السبت   
   13 09 2025   
   20 ربيع الأول 1447   
   بيروت 18:51

أيلول التضحيات.. الصمود الأسطوري واستمرارية المقاومة

حلّ شهر أيلول/سبتمبر ثقيلاً هذا العام، بما حملته السنة الماضية من صعوبات وتضحيات جسام، بلغت حد ارتقاء قادة كبار، على رأسهم سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، وثُلّة من إخوانه ورفاق دربه من القادة والمجاهدين، ممن أسّسوا ورفعوا شأن وقدرات المقاومة.

وسَبق أن سجّل هذا الشهر، في العام الماضي(17 و18 ايلول 2024)، عملية تفجير “البايجرات” وأجهزة اللاسلكي، كعملية شيطانية حملت كل معاني الخبث والحقد الصهيوني على لبنان ومقاومته وشعبه، وما تبع ذلك من عدوان واسع النطاق، استهدف بشكل أساسي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، من دون أن يُوفّر العاصمة بيروت والعديد من المناطق الأخرى في الشمال وجبل لبنان.

ورغم كل هذه التضحيات، يُسجّل للمقاومة وشعبها صمودٌ أسطوري يُدرَّس عبر التاريخ، ويحتاج إلى بحث وتدقيق وتمعّن لمعرفة أسبابه وخلفياته وآثاره المستقبلية، ليس فقط على استمرارية هذا النهج المقاوم، بل أيضًا على معادلات المنطقة ككل، وخاصة على مستقبل كيان العدو الإسرائيلي، الذي ارتكب كل شيء من دون أن يتمكّن من القضاء على المقاومة، وفشل في تحقيق أهدافه المُعلَنة من الحرب، فخرجت المقاومة وشعبها وكل لبنان منتصرين شامخين، رافضين التسليم لما يريده العدو، الذي يواصل رفع سقف الضغوط بمختلف السُبل، مدعوماً بشكل واضح وصريح من إدارة الشر الأميركية، لتحقيق ما عجز عن تحقيقه في العدوان الهمجي على لبنان.

وأيلول هذا، كما شكّل محطة استثنائية لاستشهاد السيد حسن نصر الله في السابع والعشرين منه، كان قد شكّل محطة وضّاءَة لعائلة المقاومة وعائلة السيد نصر الله، باستشهاد نجله هادي في 12 من هذا الشهر سنة 1997، في تلاحم واضح بين المقاومين والجيش اللبناني في مواجهات الجبل الرفيع، حيث امتزج دم المقاومين بدم إخوتهم العسكريين في الجيش، وارتقى إلى جانب السيد هادي ثُلّة من الشهداء، بينهم الملازم أول جواد عازار، في تأكيد على وحدة الصف بين المقاومة والجيش، وفي تكريس عملي معمّد بالدم لمعادلة “جيش وشعب ومقاومة”، التي تُعدّ من أهم عناصر قوة لبنان في مواجهة كل الأخطار المحدقة به، وعلى رأسها الخطر الإسرائيلي، على عكس ما يحاول البعض تصويره.

حول كل ذلك، قال الباحث في الشؤون الاستراتيجية، الدكتور علي حمية “عادةً، المقاومة تزداد قوة كلما اشتدّت عليها المحن، فالمقاومة لا تنشأ إلا من حصار”، واشار الى ان “هذه المقاومة قاومت ما لم تستطع جيوش العالم تحمّله، وقد قاومت ليس فقط العدو الإسرائيلي، بل كل الأساطيل الغربية الموجودة خصوصًا الأميركية، وصمدت ولم تُهزم”، وتابع “ما زلنا قادرين على المقاومة وقطعًا سننتصر”.

ولفت حمية في حديث خاص لموقع قناة المنار إلى أن “المقاومة أفشلت وفضحت أساليب العدو الإسرائيلي والأميركي في المنطقة بأسرها”، وأضاف “ما جرى في أيلول 2024 كان صادمًا، حيث استُشهدت القيادات، بينما بقيت المقاومة تقاتل وتُجابه، وانتصرت”، وتابع “العدو الإسرائيلي يشنّ هجمات على آلاف الكيلومترات من سوريا دون مقاومة، ويهاجم الدول العربية بلا مقاومة، ويقاتل هنا وهناك، ويهدّد تركيا ومصر دون أي رد فعل”، وأكد أن “محور المقاومة أثبت جدواه وقوته وقدرته، ابتداءً من غزة إلى لبنان إلى اليمن إلى إيران والعراق وسوريا”.

وقال حمية “المقاومة هي قراءة ودراسة وأساليب وعقيدة وإيمان ومبدأ لا يمكن هزيمته”، وأضاف “كما قال الشهيد القائد عماد مغنية: نحن نقاتل بروحنا، العقيدة تقاتل، وليس بالسلاح فقط”، وتابع “مع ذلك، قاتلنا بكل جوارحنا، بالعقيدة والروح والسلاح، ومنعنا العدو من التقدّم في لبنان”، وأشار إلى أنه “في التكتيك والميدان، العدو الإسرائيلي قد حقق بعض النقاط، لكنه قفز قفزة في المجهول من الناحية الاستراتيجية”، ورأى أن “العدو لا يستطيع تحمّل الجغرافيا التي يحاول امتلاكها، لا من الناحية العسكرية والأمنية، ولا من الناحية الديموغرافية”، وأكد أن “العدو زائل لا محالة، والمقاومة مستمرة، وقوتها تكمن في استمراريتها”.

وبنفس السياق، قال حمية “نحن نعلم أن العدو الإسرائيلي يخاف من عقدة الثماني عقود ويحاول تمريرها مع المجرم نتنياهو، الذي يعتبر نفسه أعظم من حكام إسرائيل القدامى، وأقوى من بن غوريون، وصاحب إسرائيل الحديثة والكبرى، لكن هذا لن يتحقق”، وأضاف أن “المقاومة مستمرة، وروح ونبض ودماء السيد حسن نصر الله والسادة الشهداء، من السيد هاشم صفي الدين إلى كل القادة الشهداء، هم الحافظ والمُقوّي للسير نحو النصر، إن شاء الله”.

المصدر: موقع المنار