الصحافة اليوم 9-11-2020 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 9-11-2020

الصحافة اليوم

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 9 تشرين الثاني 2020 ، على العقد المستجدة في مسار تشكيل الحكومة اللبنانية،  والحديث عن العودة الى نقطة الصفر بعد الرد الصادر من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على العقوبات الاميركية ” السياسية” التي طالته بسبب خياراته الوطنية وتحالفه مع حزب الله…

الاخبار

جريدة الاخبارتأليف الحكومة: المشاورات عادت إلى النقطة الصفر

باسيل للأميركيين: حرّرتموني

تحت عنوان «حررتموني»، تناول النائب جبران باسيل العقوبات الأميركية التي طالته. لم يرضخ للضغوط الأميركية المتواصلة لفك الارتباط بحزب الله، فكانت تهمة الفساد جاهزة. صحيح أنه ترك الهامش واسعاً أمام اختلاف الآراء مع حزب الله، لكنه كان حاسماً في أن العلاقة مع الحزب ليست شأناً أميركياً. كل ذلك، قاد باسيل إلى إنهاء مرحلة الابتعاد عن الواجهة في مفاوضات تأليف الحكومة. وهو إذ أمل أن تسهم العقوبات في تذليل العقبات، وأبرزها إصرار سعد الحريري على المشاركة في تسمية الوزراء المسيحيين، أعاد إحياء بعض الشروط التي كان تم تجاوزها، وأبرزها: رفض حكومة ١٨ وزيراً، ورفض المداورة التي تستثني وزارة المالية

لم يكن الأمر يحتاج إلى مؤتمر صحافي، ليتم التأكد من أن «الفساد» هو الشمّاعة التي قررت الإدارة الأميركية أن تُلبسها لقرارها فرض عقوبات على جبران باسيل. حزب الله هو بداية سياستها في لبنان ونهايتها، لكنه ليس واضحاً لماذا غلّفت قرارها بعبارات لا تشبه أداءها. أرادت أن تُبدي حرصها على اللبنانيين، من خلال محاربة الفاسدين منهم، فلم تقع يدها إلا على جبران باسيل. لكن السياق الذي سرده الأخير عن مسار العقوبات، وإن عمد فيه إلى التمييز بين إدارة بائدة وإدارة آتية، يؤكد أن دولة لم تر يوماً أن حلفاءها، سياسيين ومصرفيين، غارقون في الفساد، لا يمكن أن تؤتمن على مساعدة اللبنانيين. صاحبة السجلّ الحافل في حماية الأنظمة الفاسدة، وشريكتها في سرقة ثروات بلدانها في المنطقة وفي العالم، لا يمكنها أن تحددّ من هو فاسد ومن ليس كذلك.

وتأكيداً لذلك، استعاد باسيل محطات الترغيب والترهيب التي مورست معه من قبل السفارة الأميركية ومن مسؤولين أميركيين. المطلب كان واحداً: فك الارتباط مع حزب الله، مقابل إغراءات قد تسيل لعاب أي طامح للحصول على الرضى الأميركي، الذي قد يفتح أبواباً لا تُفتح. لكن مع ذلك، حررت العقوبات باسيل من الضغوط المستمرة منذ صيف العام ٢٠١٨، كما أعلن. قال حرفياً: «حررتموني، الظلم يكبّر النفس الحرّة والأبيّة، وأنا اليوم أكثر حرية وعزّة.

وكرر باسيل الإشارة إلى أن الحديث معه «تضمن «حزب الله» وكل شيء الا الفساد، والعقوبة تضمنت الفساد وحقوق الإنسان، وبالكاد تم ذكر الحزب. لو قبلت معهم بقطع العلاقة مع «حزب الله»، لم أكن فاسداً؟ ثم قانون ماغنتسكي يتناول قضايا حقوق الانسان مثل خاشقجي، أما قضايا الفساد الواردة بخصوصي فهي مضحكة مثل أزمة الطاقة بلبنان – أزمة النفايات – أزمة تلوث البحر – انفجار المرفأ – في الخارجية تعييني فاعلين في الدولة – في الطاقة، استعمال شركات واجهة لمقربين مني للاستفادة! هذا يشبه ثرثرة سياسية لبعض الحراك والسياسيين الكذابين في لبنان. الآن عرفنا بقلم من كتبت العقوبة! عرفنا كيف تكتب الـ هيلا هيلا هو بالانكليزي؟ تأكدنا من الراعي الدولي للاغتيال السياسي الذي أتعرض له! أنا أعرف تماماً هذا النمط من الثورات الملونة التي تستعملها أميركا في العالم، وكان آخرها في أرمينيا. ولكن أنا لم أكن أصدق أن أكبر دولة في العالم، والتي تمسك بالنظام المصرفي العالمي وتحويلاته، ولديها أكبر أجهزة مراقبة واستخبارات لا تقدم ورقة أو دليلاً أو اسماً أو رقماً أو إثباتاً.

إذا أرادوا محاربة الفساد فليوقفوا دعمهم لجماعتهم التي تمنع التدقيق الجنائي، وليزوّدوا لبنان بكل التحويلات المالية منه لتهريب الأموال المنهوبة والمحولة».

وأكد باسيل أنه سيعمل على «تكليف مكتب محاماة بهدف إبطال القرار لفقدان الأساس القانوني، وطلب التعويض المعنوي والمادي، وموعدي يكون عندها مع القضاء الأميركي، مع العلم بأن ما يأتي بالسياسة بشحطة قلم يذهب بالسياسة، وخصوصاً أن البند الرابع من شروط إلغاء العقوبات يحدد إمكان إلغائها إذا اقتضت مصلحة أميركا ذلك».

وقال باسيل إن لديه معلومات أن العقوبة مطلوبة من خارج أميركا، لأني تبلّغت رسمياً أنها أتت بالإدارة من فوق الى تحت، وليس كالعادة من تحت الى فوق. وسأل هل هذه مصلحة أميركا أم مصلحة إسرائيل بضرب المسيحيين في لبنان؟

أضاف: نحن لا يمكن أن نطعن أي لبناني لمصلحة أجنبي، هذا مبدأ سياسي في التيار لا يمكن أن نخلّ فيه تجاه أحد، وأنا قلت في 13 تشرين الماضي، لأنني كنت أعرف الى أين سنصل: «عزل أي مكوّن لبناني، لن نمشي به ولو كلّفنا غالياً… لا ينفع معنا، لا طياراتكم، ولا تهديداتكم ولا عقوباتكم». وتابع: «بالخلاصة الأساسية، نحن نختلف مع أميركا على أمور عديدة غير حزب الله، وعقابنا على هذه الخلافات كان لأنها استمرت باتباع سياسة معاكسة لمصلحة لبنان، لا بل مدمرة لكيانه ومزيلة لوجوده. هذه الخلافات هي على موضوع عودة النازحين السوريين، وموضوع توطين اللاجئين الفلسطينيين وصفقة القرن، ومسألة حقوقنا مع إسرائيل في الأرض والحدود والموارد ومسألة العدل والسلام مع إسرائيل، ومسألة الإرهاب. أما في مسألة حزب الله، فلأن هناك مصلحة إسرائيل، أدى الاختلاف عن غير حق الى فرض عقوبات غير قانونية ومبنية على افتراءات. نحن نختلف مع حزب الله حول أمور أساسية وعقائدية، مثل السلام في المنطقة ووجود إسرائيل. لبنان يريد السلام لا الحرب. السلام يقوم على أساس المبادرة العربية وعلى الحقوق المتبادلة: للعرب الحق بالأرض، ولفلسطين الحق بالدولة ولإسرائيل الحق بالأمن (هذا 1701 وهذا ما نعيشه على الحدود منذ 2006). هذا خلاف كبير، يهاجمني فيه جمهورهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن لا يقمعني الحزب ولا تعاقبني إيران، بل يقولون نحترم خلافاتنا. أما أميركا فتعاقبني كفاسد ومجرم وإرهابي! هذه أميركا، تنتهي القصة في أيادي بعض الكتبة الحاقدين! مئات ملايين الدولارات صرفت لخلق حالة شعبية وإعلامية مناوئة، ولم تستطيعوا الإثبات في ملف واحد مثبت؟ فقط اتهامات معمّمة!».

باسيل: العقوبات الأميركية مكتوبة بيد لبنانية حاقدة

وقال باسيل: «أنا ضد التوطين، وليس لديّ طائرة ولا قصر ولا يخت ولا حساب في الخارج، أأكون فاسداً؟ وحلفاؤكم لأنهم مع التوطين والنازحين وقاموا بكل الفساد بيطلعوا أوادم؟ أنتم قلتم ستلاحقون كل الفاسدين، أظهروا لنا ذلك، اكشفوا الحسابات والتحويلات وانشروها وهي كلها بامتلاككم، أظهروا لنا عدالتكم ومساعدتكم للبنان، افتحوا ملفاتكم، وأرسلوا براهينكم. أنا مستعد لأي مواجهة، أعطوني واقعة واحدة وإثبات واحد، سمّوا شركة واحدة من شركات الواجهة التي تحدثتم عنها، وحدّدوا حساباً مصرفياً واحداً».
وكرر باسيل: «نحن لا نطعن أي حليف أو صديق أو أحد تفاهمنا معه لصالح أحد في الداخل. لا المستقبل غدرناهم ولا القوات خنّاهم، ونتكلم بالموضوع في الوقت المحدد، فلا يمكن أن نطعن حزب الله. لا نترك بضغط خارجي! إذا أردنا أن نترك فلأسباب داخلية تتعلق بنا وبمصلحة البلد. على كل حال كنا عبّرنا سابقاً أن البلد يحتاج الى إصلاح حقيقي ولا يمكننا أن نكمل هكذا. واتفقنا أخيراً على إجراء مراجعة وإعادة نظر في وثيقة التفاهم كي نطوّرها لنقدم شيئاً لجمهورنا وللناس المتأملين فينا الخير للبلد».

قواعد جديدة للتأليف

حكومياً، ثبّت كلام باسيل ما كان جلياً قبل يومين. بعد خلط الحريري أوراق التأليف بإصراره على المشاركة في تسمية الوزراء المسيحيين وتراجعه عن استبدال حقيبة الداخلية بالخارجية، قبل أن يعيد باسيل تأكيد أن المشاورات عادت إلى النقطة الصفر. أما حزب الله الذي كان اتفق مع باسيل على أن يعمل كل طرف على إدارة المفاوضات الحكومية بما يناسبه، صار بعد العقوبات أمام معطى جديد يفرض عليه دعم حليفه، ومنع الاستفراد به. ولذلك، هو لن يسمح بأن يُحمّل باسيل وزر تداعيات العقوبات، كما لن يسمح بالتعامل مع باسيل بصفته المتضرر الوحيد من انتفاضة ١٧ تشرين.
أما رئيس التيار الوطني الحر، فبدوره تخلى، بعد العقوبات، عن حذره في مقاربة ملف التأليف. انتهى بالنسبة إليه زمن التلطي خلف رئيس الجمهورية «لتحصيل الحقوق». وهو إذ أمل أن تكون العقوبات سبباً للتسريع في تأليف الحكومة، إلا أنه ربط ذلك بعدم وجود إرادة لدى أحد بأن يستكمل لعبة الخارج من الداخل، «ويسعى لاستهدافنا من دون غيرنا، ويسعى لتحجيمنا أو لإقصائنا دون غيرنا. فهذا أمر لن نسكت عنه أبداً».

المداورة في الحقائب وعدد الوزراء خلافان لم يتم تجاوزهما

وشدد على أن «ركائز أي حكومة تقوم على 3 أمور يجب تحديد معايير واضحة لكل واحدة منها، وتتألف الحكومة بيومين، والركائز هي:
– عدد الوزراء: لا يجوز جمع وزير بحقيبتين، وإلا يكون هذا الأمر ضرباً لمبدأ الاختصاص، والإصرار على هذا الأمر، من دون منطق يخبّئ استهدافاً سياسياً لأفرقاء وطوائف لتحجيمها في الحكومة.
– توزيع الحقائب والأعداد على الطوائف والكتل: من السهل اعتماد معايير لتحديد كيفية توزيع الحقائب على أساس حجمها على الطوائف والكتل، وهذا تمرين صار معروفاً.
– المداورة للجميع أو مداورة جزئية لعدم الاعتراف بتثبيت وزارة المال للشيعة.
– التسمية: يجب اعتماد آلية واحدة لتسمية الوزراء، من اختصاصيين طبعاً. ولكن لا أحد يحتكر وحده تسمية الاختصاصيين وكأنه وحده يعرفهم أو يملكهم. كل طرف يسمّي وزراءه ويوافق عليهم رئيس الجمهورية والحكومة، وهذا هو المنطق، وأي آلية أخرى يجب أن تكون واحدة على الجميع.
إذا لم يتم اعتماد معايير واضحة وموحدة، فالحكومة ستتأخر، ومن يؤخرها هو من يضع معايير استنسابية ويخبّئها بوعود متناقضة بهدف واحد هو تكبير حصته فقط. هذا الأمر إضاعة للوقت لمصلحة الانهيار، وتضييع للمبادرة الفرنسية كما أضاعوا حكومة مصطفى أديب».

«النجومية» مقابل التخلي عن حزب الله

بدأ مسلسل الضغوط على جبران باسيل خلال تأليف الحكومة الثانية للحريري. يومها كان أحد أسباب تعيين باسيل وزيراً للخارجية، لأن الحصانة تمنع فرض العقوبات. لكن “عندما استقال الحريري أو دُفع إلى الاستقالة”، رافضاً أن يشاركه باسيل في الحكومة، بدا ذلك بمثابة القرار الأميركي لنزع الحصانة عنه. وهناك كانت البداية مع موجات الترهيب والترغيب.

الشهر الماضي، انتقل التهديد إلى مرحلة أكثر تطوراً بعدما تبلّغ باسيل من رئيس الجمهورية أن مسؤولاً أميركياً كبيراً اتصل به وطلب منه ضرورة فك علاقة التيار الوطني الحر بحزب الله فوراً. في اليوم الثاني، يكشف باسيل أنه تبلّغ «من السفيرة الأميركية مباشرة ضرورة تلبية أربعة مطالب فوراً وإلا ستُفرض عليّ عقوبات أميركية بعد 4 أيام، أي في 25 تشرين. أما المطالب فهي فك العلاقة فوراً مع حزب الله، وثلاث نقاط أخرى. وطبعاً في المطالب والحديث كله، لا وجود لكلمة عن الفساد. ردّ فعلي الطبيعي السريع، كان أن الأمور لا تمشي معي في هذا الشكل، وأني أرفض هذا الموضوع».

وقال باسيل: “بعد ذلك، كانت مداخلات معي لإقناعي بأن هدف الأميركيين ليس فرض العقوبات علي، بل استقطابي لأكون شريكاً وصديقاً، والبرهان أن غيري لم يتم تحذيرهم، في حين أنهم أرادوا إعطائي فرصة لأخلص نفسي لأنهم يريدونني، وسمعنا على مستويات عديدة كلاماً أننا لا نريد أن نخسر علاقتنا بباسيل. مرّ 25 تشرين الأول، وكنت أنتظر أن تصدر العقوبات يومها، ولكن قرر الأميركيون بعد ذلك أن يعطوا مهلة ثانية إلى 4 تشرين الثاني، أي اليوم التالي للانتخابات الأميركية، وتخلوا عن البنود 2 و 3 و 4، وحصروا مطلبهم بإعلان قطع العلاقة مع حزب الله، ولكن على قاعدة ثانية هي العصا والجزرة. زاروني في لقاءات طويلة وقدموا لي ما اعتبروه مغريات كافية من النجومية في لبنان وأميركا والربح السياسي الشخصي لي وللتيار، وما مشي الحال. وعقد بعد ذلك لقاء طويل في 4 تشرين الثاني، أي الأربعاء، وأعطوني مهلة أخيرة 24 ساعة لأغير رأيي وأفكر في ما عرضوه علي لمصلحتي ومصلحة لبنان، ونبهوني من العواقب في حال ساروا بالعقوبات».

أضاف: «مرّ الخميس طبعاً، وطبعاً لم يحصل شيء من جهتي، وصدرت العقوبات يوم الجمعة، أي في عز إعلان نتائج الانتخابات الأميركية كان بالهم عندي، وصدرت على أساس الفساد وحقوق الإنسان، وبالكاد ذكروا حزب الله، مع العلم بأنهم لم يتكلموا معي إلا عن حزب الله. طبعاً في كل هذا المسار، أنا بلغت المعني الأول بالموضوع وهو “التيار الوطني الحر” عبر الهيئة السياسية التي وافقت بالإجماع على الموقف بالشكل والمضمون. وبلغت المعني الثاني أي “حزب الله” عبر السيد حسن نصر الله مباشرة، الذي أبدى تفهمه لأي موقف يمكن أن نأخذه وأبدى استعداده لأي مساعدة نطلبها منه، وطبعا أنا لم أطلب شيئا في تلك اللحظة».

شركات التدقيق: شكوك حول قدرة المصارف على الاستمرار

 

بعد تأخير امتد لأشهر، أنهت شركات التدقيق وضع تقاريرها لسنة 2019 المالية، وفيها «توثيق» للسنة التي بدأ فيها القطاع المصرفي «جَنْي» سياسات خاطئة وُضعت أُسسها قبل سنوات. كلّ المصارف التجارية، ومن دون أي استثناء، لم تُقدّم أرقاماً كافية للقيام بتحليل دقيق لمستوى السيولة والملاءة والربحية لديها. المُشكلة الرئيسية في نسبة المؤونات المُحتسبة، والتي لا تتوافق مع واقع السوق

أي مؤسّسة لديها رأسمال سلبي، لا تملك سيولة كافية، غير قادرة على تحصيل قروضها، توقّفت عن تقديم «الخدمات التقليدية» التي تدخل ضمن اختصاصها… لا يُمكن إلّا شطبها واعتبارها «ميتة». أليس غريباً إذاً أن تستمر المصارف التجارية اللبنانية بالعمل رغم كلّ التعثّر في ميزانياتها وتوقّفها عن القيام بأبسط مهامها؟ المصارف «الزومبي» في لبنان باقية بطريقة «اصطناعية»، وبسبب وجود «مُكابِرين» لا يُريدون التسليم بأنّ النموذج السابق انتهى، ولا بُدّ لمصلحة الجميع من «الاستسلام» والبحث عن بديل يؤدي دوراً إيجابياً في الاقتصاد. يُفترض أنّ هذه «الحقيقة» باتت معروفة للنسبة الأكبر من الرأي العام، تماماً كإدراكهم بأنّ خبرية «إعادة تكوين» الودائع، ولا سيّما بالعملات الأجنبية، ليست أكثر من وهمٍ. ولكن «الأهمّ» حالياً، هو في كون هذه المعلومات باتت «موثّقة» في التقارير المالية لسنة 2019، والتي بدأت تصدر تباعاً، بعدما تأخّرت لأشهرٍ بسبب الأوضاع العامة في لبنان.

هل لدى المصارف التجارية اللبنانية قدرة على الاستمرارية؟ «يوجد حالياً درجة عالية من حالة عدم اليقين تُحيط بالنظام المصرفي اللبناني والاقتصاد اللبناني ككلّ». الكلمات نفسها استُخدمت في كلّ تقارير شركات التدقيق الخارجي المُتعاقدة مع المصارف اللبنانية. التقارير المنشورة على موقع «بورصة بيروت» الإلكتروني ومواقع عددٍ من المصارف (البقية تسلّمت التقارير التدقيقية، لكنها لم تنشرها) تبدو مُستنسخة بعضها عن بعض، ولم يُعدّل فيها سوى اسم المصرف وشركتَي التدقيق اللتين تتعاملان معه وعدد من التفاصيل التقنية لكلّ مصرف. فبحسب المعلومات، اجتمع مُمثلو شركات التدقيق واتفقوا على وُجهة التقارير وماذا سيُكتب، لتكون النتيجة وجود أحداث وظروف تُثير «شكوكاً كبيرة حول قدرة المجموعة (المصرفية) على الاستمرار على أساس مفهوم الاستمرارية (Going Concern)». كما أنّ حالة عدم اليقين «تنطبق على القطاع المصرفي اللبناني ككلّ، وهي ناجمة عن المخاطر النظامية الكبيرة، التي يُمكن أن تؤثّر على تقييم مخاطر الملاءة، السيولة، العملة، الائتمان والربحية، الإجراءات المستقبلية…». لا يعني «مفهوم الاستمرارية» أنّ المصرف سيُعلن إفلاسه ويُقفل، بل إنّ شركات التدقيق ترسم تساؤلات وشكوكاً حول قدرته على الاستمرار، أولاً بسبب تأثير الأوضاع الاقتصادية العامة عليه، وثانياً لأنّه يُعاني من أزمات داخلية عديدة تجعل استمراريته مُتعثّرة. يرى عضو مجلس إدارة في أحد البنوك «فئة ألفا» أنّه بوجود «رأسمال سلبي لدى العديد من المصارف، من الطبيعي أن يسأل المُدققون إن كنّا قادرين على الاستمرار». والشكوك لن تضمحّل إلا في حال اتخاذ إجراءات مُعينة، «كضخّ أموال جديدة في الرأسمال، أو وضع خطّة اقتصادية عامة»، يقول أحد الخبراء الماليين.

المصارف التي نُشرت تقارير التدقيق لديها هي: عوده، لبنان والمهجر، سوسيتيه جنرال، البحر المتوسط، بيمو، البنك اللبناني للتجارة، فرنسَبنك وبيبلوس. اتفقت شركات التدقيق على «محدودية أدلة التدقيق التي أُتيحت لنا… ولا تتضمن البيانات المالية الموحدة المُرفقة إفصاحاً مُناسباً عن خطة الإدارة للتعامل مع الأحداث والظروف التي أنتجت عدم يقين مادياً». بالنسبة إلى «سيدروس»، فقد صدر أيضاً التقرير لكن مع اختلاف بسيط عن البقية، بأنّ المصرف يُحافظ «على نسبة كفاية رأسمال أعلى بكثير من الحدّ الأدنى المطلوب من قبل مصرف لبنان، ومع ذلك فإنّ الظروف والأحداث (…) يُمكن أن تؤثّر على السيولة والملاءة وربحية المجموعة. قدّمت المجموعة بياناتها المالية الموحدة على أساس مفهوم الاستمرارية بناءً على خطة عمل… لا يُمكن تحقيق خطة مستدامة إلا بعد أن تكون أوجه عدم اليقين (…) قد سوّيت. وبناءً عليه، لم نتمكن من الحصول على أدلة تدقيق كافية ومناسبة حول الخطة بسبب حالات عدم الوضوح المرتبط بالوضع العام وخيارات الحلول المحتملة التي قد تظهر في المستقبل المنظور».
الظروف التي ذكرتها شركات التدقيق في تقاريرها، وقد أثّرت على وضع كلّ القطاع المصرفي، هي:

ــــ تعطّل الأعمال منذ الربع الأخير من الـ 2019.
ــــ التدهور المستمر لمخاطر الائتمان السيادي التي بدأت منذ الربع الأخير من الـ 2019، وأدّت إلى تخفيض التصنيف من قبل جميع وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية في آذار 2020.
ــــ القيود على سحب الأموال بالعملات الأجنبية.
ــــ عدم القدرة على تحويل الأموال بالعملة الأجنبية إلى خارج لبنان.
ــــ التقلّبات الحادّة في سعر الصرف، وخلق أسواق موازية.
ــــ إعلان الحكومة اللبنانية التخلّف عن سداد نسبة 6.375٪ من سندات «اليوروبوندز» (الدين بالعملة الأجنبية) المستحقة في 9 آذار 2020.
ــــ إعلان الحكومة في 23 آذار التوقّف عن سداد جميع مدفوعاتها لسندات «اليوروبوند».
ــــ التدهور في القيمة السوقية لسندات الدين بالليرة إلى مستوى غير مرغوب فيه، ما أثّر على تقييم الأصول المالية سلباً في لبنان.
ــــ الخمول الحادّ والطويل زمنياً في أسواق رأس المال، ثمّ وقوع انفجار 4 آب الذي أثّر على الحركة.

إضافةً إلى الشكوك في استمرارية القطاع المصرفي، امتنعت شركات التدقيق عن إعطاء «براءة ذمّة» للمصارف التجارية. النتيجة ليست «مُفاجِئة» في ظلّ المعلومات المكشوفة عن واقع القطاع، لكنّها تُضيف «دليلاً» إضافياً على ما يجري. فبحسب المُعطيات التي اطّلع عليها مُدقّقو الحسابات، تبيّن أنّ البيانات المالية للمصارف التجارية لا تعكس الواقع، والأرقام الحقيقية أسوأ بكثير من تلك المُعتَرَف بها، لأنّ المؤونات المُحتسبة (أموال لتغطية خسائر مُتوقعة) لم تكن كافية، وبالتالي لا تُقدّم بشكل دقيق واقع المصرف على مستوى السيولة والملاءة والربحية.

المصارف «تختبئ» خلف تعاميم مصرف لبنان التي حدّدت مؤؤنات بنسبة 1.89% على توظيفات المصارف بالعملات الأجنبية لدى «المركزي»، وبنسبة 45% على سندات الخزينة العامة بالعملات الأجنبية (يوروبوندز) التي اكتتبت بها، لتنزع عن نفسها مسؤولية عدم الالتزام بالمعايير الدولية لتحديد المؤونات. ولكن شركات التدقيق لا تُقيم أهمية لتقاذف المسؤوليات، بالنسبة إليها المؤونات تُحدّد استناداً إلى أسعار السوق. ولذلك، يجب ألا تقلّ المؤونات على سندات «اليوروبوندز» عن 80% نظراً إلى أنّ سعرها في السوق لا يتعدّى 17 سنتاً للدولار. لا تُحدّد شركات التدقيق نسبة المؤونة الواجب فرضها على توظيفات المصارف لدى «المركزي»، إلا أنّ الأكيد لها أنّ نسبة 1.89% غير كافية، كما أنّه يجب احتساب مؤونات على سندات الدين بالعملة المحلية لحتمية خضوعها لإعادة هيكلة. يقول مسؤول في مصرف من الفئة الأولى إنّ «من الطبيعي أن يكون تقييم شركات التدقيق سلبياً لأنّنا لا نلتزم بالمعايير الدولية، ولا يُمكننا الالتزام، وإلّا تطير كلّ رساميل المصارف ونُفلس».

لا تستطيع المصارف الالتزام بالمعايير الدولية، وإلّا تُفلس

تتعامل كلّ المصارف مع شركتَي تدقيق، تتراوح عادةً الآراء التي تُصدرها بين: تقرير غير مؤهّل – Unmodified Opinion (الشركة تتبع المعايير المُحاسبية)، وجهة نظر مؤهلة ــــQualified Opinion (وجود أخطاء محاسبية ولكنّها لا تؤثّر على الميزانية ككلّ، ويُمكن تصحيح الأخطاء)، الرأي السلبي ــــ Adverse opinion (وجود شكوك بشأن تحريفات في البيانات المالية، وعدم حصول المدققين على أدلة كافية للقيام بتحليل دقيق لوضع المؤسسة. هذا أسوأ رأي مُمكن أن تحصل عليه أي مؤسسة)، عدم إبداء الرأي ــــ Disclaimer (يرى المُدققون أنّهم لا يملكون ما يكفي من الأدلة والأرقام، فيُفضلون التمنّع عن إبداء الرأي). تقارير التدقيق لسنة 2019 المالية، تراوحت كلّها بين «الرأي السلبي» و«عدم إبداء الرأي»، وفي بعض الحالات لم تتفق شركتا التدقيق في حسابات المصرف على رأي واحد، فكان لكلّ منها نظرة مختلفة. إجمالاً «الرأي سلبي» بالعدد الأكبر من المصارف «الكبيرة»، التي كانت تُشكّل «عامل ثقة» للمودع. مصادر لجنة الرقابة على المصارف تؤكّد لـ«الأخبار» أنّ كلّ المصارف التجارية «من دون استثناء، ولأي فئة انتمت، لن تمنحها شركات التدقيق رأياً نظيفاً»، مع الإشارة إلى أنّ كلّ المصارف التي تحصل على «رأي سلبي» أو «عدم إبداء الرأي» هي حُكماً مشكوك باستمراريتها على أساس «مفهوم الاستمرارية».

لماذا خرجت شركة التدقيق من «سيدروس»؟

في بعض المصارف، كـ«سيدروس» و«البحر المتوسط» و«سرادار» و«بنك مصر ولبنان»، لم تتفق شركتَا التدقيق على رأي واحد. لم تصل الأمور حدّ «الافتراق» إلّا في «سيدروس»، حيث قرّرت شركة التدقيق «PWC» إنهاء عملها داخل المصرف. معلومات «الأخبار» تؤكّد أنّ سبب خروج «PWC» يتعلّق بـ«شكوكٍ» حول ميزانية «سيدروس»، وأبلغت الشركة لجنة الرقابة على المصارف «تفضيلها» إنهاء خدماتها، لأنّ تقريرها – لو وضعته – سيكون «قاسياً» لجهة الحقائق المالية التي سيكشفها. «سيدروس» من جهته ينفي هذه المُعطيات. يقول أحد المسؤولين البارزين في المصرف إنّ «شركتَي التدقيق أكّدتا أمام الجمعية العمومية استحصالهما على كلّ المعلومات التي طلبتاها، وتمكّنهما من إجراء التدقيق بأفضل طريقة، وأنّه لا مآخذ لهما على مصرفنا بحدّ ذاته، لأنّه من الأقل انكشافاً على سندات الدين والأفضل على مستوى السيولة والرساميل، بل مأخذهما على السوق بشكل عامّ». يحاول «سيدروس» التخفيف من أهمية الأمر، مُعتبراً أنّه «ربما مع انتهاء التدقيق في بقية المصارف يتبيّن وجود حالات شبيهة أخرى، وربّما أنّه لم يستحق بعد تجديد العقد بين شركة التدقيق ومصارف أخرى. بالنسبة إلينا، استحق تجديد العقد واختلفت المقاربة بين شركتَي «ارنست اند يونغ» وPWC، ففضّلت الأخيرة المُغادرة».

أميركا كما ليست في الأفلام

ابراهيم الأمين

الساعات الطويلة بين ظهر الثلاثاء ومساء السبت الماضيين، كانت المناسبة الأكثر ملاءمة للتعرّف على جانب خاص من الحياة الأميركية على حقيقتها. الحديث، هنا، ليس عن فيلم هوليوودي جيّد أو رديء يروي لنا واقع شعب يواجه أزمة ليست عابرة، بل عن صورة شديدة الواقعية، لم تقدر الشاشات على تزوير أي مشهد فيها، وفشلت في تجاهل التفاصيل القاسية التي أخرجتها أدوات التواصل المفتوحة بين أيدي الناس الى الفضاء العام. ربما كانت أميركا، هذه المرة، على موعد مع اختبار كاشف للكذب، وهي لم تكن مدرّبة كفاية على تجاوزه.

ربما مثّل دونالد ترامب صورة قاسية وحقيقية عن قسم يمثّل، على الأقل، نصف الأميركيين. قسم يريد متابعة حياته خارج قواعد اللعبة التقليدية. قسم ليس مفعماً بالخير والحب بالضرورة، لكنه صريح ووقح الى حدّ أنه لا يكذب، ومصلحته المباشرة تتقدم على كل شيء. وهي مصلحة قسم من سكان الأرض، ممن يعتقدون أنهم الأخيار والأفضل، وأنهم الأكثر استحقاقاً لترؤس المائدة، وما على الآخرين إلا خدمتهم بسرور، وأن يشكروا عليّة القوم بأن سمحوا لهم في الوجود ولو على شكل خادم. هكذا تصرّف ترامب منذ اللحظة الأولى لانطلاق السباق الانتخابي. قال كل ما يفكر فيه هذا القسم الذي يريد للعالم أن يقبل به كما هو: قاس وفجّ ومتعالٍ ومتغطرس ومتطلّب وقاهر متى تطلّب الأمر!

القسم الآخر من الشعب الأميركي الذي خرج ليبعد ترامب عن الحكم لم يكن لديه جدول أعمال مثير للإعجاب. لم يكن هذا القسم، بقواعده كما بقيادته، سوى آلة رد فعل متوترة على ما يبادر إليه القسم الآخر. والاستنفار الذي شاهدناه لدى خصوم الرئيس الأميركي الأكثر إثارة للجدل، مثّل لحظة الخشية القصوى من انكشاف حقيقة أميركا، التي لا يقوم تفوّقها إلا على قهر آخرين. وهو تفوّق يسمح لأقلية فيها بأن تتحكم بكل شيء داخلها وخارجها أيضاً. حتى إن كل المهاجرين الجدد (في العقود الخمسة الأخيرة) هالهم كيف يخاطبهم ترامب وأنصاره. هم عاشوا التفرقة والتمييز والقهر والاضطهاد، لكنهم كانوا يصمتون لأن القهر في بلادهم الأولى كان أقسى. لكن مشكلة هؤلاء في كونهم صدّقوا أن خصوم ترامب من السياسيين والاقتصاديين والأمنيين والإعلاميين، يريدون لهم مستقبلاً أفضل. مشكلة هؤلاء الذين حملوا جو بايدن الى الرئاسة أنهم تصرفوا مثل النخب الأميركية، أي برد فعل على ما قام به ترامب. فتجنّبوا البحث في أسباب أزمتهم الحقيقية، وارتضوا قواعد اللعبة إياها. صاروا يعملون وفق منطق المرّ والأمرّ منه. حتى إنهم لم ينجحوا في ابتزاز خصوم ترامب، ولم يحصلوا منهم سوى على وعود سبق أن سمعوها حتى قبل مجيئهم الى هذه البلاد. وهم تصرفوا بدونية مقززة، كأنهم يثبتون حجة ترامب بأنهم ليسوا مواطنين كاملي المواصفات، بل مواطنون من الدرجة الثانية لا يحق لهم تقرير مصير أميركا. وهؤلاء سلّموا بقواعد لعبة قذرة لن ينتج منها إلا مزيد من القهر قبل أن يعود ترامب آخر، بعد أربع سنوات أو أكثر لا يهمّ.

أميركا الحقيقية هي تلك التي ظهرت على شاشات البث المباشر. لا مجال لمؤثرات تخرج رامبو من بين الأنقاض. ولا مجال لكتاب يقدم لنا حواراً خيالياً لا يتناسب مع الخلافات العميقة حول الهوية الأميركية. ولا مجال فيه لفريق تجميل يقدر على إخفاء الأجسام المترهّلة والوجوه المنهكة، ولا مجال لموسيقى تناسب الحلم الأميركي بينما كان العالم كله ينصت الى صراخ وسباب وشتائم.

أميركا الحقيقية أقرب الى صورة دونالد ترامب. إنها صورة رجل العصابات الذي يفترض أن له الحق في فعل ما يناسبه ولو على حساب الآخرين. صحيح أن ترامب، أو آخرين مثله، لن يتمكنوا من فرض إرادتهم على بقية الأميركيين أو على العالم. لكن الصحيح، أيضاً، أن الآخرين لم يظهروا أي برنامج بديل يغري هؤلاء المجانين بفكرة مختلفة. وما إن يتاح لترامب نفسه أو لمقلّدين له العودة الى الساحة بالخطاب نفسه، سنكتشف مرة جديدة حقيقة الحلم الأميركي.

الخطير، هنا، ليس اختصار ما حصل بهزيمة ترامب. الخطير محاولة منح بايدن وجماعته مشروعية تتيح له القيام بكل الأمور القذرة، التي سبق أن كان شريكاً فيها منذ ستة عقود، بحجة أنه البديل الأنسب عن جنون الفريق الآخر. الخطير أن الأميركيين الذين لم يجهدوا في خلق بديل من كل هذه النخبة، ومعهم كل من كره ترامب في العالم، سيتيحون لهذا العجوز المملّ أن يفعل بأميركا والعالم ما هو أسوأ. غداً، سنجد الإعلام الأميركي الذي استفاق فجأة على مهنية واحترافية بعدما هزم خصمه الأول، يمجّد كل ما يقوم به بايدن فقط لأنه يخالف ما كان يقوله ترامب. لكن لن نجد في هذه الماكينة الإعلامية ولا في المنتديات من يدقق في حقيقة ما سيقوم به الرئيس الجديد.

في بلادنا، سيلقى بايدن التحية إن خفف العقوبات عن إيران، أو قلّص الخلافات مع الصين وروسيا، أو فرض وقف حرب اليمن، أو كان أقل حرارة مع قادة إسرائيل والسعودية ومصر. وسيخرج من بيننا من يرى في ذلك مكرمة إلهيّة. وسيصلّي شاكراً الرجل الأبيض بنسخته المنمّقة. سننسى أن المشكلة تقع أساساً في كل ما قام به ترامب وأسلافه من رفاق بايدن. ولن نطالب أحداً من هؤلاء بالاعتذار عن جرائم لا تزال قائمة في كل زاوية من هذا الكوكب. وكل ذلك، فقط، لأن الرجل المجنون أبعد عن غرفة القيادة.

أفضل ما عشناه في أسبوع الآلام الأميركي هو أن أميركا لم تكن لتظهر لنا على حقيقتها في وقت آخر. وأفضل ما نفعله الآن هو إبقاء أعيننا ترى بوضوح مسار أميركا المقبل. حتى ولو تجاهل الحمقى أزماتها البنيوية الآخذة في التجذّر. وأن نكون مدركين لحقيقة ما ينتظرنا، ولا تصيبنا الدهشة إن استفقنا من هذا الحلم الأميركي، ثم وجدنا أنفسنا في قلب الجحيم بعينه… وهو جحيم لن يكون أكثر بشاعة من صورة أميركا الحقيقية، وليست كما تقدّم لنا في الأفلام!

شتوة أولى أغرقت الأحياء المنكوبة: انفجار المرفأ ليس آخر الكوارث

كان يمكن أن تكون كارثة انفجار المرفأ آخر ما يعيد تذكير القاطنين في محيطه بغياب الدولة عن حياتهم. لكنها – على ما يبدو – لن تكون كذلك. فبعد أربعة أشهرٍ من الانفجار، ومع «انفجار» الشتوة الأولى في الأحياء التي لم تخرج من أضرارها بعد، استرجع الناس حكايتهم مع الدولة الغائبة. إذ غرقت بيوت هؤلاء بمياه الأمطار، وانهارت بعض البيوت جزئياً كبيت حنا متري التراثي في الأشرفية، فيما بعضها «أسلم الروح» تماماً كالمبنى الذي انهار قبل أيامٍ في منطقة المدور. كل ذلك يحدث، فيما «الدولة« ضائعة في كيفية تصريف ركام المرفأ!

قبل أسبوع، سقط مبنى من طبقتين في منطقة المدوّر. عجز عن الصمود أمام الشتوة الأولى، فانهار تحت زخّات المطر. لم يكن ثمة شكّ في أنه سيقع، بعدما استحال نصف بيتٍ من جراء انفجار المرفأ في الرابع من آب. بعد الانفجار، تصدّعت أساسات المنزل. سقطت أعمدة، فيما بقيت أخرى نصف معلقة وطارت جدران. هكذا، كان السقوط متوقّعاً. ولحسن الحظ، لم يسقط ضحايا، إذ غادره المستأجرون بعد إجراء الجيش مسحاً للمنطقة، صنّف بموجبه المبنى «آيلاً للسقوط».

676 دعوى قدّمتها نقابة المحامين أمام النائب العام التمييزيّ: متضرّرو 4 آب يشكون الدولة أمام القضاء راجانا حمية

عندما وقع المبنى، كان المستأجرون – وهم في غالبيتهم عمال في مرفأ بيروت – يتفرجون على سقوطه. لم يستطيعوا أن يسحبوا من بين الأنقاض شيئاً. خرجوا من هناك بثيابهم فقط، ومذّاك «منعنا الجيش من الدخول»، يقول أحد العمال، ويضيف متهكماً: «إجا الجيش أكّس المبنى منذ ثلاثة أشهر، وقبض مالك المبنى تعويضاً، ثم تُرِك البيت بلا تدعيم ولا حتى هدم لتأتي العاصفة ويسقط وحده»! على مقربة من المستأجرين القدامى، كان عمال في محل النجارة المواجه للمبنى المنهار يروون مشاهداتهم. لكنهم بدوا كمن تأقلم مع الانهيارات، التي تحوط بهم. فعلى حائط مركز عملهم كان قد سقط قبل فترة مبنى متصدّع، وفي الحي الخلفي، ينتظر هؤلاء سقوط أحد المباني أيضاً. على مقربة منهم، يقف جورج، وهو الذي كان يعمل في الفندق المجاور الذي أفرغه الانفجار من نزلائه. كان يقف متفرجاً على رفع الردم من المبنى المنهار حديثاً… وشاهداً، كما شهد في الرابع من آب، على الانهيار المدوي في المنطقة. يشير بإصبعه إلى البيوت التي اقتربت من نهايتها والتي يعدّ منها الكثير في الحي، كما في الأحياء التي طاولها الانفجار من الرميل إلى الكرنتينا إلى الخندق الغميق وغيرها.
هكذا، هي الحال في تلك المناطق، ومنها المدوّر، المنطقة التي نالت نصيبها من الدمار، ضريبة التصاقها بـ«باب» المرفأ. انقلبت الحياة، هناك، رأساً على عقب بعد الانفجار. معظم الناس الذين كانوا يقطنون في المنطقة باتوا اليوم مهجّرين، فيما البقية يعيدون بناء حياتهم في ما تبقّى من بيوتهم. من بين هؤلاء كمال، الذي يقطن اليوم في بيتٍ بنصف سقف، بعدما تشقّق النصف الآخر. خلال الشتوة الأخيرة، دخلت المياه إلى غرف المنزل من السطح. لا يملك الرجل كلفة ترميم السطح. يتذكر اللحظة التي تشظّى فيها سطح البناية. يومها، لم يعرف كمال «من أين تأتي الضربات». في لحظةٍ واحدة، انتهى كل شيء. بعد هدوء العاصفة، تذكّر «كيف طبقت هنغارات المرفأ على الأرض»، معيداً في الوقت نفسه رسم شكل الحي الذي يسكنه بعدما تحولت عدة مبانٍ إلى ركام، منها «البناية اللي كانت مقابيلنا بوجه المرفأ». لولا تلك البناية، يقول: «لكنا اليوم شهداء». في بيت كمال، لم يسلم شيء من الانفجار، لا السقف ولا الشبابيك ولا الأبواب ولا الحيطان.

لم تجر وزارة الأشغال ما يمكن أن «يردّ» كارثة إضافية عن الأحياء التي دمّرها الانفجار

في تلك الفترة، جاء الجيش ومهندسون وجمعيات لتقدير الأضرار. «كل ما استطعنا تحصيله بمساعدة بعض الجمعيات تغيير زجاج النوافذ والأبواب، وما زال ينقصنا أَقفال الأبواب». ليس كمال وحيداً في معاناته. يشكو الناس هناك من المساعدات التي أتت لمتضررين من دون آخرين. وإن كان هؤلاء لا يزالون ينتظرون تعويضاتهم وفقاً للمسح الذي أجري لبيوتهم، إلا أنهم باتوا يشكّون اليوم في تحصيل شيء. وقد زاد يقينهم اليوم مع العاصفة الأولى التي دخلت بيوتهم.

ثمّة غياب واضح للدولة هناك. غالباً، لا يتذكر الناس هذا الغياب، ولكنه سقط فجأة عليهم مع انفجار المرفأ، حيث وجدوا أنفسهم وحيدين. فما عدا المسح الذي قام به الجيش بالتعاون مع عدد من الفرق الهندسية والتعويضات التي وُزّعت، والتي لا يعرف كثيرون وفق أية آلية صُرفت، لم تعد الدولة إلى هناك. وقد عوّضت هذا الغياب الفرق المتطوعة، سواءٌ فرق المهندسين التابعين لنقابة المهندسين أو الـ»freelancer» والناشطون والجمعيات المدنية. ولئن كان البعض من تلك المبادرات فاعلاً، إلا أن ما كان يضعف من فعّاليتها، أنها كانت «فرداوية»، بلا تنسيق.

مع ذلك، يحلو للناس أن يذكروا «محاسن» الجمعيات التي سدّت بعض الحاجة. نافذة من هنا. باب من هناك. تدعيم حائط. ترميم. «كلّو منيح»، يقول العم سمير. اختبر هذا الأخير كيف تُرك الناس وحدهم عندما «نزلت الدني». يلفت السبعيني الى أن غالبية الطبقات الأرضية دخلت إليها المياه، بعدما فاضت الطرقات بسبب المجاري التي سُدّت من الركام. هذا التفصيل الأخير هو جزء من الحكاية الأكبر. حكاية المجاري ووزارات الدولة. فبعد أربعة أشهرٍ على الانفجار لا تزال الردميات في أرضها، لم يُتخذ القرار بالمكان الذي ستُنقل إليه، ولم تجر وزارة الأشغال العامة والنقل ما يمكن أن «يردّ» كارثة إضافية. وفي هذا الإطار، دعت الهيئة اللبنانية للعقارات وزارة الأشغال العامة والبلديات الى «تنظيف أقنية تصريف المياه الشتوية للشوارع العامة والأزقة من الأتربة والنفايات التي تساهم بقلب المياه بشكلٍ عكسي». سبقت تلك الدعوة بروفا العاصفة التي أغرقت الكثير من البيوت بالوحول.

بحسب الهيئة اللبنانية للعقارات، تسبّب انفجار المرفأ بتضرّر ما لا يقل عن 200 ألف وحدة سكنية، من الأشد تضرراً إلى الأضرار العادية. وتُصنّف بعض تلك الوحدات بالخطرة، منها «51 بناء تحت خطر السقوط و41 بناء متضرراً بشكلٍ كبير»، على ما يؤكد محافظ مدينة بيروت، مروان عبود، استناداً إلى التقرير الأخير الذي صدر وفقاً للمسح الذي أجرته محافظة مدينة بيروت وبلديتها.

بعض هذه المباني لا يزال مأهولاً لعدم قدرة ساكنيه على إيجاد مكانٍ بديل، وبعضها الآخر ينتظر عاصفة أخرى كي ينتهي. وفي كلتا الحالتين، ثمّة مسؤول واحد هو الدولة التي تترك هؤلاء لقدرهم. وفي الوقت الذي أعلنت فيه قيادة الجيش عن بدء توزيع دفعة من المساعدات المادية على 17% من المتضررين من انفجار المرفأ، إلا أن ذلك لا يسدّ جزءاً من حاجة الناس التي سُويت بيوتهم بالأرض. لا يطلب القاطنون في قلب الركام سوى أن تتحرك الدولة قبل موسم العواصف، فذلك بالنسبة إليهم أفضل بكثير من الاستنفار في لحظة السقوط.

جو بايدن… العالم تَغيّر كثيراً!

 تستعدّ أميركا للتكيُّف مع وقائع جديدة في عام 2021، إذا سارت الأمور على ما يرام، وقُدِّر لجو بايدن أن يتبوّأ منصب الرئيس، ويعود بالولايات المتحدة إلى عهدٍ سبق، بعدما كبّدتها سياسات سلفِه ندوباً سيداويها بحضنٍ جماعي يعيد ترتيب الانقسامات ضمن قواعد وأطر مُشبعة بالصوابية السياسية. قواعد بيّنت، بعد مضيّ كلّ هذا الوقت، عدم نجاعتها، ولا سيّما حين انفجرت – أكثر من مرّة – في وجه مؤسّسة أهملت، على مدى عقود، بل قرون، واقعاً معقّداً: العنصريّة المؤسِّسة والهوياتيّة والحزبيّة ليست أمراضاً جلدية ستختفي حال اختفاء المُسبِّب. والمسبِّب – والحال هذه – ليس دونالد ترامب، وإن كان هذا الأخير أجّج الاستقطاب، وجلّى بوضوح طبقات العفن المتراكمة.

نداء لمّ الشمل والوحدة طغى على خطاب النصر، فتعهّد الرئيس المنتخب بالسعيَ إلى رأب الصدوع لأن «وقت الشفاء» قد حان. توازياً، وضع جو بايدن هدفاً عالي السقف لرئاسته، عنوانه: استعادة الريادة الأميركية المتآكلة، أو بكلماتٍ أخرى، العودة إلى سنوات عصرٍ ولّى. ربّما غفا بايدن قليلاً، وهو يحلم بيومٍ يحمِل فيه أمانة الأمّة على عاتقه، ولم يدرك أن ثمّة متغيّرات كبرى حدثت وباتت أمراً واقعاً، لم يعد ينفع معها العلاج بالصدمة. يُقلق الرئيسَ المقبل واقعُ أن «مصداقية الولايات المتحدة وتأثيرها في العالم تراجعا منذ غادرت أنا والرئيس باراك أوباما السلطة». هذا ما كتبه في مقالته الشهيرة لمجلة «فورين أفيرز» في وقتٍ سابق من العام الجاري، حين وعد بأن «تقود أميركا العالم من جديد». لا يرى بايدن مشكلةً في إصلاح الأعطاب، ما دام يحصر مسؤوليّتها بشخص ترامب. بنى مرشّح الديموقراطيين حملته الانتخابية على عنوان وحيد، هو مواجهة شعبوي متطفّل أفسد «الروح» الأميركية. ربّما يصدّق بايدن أنه فاز لأنه مثّل خيار الأميركيين المتعبين، وليس لأن بعضهم سئم «الاندفاعة والحماسة» الشديدتَين للإدارة الحالية، وقرّر أن يصوّت ضدّها.

وضع بايدن هدفاً عالي السقف لرئاسته، عنوانه: استعادة الريادة الأميركية

القطيعة مع سياسات ترامب في عدّة ملفات ستشكِّل العمود الفقري لسياسة إدارة بايدن. يرغب هذا الأخير في أن ينضمّ مجدّداً إلى اتفاق باريس حول المناخ، وأن يعيد العلاقات مع «منظمة الصحة العالمية»، وأن ينظّم «قمّة للديموقراطيات» علّها تحسّن صورة بلاده وتعيد تأكيد التزامها بالتعدّدية القطبية، وتصلح العلاقات التي خرّبها ترامب مع الحلفاء الغربيين. لا يزال الرئيس الجديد يرى العالم على النحو الذي تركه حين غادر منصبه وليس كما يبدو اليوم، وسيسعى، انطلاقاً من هنا، للعودة إلى الوضع العادي. لكن العالم تغيّر كثيراً، وغيّر ترامب قواعد اللعب في غير مكان. لن تكون سياسة بايدن الخارجية نسخة طبق الأصل لتلك التي سادت حقبة أوباما، لأنه سيدرك أن السياسات السابقة لم تعد تنفع في عالم اليوم، وأنه سيتعامل مع حقيقة أن جرعات الديموقراطية أوشكت على النفاد. بعيداً من الأسلوبين المتناقضين والتكتيكات المختلفة، لا توجد فروقات شاسعة بين ترامب وبايدن في ملفاتٍ رئيسة. أراد الأول، الوافد الجديد على عالم السياسة، «وضع حدٍّ للحروب»، ووعد بسحب قوّات بلاده من سوريا والعراق وأفغانستان. أما الثاني، فعمل سناتوراً لمدّة 36 عاماً، وله حصيلة ثقيلة من أبرز محطّاتها التصويت بـ»نعم» لغزو العراق، قبل أن يندم لاحقاً. لذلك، من المستبعد أن يرسل الديموقراطي قوّات كبيرة إلى أفغانستان، إذ يفضّل، كما رفاقه في الحزب، الاعتماد على مهمّات «مكافحة إرهابٍ» تنفّذها قوات خاصة. وفي وقت تبدو فيه واشنطن وبكين على شفير حرب باردة جديدة، صار بايدن يكرّر أن «على الولايات المتحدة أن تكون صارمة مع الصين»، وبالقدر ذاته مع روسيا. يقدّر بيل بورنس الذي يرأس «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» أن إدارة هذا التنافس الاستراتيجي ستحدّد «نجاح السياسة الخارجية الأميركية أو فشلها»، ويعتبر أن الإدارة الجديدة ستركّز أكثر على إنشاء شبكة تحالفات في آسيا. لكن الأمر سيبقى معلقاً لمعرفة إن كان بايدن سيعتمد على هوامش المناورة التي شكّلها الرئيس السابق في ملفات الصين والتجارة والنووي الإيراني.

اللواء

جريدة اللواءالملف الحكومي على الرفّ.. وقرار بإقفال البلد بدءاً من الخميس

باسيل يربط العقوبات بعلاقته بحزب الله ويعقّد شروط التأليف.. وتعطيل الدراسة الحضورية

على الارجح ان تأليف «حكومة مهمة» تراجع الى مستوى، يمكن وصفه بالمنخفض او «بين بين»، فيما تقدم الى الواجهة ملف اقفال البلد لفترة وجيزة ما تزال قيد البحث، وستحسم خلال اجتماع مجلس الدفاع الاعلى، الذي دعا اليه الرئيس ميشال عون، ويعقد في بعبدا غدا، ويحضره اليه رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب اعضاء المجلس من وزراء معنيين فضلا عن قادة الاجهزة والمؤسسات العسكرية والامنية والقضائية.

في هذا المناخ، قال النائب جبران باسيل ما عنده في ما خص العقوبات، التي فرضتها الخزانة الاميركية عليه، استنادا الى قان «ماغينسكي»، ورسا موقفه الى اعتبار ما حصل جريمة بحقه واتجه الى تكليف فريق محاماة لتبيان عدم شرعيتها، عبر دعوى على الخزانة، مراهنا على «علاقته» مع الرئيس الاميركي المنتخب جون بايدن، في وقت فتح فيه كلامه عن الحكومة الباب امام دخول عملية التأليف التي يتواصل الرئيس ميشال عون وسعد الحريري على تضييق الخلافات حولها، وسط تباين في تقدير الموقف بعد الصعوبات التأليفية، التي وضعها باسيل بوجه الحكومة.

واعتبرت مصادر سياسية مطلعة ان كل ما يقال ويروج بأن العقوبات الاميركية على باسيل ستطيح بتشكيل الحكومة العتيدة ليس صحيحا،لان الاتصالات والمشاورات العلنية والبعيدة من الاعلام متواصلة لان هناك رغبة محلية واضحة لانضاج التشكيلة مترافقة مع الحاح فرنسي قوي، عبر عنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الاتصال الاخير مع رئيس الجمهورية منذ ايام. وتوقعت المصادر ان تتبلور المشاورات والاتصالات بين مختلف الاطراف السياسيين في غضون ايام معدودة ،سيتخللها انجاز التشكيلة الحكومية وعرضها على رئيس الجمهورية ميشال عون لانه لم يعد بالإمكان تأخير ولادة الحكومة الجديدة تحت حجج من هنا ومطالب من هناك.

ولاحظت مصادر سياسية أن العقوبات الاميركية على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قد احدثت ارباكا قويا لدى رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي في هذا الظرف بالذات، لان توقيتها تزامن مع عملية تشكيل الحكومة الجديدة، ما وضع هذا الفريق امام خيارين للرد ومواجهة هذه العاصفة القوية التي استهدفت أقرب المقربين للرئاسة الاولى وركيزتها الاساسية سياسيا وحزبيا،الاول، التقليل من تاثير هذه العقوبات الاميركية قدر الإمكان وإظهار قلة تداعياتها سياسيا وإعطاء الاولوية للمساعي والجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة وتوفير كل مقومات الدعم والمساعدة لتتمكن من القيام بالمهمات المنوطة بها لحل سلسلة الازمات المتراكمة التي يواجهها لبنان وباتت تضغط بقوة على شرائح واسعة من الشعب اللبناني.

اماالخيار الثاني، فهو الرد بتصعيد الموقف السياسي ضد الفريق السياسي الاميركي الذي أقر هذه العقوبات ضد باسيل من جهة، والاستمرار في عرقلة وتعطيل عملية تشكيل الحكومة العتيدة، تحت حجج ومطالب واهية،لاظهار مدى قدرة هذا الفريق الرئاسي بالرد وتعطيل عملية التشكيل. الا ان سلوك الخيار الثاني يبقى محفوفا بمخاطر وتداعيات سلبية، لن تؤثر إطلاقا على الولايات المتحدة الأميركية اوالجهات المسؤولة عن إقرار هذه العقوبات، بل ستؤدي الى اطالة أمد الفراغ الحكومي مع ما يترتب عليه من زيادة تراكم المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها المواطن اللبناني وتأخير المباشرة بحل الازمات المتعددة.

وهذا بالطبع سيزيد من النقمة السياسية والشعبية على العهد، وفي الوقت نفسه سيؤدي الى زيادة انحداره نحو الأسوأ بسرعة قياسية وخسارته لاي حيثية او سمعة مايزال يتمتع بها حتى الان. وفي تقدير المصادر السياسية فإن رئيس الجمهورية سيختار تسهيل ولادة الحكومة الجديدة بدل تعطيلها لان هذه السلوكية تصب في مصلحة العهد وليس ضده، في حين ان ماطرحه النائب جبران باسيل في رده على العقوبات الاميركية، إنما هو رد طبيعي لاعادة شد عصب جمهوره المتاكل والمتعب في وقت واحد بينما ماضمنه لرده من مواقف ورسائل بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة لم يتضمن تبدلا وهي مواقف معروفة واستغلاله لهذه المناسبة للإعلان عنها، انما هو بمثابة إظهار نفسه الجهة الموثرة بعملية التشكيل ومحاولة مكشوفة لابتزاز الرئيس المكلف ألذي يبحث موضوع تشكيل الحكومة مع رئيس عون وليس مع النائب باسيل.

ولم تشأ مصادر مطلعة على اجواء بعبدا إضافة أي موقف جديد عن رئيس الجمهورية بالنسبة إلى موضوع العقوبات مكتفية بما صدر يوم السبت عن طلب الرئيس عون من وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة إجراء الاتصالات اللازمة مع السفيرة الأميركية في بيروت للحصول على المستندات التي دفعت بوزارة الخزانة الأميركية إلى فرض عقوبات بحق النائب جبران باسيل.

ولفتت المصادر الى أن هذا الإجراء قام به عون في التاسع من أيلول الماضي حين فرضت عقوبات بحق الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنياتوس.

إلى ذلك رأت مصادر سياسية مطلعة أنه على الرغم من تزامن العقوبات مع تشكيل الحكومة الجديدة إلا أن الملف الحكومي لم يكن يسير بخطى واثقة إذ كان هناك بعض التفاصيل التي لم تحل لافتة إلى أن هناك رغبة رئاسية بأن تستكمل عملية التأليف في جو توافقي انطلاقا مما تم التفاهم عليه في لقاءات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على أن المطلوب اليوم خطوات أكثر فاعلية لجهة تفعيل الاتصالات وموضوع المعايير الموحدة وبت نقاط معينة موضحة أن غيمة العقوبات تحتاج بدورها إلى بعض الوقت.

في مجال آخر افيد أن انعقاد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع هو بهدف حسم التباين في ما خص الأقفال في ملف كورونا إذ أن ثمة جهات غير متحمسة الأقفال بسبب الوضع الاقتصادي في لبنان وأخرى تحبذ الأقفال لأكثر من سبب يتصل بالواقع الاستشفائي وانتشار الوباء.

وقال عضو لجنة مواجهة كورونا مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري في تصريح لـ«اللواء» أن الأقفال يجب أن يكون مبنيا على أسس ومنظما وإن يخرج بنتائج فعالة كما أنه من الضروري تقييم هذا القرار لاسيما أن الوباء ينتشر بسرعة مشيرا إلى أن القرار متروك لمجلس الأعلى للدفاع.

وقال الدكتور خوري أن الهدف من الأقفال هو مساعدة الجهاز الطبي الاستشفائي بعدما ارتفعت القدرة الاستيعابية للمستشفيات وامتلاء الأسرة معربا عن اعتقاده أن قرار الأقفال التام يستحسن أن يترافق مع منع التجول وتحرير القوى الأمنية محاضر ضبط بحق المخالفين.

وعلم ان المجلس الاعلى للدفاع، سيقرر في اجتماعه غداً اقفال البلد من يوم الخميس 12 ت2 الى 1ك1 2020، واعادة العمل بنظام المفرد والمزدوج في تسيير السيارات والحفاظ على نظام منع التجول بالتواريخ المحددة.

يشار الى ان الرئيس طلب من وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة، اجراء الاتصالات اللازمة مع السفارة الاميركية في بيروت والسفارة اللبنانية في واشنطن، للحصول على الادلة والمستندات التي دفعت بوزارة الخزانة الاميركية الى توجيه اتهامات وفرض عقوبات في حق رئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق النائب جبران باسيل»، مشددا على «تسليم هذه الاثباتات الى القضاء اللبناني لكي يتخذ الاجراءات القانونية اللازمة بذلك»،لافتا الى انه «سيتابع هذه القضية مباشرة وصولا الى اجراء المحاكات اللازمة في حال توافر اي معطيات حول هذه الاتهامات».

باسيل يرد

 

ووفقا لما اوردته «اللواء» في عددها السبت الماضي، رد باسيل على قرار العقوبات الاميركية بحقه امس، أن الولايات المتحدة عرضت قطع علاقاته بحزب الله لتفادي فرض عقوبات اقتصادية عليه، قبل أن تقدم على هذه الخطوة متهمة إياه بالفساد. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية الجمعة عقوبات مالية على باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون وحليف حزب الله، بتهم الفساد واختلاس أموال الدولة بموجب قانون «ماغنيتسكي» لمكافحة إفلات الأفراد والشركات من العقاب على مستوى العالم لدى انتهاكهم حقوق الإنسان أو ارتكابهم أعمال فساد. وقال باسيل في كلمة متلفزة الأحد إنه تبلغ مؤخراً «من السفيرة الاميركية ضرورة تلبية أربع مطالب فورا وإلا يتم فرض عقوبات اميركية(..) والحديث كله لم يأت على ذكر كلمة فساد».

وأشار إلى أن المطلب الأول هو «فك العلاقة فورا مع حزب الله»، من دون أن يكشف عن المطالب الأخرى. ومنحه الأميركيون، وفق قوله، عدة مهل وتخلوا لاحقاً عن مطالبهم الباقية «وحصروا مطلبهم بقطع العلاقة مع حزب الله»، الذي تفرض عليه واشنطن عقوبات وتعتبره «إرهابياً». وبعد رفضه الطلب الأميركي أقرت العقوبات التي تبين «أن لها علاقة بالفساد وبالكاد ذكرت حزب الله فيما لم يحدثوني إلا عنه»، وفق قول باسيل الذي نفى أي اتهامات له بالفساد. ووصف باسيل العقوبات بحقه بـ«الجريمة»، وقال إنه سيكلف مكتب محاماة ليطلب أمام القضاء الأميركي «إبطال القرار» و»طلب التعويض المعنوي والمادي». وأوردت وزارة الخزانة الأميركية أن باسيل «مسؤول أو متواطئ، أو تورط بشكل مباشر أو غير مباشر في الفساد، بما في ذلك اختلاس أصول الدولة ومصادرة الأصول الخاصة لتحقيق مكاسب شخصية». واتهمه مسؤول أميركي باستخدام نفوذه لتأخير تشكيل حكومة في لبنان. وقال إن شراكته السياسية مع حزب الله سمحت للأخير «بتوسيع نفوذه».واكد باسيل «لا يمكن أن نطعن حزب الله»، وقال «لا نترك (حزب الله) بضغط خارجي.

وفي الموضوع الحكومي شدد على أن «ركائز أي حكومة تقوم على 3 أمور يجب تحديد معايير واضحة لكل واحدة منها، وتتألف الحكومة بيومين، والركائز هي:عدد الوزراء، توزيع الحقائب ،اعتماد آلية واحدة لتسمية الوزراء، من اختصاصيين «.

وراى انه»إذا لم يتم اعتماد معايير واضحة وموحدة، فالحكومة ستتأخر ومن يؤخرها هو من يضع معايير استنسابية ويخبئها بوعود متناقضة بهدف واحد هو تكبير حصته فقط».

ورد طوني حداد انه كان مكلفاً بملف ترسيم الحدود رافضا ان يكون هو وراء قرار العقوبات ضد باسيل.

وستشكل اطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء بعد غد الاربعاء، مناسبة لتقييم الموقف بعد العقوبات على باسيل، ووصول جون بايدن الى البيت الابيض ومسار معالجة عقبات الحكومة.

ويتجه التشاور بين الرئيسين عون وحسان دياب، تقرير تكليف الوزير رمزي مشرفية تمثيل لبنان في مؤتمر عودة النازحين السوريين الذي سيعقد في دمشق في 11 الجاري (الاربعاء).

سجال المستقبل- القوات

 

سياسياً، وقع سجال قوي بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية.

فقال امين عام تيار المستقبل احمد الحريري:

يستطيع سمير جعجع ان يحلم بالرئاسة وان يطلب المستحيل سبيلاً للوصول، لكنه لن يحلم بتوقيعنا على جدول اعمال معراب السياسي وغير السياسي، وسنكون بالمرصاد لاي مشروع يقود لبنان الى التحلل والتقسيم والخراب».

من جهة أخرى، اعلنت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية» انها تفاجأت بسلسلة تغريدات للحريري من خارج السياق الوطني للأحداث، وحرصا منا على وضع الأمور في نصابها نؤكد على إن المحاصصة بأوجه جديدة لا تعني أبدا بأنها ليست محاصصة، فيما النتيجة ستكون كما رأيناها مع حكومة الرئيس حسان دياب، وفي مطلق الأحوال، نحن لا نحكم إلا على النتائج، وموقفنا النهائي من الحكومة سيكون بعد تشكيلها»، ولكن المتداول لغاية اليوم لا يطمئن كثيرا.

وما لبث ان ردّأحمد الحريري على بيان الدائرة الاعلامية في القوات اللبنانية بالقول: سنغض النظر عن الحملة التي يشنها الموقع القواتي «نحنا قدا» على الرئيس الحريري والاكاذيب التي يسوقها يومياً، لكن من المفيد تذكير الدائرة الاعلامية للقوات اللبنانية بالكلام الذي فاض به امس الوزير السابق حاصباني.

تعليق الدراسة

 

وبانتظار قرارات مجلس الدفاع الاعلى قرر وزير التربية والتعليم العالي توقف الدروس حضوريا في المؤسسات التربوية الرسمية والخاصة اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، على ان المؤسسات مفتوحة لتأمين العمل الاداري.


1139

أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1139 إصابة جديدة بفيروس “كورونا” في لبنان، ما يرفع العدد الإجمالي للمصابين إلى 94236.

كما أعلنت تسجيل 10 حالات وفاة جديدة بالفيروس ترفع الحصيلة الإجمالية للمتوفين إلى 723.

وتواصلت الدعوات للإقفال العام، حيث اكد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أنه شر لا بد منه، وعلم أن لا تعميم سيصدر عن وزارة الداخلية لإقفال مناطق جديدة مصنفة حمراء بانتظار اجتماع مجلس الدفاع الاعلى الثلاثاء.

نقيب الاطباء ابو شرف

 

واعتبر أبو شرف أن «ما نراه في المطاعم والمقاهي ومحال الخضار والفاكهة ودور العبادة من اكتظاظ وتجمعات واستهتار بالتدابير الوقائية غير مقبول أبدا خصوصا في العاصمة والمدن الكبرى، وهذه مخالفات كدت أقول إجرامية في حق بعضنا البعض».

إغلاقًا كليًا ثانيًا قريبًا

 

في هذا الوقت، حذّر مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض أن من المتوقع أن يدخل لبنان إغلاقًا كليًا ثانيًا قريبًا.

وقال الأبيض في سلسلة تغريدات عبر تويتر: «ان الإغلاق التام صعب. بل هو أصعب على السكان الذين يعانون من استنزاف عاطفي ومالي. من الواضح أنه من المتوقع حدوث تراجع كبير. سيكون الامتثال قضية رئيسية. زيادة المشاركة المدنية من خلال زيادة الوعي العام والتحفيز أمر لا بد منه.»

واشار الى ان بدون الإغلاق، سيزداد الاقتصاد سوءًا مع انتشار الفيروس. ومع ذلك، لا يزال الكثيرون يعيشون جنبًا إلى جنب، وسيقبلون القليل الآن بدلاً من الكثير لاحقًا. الحوافز المالية للشركات والضعفاء هي مفتاح نجاح أو فشل هذا الإغلاق.

إلى ذلك، رأى الامين العام للصليب الاحمر اللبناني جورج كتانة أن كورونا في لبنان بدأ يتزايد مع انفجار الرابع من آب، داعيا الى تجهيز المستشفيات مع الاقفال العام ليتمكّن لبنان من السيطرة على كورونا، لافتا الى ان المشكلة تكمن في وعي المواطن.

وكشف كتانة أن هناك 12 ألف متطوع من بينهم 4250 مسعفًا، بينما عدد الموظفين لا يتخطى الـ10 في المئة.

واعلنت وزارة الصحة العامة ان نتائج فحوص PCR لرحلات وصلت الى بيروت، واجريت في المطار تاريخ 5/11/2020 و6/11/2020 اضافة الى الدفعة الاولى من نتائج فحوص رحلات وصلت بتاريخ 7/11/2020، لافتة الى ان النتائج اظهرت وجود 44 حالة ايجابية.

واعلنت قوى الامن انه بناء لقرار وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي رقم 1358 ينتهي اقفال القرى والبلدات المشمولة به صباح اليوم، مع المحافظة على موعد منع التجول عند التاسعة مساء، وبدءا من الساعة الخامسة فجرا.

واعلن ان رجل الاعمال بيار فتوش (من زحلة) توفي امس من جراء معاناة مع وباء كورونا.

وفي بعلبك، نفذ الجسم الطبي والتمريضي امام مستشفى دار الامل الجامعي في دورس، وقفة تضامنية مع العاملين في القطاع، «وفاء لشهيدة الوطن والواجب» الدكتورة فردوس حسن صفوان، بمشاركة النائب علي المقداد، عضو نقابة المستشفيات الخاصة علي حمد عبد الله، عائلة الشهيد صفوان، المسؤول عن الهيئة الصحية الاسلامية في البقاع عباس معاوية، المسؤول عن الرعاية الصحية في البقاع بلال قطايا، المدير العام لمستشفى دار الامل الجامعي علي علام.

البناء

جريدة البناءبايدن يحسم كرئيس منتخب… وممانعة ترامب لن تصمد… ونتنياهو وابن سلمان آخر المهنئين

باسيل يفضح نظام العقوبات: فاوضوني على السياسة… وأتحدّاهم إظهار ملف فساد

 هل كان تأجيل التشكيلة الحكوميّة بانتظار العقوبات؟… وماذا سيقول السيد نصرالله غداً؟

كتب المحرّر السياسيّ

مع إعلان فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بما يزيد عن الـ 270 مقعداً في المجمع الانتخابي اللازمة لدخول البيت الأبيض، رغم استمرار فرز الأصوات في عدد من الولايات وإعادة احتسابها في ولايات اخرى، ورغم إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب على عدم الاعتراف بالهزيمة وتحضيره لملفات نزاع قضائي تطعن بالنتائج، بات المناخ السائد أميركياً وعالمياً هو التعامل مع بادين كرئيس أميركي مقبل، واعتبار منازعات ترامب قابلة للفكفكة قبل حلول موعد تسلّم الرئيس المنتخب لسلطاته الدستورية في شهر كانون الثاني من العام 2021.

الأصوات الوازنة في الحزب الجمهوري المؤيد لترامب بدأت تتموضع تحت سقف الدعوة للحفاظ على الأصول الدستورية وقبول النتائج، وبعضها المساند لترامب يربط اعترافه بالنتائج بحسمها قضائياً رافضاً بقاء ترامب في البيت الأبيض بعد صدور الأحكام القضائيّة النهائيّة لتثبيت فوز بايدن، والمؤسسات الأميركية الأمنية تتعاطى مع مسؤولياتها تجاه نقل السلطة وفق الأصول ومعاملة بايدن كرئيس منتخب، بينما في العالم تعامل رسمي مع فوز بايدن، خصوصاً من رؤساء وقادة الدول الحليفة لواشنطن، حيث الرؤساء الأوربيون وقادة حلف الناتو كانوا في طليعة مهنئي بايدن، وتريثت بكين وموسكو كالعادة بانتظار النتائج الرسمية، فيما بقي رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى آخر القائمة بين المهنئين.

بين الرابحين والخاسرين، تقف إيران والسلطة الفلسطينية في طليعة الرابحين من رحيل ترامب، حيث لا نقاش يطال رهانات تغييرات في أصل الموقف الأميركي الداعم لكيان الاحتلال، بل النقاش حول مسار العلاقات الأميركية الإيرانية والعودة الى زمن ما كان قائماً في عهد الرئيس السابق باراك أوباما عندما كان بايدن نائباً للرئيس، وكان الاتفاق النووي آخر عناوين هذه العلاقة، قبل أن يُقدم ترامب على الخروج منه من طرف واحد، ومثلها في العلاقات الفلسطينية الأميركية حيث ممثلية فلسطين في واشنطن، وقنصلية أميركية في القدس الشرقية، وإعلان التزام أميركي بحل الدولتين، وبالمقابل يقف نتنياهو وبن سلمان في طليعة الخاسرين، حيث تتوقع مصادر في أحزاب الكيان تسريعاً بسقوط نتنياهو وفتح الطريق لمنافسيه لقيادة السفينة الحكوميّة بما ينسجم مع المتغيّر الأميركي بينما يتحدث أركان حملة بايدن عن حظوظ جديدة لإيهودا باراك أو بني غانتس، مقابل قراءة للمشهد السعودي من دون ابن سلمان، وحديث عن عودة محمد بن نايف الى المشهد السعودي، وعن وقف حرب اليمن ضمن تسوية سياسية يعطلها التشدّد السعوديّ.

لبنانياً، كانت الطلقة الأخيرة قبل الرحيل لإدارة ترامب بفرض العقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، موضوع شرح مفصل من باسيل كشف خلاله تفاصيل المفاوضات التي جرت بينه وبين المسؤولين الأميركيين، وما تضمنته من وعود وإغراءات إذا استجاب للمطالب الأميركية السياسية وفي طليعتها فك العلاقة التحالفيّة مع حزب الله، ملمحاً في حديثه لعلاقة ملف ترسيم الحدود وتوطين اللاجئين الفلسطيين وبقاء النازحين السوريين كعناوين للمطالب الأميركية التي رفض باسيل تلبيتها، رغم وضوح الرسائل الأميركية بالعقوبات، التي جاءت تحت عنوان تهم بالفساد لم يرد ذكرها خلال المفاوضات، ولم ترد أية إثباتات عليها في قرار العقوبات متحدياً أن يقدم الأميركيون ملفاً واحداً يؤكد مضمون تهم الفساد، مجدداً تمسكه بما وصفه بالحقوق والمصالح اللبنانية، ومن ضمنها العلاقة القائمة على الصدق وتقبل التباينات مع حزب الله.

في الملف الحكومي، تساءلت مصادر متابعة لمسار التفاوض عما إذا كان التأخير ناجماً عن تريث بانتظار العقوبات، وقالت أما وقد وقعت العقوبات فهل ينطلق القطار الحكومي، خصوصاً أن الكلام الذي قاله باسيل يتضمّن خريطة طريق لسقف ما يقبله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تتلخص بثلاث نقاط، الأولى تتصل بعدد الوزراء بما لا يقل عن عدد الحقائب الحكوميّة، والثانية تتعلق باعتماد المداورة الجزئية التي تبقي لكل فريق رئيسي حق الاحتفاظ بحقيبة، على قاعدة بقاء حقيبة المالية للطائفة الشيعية ممثلة بفريق سياسي هو حركة أمل، ما يعني ضمناً تمسك التيار الوطني الحر بحقيبة الطاقة، والثالثة تطال آلية تسمية الوزراء من قبل كتلهم النيابية، وحق رئيسي الجمهورية والحكومة بقبول والرفض حتى الوصول لتسميات مقبولة.

مستقبل المسار الحكومي، والوضع السياسي الداخلي، ومن ضمنه العقوبات الأميركية على باسيل، قضايا تنتظر كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً.

يلقي الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، كلمة عند الثامنة والنصف من مساء الأربعاء المقبل، لمناسبة يوم شهيد «حزب الله» الذي يصادف في 11 تشرين الثاني من كل عام، تاريخ عملية مقرّ الحاكم العسكريّ الصهيونيّ في صور التي نفذها الاستشهادي أحمد قصير. وأفادت العلاقات الإعلامية في الحزب، أن نصرالله سيتطرق في كلمته إلى التطورات السياسية المتصلة بالملف الحكومي والعقوبات على رئيس التيار الوطني الحر، والتي تأتي في سياق المعركة التي خاضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد حزب الله وحلفائه بذرائع مختلفة. وتجدر الإشارة الى أن إطلالة السيد تتزامن مع الجولة الرابعة من مفاوضات ترسيم الحدود في الناقورة التي حدّد موعدها صباح 11 تشرين الثاني الحالي.

وردّاً على العقوبات التي فرضت عليه قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في كلمة ألقاها: «لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني. لا أنقذ نفسي ليهلك لبنان. وهذه الفكرة تلخص ما مررت به في الفترة الأخيرة في علاقتي مع أميركا تجاه حزب الله ولبنان. وأعلن باسيل أنه تبلغ أخيراً من رئيس الجمهورية أن مسؤولاً أميركياً كبيراً اتصل به وطلب منه ضرورة فك علاقة التيار بحزب الله فوراً وثلاث نقاط أخرى وبالحديث كاملاً لم يذكروا كلمة عن الفساد».

وسأل: «لو قبلت بقطع العلاقة مع حزب الله، هل تُزال عني تهمة الفساد؟».

وكشف باسيل أنه سيعمل لتكليف مكتب محاماة بهدف إبطال قرار العقوبات لفقدان الأساس القانوني وطلب التعويض المعنويّ والماديّ، قائلاً: «عندها يكون موعدي مع القضاء الأميركيّ». وأشار الى أن العقوبات الأميركية وقانون ماغنتسكي مخالف لأهم مبادئ القانون الدولي وهو لا يطبّق قانوناً خارج الأراضي الاميركية لأنّه غير مصدّق عليه بأي معاهدة دولية ولا بمعاهدة مع لبنان. وقال: «بالرغم من كل ما حصل مع الإدارة الاميركية هذا لا يمس بعلاقتنا مع الشعب الأميركي ونعتبر الجريمة التي ارتكبتها الإدارة الحالية بحقي والتي سارعت الى الإعلان عنها يوم تأكدت من خسارتها الى الانتخابات الرئاسية يجب التحقيق فيها وبأسبابها».

أما مدى انعكاس العقوبات على باسيل، فإن مصادر قانونية ودستورية تشير لـ«البناء» ان العقوبات وفق قانون ماغنتسكي تعني توجه أي مصرف لبناني إلى دفع باسيل إلى سحب ما لديه من ودائع وموجودات وإنهاء التعامل معه فوراً. مع تأكيدها أن التزام المصارف اللبنانية بالقانون الأميركي مرده خوف القطاع المصرفي من إنزال المصرف على اللائحة السوداء الأميركية، هذا فضلاً عن أنه لن يحوز منذ تاريخ صدور القانون على أي تأشيرة سفر له إلى الولايات المتحدة وربما الى دول أوروبية تربطها اتفاقيات او تفاهمات مع الولايات المتحدة.

ولفتت أوساط سياسية بارزة لـ«البناء» الى أن العقوبات ضد حلفاء حزب الله لن تتوقف عند حدود الوزير باسيل، فهناك لائحة بنحو 20 اسماً ينتمون الى أحزاب حليفة لحزب الله سوف تصدر أسماؤهم تباعاً.

وعلى صعيد الملف الحكومي، من المرجح وفق المعلومات ان يزور الرئيس المكلف سعد الحريري رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم او غداً على أبعد تقدير للبحث في الملف الحكومي الذي يبدو أنه بات يدور في حلقة جديدة في ظل الحديث عن تراجع عن بعض التفاهمات حيال توزيع الحقائب. تتحدّث المعلومات أن وزارة الداخلية سوف تبقى في عهدة الرئيس سعد الحريري ولن تؤول الى رئاسة الجمهورية وتكتل لبنان القوي. وهذا يؤكد أن المداورة قد تسقط لا سيما ان وزارة المال سوف تبقى مع الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر لا يزال متمسكاً بوزارة الطاقة، في حين أن الخارجية والدفاع ستسندان الى رئاسة الجمهورية.

وليس بعيداً اعتبر النائب جبران باسيل أنه يجب الإسراع في عملية التأليف، قائلاً: «نحن مع التسهيل ولم نضع شرطاً واحداً ولم نتمسّك بأي حقيبة. وكل شيء طالبنا فيه اعتماد معايير موحّدة للتأليف. وتركنا الأمور لرئيسي الجمهورية والحكومة لوضع المبادئ والمعايير الواضحة للتأليف».

لكن في المقابل، أكد باسيل أن تساهلهم لن يصل الى درجة منع إعطاء الرأي.

وعن المداورة في الحقائب، رأى باسيل أنه يجب إبقاء بعض الحقائب من دون مداورة، «فإما مداورة للجميع أو مداورة جزئيّة».

وأكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أننا كنا ننتظر حكومة اختصاص على قياس التحديات المصيريّة. فنسمع بتشكيل حكومة محاصصة، بدلًا من حكومة تعتمد المداورة الشاملة في الحقائب الوزاريّة من دون استثناءات، وعلى أساس من الاختصاص والكفاءة».

وقال خلال قداس في كاتدرائية مار مخائيل في الزاهرية في طرابلس إنه «من غير المقبول على الإطلاق أن يسيطر على الحكومة فريقٌ، ويقرّر شكلها فريقٌ، ويختار حقائبها فريقٌ، ويعيّن أسماء وزرائها فريقٌ، فيما الآخرون مهمّشون كأنّهم أعداد إضافيّة». وتوجّه الى السياسيين بالقول: «كفّوا أيّها السياسيّون النافذون عن انتهاك الدستور والميثاق ووثيقة الوفاق الوطني. ما بالكم ترفعون لواء المبادرة الفرنسيّة، وتعملون بعكسها؟ أسّسوا لسلام جديد، لا لثورة جديدة! أسسوا لوطن الدولة الواحدة، لا لوطن الدويلات!».

كما أكد البطريرك الماروني أننا والشعب «نريد حقًّا عدالة تكشف الفساد والمُفسدين، ولكن نريدها عدالة شاملة لا انتقائيّة، عادلة لا ظالمة، حقيقيّة لا كيديّة، قانونيّة لا سياسيّة. لذا نطالب أن يشمل التحقيق في آن كلّ المؤسسات المعنيّة بأموال الدولة والمواطنين: من مصرف لبنان إلى وزارات الماليّة والطاقة والأشغال العامّة والداخليّة والاتصالات والبيئة وسواها، ومن مجلس الإنماء والإعمار إلى مجالس المناطق ومجالس إدارات المصالح المستقلّة، وصولًا إلى جمعيّات مختلفةِ الهويّات الّتي تلقّت أموالًا وبدّدتها».

إلى ذلك كلف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية، تمثيل لبنان في مؤتمر عودة النازحين السوريين الذي سينعقد في دمشق يومي 11 و12 الحالي، بعدما كان القرار أن تتم المشاركة على مستوى سفير لبنان في سورية.

الى ذلك، وفي سياق الخلاف والسجال الدائر بين معراب وبيت الوسط والانتقاد المستمر من وزراء ونواب القوات للرئيس سعد الحريري، لفت الأمين العام لـ«تيار المستقبل« أحمد الحريري، الى أن «نواباً ووزراء سابقين في القوات اللبنانية ينشطون على خط التهجم ضد الرئيس المكلف سعد الحريري في حملة تتم إدارتها من معراب. من الحاصباني الى قيومجيان الى الصديقة مي الى موقع مين قدّا». وتوجّه الحريري، في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي الى «كل الأصوات التي تراهن على الفراغ للوصول الى كرسي بعبدا»، قائلاً: «نحن قدّا في كل زمان ومكان والأخبار الكاذبة لن تبدّل من الحقيقة في شيء».

وأضاف: «يستطيع سمير جعجع ان يحلم بالرئاسة وان يطلب المستحيل سبيلاً للوصول. لكنه لن يحلم بتوقيعنا على جدول أعمال معراب السياسي وغير السياسي، وسنكون بالمرصاد لأي مشروع يقود لبنان الى التحلل والتقسيم والخراب». ولفت إلى أنه «ليس سراً على أي لبناني أنكم تريدون الانتخابات المبكرة بفرضية قلب الطاولة التي لن تقلبها مع الأسف انتخابات مبكرة تعبد طريق الحكيم الى بعبدا».

وبانتظار ما سيصدر عن المجلس الأعلى للدفاع في اجتماعه الذي سيعقد يوم غد الثلاثاء بخصوص خطة التصدّي لفيروس كورونا، أعلن وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب أن الدروس تتوقف حضورياً في المؤسسات التربويّة الرسميّة والخاصة اليوم وغداً ويستكمل التعلّم عن بُعد خلال اليومين المحددين حسب الوسائل المتوافرة لكل مؤسسة تعليمية، على أن تبقى المدارس والمعاهد ومراكز الإرشاد ودور المعلمين مفتوحة لتأمين العمل الإداري، وتعتمد المداورة في الحضور بين افراد الهيئة الإدارية لتأمين متطلبات استكمال التسجيل والتدريس عن بعد.

وكانت الوزارة أعلنت تسجيل 1139 إصابة جديدة بفيروس كورونا في لبنان ما رفع إجمالي الإصابات الى 94236، اضافة الى 10 حالات وفاة.

المصدر: صحف