حديث الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش21-5-2021 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

حديث الجمعة لسماحة الشيخ علي دعموش21-5-2021

بسم الله الرحمن الرحيم

 

زوال اسرائيل من الوجود
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَوٰةٍ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِۦ مِنَ ٱلْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ).
شعار ازالة اسرائيل من الوجود الذي رفعه كل من الامام الخميني(قدس سره) والامام القائد (دام ظله) والامام السيد موسى الصدر(اعاده الله بخير) ليس شعارا للاستهلاك، ولا يندرج في سياق التعبئة المستندة إلى الأيديولوجيا والمزايدة على العالم العربي، كما يحلو للبعض ان يقول، بل هو شعار حقيقي وواقعي صدر عن قناعة راسخة ، ويستند الى فهم حقيقة وجوهر الصراع مع الكيان الصهيوني، وانه صراع عقيدي وانساني ومصيري ووجودي، وليس نزاعاً سياسياً أو حدودياً، يمكن حله بالمفاوضات والتسويات والتطبيع، وان هذا النوع من الصراع لا ينتهي إلا بازالة اسرائيل من الوجود، لأن وجودها عنصري عدواني، يخالف المسيرة الانسانية، ويشكل خطراً ثقافياً وحضارياً واقتصادياً وسياسياً على الأمة.
واليوم بعد انتصار المقاومة في غزة ومعها كل فلسطين، وقبلها انتصار المقاومة الاسلامية في لبنان في العام 2000 و 2006 ، لم يعد تحقيق هدف ازالة اسرائيل من الوجود حلما او ضربا من الخيال، بل بات أمرا ممكنا ومعقولا وقابلا للتحقق أكثر من أي زمن سابق، وباتت القدس ومعها كل فلسطين أقرب الى الحرية من أي وقت مضى.
فمع كل مواجهة تخوضها المقاومة مع اسرائيل يتكشف وهن هذا الكيان المزيف وضعفه، وتتأكد نظرية انه أوهن من بيت العنكبوت، وتتعزز مقولة زوال اسرائيل من الوجود، فالمواجهة التي دارت في القدس والمسجد الاقصى وغزة وأراضي 48 بين الفلسطينيين والصهاينة على مدى الايام الماضية، وما سبقها من مواجهات وانتصارات في لبنان وفلسطين خلال المراحل الماضية، والانجازات والانتصارات التي حققتها المقاومة في هذه المواجهة، والهبة الشعبية غير المسبوقة لفلسطيني 48 لا سيما لجيل الشباب، وحجم الارباك الاسرائيلي على المستويين السياسي والامني، وحالة الرعب التي يعيشها الصهاينة في الداخل.. كل ذلك يؤشر الى هشاشة هذا الكيان وضعفه وتصدعه وامكانية زواله.
فالنتائج التي حققها الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في هذه المواجهة الشاملة والمفتوحة فاقت المتوقع، واهمها: اضافة الى إحياء القضية الفلسطينية من جديد وإعادة الحيوية لها في الداخل والخارج بعدما جرت محاولات كثيرة لتصفيتها، واضافة الى اسقاط ما يسمى بصفقة القرن، واحراج أنظمة التطبيع، هو ان الهبة الشعبية الفلسطينية شملت كل الاراضي الفلسطينية، وحولت كل فلسطين التاريخية الى ساحة اشتباك مع الصهاينة، وهذا يحصل لاول مرة منذ قيام الكيان الصهيوني، وقد كان لافتا خروج الشباب الفلسطيني في اراضي 48 ، هذا الجيل الذي كان يراهن الاسرائيلي على ان فلسطين لم تعد تعني له شيئا بعدما تم محوها من ذاكرته وبعدما تم تذويبه واندماجه في المجتمع الاسرائيلي، فاذا به يستعيد هويته وانتمائه الفلسطيني العربي، ويستنهض من جديد، ويستعيد روح النضال، ويتصدر المواجهة .
ولعل اكثر ما أقلق الاسرائيلي، وربما اكثر من القلق الذي أحدثته القدرة الصاروخية للمقاومة، هو دخول فلسطيني 48 على خط المواجهة بهذه الشمولية وبهذا الزخم غير المسبوق ، وقد عبر الاسرائليون عن ذلك في صحافتهم ووسائل إعلامهم بشكل واضح، واعتبروا ما جرى في مناطق 48 من مواجهات وتظاهرات تنطوي على أكثر من رسالة ومؤشِّر، لأن تحوّل المدن المختلطة إلى ساحات مواجهة بين الصهاينة والفلسطينيين، يشير بالنسبة للمؤسّسة الإسرائيلية إلى شيء جديد في ساحته الداخلية. ويمكن أن يتطوّر إلى ما هو أخطر، حيث بدا واضحاً أنّ الفلسطينيين تجاوزوا مرحلة الخوف والوجل، وباتوا يشعرون أنّهم ليسوا لوحدهم، وهو ما سيمنحهم شعوراً بالقوّة والجرأة على المواجهة ، وهذا ما يخشاه العدو في المراحل المقبلة.
اليوم يجب تعميق ثقافة وفكرة إزالة اسرائيل من الوجود، لا سيما لدى جيل الشباب، بعدما دخل هذا الجيل الفلسطيني الشاب الجديد الى ساحة المواجهة مع العدو، وبالامكان الرهان على هذا الجيل في مواصلة هذه المسيرة حتى تحقيق ذلك الهدف الذي هو الهدف النهائي للمقاومة ، وإذا كانت لدى البعض أهداف سياسية بديلة، فإنّ إزالة إسرائيل من الوجود هو هدف المقاومة الحاسم الذي أكد عليه كل قادتها الأحياء والشهداء .
وان طرح الامام القائدالسيد علي الخامنئي(دام ظله) حول الاستفتاء على طبيعة النظام الذي سيحكم فلسطين، وان الشعب الفلسطيني الاصلي بكل اطيافه الدينية والعرقية والقومية هو من يحدد شكل الحكم، لا يتنافى مع طرح ازالة اسرائيل من الوجود، لأن الاستفتاء على طبيعة وشكل النظام الذي سيحكم فلسطين في المستقبل، هو فرع إزالة الكيان الصهيوني والقضاء على دويلة اسرائيل، فهو يأتي في المرحلة اللاحقة وبعد اتمام عملية الزوال، كما انه ليس معنى ازالة اسرائيل ، ازالة اليهود والقضاء عليهم، بل القضاء على الكيان الصهيوني وازالة هذا الكيان، ومحو ما يسمى بدولة اسرائيل من الوجود، اما الشعب اليهودي فله حق في الوجود، وهو موجود في أعرق الدول الاسلامية كايران، ويعيش كما يعيش المسلمون الايرانيون، وله حق المواطنة كأي مواطن مسلم في بلده.
ولذلك يقول الامام القائد(دام ظله) : “إن زوال إسرائيل كعلاج وحيد، لايعني القضاء على يهود المنطقة”، ثم يشير إلى أن إيران قدمت حلاً عملياً أمام المجتمع الدولي للقضية الفلسطينية، من خلال استفتاء يقرر فيه الشعب الفلسطيني مستقبل بلاده، ويقول: “إن هذا الحل سيؤدي إلى زوال إسرائيل من الوجود”.
اليوم انتصار الشعب الفلسطيني في هذه المواجهة يعيد إحياء فكرة إزالة اسرائيل من الوجود، ويؤكد ما قاله الامام السيد علي الخامنئي(دام ظله) في يوم القدس العالمي الاخير: من ان العد التنازلي للكيان الصهيوني لن يتوقف حتى تحقيق ذلك الهدف إنشالله.

المصدر: موقع المنار