مقتل جندي اسرائيلي ثانٍ خلال 24 ساعة في معارك غزة وتصاعد التوتر حول صفقة الأسرى – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

مقتل جندي اسرائيلي ثانٍ خلال 24 ساعة في معارك غزة وتصاعد التوتر حول صفقة الأسرى

الجيش الاسرائيلي

تصاعدت المواجهات في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة، مع استمرار القتال بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية. في الوقت نفسه، تتعقد جهود التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى، وسط خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة.

فقد أعلن جيش الاحتلال، يوم الأربعاء، عن مقتل جندي برتبة رقيب أول خلال المعارك المستمرة في جنوب قطاع غزة، ليكون بذلك ثاني جندي يُقتل خلال أقل من 24 ساعة في القطاع. وأوضح بيان الجيش أن الجندي القتيل كان يخدم في سرية الكشف الهجومي 51 التابعة للكتيبة 82، ما يسلط الضوء على حجم الخسائر البشرية التي تتكبدها قوات الاحتلال في المعارك الميدانية المباشرة داخل القطاع.

وأفادت إذاعة جيش الاحتلال بأن الرقيب قُتل إثر استهداف مبنى كان متواجداً فيه بواسطة عبوة ناسفة، في حادثة وصفت بأنها “حدث أمني صعب”. كما وردت تقارير إعلامية تابعة للكيان الإسرائيلي عن انهيار مبنى على قوة الاحتلال، ما أسفر عن إصابة جنديين بجروح خطيرة، وجندي ثالث بجروح متوسطة.

هذه التطورات تؤكد خطورة العمليات التي تنفذها المقاومة الفلسطينية، ومدى تأثر قوات الاحتلال بتلك الهجمات الدقيقة التي تستهدف نقاط ضعفها في الميدان.

وبالمقابل أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، تنفيذ عملية نوعية ضد قوات الاحتلال شرق خان يونس جنوب قطاع غزة. وأوضحت السرايا، عبر قناتها على “تلغرام”، أن مقاتليها استهدفوا دبابة ميركافا تابعة للكيان الإسرائيلي بقذيفة “آر بي جي” مضادة للدروع في منطقة خزاعة، مؤكدة اندلاع النيران في الدبابة المتوغلة. هذه العملية تعكس قدرة الفصائل المسلحة على استخدام أسلحة مضادة للدروع في المعارك البرية، وتثبت أن المقاومة ليست مجرد جهة مدافعة بل فاعلة في إلحاق خسائر ملموسة بالاحتلال.

وكان جيش الاحتلال قد أعلن، يوم الثلاثاء، عن مقتل جندي آخر خلال المعارك في شمال قطاع غزة، في ظل استمرار المواجهات العنيفة مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.

وتواصل الفصائل المقاومة التصدي للتوغلات للكيان الإسرائيلي على مختلف محاور القطاع، مؤكدة قدرتها على إلحاق خسائر بشرية ومادية كبيرة بقوات الاحتلال، في سياق ما تصفه بـ”حرب الإبادة الجماعية” المستمرة على غزة، وهو ما يعكس حجم الصراع العميق الذي يستنزف الطرفين ويؤكد استمرار دائرة العنف والتصعيد.

وبحسب البيانات الرسمية لـجيش الاحتلال، فقد قُتل منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 858 جندياً، بينما أصيب الآلاف بجروح متفاوتة الخطورة. وتشير الإحصائيات إلى أن 416 من هؤلاء الجنود قتلوا خلال العمليات البرية داخل القطاع، في حين أصيب 5891 جندياً بجروح، منهم 2667 جندياً أصيبوا أثناء المعارك البرية.

هذه الأرقام ترصد تكلفة الاحتلال البشرية الكبيرة، مع التأكيد على أن العمليات البرية داخل قطاع غزة هي من أكثر مراحل الحرب دموية بالنسبة للجيش الاسرائيلي.

وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام الرسمية الخاصة بالمصابين لا تشمل جميع الحالات، حيث تستثني من تم إجلاؤهم بشكل روتيني أو الذين لم تُسجل إصاباتهم في المستشفيات، أو لم تُحدد درجة خطورتها، بما في ذلك الإصابات الطفيفة أو غير الواضحة. وتعتمد بيانات الإصابات على جمع المعلومات من إدارة الموارد البشرية في الجيش، مع التركيز على الحالات الخطيرة التي تتطلب رعاية طبية متقدمة.

وتبقى حصيلة الجرحى قيد التحديث المستمر، وهو ما يعكس استمرار المعارك وارتفاع الكلفة البشرية التي يتحملها الكيان الإسرائيلي في هذه الحرب الممتدة لأكثر من 18 شهراً.

أغلبية صهيونية تؤيد صفقة إنهاء الحرب مقابل إطلاق الأسرى وسط تردد حول العمليات العسكرية

أظهر استطلاع حديث للرأي العام، مساء الثلاثاء، تصدر حزب رئيس الحكومة الأسبق نفتالي بينيت المشهد السياسي بحصوله على 29 مقعداً في انتخابات تجرى اليوم. وفي الوقت نفسه، عبر نحو ثلثي المشاركين عن دعمهم لإبرام صفقة تنهي الحرب على غزة مقابل الإفراج عن جميع الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس وفصائل المقاومة. هذا الاستطلاع يعكس واقعاً داخلياً معقداً يشهد انقساماً في الرأي العام الإسرائيلي بين استمرار الحرب أو السعي نحو حل تفاوضي ينهي التصعيد.

وأيد 67% من المشاركين في الاستطلاع التوصل إلى صفقة لإنهاء الحرب على غزة مقابل الإفراج عن جميع الأسرى، بينما عارض ذلك 22%، وأجاب 11% بأنهم غير متأكدين، مما يظهر رغبة واضحة لدى الغالبية في وضع حد للمعاناة الناجمة عن النزاع المستمر. وأظهر الاستطلاع كذلك أن 44% من جمهور الكيان الإسرائيلي يؤيدون إطلاق عملية “عربات جدعون” التي توسع نطاق الحرب على قطاع غزة، مقابل 40% يعارضونها، فيما قال 16% إنهم لا يعرفون، وهذا يعكس حالة من الانقسام والتردد حول خيارات الحرب والسياسة العسكرية.

وبشأن دوافع رئيس الحكومة نتنياهو تجاه الحرب، رأى 51% أن قراراته تستند إلى اعتبارات سياسية، مقابل 36% اعتبروا أن تحركاته تستند إلى اعتبارات مهنية، وهو ما يبرز انعدام الثقة في القيادات السياسية لدى جزء كبير من الجمهور الإسرائيلي، ويعكس التأثير الكبير للعوامل السياسية على مجريات الحرب.

توتر بين البيت الأبيض والكيان الإسرائيلي حول ملف الأسرى

وفي السياق، أعربت مصادر في البيت الأبيض عن استيائها من الحكومة في الكيان الإسرائيلي، متهمة إياها بأنها الطرف الوحيد الذي لا يعمل على دفع صفقة شاملة للإفراج عن الأسرى ووقف الحرب في قطاع غزة، وفق ما نقل موقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” (واينت).

جاء هذا الاتهام في سياق حديث المصادر مع ممثلين عن عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، حيث أكدت أن “الجميع يعمل لإتمام صفقة شاملة، ما عدا الكيان الإسرائيلي”. هذه الاتهامات تشير إلى تصاعد التوتر بين واشنطن وتل أبيب، وانقسام في المواقف حول إدارة النزاع.

تُبرز هذه الاتهامات فجوة متزايدة بين الإدارة الأميركية وحكومة بنيامين نتنياهو، في وقت تبذل فيه واشنطن جهودًا مكثفة لإنهاء الحرب، بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتكشف التصريحات التي نقلتها صحيفة “تايمز” البريطانية عن إحباط ترامب، الذي يُقال إنه فقد صبره على نتنياهو، ويرى أن الأخير بنى مسيرته السياسية على استرضاء رؤساء الولايات المتحدة، في حين أصبح ترامب في نظر زعماء العالم شخصية متقلبة المزاج وصعبة التعامل.

من جهة أخرى، نفى مبعوث ترامب الخاص لشؤون الأسرى، آدم بولر، التقارير التي تحدثت عن تهديد ترامب بقطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي إذا لم تُوقف الحرب، واصفًا هذه الأخبار بـ”الأخبار الزائفة”. أكد بولر استمرار دعم ترامب القوي للكيان الإسرائيلي، وأن الرئيس قد يعبر عن رغبته في إنهاء الحرب، لكنه يبقى ملتزمًا تجاه تل أبيب بشكل لا يتزعزع، ما يوضح أن العلاقة الأميركية-الإسرائيلية لا تزال متينة رغم التوترات.

إحباط ترامب من حرب غزة وتصاعد التوتر مع نتنياهو.. وعائلات الأسرى تحذر من مخاطر استمرار الأزمة

وفي السياق، أفاد موقع “واللا” عن إحباط ترامب من الوضع في غزة، وصدمة معاناة الأطفال الفلسطينيين، حيث نقل عن مسؤولين في البيت الأبيض أن ترامب وجّه رسائل إلى نتنياهو طالب فيها بإنهاء الحرب. رغم ذلك، يؤكد المسؤولون استمرار الدعم الأميركي القوي للكيان الإسرائيلي، إلا أن الفجوات بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو تزداد تعقيدًا، ما يعكس توترًا في إدارة الحرب على غزة.

ويُبرز أحد كبار المسؤولين في البيت الأبيض رغبة ترامب في إنهاء الحرب، وإعادة الأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية، والبدء بإعادة إعمار غزة، معتبرًا زيارته الأخيرة للشرق الأوسط “نجاحًا كبيرًا”. لكنه يرى في استمرار الحرب “عقبة” أمام تحقيق خططه الإقليمية، و”تشتيتًا” لمساعيه في دفع مشاريع السلام والازدهار بالمنطقة.

ويعكس قرار ترامب التحرك أحاديًا للإفراج عن عيدان ألكسندر بدلاً من انتظار اتفاق شامل بين الكيان الإسرائيلي وحماس إحباطًا متزايدًا من تعثر المفاوضات، بحسب التقارير الاسرائيلية.

من جانبهم، أصدر مقر عائلات الأسرى بيانًا حاد اللهجة، أكد فيه أن الكيان الإسرائيلي لم ينجح منذ 19 شهرًا في أداء واجبه الأخلاقي بإعادة الأسرى، معتبراً أن “لا انتصار جزئي أو شكلي” دون تحقيق هذا الهدف. وحذر البيان من أن انسحاب الكيان الإسرائيلي من المفاوضات سيعرض الأسرى للخطر، وسيؤدي إلى دفع الجنود ثمناً باهظًا، ويغرق الدولة في عزلتها السياسية بسبب استمرار أزمة غزة.

وأشار البيان إلى وجود اتفاق جاهز على الطاولة منذ أكثر من عام، مؤكدًا ضرورة تبني هذا الاتفاق وإنقاذ الكيان الإسرائيلي من تداعيات استمرار النزاع، لا سيما بعد تحييد قيادة حماس عسكريًا، مما يسلط الضوء على أزمة سياسية وأخلاقية داخل المؤسسة الإسرائيلية.

تصعيد عسكري إسرائيلي وتهديدات بتوسيع التوغل في غزة

في تطور ميداني يرافق هذه المفاوضات، هدد رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، يوم الثلاثاء، بأن حماس ستدفع ثمن تعنتها، مشيراً إلى نية الجيش توسيع التوغّل البري واحتلال المزيد من المناطق، مع تنفيذ عمليات تطهير وتدمير للبنية التحتية حتى “حسم المعركة”.

جاء ذلك عقب قرار نتنياهو سحب عدد من كبار المفاوضين من الدوحة، من بينهم منسق شؤون الأسرى والمفقودين، وغال هيرش، ومسؤول جهاز الشاباك المعروف بالحرف “ميم”، مع الإبقاء على طاقم فني مصغر، في رسالة إلى واشنطن بأن الكيان الإسرائيلي ما زال مستعدًا للتفاوض، رغم تصعيد العنف.

وأفادت مصادر في الكيان الإسرائيلي بأن مفاوضات الدوحة استُنفدت، وأن المحادثات الفعلية تُدار حالياً بشكل مباشر بين المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، ونتنياهو ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، بينما اعتبرت حركة حماس استمرار وجود الوفد الإسرائيلي بالدوحة محاولة تضليل للرأي العام العالمي، مؤكدة غياب أي مفاوضات فعلية منذ السبت الماضي، وهو ما يعكس تعقيدات المشهد التفاوضي في ظل استمرار الحرب.

تأتي هذه التطورات في ظل تحضير الكيان الإسرائيلي لتوسيع عملية “عربات جدعون”، التي تشمل إخلاء شاملا لسكان غزة من مناطق القتال، خاصة في شمال القطاع، مع بقاء جيش الاحتلال في أي منطقة يحتلها.

وأشارت صحيفة “يسرائيل هيوم” إلى أن العملية البرية المكثفة التي يخطط لها الجيش قد تمتد لشهرين، بهدف السيطرة على معظم القطاع، مع مرحلة ثانية تستمر شهراً إضافياً لتقليص مساحة غزة إلى الحد الأدنى. هذا يعكس استراتيجية الاحتلال في تحقيق سيطرة ميدانية شاملة، مقابل زيادة معاناة المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وفي الوقت نفسه، يسعى الكيان الإسرائيلي لتسريع تهجير سكان غزة، بالتنسيق مع الإدارة الأميركية، رغم أن مصادر مطلعة ترى أن واشنطن لا تولي المسألة الاهتمام الكافي الذي يسمح بدفع الخطة بوتيرة أسرع. هذا التباطؤ في دفع خطة التهجير يعكس التوترات والتحديات الإقليمية والدولية المحيطة بالصراع.

ويخطط الاحتلال لتفعيل آلية جديدة لتوزيع المساعدات، تقوم على إنشاء نقاط توزيع في مناطق تحت سيطرة جيش الاحتلال، مع تكليف شركة أميركية خاصة بعملية التوزيع. وحتى الآن، أقام الكيان الإسرائيلي أربعة مراكز لوجستية لتوزيع المساعدات، تغطي قدرة استيعابية تقدر بنحو 1.2 مليون شخص، بينما يعيش أكثر من 2.2 مليون فلسطيني في غزة تحت خطر المجاعة، وفق تقديرات المنظمات الدولية، مما يعني أن الخطة الإسرائيلية لا تغطي سوى نصف السكان تقريبًا، وهو ما يعكس فجوة كبيرة في جهود الإغاثة.

تثير هذه الآلية الجديدة رفضًا شديدًا من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، التي ترى أنها تنتهك القانون الدولي ومبادئ العمل الإنساني، خصوصًا مبادئ الحياد والاستقلال والنزاهة والإنسانية، مما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية ويضع علامات استفهام حول نوايا الاحتلال تجاه المدنيين.

المصدر: مواقع