الصحافة اليوم 4-1-2021 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 4-1-2021

الصحافة اليوم

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 4 كانون الثاني 2021 على خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الذكرى الاولى لاستشهاد سليماني والمهندس، والحديث عن الاقفال العام للبلد لارتفاع اعداد الاصابات بالكورونا بسبب الاستهتار الشعبي وخفة تعاطيه مع اجراءات الوقاية في فترة الاعياد…

الاخبار

السيد نصر الله في ذكرى سليماني والمهندس: القصاص العادل مسؤوليّة كل حرّ

جريدة الاخباربوصفه قائداً أممياً، أحيا السيد حسن نصر الله ذكرى استشهاد قائد فيلق القدس قاسم سليماني. وطمأن إلى أن محور المقاومة خرج أقوى من هذه المحنة. كما توعّد بالقصاص للفاعلين. وكرر التأكيد أن الخروج الأميركي من المنطقة هو أحد تداعيات هذه العملية. وقال إن العملية فرضت معادلات عسكرية وأمنية جديدة، ولذلك تشهد المنطقة استنفاراً كبيراً، مؤكداً أن إيران عندما تريد أن ترد، فهي تقرر كيف وأين ومتى

في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، اختصر الأمين العام لحزب الله تداعيات الاغتيال بثلاث نقاط:

التأكيد أن العملية وضعت القوات الأميركية على خط الخروج من العراق ومن المنطقة.

التأكيد أن القصاص العادل سيكون مصير منفذي الاغتيال، بعدما حددهم الإمام الخامنئي بشكل دقيق. وهو إذ أشار إلى أن القصاص سيكون من مسؤولية إيران بالنسبة إلى سليماني، ومن مسؤولية العراق بالنسبة إلى المهندس، أكد أنه أيضاً من مسؤولية كل شريف وحر.

التأكيد أن الاغتيال زاد من عزم محور المقاومة على أولوية الوقوف إلى جانب فلسطين والشعب الفلسطيني ودعمه بكل ما أمكن.

وقال نصر الله إن محور المقاومة سيكمل هذا المسار، على أن يراعي كل طرف مصالحه الوطنية، مشيراً إلى أن هذا المحور يقاد بدقة ومسؤولية وليس كما يتصوره البعض، ولولا ذلك لما تحققت هذه الانتصارات.

وعاد نصر الله بالتاريخ إلى الاجتياح الإسرائيلي، مشيراً إلى أن لبنان «معنيّ بالاعتراف وبشكر وتقدير من وقف إلى جانبه منذ اليوم الأول. ومن الطبيعي أن نحيي هذه المناسبة، وأن نسمّي بعض شوارعنا وساحاتنا ومحمياتنا باسم الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس. ومن الوفاء أن لا نساوي بين العدو والصديق، أو بالحد الأدنى من خذلك وتخلى عنك ولم يمد لك يد المساعدة ولو بكلمة، وبين من وقف إلى جانبك». أضاف: «نحن في لبنان لا يمكن أن نساوي بين من دعمنا في الموقف والسلاح والمال واستشهد معنا وأعاننا لتحرير أرضنا وأسرانا، وبين من تعامل ودعم العدو الإسرائيلي خلال كل سنوات الاحتلال، وصولاً إلى حرب تموز، التي طلب فيها من العدو أن لا يوقف الحرب قبل سحق المقاومة. وفي فلسطين أيضاً، لا يمكن أن نساوي بين من دعم فلسطين وبين من ساهم في حصار الفلسطينيين، كما لا يمكن المساواة بين من كان شريكاً في الحرب الكونية على سوريا ومن وقف إلى جانبها ودعمها بالمال والسلاح واستشهد على أرضها. ولا يمكن للشعب العراقي أن يساوي بين من احتل أرضه ودمر العراق ودعم كل الجماعات التكفيرية والإرهابية، وبين من وقف إلى جانب العراقيين ليساعدهم على التخلص من داعش ومن خطر الجماعات التكفيرية».

وخلص نصر الله إلى أن «الوفاء من شروط النصر. ولذلك، ونتيجة قوة حضور الحادثة من اليوم الأول إلى اليوم في الوجدان والمشاعر وفي المعادلات الأمنية والسياسية، يوجد قلق كبير في المنطقة. فالإسرائيليون رفعوا نسبة الاستنفار والاحتياط في جيشهم بسبب الذكرى السنوية لاستشهاد سليماني والمهندس. والأميركيون يتصرفون بقلق وخوف، فيما الإيرانيون يفترضون أن ترامب قد يحضّر لشيء ما قبل مغادرته في ٢٠ كانون. وبالنتيجة المنطقة كلها مستنفرة بفضل هذه الحادثة».

وأوضح أنه «عندما تقرر إيران أن ترد على الاغتيال عسكرياً فهي التي سترد كما فعلت في عين الأسد وعندما تريد أن ترد أمنياً فهي تقرر أن ترد». واعتبر أنها لو أرادت أن ترد عسكرياً على اغتيال العالم الإيراني فخري زادة بعملية أمنية، لفعلت منذ اللحظات الأولى. وقال إن إيران لا تطلب من أصدقائها وحلفائها أن يردوا نيابة عنها، وإذا هم بادروا فهذا شأنهم. لكن إيران ليست ضعيفة، وعندما تريد أن ترد فهي تقرر كيف وأين ومتى. ونصح نصر الله الخصوم بعدم المقارنة بين إيران وأصدقائهم الإقليميين الذين يقول عنهم ترامب إنهم يملكون المال وهم يدفعون لأميركا لتدافع عنهم. ولهذا هم بحاجة إلى أميركا ومرتزقتها، ولكن إيران قوية وهي قادرة على الدفاع عن نفسها.

محور المقاومة تجاوز الضربة وصار أكثر قوة وإيران لا تطلب من حلفائها أن يردوا نيابة عنها

وطمأن إلى أنه بالرغم من الخسارة الكبيرة، «إلا أن محور المقاومة استطاع أن يستوعب هذه الضربة، وخاب ظنهم بأن يؤدي هذا الاغتيال إلى انهيار المحور. نحن بحسب ثقافتنا وانتمائنا وتاريخنا، نعرف كيف نحوّل التهديدات إلى فرص وكيف نحوّل الدم المسفوك ظلماً إلى دافع قوي للاستمرار والثبات والصمود والإحساس أكثر بالمسؤولية. ولذلك أقول للأميركيين والإسرائيليين ولكل من هو في محورهم والذين يقتلون ويتآمرون على اغتيال قادتنا وعلمائنا وشعوبنا ونسائنا ورجالنا، عندما تقتلون قادتنا نزداد عناداً وتمسّكاً بالحق، ولذلك دعا من يراهن على العقوبات والاغتيالات إلى الخروج من الوهم».

وانطلاقاً من التضحيات التي قدمها سليماني، قال نصر الله: «نحن اليوم نقدم الحاج قاسم سليماني بطلاً عالمياً وأممياً، بوصفه عنواناً عالمياً للتضحية والفداء والإخلاص والوفاء والدفاع عن المستضعفين، بغضّ النظر إلى أي دين أو هوية انتموا». واعتبر أنه لا يضخم ولا يصنع أسطورة، مؤكداً أن كل ما كشف عن شخصيته وجهاده وإنجازاته هو وكل إخوانه في كل الساحات هو قليل، لكن سيتم الكشف عن المزيد لاحقاً.

وفيما أشار نصر الله إلى أنه سيخصص الإطلالة المقبلة (الخميس أو الجمعة) للحديث عن الملف اللبناني، ختم حديثه بـ«نصيحة لمن يراهنون على العقوبات ولوائح الإرهاب»، أشار فيها إلى أن «هذه الإجراءات لا تقدّم ولا تؤخر، لكن هدفها نفسي وهي جزء من المعركة لإخضاعنا». أضاف: «لسنا محاصرين، بل أعداؤنا هم المحاصرون ويخوضون معركة خائبة لن تؤدي إلى أي نتيجة».

القائد الأممي

حسن عليق

بعد أيام على اغتيال اللواء قاسم سليماني، كان ديوسدادو كابيلّو، أحد أقوى الشخصيات في الحكم في فنزويلا (في العسكر كما بين المدنيين)، يلقي خطاباً في التجمع العالمي المناهض للإمبريالية، فافتتحه بطلب وقوف الحاضرين تحية «للشهيد الكبير الجنرال قاسم سليماني، الذي اغتيل على يد الإرهاب الأميركي الشمالي».

الرجل الذي أنقذ هيوغو شافيز من انقلاب العام 2002 وساهم في إنقاذ بلاده من محاولات انقلابية أخرى لاحقاً، لم يكن يتحدّث عن شهيد محور المقاومة من منطلق «التضامن الثوري» حصراً. هو يرى في إيران داعماً لبلاده أيضاً. توقيت الخطاب سبق بستة أشهر وصول شحنات البنزين الإيراني إلى فنزويلا. لكنه تلا سنوات من التعاون بين طهران وكاراكاس في نواحي شتى، أبرزها الجانب العسكري الذي قلما يُصرّح عنه المسؤولون في البلدين. هناك برنامج عمل، هدفه تعويض النقص الذي تعانيه فنزويلا في قطع غيار الأسلحة والطائرات بسبب الحصار الأميركي، إذ سبق لإيران أن خاضت تجربة مشابهة مع جزء من سلاحها الأميركي الصنع مذ كانت تحت حكم الشاه. لكن الأهم هو مساعدة إيران لكاراكاس على مأسسة «الميليشيات الشعبية» في الدولة اللاتينية، لحماية نظام الحُكم من الانقلابات. طيف قاسم سليماني كان حاضراً في كل هذه الميادين.

لكن كابيلّو كان ينطق بلسان تيار عريض في «الوطن اللاتيني الكبير». هذا التيار اليساري، سواء في الحكم أو خارجه، يرى في إيران الثورة، ومحور المقاومة، حليفاً موضوعياً. ففي تلك البلاد، ومنذ أكثر من 120 عاماً، كانت غالبية التجارب الاستقلالية الحقيقية تصطدم بالسياسات التوسعية للشمال. كان القائد الوطني الكوبي، الشهيد خوسي مارتي، من أوائل الذين تنبّهوا إلى هذه المعضلة، حيث لا تزال أطماع «أميركا الشمالية» هي العائق الأول أمام الاستقلال في أميركا الجنوبية.

يوم أمس، لاقى الرئيس البوليفي السابق وزعيم التحالف اليساري الحاكم في بلاده، إيفو موراليس، كابيلّو، ليصف سليماني بأنه أحد «أبطال القتال ضد الإمبريالية وشهدائه في العالم». كان موراليس أيضاً ينطق باسم التيار نفسه. هذا التيار الذي يرى أن تطوير بلاده وتحسين حياة السكان فيها يمران حتماً بمواجهة العدوانية الإمبريالية الأميركية.

استحضار كابيلّو وموراليس (من بين عشرات الأمثلة في أميركا اللاتينية) لا يهدف إلى «افتعال» بُعد أممي لشخصية سليماني. فهذا البُعد موجود فعلاً. ويندر، في العقود الأخيرة على الأقل، العثور على شخصيات يترك حضورها، كما غيابها، أثراً كبيراً في كل دول الإقليم، وصولاً إلى «أقاصي» العالم، كما هي حال سليماني. على مدى 22 عاماً، كان سليماني يعمل كوزير ثانٍ لخارجية إيران، ورئيساً ثانياً لجهاز استخباراتها الخارجية، وقائداً لقواتها خارج الحدود، وسفيراً فوق العادة لقائدها، وصلة وصل بينها وبين حلفائها، كما بين الحلفاء أنفسهم. وفي جميع الأدوار، لم يكن الحاج قاسم منفذاً لسياسات وحسب، بل صانعاً لها، ومشاركاً في رسمها. يمكن النظر إلى دوره في الحرب السورية، بعد عام 2012، كمثال اعتمده في كل عمله. ابتدع تجربة «الممرات الآمنة»: طرق يصل طول بعضها إلى عشرات الكيلومترات (وأحياناً المئات)، تخترق «أراضي العدو»، لتصل «الأراضي المحررة» بعضها بالبعض الآخر، وتسمح بنقل آمن للمقاتلين والسلاح والمال والغذاء والوقود وما يلزم للحياة، وتغيّر مجرى المعارك. هكذا كان يفعل أيضاً بين الحلفاء، في الإقليم وحول العالم.

يصعب، بعد مرور عام على اغتياله، سدّ الثغرة التي خلّفها غيابه. والمحور الذي كان أحد قادته، مُلزم، بعد مرور 12 شهراً على الجريمة، بالرد على قتله غيلة، مع رفيقه القائد أبو مهدي المهندس. وهذا الرد ليس للثأر حصراً، بل هو، أولاً، لإعادة ميزان حياة المحور إلى ما كان عليه قبل الثالث من كانون الثاني 2020. والرد هنا لا يكون، بإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية في صفوف العدو، على المستويات كلها، وحسب. فموازين القوى تَحُول، حتماً، دون التكافؤ في الضربات. الرد، في المقام الأول، هو في توسيع المساحات الآمنة، عسكرياً وأمنياً وسياسياً واقتصادياً، حول «الممرات الآمنة» التي أقامها سليماني ورفاقه، الشهداء منهم والأحياء، في طول الإقليم وعرضه، كما حول العالم. وتوسيع هذه الرقعة يبدأ بإخراج قوات الاحتلال الأميركي من الإقليم. هي الحرب الكبرى التي يجب أن تُخاض، بالصورة نفسها التي خيضت بها بعد عام 1982، انطلاقاً من لبنان. فاستقلال هذه البلاد مستحيل من دون مواجهة العدوانية الإمبريالية الأميركية، وأبرز مظاهرها الاحتلال العسكري المباشر.

مفاوضات الترسيم البحري: عودة إلى المرسوم؟

قررت «إسرائيل» الغياب عن ملف الترسيم البحري والمفاوضات غير المُباشرة مع لبنان. ذلِك أن آخر تصريح رسمي في ما يتعلّق بهذا الملف، كانَ لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي أعلنَ استعداد بلادِه لمواصلة العمل بينَ الطرفين «المُتباعدين» كما وصفهما، واستكمال الوساطة. أما الإعلام الإسرائيلي، فمنذ نحو أسبوعين وهو يتخذ وضعية الصمت بشأن المفاوضات، علماً بأن المسؤولين الإسرائيليين سبقَ أن كثّفوا عبرَ صفحاتِه رسائلهم التهديدية بتعليق المفاوضات أو الانسحاب منها، على إثر طلب لبنان في الجلسة الأخيرة في الناقورة (مطلع شهر كانون الأول الماضي) بخط جديد، يعطيه ‏‏1430 كيلومتراً مربعاً، تضاف إليها 860 كيلومتراً مربعاً سبق أن شكّلت المنطقة «المتنازع عليها»، أي ما مجموعه 2290 كيلومتراً ‏مربعاً. ومنذُ ذلِك الحين، لم يُسجّل أي تطورّ، ولا نتيجة للنقاش المنفرد مع الجانب اللبناني الذي تولاه السفير الأميركي جون ديروشيه، حينَ زار بيروت للضغط على لبنان للعودة الى الخطوط الأساسية التي كانَت مطروحة وعدم رفع السقوف للحفاظ على المفاوضات، فكان الجواب بعبارة «التمسّك بحقوقنا التي تُثبتها الوثائق والخرائط».

لكن هذا «الهدوء» على الجبهة المقابلة، لم يمنع لبنان من مواصلة جهوده. ففي اليوم الأخير من العام الماضي، كانَ لافتاً اجتماع الرئيس عون بأعضاء الوفد اللبناني المُكلف بالتفاوض حولَ عملية الترسيم، خاصّة أن المعلومات لم تُشر إلى عامِل جديد يستدعي عقد اللقاء الذي قيل إنه «لعرض الخطوات التي سيتخذها لبنان تحضيراً لاستئناف المفاوضات في المواعيد المقبلة». فماذا كانَ في الاجتماع، خاصة أن مصادر على بيّنة من تفاصيل الملف أكدت أن «الأميركيين لم يحملوا في الأسبوعين الماضيين أيّ رسائِل، كما ليسَ ظاهراً أن هناك جلسات تفاوض قريبة»؟

تقول معلومات «الأخبار» إن «الوفد العسكري هو من طلبَ لقاء الرئيس عون بسبب غياب المؤشرات بشأن استئناف عملية التفاوض من جديد»، لذا عرض الوفد مع رئيس الجمهورية «التدابير المُستقبلية التي على لبنان القيام بها، لجرّ الجانب الآخر الى طاولة المفاوضات مِن جديد، أو القيام بخطوة استباقية لتأكيد أن لبنان لن يتراجع عن الخطّ الذي طرحه أخيراً». وإلى حين حلول شهر شباط، موعِد تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة الملفات الخارجية، ومن بينها الشرق الأوسط، وهو الشهر الذي تُرجّح المصادر أن يُعاد فيه استئناف التفاوض، علمت «الأخبار» أن مِن بين التدابير التي نوقِشت في الاجتماع بين عون والوفد فكرة إعداد مرسوم جمهوري يحدد مساحة المنطقة البحرية الخالصة للبنان، على أن يُرسَل إلى الأمم المتحدة لتثبيته. بكلام أوضح، أي يلجأ لبنان إلى «ترسيم من جانِب واحد». هذه الفكرة ليسَت بجديدة، فقد سبَق أن طرحها رئيس الجمهورية قبلَ البدء بالمفاوضات لينطلق منه الوفد اللبناني في مفاوضاته مع العدو. لكن المرسوم لم يمُر بسبب رفض الرئيس حسان دياب ووزير الأشغال ميشال نجار التوقيع بحجة أن «مرسوم كهذا يحتاج إلى حكومة أصيلة لا حكومة تصريف أعمال». حتى إن هذا الطرح لم يلقَ تجاوباً من قِبل قوى معنية بالملف، فقد تحفّظ حزب الله على الطرح، فيما رفضه رئيس مجلس النواب نبيه بري من منطلق أن «أي تراجُع عن هذه المساحة التي يطلبها لبنان ستجعله في موقعٍ حرج وتظهره بمظهر المتنازل».

الرئيس عون يريد قطع الطريق على العدو الذي يسعى الى التسويف والمماطلة

ومع أن فكرة المرسوم لم تحظَ بإجماع عليها، حملها الوفد اللبناني الى طاولة المفاوضات بطلب من الرئيس عون. اليوم يُعاد إحياء هذه الفكرة، لكنها بحسب المصادر تحتاج إلى «إجماع وطني». ولذا ستبدأ الاتصالات في الأيام المقبلة بينَ بعبدا ورئيس الحكومة المكلف حسان دياب، كما وزير الخارجية والقوى السياسية المعنية للوصول إلى اتفاق يقضي بإعداد مرسوم يؤكّد حق لبنان بمساحة 2290 كيلومتراً مربعاً في المنطقة البحرية. وفيما قالت أوساط سياسية أن «هذا الأمر يحتاج الى التفكير والنقاش والدراسة»، أكدت أوساط بعبدا أن «الرئيس يريد قطع الطريق على العدو الذي يسعى الى التسويف والمماطلة، فيما لبنان بحاجة الى الانتهاء من ملف الترسيم للبدء بمسار التنقيب والاستفادة من ثروته النفطية»، وقد تكون هذه الخطوة مقدمة «لإجبار العدو على العودة الى عملية التفاوض ولو مرغماً، خاصة إذا كانَ الموقف اللبناني موحّداً في هذا الشأن».

الراعي: على عون والحريري التخلّي عن المحاصصة

لا أمل تحمله بداية العام بتشكيل الحكومة. العقد التي انتهى العام الماضي مثقلاً بها يهملها العام الجديد. لا أفق واضح ولا مبادرات جدية يمكن أن تعيد سعد الحريري إلى بعبدا للبدء مجدداً بمناقشة الملف الحكومي. وأمام عاصفة التصريحات والتصريحات المضادة التي تناولت الدور الإيراني في لبنان، وحدهما البطريرك الماروني ورئيس الحزب الاشتراكي لم يغب ملف الحكومة عنهما. الأول دعا لوقف المحاصصة والثاني دعا «الممانعة» الى تحمل المسؤولية

كما انتهت ٢٠٢٠ بدأت ٢٠٢١. لا أبواب مفتوحة أمام أي محاولات لتذليل العقبات التي تواجه عملية تأليف الحكومة. وبعدما ذهبت سكرة الأعياد وأتت الفكرة، تبيّن أن الأولوية المطلقة هي لمعالجة الانهيار الصحي الوشيك. ولذلك، بدت الحكومة آخر الاهتمامات، وخصوصاً أن لا مؤشرات جدية لحدوث أي حلحلة للعقد المستعصية التي تواجه تأليفها.

البطريرك الماروني بشارة الراعي، رأى في عظة الأحد أن الحكومة لن تتألف إلا من خلال لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف واتفاقهما على تأليف حكومة مميزة باستقلالية حقيقية، وتوازن ديموقراطي وتعددي، وبوزراء ذوي كفاية عالية في اختصاصهم وإدراك وطني بالشأن العام. وهو إذ رأى أن تبادل الاتهامات بين المسؤولين والسياسيين حول من تقع عليه مسؤولية عرقلة تأليفها لا يفيد، أشار إلى أن الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري قادران على اتخاذ هذا القرار «المسؤول والشجاع» إذا أبعدا عنهما «الأثقال والضغوط، وتعاليا عن الحصص والحقائب، وعطلا التدخلات الداخلية والخارجية المتنوعة، ووضعا نصب أعينهما مصلحة لبنان فقط».

وفي فترة انتظار عودة الإقفال العام، تردد أن وفداً من مجلس الشيوخ الفرنسي سيزور لبنان لإجراء محادثات مع المسؤولين اللبنانيين. ورغم أن هذه الزيارة قد تساهم في عودة تحريك ملف المفاوضات، إلا أن أحداً لا يتوقع أن تؤدي إلى خرق في مرحلة انتظار الجميع للعشرين من كانون الثاني، موعد رحيل إدارة دونالد ترامب.

لكن في المقابل، كان وليد جنبلاط يزيد من قتامة المشهد الحكومي. وعبر «تويتر»، قال: «في تصريحي السابق للأنباء قلت إن إيران تنتظر أن تحاور الإدارة الأميركية الجديدة، وإن حكومة اختصاصيين نوع من البدعة فقامت القيامة». وأضاف: «اليوم، ورياح المواجهة تهب من كل مكان، أليس من الافضل أن يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه، ولماذا التورط في المشاركة حيث لا قرار لنا بشيء؟».

في هذا الوقت، وفي ظل الفراغ القاتل، احتل كلام قائد القوات الجوية في الحرس الثوري الإيراني علي حاجي زادة يوم السبت الماضي صدارة السياسة في لبنان. زادة كان قد قال إن «كل ما تمتلكه غزة ولبنان من قدرات صاروخية، تم بدعم إيران، وهما الخط الأمامي للمواجهة». لكن في المقابل، عملت الماكينة الإعلامية لفريق ١٤ آذار على تحوير كلام قائد القوات الجوية الإيرانية، لتتهمه بالاعتداء على سيادة لبنان عبر التدخل في قرار حربه وسلمه. استند هؤلاء إلى خبر عاجل بثّته «العربية» ينقل عن زادة قوله إن «صواريخ لبنان وغزة كلها من دعمنا وهي خطنا الأمامي لمواجهة إسرائيل»، لتتوالى التصريحات التي تستند إلى ما نقل عن زادة، وتؤكد أن إيران تستعمل لبنان كمنصة لخوض حروبها ضد أميركا وإسرائيل. لكن في الترجمة الحرفية لما قاله زادة، تبيّن أنه قال: «لاحظوا معي، لا ينحصر الأمر بغزّة ولبنان، وهما في الخطوط الأماميّة، لكن كما صرّح الإمام الخامنئي، نحن سندعم كلّ من يقف بوجه الكيان الصهيوني، وبطبيعة الحال، ما نراه اليوم في غزّة ولبنان من قدرة في إنتاج القوّة الصاروخيّة، كان كلّه بدعم ومساندة من الجمهوريّة الإسلاميّة وفي ظلّ قيادة وإدارة الحاج قاسم سليماني». وكان واضحاً أكثر في ما قصده عبر قوله «نحن نعلّم جبهة المقاومة على صناعة صنارة الصيد، بدلاً من تقديم السمك، ولبنان وغزة يمتلكان تكنولوجيا صناعة الصواريخ»، لافتاً إلى أن «قدرات محور المقاومة لم تعد كما كانت قبل عشر سنوات، واليوم يطلق الفلسطينيون الصواريخ بدلاً من رمي الحجارة».

الماكينة الإعلامية لفريق ١٤ آذار تحوّر كلام قائد القوات الجوية الإيرانية

وبعدما كان معارضو حزب الله قد انكبّوا على التحريض على فريق المقاومة ورئيس الجمهورية ميشال عون، معتبرين أن الأخير ساهم في تحويل لبنان الى «مقاطعة إيرانية»، نشر عون تغريدة أكد فيها أن «لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره»، بينما أصدرت اللجنة المركزية للإعلام في «التيار الوطني الحر» بياناً أكدت فيه «حق اللبنانيين في الدفاع عن سيادتهم وأرضهم وثرواتهم في مواجهة أي اعتداء، من جانب إسرائيل أو غيرها». وأضافت: «يعتبر التيار أن اللبنانيين معنيّون بالحفاظ على حرية لبنان وقراره وسيادته واستقلاله، وأن المقاومة التي يمارسها اللبنانيون دفاعاً عن أرضهم، يجب أن تخدم دائماً هذه الأهداف دون سواها، وأن أي دعم يتلقّونه لا يجوز أن يكون مشروطاً بالتنازل عن السيادة الوطنية أو بالانغماس في ما لا شأن لهم به».

في الإطار نفسه، أتى بيان المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان الذي استغرب «أمر بعض اللبنانيين، فبينما هذا الفريق ينبطح للسفيرة الأميركية ويدعو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إعادة الانتداب على لبنان ويطبّل للدعم الأميركي الهزيل للجيش اللبناني زمن معركة الجرود التي حسمت حقيقة أن المساعدة الأميركية مجرد خردة، تراه متبجّحاً للدفاع عن السيادة التي حوّلها إلى إذلال ومهانة وقتل وإمارات ميليشيوية زمن الاحتلال الإسرائيلي. ورغم أن صواريخ قاسم سليماني وقدرات طهران التسليحية للمقاومة هي التي حسمت معارك التحرير والنصر وأكدت سيادة لبنان واستعادت قراره ومؤسساته الوطنية دون مقابل، فإن البعض يرى السيادة بعين عوكر وحواجز الذبح وإدارة الخوات الذاتية والتبعية للمال الأسود بخلفية نعيق مدفوع الأجر». وأكد أن «لا سيادة دون صواريخ قاسم سليماني، والمسؤول عن نهب البلد وتفليسه والإتجار بملفاته الإقليمية هو أنتم وليس صواريخ قاسم سليماني الذي ساهم في التحرير ودعم المقاومة التي استعادت البلد، وإذا كان لا بد من تمثال حرية وسيادة فهو لقاسم سليماني وليس للخونة والسماسرة مهما اختلفت أسماؤهم، وكفاكم سُمّاً وأكاذيب وخيانة لهذا البلد». فرغم «أننا تنازلنا كثيراً وفي كل المراحل من أجل مصلحة لبنان، إلا أن هناك من يريد لبنان مجرد عميل لعوكر ومستعمرة لتل أبيب وبرميل نفط مجيّر لهذا وذاك، وهذا لن يمرّ أبداً في لبنان، ومع ذلك لن تمر مشاريع الحرب الأهلية وقنابل الفيدرالية ولعبة الشوارع المفخخة بالزعاف الأميركي».

عام الانهيار والرهانات الخائبة: «تكيّف جماعي» مع اقتصاد «الكازينو»

لم يتوقع الكثيرون «الانهيار» قبل عام 2021، لكنه وقع أبكر بكثير. علاماته الأولى ظهرت في مطلع 2019 ثم تسارعت في نهايتها. في ذلك الوقت انفجرت الاحتجاجات الشعبية ثم تطوّرت إلى ردود فعل عنيفة ركّزت على المصارف ومصرف لبنان. لاحقاً بدأت تظهر مؤشرات حادّة، مثل الصرف من العمل، والبطالة المرتفعة، وانزلاق الأسر نحو الفقر، فضلاً عن تضخّم الأسعار، وقفزات كبيرة في سعر الصرف… المستغرب أنه بعد 12 شهراً على الأقل، عاد الحديث عن انهيار كبير آتٍ، مغمّساً بنقاشات عقيمة حول الدعم والاحتياطيات بالعملات الأجنبية والودائع… أوحى ذلك بأن الانهيار لم يحصل. حتى الاحتجاجات الشعبية بأبسط صورها خمدت. هل هو تعبير عن حالة الإنكار التي تحوّلت إلى حالة «تكيّف جماعي». الإنكار، بهذا المعنى، يوحي بأن النموذج الاقتصادي – السياسي هو «كازينو» كان يقدّم أرباحاً متواصلة، وبعد إفلاسه ما زال هناك من يراهن على عودته

«كيف أفلست؟ تدريجياً، ثم فجأة». هذه العبارة ترد في حوار من رواية لأرنست هيمنغواي في عام 1962، وهو تفسير دقيق لحالة الإفلاس. غير أنه لا ينطبق على تفليسة لبنان. بمعيار سعر الصرف، الانهيار حصل. وبمعيار الفقر أيضاً حصل. وبمعيار البطالة والرغبة في الهجرة حصل. وبمعيار تعديل أنماط الاستهلاك أيضاً… إذاً لماذا الكلّ مستسلم؟ دوافع هذا السؤال، أن المشهد على أرض الشارع انتقل من حالة الاحتجاجات العنيفة المتركّزة على أبواب المصارف، وأمام المقر الرئيسي لمصرف لبنان، إلى حالة الركود الشعبي والقبول بسحب الأموال على سعر صرف أقل بنسبة 50% على الأقل من السعر الفعلي. والحالة السياسية هي أيضاً انتقلت من الرعب الذي دبّ في نفوس المرجعيات أيام 17 تشرين الأول وما تلاها، إلى حالة المماطلة في تأليف حكومة لأشهر.

من الغليان إلى الركود

في مطلع عام 2020 كان المشهد على أبواب المصارف مخيفاً. موظفو المصارف كانوا يعيشون في حالة رعب من ردود فعل المودعين غير القادرين على سحب مدخراتهم بالدولار نقداً. كانت التظاهرات والاحتجاجات متواصلة أمام المبنى المركزي لمصرف لبنان. هذه المرّة لم يكن الاتحاد العمالي العام هو من يقودها باسم قوى السلطة وينفّسها باسم الشعب. سعر صرف الليرة كان يقفز باطّراد إلى أن بلغ ذروته عند مستوى 9900 ليرة مقابل الدولار الواحد. الأسعار تضخّمت بمعدلات كبيرة. سلّة الغذاء وحدها زادت بمتوسط 240%، فيما الألبسة والأحذية زادت بمتوسط 265%… وجاءت جائحة كورونا كعامل إضافي فوق انهيار غير مسبوق في تاريخ لبنان. ما يسمى بـ«النخب» عاشوا في حالة رعب حقيقي. فالدعوات إلى التظاهر أمام مساكن ومقار السياسيين والمصرفيين لم تتوقف، وصولاً إلى طردهم من المطاعم. وفي آذار أعلنت الحكومة التوقف عن سداد ديون سندات اليوروبوندز، وأطلقت نقاشاً في ما سمّته «خطّة التعافي».

… ما تقدم مجرّد عينّة عمّا حصل في الأشهر الأخيرة من 2019 والربع الأول من 2020، لكنه انتهى في النصف الثاني من عام 2020. بدا كأن الجميع استسلم. الحقيقة أنهم تكيّفوا بشكل مذهل. لا ردود فعل واضحة، ولا احتجاجات، حتى إن قوى السلطة استعادت نشاطها وانبرى المجلس النيابي إلى تفنيد الخسائر على «ذوقه»، وقرّرت قوى السلطة إطاحة الحكومة في آب من دون أي استعجال لتأليف حكومة جديدة حتى اليوم. لا يهم إن كانت الحكومة الجديدة ستقوم بما هو لازم، أو بأمر ما خارج «العلبة».

لوهلة، اقتنع المودعون، بصغارهم وكبارهم، بأن الانهيار حصل، لكنهم الآن تدجّنوا على التعامل مع المصارف. وانسحب هذا التدجين على الناس بصفتهم مستهلكين. فبكل هدوء، عدّلوا أنماط استهلاكهم لتتلاءم مع الوضع الناشئ. تقليل عدد الوجبات، وخفض مستوى نوعية الغذاء واللبس، ولم تعد تعنيهم مشاكل الاستشفاء والطبابة ولا التعليم، وحتى مداخيلهم التي تآكلت. لامبالاة مرعبة من طرفي السلطة والناس.

الرهان على عودة «الكازينو»

كيف يمكن ذلك؟ سيق الكثير من المبرّرات على شكل تداعيات جائحة كورونا والأثر الناتج عن الإغلاق، والتركيبة الطائفية لقوى السلطة وقدرتها على «ضبط الشارع»، وغياب القيادة والتنظيم عن التحرّكات يمثّل سبباً لخمود نار الاحتجاجات الشعبية ويطفئ لهب الانتقام من المصارف التي سطت على الأموال… كل ذلك لا يفسّر الحديث عن انهيار كبير آتٍ بينما نحن في قلبه الآن.

قد يكون تشبيه «الكازينو» الذي أطلقه الوزير السابق ورئيس حركة مواطنون ومواطنات شربل نحاس الأقرب لتفسير هذه الظاهرة. فالنموذج السياسي – الاقتصادي له جذور ”الكازينو“ منذ منتصف الثمانينيات، أي مع انهيار سعر الصرف وانتهاءً بالدولرة الكاملة في 1997. منذ 35 سنة، كان هذا الكازينو يقدّم الأرباح بوتيرة متواصلة. الكل كان يربح بشكل متفاوت. لكنّ ثمة معيارين لهذا التفسير: الأول زمني متصل بجيل ما قبل الحرب وما بعده، والثاني طبقي متصل بمن يملك الثروة والفقراء.

الخارجون من الحرب ربحوا عبر قنوات التوزيع السياسي والنقدي – المصرفي التي استمرّت لغاية 2019. الربح كان حقيقياً بفعل تثبيت سعر الصرف الذي رفع القدرة الشرائية إلى مستويات عالية جداً وقنوات التوزيع السياسية بجميع أشكالها الرسمية (القطاع العام) والخاصة (الإعانات…). «قيمة الليرة الشرائية أصبحت في عام 1999 أعلى مرتين ونصف مما كانت عليه في عام 1970 رغم انهيار سعر الصرف، ورغم أن الاقتصاد الحقيقي يكاد يكون غير موجود»، وفق نحاس. وجيل ما بعد الحرب لم يشهد سوى هذا النموذج الذي كان يتيح له الاستهلاك بوتيرة مرتفعة جداً. الأرباح عبر الكازينو كانت تتدفق عبر القنوات التوزيعية نفسها، سواء كانت سياسية أم بفعل تثبيت سعر الصرف.

في المعيار الثاني، يمكن التمييز بين الطبقة الوسطى والفقراء. الأولى اعتبرت أن القدرة الشرائية المرتفعة هي عبارة عن مكسب لا يمكن التخلّي عنه. تثبيت سعر الصرف كان عبارة عن رقي اجتماعي واقتصادي لهم، بينما الفقراء لم يكن لديهم ما يخسرونه سوى علاقتهم الزبائنية بالزعيم. هذه العلاقة كانت تقدّم لهم الخدمات عبر قنوات التوزيع السياسية، من دخول المستشفى إلى التعليم والتوظيف في القطاع العام…

هكذا تتضح الصورة أكثر. فالخسارة في ظل هذين المعيارين تتعلق بالإقرار بحصولها. لكن هناك الكثير من الدلائل على أنها خسارة يمكن القبول بها، «تماماً مثل خسارة الأرباح التي حصّلت من أرباح الكازينو»، بحسب نحاس. فعلى سبيل المثال، كان هناك الكثير من مديري المصارف الذين كانوا على علم بما يحصل بدقّة، لكنهم جمّدوا أموالهم التي علقت في المصرف كباقي المودعين. الأمر لا يتعلق بالطمع والجشع فحسب، بل كانوا يردّدون أن الانهيار آت، ولكنه لن يحصل قريباً. كانوا يراهنون، وسط تأكيدات سلامة الذي ترتبط صورته بثبات الليرة، على أنهم سيربحون من الكازينو ويفرّون قبل الانهيار. هذا هو وعدهم من سلامة و«بوطته». كان الرهان على التوقيت، رهاناً خائباً.

مخطط سلامة

إذا كان هناك استعداد لدى الناس للرهان على الكازينو مجدداً، فإن حالة عدم الإقرار بالخسارة «هي نتيجة تلقائية». الفرق كبير جداً بين المتراخين في مواجهة الخسائر لأنهم يرون أنهم خسروا ما لا يملكونه فعلياً، وبين الذين خسروا مدخراتهم المحققة بقوّة العمل. التعامل مع الخسارة يختلف بين الاثنين. بهذا المعنى، يصبح مفهوماً لماذا يقبل الناس سحب ودائعهم ضمن سقوف غير نظامية وعلى سعر صرف «المنصّة» بقيمة 3900 ليرة مقابل الدولار. كأن حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، يقول لهم سأقسم الخسارة بينكم وبين باقي الناس. كأنه يقدّم لهم حلّاً رضائياً. ستحصلون على دولاراتكم بنصف قيمتها الفعلية، وسأطبع الأموال مقابلها ولو كانت ستسهم في تضخّم الأسعار. سعر المنصّة الثابت مثله مثل الدولار بين 1997 و2019، يشبه أيضاً ما يحصل في الاسواق المالية عندما تراهن على ارتفاع سلعة ما وتحقق أرباحاً، لكنها تنخفض بسرعة فتضغط على زر «وقف الخسارة» (Stop losses). المثير للتساؤل: لماذا الناس جاهزون لهذا النوع من التسويات على الخسائر؟

أما بالنسبة إلى الفقراء، فهم الذين يعتمدون على مداخيلهم الضئيلة، وعلى علاقتهم مع الزعيم. في لحظات الانهيار يتشبّثون بهذه العلاقة. لا يستطيعون كغيرهم العيش على مخزون أموالهم وعقاراتهم، لذا ليس لديهم سوى الزعيم والهجرة. هم أسرى الفقر العالقين فيه منذ زمن، ولن ينفكوا عن الزعيم إلا بحدثٍ ما يكون كبيراً.

قيمة الليرة الشرائية أصبحت في عام 1999 أعلى مرتين ونصف ممّا كانت عليه في عام 1970 رغم انهيار سعر الصرف ورغم أن الاقتصاد الحقيقي يكاد يكون غير موجود

ما هو مستغرب أن يتعامل الناس مع الانهيار على أنه فرصة فردية. قلّة من الأفراد والشركات لم تتعامل بتجارة الشيكات والمضاربة على أسعار الصرف المختلفة. الكل فتح مصرفاً على حسابه. أصلاً هذه التجارة هي مخطّط سلامة لتوزيع الخسائر. لكنه توزيع غير عادل وغير هادف. هنا أيضاً صورة الكازينو ماثلة. فعلى أبواب أي كازينو في العالم تجد مجموعة من المرابين الذين يفتحون كازينو صغير على حسابهم، فيقومون بعمليات إقراض مقابل رهن العقارات والأملاك.

مواجهة الانهيار بالركود

وبالمعنى نفسه، يصبح النقاش في مسألة الدعم والاحتياطيات بالعملة الأجنبية واقعاً. «فلو كان هناك اعتراف بالخسائر، لكان النقاش يتعلق بالهدف الذي سنستخدم الأموال من أجله، وليس في كيفية تبذيرها»، يقول نحاس. ولو كان هناك إقرار بحصول الخسارة، لما كان هناك أي داع للحديث عن انهيار كبير آت. فبأي مفهوم يروّج لهذا الكلام؟ نصف الأسر المقيمة في لبنان وقعت في الفقر، والناتج أصبح 18.7 مليار دولار بدلاً من 55 ملياراً، أي إن هناك قطاعات بكاملها تضررت ومئات الآلاف الذين خسروا وظائفهم، والأسعار تضخّمت كثيراً إلى درجة أن ميزانيات الأسر لم تعد تحتمل إنفاقاً خارج نطاق الغذاء، وبات ثلث الأسعار يعتمد على مساعدات المنظمات غير الحكومية المبهمة الأهداف والتمويل لتمويل نفقات الغذاء. والتعثّر في تسديد الديون بات كبيراً، وخصوصاً في قطاع السكن، مع تجاوز معدلات التعثّر في القروض السكنية الـ11.5% (علماً بأن الكثير من المصارف توقفت عن تصنيف القروض السكنية المتعثّرة وأعادت جدولة عدد كبير منها). هذه مجزرة اجتماعية تدلّ بوضوح على مفاعيل الانهيار. الإقرار بالانهيار يعني التعامل معه بشكل مختلف عمّا قبل حصوله. عند هذا الحدّ يمكن أن تكون هناك آراء للنقاش في كيفية الإنقاذ والخروج، لكننا اليوم نشهد ركوداً مستغرباً، ركوداً شاملاً.

ارتفاع المخاطر على تعويضات الضمان

من أبرز الأمثلة عن عدم الإقرار بحصول الخسارة هو القانون الذي صدر في مجلس النواب بهدف «حماية أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي». المقصود بالحماية، هو استثناء أموال الضمان في صندوق تعويضات نهاية الخدمة من أي «هيركات». هل صحيح أن هذا القانون يؤمّن الحماية لأموال التعويضات؟ هذا القانون هو لزوم ما لا يلزم. فالانهيار أفقد قيمة التعويضات قدرتها الشرائية، لكن هذا الأمر ليس المشكلة الوحيدة التي ستواجه أموال الضمان. فعندما تتوقف المستشفيات عن تقديم الخدمات بالأسعار التي يدفعها الضمان، وتطالب بزيادة التعرفات لتصبح في الحدّ الأدنى على سعر صرف الـ3900 ليرة، فإن فاتورة الطبابة والاستشفاء التي ستترتب على الضمان ستتضاعف أكثر من مرتين، وبالتالي سيعمد الضمان إلى سحب التعويضات لتغطية قيمة التقديمات، كما يفعل الآن، لكن أموال التعويضات لن تكفي سوى بضع سنوات قبل الإفلاس. أما إذا قرّر الضمان زيادة الاشتراكات لتغطية العجز الناتج عن زيادة التعرفات، فإنه سيواجه مشكلة اقتصادية هائلة مع أصحاب العمل والعمال الذين ليس بإمكانهم تغطية الاشتراكات بمعدلاتها الحالية. هذا التفكير البدائي والساذج في التعامل مع الأزمة كاف للقول إنه لا يوجد إقرار بالخسائر.

اللواء

الإقفال يقطع الطريق على الحراك.. وتوتر بين الحزب والتيار

خلافات داخل لجنة الكورونا حول إجراءات التسكير.. وتوقيف العشرات بعد «ليلة الرعب»

جريدة اللواءفي أول يوم عمل، وحدها المدارس الرسمية والخاصة، ستبقى مقفلة، المصارف تعود إلى العمل، علي وقع متغيرات ومفاجآت، المؤسسات التي لم تقفل بعد، تعود وسط قلق، من أن يؤدي الإقفال، الذي تلوّح به اللجنة الوزارية المختصة بإجراءات الكورونا، إلى اقفال أبوابها، ما دام القرار اتخذ بأن الصحة تتقدّم على الاقتصاد.

وتجتمع لجنة الكورونا اليوم للبحث في قرار الاقفال من عدمه، وسط معارضة وزيري الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، ووزير الداخلية محمّد فهمي الذهاب بعيداً، في ظل تشدّد من مستشارة رئيس الحكومة بترا خوري، ونقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون وفريق طبي آخر..

ويصر وزير الصحة على اقفال اسبوعين فقط، وإذا لزم الأمر، يعاد الاقفال لفترة جديدة.. معتبراً ان اللقاح، يمكن ان يصل قبل نصف شباط.

وقال حسن، ان معيار الاقفال، يتعلق بتحقيق الغاية، باعتبار ان الخطوة وسيلة، ولا غاية، منتقداً عدم التشدّد.

واعتبر ان دور الأجهزة الأمنية، يتعلق بتقديم الضوابط، لبناء الخطوة الاقفالية عليها.. وشدّد على عدم المس بهيبة الدولة..

وبدا انه معارض لاقفال طويل، انطلاقاً من أن العمل، والقوت ضروريان للمواطنين..

وطالب بتوفير أسرّة، واتخاذ إجراءات أمنية تجعل المواطن يلتزم بإجراءات الوقاية الصحية..

وبدءاً من هذا الأسبوع، تقفل حضانات الأطفال، وطوال أيامه، كخطوة تحسبية من الإصابة، بفايروس كورونا، بقرار من وزير الصحة.

سياسياً، توقعت مصادر سياسية عودة الحرارة التدريجية للحركة السياسية مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت خلال الساعات المقبلة بعد انتهاء زيارته العائلية في الخارج، حيث من المرتقب ان تعاود الاتصالات ولو بشكل غير مباشر لمعاودة اللقاءات الثنائية بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون لإعادة تحريك ملف تشكيل الحكومة بزخم اقوى من السابق لتسريع ولادة الحكومة العتيدة. الا ان المصادر السياسية استبعدت حصول اي لقاء بين الرئيسين عون والحريري، مالم يتم التمهيد له باتصالات مسبقة لتجاوز نقاط الخلاف السابقة والتوصل الى تقريب وجهات النظر قدر الامكان، لكي تتوافر مقومات نجاح اللقاء وتسريع ولادة الحكومة الجديدة. وتعتبر المصادر ان مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي لم تسقط نهائيا وان كانت تعثرت بفعل فشل اللقاء الاخير بين عون والحريري وهو اللقاء الذي حصل بجهود وتشجيع من البطريرك الراعي، وقد تعاود وساطة الاخير الذي لم يترك مناسبة دينية الا وتناول فيها الدعوة لتسريع عملية التشكيل، داعيا فيها رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف لتجاوز خلافاتهما والاسراع بتشكيل الحكومة العتيدة لان البلد لم يعد يحتمل البقاء بلا حكومة جديدة حتى اليوم. واستدركت المصادر السياسية القول انه ليس من السهولة بمكان تجاوز خلافات اللقاء الأخير بين عون والحريري بعدما تبين ان الكلمة الفصل في كل ما يتم التفاهم عليه بينهما الى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران الذي يمعن في افشال ما يتم الاتفاق عليه بين عون والحريري علانية ومن دون قفازات، في حين تزيد حدة التصعيد الاقليمي والدولي بين ايران وإسرائيل والولايات المتحدة من صعوبة التحركات والوساطات لإخراج موضوع تشكيل الحكومة الجديدة من براثن التصعيد الحاصل وابعاده عن محاولات توظيف هذا الملف في الصفقات المحتملة. اضافة لذلك لاحظت المصادر برودة لافتة في حركة المعايدة المعهودة بين كبار المسؤولين خلافا لما كان يحصل سابقا وهو ما يعبر عن حدة الخلافات السياسية بينهم وتأثير ذلك على صعوبة إعادة تحريك ملف تشكيل الحكومة، توقعت أن تعاود حركة الاتصالات مع المسؤولين الفرنسيين المكلفين بمتابعة تنفيذ المبادرة الفرنسية مع المسؤولين اللبنانيين، لاسيما وإن حركة اتصالات بعيدة عن الاضواء سجلت مؤخرا واقتصرت على تبادل التهاني بعيدي الميلاد ورأس السنة.

وبالإنتظار، علمت «اللواء» أن لا دعوة لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع من أجل البحث في الأقفال العام وعدة مواضيع ذات طابع أمني، وليس معروفا ما إذا كان هناك من اجتماع ام يستعاض بقرارات لجنة كورونا فقط. وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الاجتماع قد ينعقد قريبا من أجل البحث في عدة مواضيع امنية.

حكوميا لا مؤشرات جديدة وفق المصادر ولن يتظهر شيء قبل الاجتماع المرتقب بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. وافيد ان العقد الحكومية لا تزال على حالها بإنتظار ما قد بحمله هذا الاجتماع مع العلم انه يفترض أن تتبلور مساع جديدة على الخط الحكومي في حال وجدت.

وجددت أوساط بعبدا اعتبار ان المدخل إلى تأليف الحكومة التزام: الميثاق والدستور والمعايير الواحدة، وبالتالي المضي في التدقيق الجنائي.

 

البناء

“القومي” يحفظ لسليماني وإيران دورهما في الانتصارات ويقف مع سورية بوجه عودة الإرهاب

السيد نصرالله:  الرد إيرانيّ… ولولا الصواريخ لما أقاموا حساباً للبنان… وسليمانيّ يحبس أنفاسهم

لبنان وكورونا: عودة للإقفال… والحكومة: الراعي لتعاون الرئيسين وجنبلاط لاعتذار الحريري

 كتب المحرّر السياسيّ

جريدة البناءحبس مزدوج للأنفاس يسيطر على المنطقة، وخطر الانزلاق نحو الهاوية قائم. فمن جهة قلق وحذر من خطوة حمقاء يُقدِم عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تذهب بالمنطقة نحو التفجير، ليقلب الطاولة ويقطع طريق البيت الأبيض على الرئيس المنتخَب جو بايدن، ومن جهة موازية هناك مناخٌ من التوتر تعيشه المنطقة مع حلول الذكرى السنوية الأولى لاغتيال القائد الإيرانيّ في الحرس الثوريّ الجنرال قاسم سليماني.

بمناسبة الذكرى أصدر الحزب السوري القومي الإجتماعي بياناً أشاد فيه بدور سليماني وإيران في صناعة الانتصارات، بينما أكد في بيان آخر وقوفه مع سورية بوجه عودة الإرهاب.

وبمناسبة الذكرى السنويّة تحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فردّ بالتفصيل على كل الذين روّجوا للكلام المزوّر المنسوب لقائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري وصوّروه انتهاكاً للسيادة بتحويل كلامه عن لبنان كجبهة أماميّة بوجه الاحتلال الى جبهة إيران الأماميّة لمواجهة “إسرائيل”. وندّد السيد نصرالله بهذه الصحوة السيادية المفتعلة للذين يستسهلون الاحتلال ويصعب عليهم الاحتكام للمصلحة الوطنية، قائلاً إن صواريخ المقاومة الإيرانية أتت من إيران، لكن لدعم المقاومة لتحرير أرض لبنان والدفاع عن لبنان، ولولا هذه الصواريخ التي جلبها القائد سليماني لما أقام أحد حساباً للبنان ولا لكان بالمستطاع الدفاع عن نفطه وغازه. وعن الذكرى قال نصرالله إن محور المقاومة نجح باستيعاب واحتواء الصدمة، وإن سليماني وهو شهيد يحبس أنفاسهم اليوم، مضيفاً أن الرد على اغتيال سليماني سيكون إيرانياً، وكل ما يُقال عن طلب إيران من حلفائها القيام بالردّ بدلاً منها جهل وسخافة وتزوير.

بالتوازي لبنان أمام ملفين معاً، ملف الحكومة وملف كورونا، فعن التطور الكارثيّ لوباء كورونا، تحدث وزير الصحة حمد حسن عن دعوة للإقفال العام مجدداً، بانتظار اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، لإقرار خطة المواجهة، وردّ الوزير على كلام رئيس المجلس الاقتصادي الإجتماعي شارل عربيد ودعوته للإقفال بقوله، “أكلنا الضرب” بسبب الضغط الذي مارسه القطاع الخاص للحؤول دون الإقفال في الأعياد، والآن وقد مرّت الأعياد وتمّ التفشي يطلبون الإقفال، وحمّل حسن المستشفيات الخاصة التي لم تنضمّ لخطة مواجهة كورونا مسؤولية نقص القدرة على المواجهة.

في الملف الحكومي مزيد من الوقت الضائع، وسط دعوة للبطريرك بشارة الراعي، بالتفاهم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وترفّعهما عن المحاصصة والمصالح والضغوط الداخلية والخارجية، ودعوة مقابلة للنائب السابق وليد جنبلاط لإعتذار الحريري على قاعدة ترك “حلف الممانعة يتحمّل المسؤولية”، “فليس لنا تأثير في القرار”.

يُخيّم الجمود التام على الملف الحكومي، فالاتصالات التي توقفت منذ عيد الميلاد، تنتظر عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من الخارج، وإحياء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمبادرة الفرنسية في ضوء المعلومات التي اشارت الى أن وفداً من مجلس الشيوخ الفرنسي سيزور لبنان يوم الخميس المقبل للبحث في التطورات والمستجدات المتعلقة بتأليف الحكومة وفي محاولة لتقريب وجهات النظر بين المعنيين على خط التأليف.

الى ذلك يخصص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خطاباً في الأيام المقبلة للملف اللبناني، حيث سيتناول بالتفصيل ملف الحكومة والتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، كما سيتحدث عن ملف جمعية القرض الحسن التي تعرّضت للاختراق مؤخراً، خاصة بعد إعلان السيد نصر الله أن هناك قنوات تلفزيونية تلقت مئات آلاف الدولارات لإعداد تقارير عن الجمعية.

في موازاة ذلك، لا يزال تيار المستقبل على موقفه من مسار الأمور، حيث تؤكد مصادره لـ«البناء» ان الرئيس المكلف قدم كل ما عنده والمشكلة هي في البيت الداخلي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مشيرة الى ان الرئيس الحريري قدم تشكيلة حكومية انطلاقاً من تحمله المسؤولية بضرورة الإسراع في التأليف، لكن سرعان ما رفضت هذه التشكيلة من المقرّبين من بعبدا الذين يُصرّون على الثلث المعطل، واذ رأت ان البعض بدأ يتحدث عن تباين حول عدد الوزراء، لفتت الى ان هذا الكلام يعني محاولة جديدة لعودة الامور الى نقطة الصفر لا سيما ان اتفاقاً حصل بين الرئيس عون والرئيس الحريري على حكومة من 18 وزيراً، مشددة على ان ما يهم الحريري تشكيل حكومة من اختصاصيين قادرة على القيام بالإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد والمجتمع الدولي بهدف الحصول على المساعدات.

ورأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ الحكومة لن تتشكل إلا من خلال لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف واتفاقهما على تشكيل حكومة مميزة باستقلالية حقيقية، وتوازن ديمقراطي وتعددي، وبوزراء من ذوي الكفاءة العالية في اختصاصهم وإدراك وطني بالشأن العام. فلا يفيد تبادل الاتهامات بين المسؤولين والسياسيين حول من تقع عليه مسؤولية عرقلة تشكيلها. وشدّد الراعي على أنّ تبادل الاتهامات لا يفيد حول مَن تقع عليه مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة.

واعتبر أن رئيس الجمهورية والرئيس المكلف قادران على تشكيل حكومة إذا باعدا عنهما الأثقال والضغوط وتعاليا عن الحصص والحقائب والمصالح وعطلا التدخلات الداخلية والخارجية المتنوعة. وأشار الراعي الى أن الإنقاذ لا يحصل من دون مخاطرة وكل المخاطر تهون أمام خطر الانهيار الكامل.

وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان وسائل الإعلام زوّرت وحرّفت تصريح قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني، معلناً أن «ايران تدعم بالسلاح والصواريخ ونحن جبهة أماميّة وغزة كذلك».

وخلال الذكرى السنوية الأولى لمقتل القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، اعتبر نصرالله ان كل الدعم الإيراني غير مشروط مشدداً على ان المقاومة هي التي تحمي لبنان وتحافظ على حقوق وسيادة لبنان، داعياً الجميع للاعتراف بذلك.

وقال: «لا يمكن أن نساوي بين مَن دعمنا بالموقف والمال والسلاح وبين مَن تآمر على لبنان عام 1982 ودعم العدو الاسرائيلي خلال سنوات الاحتلال ووقف في حرب تموز ليطلب من الاسرائيليين ألا يوقفوا الحرب قبل سحق المقاومة».

ولفت نصرالله الى أنه إذا وجد أمل أن تأتي الأموال إلى لبنان فهو بسبب الغاز والنفط، معتبراً ان هذه الثروات ستحفظ بسبب بركات المقاومة وصواريخها التي أرسلتها إيران وسورية.

وفي سياق منفصل، قال: «هناك قلق في منطقة الخليج والإسرائيليون رفعوا الاحتياط والمنطقة في حالة توتر شديد وأي حادث لا نعرف الى اين يمكن أن يجر المنطقة». وقال نصرالله ان «من يراهن أن بالقتل وتفخيخ السيارات سيمس بأمننا هو واهم». وأعلن نصرالله ان محور المقاومة استطاع أن يستوعب الضربة الكبيرة، قائلا: «نعترف أن الخسارة كبيرة جداً».

وعن إيران، أكد انها ليست ضعيفة، وعندما تريد أن تردّ عسكرياً وأمنياً ستردّ.

وتزامناً مع اطلالة السيد نصر الله حلقت نحو 20 طائرة حربية واستطلاع إسرائيلية معادية في الأجواء اللبنانية، خصوصاً فوق بيروت وعكار والضنية وكسروان، الشوف وبيروت والمناطق الجنوبية والضاحية.

وقبيل كلمة السيد حسن نصرالله رصد موقف رسمي من قصر بعبدا بعبارات دبلوماسية حملت دلالات سياسية في توقيتها ومضمونها جرى وضعها في خانة الردّ على إيران، فقد غرّد رئيس الجمهورية ميشال عون عبر حسابه على تويتر قائلاً: «لا شريك للبنانيين في حفظ استقلال وطنهم وسيادته على حدوده وأرضه وحرية قراره». لكن سرعان ما رد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على الرئيس عون بطريقة غير مباشرة فشدّد على ان «لا سيادة من دون صواريخ قاسم سليماني، وعلى الرغم من أننا تنازلنا كثيراً وفي كل المراحل من أجل مصلحة لبنان، إلا أن هناك مَن يريد لبنان مجرد عميل لعوكر ومستعمرة لتل أبيب وبرميل نفط مجيّر لهذا وذاك، وهذا لن يمر أبداً في لبنان، ومع ذلك لن تمر مشاريع الحرب الأهلية وقنابل الفيدرالية ولعبة الشوارع المفخخة بالزعاف الأميركي».

وفي الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الجنرال سليماني والمهندس وعدد من مرافقيهم، اكد الحزب السوري القومي الاجتماعي، انه يحفظ للشهيدين سليماني والمهندس، دورهما الأساسي والمحوري والريادي في الحرب ضدّ الإرهاب، وفي هزيمة مشروع الإرهاب على أرض الرافدين. ويحفظ الحزب، للجنرال سليماني بما يمثل، دوره ومواقفه إلى جانب سورية في حربها ضدّ الإرهاب، ودعماً للمقاومة في لبنان وفلسطين. واعتبر أنّ تاريخ الثالث من كانون الثاني 2020، أحدث تحوّلاً في مسار المواجهة، ورسم قواعد اشتباك صراعية جديدة بين محور المقاومة ومحور العدوان الداعم للعدو الصهيوني وقوى الإرهاب، وأولى الإشارات في هذا الخصوص، كان الردّ على اغتيال القائدين بقصف القواعد الأميركية في العراق، وهو ردّ غير مسبوق، وضع أعتى قوة عالمية عظمى في حالة من الإرباك والعجز، وجعل منها هدفاً مباشراً في أيّ مواجهة.

ورأى عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية من ناحية أخرى أنّ قيام قوات الاحتلال التركيّ والمجموعات الإرهابيّة بقصف قرى وبلدات سورية في ريف الحسكة الشمالي، هو عدوان موصوف، واستكمال لمخطط ترويع أبناء هذه البلدات وتهجيرهم، وحلقات هذا المخطط بدأت بقطع المياه عن مدينة الحسكة وممارسة كلّ أشكال العدوان ضدّ أبناء المحافظة. ولفت عميد الإعلام إلى أنّ حلقات العدوان الإرهابي مترابطة، وهي منسّقة بين الاحتلال التركي والعدو الصهيوني والمجموعات الإرهابيّة، وهذا ما يثبته تزامن العمليات العدوانية الإرهابية على مناطق في ريف الحسكة وفي ريف دمشق والهجوم الإرهابي الذي استهدف حافلة على الطريق بين دير الزور وتدمر.

وغرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على حسابه عبر تويتر قائلاً: في تصريحي السابق للأنباء قلت إن إيران تنتظر أن تحاور الإدارة الأميركية الجديدة، وإن حكومة اختصاصيين نوع من البدعة فقامت القيامة. اما اليوم ورياح المواجهة تهبّ من كل مكان، أليس من الأفضل أن يتحمل فريق الممانعة مسؤولية البلاد مع شركائه ولماذا التورط في المشاركة حيث لا قرار لنا بشيء؟

الى ذلك ينعقد المجلس الأعلى للدفاع الأسبوع الطالع للبحث في توصية اللجنة الوزارية المعنية بملف كورونا، التي تجتمع اليوم، حول القرار النهائي بشأن الإقفال التام بعد الارتفاع الكبير في عدد الإصابات بفيروس كورونا خاصة أن المستشفيات وصلت قدرتها الاستيعابية الى الحد الأقصى وتقييم الوضع الامني العام في البلد خلال فترة الأعياد، فضلاً عن ملف مفاوضات الترسيم غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي والخروقات الاسرائيلية للأجواء اللبنانية.

وأكدت مستشارة رئيس الحكومة حسّان دياب للشؤون الطبية بترا خوري أن «الإقفال سيكون أقله ثلاثة اسابيع والإجراءات مشددة». ولفتت خوري إلى أن «نسبة إشغال الأسرّة في العناية الفائقة وصلت الى 90 في المئة والوضع كارثي، وفيما تردّد أن الإقفال سيتم بعد عيد الميلاد عند الطوائف الأرمنية، دعا رئيس كتلة النواب الأرمن أمين عام حزب الطاشناق النائب هاكوب بقرادونيان الحكومة إلى عدم التذرع بعيد الميلاد لدى الطائفة الأرمنية وطالب بالإغلاق التام الفوري لأن حياة الناس اهم بكثير من الأعياد والاحتفالات والمحاصصة الطائفية، وأضاف أن ولادة المسيح هي رمز الحياة ولا بد أن نعيش لكي نشهد على هذه الولادة ورمزيّتها.

وسجل عداد كورونا أمس رقماً كارثياً جديداً، حيث أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 2870 إصابة جديدة و10 حالات وفاة ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين منذ شباط الماضي الى 189279 إصابة و1486 حالة وفاة.

المصدر: صحف