قال خبراء قانونيون إسرائيليون إن مجرد إقامة “مديرية الاستيطان” في وزارة الأمن، بناءً على طلب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضًا منصب وزير في وزارة الأمن، يشكّل عمليًا ضمًّا للضفة الغربية إلى الكيان الإسرائيلي. وأكد مسؤولون في “مديرية الاستيطان” أنهم يسعون إلى تنفيذ مخطط الضم على أرض الواقع.
ووفقًا لرئيس طاقم هذه “المديرية”، يوني دانينو، فإن لـ”مديرية الاستيطان” غايتين رئيسيتين: الأولى أن تتعامل السلطات الإسرائيلية مع الضفة كما تتعامل مع النقب والجليل من حيث التطوير وتخصيص الموارد، والثانية العمل على تطبيق السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية، بحسب ما نقلت عنه صحيفة هآرتس اليوم، الأحد.
وأضاف دانينو: “فرض السيادة يتطلب تشريعات من الكنيست، وليس لدينا الصلاحية لتنفيذ ذلك، لكننا نملك القدرة على الدفع بالواقع المهني نحو أقرب نقطة ممكنة تتيح ذلك. فكلما فرضت المديرية وقائع ميدانية، من خلال خطوات تنظيمية حكومية منتظمة، كإقامة منطقة صناعية أو بناء منزل جديد أو شق طريق إضافي، تزداد إمكانية فرض السيادة بشكل أفضل. وفرض السيادة ليس قرارًا أتخذه أنا، لكن بمقدوري خلق واقع سيادي فعلي”.
وتابع رئيس الطاقم قائلاً إنه منذ سنوات طويلة لم تُقم مستوطنات جديدة في الضفة، لكنه أشار إلى أنه “خلال ولاية هذه الحكومة أُقيمت 28 مستوطنة جديدة بشكل رسمي، وهذه ليست بؤرًا استيطانية عشوائية، بل زيادة دراماتيكية من حيث النسبة، وهي أعمال تنفذها الدولة بامتياز”.
وتشير معطيات حركة “السلام الآن”، استنادًا إلى تقارير مجلس التخطيط الأعلى في وحدة “الإدارة المدنية” التابعة لجيش الاحتلال، إلى أنه تمت المصادقة على 4,427 خطة بناء استيطانية في عام 2022، وعلى 12,349 خطة في عام 2023، و9,971 خطة في عام 2024، فيما صودق على 14,335 خطة في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025.
ونقلت الصحيفة عن المديرة العامة لمنظمة “ييش دين” الحقوقية، زيف شتيهل، قولها إن “الضم لم يعد زاحفًا أو متسارعًا، بل أصبح أمرًا واقعًا. وإضافة إلى كونه انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الذي يحظر الضم، فإنه يلقي بتأثير دراماتيكي على حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، والبالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة، لا يحملون صفة المواطنة، ويعيشون كـرعايا بلا حقوق، تحت سلطة حكومة لا يملكون أي وسيلة للتأثير عليها”.
وأعلن سموتريتش، في أعقاب فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أن عام 2025 سيكون “عام السيادة” في الضفة الغربية.
وخلال الدورة الشتوية الأخيرة للكنيست، سعى أعضاء في الائتلاف الحاكم إلى دفع قوانين تهدف إلى تغيير الوضع القائم في الضفة، مدعومين بقرارات حكومية تتجاهل وجود السكان الفلسطينيين والقانون الدولي، بحسب الصحيفة.
ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي، فرض وزير البناء والإسكان الإسرائيلي، يتسحاق غولدكنوبف، بمرسوم، قوانين التجديد العمراني الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية، مانحًا مقاولي البناء امتيازات كبيرة، بهدف بناء عشرات آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات بإجراءات سريعة. وتشمل هذه الامتيازات إعفاءات من ضريبة التحسين، وضريبة شراء الأراضي، وضريبة القيمة المضافة على البناء.
وفي نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، صادق الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يُسهّل على اليهود شراء أراضٍ في الضفة، مخالفًا للقانون الأردني الساري، الذي يمنع بيع أو تأجير العقارات لمن ليس أردنيًا أو فلسطينيًا أو عربيًا.
كما صادق الكنيست، بالقراءة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على مشروع قانون يسمح للمحاكم العسكرية بفرض غرامات على فلسطينيين لم يسددوا غرامات سابقة فرضتها هذه المحاكم.
وينص مشروع قانون آخر، تمت المصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، على السماح للسلطات المحلية في المستوطنات بالحصول على جزء من العائدات الضريبية للمناطق الصناعية والتجارية الاستيطانية.
أما مشروع قانون آخر، فيقضي باعتبار المستوطنات في جنوب جبل الخليل ومستوطنة “كريات أربع” جزءًا من منطقة النقب، ما يمنحها تمويلًا من سلطة تطوير النقب. وقد صادق الكنيست على هذا المشروع بالقراءة التمهيدية في أيار/مايو الماضي، وتم تحويله إلى لجنة الاقتصاد في الكنيست لإعداده للتصويت عليه بالقراءات التالية. وبعدما أدرك رئيس اللجنة، دافيد بيطان، أن تمرير القانون يتطلب “فرض السيادة الإسرائيلية” على الضفة، أوعز إلى المستشار القانوني للجنة بفحص إمكانية الدفع به بصيغة تلتفّ على القانون الدولي.
المصدر: عرب 48