بدأت الولايات المتحدة الأميركية اليوم الخميس فرض التعريفات الجديدة على السلع الواردة من عشرات الدول، في خطوة محورية ضمن سعي الرئيس دونالد ترامب إلى إعادة رسم معالم التجارة الدولية.
ومع بدء تطبيق الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب الأسبوع الماضي، ارتفعت الرسوم الجمركية الأميركية على منتجات العديد من الشركاء التجاريين من 10% إلى ما بين 15% و41%.
وقال الرئيس الأميركي إن “مليارات الدولارات” بدأت تتدفق إلى بلاده مع بدء فرض التعريفات الجديدة. وكتب على منصته “تروث سوشيال” مع انقضاء مهلة السابع من أغسطس/آب التي حددها لبدء فرض هذه الرسوم “إنه منتصف الليل (بالتوقيت المحلي)!! مليارات الدولارات جراء التعريفات تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة الأميركية!”.
وباتت العديد من المنتجات من اقتصادات مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية تواجه تعريفات بنسبة 15%، حتى مع الصفقات المبرمة مع واشنطن لتجنب زيادات أكبر يلوّح بها ترامب، لكن دولا أخرى مثل الهند تواجه رسوما بنسبة 25%، على أن تتضاعف بعد 3 أسابيع، في حين تفرض على دول مثل سوريا وميانمار ولاوس مستويات تصل إلى 41%.
وتهدف الرسوم الجمركية الأخيرة إلى “تصحيح” ممارسات تجارية تعتبرها واشنطن غير عادلة، وهي تأتي في سياق توسعة إجراءات فرضها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025.
لكن هذه التعريفات الجمركية الجديدة لا تنطبق على الواردات من قطاعات محددة مدرجة تحت قوائم خاصة، مثل الفولاذ والسيارات والأدوية والرقائق.
وقال ترامب الأربعاء إنه يخطط لفرض رسوم جمركية نسبتها 100% على أشباه الموصلات، بينما أكدت تايوان أن الشركة العملاقة في صناعة الرقائق “تي إس إم سي” (TSMC) ستكون مستثناة نظرا لامتلاكها مصانع في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، تحذّر الشركات والمجموعات الصناعية من أن الرسوم الجديدة ستضرّ بشدة بالشركات الأميركية الصغيرة. كما يرى خبراء اقتصاديون أن الرسوم الجديدة قد تؤدي إلى زيادة التضخم وتفرض ثقلها على النمو الطويل الأمد.
ومع بدء استقرار مستويات التعريفات الجمركية على واردات بعض الدول، رجح مارك بوش، الأستاذ في جامعة جورج تاون، أن تحمّل الشركات الأميركية المستهلكين المزيد من الكلفة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بوش قوله إن تعليق فرض هذه الرسوم لمدة 90 يوما في المرحلة الماضية أتاح للمستوردين تكديس البضائع، لكن على الرغم من أن إستراتيجية الانتظار والمراقبة دفعت الشركات إلى تحمّل المزيد من عبء التعريفات في بادئ الأمر، فإن المخزونات تنخفض ومن المرجح ألا تستمر الشركات في ذلك إلى ما لا نهاية.
وأضاف الخبير في التجارة الدولية أنه “مع اقتراب موسم التسوق للعودة إلى المدارس بعد أسابيع فقط، سيكون لهذا أهمية على المستوى السياسي”.
وفي حين يسري الأمر التنفيذي للتعريفات الجديدة ابتداء من اليوم الخميس، لكنه يترك العديد من الأسئلة العالقة بالنسبة للشركاء الدوليين الذين فاوضوا الولايات المتحدة لعقد اتفاقات تجارية.
فعلى سبيل المثال، تبدو اليابان والولايات المتحدة على طرفي نقيض بشأن تفاصيل أساسية لاتفاقهما الخاص بالتعريفات، مثل موعد خفض الرسوم على السيارات اليابانية المستوردة.
ولم تقدم واشنطن بعد موعدا لبدء خفض التعريفات على السيارات بالنسبة لليابان والاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية، وهي تفرض حاليا رسوما قدرها 25% على السيارات بموجب أمر تنفيذي خاص بالقطاع.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن الرسوم على الواردات اليابانية البالغة 15% ستضاف إلى الرسوم القائمة رغم أن طوكيو تتوقع الحصول على تنازلات.
ومع بدء فرض الرسوم الجديدة، يبدو ترامب مصمّما على مواصلة حربه التجارية. وفتح جبهة جديدة الأربعاء مع إعلانه مضاعفة الرسوم على السلع الهندية إلى 50%، على خلفية مواصلة نيودلهي شراء النفط من روسيا رغم العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب حربها على أوكرانيا، لكن النسبة الإضافية من الرسوم (25%) سيبدأ تطبيقها بعد 3 أسابيع.
وبالموازاة مع التعريفات الجديدة على الهند، لوّح ترامب بفرض عقوبات على دول أخرى تستورد النفط الروسي “بشكل مباشر أو غير مباشر”، والذي تشكّل عائداته مصدر تمويل رئيسي للمجهود الحربي الروسي في أوكرانيا.
ولا تزال بعض الإعفاءات سارية المفعول بما في ذلك للأدوية والهواتف الذكية.
وفي إطار حربه التجارية، استهدف ترامب البرازيل على خلفية محاكمة حليفه رئيسها السابق اليميني جايير بولسونارو المتهم بالسعي لتدبير انقلاب على الرئيس المنتخب.
وارتفعت الرسوم الأميركية على مختلف السلع البرازيلية من 10% إلى 50% الأربعاء، لكن ذلك يترافق مع إعفاءات واسعة النطاق تشمل عصير البرتقال وقطاع الطيران المدني، وتمتد التعريفات إلى منتجات رئيسية مثل القهوة واللحوم والسكر.
وتواجه العديد من تعريفات ترامب التجارية الشاملة تحديات قانونية على خلفية استخدامه صلاحيات اقتصادية طارئة، ومن المرجح أن تُحال في نهاية المطاف إلى المحكمة العليا الأميركية.
المصدر: مواقع إخبارية