في بعض الأحيان، قد يتعلَّق الأطفال بصداقات وهمية منبثقة من خيالهم، فعلى سبيل المثال، يتمتع بعض الأطفال بعلاقة وثيقة باللعبة المفضلة لديهم، حتى إنهم قد يطلقون عليها اسماً، ويسردون قصصاً وحكاياتٍ على لسان الدمية أو الدب المحبب لهم. كما قد لا يبالي الطفل في الكثير من الأحيان باللعب الباهظة، إلا أنه قد ينجذب بقوة إلى دمية عادية على شكل دب أو أرنب.
في الحقيقة، لا يجب أن نقلِّل من أهمية اختيار الأطفال للعبهم، فقد يعكس ذلك جوانبَ نفسية خفية من شخصيتهم، بحسب تقرير نشرته صحيفة Tvoymaisha الروسية.
في جميع أنحاء العالم، يتعلق الطفل بلعبة محددة في سنته الأولى، أو في عمر السنتين، وفي بعض الأحيان يتخذ الأطفال في سنِّ الحضانة دميةً على أنها رفيق لهم.
ويقول علماء، إن هذا التصرف يعود بالأساس لإحساس الطفل بالفراغ لانفصاله عن أمه؛ إذ يتخذ الطفل لنفسه لعبةً تغنيه عن غيابها وتُلهيه عن إحساسه بالفقد، وبالفعل يساعد هذا التصرف الطفلَ على التغلُّب على شعوره بالوحدة وغياب والدته لبعض الوقت.
علاوةً على ذلك، تعتبر تجربة الطفل الأولى في رياض الأطفال تجربةً صعبةً؛ إذ يطغى على الطفل الإحساسُ بالخوف والوحدة، فضلاً عن انعدام الشعور بالأمان، وبالتالي، يلجأ الطفل لأخذ أي شيء من المنزل، مثل لعبته المفضلة التي تعوَّد على وضعها بجانب سريره.
يظن الطفل أن لعبته المفضلة بإمكانها سماعه وحفظ أسراره وأفكاره التي لا يريد الإفصاح عنها للآخرين، وبالتالي يصبح شديدَ الارتباط بها ولا يمكنه الاستغناء عنها، حتى لو تحطَّمت، أو كانت ساقها مقطوعة، أو خرجت بعض أسلاكها، ودائماً ما يدَّعي الأطفالُ أن لهم سراً خطيراً لا يعرفه أحد سوى لعبته المفضلة، إلا أن الأهل لا يلقون بالاً لمثل هذا الحديث، مما قد يؤثر سلباً على الطفل، وفي بعض الأحيان، يُفصح الطفل عن مشاعره للعبته المفضلة، فيشكو لها حزنَه بسبب غياب أُمِّه عن المنزل واشتياقه لها، ولذلك ينصح بعض أخصائي الأطفال بالاستماع للطفل وإيلائه اهتماماً خاصاً إذا ما ادَّعى أن دميته تسمعه.
كما حذَّر الأخصائيون من خطر تهميش مشاعر الطفل وإخباره بأن لعبته المفضلة لا تشعر به ولا تسمعه؛ بل يمكن للأهل استغلال اللعبة المفضلة لدى الطفل حتى تكون وسيلة تواصل بينهم وبين ابنهم.
أيضاً لا يجب على الوالدين الخوف من علاقة الطفل القوية بلعبته؛ بل على العكس، فمن الممكن أن تعكس علاقته مع لعبته المفضلة حاجته للمعانقة من والديه، ورغبته في التعبير عن مشاعره وأفكاره.
قد تساعد اللعبة الطفلَ على تجاوز المواقف الصعبة، والتعامل مع مشاعره، ففي بعض الأحيان يأخذ الطفلُ لعبَته المفضلة إلى طبيب الأسنان حتى يحسَّ بالثقة.
وينصح الخبراء بالسماح للأطفال باصطحاب لعبتهم المفضلة إلى أي مكان يشاؤون، وفي حال نسي الطفلُ أخذ لعبته معه وانزعج من ذلك، يفضل أن يكون الوالدان جاهزين لمثل هذه المواقف من خلال توفير نسخة ثانية لتحلَّ محلَ الأولى؛ حتى لا يشعر الطفلُ بالنقص، بالإضافة إلى ذلك، يسمح التواصل مع الألعاب للطفل بتطوير قدراته الاجتماعية، فضلاً عن أنه يساعده على تحمُّل المسؤولية؛ إذ يتعلم الطفل من خلال التعامل مع لعبته بحذر وحرص ورعاية أساليبَ التعامل مع الأطفال الآخرين، ويتدرَّب على التواصل معهم، ومع مرور الوقت يصبح الطفل على استعداد لإقامة علاقات صداقة حقيقية مع أطفال آخرين.
وقد يتمكن الوالدان من خلال مشاهدة طفلهما وهو يتخاطب مع لعبته من معرفة ابنهم أكثر.
يحبِّذ الأطفال الدمى والحيوانات، ويكون اختيار اللعبة المفضلة من بينها مسألة ذوق، وفي معظم الوقت يختار الأطفال اللعبَ الأصغر حجماً.
ومن وجهة نظر بعض العلماء، فإنه من الأفضل أن يكون لدى الطفل ألعاب متنوعة، على غرار الوحوش والحيوانات المفترسة، وبعض الشخصيات الخيالية، ويمكن ربط كل لعبة من بين هذه الألعاب بحكاية محددة لتعليم الطفل قيمَ الخير والشر، وتقديم النصح له حول العديد من المسائل، مثل كيفية التعامل مع الأعداء والابتعاد عن العواطف السلبية والتغلب على الخوف.
فيما يجب على الوالدين احترام اختيارات أطفالهم، فليس صائباً أن تنتقد طفلك لتعلقه بلعبة دون غيرها، فما لا يثير اهتمام الكبار قد يكون مصدر راحة وسعادة للطفل.
فضلاً عن أن معاقبة الطفل بحرمانه من لعبته المفضلة يعد أسلوباً تربوياً سيئاً للغاية، ويوصي الخبراء باتباع وسائل أخرى للعقاب، خلافاً لأسلوب التعذيب العاطفي عن طريق حرمانه من أحب الأشياء لقلبه.
المصدر: هافينغتون بوست