تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 30-10-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
حرب السودان والمجازر والمجاعة فضيحة العرب المناوئين للمقاومة حكاماً ونخباً | واشنطن ملتزمة بربط القوة الدولية برضا الكيان… وتغطيته بانتهاكات وقف النار | الحكومة تشكل لجنة لقانون الانتخاب طلباً للتوافق… وعون: لا لتعطيل النصاب
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “قبل الطوفان وبعد الطوفان، والنزيف لا يتوقف في السودان، ووفقاً للجنة الإنقاذ الدولية قتل 150 ألف شخص في حرب السودان، أي ضعف عدد الشهداء في حرب غزة، التي يصطف أغلب العرب حكومات ونخباً لإلقاء اللوم بالمسؤولية عنها على المقاومة التي أطلقت طوفان الأقصى، وينسب العرب حكومات ونخباً لأنفسهم التحول في الموقف العالمي من القضية الفلسطينية، رغم أن المعنيين بهذا التحول على مساحة العالم الذين ألزموا حكوماتهم بتغيير اصطفافها نحو الحقوق الفلسطينية، يجاهرون بأنهم مدينون لطوفان الأقصى وصمود المقاومة والشعب في غزة بالوعي الجديد الذي ولد مع موجات الطوفان وترسخ مع صمود غزة، ويشيرون باستغراب إلى التخاذل العربي عن نصرة غزة، تخاذل الحكومات وتخاذل النخب، والمفارقة أن الذين يتباكون على دماء غزة لأنها تتيح لهم كيل الاتهامات للمقاومة، يتنكرون للمذبحة المفتوحة في السودان، ومثلها مذبحة ليبيا ومؤخراً مذبحة سورية، حيث القوى المتقاتلة التي تتقاسم المشهد السياسي والأمني في هذه الدول العربية التي تنزف، ليس بينها قوة منتمية إلى خط المقاومة أو على صلة بخيار المقاومة، حيث مصدر المال والسلاح عربي والمرجعيات موزعة بين العرب على ضفاف جبهات القتال والقتل، وحيث توجد قوة غير عربية فهي قوة من ذات الولاء السياسي تحت العباءة الأميركية، وتحت سقف الناتو، والفضيحة هي أن المتقاتلين ليس بينهم خلاف حول مرجعية أميركا ولا حول التطبيع مع كيان الاحتلال، وإن كان من وصف لحرب بالعبثية أو الإجرامية فهي هذه الحروب التي يحاضر العرب حكومات ونخباً على المقاومة في غزة بكيفية وقف الحرب فيها، ويفشلون هم في وقف الحروب التي بيدهم إيقافها، وعندما تقع المذابح ويقتل الآمنون والعزل يتباكون عليهم وينقل إعلامهم الأخبار ويستضيف الخبراء كأن لا شيء فعلته أيديهم.
في حرب غزة رسمت واشنطن إطاراً لحركتها بعد الانتهاكات الإسرائيلية الإجرامية لوقف إطلاق النار، بعد سقوط أكثر من مئة شهيد نصفهم أطفال ونساء في الغارات الإسرائيلية على غزة، ويضمن هذا الإطار وفق التصريحات الأميركية لكيان الاحتلال الحق بانتهاك الاتفاق عندما يشاء واعتبار ذلك جزءاً لا يتجزأ من الاتفاق، باعتبار أن تقدير وجود تهديد لأمن «إسرائيل» يعود لـ«إسرائيل» نفسها وعندها يعود بها تقدير شكل التعامل مع هذا التهديد، كذلك يضمن هذا الإطار لـ«إسرائيل» حق الفيتو في تفاصيل تشكيل القوة الدولية المفترض أن تنتشر في غزة، سواء تحديد الدول المقبول مشاركتها والدول المرفوض مشاركتها، أو في تحديد الإطار القانوني لتشكيل هذه القوة عبر قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي أو من خارج المجلس، والتزام واشنطن بهذا الإطار يصل حد الاستعداد للتعامل مع تعثر تشكيل القوة التي تشكل عنوان الانتقال من المرحلة الأولى في الاتفاق.
في لبنان ترجمت جلسة الحكومة أمس، ما بدا أنه اتفاق رئاسيّ مرّر جلسة مجلس النواب أول أمس بتعطيل النصاب، تمهيداً لنقل ملف قانون الانتخاب والخلافات حول اقتراع المغتربين إلى طاولة الحكومة التي شكلت لجنة وزارية لصياغة مخارج وحلول، كما قال وزير الإعلام، والبحث عن صياغات توافقية، بينما وجه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون انتقاداً واضحاً لتعطيل النصاب في الجلسة التشريعية، معتبراً أن الأمر برغم أنه عمل ديمقراطي، لكن مصلحة البلد هي فوق كل اعتبار وتقتضي تفعيل عمل مؤسسات الدولة، ولا يجب على أحد أن يقاطع، فضلاً عن أن الأمر لا يعطي صورة حسنة عن لبنان.
فيما واصلت المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس جولتها في لبنان، أفيد أن المبعوث الأميركي توم برّاك عدل عن زيارة بيروت لأنه «لا يرى حاجة للزيارة في هذه المرحلة إنّما سنتابع سياسة الضغط»، وتردد أن برّاك قال إنه لا داعي للحضور إلى لبنان لأنّ السياسيين اللبنانيين يعرفون الرسالة.
وغداة الجولة التي قامت بها أورتاغوس على المسؤولين اللبنانيين، طارحة أفكاراً للتفاوض مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وزّعت السفارة الأميركية بياناً أشارت فيه إلى أن «كبار القادة عقدوا الاجتماع الثاني عشر للجنة الإشراف على وقف الأعمال الحربية (الميكانيزم) اليوم (أمس) في الناقورة لمراجعة التقدم الذي أحرزه الجيش اللبناني في الحفاظ على ترتيبات وقف الأعمال العدائية، وتعزيز جهود نزع السلاح في لبنان. الجلسة، التي استضافتها اليونيفيل، ضمت كلاً من الجنرال كليرفيلد، رئيس اللجنة، والمستشارة مورغان أورتاغوس، بالإضافة إلى ممثلين كبار من جميع الوفود. وقد أكد جميع الأعضاء التزامهم المشترك بدعم الاستقرار في لبنان، واتفقوا على تنظيم الاجتماعات بشكل أكثر منهجية، معلنين أن الاجتماعات التالية من الثالث عشر إلى السادس عشر للّجنة ستُعقد قبل نهاية العام».
وأشار الجنرال كليرفيلد إلى «أن احترافية الجيش اللبناني والتزامه جديران بالملاحظة. لقد شاهدته ينفّذ مجموعة واسعة من العمليات، بدءاً من توفير الحماية لعمليات حصاد الزيتون وصولاً إلى تنفيذ عمليات معقدة لتحديد موقع منشأة تحت الأرض، تفكيكها، وتحييدها، والتي يُعتقد أنها كانت تُستخدم من قِبل جهات خبيثة. يعكس أداؤه هذا قوة الجيش اللبناني وعزيمته الراسخة لتأمين مستقبل وطنه». أضاف البيان «خلال اجتماع اللجنة، قدّم الجيش اللبناني تحديثاً عملانياً مفصلاً، مسلّطاً الضوء على عملية حديثة لتطهير منشأة تحت الأرض بالقرب من وادي العزية، حيث أسفرت العملية عن استطلاع شامل للمنطقة، مع التخطيط لإعادة زيارتها لاحقاً. وأشاد الجنرال كليرفيلد باحترافية الجيش اللبناني وانضباطه. كما بحثت اللجنة أيضاً فرص التخفيف المستمر من انتهاكات ترتيبات وقف الأعمال العدائية. واتفق المشاركون على أن تظل هذه المسألة بنداً ثابتاً على جدول أعمال جميع الجلسات المستقبلية، باعتبارها جزءاً من الجهد الجماعي للحفاظ على السلام وتعزيز المساءلة في إطار ترتيبات وقف الأعمال العدائية».
وقالت المستشارة أورتاغوس: «إننا نواصل متابعة التطورات في لبنان، ونرحب بقرار الحكومة وضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة بحلول نهاية العام.» وأضافت: «يتعين على الجيش اللبناني الآن تنفيذ خطته بشكل كامل». وختم البيان مشيراً إلى أن «لا تزال لجنة الإشراف على وقف الأعمال الحربية (الميكانيزم) تضطلع بدور محوري في رصد الالتزامات التي تعهد بها كل من «إسرائيل» ولبنان، والتحقق منها، والمساهمة في إنفاذها».
إلا أنّ مصادر سياسية لاحظت أنّ بيان اللجنة الخماسية لمراقبة وقف إطلاق النار لم تُدِن الاعتداءات الإسرائيلية، ولم تسمِ «إسرائيل» بالإسم، ولم تُشرِ الى خروقاتها للقرار 1701 واتفاق 27 تشرين، ولم تحثّ «إسرائيل» إلى وقف عدوانها على لبنان ولا الانسحاب من الأراضي المحتلة ولا إعادة الأسرى، كما لم تحدّد آليات عسكرية وعملانية وقانونية وسياسية ودبلوماسية لإلزام «إسرائيل» بوقف العدوان والانسحاب، مكتفية بعبارة مموّهة: «بحثت اللجنة فرص التخفيف المستمرّ من انتهاكات ترتيبات وقف الأعمال العدائية»، متسائلة: التخفيف يعني أنّ «إسرائيل» لن توقف اعتداءاتها وخروقاتها. وأوضحت المصادر لـ»البناء» إلى أن لا مصلحة لـ»إسرائيل» بالانسحاب ووقف عدوانها في الوقت الراهن قبل أن تفرض على لبنان الشروط الأمنية والسياسية، لا سيما التفاوض المباشر لتشريع المكاسب الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في الجنوب، متوقعة استمرار الوضع على حاله في المدى المنظور مع تصعيد عسكري إسرائيلي إضافي لا يجرّ إلى حرب واسعة النطاق.
وعلمت «البناء» أنّ أورتاغوس طرحت على المسؤولين اللبنانيين تفعيل عمل اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، وتحويله إلى لجنة للتفاوض غير المباشر بين لبنان و»إسرائيل» مع تطعيم اللجنة بمدنيين خبراء واختصاصيين في ترسيم الحدود والخرائط.
غير أنّ مصدراً نيابياً نفى عبر «البناء» موافقة الرئيس بري أو رئيس الجمهورية حتى الآن على إشراك مدنيين في الوفد المفاوض اللبناني.
كما علمت «البناء» أنّ رئيس الجمهورية أبلغ أورتاغوس بوضوح أنّ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والاحتلال سيعيق الوصول إلى حلول للصراع القائم على الحدود، مؤكداً أنّ لبنان طبّق ما عليه في اتفاق 27 تشرين والكرة في الملعب الإسرائيلي، وطالب أورتاغوس بتفعيل لجنة الميكانيزم والضغط على «إسرائيل» وقف اعتداءاتها والانسحاب الى الخط الأزرق وإجراء مفاوضات لتثبيت الحدود الدولية، لكي يتمكن لبنان من استكمال تطبيق خطة الدولة والجيش لحصر السلاح في كامل الأراضي اللبنانية.
وواصل العدو الاسرائيلي عدوانه على لبنان، حيث ألقت محلّقة إسرائيلية قنبلة بالقرب من مركز الجيش اللبناني في بلدة الضهيرة من دون إصابات.
والتقى منسق عام «تجمع أبناء البلدات الجنوبية الحدودية» طارق مزرعاني رئيس قسم الشؤون المدنية في قوات «اليونيفيل» الباقر آدم، في مقر «اليونيفيل» في الناقورة. وأشار مزرعاني إلى أنه «سلم آدم رسالة ليقدمها إلى قائد قوات اليونيفيل اللواء ديوداتو أبانيارا يشرح فيها ما تعرض له من تهديدات إسرائيلية مباشرة، مما أثر على مسار حياته وأمنه الشخصي وأمن عائلته. كما أدى الى افتراقه عن عائلته وتعطيل عمله الذي يعيش منه، مع العلم أنه مهندس معماري وناشط مدني لا يتعاطى أي عمل أمني أو عسكري أو سياسي ويهتم من خلال التجمع بالشؤون والحاجات الإنسانية والمعيشية لأهالي ونازحي القرى الحدودية».
على صعيد آخر، وغداة تعطيل الأكثرية النيابية المؤيدة لمنح المغتربين حق التصويت لـ128 نائباً لا 6، جلسة مجلس النواب التشريعية امس الأول، التأم مجلس الوزراء في القصر الجمهوري، برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وحضور رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء. وسبق الجلسة اجتماع بين الرئيسين عون وسلام خُصّص لبحث الأوضاع العامة والمستجدات السياسية والاقتصادية. وبحث مجلس الوزراء في جدول أعمال من 14 بنداً، أبرزها مشاريع القوانين المتعلقة بطلب وزارة الخارجية والمغتربين الموافقة على مشروع قانون معجل مكرر يرمي إلى تعديل أحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب، وطلب وزارة الداخلية والبلديات الموافقة على مشروع قانون معجل مكرر يرمي إلى تعديل المادة 84 من قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب .
ووفق معلومات «البناء» فإنّ مجلس الوزراء سيعقد جلسة جديدة عند الساعة الثالثة من بعد ظهر الخميس المقبل، تنظر في تقرير واضح تقدّمه لجنة متابعة لقانون الانتخاب تمّ تشكيلها أمس. وأعلن عنها وزير الإعلام بول مرقص خلال تلاوته المقرّرات أنه «جرى الاتفاق على أن تنظر الحكومة في الجلسة المقبلة في تقرير واضح تعطيه اللجنة المولجة متابعة قانون الانتخاب». وأشار من جهة ثانية إلى «أنّ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون تقدّم بالتعزية إلى أهل الشاب إيليو أبي حنّا وأكّد أهمية استمرار التحقيقات». وتابع «الرئيس عون رأى أنّ ما يحصل في مجلس النواب يعطّل اتخاذ القرار ولا يجوز التذرّع بالصلاحيات للتعطيل والبلد لا يحتمل أي خضّات». أضاف: «قال رئيس الحكومة نواف سلام إنّنا أحرزنا تقدماً كبيراً في مسألة حصر السلاح في المخيّمات الفلسطينيّة ويجب استكمال حصر السلاح. وأشار الى أنّ التحقيقات في جريمة قتل إيليو أبو حنّا متقدّمة ولفت إلى أنّ السلاح الذي لا يزال في يد بعض الفصائل يشكّل خطراً على اللبنانيين ولا يخدم القضية الفلسطينية». وأشار مرقص إلى أنه «تم تشكيل لجنة وزارية لإيجاد آلية لتمويل إعادة الإعمار والمتضررين من انفجار المرفأ والحرب الإسرائيلية».
وبحسب ما تقول أوساط نيابية لـ»البناء» فإن إرجاء البت بمشروع قانون الانتخاب وإحالته إلى لجنة وزارية خاصة، أتى نتيجة اتصالات سبقت الجلسة التشريعية لمجلس النواب، بين الرئيسين بري وسلام بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، للتوصل إلى مخرج يقضي بعدم انعقاد الجلسة النيابية لكي لا تتحول إلى جلسة كسر أحد الأطراف وتفجير خلاف سياسي كبير، مقابل عدم التصويت على مشروع قانون المغتربين في جلسة مجلس الوزراء، على أن يُصار إلى البحث عن حل وسطي بين الفريقين حول انتخاب المغتربين. وقد كان النائب جورج عدوان على علم بهذا الإخراج بعكس ما صرّح للإعلام من منبر مجلس النواب بعد الجلسة.
ووفق معلومات «البناء» فقد يُصار الى صرف النظر عن انتخاب المغتربين للـ 128 نائباً، وعن الدائرة الـ16 والتوجّه الى اعتماد قانون الـ2017 أي انتخاب المغتربين لـ128 نائباً لكن في لبنان.
وقالت مصادر حزب القوات اللبنانية إن «لا مانع من السير بلجنة شرط أن تكون المهمّة تمديد مهلة تسجيل المغتربين إلى كانون الأول وإلغاء البطاقة الممغنطة والاستعاضة عنها بـ QR Code»».
ولفت وزير الداخلية أحمد الحجار خلال دخوله إلى الجلسة إلى أنّ «النقاش السياسي حول الانتخابات النيابية محتدم ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأنا كوزير للداخلية أخذنا قراراً بإجراء الانتخابات في موعدها».
وأشارت الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر»، بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسيل الى أنّ «ما يحصل في مجلس النواب ومجلس الوزراء بخصوص ملف اقتراع المنتشرين اللبنانيين في الخارج يزيد من مخاوفنا حول وجود نوايا، تتوضّح يوماً بعد يوم، بإلغاء يطال حقوق المنتشرين الانتخابية كافة، ولا يقتصر فقط على إلغاء مقاعدهم النيابية وحقّهم في التمثيل المباشر والترشّح المباشر، بل يطال ايضاً حقّهم في التصويت من الخارج».
ورأى التيار أنّ «الكلام عن تسوية تحضّر في هذا المجال ودعوتهم للقدوم بكثافة للانتخاب في لبنان، محاولة لإعادتهم إلى ما قبل العام 2018 وإقرار القانون الذي سمح لهم بالاقتراع من الخارج، فيما لا يزال الجميع يتجاهل الطرح الذي تقدّم به رئيس التيار بالسماح لهم بحريّة الخيار لمن يقترعون من الخارج – لنائب في دائرة الانتشار أو لنائب في دائرة نفوسهم، والذي يشكّل حلاً يفترض أن يرضي الجميع لو أنهم مهتمّون حقاً بتحصيل حقوق المنتشرين اللبنانيين وتحصينها».
بدوره، أشار رئيس مجلس الوزراء نواف سلام خلال جلسة مجلس الوزراء، الى أننا «أحرزنا تقدّماً كبيراً في مسألة السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، اذ تجاوز عدد الشاحنات المحملة بالسلاح الثقيل التي تمّ تسليمها العشرين شاحنة. وهذا لا يجوز إنكاره ولكنه بوضوح غير كاف بعد ويحب استكمال عملية تسليم السلاح. وكما ويهمني أيضاً التأكيد على التزامنا بمسار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية حصراً، وبسط سلطتها على كامل أراضيها».
وأعلنت قيادة الجيش في بيان أنه «نتيجة المتابعة والتنسيق والاتصالات المكثفة مع الجهات المعنية في مخيم شاتيلا، تسلّمت مديرية المخابرات من جهاز الأمن الوطني الفلسطيني 6 من عناصره، وذلك على خلفية إطلاق النار نحو سيارة المواطن إيليو أبو حنا ومقتله داخل المخيم بتاريخ 26 /10 /2025، وكانوا حينها من ضمن عداد حاجز أمني في المخيم المذكور. كما تسلّم الجيش من الجهاز المذكور مواطناً و4 سوريين على خلفية جريمة قتل فتاة في المخيم، وقد عُثر على جثتها بتاريخ 28/10/2025 بوشر التحقيق معهم وتجري المتابعة لتسَلُّم بقية المتورّطين”.
الأخبار:
أورتاغوس تطالب الجيش بالعمل في كلّ لبنان | برّاك يلغي زيارته: ليس هناك ما أناقشه
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية “رغم محاولات «التحوّط» السياسي اللبناني في كيفية التعامل مع الضغوط الأميركية والعربية المستجدّة، تُظهِر الحصيلة الأولية لاجتماعات واتصالات الساعات الـ48 الماضية أنّ لبنان مُقبِل على موجة متصاعدة من الضغوط السياسية، تترافق مع رفع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيه.
فيما يبدو أنّ الجانب الأميركي دخل في مرحلة إعادة صياغة لدوره في الملف اللبناني، وسط اعتقادٍ بأنّ وصول السفير الجديد ميشال عيسى إلى بيروت خلال الأيام العشرة المقبلة سيفتح الباب أمام مستوى جديد من المتابعة والاهتمام الأميركيَّيْن بالوضع اللبناني.
وبحسب مصادر مطّلعة على تواصلٍ مع العاصمة الأميركية، فإنّ جولة «المستشارة» مورغان أورتاغوس – وهي الصفة التي مُنحت لها من قبل إدارة لجنة الـ«ميكانيزم» – لم تحمل جديداً نوعياً لجهة توقّع أي تبدّل في السلوك الإسرائيلي. فالمسؤولة الأميركية، التي استمعت إلى تقارير تتعلّق بعمل الجيش اللبناني من جهة، وبالاتصالات السياسية الجارية من جهةٍ ثانية، كرّرت أمام جميع من التقت بهم أنّ «المعطيات المتوافرة لدى واشنطن تفيد بأنّ لبنان لم يفِ بما تعهّد به الرئيسان جوزيف عون ونواف سلام، وأنّ الجيش اللبناني لا يقوم بكلّ ما يستطيع فعله لنزع سلاح حزب الله».
ومع أن أورتاغوس دعت إلى عدم التعويل على وصول السفير الأميركي الجديد، معتبرةً أنه «يفتقر إلى الخبرة السياسية الكافية»، فإنها شدّدت على أن الاهتمام الأميركي ينصبّ اليوم على «إقناع لبنان بأن المفاوضات المباشرة مع إسرائيل تمثّل المدخل الأمثل لمعالجة الملفات العالقة»، وهو تكرار لما سبق أن نقله المبعوث الأميركي توم برّاك الذي أرجأ زيارته لبيروت التي كانت مُرتقبة خلال الساعات المقبلة، من دون أن يحدّد موعداً جديداً.
وبحسب المصادر، فقد أوضح برّاك أنه ينتظر مباشرة السفير الأميركي الجديد عمله لتنسيق الخطوات المقبلة، مشيراً إلى أن التقارير التي وصلته لا تشجّعه على القدوم حالياً، إذ لا يرى ما يستحقّ النقاش الجدّي في بيروت. ونُقل عنه قوله، إنّ «على اللبنانيين أن يعتادوا من الآن فصاعداً على وتيرة مختلفة من الاهتمام الأميركي، وأن واشنطن لن تمارس أيّ ضغط على إسرائيل في المرحلة المقبلة، بل لن تتدخّل في أي خطوة إسرائيلية، محمّلاً لبنان المسؤولية الكاملة عن أي تطوّر قد يحصل».
لكنّ مصادر لبنانية أوضحت أن تأجيل برّاك زيارته لا يرتبط فقط بعدم وجود جديد ميداني أو سياسي، بل بما تبلّغه من مواقف منسوبة إلى الرئيس عون، ومفادها أن لبنان أجرى بالفعل مشاورات على مستوى الرؤساء والقوى السياسية البارزة، ولا يرفض مبدأ المفاوضات من حيث المبدأ، لكنه يرى أن لجنة الـ«ميكانيزم» هي الإطار الأنسب لإدارتها. وأضافت المصادر أن التطور الأبرز في الموقف اللبناني تمثّل في إبداء استعدادٍ لقبول رعايةٍ أميركيةٍ للحوار عبر اللجنة نفسها، شرط أن يقتصر الحضور على ممثّلين تقنيين وعسكريين من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وهو طرحٌ وصفته المصادر بأنه محاولة لفتح نافذة محدودة للحوار غير السياسي، تُرضي واشنطن من دون أن تمسّ بالثوابت اللبنانية.
لكن يبدو أن الردّ اللبناني استفزّ الجانب الأميركي، ولا سيما برّاك، الذي كان قد ألمح سابقاً إلى أن رئيس الجمهورية يتحمّل مسؤولية مباشرة عن الجمود القائم. ووفقاً لمصادر على تواصل مع العاصمة الأميركية، فقد ذكّرت واشنطن الرئيس عون بما تنصّ عليه المادة 52 من الدستور اللبناني، والتي تمنحه صلاحية التفاوض في المعاهدات والاتفاقات الدولية بالاتفاق مع رئيس الحكومة، مع إمكانية تسمية مندوبٍ عنه للمشاركة في مفاوضات مباشرة. وأوضح الأميركيون تفادياً لأي تأويل أو محاولة لبنانية للمناورة، أنهم يسعون إلى إدارة حوار سياسي مباشر بين ممثّلين مفوّضين من حكومتَيْ لبنان وإسرائيل، وبرعاية أميركية كاملة، على غرار ما يجري في المفاوضات السورية –الإسرائيلية.
إلى ذلك، بقيت مضامين اللقاءات التي شهدتها بيروت في اليومين الماضيين، ولا سيما اجتماعات مدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، مدار بحث في الكواليس السياسية، خصوصاً أن ما سُرّب عن لقاءات الموفدين مع المسؤولين اللبنانيين، والتي أشارت إلى أنهم لم يحملوا أي تهديد بالحرب، لم يكن كافياً لتوفير الاطمئنان الكامل، إذ ليسَ خافياً أن ما تسعى إليه واشنطن وتضغط لأجله هو مفاوضات مباشرة بين بيروت وتل أبيب، تسمح بالوصول إلى اتفاق يحاكي المرحلة الجديدة على غرار ما حصل في غزة، مع التأكيد على إمكانية أن يبدأ ذلك فوراً.
إلى ذلك، اجتمعت لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في رأس الناقورة أمس. وعلى غرار الاجتماعيْن السابقيْن خلال الشهرين الماضيين، حضرت أورتاغوس الاجتماع إلى جانب رئيس اللجنة الجديد، الجنرال جوزيف كليرفيلد، وممثّلين عن الجيش اللبناني وجيش الاحتلال، وقائد «اليونيفل» ديواتو أبانيارا. وكان اللافت هذه المرة عدم اتخاذ الجيش اللبناني أي إجراءات عسكرية إضافية في محيط الاجتماع، فيما وصلت أورتاغوس بطوافة عسكرية واكتفت بالمشاركة في الاجتماع من دون القيام بجولات أو لقاءات جانبية.
لكنّ البيان الصادر عن الاجتماع كان الأكثر استفاضة من بين الاجتماعات السابقة. السفارة الأميركية التي وزّعت البيان بالنيابة عن أعضاء اللجنة الخمسة، أعلنت أن الـ«ميكانيزم» ستفعّل اجتماعاتها، وستعقد ثلاثة اجتماعات حتى نهاية العام الجاري. وبحسب البيان، قدّم ممثّلو الجيش اللبناني المستجدّات الميدانية التي أحرزها ضمن خطته لنزع السلاح في جنوبي الليطاني. وأثنى كليرفيلد على «احترافية والتزام القوات المسلحة اللبنانية الملحوظيْن»، فيما قالت أورتاغوس في مداخلتها، إنه «يجب على الجيش تنفيذ خطته بالكامل».
وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن «الوفد اللبناني استعرض كما في الاجتماعات السابقة، الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يعيق الجيش عن تنفيذ خطته وانتشاره على كل الأراضي اللبنانية». وتوقّفت المصادر عند التوافق الأميركي – الإسرائيلي على توسيع عمل اللجنة «لتصبح الإطار الدولي المُعتمد للتواصل بين لبنان والعدو، وارثةً دور اليونيفل».
وبحسب المصادر، تحاول أميركا الضغط على الجيش مجدّداً للعب دور رئيسي في التفاوض المباشر أو غير المباشر مع العدو ضمن إطار الـ«ميكانيزم»، باعتباره ممثّل لبنان فيها، لكنّ ضباط الجيش أبدوا تحفّظهم عن الطروحات بانتظار التوافق السياسي اللبناني، خصوصاً أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يلحظ التفاوض السياسي، بل اقتصر على ترتيبات ميدانية عسكرية تشمل الانسحاب الإسرائيلي وانتشار الجيش. ووصفت المصادر الاجتماع بـ«غير الإيجابي» لجهة موقف أميركا وإسرائيل من أداء الجيش.
ميدانياً، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها اليومية التي طاولت أمس الجيش اللبناني، عندما توغّل خمسة من جنود الاحتلال داخل الأراضي اللبنانية لمئات الأمتار ووصلوا إلى محيط منطقة القبر الإنكليزي بين بسطرة والمجيدية في أطراف كفرشوبا. ولدى مرور آلية الجيش، أطلق جنود العدو النار باتجاهها من دون إصابتها. وعصر أمس، ألقت مُحلِّقة إسرائيلية قنبلة صوتية في محيط مركز للجيش في الضهيرة”.
التهدئة تُدار بالتصعيد المدروس: واشنطن ترسم قواعد الاشتباك
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار “إذا كان التصعيد الإسرائيلي دليلاً على هشاشة التهدئة في قطاع غزة، لكنه في جوهره – وربّما للمفارقة – جزء من محاولة لاستغلال الحادثة – الفرصة على أطراف رفح، لترسيخ تهدئة مستدامة تُدار عبر تصعيد محسوب، وفقاً لشروط تحدّدها واشنطن، وترعاها بدقّة. فوقف إطلاق النار في غزة، لم يعُد مجرّد تهدئة هشّة، بل ساحة اختبار لمدى قدرة الأطراف، خصوصاً حركة «حماس»، على التكيّف مع قواعد اشتباك جديدة، ترسم معالمها الولايات المتحدة.
وجاءت تصريحات نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، في هذا الإطار، والتي أكد فيها «استمرار» الهدنة، متوقّعاً ردّاً إسرائيليّاً على أيّ خرق، لتعبّر ليس عن دعم تكتيكي لتل أبيب فقط، بل عن رؤية إستراتيجية ترى في المرحلة الانتقالية بعد الحرب، فرصةً لإعادة ترتيب قواعد الاشتباك لمصلحة الأمن الإسرائيلي، لا التوازن الميداني.
ويَظهر جليّاً انعكاس هذا التوجّه في الواقع الميداني: فما يحدث اليوم – من مساعٍ إسرائيلية لتوسيع نطاق انتشار الجيش داخل مناطق كان متّفقاً على إخلائها -، لا يمكن فهمه بمعزل عن الغطاء السياسي الذي توفّره واشنطن لتل أبيب. ورغم خطابها المتكرّر عن «الاستقرار» و«الحلّ الدائم»، تسمح الولايات المتحدة لإسرائيل، عمليّاً، بإعادة تعريف مفهوم «الامتثال» للهدنة، بحيث يصبح أيّ نشاط عسكري إسرائيلي، حتى لو تجاوز الخطوط المعلنة، جزءاً من «الردّ المشروع» على انتهاكات يُفترض أن «حماس» ارتكبتها.
والنتيجة، واقع غير متكافئ: بينما يُطلَب من الحركة الالتزام الحرفي بكل بند، يُمنح الجيش الإسرائيلي هامش تفسير واسعاً، بدعم أميركي صريح أو ضمني، يتيح له توسيع نطاق عملياته من دون أن يُعدّ ذلك خرقاً للاتفاق، طالما أنه تحت سقف استئناف الحرب نفسها.
وفي حين يمكن النظر إلى هذه الديناميكية على أنها انعكاس طبيعي لتوازن القوى بين طرفَين غير متكافئَين، خاضا حرباً بلا ضوابط لعامَين كامليَن، لكنها في العمق، تكشف عن تحوّل أعمق: انتقال مركز القرار الإستراتيجي من تل أبيب إلى خارجها. فرغم القدرات العسكرية الهائلة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي، فإن يده ليست مطلَقة تماماً، لا في المبادرة ولا وفي الردّ، وذلك بسبب وجود رقابة سياسية خارجية فعّالة.
وفي الكواليس، يُنظر إلى الوجود الأميركي جنوب إسرائيل، وخصوصاً في مركز التنسيق في كريات غات، باعتباره «غرفة تحكّم» تحدّد متى يُسمح لإسرائيل بالردّ، وأين، وبأيّ شدّة. وفي هذا السياق، لم يَعُد «الكابينت» الإسرائيلي صانع القرار النهائي، بل جهة تنتظر الضوء الأخضر من واشنطن، قبل اتّخاذ خطوة جوهرية، بل وأيضاً تكتيكية.
من هنا، بدأت تظهر – ولو عبر تسريبات في الإعلام العبري – دعوات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لاستعادة المبادرة عبر وسائل لا تعتمد على التنسيق العلني: خلايا تكتيكية سرّية، بنك أهداف جاهزة للتنفيذ الفوري، أو عمليات دقيقة لا تترك مجالاً للتدخل الخارجي.
مع ذلك، ورغم «الامتعاض» في إسرائيل، إلّا أن الهدف الأميركي لا يمثّل ترجمة لموقف معاد لتل أبيب، بل هو يتوافق تماماً مع مصالحها: حلّت أميركا رقيباً على القرار الإسرائيلي، لضمان أن يتوافق مع مصالح «إسرائيل الدولة»، وليس الأشخاص القائمين على قرارها؛ وتلك واحدة من نتائج الحرب التي لم تستطع إسرائيل أن تنهيها بانتصار كامل، رغم كل الدعم والتغطية اللامتناهيَين من واشنطن والغرب عموماً.
وستكون أمام واشنطن مهمّة في مرحلة ما قبل ترسيخ الحلّ النهائي، الذي لن يكون بالضرورة ممكناً وفقاً لرؤية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بل بمواصفات تضمن لإسرائيل حرّية الحركة الأمنية «المشروطة»، مع التشديد في المقابل، على أن الطرف الآخر ملزَم ومطالَب بالجمود المطلق ميدانيّاً بلا أيّ خروق، حتى وإنْ كانت عابرة.
في ظل ّهذا «التوازن»، قد لا تكون «حماس» أمام خيار صعب فقط، بل أمام مستقبل يُكتب من دون مشاركتها الحقيقية، وفقاً لشروط ومحدّدات ترد من خارج حدود إسرائيل نفسها. على أن حادثة رفح والردّ الإسرائيلي عليها ليسا سوى حلقة ضمن سلسلة ممتدّة من العمليات الهادفة إلى ترسيخ قواعد اشتباك جديدة – قواعد لا تعلن صراحة، لكنها تفرض على الأرض -؛ فضلاً عن أنها جزء لا يتجزأ من المرحلة الثانية من خطّة ترامب لإدارة ما بعد الحرب: مرحلة قد تمتد طويلاً، بلا نهاية واضحة، وبلا حسم عسكري أو سياسي.
ويشكّل هذا الواقع تحدّياً مضاعفاً لِمن يتّخذ القرار في غزة، وللوجود الفلسطيني ككلّ، إذ يُدخله في حرب من نوع جديد: حرب لا تدار بالمواجهة، بل بالتحمّل؛ ولا تقاس بالانتصارات، بل بقدرة الطرف الأضعف على البقاء تحت وطأة مبادرة عسكرية إسرائيلية دائمة”.
ترامب ينقل أسلوبه التدخّلي إلى العراق: مبعوث رئاسي بخلفية اقتصادية
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “لم يكن تعيين مارك سافايا مبعوثاً أميركياً خاصاً إلى العراق مجرّد نقل دبلوماسي عادي، بل إشارة قوية إلى تحوّل نوعي في سياسة واشنطن تجاه بغداد. وأثار قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إيفاد سافايا إلى بغداد لمتابعة الفصائل العراقية وتحجيم نفوذ إيران، موجة من الجدل والمخاوف في الأوساط السياسية العراقية، إذ تحتوي خلفيّته على ما يتجاوز مجرّد مهمة رسمية، لتتداخل فيها ملفات الاستثمار، والاقتصاد، والقرار السياسي ما بعد الانتخابات.
وكشف مصدر سياسي عراقي رفيع المستوى في حديث خاص لـ»الأخبار» أن «تعيين سافايا ليس اعتباطياً، بل جاء بعد تقييم أميركي بأن الوقت حان لتحفيز تغيير داخلي في العراق»، مشيراً إلى أن «المبعوث يأتي بصفة عين ترامب في المشهد العراقي». وأضاف أن سافايا «سوف يجتمع خلال الأيام المقبلة بعدد من القادة والمسؤولين العراقيين قبيل الانتخابات، وهذه الزيارات تهدف إلى فتح قنوات مباشرة مع واشنطن خارج الأطر المعتادة».
وعلى الرغم من عدم صدور أي بيان رسمي من الحكومة العراقية بهذا الصدد حتى اللحظة، ربط المصدر «الصمت الحكومي» بالإشارة الضمنية إلى موافقتها أو على الأقل تقبّلها للتعيين، ما يعكس نيتها التعاون معه.
من جانب آخر، يُشير القيادي في «الإطار التنسيقي»، حسين طالب الموسوي، إلى أن مهمة سافايا لا تقتصر على متابعة إيران ووكلائها، بل تضم كذلك حقيبة اقتصادية ضخمة. ويقول: «لم يأتِ سافايا ليتابع فصائل فقط، بل يحمل معه مشروعات استثمارية أميركية ضخمة، وهذه خطوة تؤكّد أن واشنطن لديها يد في القرار السياسي العراقي». ويضيف الموسوي: «توقيت التعيين ليس صدفة، بل يرسل رسائل متعدّدة ليس فقط على مستوى العراق، وإنما إلى المنطقة ككل». ويعتقد أن «التعيين رسالة للفصائل بأن اللعبة تغيّرت، ولن يكون العمل بآليات الماضي مقبولاً».
من جهته، أوضح المحلّل السياسي العراقي، أحمد الصالحي، أن قرار التعيين – بدل إرسال سفير أو عمل ضمن القنوات الدبلوماسية التقليدية – يُمثّل «تغيّراً جذرياً في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه العراق». ويستدرك: «هذا الأمر يحمل في طياته تبعات سلبية؛ إذ إن واشنطن لا تثق بالكثير من التجارب السياسية العراقية، وبالتالي تختار وسطاء باختصاص أقل دبلوماسية وأكثر تنفيذية».
أحد الأبعاد التي لم تُغفلها الدوائر السياسية، هو أن هذا التعيين جاء في سياق الانتخابات البرلمانية العراقية التي تجري في 11 تشرين الثاني المقبل، ما يعزّز الظن بأن واشنطن تستعدّ لمرحلة ما بعد الانتخابات بفرض حضور مباشر وتأثير ملموس في تشكيل الحكومة والنخبة السياسية. كما يعتقد مراقبون أن جزءاً من مهمة سافايا هو «تفكيك هيمنة الفصائل المدعومة إيرانياً وتحويل المسار نحو علاقات شفّافة مع واشنطن».
من جهته، يرى المحلّل والدبلوماسي السابق، غازي فيصل، أن طبيعة عمل المبعوث تختلف جذرياً عن العمل الدبلوماسي التقليدي لوزارة الخارجية الأميركية. ويقول في تصريحات إعلامية: «المبعوث الرئاسي لديه صلاحيات مباشرة على مستويات عدة، اجتماعية، تجارية، أمنية. وهو قادر على تحريك ملفات الاستثمار وإعادة رسم العلاقات الثنائية». ويدلّ إرسال مبعوث خاص في هذا التوقيت على أن الولايات المتحدة تنوي تجاوز الطرق المعتادة في العلاقات العراقية، لأسباب متعدّدة: أولاً، عدم تعيين سفير في بغداد لفترة طويلة يشير إلى تراجع التمثيل الدبلوماسي العادي، ما دفع واشنطن إلى خيار مباشر بـ»مبعوث خاص». ثانياً، الملف الأمني والفصائلي في العراق مأزوم، وإيران تمارس فيه حضوراً قوياً، وواشنطن تسعى إلى إحداث توازن جديد. ثالثاً، العراق يملك ثروات هائلة، والولايات المتحدة تريد أن تكون شريكة في إعادة بناء المنظومة المالية العراقية.
من وجهة نظر عراقية، ثمّة خشية من أن يصبح هذا التعيين بمثابة ضغط خارجي مباشر على تشكيل الحكومة المقبلة، وفرض شروط أميركية مُسبقة. المصدر السياسي العراقي قال إن «تمرير هذا القرار من دون نقاش مكثّف من بغداد يعني أن واشنطن أصبحت تشارك فعلياً في مضمون صناعة القرار»، ما يفتح الباب أمام عودة أزمة السيادة التي شهدها العراق في مراحل سابقة.
ومع تعيين المبعوث، تصبح الفصائل التي طالما اعتبرت إيران حاضنة لها تحت المجهر الأميركي. وهذا يعني أن أي تحرك انتخابي أو تشكيل حكومي قد تنظر فيه واشنطن بعين الخصم، خصوصاً تلك المحسوبة على طهران”.
المصدر: الصحف اللبنانية
