متابعة | عزل مكارثي.. مفارقة تاريخية بدلالات وتداعيات كبرى – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

متابعة | عزل مكارثي.. مفارقة تاريخية بدلالات وتداعيات كبرى

رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي
رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي

خابت توقعات رئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي. الأخير قال منذ أيام، في تصريح لشبكة “سي بي أس”، “سأصمد”، لكن ذلك لم يحدث. أُطيح بمكارثي الذي وللمناسبة تطلب وصوله إلى منصبه عدداً قياسياً من دورات التصويت بلغت خمسة عشر دورة. كما وصوله، فإن عزله شكّل مفارقة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية منذ 234 سنة، ليصبح منصبه شاغراً، في خطوة تشرّع الباب أمام منافسة غير مسبوقة لخلافته قبل عام من الانتخابات الرئاسية.

وفي السياق، فقد أعلنت صحيفة “واشنطن بوست” أن مجلس النواب علّق جلساته لمدة أسبوع بعد إقالة مكارثي، مشيرة إلى إمكانية أن تجري انتخابات رئيس المجلس الجديد الأسبوع المقبل.

السؤال هنا، ما هي أبرز تفاصيل الحدث الأميركي لجهة أسبابه وتداعياته؟

الأسباب

لأول مرة في تاريخه، صوّت مجلس النواب بأغلبية 216 صوتاً مقابل 210 لصالح مذكرة طرحها الجناح المتشدّد في الحزب الجمهوري تنص على اعتبار “منصب رئيس مجلس النواب، الأهم في البلاد بعد منصب الرئيس ونائبه، شاغراً”، مما ادّى إلى عزل رئيس المجلس، الجمهوري كيفن مكارثي، على خلفية تمكنه من تجنب إغلاق جزئي للحكومة، عبر إقرار مشروع قانون يحظى بدعم عدد أكبر من الديمقراطيين مقارنة بالجمهوريين. لماذا أثار ذلك حفيظة الجمهوريين وعلى وجه التحديد الجناح اليميني المتشدد؟

أولاً، فقد وجد هؤلاء في أداء مكارثي تعاوناً مع الديمقراطيين “لتمرير اتفاق مؤقت بشأن الموازنة لتجنب إغلاق حكومي”، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن انتخاب مكارثي جاء بعد مفاوضات شاقة، رضخت بعدها مجموعة النواب المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترامب التي كانت تعرقل انتخابه.

ثانياً، فإن المحافظين شعروا بالغضب من عدم تضمين مطالبهم، بخصوص تخفيض النفقات، في الاتفاق الذي توصل إليه ماكارثي مع الديمقراطيين، إضافة لكونه لم يلحظ اقتطاعات في الإنفاق يطالب بها ذلك الجناح.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه ولكي يتمكن من الفوز بالمنصب، اضطر ماكارثي إلى تقديم تنازلات إلى تكتل اليمين المتطرف في حزبه، بما في ذلك تعديل النظام الداخلي بما يتيح لعضو واحد طلب التصويت على انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب.

تداعيات العزل

نتيجة لذلك، قاد النائب الجمهوري المتشدد مات غيتس تمرداً ضد مكارثي، بتقديم مقترح للإطاحة به، متهماً اياه “بالتسبب في شلل مجلس النواب، وأنه لم ينظر في مشاريع قوانين المخصصات المالية، وأنه انتهك الاتفاقات التي عقدها معنا في يناير (كانون الثاني) الماضي”.

وحتى اتمام المهمة المتمثلة بانتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، والتي يبدو أنها ستسلك مساراً شائكاً وأكثر تعقيداً مما حدث في كانون الثاني/يناير الماضي ، عُيّن ممثل ولاية كارولينا الشمالية باتريك ماكهنري رئيساً مؤقتاً للمجلس.

وفي تفاصيل مخاض انتخاب رئيس جديد، فسيعقد الجمهوريون منتدى الأربعاء المقبل حول المرشحين الجدد”.

من جهته، قال النائب الديمقراطي جيري كونولي إن “الجمهوريين في موقف صعب ويحاولون العثور على شخص يمكنه أن يحصل على الأغلبية”. وأوضح كونولي أن النائب حكيم جيفريز هو مرشح الديمقراطيين لرئاسة مجلس النواب “والجمهوريون لم يتضح موقفهم بعد”.

وتوقع كونولي عقد اجتماع بين أعضاء الحزبين كل على حدة الأربعاء، لاختيار مرشح لرئاسة مجلس النواب. أما النائب الجمهوري مات غيتس فقال إن أفضل طريقة لدفع الأجندة المحافظة “هي المضي قدماً باختيار رئيس جديد للمجلس”.

على صعيد الحزب الجمهوري، فإن ما حدث يعكس “حرباً أهلية” (مصطلح استخدمه نواب جمهوريون عقب إقالة مكارثي) داخل الحزب نفسه في مجلس النواب. وفي السياق، صرّح النائب الجمهوري مايك لولر أثناء خروجه من اجتماع الحزب الجمهوري “لدينا ثمانية متسكعين أنانيين يقوضون المؤسسة والحزب، وأعتقد أن هذا خطأ، أعتقد أن كيفن (مكارثي) بالتأكيد لم يكن يستحق ذلك”.

التصويت التاريخي، يُسلط الضوء على الانقسامات الحادة في الحزب الجمهوري، ويهدد ببدء حقبة جديدة من الشغور في واشنطن، فلا يمكن لمجلس النواب القيام بأعمال تشريعية حتى يتم انتخاب رئيس جديد له.

ما هو القرار الذي أطاح بمكارثي؟

وصوّت مجلس النواب الأميركي منذ أيام لصالح مشروع قانون مؤقت لتمويل الوكالات الحكومية 45 يوماً لتفادي الإغلاق الجزئي المتحمل. وسيمر مشروع قانون التمويل المؤقت للوكالات الحكومية للتصويت عليه من قبل مجلس الشيوخ، بعد تمريره من مجلس النواب.

وأيد مجلس النواب تمويل الحكومة لمدة 45 يوما أخرى بأغلبية 335 صوتا مقابل رفض 91، ونال الأمر دعم نواب ديمقراطيين أكثر من الجمهوريين.

ومن شأن هذا الإجراء أن يمدد تمويل الحكومة لمدة 45 يوما إذا أقره مجلس الشيوخ، الذي يحظى فيه الديمقراطيون بالأغلبية، ووقعه الرئيس جو بايدن ليصبح قانوناً.

وتوجهت الحكومة الفدرالية الأميركية إلى الإغلاق بسبب إخفاق في التوافق على ميزانية الحكومة للعام المالي الجديد الذي يبدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

يأتي هذا وسط مخاوف من انعكاس ذلك على مؤسسات الدولة والمواطنين، لا سيما بعد إخفاق المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين في تمرير مشروعات تمويل مؤقت تسمح للحكومة بالعمل إلى حين التوافق على الميزانية.

وإذا حدث الإغلاق الجديد سيكون الـ22 خلال نصف قرن، والرابع خلال عقد، والأول في عهد الرئيس جو بايدن.

والإغلاق لا يعني توقف أعمال الحكومة كليا، إذ ستواصل المؤسسات الرئيسة، مثل الجيش والأمن والخارجية والصحة والمحاكم أغلب مهامها، وقد يكون ذلك من دون دفع رواتب أغلب موظفيها.

وسيُجبر الموظفون المدنيون وغير الأساسيين على أخذ إجازات غير مدفوعة، بينما ستتوقف خدمات هيئات غير أساسية، مثل المتنزهات والحدائق والمتاحف.

وسيضع الإغلاق مئات الآلاف من الأسر في وضع مالي صعب، وسينعكس سلبا على الاقتصاد والتصنيف الائتماني للبلاد.

هذا وحذّرت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني قبل أيام من أن الإغلاق سيكون “سلبياً” على ديون الحكومة الأميركية السيادية، وهو ما يهدد تصنيفها من الدرجة الأولى، ويزيد من احتمال ارتفاع تكاليف الاقتراض.

مكارثي: لن أترشح مرة أخرى

وأعلن مكارثي عقب الإطاحة به، أنه “لن أسعى للترشح مرة أخرى لمنصب رئيس مجلس النواب، ربما خسرت التصويت، لكنني ناضلت من أجل ما أؤمن به”، مضيفاً أن “فعل الشيء الصحيح ليس بالأمر السهل”.

وتعليقاً على قراره بطرح مشروع “القرار المستمر” في قاعة مجلس النواب لتمويل الحكومة، قال “لقد خاطرت يوم السبت من أجل الجمهور الأمريكي”.

وتابع “هناك مشكلة مؤسسية حقيقية إذا تمكن أربعة أشخاص فقط من طردك من منصبك، أنصح الرئيس المقبل للمجلس بتغيير القواعد”، لافتاً إلى أنه “يجب وضع مصلحة البلاد قبل كل شيء، المشكلة ليست في المنصب”.

وقال مكارثي عن خصومه “لست متأكدا من أن هؤلاء الأفراد يريدون أن يكونوا منتجين، جميعكم تعرفون مات غايتس، وتعلمون أن هذا الأمر كان شخصيا، كيف كان لنا أن نحكم مع انحياز 8 نواب جمهوريين للطرف الآخر، هناك انقسام حقيقي ومشكلة كبيرة في مجلس النواب”.

وأشار إلى أنه كان على علم أن النواب الجمهوريين الثمانية الذين صوتوا ضده سيتحركون للتصويت على عزله، وقال “نانسي بيلوسي أخبرته (مات غايتس) خلال حملته لإقالتي من المنصب أنها ستدعمه إذا تم طرح اقتراح بالإقالة، إنهم ليسوا محافظين”.

المصدر: موقع المنار