عقب الإطاحة بالرئيس أندري راجولينا في انقلاب عسكري قادته وحدات من الجيش النخبوي، برزت حركة “جيل زد” في مدغشقر لتطالب بدور حقيقي في صياغة مستقبل البلاد، مؤكدة أن هدفها هو تغيير النظام لا مجرد تبديل الرئيس.
ففي مطلع الشهر الجاري، انضم عقيد في الجيش إلى احتجاجات نظمها شباب جيل زد ضد انقطاع الكهرباء والمياه، ما أدى إلى تصاعد الغضب الشعبي وانتهاء الأمر بفرار الرئيس من البلاد. وقالت أوليفيا رافيتيسون، قائدة حركة الشباب، إنها شعرت بالارتياح لانضمام الجيش إلى صفوف المحتجين، مضيفة: “قال لنا: نحن مع الشعب، سنساعدكم، نحن إلى جانبكم. كان الملغاشيون يتوحدون من أجل قضية واحدة”.
لكن سرعان ما تحوّل الموقف، إذ أعلن العقيد مايكل راندريانيرينا تولي الجيش القيادة، قبل أن يؤدي اليمين رئيسًا بعد ثلاثة أيام فقط من تسلمه السلطة، معلنًا أن الجيش سيحكم بالاشتراك مع حكومة مدنية لمدة تصل إلى عامين قبل تنظيم انتخابات جديدة.
رافيسيتون، التي تقود حركة “مجموعة جيل زد”، قالت إن التحرك الشعبي كان يهدف إلى إصلاح شامل للنظام، مضيفة: “انتقل الأمر من حماية الشعب إلى السيطرة على السلطة. لا أقول إنني ضد ذلك… لكنني أشعر ببعض التردد”. وأردفت: “آمل أن يتابعوا الأمر، لأن هذه ليست نهاية النضال: نحن نقاتل من أجل تغيير النظام، لا مجرد تنصيب رئيس بدلاً من آخر”.
ويواجه شباب مدغشقر، الذين يبلغ متوسط أعمارهم 19 عامًا فقط، سلسلة أزمات ناجمة عن سوء الإدارة وتدهور الخدمات على مدى عقود. حتى الرئيس المخلوع راجولينا، الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عام 2009 وهو في منتصف الثلاثينيات من عمره، خابت آمال الشباب فيه بعد إخفاقه في تحقيق وعوده الاقتصادية والاجتماعية.
ووفق بيانات البنك الدولي، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مدغشقر انخفض إلى النصف تقريبًا بين عامي 1960 و2020، لتصبح من الدول القليلة التي تدهورت أوضاعها الاقتصادية منذ الاستقلال عن فرنسا.
وفي العاصمة أنتاناناريفو، تتكدس الشوارع بالباعة المتجولين والمتسولين، فيما يقول الشباب إنهم لا يرون أي أمل قريب في تحسن الوضع. وقالت أليشيا أندريانا، من جمعية الطلبة الملغاشيين: “الجميع يستغل النظام، لا أحد يهتم. حتى لو مات الناس جوعًا، لا يعني لهم شيئًا”. وأضافت أنها تشكر تدخل الجيش، لكنها غير راضية عن النتائج، قائلة: “طلبنا الماء والكهرباء والطعام الكافي لكل أسرة، نريد نظامًا جديدًا يغيّر حياة الناس فعليًا”.
لكن داخل الحركة نفسها تسود مخاوف من استمرار الحكم العسكري. فقد حذّرت مجموعة فيسبوك تُدعى “جيل زد تونغا ساينا”، التي تضم نحو 18 ألف عضو، من أن الجيش “يحمي مصالح النظام، لا مصالح الشعب”.
من جانبها، قالت كيتاكاندريانا رافيتوسون، نائبة رئيس منظمة الشفافية الدولية في مدغشقر، إن الانقلابات ليست طريقًا للديمقراطية، لكنها رأت أن ما حدث جاء نتيجة “فشل القادة السياسيين في معالجة المظالم الشعبية” و”غياب بديل مدني موثوق”، مشيرة إلى أن الجيش كان الجهة الوحيدة القادرة على “وقف إراقة الدماء وإعادة فتح المجال المدني”.
ومع ذلك، يؤكد نشطاء جيل زد أنهم لن ينتظروا طويلاً. وقال تولوترا أندريانيرينا، المتحدث باسم الحملة (23 عامًا): “لا يمكننا التأكد من أن الحكومة العسكرية ستستمع، لكن يمكننا أن نأمل. سنعود إلى الشوارع. فعلناها مرة، ويمكننا فعلها مرة أخرى إذا لزم الأمر”.
المصدر: مواقع