الأربعاء   
   15 10 2025   
   22 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 18:23

الأولى منذ توقف العدوان على غزة.. نتنياهو يحضر جلسة جديدة في محاكمته بتهم الفساد

حضر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء جلسة جديدة في محاكمته بتهم الفساد، وذلك لأول مرة منذ أن دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى العفو عنه أمام الكنيست الإسرائيلي، معتبرًا إياه “أحد أعظم قادة الحروب”.

كما تُعدّ هذه الجلسة الأولى منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي تسبب به نتنياهو وأدى إلى استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين، الأمر الذي دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة توقيف دولية بحقه، تُضاف إلى ملفات الفساد التي يُحاكم عليها داخليًا.

وجاءت جلسة المحكمة في تل أبيب اليوم وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث انعقدت في قاعة تحت الأرض لتأمين الحماية للمتهمين والشهود، في خطوة نادرة ضمن مسار محاكمته المستمرة منذ عام 2020، والتي شهدت عدة تأجيلات بسبب العدوان الأخير على غزة.

وخلال ولايته الحالية -التي بدأت أواخر عام 2022- اقترح نتنياهو تعديلات قضائية واسعة النطاق يقول منتقدوه إنها سعت إلى إضعاف المحاكم. وأثارت هذه التعديلات احتجاجات حاشدة لم تتوقف إلا بعد اندلاع حرب غزة.

وفي موقف مثير للجدل، هاجم وزير القضاء ياريف ليفين محاكمة نتنياهو واصفًا إياها بأنها “تتعارض مع العدالة ومصلحة الدولة”، وأعلن عزمه دفع مشروع قانون سريع يتيح له ولوزير الحرب إسرائيل كاتس إلغاء جلسات المحكمة أو تقليصها وفق تقديرهما، بعد التوجه إلى المحكمة خلال فترة محددة تصل إلى 180 يومًا.

وينص مشروع القانون على “تقليص عدد الجلسات لدواعي تتعلق بأمن الدولة، حيث سيكون وزير الأمن مخولًا في أي وقت بعد تقديم لائحة الاتهام وقبل النطق بالحكم، وبالتشاور مع وزير القضاء، التوجه برسالة مفصلة إلى المحكمة خلال فترة تصل إلى 180 يومًا، يوجه خلالها بتقليص الإجراء الجنائي بعدة جلسات في حال كانت الجلسات بوتيرتها العادية قد تمس فعليًا بأمن الدولة. كما يكونان مخولين بتمديدها لفترات إضافية لا تتجاوز كل منها 180 يومًا”.

وكان نتنياهو قد طلب إلغاء جلسة المحكمة بسبب زيارة مقررة لرئيسي إندونيسيا وقبرص، إلا أن الأخيرين ألغيا زيارتهما، ما دفعه إلى المثول أمام المحكمة، حيث ادعى في بداية إفادته “معاناته من الرشح الشديد”، قبل أن يغادر القاعة مؤقتًا إثر تسلمه مغلفًا، ثم يعود لاحقًا.

ووصل عدد من أعضاء الكنيست والوزراء إلى المحكمة دعماً لنتنياهو، غداة دعوته لهم، لا سيما بعد أن دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ أثناء خطابه في الكنيست إلى إصدار “عفو” عنه.

وقوبل وصول الوزراء وأعضاء الكنيست بتظاهرات خارج مبنى المحكمة المركزية في تل أبيب، حيث أطلق المتظاهرون هتافات وصافرات استهجان، مؤكدين أن نتنياهو يحاول “منع إجراءات انتخابات حرة، ويستخدم بشكل غير قانوني رئيس جهاز الشاباك الذي عينه”، وداعين المحكمة العليا إلى “إلغاء تعيين دافيد زيني رئيسًا للشاباك وحماية الديمقراطية”.

وتتركز جلسة المحكمة اليوم على الملف 1000، حيث بدأت النيابة العامة استجواب نتنياهو بشأنه في 3 حزيران/يونيو، حول علاقته بمنتج الأفلام الأميركي-الإسرائيلي آرنون ميلتشين.

ويواجه نتنياهو ثلاث قضايا فساد رئيسية:

الملف 1000: يتعلق بحصول نتنياهو وأفراد عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال مقابل تسهيلات ومساعدات في مجالات متعددة.

الملف 2000: يتناول تفاوضه مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية مقابل تسهيلات سياسية.

الملف 4000: يشمل تقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع “واللا” الإخباري شاؤول إلوفيتش، الذي كان مسؤولًا أيضًا في شركة “بيزك” للاتصالات، مقابل دعم إعلامي مؤيد له.

خلال جلسة اليوم، استأنف الادعاء استجواب نتنياهو الذي ينفي التهم كافة، مؤكدًا أن الملفات مبنية على “ادعاءات كاذبة تهدف إلى الإطاحة به سياسيًا”. كما وصف التهم بأنها “محاولة لتشويه سمعته وتحويل المحاكمة إلى ساحة صراع سياسي”، بحسب تصريحات محاميه.

وتأتي هذه الجلسة بعد أيام من خطاب ترامب أمام الكنيست، حيث دعا الرئيس الأمريكي إلى العفو عن نتنياهو، معتبرًا أن محاكمته “محاولة سياسية لتصفية حسابات”، ومشيدًا بدوره العسكري والسياسي خلال النزاعات الإقليمية.

محاكمته تُعد الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي في المنصب يخضع لمحاكمة جنائية، ومن الممكن أن تقوده إدانات محتملة إلى عقوبات بالسجن في حال ثبوت التهم. وتشهد العملية جدلًا واسعًا داخليًا في الكيان الإسرائيلي، إذ يعتبرها البعض خطوة ضرورية لمكافحة الفساد، بينما يراها آخرون استهدافًا سياسيًا.

الجدير بالذكر أن جلسة استجواب نتنياهو قد تمتد لعدة أشهر، مع توقعات بأن تستمر جلسات الاستماع بين 9 و14 شهرًا، حسب التقديرات القانونية، نظرًا لتعدد القضايا وعدد الشهود والمستندات المطلوبة.

صحف عالمية: طلب ترامب إلغاء محاكمة نتنياهو ينذر بمستقبل أكثر سوءًا

وفي السياق، سلّطت صحف عالمية الضوء على تصاعد الجدل السياسي حول مستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد اقتراح الرئيس ترامب منحه عفوًا عن القضايا التي يُلاحق فيها. كما تناولت الصحف تأثير محاكمة نتنياهو واتفاق وقف إطلاق النار في غزة على فرصه السياسية المقبلة.

وأشارت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية إلى أن طلب ترامب من نظيره الإسرائيلي منح نتنياهو عفوًا عن القضايا التي يُحاكم فيها داخليًا يحمل دلالات عميقة، ويعكس تغييرات مثيرة للقلق في القواعد التي تحكم العلاقات الدولية والقانون الدولي، معتبرة أنه ينذر بعالم “يتجه نحو الأسوأ”.

كما حذّرت الصحيفة من حالة الصمت التي سادت أوساط الكنيست عند تناول ترامب لهذا الموضوع، معتبرة أن هذا الصمت يُخفي قلقًا متزايدًا داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية.

وفي السياق نفسه، رأت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية أن محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد أثقلت كاهله خلال الحرب على غزة، متهمة إياه بتعمد إطالة أمد النزاع لتجنّب السجن.

وأضافت الصحيفة أن نتائج استطلاعات رأي حديثة في الكيان أظهرت أن اتفاق وقف إطلاق النار منح نتنياهو دفعة انتخابية مؤقتة بعد ارتفاع عدد مقاعد حزب “الليكود”، لكنها في الوقت نفسه بيّنت أن نحو نصف الإسرائيليين يطالبون بإجراء انتخابات فور إعادة الاسرى، حتى تعكس النتائج المزاج الشعبي الحقيقي، ما يترك تساؤلات حول قدرة نتنياهو على تحويل مكاسبه المؤقتة إلى إنجاز سياسي دائم.

المصدر: مواقع