الخميس   
   25 09 2025   
   2 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 20:20

السيد الحوثي: المقاومة في غزة ولبنان تفضح دور بعض الأنظمة العربية

قال قائد أنصار الله، السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في كلمة له حول مستجدات العدوان على قطاع غزة والتطورات الإقليمية والدولية، إنّ العدوان الإسرائيلي الوحشي يقترب من إكمال عامين كاملين، في ظل استمرار الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

وأوضح أنّ العدو الإسرائيلي، مع إصراره على مواصلة عدوانه على قطاع غزة، يكثّف استهدافه لمدينة غزة على وجه الخصوص، ويواصل جريمة التجويع والحصار والتعطيش، الأمر الذي ضاعف من معاناة الفلسطينيين.

وأضاف السيد الحوثي أنّ الاحتلال الإسرائيلي كثّف خلال فترة رأس السنة العبرية من اقتحاماته للمسجد الأقصى، إلى جانب تشديد التضييق على أهالي القدس.

كما أشار إلى أنّ الاحتلال مستمر في سياسات الضم بالضفة الغربية، بمختلف أشكال الاعتداءات، مع تركيز واضح على مدينة الخليل بهدف السيطرة الكاملة عليها لكونها ثاني مدينة مقدسة في فلسطين.

وبيّن أنّ العدو الإسرائيلي يسعى بشكل متدرج إلى السيطرة التامة على الضفة الغربية، على الرغم من أنّ واقع السيطرة قائم بالفعل، لكنه يهدف إلى إحكام الاحتلال الكامل.

ولفت قائد أنصار الله إلى أنّ جرائم الاحتلال باتت جلية أمام العالم أجمع، وأصبحت محل إدانة دولية متزايدة من مختلف الدول، غير أنّ العدو يتمادى في عدوانه مستنداً إلى الدعم الأمريكي المباشر والشراكة الكاملة مع واشنطن.

أمريكا تواصل دعم الاحتلال.. والمجاهدون في غزة يحققون إنجازات نوعية رغم الحصار

كما أكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أنّ مواقف الدول والبلدان التي تشعر بالخزي تجاه حجم الإجرام الإسرائيلي تبقى عاجزة، في حين يسارع الأمريكي في كل مرة إلى اتخاذ خطوات داعمة للاحتلال.

وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة استخدمت خلال هذا الأسبوع حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإسقاط مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار ورفع القيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على غزة، مضيفاً أنّ واشنطن عززت دعمها المعنوي للاحتلال من خلال زيارة هي الأوسع، قام بها 250 عضواً من الكونغرس لتأكيد تأييدهم له وجرائمه.

وفي سياق ميداني، أشاد السيد الحوثي بصمود المجاهدين في قطاع غزة الذين يواصلون، رغم الإمكانات المحدودة جداً، تنفيذ عمليات بطولية وجهادية في مواجهة العدو الإسرائيلي. ولفت إلى أنّ كتائب القسام وسرايا القدس وبقية الفصائل المجاهدة نفذت عدداً من العمليات النوعية، وتواصل تصديها بفاعلية عالية على مختلف جبهات القتال.

وبيّن أنّ عمليات المقاومة تنوّعت بين قنص ضباط وجنود الاحتلال، ونصب الكمائن، وتفجير العبوات وحقول الألغام في آليات العدو وأفراده. وأوضح أنّ الاحتلال يحاول التخفيف من وقع خسائره عبر الادعاء بأنها ناجمة عن “حوادث سير”، في محاولة للتقليل من أهمية وفاعلية عمليات المجاهدين.

وكشف السيد الحوثي أنّ هذا الأسبوع شهد عملية جريئة نفذتها كتائب القسام تمثلت في الإغارة على تجمع لجنود وآليات الاحتلال في محيط بركة الشيخ رضوان، كما نفذت القسام وسرايا القدس هجمات صاروخية على مواقع وتجمعات للعدو في جنوب وغرب غزة باستخدام صواريخ محلية الصنع.

ورأى أنّ هذه العمليات تعكس حالة من الصمود الإيماني البطولي والثبات العظيم الذي يجسده المجاهدون في غزة، مؤكداً أنّ ما يقومون به يُعدّ حجة كبيرة على الأمة والأنظمة التي تواطأت مع الاحتلال الإسرائيلي وطعنت المقاومة في ظهرها.

وانتقد السيد الحوثي مواقف بعض الأنظمة العربية التي تطالب بنزع السلاح البسيط والمتوسط من أيدي المقاومين، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة تزويد الاحتلال بشحنات متواصلة من أفتك أنواع الأسلحة. وقال إنّ هذه الأنظمة، وبدلاً من القيام بمسؤولياتها الإنسانية والدينية والأخلاقية، تمضي في الضغط لنزع سلاح المقاومة.

وتطرق السيد الحوثي إلى تداعيات صمود الشعب الفلسطيني على الداخل الإسرائيلي، مشيراً إلى أنّ الاحتلال يعترف بظاهرة الهجرة المعاكسة غير المسبوقة في صفوف المستوطنين، ما يعكس حالة من اليأس المتزايد بينهم.

العدوان الإسرائيلي على لبنان مستمر والمجتمع الدولي عاجز

وفي الشأن اللبناني، أكد قائد أنصار الله، أنّ العدو الإسرائيلي يواصل عدوانه على لبنان بالغارات الجوية واستهداف المدنيين، مشيراً إلى ارتكاب الاحتلال مجزرة بحق عائلة في بنت جبيل ومناطق أخرى.

وأشار السيد الحوثي إلى أنّ العدو الإسرائيلي يواصل عمليات إحراق الأحراش في الحافات الأمامية، ويكثف هجماته على المدنيين في جنوب لبنان، بالإضافة إلى عمليات التفجير والنسف للمنازل في بعض القرى الواقعة على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. واعتبر أنّ هذه الاعتداءات تنتهك بشكل كامل الاتفاقات الموقعة مع الدولة اللبنانية.

ولفت إلى أنّ ردة الفعل من الحكومة اللبنانية لا تبدو بمستوى الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، وأنّ مواقفها تبدو ذليلة وخاضعة وضعيفة، ولا ترقى إلى مستوى المسؤولية، بل تتجه لتنفيذ إملاءات العدو الإسرائيلي والأمريكي. وأكد أنّ هذا التوجه لن يحمي لبنان أو سيادته، وأنّ الحكومة تقدم خدمة مجانية للاحتلال، دون أي مصلحة تذكر للبنان.

واعتبر أنّ أي رهان على المجتمع الدولي بشأن حماية لبنان أو دعم فلسطين وغزة وسوريا هو رهان خاسر، مستدلاً على ذلك بما لم يقدمه المجتمع الدولي للشعوب المتضررة من العدوان الإسرائيلي.

وأشار السيد الحوثي إلى أنّ هناك تحضيرات كبيرة للمقاومة وحزب الله في لبنان لإحياء الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشهيد السيد حسن نصر الله (رض)، مؤكداً أنّه كان شهيد الإسلام والإنسانية، ولعب دوراً أساسياً في حماية المنطقة من المشروع الأمريكي الإسرائيلي، كما كان السد المنيع للأمة أمام العدوان الإسرائيلي في عدوان 2006، في وقت استمرت فيه بعض الأنظمة العربية في تآمراتها مع العدو.

وذكر أنّ الشهيد نصر الله كان هدفاً مشتركاً للأعداء والمتآمرين، وأنّ العدو الإسرائيلي وشركاءه يكشفون الأمة بوضوح عن مخططاتهم الصهيونية، في حين أنّ بعض المسؤولين في الحكومة اللبنانية يتحركون بشكل مكشوف وعملي كعملاء للعدو الإسرائيلي.

تحالفات سوريا مع الاحتلال تخدم المخطط الصهيوني وأهداف “ممر داوود”

وفي الشأن السوري، أكد قائد أنصار الله، أنّ الجماعات المسيطرة على سوريا لا تعتبر العدو الإسرائيلي عدواً لها، بل تسعى إلى الاتفاق معه والتنسيق الأمني معه، في محاولة لتكون جزءاً من المنظومة الأمريكية في المنطقة، وهو ما وصفه الحوثي بأنه لن يفيدها في المستقبل.

وأوضح أنّ أي اتفاقات أمنية قد توقعها هذه الجماعات مع الاحتلال الإسرائيلي ستعتبره العدو حجةً وغطاءً لتبرير أي اعتداءات لاحقة. وأشار إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي يواصل جهوده في مشروعه المعروف بـ”ممر داوود”، الذي يسعى من خلاله للوصول إلى نهر الفرات، مؤكداً أنّ هذه الأهداف تم وضعها بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ولفت السيد الحوثي إلى أنّ استمرار الجماعات المسيطرة في سوريا بالاضطهاد للأقليات ودفعها إلى أحضان الاحتلال الإسرائيلي يأتي ضمن المخطط الصهيوني الهادف للسيطرة على المنطقة.

كما أكد أنّ تصريحات المبعوث الأمريكي إلى سوريا ولبنان ذات أهمية كبيرة جداً، لأنها تعبّر بوضوح تام عن السياسة الأمريكية الرسمية تجاه سوريا ولبنان وفلسطين والمنطقة بأسرها، مشيراً إلى أنّه صرح بأن إسرائيل “قصة مختلفة” وحليف استراتيجي مهم، لها مكانة خاصة في قلب الإدارة الأمريكية.

تصريحات أمريكية تكشف حقيقة التوجه نحو الهيمنة على المنطقة والفلسطينيون صامدون

وفي كلمته حول مستجدات العدوان على قطاع غزة والتطورات الإقليمية والدولية، أكد السيد الحوثي أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترى في كل ما تقدمه الأنظمة العربية من مصالح وخدمات استرضاءً لها، ولا تعتبر هذه المواقف في مصاف العدو الإسرائيلي، مؤكداً أنّ هذه الأنظمة تُعامل لدى واشنطن كبقرة حلوب، بينما تحظى إسرائيل بأهمية استراتيجية خاصة.

وأضاف أنّ المبعوث الأمريكي إلى المنطقة وصف “السلام مع إسرائيل” بأنه سلام وهمي، وأنه لا وجود للسلام في الماضي ولا في المستقبل، موجهاً تحذيراً للمطبعين العرب بأنهم يلهثون وراء السراب. وأوضح أنّ الصراع الحقيقي في المنطقة لا يقتصر على الحدود، بل يتمحور حول الهيمنة والسيطرة، وأنّ أي طرف يرضخ لمعادلة الاستباحة يفرط في إنسانيته وكرامته وحريته ودينه وهويته وحتى دنياه وآخرته.

وأشار السيد الحوثي إلى أنّ التصريحات الأمريكية كان ينبغي أن تواجه بردود فعل قوية من المسؤولين العرب، خاصة في سوريا ولبنان، إلا أنّ الرد الرسمي اللبناني جاء ضعيفاً، مؤكداً أنّ الحالة السائدة في الوسط الرسمي العربي تصدر أكبر الاستفزازات من قبل الأمريكي والإسرائيلي، فيقابلونها بخنوع وبردود ضعيفة لا ترقى لمستوى المسؤولية.

وذكر أنّ المبعوث الأمريكي برر العدوان الإسرائيلي على قطر باعتباره جزءاً من الاستراتيجية الأمريكية للمنطقة، وانتقد مصر والسعودية لعدم استقبال الفلسطينيين والقبول بالتهجير القسري للشعب الفلسطيني، في حين أنّ الموقف الصحيح ينبغي أن يكون رفض التهجير مهما كانت الأسباب والخلفيات. وأضاف أنّ المبعوث الأمريكي سخِر من المواقف الدولية المعلنة للاعتراف بحل الدولتين، مؤكداً أنّ العدو الإسرائيلي والأمريكي وجهان لعملة واحدة، هما الصهيونية.

وحول مظاهرات الدعم لغزة، أوضح الحوثي أنّ فعاليات محدودة خرجت في بعض الدول العربية مثل البحرين ولبنان وتونس والمغرب واليمن، إضافةً إلى مظاهرات في 19 بلداً في أوروبا وأمريكا، دعماً للشعب الفلسطيني. وأشار إلى انطلاق “أسطول الصمود” المكوّن من 43 سفينة من إسبانيا وإيطاليا وتونس، ومن المقرر أن تنضم إليه 6 سفن أخرى من اليونان، إضافةً لسفينة تنتظر تصريحاً حكومياً للإبحار من مصر، في محاولة لكسر الحصار المفروض على غزة.

ونوّه السيد الحوثي إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي يسعى لمصادرة مساحات كبيرة من فلسطين لصالح المستوطنين اليهود، وترك جزء ضئيل للفلسطينيين كدولة شكلية منزوعة السلاح، وفق مصالح الاحتلال. وأكد أنّ الاعترافات الغربية بدولة فلسطين لا تمثل أملًا حقيقياً للشعب الفلسطيني، لأنها قائمة على قيود إسرائيلية صارمة، حيث لا يسمح للفلسطيني حتى بالاحتفاظ بشجرة الزيتون أو منزله، مؤكداً أنّ الصمود الفلسطيني يمثل مصلحة للأمة كلها ويجب دعمه من قبل جميع الشعوب، بل وكل الإنسانية.

وأشاد السيد الحوثي بالصمود الفلسطيني، واعتبره معادلاً لمواجهة محاولات الأمريكي والإسرائيلي لتجاوز العقبات وفرض معادلة الاستباحة الكاملة لكل الحقوق، محذراً من أنّ الاعتراف بدولة فلسطين وحده لا يشكّل حلاً لمواجهة العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني.

المصدر: موقع المنار