الأربعاء   
   22 10 2025   
   29 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 00:31

الكلمة الكاملة للأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم خلال حفل اطلاق كتاب الغناء والموسيقى ‏بحوث للامام الخامنئي‏‏

كلمة الأمين العام لحزب الله حجة الإسلام والمسلمين الشيخ نعيم قاسم حفل اطلاق كتاب الغناء والموسيقى ‏بحوث للامام الخامنئي‏:‏

نحن في حزب الله نعمل في الحقيقة على قاعدة الاستفادة من توجيهات وقناعات وأوامر الإمام الخامنئي (دام ظله) ‏في المنهجية العامة لحياتنا، في المنهجية العامة التي تُبرئ ذمّتنا أمام الله تعالى. لذلك، حين يقول الإمام الخميني ‏‏(قدس سره) إن فلسطين هي البوصلة ويجب تحريرها وعلى المسلمين المشاركة، فهذا يعني أنه أصبح لديّ ‏ضابطة شرعية، فإذا واجهتُ من أجل فلسطين وقتلتُ في سبيل الله تعالى، فأكون مُبرأ الذمة عند الله تعالى، لأن ‏هذه النفس البشرية لا يجوز أن أُزجّها في غير محلّها. من الذي يمنحني الشرعية؟ نحن جماعة متدينين، المتدين ‏هو من ينظر إلى آخرته، ومن ينظر إلى آخرته، ينظر إلى مرجعه، وقائده، ووليّه، هل يُجيز له هذا الأمر أم لا؟
ليست المسألة مسألة وضوءٍ وصلاةٍ وحجّ. هذه الأشياء معروفة، حدّثونا عنهم. لكن كيف نختار في حياتنا؟ من هو ‏العدو؟ من هو الصديق؟ أين أستطيع أن أبذل نفسي ومهجتي؟ متى أكون مُبرأ الذمة حين أكون مع الجماعة ‏مترابطًا من أجل مصلحتها؟ كل هذا يحتاج إلى توجيهات شرعية‎.‎

من هنا، فإن ارتباطنا بالولي الفقيه الإمام الخامنئي (دام ظله) هو ارتباط الإسلام، ارتباط العقيدة، ارتباط الإيمان، ‏ارتباط العقل والروح، ارتباط الحق المشروع لكل إنسان في أن يتخذ خياراته. لا إكراه في الدين. وبالتالي، نحن ‏اخترنا هذا الخيار، وآخرون اختاروا خيارات أخرى. وكلٌّ يتحمّل مسؤولية خياراته‎.‎

لقد كان للولي الفقيه الإمام الخامنئي (دام ظله) بعد الإمام الخميني (قدس سره) الفضل الكبير والواسع على هذه ‏الروحية التي انتشرت في منطقتنا في مقاومة المحتل الإسرائيلي، وفي العمل على استعادة الأرض والكرامة ‏والعزة. كان هذا الأمر ضمن منظومة الحق: هذه الأرض للفلسطينيين، وهذه الأرض للبنانيين، وهذه الأرض ‏للمصريين. من حق كل شعب أن يسترد أرضه. وهذا أمر جزء من الحق، لأن المشروع الإسلامي هو مشروع حق، ‏وليس مشروع سلطة، ولا مشروع مصلحة آنية لجماعة تتفرد أو تأخذ بأنانية ما ليس لها‎.‎

من هنا، نحن قدمنا نموذجًا في العمل من أجل أن نكون مترابطين مع بعضنا. وهذه القناعات لا تحدّها الجغرافيا، ‏والخيارات هي ضمن الحرية‎.‎

اليوم يقولون لنا: لولا الدعم الإيراني، لما وصلتم إلى هذا المستوى، ونحن نقول هذا صحيح، لولا الدعم الإيراني ‏لما كان التحرير، ولا الصمود، ولا الانتصارات، وهذا نوع من الشرف والكرامة والعزة. هذا لا يعني أن هذا تهمة. ‏التهمة هي لأولئك الذين تخلّوا عن فلسطين، لأولئك الذين تآمروا مع إسرائيل، لأولئك الذين ساندوا الاستكبار ‏العالمي في ضرب إخوتهم وأحبّتهم، لأولئك الذين لم يقفوا ضد الإبادة في غزة بشكل فعلي وعملي، لأولئك الذين ‏صبروا وانتظروا لمدّة سنتين والإبادة قائمة والقتل للأطفال والشيوخ والنساء، وتدمير البيوت، وهم يساهمون ‏أيضًا من خلال مواقفهم وتصريحاتهم وسياساتهم وإعلامهم. هذه هي المشكلة الأساسية التي كانت قائمة‎.‎

يأتون ويقولون كيف تدعم إيران؟ كل الشرف في هذا الدعم الإيراني، ونحن نفتخر بهذا الدعم الإيراني. لولا هذا ‏الدعم لما تحرّر جنوب لبنان. لولا هذا الدعم لما انطلقت الانتفاضة المسلحة. لولا هذا الدعم لما كان هذا العطاء ‏الكبير في مواجهة التحدي الإسرائيلي، ولما كان هذا الانتشار على المستوى العالمي بأن إسرائيل حقيقةً بدأ يشعر ‏العالم من أقصاه إلى أقصاه، وحتى داخل أمريكا، أنها جرثومة سرطانية خبيثة، وأنها تشكّل خطرًا على الإنسانية. ‏من أين كان سيحصل هذا لولا هذا الدعم الموجود؟
بدل أن نشكر إيران، يقول بعضهم: لا ينبغي أن نضع لها حدًّا. إيران ماذا تفعل؟ إنها تدعمنا، إيران أعطتنا ولم تأخذ ‏منا شيئًا، والعلاقة معها ليست تُهمة، بل مكرمة. ونحن سعداء أن إيران استطاعت أن تصمد بعد معركة شرسة من ‏قبل العدو الإسرائيلي والعدو الأمريكي لمدّة اثني عشر يومًا، واستطاعت أن تقف بإمكاناتها وقدراتها. هذا أمر ‏عظيم للقيادة والشعب الإيراني والحرس وكل القوى التي قاتلت وواجهت‎.‎

دعوني أقولها لكم من الآخر: إن هذا الاستعراض الذي أقامه ترامب في شرم الشيخ ليس مشروعًا للسلام. سمّاه ‏سلامًا، لكن ليس مشروع سلام. وفي الحقيقة، نحن أمام محطة من محطات الصراع، فيها الكثير من الألم والأمل ‏في آنٍ معًا. لماذا؟ لأن إسرائيل لم تحقّق أهدافها، ولن تحقّقها، حتى مع كل هذه التظاهرة العالمية التي أقاموها في ‏شرم الشيخ‎.‎
في البداية، حين عُقد الاجتماع، قيل إن هناك جديدًا في المنطقة. الجديد كان مسرحية، لكن لا جديد على المستوى ‏العملي سوى أن أمريكا تحاول أن تنال بالسياسة ما عجزت إسرائيل عن نيله بالحرب. وهذا أمر غير متاح وغير ‏ممكن. رغم التواطؤ الدولي الطاغوتي لم تحقّق إسرائيل أهدافها، ولن تحقّقها. إنها معتدية ومجرمة، وهي تعمل ‏على الإبادة، لكنها ليست منتصرة، ولن تتمكّن من تثبيت احتلالها. اليوم، يمكن لنتنياهو أن يقول إنه قوة كبيرة، ‏ويمكنه أن يقول إنه يستطيع أن يقتل في كل مكان – يمكنه أن يقول هذا – لكن لا يمكنه أن يقول إنه استقرّ، ولا أن ‏يقول إن المستقبل للكيان الإسرائيلي، ولا أن يقول إنه انتصر‎.‎

أما التدخل الأمريكي، فهو سيّئ جدًّا في لبنان وفي المنطقة. وأقول لكم: إن الأمريكي يثبت يومًا بعد يوم أنه هو من ‏يقود الإبادة والمجازر، لأنه يملك مشروعًا توسعيًّا مع المشروع التوسعي الإسرائيلي. حين يطرح نتنياهو “إسرائيل ‏الكبرى”، فإن “إسرائيل الكبرى” هي في خدمة “أمريكا الكبرى”، لأننا نرى ما يفعله ترامب في العالم كله، وليس ‏في هذه المنطقة فقط. إنه يُلزّم إسرائيل هنا بأن تتوسّع كـ”إسرائيل الكبرى”، وبما أنها أداة، فتكون هي جزء من ‏‏”أمريكا الكبرى”.‏

هل هذا ممكن؟ لا يمكن أن يتحقق هذا ما دامت هناك شعوب حرة أبية تواجه‎.‎

نقول للإدارة الأمريكية، وخاصة براك: كفى تهديدًا للبنان، تارة تريدون أن تضمّوا لبنان إلى الشام، وتارة تريدون ‏أن تتركوا الإسرائيلي يوجه ضربات قاسية لتردع، وتارة تقدّمون إمكانات مالية للجيش اللبناني لتفتعل فتنة بين ‏الجيش وشعبه في لبنان. والهدف كله هو إعدام قوة لبنان تمهيدًا لجعله ملحقًا بإسرائيل كجزء من “إسرائيل ‏الكبرى”. هذا هو المشروع. نحن نرى هذا المشروع، ونعلم أنكم تعملون لهذا المشروع. أتريد استقرار لبنان؟ إن ‏استقرار لبنان يتحقّق بكفّ يد إسرائيل. أما تحقيق مشروع إسرائيل من خلال الضغط على لبنان، فلا يمكن أن يُعطي ‏لبنان إسرائيل ما تريد، ولا أمريكا يمكن أن تأخذ ما تريد، ما دام في لبنان شعبٌ أبِيّ، وما دام هناك تضحياتٌ كبيرة ‏قدّمت، وهناك تضحياتٌ كثيرة قابلة لأن تقدم أيضًا، لكن لبنان يجب أن يبقى سيدًا حرًّا عزيزًا مستقلًّا قويًّا قادرًا، هو ‏يُدبّر شؤونه. إذا كنتم تتحدثون عن ترتيبات لها علاقة بين لبنان والكيان الإسرائيلي، فقد حصل اتفاق في تشرين، ‏هذا الاتفاق أنهى مرحلةً وأدخلنا في مرحلة جديدة، هذا الاتفاق يحتوي بلا شك على مصالح لإسرائيل ومصالح ‏للبنان، لكنه يُنهي المسألة المتنازع عليها. لماذا لا تطبّق إسرائيل الاتفاق؟ لأن إسرائيل لا تريد إنهاء النزاع بينها ‏وبين لبنان، إسرائيل تريد أن تبتلع لبنان، إسرائيل تريد أن تلغي وجود لبنان. إذا ظنّ البعض أن إلغاء سلاح حزب ‏الله يُنهي المشكلة، فهو مخطئ، لأن سلاح حزب الله هو جزء من قوة لبنان، وهم لا يريدون للبنان القوة، والدليل ‏أنهم حين يسلّحون الجيش يسلّحونه ليضرب القوة الموجودة في لبنان، ويُمنع من أن يتسلح بأي قوة ممكن أن ‏يستشعر منها الإسرائيلي أنها يمكن أن تُعطي قدرة في مواجهة إسرائيل في يومٍ من الأيام. قد حان الوقت ليفهموا ‏هذا الموضوع‎.‎

على كلٍ، نحن لا نمشي بتهديد، ولا يؤثر فينا التهديد. هناك اتفاق، اذهبوا وطبّقوه، وقد طبّقه لبنان. وبالتالي، فإن ‏كل هذه المناورات التي تقومون بها، وكل هذه الضغوطات، إنما أنتم تستنزفون وتضيّعون الوقت، أنتم تخلقون ‏حالة ضغط لا أعرف ما ستكون نتيجتها لاحقًا، وكيف يمكن أن تحصل، وكيف ستكون النتائج‎.‎

هنا أودّ أن ألفت نظر الحكومة اللبنانية: هناك وظيفة أساسية ملقاة على عاتقكم، أنتم مسؤولون عن السيادة، ‏فاعملوا بطريقة صحيحة لحماية السيادة. أنتم مسؤولون عن إعادة الإعمار، قوموا بالإجراءات التنفيذية لإعادة ‏الإعمار‎.‎

حاكم مصرف لبنان ليس موظفًا عند أمريكا كي يعمل كضابطة عدلية ويحاول أن يضيّق على المواطنين اللبنانيين ‏في أموالهم. على الحكومة أن تضع له حدًّا‎.‎

وزير العدل ليس ضابطة عدلية عند أمريكا وإسرائيل. عليه أن يتوقّف عن منع المواطنين اللبنانيين من إنجاز ‏معاملاتهم لدى كُتّاب العدل، وإلا أصبح لبنان سجنًا لمواطنيه بإدارة أمريكية، فلنعرف؟! هؤلاء المسؤولين، سواء ‏وزير العدل أو حاكم مصرف لبنان، هم عبارة عن موظفين لدى الإدارة الأمريكية في “السجن الأمريكي” في ‏لبنان؟! نحن لا نقبل أن يكون لبنان سجنًا، ولا أن يكون أحد تحت إمرة أمريكا وإدارتها. عليكم أن تكونوا تحت إمرة ‏وإدارة الحكومة اللبنانية لمصلحة الشعب اللبناني والمواطنين اللبنانيين.‏

المصدر: العلاقات الإعلامية في حزب الله