الصحافة اليوم 8-2-2021 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 8-2-2021

الصحافة اليوم

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 8 شباط 2021، على قرار وزارة الصناعة في كسر احتكار كارتيل الترابة في لبنان باقدامها على فتح باب الاستيراد من الخارج، والعين على منتصف الشهر الحالي لبدء العد التنازلي لانطلاق المسار الحكومي، واجراءات تخفيف الاقفال العام والتي تبدأ المرحلة الاولى من صباح اليوم ، ومراجعة التيار الوطني الحر لورقة التفاهم مع حزب الله ومجاهرته بـ”فشل الاتفاق في بناء الدولة وسيادة القانون” داعيا الى تطويره فيما خص مكافحة الفساد ومعركة بناء الدولة …

البناء

بايدن يجيب بنعم ولا على أسئلة حول الاتفاق النوويّ… وإلغاء التصنيف الإرهابيّ لأنصار الله

15 شباط بدء العدّ التنازلي لانطلاق المسار الحكوميّ… وامتحان تخفيض الإقفال اليوم

6 شباط: احتفالات لـ«أمل»… و«القومي»: سقوط الأسرلة… و«التيار الحر» لمراجعة «التفاهم»

كتب المحرّر السياسيّ

جريدة البناءتناقلت وسائل الإعلام الأميركية الطريقة التي أجاب بها الرئيس الأميركي جو بايدن على أسئلة حول الاتفاق النوويّ طرحت عليه خلال حوار تلفزيوني حيث لم يبادر للتحدث عن خطة للعودة للاتفاق النوويّ، مكتفياً بشرح مخاطر قرارات الرئيس السابق بالانسحاب من الاتفاق وما نتج عنها لجهة اقتراب إيران من امتلاك مقدرات كافية لإنتاج سلاح نووي، ما دفع الى سؤاله هل سترفع العقوبات لتعود إيران الى الاتفاق فاكتفى بقول لا. ثم في سؤال آخر هل تربط رفع العقوبات بوقف إيران للتخصيب، فأجاب بنعم، وقرأت مصادر دبلوماسية متابعة لما يجري على مسار العودة للاتفاق النووي أن طريقة تصرّف بايدن تعبر عن درجة التحفظ التي يفرضها التفاوض، خصوصاً أن الجوابين بنعم ولا غير كافيين لاستخلاص خريطة الطريق الأميركية للعودة إلى الاتفاق، طالما أن إيران قد رسمت بديلاً للعودة وهو الخروج مما تبقى من الاتفاق ما لم ترفع العقوبات، وواشنطن تصرّح بأنها لا تملك بديلاً، وأن الأسابيع المقبلة ستكون كافية لبلوغ إيران مرحلة امتلاك مقدرات إنتاج سلاح نووي، مشيرة الى ما نشرته وكالة بلومبيرغ حول إشارة أميركيّة لصندوق النقد الدولي للإفراج عن قرض بخمسة مليارات دولار لإيران لشراء أدوية ومعدّات تتصل بمواجهة وباء كورونا، بينما أعلنت الخارجية الأميركية أنها أبلغت الكونغرس برسالة رسمية عزمها إلغاء تصنيف أنصار الله على لوائح الإرهاب.

داخلياً، أحيت حركة أمل ذكرى انتفاضة 6 شباط 1984 التي أنجزت إسقاط اتفاق 17 أيار وإخراج المارينز وفتح طريق بيروت الى الجنوب ودمشق، عبر احتفالات طالبية وشبابية في لبنان والمغتربات، مؤكدة على الدور القيادي التاريخي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، بينما أصدر رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي وائل الحسنية بياناً في ذكرى الانتفاضة معتبراً أنها أنجزت إنهاء مشروع أسرلة لبنان وربطه بمحور الخضوع للهيمنة الأميركية الإسرائيلية، مندداً بغرف العمليات الإعلامية المخصصة للنيل من قوى المقاومة، خصوصاً الاتهامات التي تستهدف حزب الله في قضية مقتل الناشط لقمان سليم، فيما أصدر التيار الوطني الحر بيانين بمناسبة توقيع تفاهم مار مخايل بين التيار وحزب الله في 6 شباط 2006 معتبراً أن التفاهم فشل في ما يخصّ مشروع بناء الدولة داعياً لمراجعة نقدية لبنوده.

في الشأن الداخلي يختبر لبنان اليوم أول أيام تخفيض إجراءات الإقفال في ظل مخاوف من فلتان ناشئ عن كثرة الأذونات، والاستثناءات، بما يضيع أسابيع الإقفال التي بدأت تؤتي ثمارها أمس، مع أول انخفاض مرشح للتحسن أكثر في عدد الوفيات الذي بلغ 54 حالة، والإصابات التي سجلت 2094 حالة، بينما تحدثت مصادر سياسية عن استمرار الجمود الحكومي حتى منتصف الشهر موعد بدء العد التنازلي لمسار استيلاد الحكومة التي ثمة توافق خارجي على ضرورة تشكيلها مع نهاية شهر شباط لمنع الانهيار الذي يتحوّل معه لبنان إلى ثقب أسود وبؤرة تفجير، ما يهدد كل الترتيبات الجارية على قدم وساق لتعميم التهدئة على ساحات التوتر والاشتباك.

في الذكرى السابعة والثلاثين لانتفاضة السادس من شباط، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية أن بإسقاط اتفاق 17 أيار الخياني، أسقطنا مشروع تحويل لبنان إلى محمية «إسرائيلية»، وأننا بالإرادة الوطنية حسمنا خيارات لبنان وثوابته، وبالمقاومة كرّسنا معادلة قوة لبنان في قوته لا في ضعفه. وهذه الإنجازات لا يمكن لنا أن نتهاون في صونها، بل يجب علينا تحصينها أكثر عبر تعزيز كل عناصر قوة لبنان.

وأشار الحسنيّة إلى أنّ الغرف النائمة السوداء عادت لتنشط في توزيع الأدوار على خلاياها الإعلامية والسياسية، في إطار تصعيد الحملة المسعورة ضد أحزاب وقوى المقاومة. وإن الاتهامات التي سيقت ضد حزب الله على خلفية جريمة اغتيال الناشط لقمان سليم، معدّة سلفاً، وأن مَن يتبنى هذه الاتهامات لبنانياً، يخدم عن قصد أو عن غير قصد، المشروع المعادي الذي يستهدف وحدة لبنان وعناصر قوته.

ودان الحسنية بشدّة جرائم القتل والاغتيال وطالب الأجهزة الأمنية بإجراء التحقيقات الموضوعيّة والشفافة بغية توقيف المجرمين ليصار إلى إخضاعهم لمحاكمة عادلة وإنزال أشد العقوبات بهم. وفي الوقت ذاته فإن الذين يطلقون الاتهامات جزافاً يتحملون مسؤولية حرف الأنظار عن المجرمين الحقيقيين، بهدف الاستثمار في الجرائم تنفيذاً لأجندات مشبوهة تسعى لتحقيق أهداف معادية لبلادنا.

وتابع قائلاً: إن الاتهامات الجاهزة، معزوفة قديمة جديدة، واللبنانيين باتوا يدركون ما تستبطنه وترمي إليه، خصوصاً عندما تتقاطع داخلياً مع مثيلاتها خارجياً، وهذا ما يستدعي التنبه إلى ما يحضر للبلد وأهله، وما يستهدف عناصر صمود لبنان، لا سيما المقاومة التي شكلت عنصر القوة الحاسمة في مواجهة العدو الصهيوني.

وشدّد على أن أخطر الجرائم وأكثرها بشاعة، عندما يوضع لبنان على رأس قائمة الاستهداف المعادي. لذلك ندعو إلى الوقف الفوري للاتهامات المضللة، وأن تضع مؤسسات الدولة حداً للتفلت الحاصل، وأن يتحرك القضاء عفواً لاستدعاء مطلقي الاتهامات والتحقيق معهم واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم، تحصينا لوحدة لبنان واستقراره، وحفاظاً على ما يتمتع به من عناصر قوة، بمواجهة الاحتلال الصهيوني والإرهاب.

يتوقع المعنيون أن تتحرّك الاتصالات على الخط الحكوميّ هذا الأسبوع مع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري من باريس بعد زيارته تركيا والإمارات ومصر، لكن ذلك لا يعني ان الاتصالات سوف تثمر سريعاً إذ تتجه الأنظار الى الكلمة التي سيلقيها الرئيس الحريري في 14 آذار ليبنى على الشيء مقتضاه بعده، ولذلك يؤكد مصدر معنيّ لـ«البناء» ان لا حكومة في المدى المنظور وأن مواقف الحريري في 14 شباط ستؤكد تمسكه بمواقفه التي من شأنها أن تعزز شعبيته في شارع، فضلاً عن انه سوف يبعث برسائل إلى الخارج قبل الداخل. واعتبرت المصادر ان العقدة محلية بالدرجة الاولى وتتمثل بالصراع بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري يعمل لتأمين مظلة عربية وإقليمية ودولية له تجبر في النهاية الرئيس عون على التسليم بتشكيلة الحريري ولو بعد الحين.

وقالت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» إن لا حكومة ستتشكل إلا وفق معايير موحّدة تسري على الجميع، لافتة الى ان محاولة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري تجاوز الرئيس العماد ميشال عون لا يمكن أن تمر على الاطلاق، وهذا ما يعرفه الجميع، ويعني أن على الحريري إذا كان يريد فعلاً تأليف حكومة مهمة إنقاذية أن يتفاهم أولاً وأخيراً مع الرئيس عون والالتزام بما نص عليه الدستور لا التلطي بالمبادرة الفرنسية، خاصة أن هذه المبادرة الجميع متمسك بها، واعتبرت المصادر ان ما يجري اليوم من توجيه السهام نحو بعبدا عند كل محطة او استحقاق سواء من الحريري أو من غيره من القوى السياسية الأخرى يأتي في سياق مترابط، فهؤلاء جميعاً يصبون في النهاية في الخندق نفسه ولو انهم ليسوا حلفاء في الظاهر، ومع ذلك فإن الرئيس عون الذي لم يتنازل يوماً لا يمكن ان يخضع لضغوط هؤلاء وعلى الجميع ان يدرك ذلك.

وكان التيار الوطني الحر كرّر إثر اجتماعه الدوري إلكترونيًا برئاسة النائب جبران باسيل، أن تفاهم مار مخايل «لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون»، واعتبر المجلس أن «تطوير هذا التفاهم باتجاه فتح آفاق وآمال جديدة أمام اللبنانيين هو شرط لبقاء جدواه اذ تنتفي الحاجة إليه إذا لم ينجح الملتزمون به في معركة بناء الدولة وانتصار اللبنانيين الشرفاء على حلف الفاسدين المدمّر لأي مقاومة أو نضال».

الى ذلك عاد السجال الى الواجهة مجدداً بين كتلة التحرير والتنمية من جهة والتيار الوطني الحر من جهة أخرى، في سياق الاشتباك السياسي ضن مساحة الخلاف، وبعد مبادرة الرئيس نبيه بري التي لم تنجح في إحداث الخرق المطلوب، وفيما لفت عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أنور الخليل، إلى أنّ «بعد تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرته لتأليف الحكومة العتيدة، وتفاهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على ضرورة التأليف، فلبنان أمام حَلَّين: إمّا تلقّف مبادرة بري الّتي أكّد متابعتها لنهايتها، أو قد يُفرَض الحلّ تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. ردّ الوزير السابق سليم جريصاتي على كلام الخليل بالقول: «الى الشيخ الجليل أنور، ما يستحق التدويل، تحت أي فصل، هو ملف التحاويل المشبوهة من لبنان الى الخارج، من قبل السياسيين وأصحاب النفوذ المصرفي في فترة الريبة». أضاف: «فهلّا، طالبت، أم أنك معنيّ، لا سمح الله، بمثل هذه التحاويل؟ إرفع السرية عن حساباتك علّ الشعب المحروم يعرف مَن هو نائبه».

وفيما يزور وفدٌ من التيّار الوطني الحر يضمّ نوّاباً ومسؤولين بكركي اليوم للقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، أعلن الأخير في عظة قداس الأحد ان كل المبادرات والوساطات اللبنانيّة والعربيّةِ والدوليّة استُنفدت من دون جدوى وكأن هناك إصرارًا على إسقاط الدولة بكل ما تمثل من خصوصية وقيم ودستور ونظام وشراكة وطنية. مهلاً، مهلًا أيّها المسؤولون!».

وطالب البطريرك بطرح قضية لبنان في مؤتمر دوليّ خاص برعاية الأمم المتّحدة يثبّت لبنان في أطره الدستوريّة الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبنانيّ تمنع التعدّي عليه، والمسّ بشرعيّته، وتضع حدًّا لتعدّديّة السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائيّة، تأمينًا لاستقرار النظام، وتلافيًا لتعطيل آلة الحكم أشهرًا وأشهرًا عند كلّ استحقاق لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة ولتشكيل حكومة. وأعلن أنّنا «نطرح هذه الأمور للحفاظ على الشراكة الوطنيّة والعيش المشترك المسيحيّ – الإسلاميّ في ظلّ نظام ديمقراطيّ مدنيّ. لقد شبعنا حروبًا وفتنًا واحتكامًا إلى السلاح».

على خط آخر، أعلنت السفارة الألمانية في بيروت انتهاء عملية معالجة 52 حاوية تضمّ مواد كيميائية شديدة الخطورة كانت موجودة في مرفأ بيروت منذ أكثر من عقد من الزمن، على أن يتم شحنها الى ألمانيا. ويأتي ذلك في وقت بحث فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مع الوزير ميشال نجار والمدير العام لإدارة واستثمار مرفأ بيروت باسم القيسي، أوضاع المرفأ.

من جهة ثانية، تعود البلاد اليوم ولو تدريجياً، الى الحياة شبه الطبيعية، في حيت ان الاصابات والوفيات من جراء فيروس كورونا لا تزال مرتفعة، ففي الساعات الـ 24 الماضية، اعلنت وزارة الصحة تسجيل 2081 اصابة جديدة بفيروس كورونا، و54 حالة وفاة. وليس بعيداً ارتفعت أمس، صرخة التجار والمؤسسات مطالبة باستثنائها من الإقفال، فيما استمر قطع الطرقات في بعض المناطق احتجاجاً على تردي الاوضاع المعيشية والفقر والجوع الذي تعاني منه الأسر الأكثر فقراً. ومن هنا ينتظر اللبنانيون، المساعدات التي أعلنت عنها حكومة الرئيس حسان دياب لا سيما التي قدّمها قرض البنك الدولي الذي وقّعه وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، ورفع إلى مجلس النواب بانتظار أن يُقرّه ليصبح نافذاً وتبدأ عمليّة صرفه على العائلات المستحقّة.

وفي السياق نفسه، أوضح الوزير رمزي مشرفية أنّ «قيمة القرض هي 246 مليون دولار، لمشروع التكافل الاجتماعي لمدّة عام. هذا القرض سيغطّي 147 ألف أُسرة لبنانيّة مستحقّة من ناحية التقديمات الماليّة، و87 ألف طالب في المدارس الرسمية من ناحية تقديمات الرسوم، بالإضافة إلى تقديمات إلى مراكز الشؤون الاجتماعيّة».

اللواء

تراشق عنيف بين عون وبري.. والراعي لمؤتمر دولي حول «لبنان المنهار»

عودة السفير السعودي إلى بيروت… والألمان على خط التحقيق بقضية سليم

جريدة اللواءيختبر فريق مكافحة كورونا، الرسمي والطبي، بلجانه المتعددة، بدءاً من اليوم، المرحلة الأولى من إعادة فتح البلد أو التخفيف التدريجي لإجراءات الاقفال التام والشامل، والتي تمتد من اليوم 8 شباط إلى الأحد في 21 شباط، على ان تبدأ المرحلة الثانية، بكل تفصيلاتها، بشرط تقليل عدد الإصابات، وانخفاضها دون الألف إصابة يومياً، فضلا عن عودة الوفيات إلى حدود ما كانت عليه، أو أقل، قبل بدأ الاقفال منتصف كانون الثاني الماضي.

في هذا الوقت، تشهد الساحة السياسية، حملات، واستقطابات، الكتل والقوى والتيارات السياسية، ويتوجه وفد من التيار الوطني الحر إلى بكركي اليوم، والتي دعت على لسان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى طرح قضية «لبنان المنهار» في مؤتمر دولي خاص، برعاية الأمم المتحدة يثبت لبنان في اطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدّي عليه، والمس بشرعيته، وتضع حداً لتعددية السلاح، وتعالج حالة غياب دستورية واضحة تحسم النزاعات، وتسد الثغرات الدستورية والإجرائية، تأمينا لإستقرار النظام، وتلافيا لتعطيل آلة الحكم عدة أشهر عند كل إستحقاق لإنتخاب رئيس للجمهورية ولتشكيل حكومة، مسبوقاً، أي وفد التيار، بانتقادات مباشرة لهذا الموقف، عبر تغريدة تنتقد تغطية الفاسدين، أو وعظ، يهدف إلى الشعبوية.

على أن البارز، دبلوماسياً، عودة سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري إلى بيروت أمس، بعد غياب في إجازة إمضاها مع عائلته في بلاده.

وضعت عودة السفير بخاري حداً للإشاعات والتكهنات التي راجت طوال فترة غيابه حول مزاعم عن سحب الرياض للسفير الناشط في بيروت لأسباب سياسية، كثرت التفسيرات والأقاويل حولها. وتعتبر عودة السفير بخاري إلى بيروت في هذه المرحلة بالذات، بمثابة تأكيد جديد لإهتمام القيادة السعودية بما يُعانيه لبنان من أزمات إقتصادية ومالية، وإستمرار الإلتزام السعودي بتقديمات مؤتمر سيدر، حيث بلغت حصة السعودية نصف مليار دولار، وبلغت مساهمتها في مؤتمر دعم لبنان الذي ترأسه الرئيس الفرنسي ماكرون ربع مليار دولار، مع الإشارة إلى زن الرياض ملتزمة بشروط مؤتمر سيدر لتقديم الدعم للبنان، وفي مقدمتها تحقيق الإصلاحات المالية والإدارية التي تعهدت بها الحكومة اللبنانية أمام الموتمر.

ويُباشر السفير بخاري الذي وصل بيروت خلال «الويك إند» نشاطه المعتاد اليوم.

وتتجه الأنظار، إلى ما ستسفر عنه الحركة الفرنسية المستجدة، مع الكلام عن تنشيط هذه الحركة المفتوحة على اتصالات داخلية، لاحتواء التدهور بين التيار الوطني الحر، ضد حركة «امل» ورئيسها، وتيار «المستقبل» ورئيسه الرئيس المكلف تأليف الحكومة.

واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن لا معطيات في القصر الجمهوري تشير إلى إمكانية الاستفادة من أي مبادرة خارجية سوى المبادرة الفرنسية التي تعد مبادرة انقاذية اقتصادية بامتياز، ولفتت إلى أن لا دلائل عن تحرك خارجي يمكن أن ينتج عن تأليف الحكومة في المدى المنظور لكنها أملت في أن يأتي الداخل والذي قيل أن الإشكالية لديه برئيس الحكومة المكلف إلى قصر بعبدا محررا من القيود وإن تشكل الحكومة اما أن يأتي الخارج بمؤازرة في التأليف فهذا أمر لا يمكن رفضه مؤكدة أن الأمر أصبح ملحا لتأليف الحكومة وانه إذا كانت المشكلة في الداخل على ما يقول الرئيس بري فذاك يعني ان حله في الداخل وليس الثلث المعطل على الإطلاق لأنه لا يمكن أن يجول الرئيس المكلف على الدول من أجل الثلث المعطل. وأوضحت أن إشارة الرئيس بري كانت كافية للدلالة على مكامن التعطيل مشيرة إلى أن الاشكال في مكان آخر والرئيس الحريري يسعى إلى الحلول واذا اطمئن قلبه عاد وأطلق موقفا في مناسبة ١٤ شباط يساعد على التأليف وإن لم يستكن قلبه إلى الضمانات فعندها تكون المشكلة لدى الحريري واذا اراد أن يشاطره رئيس الجمهورية مخاوفه فاهلا وسهلا به فالرئيس عون مستعجل لتأليف الحكومة وإن لم يرغب في ذلك فليعجل في اقتراح توليفة حكومية التي تتوافق مع معايير القبول الدستوري ليس أكثر .

وقالت المصادر: إذا سار الأمر على ما يرام فكان به واذا لم يسر فيجب أن يخلص إلى الخلاصات التي يجب أن يخلص إليها كل مسؤول مخلص لوطنه وشعبه.

وتوقفت مصادر سياسية عند البيان الأخير للتيار الوطني الحر الذي يلقي التيار مسؤولية التعثر والاهتراء وتهالك الدولة في عهد رئيسه «القوي»على زمرة الفساد ويذهب الى تنزيه ممارساته وكأن من يمثلونه بالسلطة منذ أكثر من عشر، لم ينغمسوا بالفساد وسرقة المال العام. اما قمة التكاذب والهروب من مسؤولية رئيس الجمهورية في تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، فهي دعوة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى احترام روح الميثاق والدستور والشراكة والى ما هنالك من تعابير، كان الاجدى التزامها نصا وروحا في المشاورات الاخيرة لتشكيل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية تحديدا والامتناع عن تعطيل تشكيلها تحت حجج وذرائع ملتوية لا تمت إلى صلاحيات الرئيس بصلة، حتى بات الجميع يعترف علنا بمسؤوليته المباشرة والمكشوفة بتعطيل التشكيلة الحكومية لغايات ومصالح شخصية وخاصة وبعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية العليا للبنانيين، ناهيك عن التجاوزات المستمرة للدستور من قبل رئاسة الجمهورية في الممارسات شبه اليومية المخالفة للدستور وإدارة الدولة ،ان كان بالاحتجاز غير المبرر لمراسيم المباراة الوظيفية لغير الفئة الاولى منذ سنوات او الابقاء على مرسوم التشكيلات القضائية الموجود في رئاسة الجمهورية منذ حوالي السنة.

اشتباك القناتين

وفي السياق، وقع اشتباك اعلامي قوي.

وتحدثت، الـ «OTV» عمّا اسمته «السياديون الجدد» الذين والوا الوصاية في عز نفوذها، وانقلبت عليها لما بدأ نفوذها بالأفول.

وفي إشارة إلى فريق المجلس النيابي، اضافت الـ «OTV»: وقد وصلت مغالاة هؤلاء يومها في ركوب الموجة الاقليمية والدولية الجديدة حد المطالبة باستبدال الوصاية المنقضية بأخرى اقليمية- دولية، اتخذت من احرف الابجدية اسماء متعددة لها، كالالف- سين الى والسين سين وسواهما، من دون ان يتعلم هؤلاء حتى اللحظة ان ماذا ينفع الانسان اللبناني اذا ربح العالم كله وخسر شريكه في الوطن.

اما «الاصلاحيون الجدد»، فعبارة تبدو الحاجة ملحة اليها اليوم للدلالة الى مجموع الشخصيات والقوى السياسية الفاسدة او التي غطت الفساد، التي تسارع الى اعتماد التنكر السياسي سبيلا للهرب من الحساب الآتي لا محال، في ضوء المتغيرات الداخلية والخارجية التي كشفت ارتكاباتهم بجرم السرقة المشهود، وتطالب بالتدقيق الجنائي من ضمن المبادرة الفرنسية، لتلتقي بذلك مع مطلب رأس الدولة والفريق السياسي المؤيد له.

ولم تتأخر محطة NBN الناطقة بلسان حركة «امل» من الرد على ما جاء في الـOTV، فجاء في ردها:

«الوطنجيون الجدد» عبارة دخلت الى القاموس السياسي اللبناني في مرحلة «الرجعة» عام 2005 كمصطلح لجماعة توسلت الوصاية لإستصدار قرار أممي مع ناظر له ضد أبناء بلدها من المقاومين والمفارقة أننا نجدها اليوم تعاير بالسيادة من حرر الأرض واسترجع سيادة الوطن المسلوبة وأسقط إتفاقية الإذعان… بئس الزمن هو… لا بل نكد الدهر، في إشارة إلى حماقة التيار الوطني.

واضاف: وصلت وقاحة هؤلاء منذ يوم الجلوس على العرش, عبر ركوب الموجة الاقليمية والدولية في بيع وشراء وفق أسعار سوق سياسية سوداء, بلغت حد الحديث عن السلام مع إسرائيل, وبيع عميل, وهذا كله طمعاً بوراثة لوكيل.

في هذه العصفورية اتخذ أفراد العائلة مناصب متعددة الا أن أياً منها لم يكن في يوم عوناً للوطن… بل على العكس فرضت على الناس معاناة من قبيل ع-ف أو عتمة – فساد وس-س سرقة سمسرات وج-هـ أو جوع – هجرة والأبجدية تطول.

هؤلاء لم يتعلموا حتى اللحظة لفظ حرف من معنى الشراكة ثم يأتون ويسألون: ماذا ينفع الانسان اللبناني اذا ربح العالم كله وخسر شريكه في الوطن…ونقول لهم اللهم لا شماتة بمرض إنفصامكم… نتمنى لكم الشفاء العاجل من العقد النفسية والنزعة الإستئثارية والثلث المعطل… ورحمة الله على شراكة تدعونها.

«الوطنجيون الجدد» عبارة تبدو الحاجة ملحة اليها اليوم للدلالة الى جماعة الفساد التي طغت في أرض الوطن أكثر من فرعون.

سجال مصرفي

مصرفياً، اندلع سجال قوي بين جمعية المصارف ورابطة المودعين إذ ردّت الرابطة على بيان أمين عام جمعية مصارف لبنان بتاريخ ٦/٢/٢٠٢١، معتبرة انه ‏تضمن مغالطات قانونية، وحقوقية، وأمعن بالتضليل واستغباء الرأي العام، وموضحة ما يلي:

أولا، تؤكد على عدم قانونية التعريفات والتسميات والمصطلحات التي ‏أتى على ذكرها البيان والآتية من نسيج مخيّلة المنظومة المصرفية وترفضها رفضا قاطعا، ‏وتعتبرها مخالفة للقانون والدستور شكلا ومضمونا. ‏

ثانيا: ترفض الرابطة التمييز غير المبرر قانونيا ولا أخلاقيا، ما بين المال القديم والـ ‏fresh ‎money، وتعتبر هذا التصنيف ليس إلا هرطقة قانونية لتبرير السطو على أموال الناس.

ثالثا: تؤكد الرابطة على أن الإجراءات التي تم فرضها تشكّل سطوا على أدنى حقوق المودعين ‏من قبل إدارات المصارف.

رابعا: ان قانون النقد والتسليف في ما يخص الإيفاء بالليرة اللبنانية لا يميّز بين أنواع ‏القروض، كما يعترف بسعر صرف واحد محدد من المصرف المركزي على سعر ١٥١٥ ليرة ‏لبنانية. وبالتالي مثل هذه التصنيفات لا تعني المقترض لا من قريب ولا من بعيد.

خامسا: نؤكد مجددا على رفض كافة المواقف والتعاميم التي تشرع أسعار صرف مختلفة ‏للدولار مقابل الليرة وتهدف لتعويم النظام المصرفي على حساب الاقتصاد الوطني.‏

وحذرت رابطة المودعين من التعاضد بين جمعية المصارف وبين مصرف لبنان وبين ‏كافة المنظومة السياسية التي تؤدي الى صرف كافة الاحتياطات على تغطية المواد المدعومة، ‏بغياب أي خطة اقتصادية ومالية واضحة.

وجاء في تعميم صادر انه «في خضم الأوضاع السياسية والاقتصادية القاسية التي زادها انتشار جائحة كورونا صعوبة وتعقيدا، وتوضيحا للتساؤلات الصادرة عن بعض اللجان الممثلة للمودعين (كجمعية المودعين اللبنانيين وغيرها) حول الإجراءات المنسوبة للمصارف، توصي جمعية المصارف الأعضاء بما يلي:

أولا: معالجة إقفال حسابات المودعين بالمرونة المطلوبة في هذه الظروف الصعبة وبالتشاور مع أصحابها، وكذلك الحفاظ لا بل توسيع حسابات المواطنين، خصوصا تلك العائدة لموظفي القطاعين العام والخاص، ما يسهّل عملية قبض رواتبهم وسائر التعويضات النقدية التي يتلقونها.

ثانيا: بالنسبة الى الأموال الجديدة (Fresh money)، وكما سبق أن عمّمت الجمعية استنادا الى تعاميم مصرف لبنان ذات الصلة، تلتزم المصارف بحرية أصحاب هذه الحسابات في التصرف بها سحبا وتحويلا بذات عملة الإيداع، بما فيها استعمال بطاقات الإئتمان والتحاويل للطلاب في الخارج، دون أي اقتطاع منها باستثناء العمولات المتعارف عليها في مثل هذه العمليات المصرفية.

امتحانات رسمية

تربوياً، كشف وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، ان الامتحانات الرسمية ستجري في لبنان، الا إذا جاء طارئ أو حادث صحي كبير.

وأكد ان «الامتحانات الرسمية ستجري هذا العام، ولا إفادات، مؤكدا ان «لن يكون ترفيع تلقائي».

وقال لـ«الجديد»: انه «سيتم التعويض عن الأساتذة المتعاقدين عن تخفيض ساعات التدريس»، مشيرا إلى ان «جميع السياسيين زرعوا موظفين بوزارة التربية».

السرّ في الهاتف

انحصرت، قضية التحقيقات التي يقوم بها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، في جريمة اغتيال الباحث والناشط السياسي لقمان سليم، بمصير هاتفه الخليوي، المجهول مصيره، مع العلم ان نظارات سليم وجدت على مقربة من المنزل الذي كان فيه، وذهبت شقيقته رشا الأمير إلى إعلان ان حماية الحديقة، جاءت بطلب من السفيرة الالمانية، على ان يدقق في حديقة العائلة في الضاحية الجنوبية بعد عودة شقيقه من الخارج.

وفي المعلومات ان الطرف الالماني، دخل على خط التحقيقات، لا سيما ما خص الاتصالات الهاتفية.

التحركات الميدانية

ميدانياً، قام أمس عدد من من المحتجين بقطع الطريق تحت جسر الكولا باتجاه المدينة الرياضية وعلى الطريق الممتدة من الكولا باتجاه الاونيسكو قرب محطة الزهيري في وطى المصيطبة، بالاطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، «رفضا للواقع الاقتصادي والمعيشي الذي تشهدهما البلاد، وتنديدا بكم الافواه من خلال الاعتقالات التي تطال الناشطين، وعملية الاغتيال الاخيرة التي استهدفت الناشط لقمان سليم».

كما قام عدد من المحتجين بقطع طريق الرينغ، بالإطارات المشتعلة.

وكذلك الحال، في الشمال والجنوب والبقاع.

المرحلة الأولى

على صعيد التخفيف التدريجي لقيود الاغلاق، و«تنفيذا للقرار رقم 96/م ص تاريخ 2021/2/6 المتعلق بتحديث إستراتيجية مواجهة فيروس كورونا اصدرت غرفة العمليات الوطنية في السرايا الكبيرة لائحة مفصلة تبين القطاعات المشمولة بالمرحلة الأولى من إعادة الفتح ودوام عملها وآلية تقديم طلب الأذونات مع التشدد على وجوب وضع الكمامة بصورة إلزامية تحت طائلة تسطير محاضر ضبط بحق المخالفين. ومنع الخروج والولوج إلى الشوارع والطرق إعتبارا من الساعة الخامسة من صباح يوم الإثنين الموافق في 2021/2/8 ولغاية الساعة الخامسة من صباح يوم الإثنين الموافق في 2021/2/22 حيث يحصر التجوال خلال هذه المدة بالأشخاص الذين تم إستثناؤهم بموجب القرار وفقا للشروط المحددة في متنه وللأشخاص الذين لا يشملهم الإستثناء الخاضعين لقرار الإغلاق بعد حصولهم على إذن تنقل من خلال الرابط covid.pcm.gov.lb ( إستمارة للأشخاص الخاضعين لقرار الإغلاق ) أو من خلال إرسال رسالة قصيرة SMS على الرقم 1120.

على ان يتم الإستحصال على إذن تنقل للأشخاص المستثنين من قرار الإغلاق الكامل المذكورين أدناه من خلال covid.pcm.gov.lb ( إستمارة للأشخاص المستثنين من قرار الإغلاق الكامل).

وأعلنت السياحة انه يسمح للمطاعم بالعمل 24 ساعة، وذلك من خلال خدمتي التوصيل إلى المنازل فق (Delivery)، مع الإبقاء على الصالات مقفلة، وعدم استقبال الزبائن.

319917 إصابة

وسجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي إصابة 2081 بالفايروس و54 حالة وفاة في الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 319917 إصابة منذ 21 شباط الماضي.

الاخبار

لبنان أهدر أكثر من 2600 كلم2 لحساب الجزيرة: عدِّلوا المرسوم 6433 وافرضـوا التفاوض على قبرص!

جريدة الاخبارليس العدو الإسرائيلي وحده من استولى على مياه لبنانية في المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة، نتيجة سوء إدارة لبنان للمعركة، كما عدم إعداده لها بالصورة المطلوبة. فإضافة إلى المنطقة الجنوبية المسروقة من قبَل «إسرائيل»، في المنطقة الغربية، تنازل لبنان عن أكثر من 2600 كلم مربّع لقبرص! تنازل يوجب إعادة القضية إلى بداياتها، وتعديل مرسوم تحديد المنطقة الاقتصادية الخاصة بلبنان، وفتح التفاوض مجدداً مع الجزيرة الجارة

يبدو أن حقيقة مؤلمة تغيب عن ذهن معظم اللبنانيين، ولا سيّما المسؤولين الرسميين، تتمثّل في أن الوفد اللبناني المفاوض على ترسيم الحدود الجنوبية حمل إلى طاولة المفاوضات في الناقورة خريطة لا قيمة دستورية لها. فهذه الخريطة، وإنْ كانت بإحداثيات مختلفة عن النقطة 23 التي سبق أن حددتها لجنة شكّلها مجلس الوزراء في عام 2008 وأنهت أعمالها في 2009، وإنْ كانت أيضاً متقدمة نسبياً على سابقتها من عام 2009، إلّا أنها لم تُمهر بتوقيع أي مؤسسة دستورية، لكونها غير صادرة بمرسوم عن مجلس الوزراء، ولا تحمل توقيع رئيس الجمهورية، فضلاً عن أنها لم تنل، على ما يبدو، تأييد الكتل النيابية في مجلس النواب. هذه الخريطة التي حملها الوفد، بناءً على توجيه من رئاسة الجمهورية، تنطلق من مقاربة جديدة للنقطة الأساس من الشاطئ اللبناني المسماة B1، وتفرض تعاملاً مختلفاً مع النتوء الصخري المسمى «تيخيليت». لكن بالطبع كان بإمكان الوفد اللبناني تأبّط خرائط أخرى تزيد من المساحة التي يقدّرها لبنان ذاتياً لتكون منطقته الاقتصادية الخالصة.

المشكلة التي تواجه المفاوض اللبناني اليوم، وبعض المسؤولين في الدولة، سببها أن المفاوض الإسرائيلي، أو الوسيط الأميركي، وبكل بساطة، قد يُشكِل على الوفد بالقول إن الخريطة والمقاربة اللتين يقدّمهما لا تأييد دستورياً لهما. بل وإن الطرح بذاته مخالف لما وافقت عليه المؤسسات الدستورية اللبنانية: المرسوم 6433/2011، والخرائط المرفقة به، ورسائل الخارجية اللبنانية للأمم المتحدة في عام 2010 و2011. وهو للأسف، إشكال صحيح، إلى حد يؤرّق الجميع، وبطبيعة الحال، الوفد اللبناني المفاوض.

لقد اتصل الوفد بجهات سياسية، مطالباً بتعديل موقعه التفاوضي عبر تعزيزه دستورياً، وتمكينه ليكون أوسع قدرة في الدفاع عن حقوق لبنان، وفق تصوّر متطوّر، أكثر تحقيقاً للمصلحة الوطنية، وأرقى من الذي جرى اعتماده في 2009، أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

باحثَ الوفد اللبناني تلك الجهات الرسمية، عارضا حاجته إلى استصدار مرسوم يعدّل المرسوم 6433/2011، ويحدد من جديد إحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، لكنّ بعض الجهات السياسية لن توافق على استصدار مرسوم، معلّلة رفضها بأن مرسوماً من هذا النوع يمكن أن يحكم لبنان سلفاً، إذ إنه سيكون قد وضع حدوداً تقرّ بوجود منطقة اقتصادية خالصة للكيان الإسرائيلي. في الواقع، هذا الكلام الذي يواجَه به الوفد ليس دقيقاً، وقد يجاب عنه بالقول إن ما يقوم به لبنان هو ترسيمٌ ذاتيٌ لحدود منطقته الاقتصادية الخالصة، من دون أن يأتي على ذكر المنطقة التي تقابله.

المدهش أيضاً، هو ادعاء آخرين بأنه ليس من داع لوجود مرسوم يحدد منطقة اقتصادية خالصة للبنان، إذ يغيب عن بال هؤلاء أن مجلس الوزراء أصدر عام 2011 المرسوم الرقم 6433 الذي يحدد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، جاعلاً النقطة 23 نقطة ثلاثية البعد مع قبرص وفلسطين المحتلة. لذلك، فإن القول بألّا داعي لإصدار مرسوم جديد، يُردّ عليه بأن لدى لبنان حقيقةً مرسوماً يرسّم حدوده بافتئات على حقوقه الأصيلة. الجدير ذكره أيضاً، أنّ سجالاً دار خلال ترسيم خريطة عام 2009 بين وجهتَي نظر. الأولى تتمثل بوزارة الأشغال ومديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني، تتمسك بأن النقطة التي تحقّ للبنان هي النقطة الـ 23، في حين أن وجهة النظر الأخرى، التي عبّر عنها ممثل الخارجية اللبنانية داخل اللجنة، تقول بإمكانية الذهاب جنوبي هذه النقطة بما يضيف بين 1300كلم2 و1700كلم2 تقريباً على مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة. لكن، ومع الأسف، سادت وجهة النظر الأولى، لأسباب غير مفهومة ومحلّ تساؤل وشبهة.

مقاربة ثالثة مختلفة قدّمها خبراء في القانون الدولي وشؤون الطاقة (الخريطة المرفقة)، تعطي لبنان حقوقه. فالنقطة الـ 23 لا يصحّ اعتمادها، لكونها قد حدّدت بعد إزاحة الخط البحري شمالاً بسبب ما يسمى أثر جزيرة تيخيليت ــــ التسمية التي أطلقها الإسرائيليون على النتوء الصخري هناك. بينما، في الحقيقة، ليس من جزيرة، بل مجرد صخرة كبيرة لا تأبه لها الاتفاقية الدولية لقانون البحار، بدليل أحكام دولية كثيرة صادرة لم تأخذ بعين الاعتبار «جزراً» تضمّ 60 ألف نسمة.

يضيف هؤلاء الخبراء أنه حين جرى رسم الخط، لم تكن الحكومة قادرة على الوصول إلى النقطة B1، لأنها تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأن نقطة B1 حتى ولو وضعت وفقاً لترسيم خط الهدنة، فإنها تبقى مخالفة لنص اتفاقية الهدنة، القائل بوجوب أن يتطابق خط الهدنة مع الخط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة المحدد وفقا لاتفاقية بولي-نيوكومب « Paulet–Newcombe» عام 1923. لذا كان ينبغي على نقطة B1 أن تكون في نهاية وادي كركرة، الذي يبعد 1.8 كلم عن النقطة B1 بحسب خط الهدنة عام 1949. ما حصل في ذلك العام، هو أن المفاوض الاسرائيلي دفع بالمفاوض اللبناني إلى القبول بتأخير النقطة B1 شمالاً، أي باتجاه لبنان، ما أتاح للكيان القدرة على تقاسم رأس الناقورة الذي سمّاه من جهته «روش هانكيرا Rosh HaNikra»، متجاوزاً بذلك حدود خط الهدنة. وكما هو معلوم في ألف باء الهندسة، فإن فَرقَ أمتار على الشاطئ يتسع داخل البحر ليشكل مساحة واسعة.

وفي المجال التشريعي، إن الاعتراض بأنه لا يمكن تعديل المرسوم 6433/2011 لأنه قد سبق أن جرى إبلاغ الأمم المتحدة به، فمردود على قائله، لأن المرسوم ذاته، وفي مادته الثالثة، نصّ على ما يأتي: «يمكن مراجعة حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وتحسينها، وبالتالي تعديل لوائح إحداثياتها، عند توافر بيانات أكثر دقة، ووفقاً للحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنية».

إذن، صار واضحاً أن المفاوض اللبناني ليس في استطاعته الاستمرار في التفاوض وهو مكشوف دستورياً وقانونياً وسياسياً. فلا بد إذاً من تعديل المرسوم 6433، آخذاً في الاعتبار آليات جديدة لرسم المنطقة الاقتصادية الخالصة وفق أدق المعطيات وأفضل المقاربات التي ستؤدي إلى زيادة الحقوق.

في المفاوضات مع قبرص، شارك مسؤول لبناني ومساعده في مواجهة 8 خبراء قبارصة

مع قول ما تقدم، لا نستطيع سوى أن نستحضر واقع أن الخطأ الذي ارتكبته حكومة الرئيس السنيورة في عام 2009، لم يصحّح الخطيئة الكبرى التي ارتكبتها حكومته أيضاً عام 2007، حين وقّعت يوم 17/1/2007 اتفاقية تحديد الحدود مع قبرص، التي تراجع فيها الجانب اللبناني، بحسب قول المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، آنذاك، أميالاً إلى الوراء التزاماً بما تنصّ عليه الاتفاقية الدولية لقانون البحار، أي إلى النقطة 1. هذا التراجع يعتبر كارثة وطنية. فعلى أي أساس أو منطق قد يذهب وفد لبناني إلى التفاوض في 2007 من دون امتلاكه خريطة ذاتية تحدّد منطقته الاقتصادية الخالصة؟ المضحك والمبكي في آن واحد هو الوفد اللبناني – حينذاك – الضئيل حجماً والضعيف تقنياً، والذي كان مؤلفاً من المدير العام للنقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي، ومساعده حسن شعبان فقط، من دون وجود مندوب لوزارة الخارجية لتدوين محاضر الجلسات التفاوضية أو مندوب للجيش حتى! في الوقت الذي كان الوفد القبرصي يضم ثمانية خبراء في مجالات الجيولوجيا والقانون الدولي والتنقيب عن النفط وغيرها. ما حصل آنذاك، شكّل كارثة وطنية وفضيحة إدارية، لم تصحّح كما ينبغي في خريطة 2009. ففي المحصلة، خسر لبنان مساحة تفوق 2600 كلم2 لحساب قبرص (المساحة الواقعة بين الخط الأسود والخط الأحمر على الخريطة المرفقة).

لم يعد جائزاً بقاء المرسوم 6433/2011 كمادة يعتمد عليها لبنان في مفاوضاته، بل حتى في غير حالة التفاوض. فالحاجة إلى التعديل قائمة بذاتها، غير مرتبطة بأي أمر آخر، لتحصين موقع لبنان وتدعيمه. وبعد انسداد أفق المفاوضات، قد يُدفع بلبنان إلى خيارين، إما أن يقبل بتقاسم المنطقة الاقتصادية الخالصة مع العدوّ المفاوض، وهذا تنازل خياني وغير مقبول عن الحقوق الوطنية و الثروات، وإما بأن يستمر في التفاوض غير المجدي والخطر مع العدو الإسرائيلي، مع خوف ينشأ من أن يعمد حليفه، الوسيط الأميركي، إلى ممارسة ضغوط لإرغام اللبنانيين على التنازل. وقد سبق للولايات المتحدة أن أرغمت الجانب اللبناني، مكرهاً، على الذهاب إلى مفاوضات الناقورة، عارفاً بأن لا نتيجة منها، لكونه قد سبق أن فاوض لمدة عشر سنوات عبر فريدريك هوف وغيره من الموفدين الأميركيين، ليحصل على أقل من 600 كلم2 تقريباً من المنطقة التي تسميها اتفاقية القانون الدولي للبحار الآن المنطقة الاقتصادية المتنازع عليها، علما بأن المنطقة الواقعة بين ما يسمّى خط هوف والنقطة 23، هي المنطقة الأكثر واعدية في احتوائها للموارد، بحسب ما بيّنت الصور الزلزالية الثلاثية البعد.
يفرض انتساب لبنان إلى الاتفاقية الدولية لقانون البحار عليه مشكلة، حيث إنه، بحسب الاتفاقية (الكيان الإسرائيلي لا ينتسب إليها)، ملزم في حال حصول نزاع بينه وبين طرف موقّع آخر عليها حول المنطقة الاقتصادية الخالصة، بالامتناع عن القيام فيها بأي عمل، وهذا ما حصل في الـ 865 كلم2 التي تعتبرها الأمم المتحدة منطقة متنازعاً عليها. انطلاقاً من هذه المشكلة، وبناءً عليها، يمكن للبنان اجتراح حل من شأنه خلق موقع متقدم له في المفاوضات، يتيح له استرجاع حقوقه التي جرى التراجع عنها من قبل وفد الرئيس السنيورة إلى قبرص بقرار واضح بدا في الفقرة المتعلقة بإخلاء المسؤولية Disclaimer في النسخة القبرصية لمحضر جلسة التفاوض (نظراً إلى عدم وجود نسخة لبنانية للمحضر كما ذكرنا أعلاه): إن النقاط الأخيرة للخط الوسطي (نقطة 1و 6) تم التراجع بها عن النقطتين الثلاثيتَي البعد اللتين تم احتسابهما في الشمال والجنوب، للسماح بحصول مفاوضات مستقبلية مع الدول المجاورة.

تعديل لبنان حدوده يدفع قبرص مباشرة إلى وقف التنقيب في المنطقة «المتنازع عليها»

بدون هذا الطرح، وكما ذهب لبنان إلى التفاوض مرغماً، علماً بأنه كان عليه وباستطاعته تفاديها، سيذهب مجدداً، ومع الأسف، من دون ذخيرة دستورية وقانونية وسياسية كافية لإعداد ملف صلب ومتماسك. فتعديل المرسوم 6433 سيمكن لبنان من الاستناد إلى أفضل القواعد التي تؤدي إلى أخذه حقوقه، بعيداً عن العقلية الانهزامية والتنازلية التي سيطرت على لجنة الـ 2009، بانتظار أن يأتي الزمان الذي يناقش فيه كيف أنها فرضت، ومَن وراءها، النقطة 23 بدل التوسع جنوباً باتجاه فلسطين المحتلة، كيف أنها تصدّت لكل محاولة داعية لذلك.

لماذا التفاوض مع قبرص؟

أولاً، لأن التفاوض مع العدوّ الإسرائيلي غير مجد، وذو خطورة لواقع أنه قد يستخدم عصا حليفه الأميركي لدفع لبنان نحو التنازل عن جزء من 865 كلم2 المصنّفة «متنازعاً عليها». ثانياً، لأن المشكلة بدأت في أصلها باتفاقية تحديد الحدود مع قبرص، حين قبل لبنان التراجع إلى حدود النقطة الرقم 1. وبالتالي، ليصحح لبنان هذا الخطأ، عليه أن يتفاوض مجدداً مع الجانب القبرصي لتحديد حدود جديدة، وخاصة أن الاتفاقية لم تبرم، إذ لم تحل إلى المجلس النيابي ليقرّها، فمن حق لبنان إذاً أن يطلب إعادة التفاوض حولها. ثالثاً، قبرص دولة منتسبة إلى الاتفاقية الدولية لقانون البحار كما لبنان، وبالتالي، فإن ما ينطبق على لبنان ويلزمه ينطبق عليها ويلزمها أيضاً، فبعد أن يبلغ لبنان الأمم المتحدة بإحداثيات منطقته الاقتصادية الخالصة ضمن المرسوم الجديد والخريطة المرفقة، التي تعتمد النقطة 62 بدلاً من 23، فإن المنطقة بين النقطة 1 و62 ستصبح منطقة متنازعاً عليها، وعلى القبارصة الامتناع عن القيام بأي عمل فيها، ما سيضطر قبرص حينها، حفاظاً على مصالحها، إلى التفاوض مع لبنان والتوصل إلى تسوية تطيح النقطة الرقم 1 أساس المشكلة. رابعاً، على فرض أنه لم يتم التوصل إلى تسوية، فبحسب الاتفاقية الدولية لقانون البحار، بإمكان لبنان الذهاب إلى خيار التحكيم. ولمّا كانت المحاكم تعتمد في أحكامها مبدأ الإنصاف، فمن المرجّح أن يكون الحكم لمصلحة لبنان، إذ ليس من الإنصاف أن يطبق على لبنان وساحله الواحد ما يطبق على قبرص الجزيرة مع ما لها من شواطئ. خامساً وأخيراً، بعد أن يطيح لبنان النقطة الرقم 1، سيكون قد أطاح في الوقت عينه الاتفاق القبرصي ــــ الإسرائيلي وأسقط ادّعاءات العدو، من دون الولوج في مفاوضات عبثية وخطرة ولا طائل منها مع الكيان الإسرائيلي.

هل تكسر «الصناعة» احتكار الاسمنت؟

وزارة الصناعة «تُهدّد» شركات الترابة: الاستيراد مع وقف التنفيذ

هل كُسر «كارتيل» الاسمنت في لبنان؟ من المُبكر «التعويل» على اتجاه وزير الصناعة عماد حبّ الله الموافقة على استيراد الاسمنت، لإعلان كسر احتكار الشركات الثلاث؛ فالأخيرة لا تزال تُحاول التفلّت من الضوابط، حتى ولو ظهرت في العلن كمن يُقدّم «التنازلات». رهانها على «أخطبوطها» داخل الإدارات الذي يؤمّن ديمومة سطوتها، وعدم الجدّية لدى السلطات الرسمية في تنفيذ القرارات، خاصة أنّها ليست المرّة الأولى التي يُحكى فيها عن استيراد الاسمنت

ثلاث شركات في لبنان تحتكر سوق الاسمنت: شركة الترابة الوطنية – اسمنت السبع، ولافارج – هولسيم، وترابة سبلين. تُشكّل هذه الشركات «دولة» تبسط سيطرتها على مناطق وجودها، حتّى باتت تُحدّد الخيارات السياسية والبلدية فيها، ونفوذها «لا يُكسر» مهما علت أصوات الاعتراض على مخالفاتها البيئية والصحية. الشركات الثلاث تحظى بـ«حماية» قرار صادر سنة 1993، يمنع استيراد الاسمنت من دون إجازة مُسبقة من وزارة الصناعة. ولكنّ الاستيراد ليس عملية سهلة، فمنذ الـ1985 تُفرض رسوم جمركية عالية تبلغ 75% ورسم 10% للاستهلاك الداخلي. وُفّرت لها كلّ مُقوّمات «الصمود» داخلياً، فباتت لا تجد «حَرَجاً» بالعمل عبر رخص مؤقتة خلافاً للقانون، ولا تلتزم بإعادة تأهيل المقالع – مثلاً -، اللافت أن يكون هذا «العزّ» المُعطى لشركات الاسمنت محجوبٌ عن بقية الصناعات التي لا تُكبّد الدولة فاتورة صحية وبيئية باهظة، وأيضاً يعتاش منها الآلاف.

أوّل من أمس، «هدّد» وزير الصناعة عماد حبّ الله بأنّه سيُسقط الحماية عن الشركات الثلاث، ويفتح الباب أمام استيراد الاسمنت، بعد أن وصل سعر الطنّ منه في «السوق السوداء» إلى أكثر من مليون و300 ألف ليرة، في حين أنّ السعر الرسمي مُحدّد بـ240 ألف ليرة (من دون احتساب ضريبة القيمة المُضافة) للطنّ الواحد. فأصدرت وزارة الصناعة بياناً، جاء فيه، أنّه «نتيجة عدم التزام شركات الترابة بمضمون الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه مع اللجنة المُختصة بالبيئة، ومع رئاسة الحكومة قبل ستّة أسابيع وعدم التوقيع عليه، تدعو وزارة الصناعة جميع الراغبين في استيراد الترابة إلى التقدّم منها مطلع الأسبوع المقبل للاستحصال على إجازات استيراد، شرط تمتّع المادّة المستوردة بالمواصفات والمعايير المطلوبة وبأسعار تنافسية». ولكنّ حبّ الله أرفق بيانه بتغريدات يوضح فيها أنّ «شركات الترابة تفتح أبوابها لبيع مخزونها من الترابة بدءاً من الإثنين 8 شباط… على مصانع الترابة التأكّد من التوزيع العادل والبيع بالسعر الرسمي للمواطنين». السبب خلف النقطة الأخيرة في كلام حب الله، أنّ شركات الترابة «تختبئ» خلف التجّار – وهم يحصلون على السلع للبيع من الشركات مُباشرةً – الذين يوزّعون مادة الاسمنت، بأنّهم هم الذين يبيعون بأسعار «سوق سوداء».

ليست المرّة الأولى التي يُلوّح بها حب الله باللجوء إلى الاستيراد. ففي تمّوز الماضي، ومع توقّف «السبع» و«لافارج – هولسيم» عن الإنتاج مقابل احتكار «سبلين» للسوق، تجاوز سعر طنّ الاسمنت 650 ألف ليرة، وارتفع سعر كيس «الترابة البيضاء» من 18 ألف ليرة إلى 270 ألف ليرة، ذكر حبّ الله إمكان «إعطاء أذونات استيراد لتلبية حاجة السوق»، من دون أن يحظى اقتراحه بأي مدى. واضح أنّ الشركات لم تُبالِ بأي إجراءات تُتخذ بحقّها، واستمرت في فرض جدول أعمالها على الدولة اللبنانية، حتى اضطر حب الله إلى سحب خيار الاستيراد إلى الواجهة مُجدّداً. تكرار التهديد من دون تنفيذ، سيتحوّل مع الوقت إلى «مادّة للتهكّم» لدى المُحتكرين. فهل ستُعرّض وزارة الصناعة «هيبتها» للكسر من جديد في حال قرّرت التراجع عن خيار الاستيراد؟ يُعلّق أحد المُتابعين لملفّ الاسمنت بأنّ «قرار وزارة الصناعة جاء مُتأخّراً سنة. فحالياً، ومع الانخفاض الحادّ في سعر الصرف، لم يعد الاسمنت المُستورد يُشكّل منافساً قوياً للاسمنت المحلّي، فضلاً عن عدم إيجاد آلية مراقبة يستمر العمل بها مع الحكومة الجديدة. فمن يضمن ألّا يُغيّر وزير البيئة أو الصناعة الجديدين من الشروط الموضوعة؟».

قبل ظهر اليوم، يعقد حب الله اجتماعاً مع مديري الشركات الثلاث للتوصّل إلى اتفاق معهم، واصفاً ما يقومون به «باستغلال السوق والضغط علينا وعلى الحكومة حتى نرضخ لشروطهم». يُخبر وزير الصناعة «الأخبار» بأنّه قبل ستة أسابيع اجتمع ممثلو الشركات مع رئاسة الحكومة واللجنة البيئية و«اتُفق على إنشاء منظمة غير حكومية تتولّى مراقبة عمل الشركات. وافقوا على الاقتراحات ووعدوا رئيس الحكومة (المُستقيلة) حسّان دياب بالتوقيع على الاتفاق، من دون أن يُنفّذوا». في الوقت نفسه، ارتفعت الأسعار «بشكل جنوني، ما استوجب إصدار البيان». ولكنّ حب الله يوضح أنّ الاستيراد ليس هدفاً بحدّ ذاته، بل إن الوزارة تُريد «عدم قتل الصناعة المحلية، وتحديداً ما يختصّ بالموظفين، والحفاظ على البيئة، وعدم استنزاف الدولارات من خلال الاستيراد، والحفاظ على أسعار معقولة على المدى الطويل. بسبب تلكّؤ الشركات في توقيع الاتفاق ورفعها الأسعار، اضطررنا إلى اللجوء نحو فتح باب الاستيراد لإعادة خفض الأسعار بالمقارنة مع الـ240 ألف ليرة للطنّ الواحد».

استيراد الاسمنت يخفف تدمير البيئة وإزالة الجبال وقتل الناس بالأوبئة

تُفضّل الشركات في هذه المرحلة «عدم الدخول في سِجال علنيّ مع الحكومة»، ولو أنّ بعضها يُراهن على تشكيل حكومة جديدة لدفن الإجراءات الحالية، ولكنّها تستمر في «الدفاع» عن نفسها. فقد أصدرت «السبع» بياناً أمس توضح فيه أنّ الإغلاق الكامل في 5 كانون الثاني منعها من تسليم الكميات المُتبقية في مخزونها، «علماً أنّ المقالع متوقفة بالكامل منذ تشرين الثاني 2020 ما قلّص بشكل كبير الكميات المُخزّنة»، مُوافقةً على البدء بالتوزيع اليوم بسعر 240 ألف ليرة (من دون الـTVA) «حتى نفاد الكميات المُتبقية لديها». أكثر «المُتأثرين» بقرار وقف العمل بالمقالع هما «السبع» و«لافارج – هولسيم»، ورغم أنّ الأخيرة كانت «مُتجاوبة» أكثر في المفاوضات مع الحكومة، إلا أنّ موقف الشركتين بات متشابهاً بعد التطورات الأخيرة. يقول مُطلعون على موقف الشركتين إنّ «الإقفال العام ووقف عمل المقالع هما اللذان أدّيا إلى ارتفاع أسعار الاسمنت، الذي لم يعد متوافراً إلا عند التجّار بكميات قليلة، ومن الصعوبة إيجاد المادة أصلاً». تُصرّ الشركات على التزامها بـ«معايير عالمية»، ولكن في حال حصول أي خلل فهي لا تعتبر أنّ «الحقّ عليها، بل على الدولة ووزراء البيئة اللذن كانوا يشرّعون الأعمال». وهي تنفي موافقتها على الاتفاق البيئي في السراي قبل ستة أسابيع، «هناك ملاحظات عديدة، أبرزها أنّ هذه المنظمة غير الحكومية التي يُريدون إنشاءها ستتولّى قبض الأموال من الشركات وتوزيعها على المجتمعات المحلية. من يضمن ويُراقب عملها؟ وزير البيئة دميانوس قطّار لا يعلم، كيف لا تكون وزارة البيئة في صلب اتفاق كهذا ومسؤولة عنه؟ ماذا لو أتى وزير بيئة جديد لا يوافق على الآلية الموضوعة؟». أسئلة يُفترض أن يُجيب عنها حب الله في لقائه اليوم.

من جهتها، أصدرت «لجنة كفرحزير البيئية» كتاباً إلى حبّ الله تؤكّد فيه أنّ «استيراد الاسمنت أيا يكن ثمنه أرخص بكثير من الاسمنت الذي تبيعنا إياه شركات الترابة مخلوطاً بكميات كبيرة من التراب المطحون غير المُعالج وغير المحروق، إضافةً إلى أنّه يوفّر علينا تدمير بيئتنا وإزالة جبالنا وقتل أهلنا بالأوبئة».

«حملة» على قرار لوزيرة العدل «يطال» المصارف

أصدرت وزيرة العدل ماري كلود نجم قراراً بتأليف لجنة برئاسة القاضي مهيب معماري وعضوية عدد من القضاة والمحامين والقانونيين مهمّتها إصدار نصّ قانوني يعالج مسألة اشتراط المصارف الإيفاء بالعملة الأجنبية، في حال تمّ الاتفاق على التعامل بالعملة الأجنبية، إضافة إلى إشكالية هل يحقّ للمدين أن يبرئ ذمّته بالعملة الوطنية؟ وهل يحق للدائن رفض الإيفاء بواسطة شيك محرر بالعملة الأجنبية إذا كانت المؤونة محتجزة لدى المصرف؟

كُلّفت اللجنة مهمة صياغة نصّ بشأن الاتفاقيات بين المودعين والمصارف حول الإيفاء بالعملة الأجنبية وإمكانية إيفاء الالتزام بالعملة الوطنية والإشكالات المترتّبة من جرّاء ذلك، بالاستناد إلى القرارات الصادرة عن المصرف المركزي والقرارات القضائية.

عدد من القانونيين استوقفه لجوء وزيرة العدل إلى تأليف لجنة خاصة واستبعادها هيئتين رسميتين تابعتين لوزارة العدل مكلّفتين بحسب القانون بإعداد مشاريع القوانين والقرارات التنظيمية وهما: هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ومجلس شورى الدولة. وبحسب قانونيين، فإنّ المادة الثامنة من قانون تنظيم وزارة العدل تنصّ على وجوب تولّي هيئة الاستشارات «إعداد وصياغة مشاريع القوانين والمراسيم والقرارات التنظيمية والتعاميم ومشاريع المعاهدات والاتفاقات الدولية التي يُطلب منها وضعها». كما تنصّ المادة ٥٦ من نظام «مجلس شورى الدولة» على أن يُساهم المجلس في إعداد مشاريع القوانين، حيث يُعطي رأيه في المشاريع التي يُحيلها عليه الوزراء ويقترح التعديلات التي يراها ضرورية لصياغة النصوص التي يُطلب وضعها. انطلاقاً من هاتين المادتين، ومن مبدأ لا اجتهاد في وجود النص، يستغرب قانونيون تأليف لجنة خاصة بدلاً من الاستعانة بهيئتين رسميتين ينص القانون بوضوح على صلاحيتهما في هذا المجال. وأعدّ الأستاذ الجامعي والمحامي بالاستئناف عبده جميل غصوب تعليقاً قانونياً مؤلفاً من ست صفحات تضمن ملاحظات على «المستويين التشريعي والقانوني». فقد اعتبر أنّ مهمة الدراسة يجب أن تقتصر على «إمكانية إصدار نص قانوني» من دون أن تتعداه إلى «إعداد مشروع نص قانوني»، حيث سيُعتبر عمل اللجنة باطلاً لتجاوزه حد السلطة. واعتبر أنّ لا فائدة علمية أو عملية من تأليف هذه اللجنة، مشيراً إلى أنّ قرار الوزيرة يتضمّن تعدياً على صلاحيات هيئة الاستشارات والتشريع في الوزارة. كما اعتبر أنّ القرار يُمثّل خطأً منهجياً لكونه يتسبب في «التشريع البيروقراطي» وهو منبوذ في منهجية التشريع. كما اعتبر أنّه لو كانت خطوة الوزيرة هدفها الاستعلام، لكان الأجدر أن يبقى الأمر سرياً وليس بموجب قرار بات بمتناول الجميع.

في مقابل الآراء المنددة بخطوة وزيرة العدل، علّق المحامي ناضر كاسبار على قرار وزيرة العدل، معتبراً أنّها تملك صلاحية تعيين لجنة من قضاة ومحامين ورجال قانون لإبداء الرأي في شأن مسألة قانونية، مشيراً إلى أنّ هذا الدور استشاري خاص بالوزير. وذكر كاسبار أنّها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها وزير العدل بتعيين مثل هذه اللجنة لدراسة موضوع معين فيه تضارب بالآراء والأحكام، لمحاولة إيجاد وسيلة للعلاج واقتراح النصوص التي تُزيل الالتباس في الحلول. وسأل كاسبار أليس ذلك من صلب مهام وزير العدل، على اعتبار أنّ دور اللجنة المعينة بحثي محض ويتعلّق بإبداء الرأي وليس فرض حلّ معين.

مصادر نجم: المادة 33 من قانون تنظيم الوزارة تمنحها حق تأليف لجان لإنجاز دراسات ومشاريع قوانين

وفي السياق نفسه، استغربت أوساط وزيرة العدل ماري كلود نجم ما تسمّيه «الحملة التي تُشنّ ضدها» على خلفية تأليف هذه اللجنة، كاشفة عن قيامها بتأليف نحو عشرة لجان خاصة مشابهة لإعداد دراسات محددة من دون اعتراض أحد. وذكّرت المصادر بقرار الوزيرة تأليف لجنتين إضافيتين بعد تأليف هذه اللجنة، متحدثة عن طلبها إجراء مقارنة مع الدول التي مرّت بأحداث مالية مشابهة لما يمرُّ به لبنان. وتساءلت أوساط الوزيرة: «كيف يُمكن لمجرد دراسة قانونية أن تُلزم المحاكم، وهل بات البحث القانوني ممنوعاً في لبنان؟». وتحدثت المصادر عن استناد وزيرة العدل إلى المادة 33 من قانون تنظيم وزارة العدل التي تُعطي الحق للوزير في تأليف لجان مؤلفة من قضاة ومحامين وأهل قانون للقيام بدراسات قانونية أو وضع مشاريع قوانين.

شركة «التراضي» الألمانية: أنقذنا بيروت من قنبلة ثانية في المرفأ

تحت عنوان «قنبلة بيروت الثانية»، نشرت شبكة «ntv» الإخبارية الألمانية تقريراً جاء فيه أن شركة ألمانية تساعد في منع كارثة ثانية في مرفأ بيروت، ربما بالقدر التدميري نفسه لكارثة 4 آب.
ويقول التقرير إنّه خلال أعمال الأمن والتنظيف بعد الدمار الشديد من كارثة المرفأ، وجد العمال في الميناء 52 حاوية تحتوي على مواد متعفنة جزئياً وتمثل أكثر من 1000 طن من المواد الكيميائية. يقول هيكو فيلدرهوف، المدير الإداري لشركة Combi Lift، التي كلّفت بالتخلص من المواد الكيميائية التي تمّ العثور عليها في المرفأ بعد الانفجار: «يجب أن نقول الأمر كما هو: ما وجدناه هنا كان قنبلة بيروت ثانية. لم أر شيئاً مثله من قبل».
وتنقل الشبكة الإخبارية أنّه حتى بعد الانفجار يجري تخزين مواد خطرة في مرفأ بيروت. يقول فيلدرهوف: «بشكل عام، لدينا الآن أسطول كبير من السفن، ونحن واحدة من ثلاث شركات في جميع أنحاء العالم تقوم بمثل هذه الوظائف». وستقوم الشركة نيابة عن مجموعة Assouad اللبنانية وهيئة ميناء بيروت بفحص 52 حاوية وإعداد تحليل للبضائع الخطرة واستراتيجية التخلص منها.
ويقول فيلدرهوف الذي سافر إلى بيروت بعد أيام قليلة من الكارثة: «إننا نتعامل مع الكوارث البحرية في جميع أنحاء العالم، ولكنني لم أر أي شيء من هذا القبيل من قبل. وهذا يذكّرني بما أخبرني به والداي عن الحرب العالمية الثانية».

المشكلة أن لا أحد يريد أن يعرف تفاصيل عن الـ52 حاوية؛ لا الجمارك ولا سلطات الموانئ ولا الأجهزة الأمنية. إضافة إلى ذلك، لا توجد مستندات أو أي بيانات عن التسليم، وبالكاد توجد أي معلومات عن الكمية أو المحتوى، ولا حتى توجد معلومات عن المالك.

وقد ورد في التقرير ما حرفيته: «في بلد تحكم فيه النخب السياسية الفاسدة والعشائر الدينية الجشعة وتتصرف كما يحلو لها، في بلد على شفا الهاوية الاقتصادية وندرة الوظائف للغاية، قبلت الشركة التي تتخذ من بريمن مقراً لها الطلب الذي تبلغ قيمته نحو 3.5 ملايين يورو.

يقول فيلدرهوف: «كان علينا أولاً أن ننشئ مختبراً حقيقياً لكي نتمكن من تحليل المواد المجهولة». ويشارك أيضاً المهندس البيئي مايكل فينتلر، المدير العام لشركة هوبنر للاستشارات البيئية، قائلاً: «لم أر شيئاً من هذا القبيل. لقد وجدنا حمض الفورميك، وحمض الهيدروكلوريك، وحمض الهيدروفلوريك، والأسيتون، وبروميد الميثيل، وحمض الكبريتيك، وحمض فوق أوكسي خليك، وهيدروكسيد الصوديوم، وغليسيرينات مختلفة، وما إلى ذلك».

ويضيف قائلاً: «يجب تدريب الموظفين على التعامل مع المواد الشديدة الانفجار. كان علينا أن نعلمهم كيفية وضع بدلة واقية بشكل صحيح وكيفية خلعها مرة أخرى. لا أحد هنا يعرف ذلك». من جهته، يقول فيلدرهوف: «حتى في ألمانيا ، هناك ثلاث شركات فقط تستطيع التعامل مع هذه المواد».

بصرف النظر عن ذلك، قامت Combi Lift بتحليل ونقل وتغليف وفهرسة جميع المواد الخطرة في بداية شهر شباط. الآن تتجه السفينة إلى Wilhelmshaven.

بالنسبة إلى الكابتن السابق فيلدرهوف، فإن مغامرة بيروت لم تنته بعد. ففي نهاية المطاف، لا تزال هناك خمس سفن مدمرة في الميناء يتعين التخلص منها. سوف تقوم Combi Lift بالمهمّة. عمل صعب. لكن ليس بخطورة نزع فتيل القنبلة الثانية في بيروت.

التقرير الألماني سبقه تحقيق نشرته «الأخبار» بتاريخ ١٩ تشرين الثاني 2020، تحت عنوان: («نصْبة» في المرفأ بمليونَي دولار! نقل «موادّ خطرة» من المرفأ: 2 مليون دولار ثمناً للذعر والإهمال!)، يكشف عن تكليف شركة ألمانية نفسها بنفسها بالتخلص من 49 مستوعباً، مصنّفة خطرة، من دون الاستحصال على أي ترخيص من أي دولة أوروبية، حيث تمت صياغة قيمة العقد وبنوده بتوقيع من إدارة المرفأ بواسطة اتفاقية بالتراضي! وكشفت «الأخبار» أن ثمن «الذعر» والإهمال الوظيفي 2 مليون دولار، ومليون و600 ألف دولار إضافية ستُحسم من المنح والهبات الأوروبية التي لم تصل بعد إلى لبنان! فهل يأتي التقرير الألماني ليُبرر سبب التعاقد مع الشركة الألمانية ليُظهرها بمظهر المنقذ الذي حمى لبنان من قنبلة ثانية وانفجار كارثي آخر؟

خطوة واشنطن التالية في اليمن: العمل مع أبو ظبي لإخراج الرياض

مع إعلان واشنطن وقف دعمها للحرب السعودية على اليمن، تجد الرياض نفسها وحيدة في هذا المستنقع، في ظلّ نأي حلفائها بأنفسهم عن تبعات العدوان. موقفٌ يفترض أن يدفع بالمملكة إلى إعادة حساباتها، خصوصاً في ظلّ معلومات عن نية الولايات المتحدة العمل مع الإمارات على إقناع السعوديين بإغلاق ملفّ الحرب، وإيجاد مخرج سياسي من دوّامتها

على رغم أن القرارات الأميركية الأخيرة في شأن اليمن، بدأت بوادرها باكراً في خلال السباق إلى البيت الأبيض، إلا أن صدورها فعلياً فاجأ أصدقاء واشنطن وخصومها على السواء، وأوقع الأطراف جميعهم في الإرباك، ليبدأ سريعاً استقصاء مدى جدّية خطوات الولايات المتحدة، والأثمان المطلوبة في أعقابها، وكيفية مقاربة ملفّات الحرب الشائكة، وقدرة قوى العدوان على الاستمرار فيها، فضلاً عن الدور الإسرائيلي في المرحلة المقبلة. على أن السؤال الرئيس المطروح يبقى هو: هل ستتكفّل واشنطن بمتابعة الملفّ اليمني مباشرة بعد أن كان دورها داعماً للوكيل السعودي؟ وهو أمر سعت الرياض إلى تفاديه طوال فترة الحرب لخشيتها من أن يُدخل الأميركيون الملفّ في بازار المساومات الإقليمية والدولية.

ظهرت السعودية كأكثر المتضرّرين من التوجّه الأميركي الجديد القائم على وقف الدعم العسكري والسياسي اللامحدود للمملكة في عدوانها، والعمل على وقف الحرب بالاحتواء والدبلوماسية، وإحياء المسار السياسي من خلال المفاوضات. ومع أن نصائح كثيرة وُجّهت إلى الرياض بضرورة البحث عن مخرج مشرّف يكفل لها حفظ ماء وجهها، إلا أن تعنّتها في رفع سقف الشروط والمطالب جعلها تجد نفسها اليوم في وضع المتلقّي العاجز، الذي يَنتظر أن يُقرّر الآخرون سياسته الخارجية وحماية حدوده ومصير الحروب التي شنّها. أمّا الدول الصديقة والحليفة التي انخرطت في ما سُمّي «التحالف العربي»، وعددها 16، فقد خرج معظمها من الحرب مبكراً، ومَن بقي منها تَحلّل تباعاً من تداعيات العدوان. حتى الحليف والشريك الرئيس للسعودية، أي الإمارات، تَحوّلت من مقاتل شرس وعنيف حتى العام 2018 إلى مرحلة التردّد والتذبذب والارتجاف. وهي سارعت، أخيراً، إلى تذكير الولايات المتحدة بأن قواتها أوقفت العمليات العسكرية منذ العام الماضي، في ادّعاء لم تثبت صحّته (لا تزال قواتها تحتلّ قاعدة الريان في حضرموت، ومنشأة بلحاف النفطية في شبوة، وجزيرتَي ميون وسقطرى الاستراتيجيتين. كما أن لها وجوداً قيادياً في عدن والمخا للقيام بمهام إدارة وكلائها). ويرى مراقبون أن أبو ظبي تعيش وضعاً سيّئاً، فلا هي قادرة على إعلان التخلّي عن الرياض وتركها وحيدة في حرب شنّتاها معاً، ولا في استطاعتها الاستمرار في الحرب بسبب تداعياتها على الوضع الداخلي الإماراتي.

ظهرت السعودية كأكثر المتضرّرين من التوجّه الأميركي الجديد

وفق معلومات «الأخبار»، فإن واشنطن ستعمل مع أبو ظبي على تليين موقف الرياض، وإقناعها بأن ملفّ الحرب يجب إغلاقه. وفي هذا السياق، يأتي الاتصال الأوّل بين المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي، ووزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، الذي أكد التزام بلاده العمل مع إدارة جو بايدن لخفض التوتر الإقليمي. مع ذلك، فإن السعودية، التي راهنت كثيراً على إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لا تزال – بحسب المؤشرات إلى الآن – غير جاهزة للتعاطي مع الاستراتيجية الأميركية الجديدة. لكنها، في نهاية المطاف، ستُرغم على قبول خسارة تدخّلها في الإقليم، وإن كان لا يزال لديها رهان أخير على الصديق الفرنسي الذي يضغط لإشراكها في المفاوضات النووية مع إيران.

الإرباك السعودي إزاء القرارات الأميركية الأخيرة بدا واضحاً من خلال إصدار بيانات متناقضة؛ فالبيانات الإنكليزية حاولت مسايرة الجانب الأميركي وكسب رضاه، فيما نُشرت تغريدات لنائب وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، ظهرت فيه بلاده كأنها لا تزال في المربّع الأول، من حيث إصرارها على «المرجعيات الثلاث» التي تجاوزتها الأحداث (علماً بأن جانباً من ذلك الإصرار يرتبط بتوجيه رسالة إلى الوكلاء المحلّيين بعدم التخلّي عنهم). لا تملك السعودية رفاهية الوقت، أو أيّ مجال للمناورة أمام تسارع الأحداث، أو القدرة على معارضة مصالح صنّاع القرارات الدوليين (فور إعلان واشنطن وقف دعمها لعمليات «التحالف»، كَرّت سبحة الدول الغربية التي أعلنت وقف صادرات السلاح إلى الرياض، مستفيقةً فجأة إلى أن اليمن يعيش أكبر مأساة إنسانية في العصر الحديث). فالحرب على اليمن أُعلنت من واشنطن، والأخيرة تطالب اليوم بوقفها والتخلّص من تبعاتها، من خلال وقف دعمها ونزع الشرعية الدولية عنها. وليس أمام الرياض، إزاء ذلك، إلا الامتثال. أمّا محاولاتها رمي الكرة للوكلاء المحليين، وحرف مسار الحرب نحو الاقتتال الداخلي اليمني، فهي لم تكن صالحة في أيّ وقت، فضلاً عن أن الخارطة العسكرية المستجدّة وموازين القوى دحضتاها وأبطلتا مفاعيلها. لذا، وفي أيّ مفاوضات قادمة، ستُجلَب ما تُسمّى «الشرعية» كـ»ديكور»، فيما ستكون عملياً خارج أيّ تسوية، وتلك نتيجة تَحقّقت حتى قبل اعتماد الجيش اليمني و»اللجان الشعبية» على المبادرة والهجوم. وكلّما تأخّرت الرياض وأبو ظبي في الاعتراف بهذه الوقائع، ازدادت الكلفة عليهما.

على أن أكثر المتفائلين بقرب انتهاء الحرب لا يرون أن هذه النهاية ستكون وشيكة، بل يُرجَّح الدخول في مسار سياسي طويل ومعقّد، مع توقّعات بأن يعمد الأطراف إلى تجزئة الملفّات، والعمل وفق أولويات، فيما يبقى المطلب الأساسي لصنعاء وقف الحرب ورفع الحصار، على أن يصار لاحقاً إلى مناقشة بقية الملفات.

«عاصفة» إسرائيلية بوجه «الجنائيّة الدولية»: أوقفوا قراراتها… وإلا!

 

تتوالى ردود الفعل الإسرائيلية على القرار الأخير للمحكمة الجنائية الدولية، والذي يُهدّد بإمكانية ملاحقة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين. وعلى رغم أهمية القرار، وخصوصاً على المستوى الدعائي، إلا أنه يُستبعد أن يُترجم إيذاءً فعلياً لتل أبيب لاعتبارات عدّة، على رأسها مظلّة الحماية الغربية لهذا الكيان

ردود فعل شاجبة وعاصفة في إسرائيل ولّدها قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، اعتبار صلاحية المحكمة القضائية سارية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وصف قرار المحكمة بأنه سياسي وليس قضائياً، ودعا إلى عقد المجلس الوزاري المصغّر للتداول في مواجهته، فيما أعرب سياسيّو إسرائيل وكتّابها عن استنكارهم الخطوة، التي ترفع ــــ بحسبهم ــــ مكانة فلسطين إلى دولة، وحذّروا الدول الغربية من التداعيات السلبية للقرار، الذي سيسري على مسؤولي تلك الدول لاحقاً.

ورأى نتنياهو أن المحكمة أثبتت مرّة أخرى أنها هيئة سياسية وليست مؤسّسة قضائية، إذ إنها «تتغاضى عن جرائم الحرب الحقيقية وتلاحق إسرائيل، الدولة ذات النظام الديموقراطي المتين التي تُقدّس سلطة القانون». ورأى أن «القرار يمسّ بحق الدول الديموقراطية في الدفاع عن نفسها من الإرهاب، ويخدم من جهة ثانية الجهات التي تعمل على تقويض الجهود الرامية إلى توسيع رقعة السلام»، مؤكّداً في السياق، وبصورة غير مباشرة، أن تل أبيب لن تُغيِّر سياساتها وأساليبها المتبعة، إذ قال إن «إسرائيل ستواصل محاربة الإرهاب وحماية مواطنيها وجنودها من الملاحقة القضائية».

«العاصفة» الإسرائيلية ضدّ «الجنائية الدولية»، والتي يبدو أنها ستتواصل بأشكال وأساليب مختلفة في سعي لإفراغ القرار الأخير من مضمونه، توجب الإشارة إلى الآتي:

ــــ واحد من دوافع إسرائيل لمحاربة قرار المحكمة هو تبنّي الأخيرة فلسطين بوصفها دولة، وذلك بالاستناد إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأيضاً انضمام السلطة الفلسطينية إلى معاهدة «الجنائية الدولية» في عام 2015، الأمر الذي يجعل من إسرائيل ومَن يؤيّدها بلا ذرائع حقيقية لمواجهة القرار، إذ إن المعركة قائمة عملياً على بند واحد، وهو أن فلسطين ليست دولة، وبالتالي لا تسري عليها صلاحية المحكمة.

ــــ في الوقت نفسه، تُقرّ إسرائيل بصورة غير مباشرة بجرائم حرب ارتكبتها، في معرض محاربتها القرار ورفضه. إذ إن ما صدر عن المحكمة يتّصل بالصلاحية، من دون النظر فعلياً في أيّ من جرائم إسرائيل وفقاً لادّعاءات مطروحة أمام «الجنائية الدولية»، الأمر الذي يعني من ناحية تل أبيب، التي تدرك ماهيّة أفعالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن قرار الصلاحية مقدِّمة لازمة وضرورية لسيل من المحاكمات، ربطاً بالانتهاكات الإسرائيلية المتكرّرة للقانون الدولي.

ــــ كان لافتاً التهويل والتخويف المُوجَّه إلى الدول الغربية الوازنة وصاحبة التأثير، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وذلك عبر تحذيرها من أن ما سيبدأ بإسرائيل سينسحب لاحقاً على الجميع. وهو تحذير يشمل أيضاً دولاً وازنة شرقاً، كما هي حال روسيا والصين، الأمر الذي يوجب على تلك الدول المسارعة إلى مواجهة قرار المحكمة ومنعها من المضيّ قدماً فيه.

لن يسمح «المجتمع الدولي» للمحكمة، كما هي الحال مع محافل دولية أخرى، بالإضرار الفعلي بإسرائيل

ــــ اللافت أيضاً هو أن مضمون الاعتراض الإسرائيلي ممجوج؛ ذلك أنه لا يستند إلى الدفاع بأن الكيان العبري لم يرتكب جرائم حرب، بل يطالِب بأن تحاكِم المحكمة دولاً وكيانات أخرى «غير ديموقراطية»، لا إسرائيل «ذات النظام الديموقراطي». والواقع أن هذه المحاججة مردودة من ناحية قانونية، كون المحكمة لا تقول إنها ليست ذات صلاحية في النظر في جرائم هي من اختصاصها تتعلّق بالدول التي تقصدها إسرائيل في ردّها، ومن بينها إيران وسوريا وكوريا والصين وغيرها، بل إن صلاحية «الجنائية الدولية» تشمل إسرائيل كما الدول الأخرى، سواء تلك التي ذكرتها تل أبيب أو التي لم تذكرها. والقرار هنا قرار صلاحية، ولا يتعلّق بجريمة حرب محددة.

مع ذلك، من المفيد الإشارة إلى التالي، منعاً للوقوع في خطأ التقدير:

ــــ لن يسمح «المجتمع الدولي» للمحكمة، كما هي الحال مع محافل دولية أخرى، بالإضرار الفعلي بإسرائيل، التي ستستطيع أن تأمن هذا المستوى من الضرر. وتماماً كما ورد في تحذيرها للدول الغربية، فإن ما يحدث لها سيحدث لتلك الدول لاحقاً. إلا أن للمنع حدوداً، إذ يُتوقّع أن تتعامل الدول الوازنة مع «الجنائية الدولية» وقرارها الأخير بوصفه عامل ضغط مؤثراً على إسرائيل، يمكن تفعيله أو تفعيل جزء منه، لحثّها على فعل أو الامتناع عن فعل، يرتبط بسياسات الغرب، وتحديداً بالإدارة الأميركية الجديدة. أي أن القرار الأخير، وعلى رغم «الامتعاض» الكلامي الأميركي منه، سيكون واحداً ممّا يُتوقّع أن تواجهه إسرائيل في الفترة المقبلة، بعد «تناغم إلى حدّ التوافق» مع تطرّفها، طوال السنوات الأربع الماضية، من قِبَل الإدارة الأميركية السابقة.

ــــ بات بإمكان صاحب المصلحة والصفة أن يرفع دعواه أمام المحكمة، وهو ما يستتبع «وجع رأس» دعائياً لإسرائيل، عبر إعادة الحديث عن جرائمها التي يتناساها الإعلام الدولي، الأمر الذي يؤمّن تذكير الرأي العام العالمي بطبيعة هذا الكيان ومنهجه العدائي القائم على الاحتلال.

ــــ على رغم ما تقدّم، يجب التأكيد أن مسؤولي إسرائيل، مِمّن ارتكبوا جرائم حرب كواحدة من أهمّ أدواتهم لفرض إرادتهم على الآخرين، سواء كانوا سياسيّين أو عسكريّين أو أمنيّين، لن يخضعوا لمساءلة فعلية تتبعها عقوبات، فهذا بعيد جدّاً، إن لم يكن منتفياً.

في الخلاصة، الأَوْلى أن تبتعد التقديرات عن التعامل مع قرار المحكمة، حتى وإن استتبع لوائح اتهام، بوصفه عامل كبح أو تقليص لدائرة الفعل العدائي الإسرائيلي، وتوثّب الكيان الدائم لخرق القوانين الدولية. صحيح أن القرار سيّئ جدّاً لإسرائيل، لكنه غير مؤثّر إلى حدّ يلجم أفعالها واعتداءاتها، التي تُعدّ جزءاً لا يتجزّأ من ماهيّتها ووجودها، بل هو واحدة من أهمّ دعائم استمرار هذا الوجود.

المصدر: صحف