الصحافة اليوم 23-2-2021 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 23-2-2021

الصحافة اليوم

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 23 شباط 2021 على رحيل المناضل اللبناني والعربي “انيس فلسطين”  انيس النقاش، والازمة الحكومية وتحذير الرئيس بري من مخاطر الميوعة والتصلب في مواقف الافرقاء السياسيين.

الاخبار

انا ابن فلسطين ما هتفتُ لغيرها

أنيس النقاش وحلم «وحدة الجهاديتين»

ابراهيم الأمين

جريدة الاخبارفكرة أن فلسطين تحتاج الى كل جهد ممكن، جعلت أنيس النقاش يفكر في كل ما هو صعب وحتى مستحيل. واحد من الامور التي أخذت من عقله وبحثه من دون الوصول الى جهد متكامل، فكرة مواجهة الفتنة الاميركية في العالم الاسلامي بمشروع سمّاه «وحدة الجهاديتين».

كان أنيس حاسماً في تبنّيه لموقع الثورة الاسلامية الايرانية والقوى المقاومة الملتصقة بها في مشروع تحرير فلسطين. كان من الذين بكّروا في اعتبار الجهادية الاسلامية الشيعية ركناً اساسياً في معركة التحرير الكبرى. وهو لم يكن يشعر بأن طبيعة العقيدة التي حكمت الثورة في ايران ستكون مانعاً امام قيام تحالف عربي – إسلامي، ليس بالمعنى الجغرافي أو العرقي، بل بالمعنى العقائدي، أي بإمكان قيام تحالف بين معتنقي الفكر الجهادي الاسلامي ومعتنقي الفكر القومي العربي، وأن بمقدور هذا التحالف أن يمحو فكرة هواجس الاقليات الطائفية أو حتى العقائدية، ويتيح قيام جبهة كبيرة تنتشر على طول العالم العربي والاسلامي وتتيح الوصول الى آلية تنهي حكماً الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وتحرر العالم العربي من أنظمة تابعة للاستعمار الغربي.

ما استجد امام أنيس وآخرين كتحدٍ، هو ما رافق صعود الجهادية السنية مع خروج مجموعات كبيرة من رحم الاخوان المسلمين أو الفرق السلفية وانضوائها في معارك ذات طابع تحرري. لم يكن أنيس معجباً على الاطلاق بالتحالف بين تنظيم القاعدة والحكومات الغربية في مواجهة الاتحاد السوفياتي، لكنه كان مقتنعاً بأهمية حصول تحولات كبيرة تقود الى جعل «القاعدة» منخرطاً بصورة مباشرة في المعركة الكبرى ضد الاحتلال الاميركي وضد إسرائيل على وجه الخصوص.

ومع تعزز وجود تنظيم «القاعدة» ونفوذه بين قواعد الشباب الجهادي السنّي، وأمام تخاذل القيادة التقليدية للقوى الاسلامية السنية، جاءت غزوة 11 ايلول وما تلاها من معارك كبرى في العراق وأفغانستان ومناطق أخرى من العالم العربي والاسلامي. لم يكن أنيس ليبرر ما قام به «القاعدة»، خصوصاً ضرب أهداف ذات طابع مدني، لكنه لم يكن ليدين مثل هذه الاعمال إن كانت تصعّب على الاميركيين معاركهم ضد الشعوب العربية والاسلامية. وما تبادر الى ذهنه في ذلك الحين، هو كيفية استغلال المواجهة بين الغرب بقيادة أميركا وحلفائها العرب، وبين تنظيم القاعدة بفروعه كافة، من أجل جرّ الحركة الجهادية السنية الى قلب المواجهة مع اسرائيل أولاً، بالتوازي مع مواجهة مركزة ومنسقة ومدروسة ضد قوات الاحتلال الاميركي في العراق أو أي منطقة اخرى من العالم العربي والاسلامي.

في تلك السنوات التي ضجت فيها النقاشات الصعبة، كان أنيس يطرح الاشكالية الصعبة والمعقدة، بل المستحيلة، وكان سؤاله: ألا يمكن لعنوان تحرير فلسطين أن يكون هو منطقة التفاهم المشتركة بين الجهاديتين السنية والشيعية، ما يجعل العالم كله ينشغل في مواجهة اقوى جبهة عربية – اسلامية من شأن توحدها هزيمة الاحتلال الاميركي واسقاط عروش الانظمة العميلة للغرب والشروع في خطوات كبيرة نحو تحرير فلسطين؟

كان له على الدوام ما يرويه من تجارب تؤكد أنّ تبدّل حمَلة الرايات لا يلغي أن القضية الاساس تبقى إزالة إسرائيل

سيكون من الصعب اليوم استعادة كل النقاشات التي جرت حول هذه الفكرة في كل الاماكن والعواصم والعقول المعنية. لكن أنيس، الذي أحزنه السلوك غير المنطقي للتنظيمات السلفية في العراق وسوريا والجزيرة العربية، لم يكن شديد السرور بحالة «التقوقع» التي ظهرت على قوى شيعية في العراق تحديداً. وكان نقاشه وسجاله عنيفَين مع هؤلاء، وحتى مع الايرانيين وحزب الله. وكان يرى في التطرفين خطراً مشتركاً فيه أهوال تفوق بكثير أهوال أي تحالف جهادي بين الفرقتين المقاتلتين عند الجهاديين السنّة والشيعة.

لم يكن أنيس متهوراً كما يعتقد بعض من كان يسمع صوته مرتفعاً. لكنه مات وهو يرفض منطق التسويات الجانبية في هذه المنطقة أو تلك. وكان البارز في محطته السياسية الاخيرة، اقترابه من منطق التلازم بين شعاري التحرير والتغيير الداخلي. ولم يكن يقبل او يبرر الصمت على موبقات حكومات وانظمة وقوى وشخصيات لمجرد انها تعلن تأييدها للمقاومة. ولم يكن يخفي حماسته ودعمه لفكرة العمل المقاوم الداخلي بموازاة المعركة الكبرى في مواجهة جيوش الاحتلال والاستعمار. وهذا ما جعله يبدو في بعض الاحيان كمن أخذ مسافة من الاستراتيجيات الكبرى، علماً بأنه لم يفته يوماً، أن حماية قدرات المقاومة وقوتها في لبنان وفلسطين يجب أن تبقى أولوية رئيسية، لكنه كان يؤمن بوجود إمكانية لمواءمة ما، بين فكرتي التحرير والتغيير، ولو تطلب الامر بعض التضحيات وبعض القسوة ايضاً.

شكّل المناضل الاممي أنيس النقاش حلقة واصلة بين ثلاثة أجيال شاهدة على المعركة الكبرى في وجه الاحتلال الصهيوني وداعميه وحلفائه في المنطقة والعالم. وكان له على الدوام ما يرويه من تجارب تؤكد أن مواجهة الاستعمار هي الثابت الوحيد، وأنّ تبدّل حمَلة الرايات لا يلغي أن القضية الاساس تبقى إزالة إسرائيل باعتبارها مصدر الشرور التي تصيب شعوبنا.

رحل أنيس فجأة، لكن أفكاره السجالية ستبقى حاضرة من زاوية حث الناس على التفكير كل يوم، في ابتداع آليات وأطر وطرح افكار تجمع شمل الأمة، وتقودها نحو نصر أكيد.

أنيس نقاش… وُعودُ العاصفة

«كان عمري سبع سنوات عندما شاركت للمرة الأولى في تظاهرة تضامنية مرت قرب مدرستي، المقاصد، مع المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، بعد صدور قرار من سلطات الاستعمار الفرنسي بإعدامها. وصلت المسيرة الى ساحة الشهداء ولم أعرف بعدها كيف أعود الى منزلي». كانت هذه المشاركة الخطوة الأولى في مسيرة أنيس النقاش النضالية، التي كثيراً ما قادته بعيداً عن منزل العائلة والأحبّة، وهو من قضى عشر سنوات في السجون الفرنسية بعد محاولة اغتياله لشهبور بختيار، آخر رئيس وزراء لشاه إيران، في فرنسا في 1980. في سنة 1968، وكان في الـ16 من العمر، وبينما كان يقوم بواجب العزاء في بيت أحد الجيران، سمع قصة سيدة فلسطينية من مخيم شاتيلا تعرضت للاعتقال والتعذيب من قبل المكتب الثاني اللبناني آنذاك، الذي كان يلاحق ابنها العضو في حركة فتح. صعق أنيس لما سمعه، وقرر الذهاب مع أصدقاء له لزيارة المخيم ومعرفة المزيد عمّا جرى. «ما رأيتُه في المخيم، ومن أحوال أهله، كان كافياً لأقرر الانضمام إلى فتح. كان لفتح تنظيم ناشط في «المقاصد»، وأصبحت بسرعة أحد أعضائه البارزين». فلسطين أضحت قضية أنيس الأولى والأخيرة، حمل السلاح في صفوف ثورتها وأسهم في جميع معاركها، وجمعته بقادتها وكوادرها ومناضليها صلة أخوية وروحية، إلى درجة أنه قال، بعد خروجه من السجن، ومضيّ سنتين على اغتيال القائد الرمز خليل الوزير: «لقد فقدت أبي الثاني». لكن فلسطين لم تكن بنظر الأخ مازن، وهو الأسم الحركي لأنيس في فتح، مجرد قضية شعب شرّد من أرضه من قبل استعمار استيطاني إحلالي، بل الساحة المركزية في صراع شعوب المنطقة العربية والإسلامية ضد الهيمنة الإمبريالية الأميركية والغربية، وجزءاً لا يتجزأ من نضال شعوب العالم الثالث ضد هذه الهيمنة. هذه الاقتناعات قادته، بين أسباب أخرى، إلى المشاركة مع مناضلين أمميين بينهم كارلوس، في عملية احتجاز وزراء نفط دول «أوبك» في فيينا عام 1975، وإلى التماهي الكامل مع الثورة الإسلامية في إيران التي كان بين أسبابها تحالف نظام الشاه مع الكيان الصهيوني.
فلسطين، كعنوان لمعركة تحرير المنطقة من الهيمنة الإمبريالية، جمعت أنيس النقاش بالشهيد محمد صالح الحسيني وبمحسن رفيق دوست ومحسن رضائي وجلال الفارسي وغيرهم من كوادر الثورة في إيران وقادتها. وقد اتضح مع مرور الزمن، وثبات الجمهورية الإسلامية على موقفها المبدئي من القضية الفلسطينية وخيار المقاومة ومناهضة السيطرة الإمبريالية على المنطقة، والأثمان الباهظة التي تكلفتها وما زالت نتيجة لذلك، دقة رؤيته وصوابيتها. وقد توثقت علاقته بعد خروجه من السجن في فرنسا سنة 1990 بقادة المقاومة الإسلامية في لبنان، وفي مقدمتهم الشهيد الحاج عماد مغنية، بعد أن عرفهم في مقتبل شبابهم في أواخر السبعينيات، ورأى في تجربتهم العسكرية والسياسية استمراراً متطوراً لتجربة المقاومة الفلسطينية، ونموذجاً يُحتذى في فلسطين وبقية بلدان المنطقة التي تعرضت للغزو والاحتلال كالعراق وجزء من سوريا.
لقد آمن الأخ مازن بوعود العاصفة، الثورة الفلسطينية ممثلة بفتح عند انطلاقتها، حاله كحال آلاف المناضلين والشهداء الفلسطينيين واللبنانيين والعرب والأمميين، الذين قدموا تضحيات هائلة من أجل تحرير فلسطين والمنطقة من براثن السيطرة الغربية – الصهيونية، وتحقيق تطلعات شعوبها في الوحدة والنهضة والعدالة الاجتماعية. وهي ستبقى نصب أعين الأحرار والقوى الحيّة في هذه الأمة حتى تحققها.

الوداع الصعب يا «أنيس» فلسطين

رحل أنيس نقاش على يد كورونا، وهو الذي نذر نفسه ليرحل شهيداً طوال خمسين عاماً من حياته مناضلاً مجاهداً وبوصلته متّجهة إلى فلسطين. ولم يبدّل تبديلا. فهو شهيد بنيته بالرغم من غدر كورونا اللعين.

مثّل أنيس نقاش جيلاً من اللبنانيين والعرب، جعل بوصلته النضالية تحرير الأمة ووحدتها ومقاومة الهيمنة الإمبريالية الأميركية من خلال الانخراط في الثورة الفلسطينية، ليس دعماً للشعب الفلسطيني فحسب، وإنما أيضاً، بل وأساساً، باعتبار قضية فلسطين لبنانية – عربية، سواء بسواء كما هي بالنسبة إلى الفلسطيني.

عندما بدأ أنيس نقاش رحلة العمر الكفاحية من خلال الانخراط في فتح والثورة الفلسطينية، لم يكن هنالك شيء اسمه منظمة التحرير الفلسطينية «الممثل الشرعي والوحيد»، وإنما كان فقط هنالك قضية فلسطينية، باعتبارها قضية العرب الأولى والمركزية. وكان هنالك منظمة التحرير الفلسطينية، والفصائل الفلسطينية، التي تعتبر في منطلقاتها: فلسطين جزءاً من الوطن العربي، والشعب الفلسطيني جزءاً من الأمة العربية. بل كان من المستهجن ذكر النظرة القطرية القائلة: بـ«الفلسطنة» فلسطينياً، أو التي تعتبر الانتساب القطري، في الأقطار العربية، هو انتساب للقطر أولاً. وما كان لأحد أن يردّدها، إذ كان جيل أنيس نقاش من لبنانيين وعرب يردّون عليها بقوّة ليس بلغة القلم واللسان، وإنما بلغة الفعل وبذل الدم ونيل الشهادة في القتال ضد العدو الصهيوني.

كان جيل الشباب الذين في عمر أنيس نقاش، والمتطلعون إلى التغيير والنهضة والتحرر والعدالة الاجتماعية، وكان أنيس في المقدمة، يجدون الطريق إلى الثورة في بلادهم أو في البلاد العربية تمر عبر الكفاح من أجل فلسطين. فهم أصلاء في الثورة الفلسطينية كأيٍّ من أبنائها الفلسطينيين. بل يمكن القول إن أنيس نقاش وأبناء جيله، وبعضهم لم يصل إلى العشرين عاماً بعد، قد أخذوا يقودون التظاهرات ويعبئون زملاءهم في الثانويات ليذهبوا إلى مراكز التدريب، ويتوجهوا جنوباً للمشاركة في صدّ أي عدوان صهيوني في أوائل السبعينيات على العرقوب أو كفرشوبا وغيرهما من القرى والبلدات.

أنيس نقاش كان بارزاً ومتميزاً بهذا النموذج الشبابي الممتلئ وعياً ثورياً، والمترفّع عن كل مصلحة ذاتية تبحث عن مستقبل من خلال شهادة علمية، أو من خلال عمل في دولة من دول الخليج. لقد أصبح المستقبل الشخصي كله خاضعاً للثورة الفلسطينية، وما يتبع ذلك من تضحيات واستشهاد.

وكنتَ في ذلك الوقت، إن سألت عن أنيس لوجدتَه جاء إلى بيروت وغادرها إلى الجنوب، أو الجبل، في الحرب الأهلية، فهو دائماً هنا وهناك وهنالك. فنشاطه كان ليل نهار لا يكلّ ولا يملّ. وكان طوال حياته ممارساً وقائداً ميدانياً، إلّا في العشر سنوات التي قضاها في السجن لتأخذ نشاطيته جولات في الثقافة دراسة وتعلّماً وقراءة وتثقفاً، ليعود بعدها مع التقدم في بداية الأربعينيات من عمره، ليصبح من المناظرين في أجهزة الإعلام والندوات السياسية بما يمسّ الفلسفة، وعلم السياسة والحرب، وإدارة الصراع والاستراتيجية. وقد أخذ اهتمامه بالبعد الأمني مساحة واسعة من وعيه ونشاطه واهتماماته.

أنيس نقاش كان من الأوائل الذين التقطوا أهمية الثورة الإسلامية في إيران. لا من ناحية أهميتها بانتزاع إيران من براثن طاغوت الشاه والإمبريالية الأميركية فحسب، وإنما أيضاً وبالدرجة الأولى باعتبارها ثورة حضارية أعادت للإسلام مكانته في السياسة الدولية. وقد ركز وبصورة مبكرة وعياً يدرك أهمية الثورة الإسلامية في إيران بالنسبة إلى القضية الفلسطينية. وهذا الوعي هو الذي ذهب بأنيس نقاش إلى أن يصبح رمزاً عربياً لبنانياً فلسطينياً، يشارك في الجهد الثوري الذي وضعته إيران منذ اليوم الأول من ثورتها في الوقوف مع فلسطين ومواجهة العدو الصهيوني.

لقد أثبتت عشرات السنين أن الجمهورية الإسلامية من جهة، والمقاومة الإسلامية في لبنان من جهة أخرى، ومدهما يد التعاون والتشارك والدعم للمقاومة الفلسطينية، ونصرة القضية الفلسطينية، أن إيران بقيت الدولة الوحيدة في العالم التي لا تعترف بالكيان الصهيوني وشرعية وجوده في فلسطين، بل أصبحت اليوم العدو الأول، في نظر أميركا، للكيان الصهيوني. بل أصبحت المعركة المفتوحة الآن بين أميركا والكيان الصهيوني من جهة، ومحور المقاومة من جهة ثانية، هي التي ستقرر مصير فلسطين والمنطقة لعشرات السنين القادمة. الأمر الذي يثبت أن أنيس نقاش – بوجوده في قلب المعركة في فلسطين، ومن أجل فلسطين، سواء أكان موقعه في لبنان أم ضمن محور المقاومة عموماً، ولا سيما إيران وسورية – كان نافذ النظرة محافظاً على البوصلة الحقيقية المصوّبة إبرتها إلى القدس ويافا وحيفا وعسقلان.

فرحمة الله على أنيس نقاش، وأسكنه فسيح جنانه. وقد خسره لبنان وخسرته فلسطين، وخسره محور المقاومة.

القاضي عقيقي يصحّح خطأه… بخطيئة: جميع المتظاهرين إرهابيون!

 

ادّعى مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على ٣٥ مدعى عليه من متظاهري طرابلس بموجب مادتين معلّقتين قانوناً (لا يُعمل بهما) مع مواد أخرى خارجة عن صلاحيته، كتحقير رئيس الجمهورية، وأحالهم على قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل. غير أنّ باسيل، وقبل أن يُنهي الاستجواب، اكتشف الخطأ، فأحاله على النيابة العامة العسكرية لتصحيحه. لكن الأخيرة أعادته مع ادعاء مشدّد بجرائم الإرهاب وجناية السرقة، ضد جميع الموقوفين. القاضي فادي عقيقي صحّح خطأه بخطيئة

المتظاهرون في طرابلس ليسوا إرهابيين. مهما كيل من اتهامات ضدّهم، فإنّها لن تُظهرهم بما ليسوا عليه. ورغم ادعاء مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على ٣٥ مدعى عليهم بجريمة الإرهاب، وهي وصمةٌ يريد القاضي فادي عقيقي إسقاطها لترهيب باقي المتظاهرين، مع أنّه لم يكتف بها، بل أضاف إليها تهمة جناية السرقة بحق جميع المتظاهرين، لكنه لن ينجح في تكريسها. وهذا الادعاء بغوغائيته يُشكّل تطوراً خطيراً في قمع الاحتجاجات الاجتماعية ويتجاوز الخطوط الحمر للحريات العامة.

كان الموقوفون يخضعون للاستجواب قبل أن يرتكب عقيقي خطأً ناجماً عن جهل تام بالقانون، بحسب وصف أحد المحامين، عبر ادّعائه على جميع الموقوفين بموجب المادتين ٣٠٩ و ٣١٠ من قانون العقوبات المتعلقتين بتشكيل عصابات، علماً بأنّ القانون يُعلّق بصورة مؤقتة تطبيق المواد من ٣٠٨ إلى ٣١٥ من قانون العقوبات. ادعى القاضي عقيقي بموجب هاتين المادتين، على الرغم من أنهما من المواد المعلّقة بحسب القانون، وأحال الملف مع الموقوفين إلى قاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل. كان هناك 24 موقوفاً في الملف (من أصل ٣٥ مدعى عليهم)، استجوب باسيل 23 منهم ما عدا الأخير لكونه مصاباً بكورونا ليترك ستة موقوفين بسند إقامة. وبعد انتهائه من الاستجواب، تنبّه قاضي التحقيق إلى الخطأ في الادعاء، ومع أنّه لم ينه استجواب الموقوفين، أعاد الملف إلى النيابة العامة العسكرية لتصحيح الخطأ بالادعاء. غير أنّ النيابة العامة ردّت الملف بعد تصحيح الخطأ، كمن يقوم بإجراء انتقامي، بحيث شدّدت الادعاء وتوسّعت به بموجب المادة ٣٣٥ من قانون العقوبات (تشكيل جمعية أشرار)، معطوفة على المادتين الخامسة والسادسة من قانون الإرهاب التي تصل عقوبتها القصوى إلى الإعدام. ليس هذا فحسب، بل أضاف إليها جناية المادة ٦٣٨ من قانون العقوبات المتعلّقة بالسرقة على خلفية قيام أحد الموقوفين بسرقة بوّابة حديدية من السرايا حيث باعها لبائع خُردة. هذا الفعل اعتُبر جناية. واللافت أن عقيقي لم يُميّز بين موقوفٍ وآخر، بل شمل الجميع.

الوصي على القانون ارتكب عدة مخالفات. ادعى بموجب مواد قانونية معلق العمل فيها، مع أن واجبه الاطلاع قبل الادعاء. كما أنّه اعتبر أفعال جميع الموقوفين متساوية ومشمولة بأوصاف الإرهاب والسرقة، مع أنّ واجبه كان يفرض عليه إن كان قد قرر الادعاء على ٣٥ شخصا أن يُحدِّد من منهم ارتكب جرم الإرهاب ومَن منهم ارتكب جرم السرقة. هكذا بات جميع المتظاهرين الموقوفين متهمين بجرم الإرهاب والسرقة.

في هذا السياق، يقول المحامي مازن حطيط لـ «الأخبار»، وهو أحد المحامين المكلّفين من نقابة المحامين في بيروت بالدفاع عن الموقوفين: «هذه المرة الأولى التي نصادف حادثة كهذه منذ العام ٢٠١٥، تاريخ بدء متابعة هذه الملفات». حطيط الذي يستغرب عدم اطلاع مفوّض الحكومة على القوانين يؤكد لـ«الأخبار»: «لقد دأب مفوّض الحكومة على الادعاء بشكل عشوائي على الموقوفين من دون الرجوع الى النصوص القانونية المرعية الإجراء»، معتبراً أنّ «ما حصل محاولة لشيطنة أي تحركات مطلبية مستقبلاً، بالرغم من أن النيابة العامة العسكرية لم تتحرك، مثلاً، بعد حادثة الليلكي الاخيرة، التي ذهب ضحيتها قتيل، واستُخدمت فيها قذائف آر بي جي». وأضاف حطيط قائلاً: «جرم جناية السرقة الذي عاود القاضي عقيقي الادعاء بموجبه يخرج عن صلاحية المحكمة العسكرية»، معتبراً أنّ «من الواضح استشعار مفوّض الحكومة أنّ قاضي التحقيق كان يتجه لترك الموقوفين، ما دفعه إلى التشدد بالادعاء الجديد، خاصة أنه لم تبرز معطيات جديدة في الملف تجيز له ذلك».

تجدر الإشارة إلى أنّ مواد الادعاء التي ادُّعي فيها، إضافة إلى الإرهاب، هي محاولة القتل وإضرام النار (المادة ٥٨٧) وتشكيل عصابات مسلحة (المادة ٣٠٩-٣١٠) ومعاملة قوى الأمن بالشدة (المادة ٣٨١) والمشاركة في تظاهرات شغب (المادة ٣٤٥-٣٤٦) وأعمال التخريب (المادة ٧٣٠-٧٥١) وتحقير رئيس الجمهورية (المادة ٣٨٤).

«الطاقة» تطلب سلفة خزينة لـ«الكهرباء»: لا أموال لشراء الفيول بعد نهاية آذار

 

صار الحديث عن العتمة يومياً. مع كل أزمة يحضر شبح العتمة مجدداً. وهذه المرة كان الموعد مع نفاد الأموال المخصصة لشراء الفيول. الوزير ريمون غجر يسعى منذ أسبوع إلى تأمين التوافق السياسي على إقرار قانون يسمح بإعطاء «كهرباء لبنان» سلفة خزينة مخصصة لشراء المحروقات. حتى اليوم لم تُنجز المهمة. والمؤسسة تشير إلى أن سلفة العام الماضي تكفي حتى نهاية آذار. بعد ذلك، لن يكون بالإمكان شراء الفيول إذا لم تقر السلفة. لا أحد يملك حلاً بديلاً، ولا أحد يمكنه أن يتحمّل مسؤولية العتمة، ولذلك فإن المرجّح أن الوقت وحده سيسمح بتخطّي موانع إقرار السلفة

تنص المادة 13 من مشروع موازنة 2021 على إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة بقيمة 1500 مليار (حد أقصى) مخصصة لتسديد عجز شراء المحروقات وتسديد فوائد وأقساط القروض لصالح المؤسسة. لكن المشروع لن يبصر النور في الموعد الدستوري، أي قبل نهاية 2020، أو قبل نهاية شهر كانون الثاني، في حال لم يكن مجلس النواب قد أنهى مناقشتها. المهلتان تم تخطيهما، وبالرغم من أن رئاسة مجلس الوزراء أحالت المشروع، المعدّ من قبل وزارة المالية، إلى الوزراء للاطّلاع عليه وإبداء ملاحظاتهم، إلا أن أغلب المطّلعين على المسار القانوني والسياسي، يستبعد أن يكون المجلس النيابي سيقر القانون، لأسباب عديدة، ليس أبرزها تفضيل معظم الكتل انتظار الحكومة الجديدة لإعداد موازنة تتلاءم مع برنامجها.

هذا كلام في السياسة لا في الدستور، لكن النتيجة واحدة: لا موازنة عامة في الأفق. وهذا يعني أن كهرباء لبنان لن تحصل على سلفة لشراء الفيول قريباً. تلك مشكلة لم يُعالجها قانون الصرف والجباية على القاعدة الاثني عشرية، الذي أقرّه المجلس النيابي الشهر الماضي. فالسلف غير مشمولة بالقاعدة الاثني عشرية، وبالتالي لا بد من إقرارها مجدداً. لكن لأن الموازنة في خبر كان، قصد وزير الطاقة ريمون غجر عين التينة في 17 شباط الحالي لبحث الأمر مع الرئيس نبيه بري. الخبر الرسمي يقول إنه تم التباحث في الاوضاع العامة وشؤون متصلة بقطاع الكهرباء وعمل وزارة الطاقة. تفصيلاً كانت الغاية من الزيارة واحدة: الطلب من رئيس المجلس النيابي الموافقة على تمرير قانون يجيز إعطاء سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 1500 مليار ليرة، لكي تتمكن من الاستمرار في شراء الفيول لزوم معامل الإنتاج. لكن الرئيس نبيه بري كان واضحاً ومباشراً في رفض الطلب، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن يذهب إلى إقرار 1500 مليار ليرة، فيما البلد في حالة إفلاس، والحكومة لا تزال عاجزة عن حسم مسألة ترشيد الدعم. كذلك أحال غجر إلى رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن مفتاح الحل هو تأليف الحكومة. وأكثر من ذلك، بعدما سأل عن تاريخ نفاد السلفة، قال بري: من هنا حتى نيسان، إذا لم تؤلّف الحكومة، فلن يكون هنالك لا بلد ولا كهرباء. وبالفعل، لم يتأخر غجر في زيارة الرئيس ميشال عون (19 شباط الحالي) لبحث المسألة معه وإعلامه بنتيجة زيارته لبري. وهذه المرة كان الخبر الموزّع عبر الوكالة الوطنية أوضح، فأشار إلى أنه «تم خلال اللقاء البحث في سبل تأمين استمرار إنتاج معامل الكهرباء للتيار خلال الفترة المقبلة»، إضافة إلى إطلاعه على «الاجراءات التي اتخذتها مؤسسة كهرباء لبنان لإعادة التيار الكهربائي تدريجياً الى المناطق اللبنانية بعد العطل الشامل الذي أحدثته العاصفة الثلجية التي ضربت لبنان».

برّي: إذا لم تؤلّف الحكومة، فلن يكون هنالك لا بلد ولا كهرباء

لم ينته البحث بالمسألة بعد. لكن تحرك غجر كان مرتبطاً بالخشية من احتمال عدم القدرة على شراء الفيول، إن لم تقرّ السلفة الجديدة. فبحسب كهرباء لبنان، السلفة التي حصلت عليها في موازنة العام 2020 لا تزال تُستعمل حتى اليوم؛ إذ إن الانخفاض الشديد في أسعار النفط أسهم في عدم صرف كل السلفة في العام الماضي، أضف أن المؤسسة سبق أن أعدّت برنامج تقنين، يهدف إلى تمديد أجل السلفة قدر المستطاع. وبالفعل، فإن الفوائض أسهمت في تمويل شراء الفيول في كانون الثاني وشباط، كما يُتوقع أن تكفي حتى نهاية آذار، إذا لم تُسجّل أسعار النفط العالمية المزيد من الارتفاع. ماذا بعد ذلك؟ تقنياً، إن لم يُقرّ المجلس النيابي سلفة جديدة، فإن المؤسسة ستكون مضطرة إلى إطفاء المعامل، خاصة أن الوزارة لم تعد مرتبطة بأي عقد طويل الأمد، قد يسمح بتأخير بعض الدفعات، بل هي وفق آلية Spot Cargo تدفع مباشرة ثمن كل شحنة.

هل ستصل الأمور إلى هذا الحد فعلاً؟ تؤكد مصادر معنية أن أحداً لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية العتمة الشاملة، لكنها مع ذلك تشير إلى أن الأمور لن تكون يسيرة. وهي ترى أنه طالما أن تأليف الحكومة بعيد المنال، فإن المخرج سيكون مثلّث الأضلاع، أي يفترض اتفاق الرؤساء الثلاثة على السير به، على أن يكون الإخراج تفصيلاً بعد ذلك (على الأرجح عبر اقتراح قانون يقدّمه نواب تكتل لبنان القوي). لكن المصادر نفسها تتوقع أن لا ينجز هذا الاتفاق إلا في اللحظات الأخيرة.

تجّار اللحوم: احتكار بمباركة «رسمية»!

أمس، أقفل القصابون وأصحاب الملاحم مدخل وزارة الاقتصاد والتجارة اعتراضاً على موافقة الوزير راوول نعمه على «السماح لشركة سليمان للمواشي بعدم بيع المواشي في السوق». كانت هذه العبارة أكثر من كافية لنزول هؤلاء إلى الطريق بعدما خبروا، في الأيام الأخيرة، شحّاً في بيع المواشي في السوق، ما انعكس سلباً على أعمالهم. ما كان يعنيهم، أمس، أن يخرج أحد ويطمئنهم إلى عدم انقطاع مورد عيشهم. المطالب محقة، لكنها ليست كل الحكاية. فهنا بالذات ليست القصة قصة امتناع ظرفي لأحد كبار التجار عن تسليم المواشي للعاملين في السوق، بقدر ما هي استعادة لقصة أصحاب «الكارتيلات» الذين يذكروننا في كل حين باستغلالهم مشروع الدعم للإثراء من جيوب الناس. الحكاية بهذه البساطة.

احتجاح «اللحامين»، أمس، كان تتمة لقصة بدأت الأسبوع الماضي مع قيام الضابطة البيطرية في وزارة الزراعة، بالتعاون مع أمن الدولة، بجولات مفاجئة على مزارع المواشي في عدد من المناطق، بعد شكاوى عن احتكار يمارسه بعض تجار ومستوردي المواشي. وقد تم استدعاء بعض هؤلاء بعد «ثبوت صحة بعض الشكاوى»، على ما تقول مصادر الزراعة. اللافت في الحجج التي قدّمها المحتكرون لتبرير تكديسهم المواشي «المدعومة» في المزارع هو أن تأخر مصرف لبنان في صرف الحوالات المالية، دفعهم إلى الامتناع عن التسليم خوفاً من الخسارة.

وفي التفاصيل، وجّهت إحدى الشركات كتاباً خطياً إلى نعمه تبرّر فيه احتكارها وامتناعها عن البيع خلال اليومين الماضيين بتأخر حقوقها لدى مصرف لبنان، مؤكدة أن «شحنة شهر 2 من عام 2021 موجودة في مزارع الشركة في الشويفات لأننا لم نستحصل على موافقة وزارة الاقتصاد لغاية تاريخه». وتمنّت في نهاية الكتاب على نعمه أن يبادر إلى «حل المشكلة مع مصرف لبنان لتفادي تكرار هذا التأخير تفادياً لأي ضرر معنوي ومادي قد يصيبها خاصة في علاقاتها مع الموردين في الخارج وحفاظاً على سمعتها وشهرتها التجارية».

إثر ذلك، أعادت الوزارة الكتاب مع التأكيد على ما يقوله أصحاب الشركة، مشيرة إلى أن الشركة «لم تستحصل بعد على موافقة الوزارة على طلبها المسجل لدينا رقم 2501/2021 بتاريخ 5 شباط الجاري». ولأنها لم تمنح الموافقة بعد، وجدت الوزارة أنه لا يحق لها «إلزام التاجر ببيع البضاعة المطلوب دعمها إلا بعد أن تستحصل على موافقة الوزارة وبعد التأكد من قيام المصرف المركزي بصرف المبلغ المطلوب بمعاملات الدعم».

وافقت وزارة الاقتصاد على امتناع تجّار مواشٍ عن تسليم بضائع مدعومة

بكتابها هذا، ارتأت وزارة الاقتصاد «شرعنة احتكار تاجر كبير»، على ما يقول أحد المطلعين على القضية. فعلت الوزارة ذلك، وهي على دراية تامة بأن ما يحتكره هذا الأخير اشتراه بأموال الدعم التي تفرض عليه بيعها في السوق بالسعر المدعوم، لا احتكارها لجني أرباحٍ من «كيس» الدعم. كما ارتأت أن يتحكم أصحاب الكارتيلات بلقمة عيش الناس، وهو ما فعله هؤلاء بحرمان السوق من المواشي ما انعكس ارتفاعاً في أسعار اللحوم في السوق، علماً بأن أمراً كهذا يعرّض فاعله للعقاب بسبب مخالفته قانون حماية المستهلك وارتكابه جرم الاحتكار.

وليس بعيداً عن المضمون الذي شرعن فيه نعمه احتكار المواد المدعومة، السؤال هنا: ما الذي يدفع وزارة الاقتصاد إلى الاحتفاظ بمعاملة تحتاج إلى توقيع لمدة 16 يوماً؟ وهل هذه «الإقامة» تأتي تحت عنوان الإهمال أم ثمة عناوين أخرى… مع الإشارة إلى أن «وزارة الاقتصاد كانت قد وافقت على شحنة في المعاملة نفسها للشركة نفسها بقيمة مليوني يورو». فما الذي قد يُقال هنا؟

ما يجب أن يقال هو أن «هذا التصرف خاطئ»، بحسب أمين سر نقابة القصابين ومستوردي وتجار المواشي الحية، ماجد عيد، مستغرباً أن يكون السوق في أزمة فيما «البقر في المزارع». ولئن كان هؤلاء يعتبرون أن ما فعله الوزير «هو حمايتنا كي لا نخسر أموالنا»، ولكن الطريقة التي تصرف بها التجار «مرفوضة». بالنسبة إلى عيد، «مش إذا فيه ملفين عالقين بمصرف لبنان نمتنع عن التسليم، بالوقت اللي عم تحقق فيه ملايين الدولارات من الدعم».

«الدنيا أخد وعطا»، يتابع عيد، ولذلك كان «الأفضل اليوم أن يأخد هؤلاء في الاعتبار أن الوضع ليس بخير». وفي هذا الإطار، يلفت عيد إلى أن بعض التجار يعمدون اليوم مع الدعم «إلى البيع بسعر غير مدعوم»، فلماذا لا يسأل السائلون هنا؟

اللواء

السلطة تعاقب الشعب.. وتحفُّز «لحراك تأليفي» جديد!

جريدة اللواءحلَّت مواجهة السلطة القابضة على مقدرات الدولة، مكان البحث عن حلول للأزمات، مفتاحها تأليف حكومة جديدة، بالرغم من كل النوائب والمصائب التي جلبتها للبلاد والعباد، وللمواطنين، الذين قرروا الخروج اليومي إلى الشارع، من أجل تطبيق القوانين، المتعلقة بمصالح أبنائهم، سواء أهالي الطلاب الذين يدرسون في الخارج، ومهددين بسبب امتناع المصارف عن تطبيق القانون 193، المعروف باسم الدولار الطالبي، أو للمطالبة بالافراج عن الموقوفين في احداث طرابلس، بعد الادعاء عليهم بتهم «الإرهاب وإثارة الشغب»، وصولاً إلى تحرك أهالي شهداء انفجار المرفأ، الذين تسنى لهم الاجتماع مع المحقق العدلي طارق بيطار، بعد تسلمه لمهامه رسمياً، ثم وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، لحثهما على عدم الرضوخ للضغوط، والسير بإنهاء التحقيقات، التي بدأت مع المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان..

وعلى طريقة «كتر النق بيولد النقار» أمضت السلطة في اعتبار التجاذب أو الانتظار هو البديل، فكل يغني على ليلاه.. ويمضي رئيس الجمهورية في إدارة الدولة، واستقبال رؤساء المؤسسات العامة والوزراء، ومتابعة الملفات على اختلافها، بانتظار ان يأتي الرئيس المكلف، أو تنجح المساعي البعيدة عن الأنظار في فتح كوة في «الجدار السميك» الذي يضرب العلاقات الرئاسية، لا سيما الأولى والثالثة، وربما الثانية أيضاً.

وتوقعت مصادر سياسية ان تعاود حركة الاتصالات والمشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت أمس آتياً من الإمارات، لافتة الى ان هذه التحركات تنطلق من ثلاثة جوانب. الاول من خلال المبادرة التي طرحها رئيس المجلس النيابي نبيه بري التي أعتبرها معظم الاطراف مقبولة لتذليل الخلافات القائمة امام تشكيل الحكومة العتيدة باستثناء الفريق الرئاسي الذي لم يبد حماسا تجاهها لانه اعتبر انها لا تطابق مع مطالبه التعجيزية، بينما ادى تفاعل الخلاف المتفاقم بين بري وباسيل الى تجاهل الفريق الرئاسي لهذه المبادرة وعدم إجراء أي اتصال بخصوصها، في حين فاقم الموقف الاخير لرئيس التيار الوطني الحر تجاه مجلس النواب من اتساع حدة الخلافات بين الطرفين والى استياء واضح لدى رئيس المجلس من هذا التهجم على المجلس.

اما الجانب الثاني لهذه التحركات، فهو متواصل وبزخم من قبل بكركي ولن يتوقف عند حدود تجاهله او عدم التعاون الايجابي مع منطلقه لتسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة أو الاعتراض عليه من هذا الطرف أو ذاك. ولعل المواقف الانتقادية الحادة التي يطلقها البطريرك الماروني بشارة الراعي في كل مناسبة ويصوب فيها بوضوح على الذين يعرقلون عملية تشكيل الحكومة، تعتبر اقوى دليل على انه لن يتراجع عن مواقفه هذه حتى إنجاز تشكيل الحكومة العتيدة.

أما الجانب الثالث، فتوقعت المصادر ان يكون من خلال تحرك يقوم به حزب الله باتجاه كل الاطراف، ويجمع فيه بين مبادرة الرئيس بري واقتراح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بزيادة عدد اعضاء الحكومة الى عشرين او إثنين وعشرين وزيرا، في حين ان هذا الاقتراح لم يلق ردودا مرحبة او موافقة عليه من قبل رئيس الحكومة المكلف واطراف مؤثرين.

والاهم في رأي المصادر ان تنطلق كل هذه التحركات من وجود نوايا ايجابية لتسريع عملية التشكيل، اما اذا بقيت هذه العملية رهينة نتائج صفقة الملف النووي بين ايران والولايات المتحدة الأميركية، فهذا يعني ان كل هذه الحركة ستبقى بلا بركة، وولادة الحكومة الجديدة مؤجلة الى حين جلاء مصير الصفقة الإقليمية على حساب لبنان واللبنانيين.

وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن لا دلائل مؤكدة أن حكومة تصريف الأعمال ستنصرف إلى توسيع مهامها لتتخذ إجراءات أو قرارات من صلب مهام الحكومة الجديدة لكن المصادر سألت ماذا لو قامت الحاجة إلى قرار من السلطة التنفيذية في ظل عرقلة ملف تأليف الحكومة.

وأوضحت المصادر أن المسألة مبتوتة بالنسبة لرئيس حكومة تصريف الأعمال لجهة أن المتابعة تتم عبر اجتماعات تعقد حول كل الملفات.

في هذه الاثناء يراوح الوضع الداخلي مكانه سواء بالانشغال بمتابعة حملة التلقيح ضد فيروس كورونا، او لجهة بعض المعالجات المالية، او ردود الفعل على مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وكان آخرها رفض رئيس تيار «المردة» النائب والوزير السابق سليمان فرنجية التعليق على ما ورد في كلام باسيل، واكتفى بالقول لـ «مستقبل ويب»: «لا سمعتو ولا بدي إسمعو … بلا ما ضيّع وقتي».
وذكرت مصادر متابعة لـ«اللواء» ان رد تيار المستقبل على كلام باسيل، لا يعني ان الحريري اقفل الباب امام التشاور الداخلي والخارجي، لا سيما وان المبادرات تتوالى ولا بد من نقاش في مضمونها سواء لجهة القبول او الرفض او التعديل، والرئيس المكلف وحده القادرعلى ان يجيب بنعم أو لا على مبادرة باسيل وسواها، ومنها التحرك الاخير للواء عباس ابراهيم.

 

المصدر: صحف لبنانية