حذرت هيئة الغذاء والدواء الأميركية من استخدام مريض نقص المغنسيوم في الدم لبعض الأدوية من دون إرشادات طبية، إذ أشارت إلى تحليل استقصائي يتناول أبحاث المغنيسيوم وارتباطها بالآثار الجانبية لتناول بعض الأدوية، وضرورة إبلاغ الطبيب أو الصيدلي بجميع المكملات والأدوية المستخدمة لتجنب التفاعلات الضارة.
وقالت الهيئة في دوريتها الصادرة في سبتمبر (أيلول) الماضي إنه على رغم أنه لا توجد حتى الآن دراسة منشورة تستند إلى قاعدة بيانات نظام الإبلاغ عن الآثار الجانبية (FAERS) التابع لإدارة الغذاء والدواء الأميركية، تبحث في نقص مغنيسيوم الدم كأثر جانبي للأدوية إلا أن هناك إشارات تستدعي توخي الحذر من تناول بعض العلاجات مع المغنيسيوم في وقت واحد.
وتناول التحليل الاستقصائي لحالات نقص المغنيسيوم المُبلَّغ عنها في نظام تقارير الإبلاغ عن الآثار الجانبية التابع لهيئة الغذاء والدواء خلال الفترة من 2004 إلى 2023، وسعى إلى تحديد الأدوية التي تظهر إشارات قوية لتفاعلات الجرعات المعالجة لنقص المغنيسيوم مع أدوية مخصصة لأمراض أخرى.
ومن بين حوالى 17.3 مليون تقرير رصدها التحليل، تم تحديد أكثر من 11 ألف حالة نقص مغنيسيوم، وكانت بعض الأدوية، مثل أوميبرازول (Omeprazole)، بانتوبرازول (Pantoprazole)، بانيمتوموماب (Panitumumab) وغيرها تظهر إشارات قوية، وكثير منها لم يذكر في بطاقات الدواء الأصلية كسبب لنقص المغنيسيوم.
يُعد المغنيسيوم من المعادن الأساسية المهمة لوظائف الجسم، ويُستخدم في المكملات الغذائية وأدوية الحموضة والملينات، إلا أن تناوله مع بعض الأدوية قد يؤدي إلى تفاعلات دوائية غير مرغوبة، تؤثر في امتصاص الدواء أو فاعليته، أو تزيد من السمية:
المضادات الحيوية
يقل امتصاص المضادات الحيوية، مثل تتراسيكلين ودوكسيسيكلين، بصورة كبيرة إذا تناول المريض مكمل مغنيسيوم في الوقت نفسه، وذلك لأن المغنيسيوم يرتبط كيماوياً مع المضاد الحيوي في الجهاز الهضمي مكوّناً مركبات غير قابلة للامتصاص، لذا يجب الفصل بين تناولها بفترة زمنية لا تقل عن ساعتين.
الفلوروكينولونات
يؤدي تناول المغنيسيوم إلى انخفاض تركيز بعض الأدوية في الدم مثل سيبروفلوكساسين وليفوفلوكساسين، ومن ثم فشل العلاج، إذ يشكل المغنيسيوم مع الفلوروكينولونات معقدات تقلل الامتصاص، لذلك يجب الفصل بين تناول المغنيسيوم والدواء بفاصل زمني لا يقل عن أربع ساعات.
مدرات البول
يسبب تناول المغنيسيوم مع مدرات البول، مثل فوروسيميد وهيدروكلوروثيازيد، اختلال توازن الكهارل في الجسم، لأن بعض المدرات تزيد من فقدان المغنيسيوم، بينما قد يؤدي تناول مكملات المغنيسيوم دون مراقبة إلى زيادة مفرطة، وينصح بمراقبة مستويات المغنيسيوم في الدم دورياً، خاصة مع الاستعمال المزمن.
أدوية القلب
إذا كان مريض القلب مجبراً على تناول أدوية مثل ديجوكسين مع جرعات المغنيسيوم، فإنه يكون معرضاً لزيادة خطر اضطرابات نظم القلب، لأن المغنيسيوم يؤثر في استقرار غشاء الخلية القلبية، مما قد يزيد من تأثيرات الديجوكسين السامة إذا لم تكن المستويات مضبوطة، وتكون التوصية العلمية هي المتابعة الدقيقة مع الطبيب وتعديل الجرعات إذا لزم الأمر.
أدوية علاج هشاشة العظام
ويواجه مرضى هشاشة العظام خطر انخفاض امتصاص الدواء وفاعليته، لا سيما عند تناول البيسفوسفونات أو أليندرونات مع جرعات المغنيسيوم، لذلك يوصي الأطباء بتناول البيسفوسفونات على معدة فارغة والانتظار في الأقل 30-60 دقيقة قبل أخذ أي مكملات أو أدوية أخرى، إذ إن المغنيسيوم يتفاعل مع البيسفوسفونات، مما يمنع امتصاصها الكامل من الجهاز الهضمي.
ونقص مغنيسيوم الدم هو اختلال شائع وشديد في توازن الإلكتروليتات، ويُعرّف عادةً بأنه انخفاض مستوى المغنيسيوم (Mg2+) في المصل عن 0.65 مليمول/لتر، ويزداد انتشاره، الذي يُقدر بنحو اثنين في المئة بين عامة السكان، بصورة ملحوظة في المستشفيات، وبخاصة بين مرضى وحدات العناية المركزة، حيث يمكن أن يصل إلى 65 في المئة.
غالباً ما يُغفل نقص مغنيسيوم الدم في البيئات السريرية، ربما لأن أشكاله الخفيفة لا تظهر إلا على شكل تعب خفيف أو تقلصات عضلية، ومع ذلك، فإن بداية نقص مغنيسيوم الدم الشديد، الذي يتميز بأعراض واضحة مثل التكزز والنوبات واضطرابات نظم القلب الخبيثة، تزيد بصورة ملحوظة من خطر حدوث نتائج سلبية على المريض، بما في ذلك الوفاة.
وحددت الأبحاث الحالية الكثير من الأدوية الشائعة الاستخدام في المستشفيات التي قد تُسبب نقص مغنيسيوم الدم، وعلى رغم وجود أدبيات واسعة حول كل دواء على حدة، فإنه لا توجد نظرة شاملة على هذه المسألة، وقد يكون تأثير بعض الأدوية في التسبب بنقص مغنيسيوم الدم مبالغاً فيه أو مُقلَّلاً منه.
وذكرت الدورية الأميركية أن القيود المتأصلة في التجارب السريرية، مثل صغر حجم العينات وقصر فترات المتابعة، حجبت فهمنا للآثار الجانبية المرتبطة بنقص مغنيسيوم الدم الناتج من الأدوية، إضافةً إلى ذلك، فإن إغفال هذا الخطر في بعض ملصقات الأدوية يُعقّد المناقشات السريرية.
المصدر: الاندبندنت
