السبت   
   04 10 2025   
   11 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 16:12

سحمر تحتج.. الدولة تُكمل ما بدأه العدوان

من جديد، تتصدّر بلدة سحمر في البقاع الغربي واجهة الأحداث، ليس بفعل العدوان الإسرائيلي هذه المرة، بل نتيجة إجراءات وصفها الأهالي بالتعسفية من قبل القوى الأمنية، والتي أوقفت ورش البناء وأقدمت على هدم مشاريع إنمائية في بلدات ما زالت تلملم جراحها. في سحمر، تحوّل الغضب الشعبي إلى اعتصام احتجاجي شارك فيه الأهالي وفعاليات البلدة.

القصة بدأت مع إيقاف أعمال ترميم وإعمار لمنازل دمّرها العدوان، وصولًا إلى هدم بناء كان ينشأ لمشروع إنمائي، بحجة غياب التراخيص اللازمة. لكن، بحسب الأهالي ورئيس بلدية سحمر محمد الخشن، فإن العقبات الإدارية والأنظمة المعقّدة هي التي تحول دون استصدار هذه التراخيص، الأمر الذي اعتُبر تضييقًا على البلدة التي دفعت أثمانًا باهظة من دماء أبنائها وبنيتها التحتية.

الخشن: نحن الأكثر التزامًا بالقانون

رئيس البلدية محمد الخشن شدّد على أن ما جرى استهداف مباشر لأهل سحمر في قوتهم وحياتهم اليومية، معتبرًا أن القوى الأمنية تصرّفت من دون أي تنسيق مع البلدية أو إبلاغها مسبقًا. وقال: «سحمر التي واجهت عدوانًا إسرائيليًا همجيًا، تُعامَل اليوم وكأنها خارج القانون، مع أننا من أكثر اللبنانيين التزامًا به وتمسكًا بالدولة. كان يمكن إبلاغ البلدية أو المخاتير بأي مخالفة ومعالجتها ضمن الأصول، لكن ما حصل أشبه بمداهمة مفاجئة تركت الأهالي في مواجهة مصيرهم».

وأضاف الخشن أن أزمة العقارات والأراضي المشتركة تضع الناس أمام معضلات قاسية، مشيرًا إلى أن الدولة مطالبة بإيجاد حلول واقعية: الأهالي بين نار العدوان الإسرائيلي من جهة وضغط الدولة من جهة أخرى. المطلوب مخرج قانوني يحفظ حق الناس بالبقاء على أرضهم وصمودهم، لا ممارسات تزيد من أوجاعهم.

منعم: هكذا تُنفَّذ غارة قانونية

بدوره، اعتبر مختار سحمر بلال منعم أن الدولة مطالبة بأن تكون «أمًا عطوفة على أبنائها» لا سلطة تضغط عليهم. وقال: جئنا لنتضامن مع أهلنا وناسنا. سحمر قدّمت نموذجًا في الانتماء والعطاء للدولة، لكن ما يحصل اليوم لا يشبه دور الأم التي تحتضن أبناءها. تثبيت المواطن في أرضه حق دستوري، لكن ما نشهده هو غارة قانونية بحق البلدة.

وأضاف منعم نحن لسنا ضد تطبيق القانون، بل جزء من الدولة ومن بنيانها، لكن تنفيذ القانون يحتاج إلى رحمة وعقلانية. كان يمكن تنظيم محاضر ضبط أو اتخاذ إجراءات تدريجية، أما أن تُزال الورش بهذه الطريقة فهذا يفاقم الأزمة. لذلك نطالب وزير الداخلية بمنح البلديات استثناءات لتسوية أوضاع الناس، لأن ما يجري يهدد استقرار البلدة ويدفع أبناءها إلى الهجر.

الأهالي: بيوتنا دمرها العدوان والدولة تمنعنا من إعمارها

أما الأهالي المشاركون في الاعتصام، فقد عبّروا عن رفضهم لما جرى، مؤكدين أن هذه الإجراءات تزيد من معاناتهم بدل أن تخفّفها. وقال أحدهم: «بيوتنا دمّرها العدوان، واليوم يمنعوننا حتى من إعادة إعمارها»، فيما اعتبر آخر أن «الهدم استهداف للبلدة وصمودها».

احتجاج ورسالة سياسية

الاعتصام في سحمر لم يكن مجرد وقفة مطلبية، بل رسالة احتجاج واضحة في وجه إجراءات وصفها الأهالي بالمجحفة، في وقت ما زال فيه الجنوب والبقاع الغربي يعيشان آثار العدوان ويتعرضان يوميًا للاعتداءات.

وبينما يصرّ الأهالي على حقهم في الإعمار والبقاء، يبقى السؤال: هل تُعيد الدولة النظر في مقاربتها، فتمدّ يد العون بدل أن تزيد الأعباء؟ الإجابة رهن الأيام المقبلة.

المصدر: موقع المنار