نفق “جلبوع”: عندما فكّ الأسرى “شيفرة الخزنة الحديدية” – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

نفق “جلبوع”: عندما فكّ الأسرى “شيفرة الخزنة الحديدية”

الاحتلال ينقل أسرى عملية سجن "جلبوع" إلى العزل الانفرادي

فجر السادس من أيلول/سبتمبر 2021، استطاع 6 أسرى فلسطينيين (5 من حركة الجهاد الإسلامي وواحد من حركة فتح) فك “شيفرة الخزنة الحديدية” الأكثر تحصيناً وأمناً في “إسرائيل”، عبر حفر نفق لم يتجاوز قطره 50 سم بأدوات بدائية من سجن “جلبوع” قرب مدينة بيسان المحتلة، في عملية نوعية مُعقدة صعقت العالم وأكدت للصديق والعدو أن “إسرائيل” وهم من غبار.

سجن “جلبوع” هو أحد أكثر سجون الاحتلال تحصيناً ويلقب في “إسرائيل” بـ “الخزنة الحديدية” بسبب إحكام الإجراءات فيه لمنع أي محاولة فرار منه، لكن الأسرى الستة استطاعوا فك شيفرة الخزنة الحديدية، وانتزعوا حريتهم بعملية أذهلت العالم أجمع، قبل أن يتم اعتقالهم مجدداً بعد استنفار أجهزة أمن الاحتلال لأيام عدة.

إدارة السجون والتي تقدر ميزانيتها بـ 3.77 مليار شيكل سنوياً كانت الخاصرة الضعيفة والنقطة المركزية في الضربة الموجعة التي تلقتها المنظومة “الإسرائيلية” على وجه العموم، التي لم تعتاد على تلقي الضربات بهذا الحجم سيما من تصفهم “إسرائيل” بالأسرى “الأمنيين” وما رافقها من صدى وتفاعل بكل أشكاله ومستوياته.

الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الأمني حسن لافي، اعتبر أن عملية انتزاع الحرية من سجن جلبوع التي نفذها أبطال حركة الجهاد الإسلامي، كانت ضربة قاسمة بالنسبة للأمن “الإسرائيلي” على مستوى السجون والمنظومة “الإسرائيلية” بأكملها، موضحاً أنها كبدت العدو الصهيوني خسائر فادحة على عدة مستويات مهمة على الصعيد الداخلي والدولي.

على مستوى البناء الهندسي

وقال لافي ، إن الصدى والتفاعل مع عملية “نفق جلبوع” لا يزال قائماً حتى الآن، إذ إنها وجهت ضربة قاسمة لكل المنظومة الأمنية، وأطاحت بمدير السجن والحراس أيضاً، ما دفع “المستويات السياسية والعسكرية والأمنية في الكيان الصهيوني، إلى تغيير النظام الأمني الهندسي في الكثير من السجون، ما زاد من خسائرها وارتفاع موازنات التحصين إلى عشرات ملايين الشواكل.

على مستوى البروتوكول الأمني والعسكري

يرى لافي أن هناك تغييران جوهريان إثر عملية “نفق جلبوع”، الأول زيادة عدد أفراد الحراسة والتقنيات بشكل كبير، أدى إلى استنزاف مالي بشكل كبير لإدارة السجون والخزينة “الإسرائيلية”، لاسيما بعد العملية، إذ كان هناك مخطط جديد لزيادة تحصين السجن بتكلفة 37 مليون شيكل، لمنع أي محاولات جديدة، على غرار العملية البطولية.

أما على المستوى العسكري، أعتقد لافي، أن انطلاقة القائد محمود العارضة ورفاقه من ذلك النفق كان عبارة عن ميلاد جديد لحالة جديدة مقاومة في الضفة الغربية جعلتها في حالة اشتعال وتنامي وتصاعد متواصل، وأدخلت “إسرائيل” في نفق مظلم، كما إنها كانت الشرارة لتأسيس كتيبة جنين بأمر من الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة، كما تأسست كتيبة التي حملت هم نقل الضفة الغربية من حالة السكون إلى حالة المواجهة مع الاحتلال بشكل كبير.

على صعيد الأسرى

وفي سياق متصل، أشار إلى أن هذه العملية زادت من ثقة الأسرى الفلسطينيين بأنفسهم وقدرتهم على تحدي إدارة السجون بشكل كبير وباتوا يخوضون معارك ضارية ضد السجّان، ما دفع الاحتلال لزيادة أعداد أفراد الحراسة، وتعزيز السجون بطواقم جديد، زادت من العبء المالي والإداري والنفسي على السجانين وبالتالي باتت السجون تختلف بشكل كبير منذ تنفيذ عملية نفق جلبوع.

وهم من غبار

واعتقد الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الأمني، أن لعملية نفق الحرية تأثير مباشر على العقلية الفلسطينية، إذ إن الشبان الفلسطيني باتوا أكثر ثقة بـأن “إسرائيل وهم من غبار”، وبالتالي بدأ المئات منهم يتوافد للانضمام إلى صفوف المقاومة بدءاً من تشكيل كتيبة جنين، وتنفيذ عمليات فدائية، إلى تصاعد الحالة بشكل كبير حتى تم تشكيل عدة كتائب تابعة لسرايا القدس في العديد من مدن الضفة الغربية المحتلة، واجهت وأرّقت وهزمت جيش العدو الصهيوني وكبدته خسائر فادحة.

بدوره، قال المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاني: إن عملية نفق الحرية لا تزال صورتها بطولية في تاريخ الشعب الفلسطيني ومعجزة من معجزات الأسرى الفلسطينيين الذين استطاعوا هزيمة العدو الصهيوني أميناً وفكرياً ومعنوياً وعسكرياً، وجعلت منظومته الأمنية أضحوكة العالم.

وأشار الرفاتي إلى أن عملية انتزاع الحرية، لا تزال تلقي بظلالها السلبية على المجتمع الإسرائيلي، بعدما أظهرت أن الأسير الفلسطيني الذي أراد الاحتلال كسره وهزيمته استطاع أن يواجه كل العقبات والحراسة والتشديد الأمني وانتزاع حريته من سجن كانت تتغنى “إسرائيل” بأنه الأكثر تحصيناً في كيانها.

كما كشفت العملية وفق الرفاتي، مدى الخوف والهاجس في العقل الجمعي “الاسرائيلي” الذي بات يخشى موجة من العمليات قد ينفذها الأسرى المُتحررون، وأثبتت أن قوة الردع “الإسرائيلية” سهلة التصدع والانهيار، فلا تحتاج إلى جيوش ورؤوس نووية بل إلى إرادة وتصميم.

وقبل عامين، أصبحت أسماء أسرى نفق جلبوع الأكثر تداولًا ومعرفة في العالم، وهم: أيهم كممجي ومناضل نفيعات ومحمد ومحمود العارضة وزكريا الزبيدي ويعقوب قادري، نظرًا لتجاوزهم كل التعقيدات والتحصينات الأمنية الإسرائيلية.

المصدر: فلسطين اليوم

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك