المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان تفتتح قسما خاصا بتعليم اللغة الفارسية في مركز بهاء الدين العاملي للابحاث والدراسات والتدريب – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان تفتتح قسما خاصا بتعليم اللغة الفارسية في مركز بهاء الدين العاملي للابحاث والدراسات والتدريب

برعاية المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار افتتح مركز بهاء الدين العاملي للابحاث والدراسات والتدريب في بعلبك قسما خاصا بتعليم اللغة الفارسية للباحثين والمتدربين.
حضر الحفل ثلة من اهل الفكر والقلم يتقدمهم رئيس جامعة المصطفى العالمية في بيروت الشيخ الدكتور محمد حسين مهدوي مهر ومسؤول منطقة البقاع في حزب الله الحاج الدكتور حسين النمر وحشد من العلماء والباحثين والمتدربين.
افتتح اللقاء بآي من الذكر الحكيم مع فضيلة الشيخ بلال الحاج حسين تلاه كلمة ترحيبية لمدير المركز الدكتور محمد النمر ثم كلمة رئيس مركز بهاء الدين العاملي للابحاث والدراسات والتدريب في بعلبك سماحة الشيخ الدكتور محمد جعفر المهاجر والذي امل ان يكون الافتتاح فاتحة عمل مثمر في هذه المنطقة التي هي احوج ما يكون حتى بالنسبة للمناطق الاخرى من بلدنا الى حضور معنوي و فكري .

اضاف الشيخ الدكتور محمد جعفر المهاجر انا اريد ان اقتصر بكلامي على الاجابة على سؤال، لماذا اللغة الفارسية و ما هو المعنى الكامن في ان برنامجنا للاعداد الرامي الى تربية باحثين و محققين. هذا البرنامج شرط الزامي، فما هي الصفة الخاصّة التي جعلها نلجأ الى هذه النتيجة. هناك عدة اعتبارات, الاعتبار الاول ما اشار اليه مدير المركز د.محمد النمر ان القسم الاكبر من تراثنا و بالخصوص الشيعي مكتوب باللغة الفارسية بحيث انك عندما تعمل الى اعداد باحث اذا لم يكن هذا الباحث يملك القدرة الى التعامل مع المكتبة الفارسية انت لا تملك شيئا, انت تفتقر الى شرط اساسي من شروط القدرة لممارسة البحث و التحقيق العلمي, لكن انا عندي اضافة مهمة ان اللغة يا اخواني هي خزان اصحابه, روحهم, تاريخهم, رؤيتهم تكون كامنة في اللغة. انت عندما تتمكن من اللغة الفارسية ليس فقط هذا التمكن يمنحك القدرة على البحث فهو ايضا يمنحك قدرة النفاذ الى اعرق حضارة انسانية تبقى الى خمسة الاف سنة. هذا امر ليس سهلا ابدا, اللغة تحتوي على هذا الحضور الحضاري الباهر الذي يتصف بالعراقة. حتى نكون امينين في كلامنا هناك بين الباحثين الانثروبولوجيين خلاف اي حضارة هي الاقدم الفارسية او الرومانية، لا علينا فلا شكّ أنّ الحضارة الفارسية هي من اقدم حضارتين موجودين على ظهر الكوكب هذه الحضارة تتصف بامر جدا مهمة و هي انها حضارة مسالمة.

واضاف الشيخ الدكتور محمد جعفر المهاجر رحم الله الدكتور الامير شكيب ارسلان الذي وضع كتابا سماه لماذا بعث الاسلام المحمدي بين العرب؟ بالنتيجة توصل الى جواب انه انما بعث بهذه الارض الخصب الفقيرة لان الانسان يحمل صفات عالية, الشجاعة, الكرامة… لكن انا في رايي، فاتته مسألة لشكيب ارسلان على علو كعبه في البحث و الكتابة ان هناك عنصر اضافي الى الصفات التي يتصف بها الانسان العربي الذي هو موطن البعثة المحمدية هو ان الجزيرة العربية تقع في موقع متوسط من كافة الحضارات الانسانية بحيث انها تتواصل مع هذه الحضارات و تتعامل معها نحن العرب لم نفهم هذه النقطة بدأنا الفتح مباشرة وأخذنا ندمر الحضارات التي حولنا فبدانا استعدائها، والحضارة الوحيدة التي ادارت ظهرها لتاريخها واعطته للاسلام بدون قيد ولا شرط هي الحضارة الفارسية ولا تزال حتى الان وستبقى ان شاء الله الامينة على الاسلام في المستقبل فنحن يا ايها الاخوان المتدربين عندما نحرص ان تكونوا متمكنين من اللغة الفارسية لسنا نرمي فقط الى تزويدكم بلغة في البحث ولكن نرمي ايضا ان تكونوا على ادراك عميق بالمضمون الحضاري الموجود.
خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، في نوعية الانسان حاضرة ايضا يجب ان نكون نحن على علاقة معها
ختم الشيخ الدكتور محمد جعفر المهاجر قائلا اسال الله تعالى ان يمدنا بالعون في هذه المهمة العسيرة في هذا الظرف بالذات حيث هموم الناس بعيدة جدا عن الشأن المعنوي، هذه المهمة عسيرة ولكن لا بد منها ولا مهرب منها ولا سبيل الا وان نتقدم لناخذ محلنا المناسب عبر مجموعة من الباحثين والمحققين.

تلتها كلمة المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في لبنان الدكتور عباس خامه يار الذي قال :  اللغة الفارسية هي لغة رقيقة ولطيفة للغاية، لغة‌ العرفان، أقرب اللغات لإيصال الإنسان وقربه إلى الله تعالى وايضاً هي لغة الشعر والأدب والفن، والأخلاق. وتعتبر من اللغات الفريدة من ناحية الشعر، كاشعار حافظ
ان الكثير من المؤلفات الأدبية الفارسية قد تم ترجمتها الى لغات عدة، والكثير ممن طالع هذه الآثار الأدبية القيمة، اتجه نحو التعرف على جمالية اللغة الفارسية وتركيباتها وذلك ليتسنى له الاستشعار والتلذذ بعذوبة اللغة ورقتها في تفسير المعاني، لأنّ الترجمة مجزرة بحق النص. كما فعل اقبال لاهوري المعلم والمفكر والشاعر المعروف.
وبعد مرور 12 قرن على نشأتها اضاف الدكتور عباس خامه يار نرى الثبات فيها، حيث اننا عندما نراجع اقدم الأدبيات الشعرية المنقولة عن حنظلة بادغيس في القرن الثالث لا نرى فيها تغيراً كبيراً مع لغة الشعراء المعاصرين الكبار، وحتى انها مفهومة لطلاب المدارس والمعاهد، في الوقت نرى بعض الآثار الأدبية المكتوبة باللغة الفرنسية والإنجليزية والتي يرجع تاريخها الى 400 سنة تقريباٌ، بعيدة عن اللغة المعاصرة بحيث تحتاج الى ترجمة او توضيح ليفهمها عامة الناس. بينما اللغة الفارسية لم تتغير وبقيت ثابتة، وهذا ان دل على شيء فانه يدل على مدى تمسك الأمة الإيرانية بلغتها، وعلى مدى نفوذ الشعراء في الحياة الإجتماعية والشعبية لدى الناس. لا زال الأدب والشعر الفارسي محط انظار الكثير من الأدباء والمثقفين في العالم، حيث تم ترجمة ديوان حافظ الشيرازي الى 30 لغة تقريباً ويوجد حوالي 20 نوعاً من الترجمة العربية والفارسية.
بالاضافة الى ما ذكرناه يمكننا القول بأن اللغة الفارسية تأتي في المرتبة الثانية بعد اللغة العربية في العالم الإسلامي، لانها وخلال عدة قرون كانت لغة العلم والمعرفة ونشر الاسلام في بقاع الارض حيث لعبت دوراً مهماً في نشر الثقافة والحضارة الاسلامية في أرجاء العالم كتركيا والصين والهند وفي مناطقه غرب وشرق قارة آسيا. فمنذ بداية القرن الرابع كان للغة الفارسية دور فاعل في حمل لواء الثقافة الإسلامية جنباً الى جنب اللغة العربية، بحيث يمكننا القول وبكل جرأة بأنه لا يمكن فهم الثقافة الإسلامية من دون فهم اللغة العربية والفارسية معاً.
اكتسبت الفارسية الهوية الثقافة الإسلامية خلال العقود الأولى من استنارة بلاد فارس بالاسلام قال الدكتور عباس خامه يار ، وبعد اكثر من 1000 عام من الجهود الذاتية والحركة الثقافية التي نهض بها المفكرون والعلماء والكتاب الإيرانيون في مراكز اسلامية مهمة مثل بلخ، بخاري، خراسان وخوارزم وبعد تأليف مئات المصنفات في مختلف العلوم القرآنية والحديث والأدب ومختلف العلوم والفنون، اصبحت الفارسية الى جانب العربية مصدراً لنشر الثقافة الإسلامية، حتى يمكننا ان نقول وبجرأة: أن الثقافة الإسلامية لا يمكن فهمها وإدراكها بعيداً عن فهم العربية والفارسية معاً
الصلات بين الفارسية والعربية قديمة جداً بسبب الجوار والتقارب، على الرغم من إن الفارسية آرية المنشأ والعربية سامية المنشأ، أي ليس بينهما قرابة ولا تشابه في الأصول والاشتقاق، إلا إن مظاهر التأثر والتأثير كانت جلية وواضحة بين اللغتين، فاقت أي لغتين عالميتين شهدت كلمات مشتركة بينهما. ومن هنا نجد من المناسب الإشارة الى هذا التأثير والتأثر في اللغتين.
اولاً: تأثير اللغة العربية على اللغة الفارسية:
ان انضواء ايران تحت لواء الاسلام وتحررها من العهد الساساني قد فجر الشوق والرغبة عند الإيرانيين لتعلم اللغة العربية، فتهافتوا على تعلّم هذه اللغة، حتى اندفع الكثير الى كتابة مؤلفاتهم بالعربية أمثال:
-بديع الزمان الهمداني (398)، همدان من أهم ما كتب في العربية (المقامات والرسائل)
-ابن مسكوية (421) من أهم ما كتب (تجارب الأمم) و(تهذيب الأخلاق)
-ابن‌سينا (428) من مشاهير ايران ومفاخرها، ولد في بخاري وتوفى في همدان، كان عالماً في الطب والنجوم والرياضيات والحكمة، ومن كتبه: (القانون في الطب)، (الشفاء)، (الاشارات)، (التنيهات) و(النجاة) وغيرها من المؤلفات.
-ابوريحان البيروني (440) عالم ايراني شهير برز في مختلف العلوم كالتاريخ والأدب والقانون والنجوم…، وقد كتب العديد من المؤلفات في اللغة العربية، مثل: (الآثار الباقية من القرون الخالية)
ان مدى تأثير اللغة الفارسية على اللغة العربية اكبر من ذكره خلال هذه السطور القلائل ولكن باختصار نقول ان اللغة الفارسية تأثرت باللغة العربية بعد الفتوحات الإسلامية لبلاد فارس، فاصبحت الفارسية تكتب بالابجدية العربية ودخلت الكثير من المصطحات العربية على اللغة الفارسية بحيث احتلت 60% من اللغة الفارسية.
اهتمت ايران بالشعر العربي وكان اكثر اهتمامها بالمتنبي، فقد كانت قصائده تصل في أيام حياته الى ايران فتدور على الألسن، وتكتب عليها رسائل نقدية، وتثير ضجة أدبية، وقد تفاعل البويهيون ووزارئهم وادبائهم مع شعر المتنبي وأعجبوا به قبل أن يقدم عليهم في ايران، حتى دعاه ابن العميد وأقام في مدينة أرجان(مدينة بين شيراز والاهواز)، وأقام مجالس ادبية في هذه المدينة حضرها الكثير من الشعراء أمثال البديهي وابن هندو والقاضي ابن خلاد.
وختم الدكتور عباس خامه يار كلمته بالقول انه لاتوجد لغة خالصة كما يتصور البعض، حيث نرى التأثير والتأثر جلياً بين اللغتين الفارسية والعربية. وآثار ادي شير (رئيس اساقفة الكنائس الكلدانية) في كتابة (الالفاظ الفارسية المعربة) دهشة لنفوذ الفارسية الى هذا الحد في اللغة العربية، رغم ان الفارسية من فصلية اللغات الارية، في حين لم تؤثر في العربية لغات سامية من فصلية العربية نفسها، كالسريانية والرومية والقبطية والحبشية. وكما نعرف إن التأثير والتأثر بين اللغات ذات الأصل الواحد أسهل من اللغات ذات الاصول المختلفة، وليس هناك من سبب مقنع يفسر هذه الظاهرة سوى أن الإسلام قد قارب بين اللغتين.
هناك ما يقارب ال 700 مفردة فارسية موجودة في اللغة العربية، حيث نجد عدداً كبيراً من العلماء والمفكرين الإيرانيين كان لهم دور كبير في توسع العلوم العربية وآدابها، امثال السرخسي والسجستاني والسيرافي واين دستورية وابن علي الفارسي والكرماني والرازي وابن‌خالويه.
ان الكثير من المؤلفات الأدبية الفارسية قد تم ترجمتها الى لغات عدة، والكثير ممن طالع هذه الآثار الأدبية القيمة، اتجه نحو التعرف على جمالية اللغة الفارسية وتركيباتها وذلك ليتسنى له الاستشعار والتلذذ بعذوبة اللغة ورقتها في تفسير المعاني، لأنّ الترجمة مجزرة بحق النص. كما فعل اقبال لاهوري المعلم والمفكر والشاعر المعروف.
من جهته رئيس جامعة المصطفى في بيروت سماحة الشيخ الدكتور محمد حسين مهدوي مهر قال :  سماحة الشيخ الدكتور جعفر المهاجر مصدر فخر وعلم ورغم أنّه أسمى هذا المركز مركز بهاء الدين العاملي للأبحاث والدراسات والتدريب إلا أنّه أسميه مركز الإحياء، إحياء أولا عنوان العلم باسم بهاء الدين العاملي وهذه الشخصية عالم كبير وهو في الحقيقة ذهب الى خرسان وأقام في مشهد ودفم عند امامنا علي بن موسى الرضا (ع).
وكأنّ الامام علي بن موسى الرضا (ع) وهذا العالم الجليل يدا في يد في بلد فارسي أرادوا لكي يكون هذا المقام احياء لعنوان اللغة الاسلامية والشيعية توأماً في مقام واحد، وهذا المركز هو أيضا إحياء لهذا العنوان.
ثم شكر الشيخ الدكتور محمد حسين مهدوي مهر سماحة الشيخ جعغر المهاجر لاختياره هذا الاسم لمركزه لأنّ هذا يعتبر إحياء للعلم واللغة الفارسية.
اضاف الشيخ الدكتور محمد حسين مهدوي مهر ان دور هذا المركز هو إحياء للعلاقات المديدة بين الجمهورية الإسلامية الإيراني ولبنان وأنا أقول في كل مكان يجب أن نذهب الى الامام واكن عندكم لا سيما أهل هذه المنطقة أقول يجب أن نرجع الى الوراء سبعماية سنة حيث أن الفقه من لبنان ومن منطقة كرك نوح على يد المحقق الكركي الذي وصل الى ايران والمُسمى اليوم باسم ولاية الفقيه.
لقد قال الشاه سلطان الصفوي للمحقق الكركي، أنت قل ماذا نفعل ونحن نفعل يعني نفس ولاية الفقيه.
الكلمة التالية كانت لمسؤول حزب الله في البقاع الحاج الدكتور حسين النمر، حيث قال ان حديث الاخوة زاد شوقي الى اللغة الفارسية .
اضاف الحاج الدكتور حسين النمر ان تعلم اللغة الفارسية في ما تحمله من حضارة هي حاجة مهمة بالنسبة الينا ومن موقع الحاجة التواصل مع الجمهورية الاسلامية، التواصل الثقافي، والاجتماعي والحاجة الماسة لتعلم اللغة الفارسية.
ونبارك للشيخ جعفر المهاجر تأسيسه لهذا المركز وتفعيله وعسى ان يكون بادرة خير للمنطقة ونحن نعد سماحة الشيخ ان نكون الى جانبه ونأمل المزيد من التطور للمركز وذلك بوجود الباحثيين ، بالاضافة الى دعوة الدكتور عباس خامه يار و سماحة الشيخ مهدوي ودعمهم لهذه المراكز وارضية بعلبك جاهزة للعمل الثقافي
وختم اللقاء بتوزيع شهادات اتمام الدورة الادارية التخصصية على الفريق الاداري للمركز

قدم اللقاء الدكتور عبّاس حدرج.

المصدر: موقع المنار