق، فقد قدم في وقت سابق قائد حركة انصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي مبادرة لاطلاق سراح هؤلاء الاخوة الفلسطينيين مقابل اطلاق سراح اسرى للسعودية لدى الجيش واللجان الشعبية في اليمن، وقد جدد السيد الحوثي في كلمته بمناسبة يوم القدس العالمي على العرض المقدم للسعوديين باضافة المزيد من ضباطهم الاسرى مقابل إطلاق سراح الاخوة الفلسطينيين.

وبهذا الاطار، أكد الناطق الرسمي لأنصار الله ورئيس الوفد الوطني المفاوض في اليمن محمد عبد السلام أن “التأخير في تنفيذ مبادرة السيد الحوثي هو من الطرف السعودي”، وتابع “نحن منفتحون على أي نقاش يؤدي إلى الإفراج عنهم”، وأضاف “فلسطين ليست للمزايدة ومن يقف معها يدفع دما ويقدم الشهداء”، وأكد ان “كل الصفقات لم تتمكن من طمس قضية فلسطين”، واعتبر ان “لا مشروع للسعودية إلا أن تقدم الأمة على طبق من ذهب خدمة لأمريكا وإسرائيل”.

وبالتوازي في أجواء يوم القدس العالمي الذي أعلنه الإمام الخميني(قده) دعما ونصرة لفلسطين والقدس وللتأكيد على أحقية هذه القضية ورسوخها في وجدان الامة والتي من أجلها قدمت التضحيات الجسام وانطلقت حركات وفصائل المقاومة، والحقيقة ان العالم الاسلامي والعربي اليوم ينقسم بين محورين:
-الاول يؤيد ويدعم فلسطين وقضيتها ويقدم من أجلها الشهداء ويضع مستقبله وقدرات بلاده ومصيرها بمواجهة المشروع الاميركي وصولا لتحرير القدس وفلسطين، وهذا ما عبر عنه قادة حركات المقاومة في كلماتهم خلال منبر موحد للقدس الذي نظم يوم الاربعاء 20-5-2020.
-الثاني لا يجرؤ على الوقوف موقف الحق بوجه المخططات الاميركي والصهيونية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وبالتالي هو بات مجرد اداة بيد الاميركي والاسرائيلي وينفذ كل ما يطلب منه ولو كان التخلي عن فلسطين ومقدسات الامة وقضاياها المحقة، وهذا الفريق تمثله أنظمة التطبيع العربي والخليجي.

وهنا لا يسعنا إلا التأكيد على كلام رئيس “أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس” المطران عطا الله حنا في كلمه بمناسبة يوم القدس العالمي يوم الاربعاء 20-5-2020 حيث قال “كل الأحرار يؤكدون دوما أن فلسطين هي قضيتهم الأولى”، وأكد ان “القدس عاصمة فلسطين رغما عن كل الصفقات والمشاريع وكل التطبيع والمؤامرات وانه لا توجد هناك قوة في هذا العالم قادرة على طمس معالم القدس وتزوير تاريخها والنيل من مكانتها”، معتبرا أن “يوم القدس العالمي هو يوم لتذكير من يحتاجون الى تذكير بواجباتهم الوطنية والإنسانية والأخلاقية في سبيل القدس”.

المصدر: موقع المنار