الصحافة اليوم 15-6-2021 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 15-6-2021

الصحافة اليوم

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 15 حزيران 2021 على الازمة الحكومية في لبنان والجهود الحثيثة لاستمرار مبادرة الرئيس بري. كما ركزت على موضوع ارتفاع سعر الدولار. وتناولت اقليميا التطورات الفلسطينية المرتقبة.

الاخبار

المصارف «تشفط» الدولارات من السوق

جريدة الاخبارمجدداً، تلجأ المصارف إلى السوق، والمضاربة على سعر الدولار، بهدف تمويل جزء من التزاماتها. منذ أن صدر تعميم مصرف لبنان القاضي برد «نتف» من أموال المودعين (400 دولار نقداً، وما يعادل 400 دولار بالليرة اللبنانية، شهرياً، لمدة عام واحد)، بدأ عدد كبير من المصارف بشراء دولارات من السوق، على حد تأكيد عاملين في القطاع المصرفي، بينهم أصحاب بنوك. وبحسب هؤلاء، كان شراء المصارف دولارات من السوق عاملاً رئيسيّاً في ارتفاع سعر الدولار ألفَي ليرة في أسبوع واحد، من 13450 ليرة يوم 7 حزيران الجاري، إلى 15500 ليرة أمس. وتعني هذه العملية أن البنوك قررت رد جزء من أموال المودعين، عبر الدولارات الموجودة حالياً بين أيدي عموم السكان، بدل اللجوء إلى ما هو موجود لديها!

تشرح المصادر العاملة في السوق أن قرار حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، حجب «دعم الاستيراد» عن عدد من السلع، كما «تقنين» الدعم عن سلع أخرى، دفع بعدد من التجار إلى طلب الدولارات من السوق، ما ساهم في ارتفاع سعر العملة الصعبة. فهؤلاء التجار لا يجدون حاجتهم من الدولارات ــــ سواء تلك اللازمة للاستيراد، أو التي يخصصونها لـ«حماية» أرباحهم عن تحويلها من الليرة إلى العملة الأميركية ــــ في منصة «صيرفة» التي أطلقها مصرف لبنان، فيلجأون إلى دولارات السوق. يُضاف إليهم اتجاه كثيرين إلى تخزين الدولارات ما أمكن، لأنهم يعتقدون بأن قيمة العملة الصعبة سترتفع باطراد مستقبلاً، وخاصة بعد إلغاء الدعم بالكامل.

لكن المصادر المصرفية تجزم بأن ما خلق موجة ارتفاع السعر بقيمة ألفي ليرة في أسبوع واحد، هو أداء المصارف. فجزء كبير من التجار يعوّل على سعر منصة «صيرفة»، كونه أقل من سعر السوق، ويفضّلون انتظار الموافقة على منحهم الدولار بـ 12000 ليرة على شرائه من الصرافين بسعر أعلى. كما أن عملية تحويل الأرباح إلى دولارات لا تزال مستمرة بالوتيرة السابقة نفسها، ولم تشكّل ضغطاً إضافياً على سعر الليرة. وتشير المصادر إلى التزامن اللافت بين بدء تسرّب الأخبار عن تعميم مصرف لبنان بشأن دفع 400 دولار شهرياً للمودعين، وبدء تحرّك سعر العملة الأميركية صعوداً، وصولاً إلى الإعلان رسمياً عن الخطوة الذي شكّل نقطة انطلاق الموجة الجديدة من تحليق الدولار.

المصادر المصرفية تجزم بأن ما خلق موجة ارتفاع السعر بقيمة ألفي ليرة في أسبوع واحد، هو أداء المصارف

وتشرح المصادر بأن المصارف، التي ألزمها تعميم مصرف لبنان بأن تتولى تأمين نصف المبلغ المطلوب دفعه لكل مودع (200 دولار شهرياً، على أن يؤمّن مصرف لبنان النصف الثاني)، قررت اللجوء إلى السوق لتوفير جزء من هذه الدولارات. وهي بدأت جمع الليرات من السوق، لأن الحصول عليها من مصرف لبنان يرتّب عليها كلفة تراها باهظة.

جزء من البنوك (بعضها من أكبر مصارف لبنان) يحصل على الليرات عبر بيع شيكات، بعمولة وصلت مطلع الأسبوع الفائت إلى 9 في المئة (مقابل شيك مصرفي بمليار ليرة، يحصل المصرف من «تاجر العملة» على 910 ملايين ليرة)، قبل أن تنخفض نسبة العمولة إلى 6 في المئة. وهذه الليرات تُخصص إما لتمويل دفع الـ 400 دولار التي سيحصل عليها المودِع بالعملة الوطنية؛ فيما الجزء الآخر يُخصّص لشراء دولارات من صرّافين، لتأمين الدولارات النقدية التي ستُسدّد شهرياً لأصحاب الودائع.

وتشبّه مصادر واسعة الاطلاع في سوق الصيرفة والاتجار بالعملة، ما يجري منذ مطلع الأسبوع الفائت، بما جرى في الأيام الأخيرة من شهر شباط الماضي، عندما تهافتت المصارف على دولارات السوق، مسببة بارتفاع سعر النقد الأميركي بنسبة كبيرة، وبخلق موجة صعود للدولار استمرت لأسابيع. فحينذاك كانت المصارف تريد الحصول على الدولارات، من أجل تأمين نسبة 3 في المئة من الأموال المودعة لديها بالعملات الأجنبية، وفتح حسابات بها في مصارف المراسَلة في الخارج. وبدلاً من اللجوء إلى استخدام الأموال التي أخرجها أصحاب البنوك من لبنان سابقاً، قرروا الضغط على سعر الصرف عبر شراء الدولارات من السوق المحلية. أما اليوم، وفيما سمح لها مصرف لبنان باستخدام جزء مما كوّنته في الخارج (نسبة الـ 3 في المئة) لرد «نتفة» من الأموال للمودعين، قرر كثير من البنوك اللجوء إلى السوق، لشراء الدولارات، بدلاً من «المس» بما بات لديها في المصارف الأجنبية التي تتعاون معها (مصارف المراسلة).

إضافة إلى ما سبق، تتحدّث المصادر عن استمرار عدد صغير من المصارف بشراء الدولارات من السوق، بالوتيرة نفسها التي كانت سابقاً، إما لتمويل ما تسميه التزامات خارجية، وإما في محاولة منها لتأمين حسابات الـ 3 في المئة التي كان ينبغي أن تكوّنها قبل نهاية شباط الفائت!

غضبوني على خطى الفاخوري بحماية القضاء العسكري

لم يُصدر القضاء العسكري قراراً بمنع سفر العميل جعفر غضبوني، العائد إلى لبنان – مدجّجاً بجواز سفر أميركي – عبر مطار بيروت، بعدما غادره عبر مطار بن غوريون في فلسطين المحتلة، منتصف تسعينيات القرن الماضي. الإخبار الذي تقدم به الأسرى المحررون أمام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات لمحاكمة غضبوني ومنعه من السفر، أحاله إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة فادي عقيقي بحسب الصلاحية. وعلمت «الأخبار» أن عقيقي يتحجج بمرور الزمن وعدم وجود ادّعاء سابق في الملف ليبرر عدم إصداره قراراً بمنع سفر العميل.

تزامناً، أقامت هيئة ممثلي الأسرى والمحررين، إضافة الى عدد من الناشطين، وقفة رمزية أمام المحكمة العسكرية أمس، احتجاجاً على السماح للعميل جعفر غضبوني بالسفر من لبنان من دون محاكمة، ورفضاً لعودة أي عميل الى لبنان من دون عقاب. وكان المحامي غسان المولى بوكالته عن الأسرى المحررين عباس قبلان ونبيه عواضة وأحمد طالب وشوقي عواضة ورفاقهم الأسرى المحررين، قد تقدم بدعوى قضائية أمام النيابة العامة التمييزية ضد العميل غضبوني بجرم التعامل مع العدو الإسرائيلي. وقال المولى في حديث صحافي إنه سيتقدّم أيضاً «بعريضة لمنع سفر غضبوني إلى الخارج». وبحسب المولى، فإن «هيئة ممثلي الأسرى والمحررين ستلجأ الى تصعيد تحرّكاتها بدءاً من الاعتصام اليوم (أمس) وصولاً الى اعتصامات أخرى ستنفّذها في المطار أيضاً، وذلك لمنع سفر العميل الصهيوني»؛ وقال: «سيناريو العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري لن يتكرّر في وطن الشهداء والتضحيات في وجه العدوّ».
عقيقي يتحجج بمرور الزمن وعدم وجود ادّعاء سابق ليبرر عدم إصداره قراراً بمنع سفر العميل

بدوره، أشار رئيس هيئة ممثلي الأسرى والمحررين أحمد طالب الى أن «تحرّكات الهيئة تنطلق اليوم لمنع سفر العميل الصهيوني، فنحن لن نسمح بدخول أيّ عميل الى لبنان من دون محاكمة، مهما تفاوت دوره وحجم عمالته». الى ذلك، أصدرت هيئة ممثلي الأسرى والمحررين بياناً أعربت فيه عن «تفاجئها من طريقة إطلاق سراح العميل غضبوني أول من أمس، وكأنه لم يحمل يوماً سلاحاً على أبناء جلدته وعائلته، وكأنه لم يشارك بقمع وقتل المواطنين الأبرياء داخل الشريط المحتل». وأعلنت الهيئة «باسم من تمثل من أحرار قضوا سنوات شبابهم خلف القضبان من أجل كرامة الوطن وتحرير أرضه من يدي العدو الصهيوني وعملائه، لن نقبل بتكرار مهزلة القاضية أليس شبطيني، قاضية العفو عن العملاء، ولا مهزلة ثنائي الذل والعار حسين عبد الله وبيتر جرمانوس، العفو عن جزار معتقل الخيام، وغيرهم ممن استساغ إطلاق سراح كل من يتواصل مع العدو الصهيوني دون مبرر قانوني معتبر».

جوزف عون يلعب بالنار

لم تكن «زلة» بلا قيمة تلك التي وردت على صفحات الجيش اللبناني على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم السبت الفائت، وسرعان ما أزيلت، وجاء فيها: «تمرين تكتي في منطقة جرد العاقورة يحاكي «مهاجمة عناصر مسلحة متمركزة في مركزي قوسايا ودير الغزال» نفذه عناصر من فوج التدخل السادس واستخدمت خلاله الذخائر الحية والخلبية».

الجيش يتمرّن لمهاجمة مواقع للجبهة الشعبية – القيادة العامة، واقعة في السلسلة الشرقية لجبال لبنان. المسألة ليست تفصيلاً، ولا هي حدث منفصل عن النهج السياسي العام المعتمد في قيادة الجيش، منذ عام 2005، وتعمّق في عهد القائد الحالي العماد جوزف عون. عامذاك، وبعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، رمت السلطة السياسية الجيش في الحضن الأميركي. الحضن الأميركي حصراً. تعمّدت سلطة 14 آذار القيام بذلك، ومنعت الجيش من التعاون الجدّي والمجدي مع أي دولة لا ترضى عنها الولايات المتحدة الأميركية. خير دليل على ذلك ما جرى في مسألة الهِبة الروسية عام 2008، عندما قرر فلاديمير بوتين منح لبنان، مجاناً، طائرات حربية مقاتلة من طراز ميغ 29، ودبابات ومدافع، مع أسلحة أخرى وذخائرها كافة. سريعاً، تدخّل الأميركيون لمنع وصول هذه الهبة إلى لبنان؛ فواشنطن ترى أن دخول دولة من خارج دائرة حلفائها على خط دعم الجيش يعني نفوذاً يمكن أن ينافس نفوذها، ولو بنسبة ضئيلة. امتثل أهل السياسة في بيروت للأوامر الأميركية، وأحبطوا العرض الروسي. الذريعة أمّنتها قيادة الجيش، من خلال القول إنه عاجز، لوجستياً ومالياً، عن اقتناء طائرات ميغ 29. وافقت موسكو على استبدال المقاتلات النفاثة بمروحيات، فرُفِض عرضها أيضاً. قيادة الجيش، في عهد العماد جان قهوجي، تناغمت مع السلطة السياسية التي قررت منع أحد، من خارج الحلف الأميركي، من تقديم أي مساعدة ذات قيمة للعسكر اللبناني.

وعلى مدى سنوات، لم تُقرّ الدولة اللبنانية تعديل عبارة في اتفاقية التعاون العسكري بين لبنان وروسيا. ذرائع متعددة ساقتها قيادة الجيش والقوى السياسية، تقاطعت جميعها عند نتيجة واحدة: التعاون العسكري الحقيقي، لا الشكلي، بين الجيش وروسيا ممنوع، بقرار أميركي امتثلت له السلطة السياسية، والتزمت به قيادة الجيش، سواء في عهد جان قهوجي، أم في ولاية القائد الحالي.

القوى السياسية انقسمت إلى ثلاثة أقسام:

الاول، هو فريق 14 آذار، المؤيّد تماماً لرمي الجيش في الحضن الأميركي.

الثاني، هو فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي لم يبذل أي جهد يُذكر لتنويع مصادر تسليح الجيش وتدريبه. كان هذا الفريق يرى في العلاقة بين الأميركيين والجيش باباً للحوار مع واشنطن.

الثالث، حزب الله وفريق 8 آذار، الذي تصرّف كما لو أن المسألة لا تعنيه: «نبتعد عن كل ما يمكن أن يؤثر على صلتنا بالجيش سلباً، كما عن كل ما يمكن أن يستخدمه خصومنا لاتهامنا بالهيمنة على الجيش أو بمنع وصول مساعدات إليه».

في عهد جوزف عون، باتت العلاقة مع الأميركيين أكثر «حميمية» من ذي قبل. يعبّر عنها «الجنرال» في مواقف كلامية وأخرى عملية. منذ ما بعد وصوله إلى «عرش اليرزة»، بدأ جوزف عون خطة عمل لتخفيف السلاح غير الغربي بين الجنود. تعامل معه الأميركيون بصورة يمكنها أن تجعل «البخار يرتفع» في رأس أيّ سياسيّ، فكيف الحال بعسكريّ آتٍ من الميدان إلى حيث السلطة والنفوذ والحظوة والكلمة التي لا تُرَد والصورة التي لا تُخدَش؟

صورة الجيش يصيبها بضرر كبير وجودُ الحليف الأوثق والأول لـ«إسرائيل» في «الكادر» بشكل شبه دائم

في زياراته للولايات المتحدة الأميركية، كان قائد الجيش يُعامَل كزائر فوق العادة. وفي بيروت، نسجت السفارة الأميركية علاقة خاصة ومميزة بعدد من المحيطين بالعماد، وتحديداً بأولئك الذين يثق بهم (وبينهم بعض الذين خرجوا من السلك بالتقاعد، لكنهم ظلّوا في مركز القرار بعقود تعاون أو بـ«المَونة»). شيئاً فشيئاً، صارت «حصة» عوكر في اليرزة تزداد، فيما علاقة اليرزة ببعبدا تتراجع، وصولاً إلى ما بعد 17 تشرين الاول 2019، يوم باتت الشخصيات التي تشكّل «وعاء القرار» في بعبدا ترى في جوزف عون شخصاً يقف في جبهة الخصوم، لا على الحياد حتى.

قائد الجيش لم يبذل أي جهد لنفي التهمة الأميركية عنه. خلافاً لذلك، قام بكل ما يلزم من أجل إثباتها. كلامه بحق السفيرة السابقة إليزابيت ريتشارد لا يمكن أن يصدر عن مسؤول في أي دولة في العالم بحق سفير دولة أجنبية. اتهمها بأنها أينما ذهبت، فهي تحمل في قلبها حب الجيش اللبناني وهمّه. لم يبالغ قائدُ الجيش في قوله ذاك، رغم أن سفير أيّ دولة سيُطرد حتماً من عمله في حال رأت حكومته أنه يحمل همّ الدولة التي يعمل فيها. هو لم يبالغ، إذ إنه كان يصف نظرته إلى السفيرة الاميركية لا واقع حالها. هي التي وصلت دالتها على اليرزة إلى حدّ «منح الإذن» بفتح الطرقات بعد 17 تشرين 2019، عندما استشعرت السفارة خطر بقاء الطرق مقفلة في «المناطق المسيحية» حصراً. أما قبل ذلك، فكانت في اتصالاتها اليومية مع «مكتب القائد» تحذّر من «أي مس بالمتظاهرين السلميين».

مع خليفة ريتشارد، دوروثي شيا، لم تكن «الهرقة» أقل مما كانت مع سابقتها. من دون أدنى تفكير في العواقب المعنوية، تنشر قيادة الجيش صوراً للسفيرة شيا في حفل تخريج دورة تدريب قوات خاصة (لبنانية طبعاً)، وصوراً أخرى لها من قلب غرفة عمليات أثناء تدريبات مشتركة مع الجيشين الأردني والأميركي. بات وجود السفيرة الأميركية في اليرزة طاغياً إلى حدّ أن أحد المتابعين كتب ممازحاً بأنها «تداوِم في اليرزة أكثر مما تداوم في عوكر».

العلاقة مع الأميركيين وحلفائهم لا تقتصر على الصورة. أعمالهم على الحدود اللبنانية – السورية، وزياراتهم إليها (آخرها جولة قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكنزي على الحدود في آذار الفائت)، تكشف أن لبنان إنما ينفّذ هناك ما يريده الأميركيون (البريطانيون يلعبون دور التابع للولايات المتحدة الأميركية). ومشروع الأميركيين هو السيطرة على الحدود، بعد تحويل الجيش اللبناني إلى «قوات خاصة» حصراً، تؤدي دور «حرس حدود» (قوات هي أقرب إلى الشرطة منها إلى الجيش). التدريبات التي يعلن الجيش إجراءها لقواته تبدو محصورة أصلاً في ما يريده الأميركيون منه: محاربة الإرهاب. واللافت هنا أن المطبّلين لـ«القائد الملهم» يريدون منع أيّ لبناني من الشعور بالاستفزاز من واقع أن الجزء الأكبر من جنود الجيش وضباطه لا يتلقون تدريبات وسلاحاً سوى من أكثر الدول دعماً للعدو الإسرائيلي، ويُراد أن يُقال إن هذا الأمر لن يؤثر على عقيدة المؤسسة العسكرية. في نيسان الماضي، كانت مسألة «تأثير تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية على البيئة الأمنية في منطقة الشرق الأوسط»، كانت على طاولة النقاش في كلية الأركان في الجيش اللبناني. الموضوع طبيعيّ، لا بل واجب. لكن ما هو غير طبيعي أن يوكَل أمر هذا البحث إلى مركز «NESA» (مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية) التابع لوزارة الدفاع الأميركية. وإثارة هذه المسألة ليست بقصد التشكيك في كلية الأركان، ولا في طلابها، الذين يجيدون الدفاع عن وجهة نظرهم في حلقات بحثية مشابهة. لكن الهدف هو الإضاءة على واقع أن ضباط الجيش وجنوده جُعِلوا، عمداً، عرضة لتلقّي وجهة النظر المعادية (بواسطة الأميركيين) بصورة شبه حصرية.

في هذا السياق تحديداً، أتى خبر السبت الماضي، ليكشف عن خطط لدى الجيش لمقاتلة قوات الجبهة الشعبية في قوسايا ودير الغزال (كما ليكشف أيضاً عن جزء من أهداف جولة ماكنزي الذي قال الإعلام إنه تفقّد بئراً موّلت السفارة الأميركية حَفرها في إحدى قرى المنطقة غير البعيدة من قوسايا). وشأنٌ بهذه الخطورة، ينبغي أن تدرك قيادة الجيش أنه يعرّض الأمن الإقليمي للخطر، لا الأمن اللبناني وحسب. ربما من الطبيعي أيضاً أن تعد قيادة الجيش جنودها لـ«الاحتمالات كافة»، لكن المستغرب أن تتصرّف قيادة الجيش مع الجبهة الشعبية – القيادة العامة، كجسم معادٍ، فيما هي جهة حليفة للبنان في مواجهة العدو، وشنُّ معركة ضدها يعني «لعباً بالنار» على أقل تقدير. والأكثر مدعاةً للاستغراب أن تُصبح مصادر التهديد في نظر الجيش محصورة بالحدود الشرقية، وبـ«الإرهاب». فعلى سبيل المثال لا الحصر، تكاد تغيب عن برنامج عمل اليرزة إعلانات عن تدريب الجنود والضباط على التصدي للإنزالات الإسرائيلية. بالتأكيد، ليس المطلوب من الجيش – الذي ارتضت قيادته مع السلطة السياسية، ألا يرى في نفسه قدرة على حيازة مقاتلات ميغ 29 والاكتفاء بالسيسنا «ذات المروحة» التي اختارها له الجيش الأميركي – أن يعدّ خططاً كبرى لمواجهة جميع أنواع المعارك مع العدو. لكن على الأقل، وفي إطار مهامه الداخلية التي ارتضاها لنفسه، ينبغي أن يضع جنوده وضباطه في حالة جاهزية لمواجهة اعتداءات يمكن أن يقوم بها جيش الاحتلال، كتنفيذ إنزالات بحرية أو جوية. وفي حال كانت هذه التدريبات تُجرى دورياً، لا يُعرف سبب عدم الإعلان عنها (التذرّع بالسرية نكتة سمجة) كجزء من تعميق ثقة اللبنانيين، كل اللبنانيين، بجيشهم.

لكن، في واقع الحال، لا يهتم «مكتب القائد» بنظرة عموم المواطنين. يكفيه ما يؤمّن استمرار العماد جوزف عون مرشحاً رئاسياً. لا تعنيه صورة المؤسسة العسكرية التي يصيبها بضرر كبير وجودُ الحليف الأوثق والأول لـ«إسرائيل» في «الكادر» بشكل شبه دائم. يكتفي القائد بكتّاب وإعلاميين وسياسيين ووسائل إعلام يصوّرون كل نقد لأداء جوزف عون «حملةً ممنهجة»، ولو لم يصدر هذا النقد سوى عن عدد محدود من الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، وعددٍ أقل من الإعلاميين (لا يزيد على عدد أصابع اليد الواحدة)، ووسيلة إعلامية وحيدة توجّه من حينٍ إلى آخر انتقادات «طفيفة» للقائد وأفراد في مكتبه.

لا يُحسَد الجيش على موقفه. لا سلطة سياسية يستند إليها لمواجهة الرغبة الأميركية الدائمة في بسط النفوذ والهيمنة، ولا هو وُفِّق بقائد يجيد الفصل بين حالة «القوة» كمرشّح رئاسي لا يريد إغضاب واشنطن، وبين واقع «الفعل» بأنه قائد جيش لبنان، كل لبنان.

«انفراجة» لا حلّ في أزمة البنزين: برّي يستمهل الحريري 3 أيام

وصل البنزين الى المحطات أمس من دون أن يغيّر ذلك في مشهد الطوابير الطويلة الممتدة أمامها، وما رافقها من زحمة سير خانقة، علماً بأن انحسار الأزمة، على ما يقول المعنيون، لن يبدأ سوى بعد يومين، مع ترجيح إعادة تجددها في آخر الشهر الجاري. في غضون ذلك، لا يزال الجمود الحكومي هو الطاغي، فلا اتصالات أو لقاءات، بل حرب بيانات مستمرة واتهامات متبادلة. رغم ذلك، لا يزال رئيس مجلس النواب نبيه بري مصرّاً على «نفح الروح» في مبادرته

كان مفترضاً، عقب إعلان مصرف لبنان الخميس الماضي استمراره في منح أذونات للمصارف لفتح اعتمادات استيراد محروقات، شرط عدم المس بالتوظيفات الإلزامية، أن تبدأ أزمة المحروقات بالحلحلة، ولا سيما مع تسليم الشركات المستوردة 12 مليون ليتر من البنزين الى المحطات أمس. لكن ذلك لم يحل دون امتداد طوابير طويلة من السيارات أمام هذه المحطات، من الشمال الى الجنوب، متسبّبة في ازدحام خانق، ومن دون أيّ تحسن ملموس، وهو ما عزاه ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا الى أن «توزيع البنزين يتم حسب قدرة كل شركة وحسب البضاعة المتوفرة وحسب الاتفاقيات»، مؤكداً أن «الأزمة لن تحلّ كليّاً اليوم (أمس)، لكن البنزين متوفر في الأسواق»، ما يعني أن قرار المركزي يساهم في التخفيف من الأزمة، لكنه لن ينهيها. والحلّ، برأي أبو شقرا، يكون «بحسم الدولة أمرها إمّا برفع الدعم أو الترشيد. فلتتخذ القرار الذي تراه مناسباً لننتهي من مشاهد الطوابير». وعلى المنوال نفسه، أتى بيان عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس الأحد الماضي الذي دعا السلطة السياسية الى حسم أمرها في شأن الدعم وتأمين الدولارات لشركات الاستيراد حتى لا تتكرر الأزمة كل أسبوعين. وأوضح البراكس لـ«الأخبار» أن الكمية التي تم توزيعها أمس «أكثر من كافية، ولكن التحسن لا يتحقق في يوم واحد. ويفترض أن يبدأ من اليوم». لكنه شدّد على أن حلّ أزمة الطوابير مرتبط بشكل مباشر ورئيسي بضرورة تحرك وزارة الاقتصاد للحرص على وصول المحروقات الى المحطات. فمع توزيع كل الكمية، سينخفض التقنين تدريجياً، لافتاً الى أن «هذه الكميات ربما تكفي حتى نهاية الشهر الجاري فقط».

صفيّ الدين: البعض مخطئ إن رأى أن تمسّكنا الدائم بالمبادرات يعطيه متّسعاً من الوقت

ولا يمكن فصل مشكلة البنزين والقرار برفع الدعم أو ترشيده عن غياب أي دور فاعل لحكومة تصريف الأعمال، وانحسار الآمال بتشكيل حكومة جديدة. فمنذ يوم الجمعة الماضي، توقفت كل الاتصالات ولم يبق من مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري سوى حرصه على عدم اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري قبل «تأمين البديل». وعلمت «الأخبار» أن بري استمهل الحريري 3 أيام يسعى فيها الى الوصول الى حلحلة ما، رغم معرفته المسبقة بأنها باتت مستحيلة، وخصوصاً بعد حرب البيانات بين الوزير السابق علي حسن خليل ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. فلا بري سيقبل بانصياع الحريري لشروط باسيل، فيما الأخير يرفض المشاركة في حكومة يرأسها الحريري. وبالتالي كل الطرقات مسدودة أمام المبادرة، وما يحصل فعلياً اليوم هو شراء بري للوقت لتأخير اعتذار الحريري. وبين هذا وذاك، لا تزال الردود والردود المضادة والاتهامات المتبادلة بين صاحب مبادرة الحلّ (بري) وأحد أركان التفاوض (باسيل) على وتيرتها العالية. وأمس، غمز بري من قناة كل من باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون قائلاً في حديثه إلى تلفزيون «الميادين» إن «تمسك البعض بشروط تعجيزية سيزيد في تعقيد الأمور وليس انفراجها»، وإنه «من موقعي كرئيس لمجلس النواب، حريص جداً على احترام الدستور وتطبيقه ولن أسمح باستهدافه أو تجاوزه أو خرقه تحت أيّ مسمّيات». وهو ما يعدّ وفق مصادر عونية «نسفاً للمبادرة، لا بل دليل واضح على أن لا مبادرة في الأساس، بل مجرد محاولة لتغليب كفة على أخرى مع تعمّد تصويرها كحلّ حتى يظهر جبران باسيل كمعرقل ولتسجيل نقاط سياسية». إلا أن اللافت في هذا المشهد، دخول حزب الله على الخط عبر كلمة لرئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، وصف المشكلة بأنها «ليست في النقاط التي يقال إنها محل خلاف، المشكلة أننا نواجه بعض السياسيين الذين يريدون أن يتوصلوا الى تحقيق مآرب شخصية عادية لهم، لم يتمكنوا من تحقيقها في الأيام الطبيعية ويتوسّلون عذاب الناس وألم الناس من أجل تحقيق هذه المصالح، وهذا بعض الحقيقة». وتابع في احتفال تأبيني: «حينما نتحدث عن المبادرات، وتحديداً المبادرة التي يصرّ عليها الرئيس بري وحزب الله ومعهم كل الحريصين على إخراج البلد من مأزقه، البعض يدفع باتجاه التيئيس ونحن ندفع باتجاه الأمل (…) والبعض ربما لا يدرك أن رهاناته التي يعتمدها ستغرقه وتغرق البلد معاً». ورأى صفي الدين أن «البعض مخطئ إن رأى أن تمسّكنا الدائم بالمبادرات يعطيه مزيداً ومتسعاً من الوقت. فالمسارعة هي الحل الى تلبية الاحتياجات الضرورية والتي هي أكبر من أي فكرة شخصية أو طائفية أو مذهبية أو سياسية لجهة خاصة». ونبّه من «كثرة التلاعب بالمناورات السياسية والشروط والشروط المضادة من هنا أو هناك» مشيراً الى ضرورة أن يعرف «هؤلاء أنهم يتلاعبون بكرامة اللبنانيين والمصالح الوطنية». كلام صفي الدين بما يمثّله، أثار موجة من التحليلات التي تصبّ جميعها في خانة أن المقصود في هذا الخطاب كان رئيس التيار الوطني الحر، حتى إن العونيين أنفسهم وضعوه في إطار الهجوم على باسيل.

إسرائيل الجديدة أمام أولى «مغامراتها»: معادلة «غزة ــ القدس» لم تُطوَ

كما هي عادةُ اتخاذ القرارات الإسرائيلية في حالات اللايقين والخشية من التداعيات، يبقى مصير «مسيرة الأعلام» في القدس غير قطعي إلى ما قبل استحقاقها، سواء صدرت قرارات إلغائها أو تأجيلها أو حتى تسييرها كما هو مخطّط لها ابتداءً. المسيرة، التي تحوز أهمية دعائية بالنسبة إلى مشروع تهويد القدس وأسرلتها، يتعذّر تقدير ما ستؤول إليه، علماً بأن معظم فرضياتها، إن لم تكن كلّها، سيئة لإسرائيل، مع تفاوت. ومن هنا، يتركّز البحث في تل أبيب، على رغم وجود مزايدات ومناكفات داخلية، على القرار الأقلّ سوءاً: تثبيت التوقيت كما هو أو التأجيل أو حتى الإلغاء، وهو ما ينبغي الانتظار حتى اللحظة الأخيرة، بل وحتى بدء المسيرة فعالياتها، لحسمه ومعرفته.

والجدير التذكير به، هنا، منعاً للالتباس المفضي إلى مغالطات، أن «مسيرة الأعلام» تقليد إسرائيلي سنوي، دأب المستوطنون عليه منذ سنوات طويلة، بهدف تأكيد ما يسمّونه «السيادة» الإسرائيلية على المدينة وعلى الحرم القدسي الشريف. وكانت المسيرة تُقرَّر وتُنظَّم في موعدها السنوي، ضمن مسارات باتت تقليدية، لتنتهي بـ»رقصة الانتصار» على الطريقة اليهودية التقليدية، والتلويح بالأعلام الإسرائيلية بشكل كثيف جداً، فيما يظلّ لافتاً أن معظم من يشاركون فيها هم من خارج سكّان المدينة، ومن متطرّفي المستوطنين، على اختلافهم.

على أن المسيرة تحوّلت، هذا العام، إلى عامل إثارة ومحرّك لهَبّة مقدسية، بالتضافر مع جملة أسباب؛ من بينها مبالغة تل أبيب في محاولة تهويد مدينة القدس وطرد سكّانها الفلسطينيين منها، فضلاً عن تفاقم الاحتقان الفلسطيني جرّاء عمليات التطبيع العربية الأخيرة التي أضرّت بهوية المدينة لمصلحة الادّعاءات الإسرائيلية فيها. ومن هنا، جاءت قرارات تهجير أهالي حيّ الشيخ جراح المقدسي، وكذلك ناحية سلوان المحاذية للقدس، لتُحفّز الفلسطينيين على التعامل مع «مسيرة الأعلام»، هذه المرّة، بوصفها استكمالاً لإجراءات التهجير وللاستفزازات في الحرم القدسي. وقد أفلحت المواجهات الأخيرة في القدس في الدفع نحو تأجيل المسيرة مراراً، فيما فرضت الجولة العسكرية الأخيرة مع قطاع غزة واقعاً مغايراً تماماً، من شأنه أن يضغط على أيّ قرار إسرائيلي في كلّ ما يتعلّق بالمدينة، ومن بينه «مسيرة الأعلام».

وَلّدت المواجهة الأخيرة معادلة غير مسبوقة في الساحة الفلسطينية: إمكان تفعيل سلاح غزة ضدّ الاحتلال، بهدف حماية الحرم والقدس. وهي معادلة باتت حاضرة على طاولة القرار في تل أبيب قبل اتّخاذ أيّ قرار يمكن أن يستفزّ المقدسيين ويتسبّب بمواجهات، من شأنها بالتبعية تفعيل القاعدة الجديدة. على أن معضلة القرار في إسرائيل اليوم، هي أن الأخيرة معنيّة بالتأكيد أن معادلة «غزة ــــ القدس» لا تدفعها إلى الانكفاء عن خططها ومشاريعها في القدس، ومحتاجة في الوقت نفسه إلى أن لا تتسبّب بمواجهة مع القطاع. وعلى هذه الخلفية، جرى تأجيل المسيرة تباعاً، فيما كانت كلّ الأجهزة الأمنية واستخباراتها تطلب إلغاءها لا تأجيلها فقط. لكن الفعالية تحوّلت، أخيراً، إلى موضوع مناكفة ومزايدة داخلية إسرائيلية. وفي هذا الإطار، جاء قرار تأجيل المسيرة إلى اليوم، والذي صدر عن حكومة بنيامين نتنياهو قبل سقوطها بأيام، ليكون جزءاً من سلّة تحدّيات رُحّلت كلّها إلى الحكومة الجديدة، بهدف الإضرار بها.

ستكون الحكومة الجديدة أمام خيارَين اثنين: الإلغاء أو الإبقاء على المسيرة مع تحوير مسارها

على أيّ حال، ستظلّ معادلة «غزة ــــ القدس» حاضرة على طاولة القرار في تل أبيب، سواء أقرّت إسرائيل بها علناً أو أنكرتها. وهي معادلة لا تجبرها على اعتبارها جزءاً لا يتجزّأ من عوامل التأثير على قراراتها في ما يتعلّق بالقدس فحسب، بل تُلزم أيضاً فصائل قطاع غزة، وتحديداً حركة «حماس»، بالحفاظ عليها؛ إذ إن تراجع الحركة عن التزاماتها بموجب المعادلة، ينهي عملياً أي مكسب، بالإمكان وصفه بالاستراتيجي، حصّلته الحركة كنتيجة للحرب، وخاصة أن هذه المعادلة هي التي رفعت «حماس» إلى دور تأثير إقليمي، كان حتى الأمس بعيداً عنها، بعدما حصرها الاحتلال طويلاً ضمن معادلة الهدوء واللاهدوء، مقابل الغذاء والعوائد الاقتصادية. المعنى هنا أن إسرائيل، المعنيّة بتسيير «مسيرة الأعلام»، تدرك أيضاً أن فصائل المقاومة معنيّة، بل ومُجبَرة، على أن تلتزم بموجبات معادلة «غزة ــــ القدس»، كي لا تُضيّع الحدّ الأدنى من إنجازاتها.

وظلّت إسرائيل، حتى إلى ما قبل الخميس الماضي، أي التوقيت السابق لـ»مسيرة الأعلام» قبل إعادة تأجيلها، تعمل على تسوية مع ذاتها، عبر قرار يقضي بالإبقاء على المسيرة ــــ لما لإلغائها من تداعيات سلبية على المصالح الإسرائيلية في أكثر من اتجاه ومستوى ــــ، وفي الوقت نفسه عدم استفزاز الفلسطينيين، وهو ما لا يزال العمل جارياً عليه، بشكل أو بآخر، إلى الآن. وكانت حكومة نتنياهو قد قرّرت تأجيل المسيرة إلى ما بعد نيل حكومة نفتالي بينت الثقة، في واحد من قراراتها الكيدية في السياسة الداخلية، وحتى تُجنّب نفسها اتخاذ قرار تَظهر فيه أنها متراجعة أمام معادلة «غزة ــــ القدس»، التي استقرّ التقدير لدى الأجهزة الأمنية على أنها ستُفعّل في حال لم تتراجع إسرائيل. وعلى هذه الخلفية، قرّر نتنياهو الامتناع عما كان سيقوم به، مُقرِّراً، وهنا وجه المكايدة، السماح للمسيرة ــــ بعد تأجيلها ــــ بأن تسلك مساراً استفزازياً يمرّ من الحيّ الإسلامي في البلدة القديمة وباب العمود في الحرم.

بناءً عليه، ستكون الحكومة الجديدة أمام خيارَين اثنين: الإلغاء أو الإبقاء على المسيرة مع تحوير مسارها. والقراران سيّئان: لإسرائيل الدولة التي اضطرّت إلى التراجع أمام المقدسيين وفي الخلفية أمام معادلة «غزة ــــ القدس»، وللحكومة الجديدة وصورتها أمام اليمين الإسرائيلي، الذي تحرص الحكومة السابقة على أن تُحرّضه ضدها. ومهما يكن قرار تل أبيب، فإن المقدسيين يحققون انتصاراً ثميناً من شأنه أن يؤسّس لانتصارات أخرى تحبط مشاريع العدو. ويكفي من صور هذا الانتصار إرباك الاحتلال والتشويش على قراراته، كما تمظهر في القرار حول «مسيرة الأعلام» التي اعتُقد أنها باتت من المسلّمات حتى في الوعي الجمعي للمقدسيين. والانتصار هنا ما كان ليتحقّق، أيضاً، من دون الموقف الحمائي لفصائل المقاومة وسلاحها في غزة.

اللواء

الأليزيه لبري والحريري: استمرار المبادرة والتكليف

خلط أوراق يعقد التأليف ولعبة الشارع والدولار.. وإنذار من حزب الله!

صحيفة اللواءدفع الرئيس نبيه برّي بمبادرته إلى واجهة التحدي، فأعلنت اوساطه ان المبادرة لن تتوقف، وهي مستمرة، وان الرئيس برّي لن يسمح بالعبث بالدستور أو الإخلال بالتوازنات.

وهو يستند في عزمة على ان المبادرة أصبحت الخيار الوحيد المتاح، وهي تخطت البعد المحلي، إلى موافقة على آلياتها، عربية وإقليمية وأوروبية ودولية.

وفي هذا الإطار، علمت «اللواء» من مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع، ان فريق الأزمة في الاليزيه، أجرى أمس الأوّل، جملة اتصالات تركزت بصورة خاصةمع رئيس المجلس والرئيس المكلف، من زاوية الحاجة إلى استمرار المبادرة وعدم الذهاب إلى الاعتذار، نظراً لتداعياته غير المحسوبة.

ووفقاً لمصادر معنية، فإن التيار الوطني الحر، الذي احبط رئيسه النائب جبران باسيل عدّة صيغ لإصدار مراسيم الحكومة، ماضٍ بسياسة «عيني فيها وتفوه عليها» فهو يريد الحصة المسيحية، ولا يريد إعطاء الثقة للحكومة، للبقاء في ساحة العرقلة، وتحميل الرئيس المكلف أي تعثّر..

ويسجل التيار العوني انتقاداً مباشراً لرغبة الرئيس برّي بتمثيله بالحكومة، تمهيداً لاعطائها الثقة، لتتمكن من العمل، بقوة غالبية نيابية وازنة.

لكن أوساط عين التينة تسأل: كيف تؤدي طروحات باسيل وشعاراته الشعبوية، لبناء البلد، أو حل مشكلات الغلاء والدواء؟!

واستناداً إلى ما رشح، فإن النائب باسيل، يغمز في مجالسه الخاصة من قناة الـ«3 ثمانات» معتبراً هذا الأمر «مثالثة مقنعة» مثلها رئيس المجلس بالوقوف وراء ذلك، مع العلم ان اقتراح الـ24 وزيراً تقدّم به فريق بعبدا، لاحداث توازن، وتمثيل النائب طلال أرسلان بوزير درزي، لئلا يقتصر التمثيل الدرزي على الحزب التقدمي الاشتراكي، فضلاً عن تمثيل الكاثوليك والارمن.

وتطالب الأوساط الحريري، بالمقابل، بالتوجه إلى بعبدا، ومعه حكومة من 24 وزيراً، مناصفة، للبحث مع رئيس الجمهورية في ما لها وما عليها.

وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ما ظهر من المواقف التي سجلت في الساعات الماضية يؤشر إلى أن المراوحة طويلة في الملف الحكومي لا سيما بعدما برزت مؤشرات حول عدم عودة الحراك الحكومي أو بالأحرى التريث في معاودة اي حركة.

ولفتت هذه المصادر الى ان  الحديث عن امكانية  دخول عناصر جديدة ليس إلا كلام في الهواء لأن المشاورات حاليا متوقفة واللقاءات فرملت حتى أن ما من بوادر مشجعة تحمل على استئنافها.

وكشفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان خيار الرئيس الحريري بالاعتذار لم يطو نهائيا، ومايزال مطروحا، برغم الرفض السياسي والشعبي لوضعه موضع التنفيذ الفعلي خشية تداعياته ومضاعفاته السلبية.

واشارت المصادر الى ان البت نهائيا بمصير الاعتذار يتوقف على نتائج اللقاء المرتقب بين الرئيس المكلف والرئيس بري للاطلاع على كيفية مسار مبادرة الاخير ومدى التجاوب معها ولاسيما من قبل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي ومعرفة الموقف الحقيقي لحزب الله من تصرفات ومواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من هذه المبادرة وعما اذا كانت الجهود المبذولة معه جدية وضاغطة لتسريع عملية التشكيل، ام انها شكلية وليست مؤثرة لتجاوز ممارسات تعطيل التشكيل.

وشددت المصادر على ان الحريري بذل كل الجهود الممكنة وتجاوز الاساءات العديدة التي وجهت اليه، في سبيل تشكيل الحكومة الجديدة. ولكن ووجهت  مهمته بعراقيل متعددة، ولم تمارس الضغوط لتجاوزها ووضع حد لها. ولذلك لايمكن أن يستمر الحريري بمهمته وكأن شيئا لم يحصل.

وعليه، فأمام البلاد ايام قليلة قبل حسم موضوع تشكيل الحكومة، بينماهي تغرق كل يوم في الازمات، فيما يتولى الاوروبيون انقاذ ما امكن من مؤسسات الدولة المنهارة عبر المؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي يعقد في باريس يوم 17 الشهر الحالي، والذي يركز عليه الفرنسيون. فيما يصل الى بيروت يوم 18 حزيران المفوض السامي للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزف بوريل ويباشر لقاءاته في اليوم التالي، حاملاً مقررات وتوصيات مؤتمر باريس لدعم الجيش، ويضع المسؤولين في التحضيرات للقمة الاوروبية  التي تعقد في 24 الجاري في بروكسل وتناقش ملف الازمة اللبنانية.

اماحكومياً، فترددت معلومات مفادها ان الرئيس الحريري قد يزور الرئيس بري في الحادية عشرة  قبل ظهر اليوم للبحث في الافكار الجديدة لدى رئيس المجلس، وانه يحضّر تشكيلة حكومية من 24 وزيراً سيرفعها للرئيس ميشال عون ون التشكيلة التي سيقدمها الحريري ستتضمن اسمي الوزيرين المسيحيين بحيث يحصل هو على وزارة الداخلية ورئيس الجمهورية على وزارة العدل وهما الوزيران المسيحيان المختلف على تسميتهما. لكن مصادرقيادية في التيار الوطني الحر اكدت ان الرئيس عون لن يقبل بفرض اسماء الوزراء المسيحيين عليه.

في المواقف الجديدة، اعرب الرئيس بري «عن انزعاجه الشديد من الاوضاع الراهنة، ووصف استمرار حال التردي بأنه «سيؤدي الى خراب كبير لا تحمد عقباه»، مؤكداً أنّ «مبادرته في نسختها الثالثة للحل والخروج من المأزق السياسي والحكومي الحالي، تحظى بموافقة عربية واقليمية ودولية وغربية، بما فيها فرنسيا».

سياسياً، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مفتتحا اعمال السينودس امس: هي إياها اليوم مسيرة «كفاح الرجاء» الذي نساعد به، روحياً ومادياً ومعنوياً، شعبنا على الصمود في وجه أصعب محنة يعيشها بسبب إهمال كامل من المسؤولين في الدولة أدى ويؤدي إلى تعطيل السلطة الإجرائية المتمثلة بالحكومة، وبعدم تأليفها تتعطل مقدرات الدولة الاقتصادية والمالية، ويتفشى الفساد في إداراتها العامة، ويحتضن التهريب عبر معابرها الشرعية واللاشرعية بل وفي مرافقها من مطار ومرافئ. هذا الواقع أفقر نصف الشعب اللبناني، وقضى على الطبقة الوسطى، وأتاح لقلة أن تصبح أكثر ثراء، وهجر خيرة قوانا الحية»..

جعجع: الأكثرية النيابية مسؤولة

واعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع خلال مؤتمر صحافي من معراب، ان «من يتحمل مسؤولية الملف الحكومي هي الأكثرية النيابية، وجوهرها حزب الله والتيار الوطني الحر، وكأنه لم يعد هناك أي مركز للسلطة في هذا البلد، في حين أن البرلمان هو مركز السلطة».

وأضاف: «إن كان ‏رئيس الجمهورية ميشال عون أو رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يعرقل، فلنرى ما يجب فعله تجاه هذا الأمر»، وتابع: «ما يحصل في الملف الحكومي ملهاة».

وعن الطوابير امام محطات المحروقات، قال جعجع: «هذا الأمر غير مقبول، ومن المسؤول؟ رئيس ‏الجمهورية مسؤول كما رئيس حكومة تصريف الأعمال، إن لم تكن هذه الأمور من ضمن تصريف الاعمال، ‏فما الذي يدخل ضمن تصريف الاعمال؟».

إنذار من حزب الله

وطرأ على المشهد المضطرب، موقف أشبه «بالانذار» من حزب الله، على لسان رئيس المجلس التنفيذي السيّد هاشم صفي الدين، الذي اعتبر «يخطئ من ظن ان تمسكنا الدائم بالمبادرات يعطيه المزيد من الوقت».

وقال: «حينما نتحدث عن المبادرات، وتحديدا المبادرة التي يصر عليها الرئيس بري و«حزب الله» ومعهم كل الحريصين على اخراج البلد من مأزقه، نرى ان البعض يدفع باتجاه التيئيس فيما نحن ندفع باتجاه الامل، فهناك خطابان في لبنان».

وتابع: «البعض، ربما لا يدرك ان رهاناته التي يعتمدها ولو على حساب الناس ووجعهم ستغرقه وتغرق البلد معا. اننا نتمسك بالمبادرات المتتالية والمحاولات التي نأمل منها ان تخرج البلد مما هو فيه، حتى لا نصل الى الارتطام بالصخرة التي اذا ارتطم بها الوضع اللبناني فسيكون لبنان امام كوارث حقيقية».

البنك الدولي

مالياً، من جهة ثانية، عقدت جلسة للجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان لمراجعة وتقييم القروض المبرمة والقروض غير المنفذة مع البنك الدولي،في حضور وزير المال والمدير الاقليمي للبنك الدولي-دائرة الشرق الأوسط. وبعد الجلسة، لفت كنعان الى أن هناك مشاريع بمليار دولار من البنك الدولي غير منفذة ونبحث اعادة التخصيص في اولويات الساعة ووفق حاجات لبنان واللبنانيين. وأكّد أن «الجلسة مهمة»، مشيراً الى أن «البنك الدولي أبدى الاستعداد لاعادة النظر في تخصيص المليار دولار من قروضه وفق الحاجات الملحّة للبنان». وقال: الانهيار الحاصل لا نريده ان يستمر ونحتاج لاستعادة بعض الثقة التي فقدت وهو ما يستدعي من الحكومة التحرّك بقوة في هذا الاتجاه وسيكون للجنة المال سلسلة اجتماعات مع البنك الدولي والوزارات التي يتم فيها تأخير او تنفيذ المشاريع، مشيراً الى أن «المليار دولار من قروض البنك الدولي يمكن ان تساعد في رفع الدعم او ترشيده».

الترسيم

على صعيد آخر، تحرّك فجأة ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الاسرائيلي حيث وصل الى بيروت امس الوسيط الأميركي لعملية التفاوض غير المباشر في شأن ترسيم الحدود البرية الجنوبية السفير جون دوروشيه. وزار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.حيث علمت «اللواء» ان هدف زيارته هو استطلاع موقف لبنان من استئناف المفاوضات بعد الجمود الذي اصابها اثر الخلاف على الخرائط الجديدة للطرفين، اضافة الى معرفة تقييم لبنان لما وصلت اليه المفاوضات حتى الان. وابلغ الرئيس عون انه سيزور اسرائيل ايضا بعد تشكيل الحكومة الاسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت لمعرفة موقفها من استئناف المفاوضات والطرح الاسرائيلي وسيعود الى لبنان لإبلاغ المسؤولين بالنتائج.

واوضحت مصادر «اللواء» ان دوروشيه دعا الى اعتماد الليونة من الطرفين في التعاطي مع ملف المفاوضات، ولكنه لم يقدم اي التزامات محددة، واكتفى بالتنويه بموقف لبنان وتعاونه، وبحرفية ومهنية الوفد المفاوض اللبناني.

واكد عون امام دوروشيه «رغبة لبنان في استمرار المفاوضات غير المباشرة في الناقورة بوساطة أميركية واستضافة دولية، وذلك بهدف الوصول الى تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية، على نحو يحفظ حقوق الأطراف المعنيين بالاستناد الى القوانين الدولية. وطلب الرئيس عون من الوسيط الأميركي ان يمارس دوره للدفع نحو مفاوضات عادلة ونزيهة، ومن دون شروط مسبقة لأن ذلك يضمن قيام مفاوضات حقيقية مستندة الى الحق الذي يسعى لبنان الى استرجاعه.

واعرب الرئيس عون عن امله في ان تلقى المساعي التي سوف يبذلها السفير دوروشيه مع المسؤولين الاسرائيليين، نتائج إيجابية آخذين في الاعتبار وجود حكومة جديدة في إسرائيل الامر الذي يتطلب ربما جهدا إضافيا لعدم حصول المزيد من التأخير في المفاوضات التي لا يمكن لإسرائيل ان تفرض وجهة نظر أحادية على مسارها.

وشدد عون على انفتاح لبنان على الأفكار المطروحة ضمن اطار السيادة اللبنانية الكاملة برا وبحرا، لافتا الى ان لدى لبنان خيارات عدة في حال عدم تجاوب الإسرائيليين مع الجهود المبذولة لتحريك المفاوضات، ويفترض ان يزور الدبلوماسي عين التينة ايضا، في وقت اشارت ال بي سي اي، الى ان المسألة الاهم ان ديروشيه سيحدد الموعد لاستئناف المفاوضات وسيتوجه ايضا الى تل ابيب لمقابلة رئيس الحكومة الاسرائيلية الجديد نافتالي بينيت الذي امّن النواب العرب في الكنيست بأصواتهم فوزه.

وفي إطار الملاحقة القضائية، اصدر النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات تعميما على النيابات العامة حول التشدد بملاحقة احتكار المواد الغذائية والمشتقات النفطية. وورد في نص التعميم، أنه كثرت في الآونة الأخيرة عمليات الإمتناع عن بيع المواد الغذائية والمشتقات النفطية، وأسعار الأخيرة خاضعة كليا لدعم من مصرف لبنان، أو بيعها بأسعار تفوق تلك المحددة من قبل المراجع الإدارية المختصة، وهذه الأعمال تشكل الجرائم المنصوص عنها في المواد 23 من المرسوم الإشتراعي رقم 73، والمادتين 685 و 686 من قانون العقوبات، لذلك يُطلب منكم التشدد بملاحقة هذه الجرائم وإقفال المحال والمستودعات والمحطات العائدة للمشتبه بهم بالشمع الأحمر، وضبط المواد الغذائية أو المشتقات النفطية الموجودة فيها واعتبارها من المواد القابلة للتلف.

الطوابير

معيشيا، استمرت الطوابير امام محطات البنزين وعجز المستشفيات والصيدليات عن تلبية احتياجات المواطنين المرضى للعلاج والعمليات واجراء الفحوص المخبرية، فيما تستعد القطاعات العمالية للاضراب تلبية لدعوة الاتحاد العمالي العام في 17 الجاري وقد قال رئيسه الدكتور بشارة الاسمر امس: وعدنا الناس أن نكون في تحرّكٍ تصاعديّ عنوانه الأول والأخير الدعوة باتجاه تشكيل حكومة. واضاف «تحرّكنا واضح وهو من أجل المطالبة بعدم وقف الدعم قبل إيجاد سياسة بديلة ومن الضروري النزول معًا إلى الشارع لرفع الصوت عاليًا».

ومن الحلول المقترحة للأزمات، على طريقة «التعايش» أو التكيُّف:

1- مؤسّسة كهرباء تخفف من الإنتاج ليتاح لها ان تستمر لاطول فترة في استهلاك مادة الفيول لديها..

2- وزارة الطاقة، تدرس تسعيرة للبنزين المدعوم من فئة «95» وتسعيرة للبنزين غير المدعوم «98».

3- تسعيرات صرف الدولار، ماضية باسعار أربع أو أكثر، 1507، 3900، 12000، وسعر السوق السوداء المتصاعد، فوق الـ15400 ليرة لبنانية لكل دولار..

التحركات

ميدانياً، وفي طرابلس قطع محتجون الطرقات المؤدية إلى ساحة النور في طرابلس، احتجاجاً على تردي الأوضاع الحياتية.

وعصر أمس، عمد مواطنون غاضبون الى قطع الطريق بالاطارات المشتعلة عند تقاطع ايليا، احتجاجا على الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار وتردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية، ونفذوا وقفة وسط الطريق مطلقين صرخة ان «الوضع لم يعد يحتمل من اذلال للمواطن عند محطات البنزين وفقدان الادوية في الصيدليات وارتفاع اسعار السلع الغذائية»، داعين الجميع الى «التحرك والنزول الى الشارع بعدما طفح الكيل».

542649 إصابة

صحياً، سجلت وزارة الصحة إصابة 45 شخصاً بفايروس كورونا و3 حالات وفاة، خلال الـ48 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 542649 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.

البناء

القدس أول اختبارات حكومة بينيت ومعادلة إن عدتم عدنا… وقمة بايدن بوتين غداً أول اختبار دوليّ

الأسد لربط الانتماء القوميّ بمصالح الناس… وحزب الله: المبادرات لا تمنح وقتاً مفتوحاً

الحراك الدوليّ الإقليميّ يقترب من لبنان: مفاوضات الترسيم وزيارة بوريل والبنك الدولي

كتب المحرّر السياسيّ

جريدة البناءتحت عنوان عودة أميركا ترسمل الرئيس الأميركي جو بايدن بقمتين واحدة اقتصادية والثانية عسكرية، للقاء قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يمثل أول اختبار لعودة أميركا، كما يرغب الرئيس بايدن، بعدما تعثرت قمة السبعة الكبار صناعياً على حدود المنافسة مع الصين في منافسة اقتصاد السوق وفي خطة الحزام والطريق، وتعثرت قمة الناتو في صدقية شعارات حقوق الإنسان بالتحدّي الذي تمثله القضية الفلسطينية، وصدقية الديمقراطية بنماذج الحكم في الخليج، وصدقية التعايش السلمي بين الديانات في أزمة العلاقات الأوروبية التركية داخل الناتو، بينما استعدّ بوتين لجعل ملفي سورية وليبيا وفرص التعاون لحل سياسي ينهي الحروب عنواناً لما سيبحثه مع بايدن، بينما يحضر الملف النووي الإيراني وحرب اليمن، في خلفية مواقف بايدن وتكبيل حركته.

في فلسطين يمثل اليوم نقطة انطلاق لحدث قد يتحوّل الى النقطة الأولى على جدول أعمال قمة بايدن بوتين، حيث يواجه حكومة نفتالي بينيت المدعومة من بايدن أول اختبار جدّي مع يومها الأول، مع تنظيم مسيرة الأعلام الصهيونيّة في القدس، حيث يرمي رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو بثقله لتحويل المسيرة الى إحراج لبايدن وحكومة بينيت بوضع الأمور بين خيارات تعرية بينيت من دعم المستوطنين، والدخول في مواجهة معهم لمنع التصعيد مع الفلسطينيين، وقطع الطريق على مخاطر تطورات تخرج الأمور من سياقها، أو الدفع نحو مواجهة مع الفلسطينيين في القدس، وقد حشد الفلسطينيون لمواجهة اليوم بإعلان النفير الوطني، في الأراضي المحتلة عام الـ 48 والضفة الغربية إضافة للقدس، ووجهت لجنة المتابعة الوطنية النداء لقوى المقاومة في غزة ولبنان للجهوزية تحسباً لكل الاحتمالات، بينما أصدرت قوى المقاومة في غزة بيانات تحذيريّة من المساس بالمسجد الأقصى والسكان الفلسطينيين في القدس.

المناخات الدولية المفتوحة على التوترات، يبقى الأبرز فيها هو التقدّم المنجز على طريق العودة الأميركية إلى الاتفاق النووي مع إيران، حيث تحدث المسؤولون الإيرانيون عن الاتفاق على رفع العقوبات عن قطاعات النفط والمصارف والتأمين، ولم يستبعدوا إنجاز الاتفاق قبل موعد استحقاق الانتخابات الرئاسيّة يوم الجمعة المقبل.

اللبنانيّون العالقون في الأزمة الحكوميّة ومتفرعاتها التي تزداد حضوراً في مجالات سعر الصرف والمحروقات والدواء والغلاء، شهدوا مزيداً من التصعيد السياسي بين الطرفين الرئيسيين الرئاسيين، وكان لافتاً في مواجهة الوقت المستهلك في التعامل مع المبادرات، التي يقودها رئيس مجلس النواب ويدعمها حزب الله كلام رئيس المجلس التنفيذي للحزب السيد هاشم صفي الدين بقوله، مخطئ من يتصور أن المبادرات تمنحه وقتاً مفتوحاً بينما تتزايد معاناة الناس، داعياً للإسراع بوضع المصلحة العليا فوق المصالح الخاصة.

مصادر متابعة للملف الحكومي قالت لـ«البناء» إن رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة حزب الله على تواصل مستمر لتقييم الموقف ويتداولان بما يجب فعله إذا استمر الدوران في حلقة مفرغة، ورأوا بكلام السيد هاشم صفي الدين تبدّلاً في نبرة التعامل مع المواقف على ضفتي تأليف الحكومة، مؤشراً لتوجه أكثر حزماً في التعامل مع الخلافات حول الملف الحكوميّ، ربما ينتج نسخة من مقترحات يبني على أساسها «الثنائي» موقفاً من الطرف الذي يرفضها أو يتعمّد المناورة في التعامل معها.

المصادر رأت أن المناخات الدولية والإقليمية تقترب من التأثير على لبنان، سواء بما يمثله إنجاز الاتفاق النووي من مناخات إيجابية في المنطقة، مع تقدم الحوار السعودي الإيراني، والاقتراب من صياغة تسوية تنتج وقفاً للنار في اليمن، وما تتوقعه بعض الأطراف الأوروبية من نجاح قمة بايدن بوتين بإنتاج مبادرة نحو حلّ في سورية، تريح الأميركيين من عبء البقاء في سورية والعراق، وتنهي التأزم في العلاقة الأميركيّة التركيّة حول الملف الكردي، وتمنح روسيا وحليفيها في سورية وإيران فرصة تحقيق إنجاز إنهاء الحرب بشروطهم. وسجلت المصادر كمؤشرات على اقتراب المناخات الدولية الإقليمية من الملف اللبناني والتأسيس لمقاربات تحاكي الحلول، عودة الموفد الأميركي لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية الى لبنان وتحركه لاستئناف التفاوض، والزيارة المرتقبة لمفوض السياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل للبنان قريباً، والتحرك الذي يقوم به البنك الدولي لتوسيع شبكة الأمان المالية للعائلات الفقيرة عبر مباحثات تهدف لنقل قرابة مليار دولار من قروض مخصصة للبنى التحتيّة الى تمويل البطاقة التمويلية.

في سورية تحدّث الرئيس بشار الأسد لوفد من المؤتمر القومي الإسلامي الذي وصل دمشق مهنئاً بما أظهرته الانتخابات الرئاسية السورية من التفاف شعبي حول الرئيس الأسد، وقال الرئيس الأسد إن المطلوب من النخب القومية أن تتعامل مع المشروع القومي كانتماء، بمعزل عن الأبعاد العقائدية وخلافاتها، وأن تربط هذا الانتماء القوميّ بمصالح الناس بصورة ملموسة.

واستقبل الرئيس السوري بشار الأسد وفداً من المؤتمر القومي الإسلامي ضمّ الأمين العام الدكتور خالد السفياني والأمين العام لمؤتمر الأحزاب العربية عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي قاسم صالح ومسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي ورؤساء أحزابٍ ونواباً وشخصياتٍ سياسيةٍ ونقابيةٍ من عددٍ من الدول العربية والإسلامية.

ودار الحديث خلال اللقاء حول فكرة القومية والهوية والانتماء، حيث تمّ التأكيد على أنّ ما حصل مؤخراً في غزة، والانتصار الذي تحقق هناك وتحرّك الشعب الفلسطيني في جميع المناطق، وتحرّك الشعب العربي وتفاعله مع هذا الحدث أثبت أنه وعلى الرغم من كلّ المخططات التي تمّ تحضيرها وتسويقها للمنطقة العربية وبمختلف المسمّيات، فإنّ الشعب العربي في كلّ أقطاره ما زال متمسكاً بعقيدته وبهويته وانتمائه.

كما تناول الحديث أهمية التوجّه إلى الشباب، وضرورة التجديد في اللغة التي يتمّ تقديم فكرة القومية بها للأجيال الشابة، حيث اعتبر الرئيس الأسد أنّ فكرة القوميّة بمعناها الأساسي والجوهري هي فكرة انتماء، وأنه يجب عدم تقديم الفكرة القوميّة في الإطار النظري العقائدي المجرّد، وإنّما يجب أن تكون هذه الفكرة مبنية على الحقائق، وأن يتمّ الربط بين الأفكار المبدئية والعقائدية وبين مصالح الشعوب، مشيراً إلى أنّ التحدي الذي يواجه النخب الفكرية العربية هو إقناع الناس بأنّ هناك علاقةً مباشرةً بين الانتماء والمصلحة، وأنّ الحالات التقسيمية أو الانعزالية أو الطائفية إذا حصلت في دولة عربية، فإنها ستنتقل إلى الدول الأخرى، وبالتالي لا يمكن أن ننظر إلى الدول العربية إلا كساحة قومية واحدة.

وأكدّ أعضاء الوفد أنّ صمود الشعب السوري وثباته في وجه كلّ ما تعرّض له خلال السنوات الماضية أعاد الاعتبار للمشروع القوميّ، وأنّ سورية دفعت ولا تزال ثمن مواقفها القومية ودعمها للمقاومة وتصدّيها للمخططات والمشاريع في المنطقة، معتبرين أنّ من حق سورية على كلّ الشعوب العربية والإسلامية وكلّ القوى الحرة في العالم أن تقف إلى جانبها لأنّ الدفاع عن سورية هو دفاع عن النفس وعن المصير والمستقبل، ولأنّ الانتصارات التي حصلت في لبنان أو في فلسطين لم تكن لتحصل لولا صمود الشعب السوري.

كما توجّهوا بالتهنئة للشعب السوري على النجاح في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، معتبرين أنه أظهر عبر هذا الاستحقاق روح التحدّي الذي تمكّن خلاله من الصمود والثبات، وبرهن على أنّ الحرب الإرهابية والاقتصادية التي تعرّض لها لم تتمكّن من كسر إرادته الحرة وقراره المستقلّ.

ولم يبرز أي جديد في الملف الحكومي في ظل شبه جمود للاتصالات والمشاورات منذ منتصف الأسبوع الماضي ما يضع مبادرة الرئيس بري أمام امتحان صعب مع تكرار الحديث عن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري. وبانتظار أن تثمر محاولات ربع الساعة الأخير التي يقوم بها بري والبطريرك الماروني في التوفيق بين بعبدا وبيت الوسط، رجّحت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «يزور الحريري اليوم عين التينة لعقد اجتماع مهم مع الرئيس بري ولإطلاعه على اجتماعاته ومشاوراته الأخيرة لا سيما مع المجلس الإسلامي الشرعي ورؤساء الحكومات السابقين». وإذ لفتت معلومات «البناء» إلى أن الاتصالات متوقفة منذ أيام إذ لم يعقد اي لقاء أو اتصالات في عطلة نهاية الأسبوع، أكدت أوساط عين التينة لـ«البناء» أن «مبادرة رئيس المجلس لم تنته حتى الساعة ولا زالت قائمة ومستمرة وبري لم يفقد الأمل بإحداث خرق ما في جدار الأزمة الحكومية»، وشددت الأوساط على «أن المبادرة هي الفرصة الأخيرة للوصول إلى حكومة إنقاذيّة أصبحت حاجة وضرورة وطنيّة لحماية الوطن من الانهيار النهائي الذي يجرف معه كل شيء». واستبعدت الأوساط أن يُقدِم الحريري على الاعتذار في الوقت الحاضر لأسباب عدة لا سيما أن الرئيس بري لا يحبّذ اللجوء إلى هذا الخيار في ظل عدم توافر البديل والانقسام السياسي الحاد الذي قد يحول دون التوافق على تكليف رئيس جديد وربما عدم حصول الاستشارات النيابية».

وقالت مصادر سياسية لـ«البناء» إن «لا أحد من القوى السياسية حتى المعارضة للحريري تملك تصوراً للمرحلة المقبلة فيما لو اعتذر الحريري عن متابعة التأليف، ومن الصعب إيجاد بديل عن الحريري في ظل الانقسام الطائفي والحشد السني الذي تظهّر حول الحريري بعد اجتماعه بالمجلس الشرعي الإسلامي ونادي رؤساء الحكومات السابقين وكتلة المستقبل إلا بالاتفاق مع الحريري نفسه على تكليف رئيس آخر لتأليف حكومة للحدّ من الانهيار ولاجراء انتخابات في ايار المقبل».

وفيما تتهم مصادر المستقبل رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل بجرّ الحريري الى مستنقع التعطيل لإحراجه فإخراجه من المعادلة الحكومية للسيطرة على الحكومة عبر تكليف رئيس جديد حليف له أو السعي للفراغ في السلطة التنفيذية، لفتت المصادر لـ«البناء» الى أن «الحريري ستنتظر آخر محاولات الرئيس بري لإقناع عون وباسيل بالتنازل عن شروطهما التعجيزية التعطيلية، وبعد ذلك سيتخذ الموقف المناسب بالتشاور مع رئيس المجلس وكتلة المستقبل ومن ضمن الخيارات الاعتذار». وتحدّث نائب رئيس تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، في تصريح تلفزيونيّ عن مسعى بري لكنه عبر عن تشاؤمه من الوضع، مشيراً الى أن «اعتذار الحريري وارد».

وأفادت مصادر متابعة لملف التأليف لقناة المنار أن «اعتذار الحريري عن التّأليف استُبعد حالياً، فهو لن يقدِم على ما سيعرقل أي محاولة للحل من جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولن يُقدِم على خطوة تؤثّر سلباً على مبادرة الأخير». وأكدت المصادر أن «الحريري حدّد ما يريده أي تسمية الوزيرين المسيحيين والحصول على ثقة تكتل لبنان القوي». ولفتت الى أن «باسيل يرى أنّه طرح ما يستطيع أن يقدّمه أي توافق على توزيع الحقائب كما توافق على تسمية الوزيرين المسيحيين العقدة، وبعد بت هاتين النقطتين، البحث في منح التيار الوطني الحرّ الثقة لحكومة الحريري».

في المقابل أفادت مصادر بعبدا بحسب قناة أو تي في أنه «لا يمكن بقاء حال المراوحة ورئيس الجمهورية ينتظر تشكيلة الحريري والأساس هي الميثاقية». وأوضحت مصادر أخرى مطلعة بحسب القناة نفسها أن «العقدة الحكومية لم تعد متمثلة بالحقائب والوزيرين المسيحيين بل بثقة التيار بحكومة الحريري، فلننتظر ما في جعبة بري والأكيد أن الحريري لن يعتذر في اليومين المقبلين».

وحذر المكتب السياسي لحركة أمل من النتائج الكارثية لتعطيل (مبادرة لبنان) التي بناها الرئيس نبيه بري على ركائز المبادرة الفرنسيّة لتكون بوابة حكومة إصلاح تنقذ البلد وتضعه على سكة الخروج من أزماته. واعتبر ان «البعض لا يزال يمعن في ضرب القواعد الدستورية بمحاولة خلق أعرافٍ جديدة تمس أسس التوازنات الوطنية والمرتكزات التي أرساها اتفاق الطائف مما يعطّل قبول مهمة فيها نسف للأصول والأعراف، وتضع البلد في مواجهة مخاطر جمّة وتعطل أداء المؤسسات».

من جهته قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي: «أصعب محنة يعيشها شعبنا بسبب إهمال كامل من المسؤولين في الدولة أدّى ويؤدي إلى تعطيل السلطة الإجرائيّة المتمثلة بالحكومة، وبعدم تأليفها تتعطل مقدرات الدولة الاقتصادية والمالية».

واعتبر رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» هاشم صفي الدين أن «المشكلة ليست في النقاط التي يُقال إنها محل خلاف، إننا نواجه بعض السياسيين الذين يريدون تحقيق مآرب شخصية لم يتمكنوا من تحقيقها في الأيام العادية ويتوسلون عذاب الناس وألمهم لتحقيقها». وأكد أنه «مخطئ من يظن أن تمسكنا الدائم بالمبادرات يعطيه المزيد من الوقت»، مشدداً على «الاسراع في الحل لتلبية الاحتياجات الضرورية للناس»، ولفت الى أن «المناورات السياسية تنتهي عند الصالح العام والمصالح الكبرى، وبالتالي من يتلاعبون بالمناورات السياسية والشروط والشروط المضادة، عليهم أن يعرفوا انهم يتلاعبون بكرامة اللبنانيين والمصالح الوطنية».

في غضون ذلك، استمرّ مسلسل معاناة اللبنانيين المعيشية في الحصول على أبسط الخدمات من الدواء الى الغذاء والاستشفاء والبنزين في ظل ارتفاع إضافي سجله سعر صرف الدولار ناهز أمس 15500 ليرة للدولار الواحد في السوق السوداء ما يؤكد بحسب خبراء اقتصاديين لـ«البناء» وجود جهات مالية سياسية متحكمة بالوضع المالي تعمل على التلاعب بسعر الصرف لتحقيق أهداف سياسية إضافة إلى إقبال المصارف على شراء الدولار من السوق السوداء على أسعار 12000 و13000 للدفع للمودعين تنفيذاً لتعميم مصرف لبنان ما رفع الطلب على الدولار أدى الى ارتفاع سعره فضلاً عن اقتراب مصرف لبنان من رفع الدعم عن المحروقات ومواد أخرى ما دفع بالتجار الى شراء الدولار لتخزينه للاستمرار بالاستيراد بعد رفع الدعم.

واستمرت الطوابير أمام المحطات والمستشفيات والصيدليات والأفران على حالها، وزيادة اسعار منتجات الألبان والأجبان ومشتقات الحليب بنسبة تزيد عن 40 في المئة. فيما تستعد القطاعات العمالية للإضراب تلبية لدعوة الاتحاد العمالي العام في 17 الحالي.

وأعلن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا أن «توزيع المحروقات بدأ منذ صباح أمس بحسب الاتفاق مع الشركات والمحطات»، الا انه اكد أن «الازمة لن تحل كليّاً اليوم». وقال: «موضوع أزمة المحروقات تُرك بيد 3 جهات هي مجلس النواب والحكومة ولجنة الأشغال لإيجاد حلّ سريع إما برفع الدعم أو ترشيده أو إيجاد بديل».

كما واصل وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن عملية التقصي والمتابعة المستمرة منذ الأسبوع الماضي، وقام امس بعملية دهم لأحد مستودعات المواد والمستلزمات الطبية وكواشف المختبرات في بيروت.

الى ذلك تترقب البلاد سلسلة تحركات للامم المتحدة والاتحاد الأوروبي للدفع بعملية تأليف الحكومة للأمام وتأمين المساعدة الإنسانية والإغاثية والاجتماعية تخوفاً من انفجار اجتماعي مقبل. وكشفت أوساط ديبلوماسية مطلعة لـ«البناء» «أن أحد السفراء الأوروبيين في لبنان حذر بلاده بأن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان ذاهب للمزيد من التأزم ما سيضاعف معاناة اللبنانيين ويؤدي إلى انهيارات في قطاعات خدميّة ومعيشية عدة، الأمر الذي سيهدد المؤسسات العامة وعلى رأسها المؤسسات الأمنية والمؤسسة العسكرية بالدرجة الأولى، وبالتالي يُضّعِف وحدة الدولة «المركزية» في القيام بأدائها ومسؤولياتها لصالح نمو المؤسسات غير الرسمية و»الدولتية» أي الأحزاب و»الميليشيات» الطائفية والمسلحة. محذراً من أن يؤدي إضعاف الجيش اللبناني بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى حالات تمرد وفرار لعناصر وضباط الجيش وانخراطهم في صفوف الأحزاب الطائفية المسلحة كحزب الله أملاً بالحصول على رواتب أعلى أو مساعدات من مالية وعينية من الأحزاب التي تمثل طوائفهم، فضلاً عن أن ضعف القوى الأمنية والمؤسسات الخدمية سيؤدي تلقائياً إلى انتشار حالات الفوضى الاجتماعية والأمنية وسيطرة الأحزاب على المناطق التي تخضع لها. وأوصى السفير الأوروبي بلاده أيضاً إلى أن هذا الوضع الخطير يستوجب تحركاً أوروبياً عاجلاً، لا سيما على صعيد دعم القوى العسكرية وتحديداً الجيش اللبناني بالدواء والاستشفاء والغذاء والمحروقات». ومن هذا المنطلق بحسب الأوساط دعا الرئيس الفرنسي ‏إيمانويل ماكرون بالتعاون مع شركاء دوليين إلى «إنشاء آلية تضمن استمرار الخدمات العامة ‏اللبنانية الرئيسية».

وعلمت «البناء» أن «ممثل السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل سيقوم بزيارة عاجلة إلى بيروت نهاية الأسبوع الحالي لتوجيه رسالة تحذير عاجلة للمسؤولين اللبنانيين باسم الاتحاد الأوروبي قبل التوجه إلى فرض عقوبات مالية على سياسيين لبنانيين يعرقلون تأليف الحكومة والعملية السياسية. كما سيبحث مع القيادات السياسية خطورة التأخير بتأليف الحكومة وسيطلع على آخر المستجدات بالملف الحكومي وسيقدم ما يستطيع من مساعدة. إلا أن مصادر مواكبة للتحرك الأممي توضح لـ«البناء» إلى أن «مسألة فرض عقوبات أوروبية معقدة وليست بالأمر السهل، لا سيما أن ليست هناك سابقة بفرض عقوبات أوروبية على لبنان لا سيما أنها تحتاج إلى شروط أهمها حصول إجماع بين أعضاء الاتحاد. وهذا غير متوفر حتى الساعة، وثانياً أن لا تخالف قوانين الاتحاد الأوروبي، وثالثاً التأكد من جدواها في تحقيق الأهداف». لكن المصادر تلفت إلى «أن للعقوبات الأوروبية أهمية تفوق العقوبات الأميركية لكون أغلبية الشخصيات السياسية اللبنانية تملك حسابات مالية في المصارف الأوروبية واستثمارات وأصولاً، ما يمنح المسؤول الأوروبي الرفيع الذي سيزور بيروت ورقة ضغط كبيرة سيستخدمها خلال محادثاته مع المسؤولين في لبنان».

على صعيد آخر، حط الوسيط الأميركي لعملية التفاوض غير المباشر في شأن ترسيم الحدود البرية الجنوبية السفير جون دوروشيه أمس في بيروت. وخلال زيارته قصر بعبدا ابلغه رئيس الجمهورية رغبة لبنان في استمرار المفاوضات غير المباشرة في الناقورة بوساطة أميركية واستضافة دولية، وذلك بهدف الوصول الى تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية، على نحو يحفظ حقوق الأطراف المعنيين بالاستناد الى القوانين الدولية. ولفت عون الى أنه «لا يمكن لإسرائيل أن تفرض وجهة نظر أحادية على مسارها». كاشفاً ان «لدى لبنان خيارات عدة في حال عدم تجاوب الإسرائيليين مع الجهود المبذولة لتحريك المفاوضات».

المصدر: صحف