من المقرّر أن يصوّت الكنيست الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، على مشروع قانون لحلّ نفسه، في خطوة دفعت بها قوى المعارضة، وذلك على خلفية تصاعد الخلافات حول مشروع قانون تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) في الخدمة العسكرية.
وتأتي هذه الخطوة بعدما أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، بتاريخ 25 حزيران/يونيو 2024، قرارًا يُلزم اليهود الحريديم بأداء الخدمة العسكرية، ويقضي بوقف التمويل الحكومي للمؤسسات الدينية التي يمتنع طلابها عن التجنيد.
وبحسب الإجراءات المعمول بها، فإن حلّ الكنيست يتطلّب اجتياز المشروع أربع مراحل تصويت، تبدأ بـ”القراءة التمهيدية” اليوم، تليها ثلاث قراءات تشريعية إضافية. ولا يُعد القانون نافذًا إلا بعد حصوله على أغلبية 61 صوتًا من أصل 120، وهو ما يُعدّ تحدّيًا سياسيًا كبيرًا في ظلّ الانقسام الحاد داخل التحالف الحاكم والمعارضة.
في هذا السياق، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى امتصاص الضغوط المتصاعدة داخل الائتلاف، من خلال التركيز على التحديات الأمنية التي تواجه “إسرائيل”، وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني والتصعيد المتواصل في قطاع غزة. ولهذا الغرض، جاء الإعلان عن اجتماع خاص لمجلس الوزراء لبحث ملف الأسرى في غزة، إلى جانب الحديث عن إمكانية إرسال وفد تفاوضي جديد إلى الدوحة، كجزء من استراتيجية تهدف إلى إبراز حالة الطوارئ الأمنية وتبرير بقاء الحكومة الحالية.
في الوقت نفسه، يعمل نتنياهو على طمأنة القيادات الحريدية المتخوّفة من فرض التجنيد، من خلال التعهّد بإعادة صياغة مشروع القانون بما يتلاءم مع مصالحهم الدينية والسياسية. ويعتمد في ذلك على التنسيق مع رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، وهي الجهة المخوّلة بصياغة القانون، ما يمنحه هامشًا سياسيًا واسعًا للمناورة وإعادة ترتيب أوراقه داخل الائتلاف.
من ناحية أخرى، لا يقتصر التوتر على خطّ الائتلاف والمعارضة، بل ينسحب أيضًا على القيادات الحريدية ذاتها، التي تشهد انقسامًا داخليًا بشأن التوقيت الأنسب للذهاب إلى انتخابات. في المقابل، تتصاعد التوترات بينها وبين أحزاب المعارضة اليسارية، التي تختلف في أولوياتها؛ إذ يدعو بعضها إلى انتخابات مبكرة لإنهاء الحرب في غزة، بينما يركّز آخرون على قانون التجنيد أو مواجهة التهديدات الإقليمية.
وتشهد الساحة السياسية الإسرائيلية حراكًا متسارعًا، حيث تتبدّل الاصطفافات والمواقف بشكل شبه يومي، ما يزيد من حالة الغموض قبيل عقد جلسة الكنيست المرتقبة.
وفي حال صوّت الكنيست لصالح حلّ نفسه، فإن “إسرائيل” ستتّجه إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وهي عملية معقّدة تمر بمراحل تنظيمية وتشريعية طويلة، ما يعني أن الحكومة الحالية ستتحوّل تلقائيًا إلى حكومة تصريف أعمال لفترة غير محددة.
ويرى مراقبون أن نتنياهو قد يلجأ إلى استثمار استمرار الحرب على غزة كوسيلة لتعطيل إجراء الانتخابات، سواء عبر تبرير تمديد حالة الطوارئ، أو التأثير على الرأي العام من خلال التحذير من “فوضى سياسية” تهدّد الأمن القومي.
أما فيما يتعلّق بمسار الحرب على غزة، فيُرجّح بعض المحللين أن سقوط الحكومة قد ينعكس على طريقة إدارتها، غير أن قرار إنهاء الحرب لا يزال، في المقام الأول، مرهونًا بالموقف الأمريكي، وليس فقط بالتوازنات السياسية الداخلية داخل الكيان الإسرائيلي.
المصدر: مواقع